إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل تعلم أيها الصوفي؟!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل تعلم أيها الصوفي؟!

    هل تعلم أيها الصوفي؟!
    هل تعلم أنك تنتسب إلى لبس الصوف وهل تعلم أنك تدين الله بشيء حادث في الدين؟ هل تعلم أخي أن من حق الله عليك أن تعبده ولا تشرك معه غيره هل تعلم أن التوسل المشروع له ثلاث وسائل هل تعلم أن رسولك صلى الله عليه وسلم قال: لا تطروني هل تعلم أخي الحبيب أن كل الأوراد التي لم يتعبد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مردودة عليك؟ هل تعلم أخي الموفق لكل خير أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟ واعلم كذلك أنه ما لم يكن في ذاك اليوم ديناً فلن يكون اليوم ديناً واعلم كذلك أن تقسيم الصوفية العلم إلى علم ظاهر وباطن لا أساس له من الصحة واعلم كذلك أن الولاية ليست بالتوارث، وإنما هي بالإيمان والتقوى واعلم كذلك أنه ليس كل خارق كرامة واعلم كذلك أن العلماء هم الأولياء واعلم كذلك أن الله أثنى عل قوم بقوله: "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ" هل تعلم أنه لا يحل لأحد أن ينتسب إلى أي طريقة من الطرق الصوفية القائمة واعلم أن الأذكار المبتدعة لا تقرب العبد من ربه، بل تباعد بينه وبين الله اعلم كذلك أن هناك أموراً خُصَّ بها نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم واعلم أن البناء على القبور، والتعلق بها، والتمسح والدعاء عندها، من سمات عباد الأوثان واعلم كذلك أنه لا يسع أحد من هذه الأمة أن ترفع عنه بعض التكاليف الشرعية وأخيراً اعلم أيها الحبيب أننا والله أنصح لك من مشايخك، ومن أتباع طريقتك قوام هذا الدين النصيحة كما أخبر الحبيب المصطفى والرسول المجتبى صلوات ربي وسلامه عليه، فعن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة"، قلنا: لمن؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم". انطلاقاً من هذا التوجيه النبوي الشريف، أتوجه بهذه الكلمات إلى كل صوفي، شيخاً كان أم مريداً، قارئاً كان أم أمياً، قريباً كان أم بعيداً، ذكراً كان أم أنثى. أرجو أن تجد عند الجميع آذاناً صاغية، وقلوباً واعية، ونفوساً متجردة لله عز وجل، للحق طالبة، ومن التعصب المقيت وتقليد الرجال متحررة. ومن قبل أرجو ذخرها وثوابها عند من لا تخفى عليه خافية. والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل. هذه الرسالة عبارة عن أسئلة، واستفسارات، وتنبيهات، مصحوبة بأجوبة وبيانات لها، ربما لم تقرع آذان البعض من قبل، ولم يفكروا فيها، ويشغلوا أنفسهم بها، على الرغم من أهميتها، وحاجبتهم قبل غيرهم إليها. أقول وبالله التوفيق: هل تعلم أنك تنتسب إلى لبس الصوف، وليس إلى أهل الصفة، ولا الصف الأول، ولا الصفاء، لأن اللغة لا تجيز ذلك أبداً، أو إلى ناسك جاهلي هو "صوفي بن بشر"؟ ولا إخال عاقلاً يحب أن يُنسب إلى هذا أوذاك، فهلا تسميت بالاسم الذي سماك به ربك؟ "هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ". ã وهل تعلم أنك تدين الله بشيء حادث في الدين؟ إذ الصوفية من الأمور المحدثة، حيث لم تظهر إلا في نهاية القرن الثاني أوبداية القرن الثالث الهجري، وقد حذر رسولك صلى الله عليه وسلم من البدع المحدثات، فقد صح عنه أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وصح عنه كذلك: "إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار". ã هل تعلم أخي أن من حق الله عليك أن تعبده ولا تشرك معه غيره، ومن حقك عليه إن عبدته ولم تشرك معه غيره أن يدخلك الجنة؟ وهل علمت أن دعاءك واستغاثتك بذوات الأحياء أوالأموات، أوبجاههم، وطلبك للحاجات التي لا يقدر عليها إلا الله، نحو طلب الولد، والمغفرة، ونحوهما، من باب الشرك الأكبر الذي يخلد صاحبه في النار، والمبطل لجميع الأعمال، المانع من شفاعة سيد الأبرار؟ ã هل تعلم أن التوسل المشروع له ثلاث وسائل، وما سواها توسل شركي، ممنوع، ممقوت؟ وهي: 1. التوسل إلى الله عز وجل بأي اسم من أسمائه الحسنى، وبأي صفة من صفاته العلا، نحو: يا رب، يا حي، يا قيوم. 2. التوسل بالأعمال الصالحة، كتوسل الثلاثة الذين دخلوا الغار فانسد عليهم، فتوسل كل منهم بصالح عمله، ففرَّج الله عنهم كما أخبر الصادق المصدوق. 3. طلب الدعاء من الحي الحاضر، نحو توسل الأعمى بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث عثمان بن أبي حنيف، حيث طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الأعمى أن يتوضأ ويصلي ركعتين، ويسأل الله أن يقبل شفاعة رسوله فيه، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد الله بصره. وكاستسقاء عمر بدعاء العباس رضي الله عنهما، ولا يظنن خاطئ أن عمر استسقى بذات العباس، إذ لو كان الاستسقاء بذاته لاستسقى عمر بذات النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل من العباس ومن جميع الخلق، بأبي هو وأمي، ولهذا خرج العباس وخرج معه عمر والصحابة، ورفع العباس يده فقال: اللهم ما نزل بلاء إلا بمعصية، ولا رفع إلا بتوبة.. إلخ. شريطة أن لا يرد الفضل إلى الداعي، ولكن إلى الله. ã هل تعلم أن رسولك صلى الله عليه وسلم قال: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله"؟ والإطراء هو المبالغة في المدح والكذب فيه، من ذلك اعتقاد جل الصوفية: 1. أن الرسول صلى الله عليه وسلم خلق من نور، بل جميع الأنبياء من لدن آدم خلقوا من نوره، وهذا منافٍ لما أخبر به الله أنه من بني آدم، وقد خلق الله آدم عليه السلام من طين. 2. أن الرسول صلى الله عليه وسلم حي في قبره كحياته قبل موته، يستقبل الزائرين ويصافحهم ونحو ذلك، وقد قال الله تعالى: "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ"، وقال: "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ". مع يقيننا الصادق أن روحه صلى الله عليه وسلم في أعلى الجنان، وأن الله حرَّم على الأرض أجساد الأنبياء، وأن الحياة البرزخية تختلف عن الحياة الدنيا وعن الحياة الآخرة. 3. اعتقاد كثير من الصوفية أن الرسول صلى الله عليه وسلم يُرى يقظة بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، بل من المشايخ من يزعم أنه يكلم الله من غير واسطة، وأن بعض الطرق خرج مرسوم إنشائها بأمره، وأنهم أخذوا عنه بعض الصلوات والأذكار، وأنه يحضر الموالد والحوليات، ولهذا نجد البعض يقفون عند قراءة فاصل من المولد العثماني، والبعض إذا جلسوا لذكر الجمعة فرشوا ملاءة، وزعموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس في وسطها، وخلفاؤه الراشدون في أركانه. هذا الاعتقاد بجانب ما فيه من المخالفة لما كان عليه السلف الصالح من لدن الصحابة ومن بعدهم، حيث لم يزعم أحد منهم أنه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم مع حاجتهم الماسة لذلك، ومنزلتهم العالية عنده. فها هي فاطمة رضي الله عنها، كانت تظن أن لها حقاً فيما تركه أبوها صلى الله عليه وسلم، فبيَّن لها أبوبكر أن الأنبياء لا يورثون، ما تركوه صدقة، ولكنها لم تقنع بذلك، فلو كانت رؤياه يقظة ممكنة لرأته فاطمة واجتمعت به، ولرآه خلفاؤه الراشدون، فقد حزبتهم أمور عظام، فلا يمكن أن يحجب عنه أولئك الأخيار مع توفر الدواعي والحاجة الماسة، ويراه الخلوف من هذه الأمة. قلت: بجانب عدم قيام الدليل على ذلك فإن هذا الاعتقاد فيه من سوء الأدب وعدم توقير الرسول الكريم وإجلاله الشيء الكثير، حيث يزعم هؤلاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يأتي إليهم ويزورهم. ã هل تعلم أخي الحبيب أن كل الأوراد، والأذكار، والصلوات، والاحتفالات، والموالد، والحوليات التي لم يتعبد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ربهم، والتي لم تكن معروفة لديهم، أنها مردودة عليك بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وقال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". لأن العبادات توقيفية، لا يجوز الزيادة عليها ولا النقصان، لماذا تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ لماذا تترك الأذكار والصلوات التي خرجت من في من لا ينطق عن الهوى، وتتمسك بأوراد وأذكار وضعها غيره من البشر؟ قال الإمام النووي رحمه الله بعد أن ذكر صيغ الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وصفتها: (وأما ما قاله أصحابنا وابن أبي زيد المالكي من استحباب زيادة على ذلك "وارحم محمداً وآل محمد"، فهذه بدعة لا أصل لها، وقد بالغال إمام أبوبكر بن العربي المالكي في كتابه شرح الترمذيي إنكار ذلك، وتخطئة ابن أبي زيد، وتجهيل فاعله، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فالزيادة على ذلك استقصار لقوله، واستدراك عليه صلى الله عليه وسلم، وبالله التوفيق). ã هل تعلم أخي الموفق لكل خير أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف؟ كما أخبر صاحب الشريعة، وأن ما يشيعه بعض الصوفية: "لا تعترض فتطرد"، وزعم البعض أنه لو أمره شيخه بدخول النار لدخلها، ولو أمره بالكفر لكفر، لا أساس له في شرع المصطفى صلى الله عليه وسلم. بل جاء في الأثر: "لا يكن أحدكم إمعة، يقول: إن أحسن الناس أحسنتُ، وإن أساءوا أسأتُ؛ ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم، فإنه لا أسوة في الشر". وقد حذر الشارع كذلك أن يقلد المرء دينه الرجال، لأن الحق لا يعرف بالرجال، ولكن يعرف الرجال بدورانهم مع الحق حيث دار، كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه. ã واعلم كذلك أنه ما لم يكن في ذاك اليوم ديناً فلن يكون اليوم ديناً كما قال مالك الإمام في تفسير قوله تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا"، فالدين تم وكمُل، فماذا بعد التمام إلا النقصان؟! ã واعلم كذلك أن تقسيم الصوفية العلم إلى علم شريعة وحقيقة، أوعلم ظاهر وباطن، أوما يعرف بـ"العلم اللدني"، لا أساس له من الصحة وأن هذا التقسيم ما أنزل الله به من سلطان، ولم يؤثر عن علم من الأعلام، وإنما اخترعه الشيطان على أوليائه ليلبس عليهم، وليتمكن من إضلالهم. وزعموا أن العلم اللدني يلقن تلقيناً، ولا يحتاج إلى تعليم، ومعلوم من دين الله أن العلم بالتعلم، ولو كان العلم بالتلقين لناله سيد البرية، ولكن علمه جبريل عليه السلام عندما قال له: "اقرأ"، قال: "ما أنا بقارئ.."، قال: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"، الحديث. عمدتهم في هذا التقسيم قصة الخضر مع موسى عليهما السلام، وقوله تعالى: "وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا"، وليس في ذلك أدنى دليل. والقول الراجح أن الخضر نبي من الأنبياء، وأن الله أوحى إليه بأمور لم يوحها لكليمه موسى، ولهذا قال في نهاية القصة: "وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي"، وأن موسى عليه السلام أفضل من الخضر، فهو نبي رسول من أولي العزم، ولكن سبب ابتلائه بذلك أنه خطب يوماً في بني إسرائيل، فقال له رجل: هل هناك من هو أعلم منك؟ فلم يرد العلم إلى الله، ولهذا أمره الله أن يخرج في تلك الرحلة. والحق كذلك أن الخضر مات، ولو كتب الله الخلود لأحد لكتبه لخاتم الأنبياء والرسل: "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ". وما الحديث الذي يروى في سند العلم اللدني إلا من وضع الكذابين الدجالين. وما ورد في قصيدة "جل جلاله": "من جبريل فهو روح الله، أوحى لي مختار الله.."، كان اعتماداً على هذا الحديث الموضوع. ã واعلم كذلك أن الولاية ليست بالتوارث، وإنما هي بالإيمان والتقوى قال تعالى: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ". فكل مؤمن تقي فهو ولي لله عز وجل، وطالما أن الناس يتفاوتون في إيمانهم وتقواهم فإنهم لا شك متفاوتون في ولايتهم. ã واعلم كذلك أنه ليس كل خارق كرامة إذ الخوارق منها ما هو من باب الشيطان والاستدراج، ومن السحر، ولهذا فإن ضابط الكرامة الأساسي هو الاستقامة على دين الله، ولهذا ورد عن السلف أن أكبر كرامة هي الاستقامة. ورحم الله الشافعي عندما قال: "إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء، أويطير في الهواء، فلا تصدقوه ولا تغتروا به حتى تعرضوه على كتاب الله، فإن الشيطان يطير من المشرق إلى المغرب". ã واعلم كذلك أن العلماء هم الأولياء ولهذا قال الإمامان أبو حنيفة والشافعي: "إن لم يكن العلماء هم الأولياء فليس لله ولي". ولهذا فإن الاشتغال بالعلم الشرعي أفضل من التفرغ للعبادة، فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: "لعالم واحد أشد على الشيطان من ألف عابد"، وجاء في الحديث: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"، وفي رواية: "كفضل القمر على سائر الكواكب"، لأن العلم فضله متعدٍ، أما العابد إن كان يعبد الله على بصيرة فخيره قاصر عليه. ã واعلم كذلك أن الله أثنى عل قوم بقوله: "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ" مما يدل على أن مسلك الصوفية في منعهم أتباعهم ومريديهم من الجلوس إلى علماء أهل السنة، خوفاً من أن يؤثروا عليهم، فيه ظلم وتعدٍ كبير، وحرمان عظيم لهؤلاء، وهو شبيه بما كان يحذر به المشركون بعضهم بعضاً: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ". وبما كان يفعله قوم نوح عليه السلام: "وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ". ورضي الله عن الطفيل بن عمرو الدوسي، عندما حذره أهل مكة وخوفوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى وضع الكرسف في أذنيه حتى لا يسمع شيئاً من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن سرعان ما آب إلى رشده، وخاطب نفسه قائلاً: أنا رجل شاعر لبيب، أعرف الحسن من القبيح، فلماذا لا أستمع له؟ فأخرج الكرسف واستمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقذف الله الإيمان في قلبه، فلم يمكث هنيهة إلا وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ابسط يدك أبايعك. فليت قومنا صنعوا ما صنع الطفيل، فاستمعوا وانتفعوا. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يدل هذا المنع والتحذير على الإفلاس وعلى ضعف الحجة. الذين لا تجوز مجالستهم، ولا معاشرتهم، ولا أخذ العلم منهم هم أهل البدع والأهواء، أما أن يحذر من أهل السنة، ويُدعى للجلوس مع أهل الأهواء، فهذا من انقلاب الموازين، وأكبر الخلل في الدين. ã هل تعلم أنه لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينتسب إلى أي طريقة من الطرق الصوفية القائمة، أوإلى حزب من الأحزاب العلمانية، ولا إلى أي جماعة من الجماعات، إلا إذا كانت على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام في ذلك اليوم في العقيدة، والتصور، والعبادة، والسلوك؟ قد يقول قائل: كيف تقول ذلك، وقد رأينا جماعة دخلوا في هذه الطرق وتركوا ما كانوا عليه من الكبائر والآثام؟ نقول: لا شك أن بعض ذلك حق، وما من شيء يخلو من منفعة قلت أم كثرت، ولكن إذا كانت الأضرار والمفاسد التي تلحق بالمرء بانتسابه إلى هذه الطرق لا تدانيها المنافع التي يحصلون عليها، فخير للمرء مليون مرة أن يبقى على معصية من المعاصي مهما كانت سوى الشرك بالله، من أن يتخلص من هذه المعصية ثم تفسد عقيدته، ويستعيض عن هذه المعصية بالعديد من الممارسات الشركية. ã واعلم أن الأذكار المبتدعة التي أحدثها الصوفية، نحو السماع الصوفي، والضرب على الطبول، والرقص، والتواجد، والذكر الجماعي، والذكر بالاسم المفرد نحو "هو، هو"، لا يقرب العبد من ربه، بل يباعد بينه وبين الله فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يذكرون الله وكأنما على رؤوسهم الطير من الوقار والسكينة. ولهذا فإن السماع الصوفي أشد حرمة من الغناء، وإليك هذه الفتوى في السماع الصوفي من أحد أئمة المالكية الكبار، وعلمائهم الأخيار، حتى لا يظن ظان أن النهي عن ذلك قاصر على ابن تيمية ومن والاه، بل هذا مذهب عامة المسلمين، وليعلم الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً أن ليس لهم سلف في الصحابة والتابعين، ولا في أتباع الرسل السابقين، وإنما سلفهم الزنادقة، وعباد العجل أصحاب السامري. جاء في تفسير قوله تعالى: "فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ"، كما قال القرطبيرحمه الله: (سئل الإمام أبوبكر الطرطوشي المالكي رحمه الله: ما يقول سيدنا الفقيه في مذهب الصوفية؟ واعلم -حرس الله مدته- أنه اجتمع جماعة من رجال، فيكثرون من ذكر الله تعالى، وذكر محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم يوقعون بالقضيب على شيء من الأديم، ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشياً عليه، ويحضرون شيئاً يأكلونه، هل الحضور معهم جائز أم لا؟ أفتونا مأجورين، وهذا القول الذي يذكرونه: يا شيخُ كف عن الذنوب قبل التفــرق والزلل واعمل لنفسك صالحـاً ما دام ينفعك العمــل أما الشبـاب فقد مضى ومشيب رأسك قد نزل وفي مثل هذا ونحو. الجواب –يرحمك الله –مذهب الصوفية بطالة، وجهالة، وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله، وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري، لما اتخذ لهم عجلاً جسداً له خوار، قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون، فهو دين الكفار وعباد العجل، وأما القضيب فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى، وإنما كان يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار. فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم، ولا يعينهم على باطلهم. هذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أئمة المسلمين، وبالله التوفيق). وقال الطرطوشي كذلك: (وهذه الطائفة مخالفة لجماعة المسلمين، لأنهم جعلوا الغناء ديناً وطاعة، ورأت إعلانه في المساجد، والجوامع، وسائر البقاع الشريفة، والمشاهد الكريمة، وليس في الأئمة من رأى هذا الرأي). عقد الإمام ابن القيم رحمه الله مقارنة بين حال هؤلاء القوم عند السماع الرحماني، وبين حالهم عند السماع الشيطاني قائلاً: خروا على القرآن عند سمـاعه صماً وعمياناً ذوي إهمــال وإذا تلى القاري عليهم سـورة فأطالها عدوه في الإثقـــال ويقول قائلهـم: أطلتَ وليس ذا عشر، فخفف، أنت ذو إمـلال هذا، وكم لغو، وكم صخب، وكم ضحك بلا أدب ولا إجمــال حتى إذا قام السمـــاع لديهم خشعت له الأصوات بالإجلال وامتدت الأعناق تسمع وحي ذا ك الشيخ من مترنم قـــوال وتحركت تلك الرؤوس وهزهـا طرب وأشواق لنيل وصــال فهنالك الأشـــواق والأشجان والأحوال لا أهلاً بذي الأحوال يا أمة لعبت بدين نبيهــــا كتلاعب الصبيان في الأوحال أشمتموا أهل الكتــاب بدينكم والله لن يرضوا بذي الأفعـال قالوا لنا: دين عبـــادة أهله هذا السماع فذاك دين محال ã اعلم كذلك أن هناك أموراً خُصَّ بها نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، لا يشاركه فيها أحد من الأمة، مهما كانت مكانته وعلت منزلته نحو: 1. التبرك بما انفصل منه صلى الله عليه وسلم، من شعر، ومن ماء وضوء، فلا يحل لأحد أن يمارس هذا مع أحد من الخلق، ولو جاز هذا لأحد لجاز لخلفائه الراشدين والأئمة المهديين، حيث لم ينقل أن أحداً صنع معهم شيئاً من ذلك. 2. أن أزواجه تلقب بأمهات المؤمنين، فلا يحل لأحد أن يلقب زوجة أحد من المشايخ بهذا أبداً. 3. كل نساء الأمة محارم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يحل لأحد أن يتشبه به في ذلك فيخلو بامرأة أجنبية. ã واعلم أن البناء على القبور، والتعلق بها، والتمسح والدعاء عندها، من سمات عباد الأوثان، وليس من سمات أتباع من نزل عليه القرآن فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى لاتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد، ولعن زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج. ã واعلم كذلك أنه لا يسع أحد من هذه الأمة مخالفة أمر الله ورسوله، أوالخروج عن شرع محمد صلى الله عليه وسلم، بأن ترفع عنه بعض التكاليف الشرعية فمن ادعى ذلك أوصدق من ادعاه فقد كفر بما أنزل على محمد. ã وأخيراً اعلم أيها الحبيب أننا والله أنصح لك من مشايخك، ومن أتباع طريقتك فإياك أن تأخذك العزة بالإثم، وأن تستنكف وتستكبر عن قبول نصيحتنا، فالحكمة ضالة المؤمن، ورضي الله عن معاذ عندما قال: خذ الحق وإن جاءك من كافر؛ قالوا: وكيف نعرف أن الكافر يقول الحق، فقال: إن على الحق نوراً، أوكما قال. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه. اللهم من كان من هذه الأمة يظن أنه على الحق فرده إلى الحق حتى يكون من أهله. وصلى الله وسلم وبارك على محمد، وآله، ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين.
    سياتى يوما لن اكون بينكم بل اكون فى التراب بالله عليكم لاتنسوا العبد الفقير من الدعاء
يعمل...
X