"الوسوسة حق والسحر حق "
"الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاس"
القرطبي :-
قال مقاتل : إن الشيطان في صورة خنزير ، يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق ، سلطه الله على ذلك ؛ فذلك قوله تعالى : الذي يوسوس في صدور الناس . وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم . وهذا يصحح ما قاله مقاتل . وروى شهر بن حوشب عن أبي ثعلبة الخشني قال : سألت الله أن يريني الشيطان ومكانه من ابن آدم فرأيته ، يداه في يديه ، ورجلاه في رجليه ، ومشاعبه في جسده ؛ غير أن له خطما كخطم الكلب ، فإذا ذكر الله خنس ونكس ، وإذا سكت عن ذكر الله أخذ بقلبه . فعلى ما وصف أبو ثعلبة أنه متشعب في الجسد ؛ أي في كل عضو منه شعبة
أما الألوسي فقد صرح بالتقسيم الذي أوردناه ، فقال : الذي يوسوس في صدور الناس . قيل : أريد قلوبهم مجازا .
وقال بعضهم : إن الشيطان يدخل الصدر الذي هو بمنزلة الدهليز ، فيلقي منه ما يريد إلقاءه إلى القلب ويوصله إليه ، ولا مانع عقلا من دخوله في جوف إنسان .
وذكر ابن كثيرعن ابن عباس ومجاهد أن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس . "(التفاسير).
قال ابن القيم رحمه الله :-
" فالصواب في معنى الآية أن قوله : "مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ " بيان للذي يوسوس ، وأنهم نوعان : إنس وجن ، فالجني يوسوس في صدور الإنس ، والإنسي أيضا يوسوس في صدور الإنس . . . .
ونظير اشتراكهما في هذه الوسوسة : اشتراكهما في الوحي الشيطاني ، قال الله تعالى : -"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً "(الأنعام-112 ).
فالشيطان يوحي إلى الإنسي باطله ، ويوحيه الإنسي إلى إنسي مثله ، فشياطين الإنس والجن يشتركان في الوحي الشيطاني ، ويشتركان في الوسوسة . . . .
وتدل الآية على الاستعاذة من شر نوعي الشياطين : شياطين الإنس وشياطين الجن " .
روى الإمام البخاري في كتاب الطب من صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها – قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم – سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا، فقال: (يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم) رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقاً، (قال: وفيمَ؟ قال: في مشط ومشاطة، قال: وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان). قالت: فأتى البئر حتى استخرجه فقال: (هذه البئر التي أريتها، وكأنَّ ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشيطان) قال: فاستخرج، فقلت: أفلا تنشرت؟ فقال: (أما الله فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً).
وذكر القرطبي - رحمه الله – أن الله أنزل على رسوله هاتين السورتين وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العقد، وأمر أن يتعوّذ بهما؛ فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، ووجد النبي - صلى الله عليه وسلم – خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة، فكأنما أنشط من عقال، وقال: ليس به نفس.. وجعل جبريل يرقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقول: (باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر حاسد وعين، والله يشفيك) رواه مسلم.
هذه التاملة لمن يشك بان الوسوسة غباء وانالسحر مزحة قديمة .
تاملات
"الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاس"
القرطبي :-
قال مقاتل : إن الشيطان في صورة خنزير ، يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق ، سلطه الله على ذلك ؛ فذلك قوله تعالى : الذي يوسوس في صدور الناس . وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم . وهذا يصحح ما قاله مقاتل . وروى شهر بن حوشب عن أبي ثعلبة الخشني قال : سألت الله أن يريني الشيطان ومكانه من ابن آدم فرأيته ، يداه في يديه ، ورجلاه في رجليه ، ومشاعبه في جسده ؛ غير أن له خطما كخطم الكلب ، فإذا ذكر الله خنس ونكس ، وإذا سكت عن ذكر الله أخذ بقلبه . فعلى ما وصف أبو ثعلبة أنه متشعب في الجسد ؛ أي في كل عضو منه شعبة
أما الألوسي فقد صرح بالتقسيم الذي أوردناه ، فقال : الذي يوسوس في صدور الناس . قيل : أريد قلوبهم مجازا .
وقال بعضهم : إن الشيطان يدخل الصدر الذي هو بمنزلة الدهليز ، فيلقي منه ما يريد إلقاءه إلى القلب ويوصله إليه ، ولا مانع عقلا من دخوله في جوف إنسان .
وذكر ابن كثيرعن ابن عباس ومجاهد أن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس . "(التفاسير).
قال ابن القيم رحمه الله :-
" فالصواب في معنى الآية أن قوله : "مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ " بيان للذي يوسوس ، وأنهم نوعان : إنس وجن ، فالجني يوسوس في صدور الإنس ، والإنسي أيضا يوسوس في صدور الإنس . . . .
ونظير اشتراكهما في هذه الوسوسة : اشتراكهما في الوحي الشيطاني ، قال الله تعالى : -"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً "(الأنعام-112 ).
فالشيطان يوحي إلى الإنسي باطله ، ويوحيه الإنسي إلى إنسي مثله ، فشياطين الإنس والجن يشتركان في الوحي الشيطاني ، ويشتركان في الوسوسة . . . .
وتدل الآية على الاستعاذة من شر نوعي الشياطين : شياطين الإنس وشياطين الجن " .
روى الإمام البخاري في كتاب الطب من صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها – قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم – سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا، فقال: (يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم) رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقاً، (قال: وفيمَ؟ قال: في مشط ومشاطة، قال: وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان). قالت: فأتى البئر حتى استخرجه فقال: (هذه البئر التي أريتها، وكأنَّ ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشيطان) قال: فاستخرج، فقلت: أفلا تنشرت؟ فقال: (أما الله فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً).
وذكر القرطبي - رحمه الله – أن الله أنزل على رسوله هاتين السورتين وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العقد، وأمر أن يتعوّذ بهما؛ فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، ووجد النبي - صلى الله عليه وسلم – خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة، فكأنما أنشط من عقال، وقال: ليس به نفس.. وجعل جبريل يرقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقول: (باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر حاسد وعين، والله يشفيك) رواه مسلم.
هذه التاملة لمن يشك بان الوسوسة غباء وانالسحر مزحة قديمة .
تاملات