الدعوة الى الله أشرف الأعمال
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إن الدعوة إلى الله تعالى هي أشرفُ الأعمال وأعظمها، وكلُّ مَن يحظى بشرف الدعوة إلى الله الملكِ ولدينِه العظيم، هو في نعمة كبرى؛ فالدعوة هي دليل الحائرين، وسراج للعالمين؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]، وبالدعوة تصلحُ مَعايشُ الناس، وبالدعوة يتوجَّه المذنب إلى التوبة، والعاصي إلى الطاعة، وبالدعوة تستقيم أمورُ الخَلْق، وبالدعوة يكون المسلم في رحاب رضوان الله تعالى.
والدعوة تتطلب المثابرة، والصبرَ، والسعيَ الدؤوب لنيل المطالب الشريفة والمقاصد العُليا.
إن الدعوة مُكلَّفٌ بها كل المسلمين، كلٌّ حسب طاقته ومقدرته، وتفضيل الأمة كان لما تقوم به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإيمان بالله تعالى؛ قال الله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110]، ولقد حثَّنا الرسولُ صلى الله عليه وسلم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبيَّن لنا أنهما من روافد الصدقات؛ فعن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تبسُّمُك في وجه أخيك لك صدقةٌ، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقةٌ، وإرشادُك الرجلَ في أرض الضلال لك صدقةٌ، وإماطتُك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقةٌ، وإفراغُك من دلوك في دلو أخيك لك صدقةٌ))؛ صححه الألباني، وعن أبي أُمامة الباهليِّ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضلُ العالم على العابد كفضلي على أدناكم)) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكتَه وأهلَ السموات والأرض حتى النملة في جُحْرها، وحتى الحوت - ليُصلُّون على معلم الناس الخيرَ))؛ رواه الترمذي، وصححه الألباني، والحديث الشريف يُوضِّح الشرف العظيم للعلم وتعليم الناس الخير، وهي أَسْمَى مكانة يصبو لها العبد؛ لكي يتقرَّب إلى مولاه الخالق العظيم.