إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
كلنا إلى الله سائرون، وإلى لقائه ذاهبون، وبين يديه يوم الحشر موقوفون: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾ [الصافات: 24]، أي في ذلك اليوم العصيب يوم تبلى السرائر، وتكشف الخبايا.
فلمثل هذا اليوم تأملوا هذا الحديث النبوي العظيم، لنعش أحداثه الآن ونبحث لنا عن مخرج قبل أن نعيشها واقعاً فنَصيح في خوف ورعب وذهول: أَيْنَ الْمَفَرّ؟ تخيلوا هذا الموقف المهول حيث يقول سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ منه، فلا يرى إلا ما قدم، وينطر أشأم مِنْهُ، فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لم يجد فبكلمة طيبة).
الكل في ذهول ورعب! الرجال والنساء والأطفال قد اشتعلت رؤوسهم شيباً، حفاة عراة غرلا، القوي والضعيف الكبير والصغير، الغني والفقير العزيز والذليل الحاكم والمحكوم.
تلتفت يمينا وشمالا وبين يديك فلا ترى إلا ما قدمت يا عبد الله ويا أمة الله.
في ذلك اليوم، لا ينفعك أخوك ولا أمك ولا أبوك، ولا من في الأرض جميعاً من ذلك الهول ينجيك!! قال ربنا: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89].