. معارضته للقرآن الكريم
2. ادعاؤه الألوهية بعد ادعاء النبوة
3. الحلاج حلولي اتحادي يؤمن بحلول الخالق في المخلوقين وباتحاده معهم
4. كان مشتغلاً بالسحر
5. قال عن الحج، والصوم، والصلاة:
6. ذكر رجلان كانا معه من مخاريقه وفجوره الكثير، منها:
7. كان رافضياً قرمطياً
من الآثار السيئة والنتائج الخاسرة للفوضى العقدية والتسيب الفكري الذي شاع في هذه الأيام، الذي تولى كبره الترابي ومن لف لفه من تلاميذ المستشرقين، من إباحة الردة وإنكار حدها بحجة حرية الفكر، استغلال أعداء الدين من الشيوعيين، والمنافقين، وزنادقة الباطنيين، وصوفية الفلاسفة، أعداء الرسل والدين، وضحايا الدراسات الفلسفية والمنطق، ومن شاكلهم من الوراقين والصحفيين لتلك الفوضى أبشع استغلال، حيث بدأوا يشككون في الثوابت والمسلمات، ويجترون الشبه التي أثارها بعض الزنادقة من أهل العصور الماضيات، من أن الزنديق الصوفي الباطني مذموم محمد طه قتل قتلاً سياسياً، بل تعدوا إلى أكثر من ذلك، حيث زعموا أن الحلاج، الحلولي، الاتحادي، القرمطي، قتل قتلاً سياسياً، حيث أنه أراد القيام بثورة على خليفة ذلك الزمان، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً.
فمحمود محمد طه، والحلاج، وكل الزنادقة والملحدين الذين قتلوا، قتلوا بسيف الشرع الذي لا يخطئ، وحاشا الله أن يسلط هذا السيف على صدِّيق.
فمن بعض الكفريات التي أوجبت قتل الزنديق مذموم محمد طه ما يأتي:
1. دعواه أنه هو المسيح المحمدي في أول أمره.
2. ثم ادعى الرسالة، وكتب كتابه "الرسالة الثانية".
3. ثم ادعى الألوهية، حيث قال لأحد تلاميذه في أخريات أيامه، وقد جاء لوداعه لأنه كان يعمل بأبي ظبي: "لا إله إلا أنا فاعبدني".
4. إنكاره لوجوب الصلاة المكتوبة، وعدم فعله لها.
5. زعمه أن الحج وثنية.
وغير ذلك كثير.
أما أدلة كفر الحلاج وزندقته التي دفعت ولاة الأمر من العلماء والحكام إلى قتله، فكثيرة هي الأخرى، ولكن أخطرها ما يأتي:
ã
1. معارضته للقرآن الكريم
قال أبو عبد الرحمن السلمي عن عمرو بن عثمان المكي أنه قال: كنت أماشي الحلاج في بعض أزقة مكة، فكنت أقرأ القرآن، فسمع قراءتي، فقال: يمكنني أن أقول مثل هذا؛ ففارقته.
وعنه كذلك أنه دخل على الحلاج وهو بمكة وهو يكتب شيئاً في أوراق، فقال له: ما هذا؟ فقال: هو ذا أعارض القرآن؛ فدعا عليه فلم يفلح بعد.
ã
2. ادعاؤه الألوهية بعد ادعاء النبوة
روى الحافظ الذهبي بسنده إلى أبي القاسم الرازي: قال أبو بكر بن ممشاذ: حضر عندنا بالدينور رجل معه مخلاة، ففتشوها، فوجدوا فيها كتاباً للحلاج عنوانه: "من الرحمن الرحيم إلى فلان بن فلان"، فوجه إلى بغداد، فأحضر، وعرض عليه، فقال: هذا خطي، وأنا كتبته، فقالوا: كنت تدعي النبوة فصرتَ تدعي الربوبية؟ فقال: لا، ولكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب إلا الله وأنا؟! واليد فيه آلة؛ فقيل: هل معك أحد؟ قال: نعم، ابن عطاء، وأبو محمد الجريري، والشبلي؛ فأحضر الجريري وسئل، فقال: هذا كافر، يقتل من يقول هذا؛ وسئل الشبلي فقال: من يقول هذا يمنع؛ وسئل ابن عطاء فوافق الحلاج، فكان سبب قتله.
ã
3. الحلاج حلولي اتحادي يؤمن بحلول الخالق في المخلوقين وباتحاده معهم
من شعره الذي يدل على ذلك:
سبحان من أظهر ناسـوته سر سنـــا لاهوته الثاقب
ثم بدا في خلقه ظاهــراً في صـورة الآكل الشارب
حتى لقد عاينه خلـــقه كلحظة الحاجب بالحاجب
وقد أنشد هذا على ابن خفيف، فقال: على قائل ذا لعنة الله؛ قالوا: هذا شعر الحسين الحلاج؛ قال: إن كان هذا اعتقاده فهو كافر.
ã
4. كان مشتغلاً بالسحر
فهو كما نقل الذهبي عنه: (كان الحلاج مشعوذاً محتالاً).
ã
5. قال عن الحج، والصوم، والصلاة:
(من أراد الحج ولم يتيسر له فليبن في داره بيتاً لا يناله شيء من النجاسة، ولا يمكِّن أحداً من دخوله، فإذا كان في أيام الحج فليصم ثلاثة أيام، وليطف به كما يطاف بالكعبة، ثم يفعل في داره ما يفعله الحجيج بمكة، ثم يستدعي بثلاثين يتيماً فيطعمهم من طعامه ويتولى خدمتهم بنفسه، ثم يكسوهم قميصاً قميصاً، ويعطي كل واحد منهم سبعة دراهم –أوقال: ثلاثة دراهم، فإذا فعل ذلك قام له مقام الحج، وإن من صام ثلاثة أيام لا يفطر إلا في اليوم الرابع على ورقات هندبا أجزأه ذلك عن صيام رمضان، ومن صلى في ليلة ركعتين من أول الليل إلى آخره أجزأه ذلك عن الصلاة بعد ذلك، وأن من جاور بمقابر الشهداء وبمقابر قريش عشرة أيام يصلي ويدعو ويصوم ثم لا يفطر إلا على شيء من خبز الشعير والملح الجريش أغناه ذلك عن العبادة في بقية عمره.
فقال له القاضي أبو عمر: من أين لك هذا؟ فقال: من كتاب الإخلاص للحسن البصري؛ فقال له: كذبتَ يا حلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن بمكة، ليس فيه شيء من هذا؛ فأقبل الوزير على القاضي، فقال: قد قلتَ: يا حلال الدم، فاكتب ذلك في هذه الورقة، وألح عليه، وقدم إليه الدواة، فكتب ذلك في تلك الورقة، وكتب من حضر خطوطهم فيها، وأنفذها الوزير إلى المقتدر).
ã
6. ذكر رجلان كانا معه من مخاريقه وفجوره الكثير، منها:
وكذلك أحضرت زوجة ابنه سليمان –بعد حبسه –فذكرت عنه فضائح كثيرة، من ذلك أراد أن يغشاها وهي نائمة، فلما انتبهت فقال: قومي للصلاة؛ وإنما كان يريد أن يطأها، وأمر ابنتها بالسجود له، فقالت: أويسجد بشر لبشر؟! فقال: نعم، إله في السماء وإله في الأرض.
ã
7. كان رافضياً قرمطياً
لهذه الكفريات مجتمعة ولغيرها، أجمع الفقهاء على كفره، وكذلك جل المتصوفة، فنفذ فيه حكم الشرع.
قال الخطيب البغدادي وغيره: (كان الحلاج قد قدم آخر قدمة إلى بغداد، فصحب الصوفية، وانتسب إليهم، وكان الوزير إذ ذاك حامد بن العباس، فبلغه أن الحلاج قد أضلَّ خلقاً من الحشم والحجاب في دار السلطان، ومن غلمان نصر القشوري الحاجب، وجعل لهم في جملة ما ادعاه أنه يحيي الموتى، وأن الجن يخدمونه ويحضرون له ما يشاء ويختار ويشتهيه، وقال: إنه أحيى عدداً من الطيور.
وذكر يَعْلى بن عيسى أن رجلاً يقال له محمد بن علي القنائي الكاتب كان يعبد الحلاج، ويدعو الناس إلى طاعته، فطلبه وكبس منزله، فأقر أنه من أصحاب الحلاج، ووجد في منزله أشياء بخط الحلاج، مكتوبة بماء الذهب في ورق الحرير مجلدة بأفخر الجلود، ووجد عنده سفطاً فيه من رجيع الحلاج وعذرته وبوله، وأشياء من آثاره، وبقية خبز من زاده، فطلب الوزير من المقتدر أن يتكلم في أمر الحلاج، ففوض أمره إليه، فاستدعى بجماعة من أصحاب الحلاج فتهددهم، فاعترفوا له أنه قد صح عندهم أنه إله مع الله، وأنه يحيي الموتى، وأنهم كاشفوا الحلاج بذلك ورموه في وجهه.
إلى أن قال: فلما انتشر الكلام فيه سُلِّم إلى الوزير حامد فحبسه في قيود كثيرة في رجليه، وجمع له الفقهاء، فأجمعوا على كفره وزندقته، وأنه ساحر ممخرق.
كان قتله يوم الثلاثاء لست بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة للهجرة ببغداد.
لقد قال الحلاج قبل قتله: لا يهولنكم هذا، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوماً.
قال الخطيب: ثم قتل فما عاد.
دعوى أنه قتل قتلاً سياسياً وأنه كان يقود ثورة
من الدعاوى الكاذبة التي يرفعها زنادقة الباطنية ومن شاكلهم أن الحلاج قتل قتلاً سياسياً لأنه كان ينوي القيام بثورة ضد الخليفة العباسي بشبهة حبه للزعامة والتسلط والظهور، ولو كان عل حساب آخرته؛ يكذب هذا الادعاء أسباب، منها:
1. العقائد والأعمال الكفرية التي كان يعتقدها هذا الرجل، والتي كانت سبباً للحكم عليه بالكفر.
2. ومنها أن أم المقتدر كانت تعتقد صلاحه لأنه رقاها من مرض فشفيت منه، وكان المقتدر لذلك خائفاً من قتله.
3. نوعية أتباعه الذين كانوا يتمسحون ببوله ويتبخرون بعذرته، هذه النوعية لا يمكن الاعتماد عليها للقيام بعمل جاد.
قال الإمام الشاطبي رحمه الله: (ولقد حكى الفرغاني مذيل تاريخ الطبري عن الحلاج أن أصحابه بالغوا في التبرك به، حتى كانوا يتمسحون ببوله ويتبخرون بعذرته).
ما من امرئ صالحاً كان أم طالحاً، مؤمناً كان أم كافراً، إلا وتجد الناس قد اختلفوا فيه وذهبوا فيه مذاهب شتى، وتباينت آراؤهم فيه، واختلفت وجهات نظرهم فيه، ولكن العبرة بقول أهل الحل والعقد.
ولله در الإمام الذهبي عندما قال معلقاً على ما حكاه السلمي: وحكي عنه –أي الحلاج –أنه رؤي واقفاً في الموقف، والناس في الدعاء، وهو يقول: "أنزهك عما قرفك به عبادك، وأبرأ إليك مما وحدك به الموحدون": (هذا عين الزندقة، فإنه تبرأ مما وحد الله به الموحدون، الذين هم الصحابة، والتابعون، وسائر الأمة، فهل وحدوه إلا بكلمة الإخلاص... فإذا برئ الصوفي منها فهو ملعون زنديق، وهو صوفي الزي والظاهر، متستر بالنسب إلى العارفين، وفي الباطن فهو من صوفية الفلاسفة أعداء الرسل، كما كان جماعة في أيام النبي صلى الله عليه وسلم منتسبون إلى صحبته وإلى ملته، وهم في الباطن من مردة المنافقين، قد لا يعرفهم نبي الله صلى الله عليه وسلم ولا يعلم بهم، قال تعالى: "وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ"، فإذا جاز على سيد البشر أن لا يعلم ببعض المنافقين الفارغين، وهم معه في المدينة سنوات، فبالأولى أن يخفى حال جماعة من المنافقين الفارغين عن دين الإسلام بعده عليه السلام على العلماء من أمته.
فما ينبغي لك يا فقيه أن تبادر إلى تكفير المسلم إلا ببرهان قطعي، كما ولا يسوغ لك أن تعتقد العرفان والولاية فيمن قد تبرهن زَغَله، وانتهك باطنه وزندقته، فلا هذا ولا هذا، بل العدل، أن ما رآه المسلمون صالحاً محسناً فهو كذلك، لأنهم شهداء الله في أرضه، إذ الأمة لا تجتمع على ضلالة، وأن ما رآه المسلمون فاجراً، أومنافقاً، أومبطلاً، فهو كذلك.
إلى أن قال: ثم اعلم أن أهل القبلة كلَّهم، مؤمنهم وفاسقهم، وسنيهم وبدعيهم –سوى الصحابة –لم يجمعوا على مسلم بأنه سعيد ناجٍ، ولم يجمعوا على مسلم بأنه شقي هالك، فهذا الصِّديق فرد الأمة، قد علمت تفرقهم فيه، وكذلك عمر، وعثمان، وعلي، وابن الزبير، وكذلك الحجاج، والمأمون، وبشر المريسي، وكذلك أحمد بن حنبل، والشافعي، والبخاري، والنسائي، وهلم جراً من الأعيان في الخير والشر إلى يومك هذا، فما من إمام كامل في الخير إلا وثم أناس من جهلة المسلمين ومبتدعتهم يذمونه ويحطون عليه، وما من رأس في البدعة، والتجهم، والرفض، إلا وله أناس ينتصرون له، ويذبون عنه، ويدينون بقوله بهوى وجهل، وإنما العبرة بقول جمهور الأمة الخالين من الهوى والجهل، المتصفين بالورع والعلم.
فتدبر –يا عبد الله –نحلة الحلاج الذي هو من رؤوس القرامطة، ودعاة الزندقة، وأنصف وتورع، واتق ذلك، وحاسب نفسك، فإن تبرهن لك أن شمائل هذا المرء شمائل عدو للإسلام، محب للرئاسة، حريص على الظهور بباطل وبحق، فتبرأ من نحلته، وإن تبرهن لك، والعياذ بالله، أنه كان والحالة هذه محقاً هادياً مهدياً، فجدد إسلامك، واستغث بربك أن يوفقك للحق، وأن يثبت قلبك على دينه، فإنما الهدى نور يقذفه في قلب عبده المسلم، ولا قوة إلا بالله، وإن شككت ولم تعرف حقيقته، وتبرأت مما رمي به، أرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلاً).
قلت: هذه الكلمة التي قالها الذهبي تنطبق على كل الدجاجلة والزنادقة، أمثال مذموم محمد طه، والترابي، وغيرهما كثير، فما أحسن أثر العلماء على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، والله الموفق للخيرات، والهادي من الضلالات، وصلى الله وسلم على محمد الخاتم للرسل، وعلى آله وصحبه ومن سار على دربهم واقتفى أثرهم حتى الممات.
00000000000000000000
2. ادعاؤه الألوهية بعد ادعاء النبوة
3. الحلاج حلولي اتحادي يؤمن بحلول الخالق في المخلوقين وباتحاده معهم
4. كان مشتغلاً بالسحر
5. قال عن الحج، والصوم، والصلاة:
6. ذكر رجلان كانا معه من مخاريقه وفجوره الكثير، منها:
7. كان رافضياً قرمطياً
من الآثار السيئة والنتائج الخاسرة للفوضى العقدية والتسيب الفكري الذي شاع في هذه الأيام، الذي تولى كبره الترابي ومن لف لفه من تلاميذ المستشرقين، من إباحة الردة وإنكار حدها بحجة حرية الفكر، استغلال أعداء الدين من الشيوعيين، والمنافقين، وزنادقة الباطنيين، وصوفية الفلاسفة، أعداء الرسل والدين، وضحايا الدراسات الفلسفية والمنطق، ومن شاكلهم من الوراقين والصحفيين لتلك الفوضى أبشع استغلال، حيث بدأوا يشككون في الثوابت والمسلمات، ويجترون الشبه التي أثارها بعض الزنادقة من أهل العصور الماضيات، من أن الزنديق الصوفي الباطني مذموم محمد طه قتل قتلاً سياسياً، بل تعدوا إلى أكثر من ذلك، حيث زعموا أن الحلاج، الحلولي، الاتحادي، القرمطي، قتل قتلاً سياسياً، حيث أنه أراد القيام بثورة على خليفة ذلك الزمان، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً.
فمحمود محمد طه، والحلاج، وكل الزنادقة والملحدين الذين قتلوا، قتلوا بسيف الشرع الذي لا يخطئ، وحاشا الله أن يسلط هذا السيف على صدِّيق.
فمن بعض الكفريات التي أوجبت قتل الزنديق مذموم محمد طه ما يأتي:
1. دعواه أنه هو المسيح المحمدي في أول أمره.
2. ثم ادعى الرسالة، وكتب كتابه "الرسالة الثانية".
3. ثم ادعى الألوهية، حيث قال لأحد تلاميذه في أخريات أيامه، وقد جاء لوداعه لأنه كان يعمل بأبي ظبي: "لا إله إلا أنا فاعبدني".
4. إنكاره لوجوب الصلاة المكتوبة، وعدم فعله لها.
5. زعمه أن الحج وثنية.
وغير ذلك كثير.
أما أدلة كفر الحلاج وزندقته التي دفعت ولاة الأمر من العلماء والحكام إلى قتله، فكثيرة هي الأخرى، ولكن أخطرها ما يأتي:
ã
1. معارضته للقرآن الكريم
قال أبو عبد الرحمن السلمي عن عمرو بن عثمان المكي أنه قال: كنت أماشي الحلاج في بعض أزقة مكة، فكنت أقرأ القرآن، فسمع قراءتي، فقال: يمكنني أن أقول مثل هذا؛ ففارقته.
وعنه كذلك أنه دخل على الحلاج وهو بمكة وهو يكتب شيئاً في أوراق، فقال له: ما هذا؟ فقال: هو ذا أعارض القرآن؛ فدعا عليه فلم يفلح بعد.
ã
2. ادعاؤه الألوهية بعد ادعاء النبوة
روى الحافظ الذهبي بسنده إلى أبي القاسم الرازي: قال أبو بكر بن ممشاذ: حضر عندنا بالدينور رجل معه مخلاة، ففتشوها، فوجدوا فيها كتاباً للحلاج عنوانه: "من الرحمن الرحيم إلى فلان بن فلان"، فوجه إلى بغداد، فأحضر، وعرض عليه، فقال: هذا خطي، وأنا كتبته، فقالوا: كنت تدعي النبوة فصرتَ تدعي الربوبية؟ فقال: لا، ولكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب إلا الله وأنا؟! واليد فيه آلة؛ فقيل: هل معك أحد؟ قال: نعم، ابن عطاء، وأبو محمد الجريري، والشبلي؛ فأحضر الجريري وسئل، فقال: هذا كافر، يقتل من يقول هذا؛ وسئل الشبلي فقال: من يقول هذا يمنع؛ وسئل ابن عطاء فوافق الحلاج، فكان سبب قتله.
ã
3. الحلاج حلولي اتحادي يؤمن بحلول الخالق في المخلوقين وباتحاده معهم
من شعره الذي يدل على ذلك:
سبحان من أظهر ناسـوته سر سنـــا لاهوته الثاقب
ثم بدا في خلقه ظاهــراً في صـورة الآكل الشارب
حتى لقد عاينه خلـــقه كلحظة الحاجب بالحاجب
وقد أنشد هذا على ابن خفيف، فقال: على قائل ذا لعنة الله؛ قالوا: هذا شعر الحسين الحلاج؛ قال: إن كان هذا اعتقاده فهو كافر.
ã
4. كان مشتغلاً بالسحر
فهو كما نقل الذهبي عنه: (كان الحلاج مشعوذاً محتالاً).
ã
5. قال عن الحج، والصوم، والصلاة:
(من أراد الحج ولم يتيسر له فليبن في داره بيتاً لا يناله شيء من النجاسة، ولا يمكِّن أحداً من دخوله، فإذا كان في أيام الحج فليصم ثلاثة أيام، وليطف به كما يطاف بالكعبة، ثم يفعل في داره ما يفعله الحجيج بمكة، ثم يستدعي بثلاثين يتيماً فيطعمهم من طعامه ويتولى خدمتهم بنفسه، ثم يكسوهم قميصاً قميصاً، ويعطي كل واحد منهم سبعة دراهم –أوقال: ثلاثة دراهم، فإذا فعل ذلك قام له مقام الحج، وإن من صام ثلاثة أيام لا يفطر إلا في اليوم الرابع على ورقات هندبا أجزأه ذلك عن صيام رمضان، ومن صلى في ليلة ركعتين من أول الليل إلى آخره أجزأه ذلك عن الصلاة بعد ذلك، وأن من جاور بمقابر الشهداء وبمقابر قريش عشرة أيام يصلي ويدعو ويصوم ثم لا يفطر إلا على شيء من خبز الشعير والملح الجريش أغناه ذلك عن العبادة في بقية عمره.
فقال له القاضي أبو عمر: من أين لك هذا؟ فقال: من كتاب الإخلاص للحسن البصري؛ فقال له: كذبتَ يا حلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن بمكة، ليس فيه شيء من هذا؛ فأقبل الوزير على القاضي، فقال: قد قلتَ: يا حلال الدم، فاكتب ذلك في هذه الورقة، وألح عليه، وقدم إليه الدواة، فكتب ذلك في تلك الورقة، وكتب من حضر خطوطهم فيها، وأنفذها الوزير إلى المقتدر).
ã
6. ذكر رجلان كانا معه من مخاريقه وفجوره الكثير، منها:
وكذلك أحضرت زوجة ابنه سليمان –بعد حبسه –فذكرت عنه فضائح كثيرة، من ذلك أراد أن يغشاها وهي نائمة، فلما انتبهت فقال: قومي للصلاة؛ وإنما كان يريد أن يطأها، وأمر ابنتها بالسجود له، فقالت: أويسجد بشر لبشر؟! فقال: نعم، إله في السماء وإله في الأرض.
ã
7. كان رافضياً قرمطياً
لهذه الكفريات مجتمعة ولغيرها، أجمع الفقهاء على كفره، وكذلك جل المتصوفة، فنفذ فيه حكم الشرع.
قال الخطيب البغدادي وغيره: (كان الحلاج قد قدم آخر قدمة إلى بغداد، فصحب الصوفية، وانتسب إليهم، وكان الوزير إذ ذاك حامد بن العباس، فبلغه أن الحلاج قد أضلَّ خلقاً من الحشم والحجاب في دار السلطان، ومن غلمان نصر القشوري الحاجب، وجعل لهم في جملة ما ادعاه أنه يحيي الموتى، وأن الجن يخدمونه ويحضرون له ما يشاء ويختار ويشتهيه، وقال: إنه أحيى عدداً من الطيور.
وذكر يَعْلى بن عيسى أن رجلاً يقال له محمد بن علي القنائي الكاتب كان يعبد الحلاج، ويدعو الناس إلى طاعته، فطلبه وكبس منزله، فأقر أنه من أصحاب الحلاج، ووجد في منزله أشياء بخط الحلاج، مكتوبة بماء الذهب في ورق الحرير مجلدة بأفخر الجلود، ووجد عنده سفطاً فيه من رجيع الحلاج وعذرته وبوله، وأشياء من آثاره، وبقية خبز من زاده، فطلب الوزير من المقتدر أن يتكلم في أمر الحلاج، ففوض أمره إليه، فاستدعى بجماعة من أصحاب الحلاج فتهددهم، فاعترفوا له أنه قد صح عندهم أنه إله مع الله، وأنه يحيي الموتى، وأنهم كاشفوا الحلاج بذلك ورموه في وجهه.
إلى أن قال: فلما انتشر الكلام فيه سُلِّم إلى الوزير حامد فحبسه في قيود كثيرة في رجليه، وجمع له الفقهاء، فأجمعوا على كفره وزندقته، وأنه ساحر ممخرق.
كان قتله يوم الثلاثاء لست بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة للهجرة ببغداد.
لقد قال الحلاج قبل قتله: لا يهولنكم هذا، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوماً.
قال الخطيب: ثم قتل فما عاد.
دعوى أنه قتل قتلاً سياسياً وأنه كان يقود ثورة
من الدعاوى الكاذبة التي يرفعها زنادقة الباطنية ومن شاكلهم أن الحلاج قتل قتلاً سياسياً لأنه كان ينوي القيام بثورة ضد الخليفة العباسي بشبهة حبه للزعامة والتسلط والظهور، ولو كان عل حساب آخرته؛ يكذب هذا الادعاء أسباب، منها:
1. العقائد والأعمال الكفرية التي كان يعتقدها هذا الرجل، والتي كانت سبباً للحكم عليه بالكفر.
2. ومنها أن أم المقتدر كانت تعتقد صلاحه لأنه رقاها من مرض فشفيت منه، وكان المقتدر لذلك خائفاً من قتله.
3. نوعية أتباعه الذين كانوا يتمسحون ببوله ويتبخرون بعذرته، هذه النوعية لا يمكن الاعتماد عليها للقيام بعمل جاد.
قال الإمام الشاطبي رحمه الله: (ولقد حكى الفرغاني مذيل تاريخ الطبري عن الحلاج أن أصحابه بالغوا في التبرك به، حتى كانوا يتمسحون ببوله ويتبخرون بعذرته).
ما من امرئ صالحاً كان أم طالحاً، مؤمناً كان أم كافراً، إلا وتجد الناس قد اختلفوا فيه وذهبوا فيه مذاهب شتى، وتباينت آراؤهم فيه، واختلفت وجهات نظرهم فيه، ولكن العبرة بقول أهل الحل والعقد.
ولله در الإمام الذهبي عندما قال معلقاً على ما حكاه السلمي: وحكي عنه –أي الحلاج –أنه رؤي واقفاً في الموقف، والناس في الدعاء، وهو يقول: "أنزهك عما قرفك به عبادك، وأبرأ إليك مما وحدك به الموحدون": (هذا عين الزندقة، فإنه تبرأ مما وحد الله به الموحدون، الذين هم الصحابة، والتابعون، وسائر الأمة، فهل وحدوه إلا بكلمة الإخلاص... فإذا برئ الصوفي منها فهو ملعون زنديق، وهو صوفي الزي والظاهر، متستر بالنسب إلى العارفين، وفي الباطن فهو من صوفية الفلاسفة أعداء الرسل، كما كان جماعة في أيام النبي صلى الله عليه وسلم منتسبون إلى صحبته وإلى ملته، وهم في الباطن من مردة المنافقين، قد لا يعرفهم نبي الله صلى الله عليه وسلم ولا يعلم بهم، قال تعالى: "وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ"، فإذا جاز على سيد البشر أن لا يعلم ببعض المنافقين الفارغين، وهم معه في المدينة سنوات، فبالأولى أن يخفى حال جماعة من المنافقين الفارغين عن دين الإسلام بعده عليه السلام على العلماء من أمته.
فما ينبغي لك يا فقيه أن تبادر إلى تكفير المسلم إلا ببرهان قطعي، كما ولا يسوغ لك أن تعتقد العرفان والولاية فيمن قد تبرهن زَغَله، وانتهك باطنه وزندقته، فلا هذا ولا هذا، بل العدل، أن ما رآه المسلمون صالحاً محسناً فهو كذلك، لأنهم شهداء الله في أرضه، إذ الأمة لا تجتمع على ضلالة، وأن ما رآه المسلمون فاجراً، أومنافقاً، أومبطلاً، فهو كذلك.
إلى أن قال: ثم اعلم أن أهل القبلة كلَّهم، مؤمنهم وفاسقهم، وسنيهم وبدعيهم –سوى الصحابة –لم يجمعوا على مسلم بأنه سعيد ناجٍ، ولم يجمعوا على مسلم بأنه شقي هالك، فهذا الصِّديق فرد الأمة، قد علمت تفرقهم فيه، وكذلك عمر، وعثمان، وعلي، وابن الزبير، وكذلك الحجاج، والمأمون، وبشر المريسي، وكذلك أحمد بن حنبل، والشافعي، والبخاري، والنسائي، وهلم جراً من الأعيان في الخير والشر إلى يومك هذا، فما من إمام كامل في الخير إلا وثم أناس من جهلة المسلمين ومبتدعتهم يذمونه ويحطون عليه، وما من رأس في البدعة، والتجهم، والرفض، إلا وله أناس ينتصرون له، ويذبون عنه، ويدينون بقوله بهوى وجهل، وإنما العبرة بقول جمهور الأمة الخالين من الهوى والجهل، المتصفين بالورع والعلم.
فتدبر –يا عبد الله –نحلة الحلاج الذي هو من رؤوس القرامطة، ودعاة الزندقة، وأنصف وتورع، واتق ذلك، وحاسب نفسك، فإن تبرهن لك أن شمائل هذا المرء شمائل عدو للإسلام، محب للرئاسة، حريص على الظهور بباطل وبحق، فتبرأ من نحلته، وإن تبرهن لك، والعياذ بالله، أنه كان والحالة هذه محقاً هادياً مهدياً، فجدد إسلامك، واستغث بربك أن يوفقك للحق، وأن يثبت قلبك على دينه، فإنما الهدى نور يقذفه في قلب عبده المسلم، ولا قوة إلا بالله، وإن شككت ولم تعرف حقيقته، وتبرأت مما رمي به، أرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلاً).
قلت: هذه الكلمة التي قالها الذهبي تنطبق على كل الدجاجلة والزنادقة، أمثال مذموم محمد طه، والترابي، وغيرهما كثير، فما أحسن أثر العلماء على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، والله الموفق للخيرات، والهادي من الضلالات، وصلى الله وسلم على محمد الخاتم للرسل، وعلى آله وصحبه ومن سار على دربهم واقتفى أثرهم حتى الممات.
00000000000000000000