إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سر القبول

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سر القبول

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الإخلاص سر القبول
    الإخلاص ما هو..؟هو تصفية الأقوال والأعمال مما يشوبها من الشرك والرياء، والمباهاة،والسمعة، وقيل: أن لا تطلب لعملك شاهدًا غير الله تعالى، وقال الفضيل بنعياض: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجلهم شرك، والإخلاص: الخلاص منهذين، أو يعافيك الله منهما.
    وفي الحديث: "من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة (أي رائحتها) يوم القيامة" (1).
    فالخلاصة:الإخلاص أن تبتغي بعملك وجه الله تعالى، سواءً كنت رئيسًا أو مرءوسًا، فيالمقدمة أو المؤخرة، في السر أو العلانية، وفي الحديث: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه" (2).
    أهمية الإخلاص:
    1- هو من أهم أعمال القلوب: وأعظمها قدرًا عند الله تعالى، وهو موضع نظر الله من العبد، وفي الحديث: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (3).
    والإخلاص: هو حقيقة الدين الإسلامي، وجوهر رسالة الإسلام، والله تعالى يقول: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ (البينة: من الآية 5)، ويقول: ﴿...فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ... (الزمر)، وفي الحديث: "من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة" (4).
    2- هو أحد شرطي قبول العمل من الله تعالى: والشرطان هما: 1- أن يكون العملخالصًا يبتغي به وجه الله وحده. 2- وأن يكون العمل صوابًا على سنة النبيصلى الله عليه وسلم.
    قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (الكهف: من الآية 110)، وكان سلفنا الصالح يبدءون مصنفاتهم بحديث: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (5)، وهذا إشارة إلى أهمية الإخلاص في طلب العلم وتعليمه، وأنه يجب أن يُبتغى به وجه الله تعالى، حتى يكون مقبولاً عنده.
    3- الإخلاص يعظم العمل الصغير عند الله في الأجر والثواب: قال عبد الله بنالمبارك رضي الله عنه: (رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغرهالنية). فالإخلاص في العمل هو الذي يضاعف الأجر والثواب عند الله تعالى علىالقليل.
    4- الإخلاص يحمي العبد من نزغات الشيطان: فلقد أقسم الشيطان على غواية أبناءآدم كلهم حتى يوم القيامة، ما عدا المخلصين منهم، كما حكى القرآن الكريم: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ (83) (ص).
    من مظاهر الإخلاص:
    1- ابتغاء الأجر من الله تعالى وحده: فلا يبحث عن شهرة، ولا مكانة اجتماعية،ولا زعامة، ولا ثناء الناس عليه، قال تعالى على لسان بعض الأنبياء فيالقرآن الكريم: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (127) (الشعراء). وقال الإمام الشافعي رحمه الله: (وددت أن الناس انتفعوا بهذا العلم، وما نسب إليَّ شيء منه).
    2- عمل السر عنده أفضل من العلانية: وفي الحديث عن أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها فلا تعلم شماله ما أنفقت يمينه" (6)، ولقد رأى سيدنا عمر رجلاً يطأطئ رقبته وهو يصلي فقال: (ارفع رقبتك فإن الإخلاص في القلوب، وليس في الرقاب).
    قال تميم الداري: (والله لركعة أصليها في جوف الليل في سر أحب إلي من أن أصلي الليل كله، ثم أقصه على الناس).
    3- إساءة الظن بالنفس، واتهامها بالتقصير: فالمخلص من العباد من يأتي بجميعالعبادات على أحسن وجه، ومع ذلك هو خائف ألا يتقبل الله منه عمله يومالقيامة، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) (المؤمنون).
    4- استواء المدح والذم: فالمخلص يقوم بجميع أعماله على ما يرضي الله تعالى،ثم بعد ذلك لا يبالي أرضي الناس أم سخطوا، مدحوا أم ذموا. وكان الإمام علىإذا مدحه الناس قال: (اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون،واجعلني خيرًا مما يظنون).قالالحافظ ابن رجب رحمه الله: "إن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس، يريد بذلكأن يرى الناس أنه متواضع عند نفسه، فيرتفع بذلك عندهم ويمدحونه به، وهذا مندقائق أبواب الرياء"، أحيانًا يعمل أحدنا العمل يبتغي به وجه الله لكنالناس يحمدون عليه، سئل النبي عن ذلك فقال: "تلك عاجل بشرى المؤمن" (7).
    وسائل تحقيق الاخلاص:1- معرفة عظمة الله تعالى: إذا يتيقن العبد بأن كل شيء في الكون يقع بتدبير الله تعالى، فأرزاق العباد بيده، وآجال العباد بيده﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18) (الأنعام)، تعين على العبد أن يخلص عبادته لله سبحانه وتعالى وحده.
    2- الإلحاح على الله تعالى بالدعاء: إن المسلم في كل أموره يطلب العون من الله وحده، فهو يقرأ كل يوم قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) (الفاتحة)، فيسأله أن يمنحه الإخلاص في القول والعمل، وأن يبعده عن الرياءوالشرك، في الظاهر والباطن، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: "اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك شيئًا أعلمه واستغفرك لما لا أعلمه".
    وكان من دعاء مطرف بن عبد الله: اللهم إني استغفرك مما زعمت أني أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمت.
    3- مصاحبة أهل الإخلاص: صحبة الصالحين والمخلصين تعين على الصلاح والإخلاص، وقد خاطب الله نبيه في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾(الكهف: من الآية 28)، وفي الحديث: "هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" (8).
    وهذهقصة رجل من الصحابة في إحدى الفتوحات الإسلامية، استعصى على المسلمين فتحمدينة، فصنع نقبًا في السور، ودخل منه، فقاتل المشركين قتالاً شديدًا، وفتحللمسلمين الباب، فدخلوا منه، فكان سببًا للنصر والفتح، وكان هذا الصحابيملثمًا، ورفض أن يكشف عن وجهه، أو أن يعطيهم اسمه، أو يعطوه مكافأة، وغادرالمكان ولم يعرفه أحد من الناس على الإطلاق، فكان عمر بن الخطاب رضي اللهعنه يقول: يقول اللهم احشرني مع صاحب النقب.
    4- تدريب النفس على عمل السر في العبادات: فعمل السر فيه صعوبة على النفس،لكن ثوابه أعظم عند الله تعالى، مثل صلاة الليل، صيام التطوع، الصدقةالخفية، وفي الحديث: "إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي" (9).
    قال سهل بن عبد الله التسري: (ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب).
    خطوات عملية لتحقيق الإخلاص في حياتنا
    أولاً: قبل العمل
    المعنى المقصود:- جاهد نفسك، وانظر قبل العمل هل هو لله تعالى؟ فإن كان لله أمضه وتوكل على الله، وإن كان لغير الله توقَّف.- جاهد نفسك, وصحِّح نيَّتك، وواظب المتابعة مع نفسك حتى تصل إلى الإخلاص.
    أما الخطوات العملية نحو اكتساب الإخلاص قبل العمل فيمكن إجمالها فيما يلي:
    1- التأمل في قلبك:
    تأملفي عظمة الرب سبحانه وقوته وجبروته، وأنه الخالق، وأنه الرازق، وأنهالمحيي المميت الفعال لما يريد، وأنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له.
    وشاهد بعد ذلك ضعف نفسك وفقرك وبعدك عن طاعته، والربُّ مع ذلك يسترك ويرحمك ويرزقك ويحلم عليك.
    2- العزيمة الصادقة:
    بعدهذا التأمل في قلبك لا بد من العزيمة الصادقة على الإخلاص؛ لأنه لولا هذهالعزيمة سرعان ما يفتر القلب، ومتى صدق العزم أعانك الله عزَّ وجلَّبـ(البصيرة)، وهي نورٌ يقذفه الله تعالى في القلب يرى به حقيقة الأشياء.
    3- التوبة:
    وهي الرجوع عمَّا يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا إلى ما يحبه الله ظاهرًا وباطنًا، وهي واجبة على الفور؛ لقوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (النور: من الآية31).
    والتوبةهي البداية العملية، ولا تصح البداية بدون توبة، وهي ليست خاصة بالعصاة, كما يفهم بعض الناس؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أخلص الخلق قال: "يا أيها الناس توبوا إلى ربكم، فوالله إني لأتوب إلى الله عزَّ وجلَّ في اليوم مائة مرة". (رواه مسلم).
    4- المسارعة:
    قال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) (آل عمران).
    قال تعالى: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (الحديد: من الآية 21).
    قال تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ (البقرة: من الآية 148).
    ومدح الله عزَّ وجلَّ زكريا عليه السلام وآله فقال: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتَِيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ (الأنبياء: من الآية90) .
    ومدح أهل الإيمان والخشية بقوله: ﴿أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) (المؤمنون).
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة" (رواه أبو داود وصححه الألباني). والتؤدة هي التأني والتثبت وعدم العجلة.
    5- الفورية:
    لايجوز التراخي أو الانتظار، فمن انتبه من غفلته، لا بُدَّ أن يبدأ فورًابالإخلاص، أسوة بالصديق رضي الله عنه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم, لماعرض عليه الإسلام، وعرف أنه الحق، لم يتلعثم ولم يتردَّد، وإنما أخلص للهمن ساعته.
    وهؤلاء سحرة فرعون، لمَّا علموا أن موسى على الحق، قالوا على الفور: ﴿آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ(121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ(122) (الأعراف).
    ولميلتفتوا بعد ذلك إلى فقد مناصبهم الدنيوية ومكانتهم الاجتماعية؛ حيث كانوامقربين من فرعون، ولم يعبئوا كذلك بما توعدهم به فرعون من العذاب والنكالبتقطيع أيديهم وأرجلهم وصلبهم على جذوع النخل, إنها لحظة الإخلاص الصادقة.
    ثانيًا: أثناء العمل
    المعنى المقصود:اطردوساوس الشيطان حين يزين لك الافتخار بالعمل، وأكثر من الاستعاذة باللهتعالى منه, واعلم أن العمل لأجل الناس رياء، وترك العمل لأجل الناس شرك،فلا تخرج من الرياء للشرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما. أما الخطوات العملية نحو اكتساب الإخلاص أثناء العمل فيمكن إجمالها فيما يلي:
    1- الوعي:
    - بالوعي ينضبط الإخلاص؛ حيث لا تفريط ولا إفراط، قال تعالى في شأن أعظم كلمة وهي كلمة التوحيد: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ (محمد: من الآية 19).
    - وعلى طالب الإخلاص أن يتقيد بالكتاب والسنة، وليحذر أشد الحذر من أهل الأهواء والبدع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".
    2- الجدية:
    الجدية مطلب أساس لطالب الإخلاص، دون تساهل, أو تمييع؛ حتى لا يصير الالتزام مجرد شكل دون مضمون، والله تعالى يقول: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ (البقرة: من الآية 93). وقال عن موسى عليه السلام: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ﴾ (الأعراف: من الآية 145).
    3- تبديل الاهتمامات:
    علىالمخلص أن يترك ما كان عليه من اهتمامات سيئة، ويجعل مكانها غيرها منالاهتمامات النافعة، خاصة الاهتمامات العصرية التي فتحت اليوم على الناسالكثير من السيئات؛ نتيجة الاستعمال غير المنضبط.
    ثالثًا: تدرّب على الإخلاص
    المعنى المقصود:اقرأفي فضل الإخلاص ومضار الرياء، وآثار كل منهما, ودرِّب نفسك في الإخلاصتدريجيًّا، وراقب قلبك ونيتك في كل ما تعمل, ولا تبتعد عن ميادين الخير،وجاهد نفسك على الإخلاص فيها، ومن جاهد فإن عون الله معه. أما الخطوات العملية نحو اكتساب الإخلاص بالتدريب فيمكن إجمالها فيما يلي:
    1- صحبة المخلصين:
    الله تعالى يقول: ﴿الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67) (الزخرف).
    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".
    فالاستمرارفي مخالطة أهل الشر والفساد يؤدي إلى الانتكاس والعودة إلى الماضي السيئ،وكم من إنسان انتكس بسبب حنينه إلى صحبته القديمة.
    2- ترتيب الأولويات:
    علىطالب الإخلاص أن يبدأ بأهم المهمات، ثم الأهم فالمهم، فيبدأ بتصحيح الصلةبالله، ويقدِّم الأصول على الفروع، والواجبات على المستحبات، ويعطي كل شيءحقَّه من العناية، ويهتم بتنظيم وقته حتى لا يضيع منه شيء دون فائدة.
    رابعًا: بعد العمل
    المعنى المقصود:كن وجلاً ألا يُقبل عملك عند الله فيضيِّع منه، ويكون هباءً منثورًا، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) (المؤمنون)، والإنسان يعمل العمل الصالح ولا يدري هل تقبَّل الله تعالى منه أم لا؟
    واعقل حقيقة ثناء الناس عليك، فما الذي يعود عليك حين يثني عليك الناس الثناء الحسن، وقد ضاع ثواب العمل عند الله؟أما الخطوات العملية نحو اكتساب الإخلاص بعد العمل فيمكن إجمالها فيما يلي:
    (عينك على الله)
    - انظر إلى ثواب الله تعالى وثواب الناس ، فقد ادَّخر الله تعالى لعبادهالصالحين في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
    - كن على يقين أنك عبد الله، وأن على العبد أن يقدم العمل لسيده لا لعبيدٍ مثله.
    - أكثر من الدعاء لله أن يرزقك ويمنُّ عليك بإخلاص العمل له، وتعوَّذ من الرياء كما كان دعاء النبي صلي الله عليه وسلم: "اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه".
    - استعن بالله عزَّ وجلَّ، فالاستعانة تعني: الخروج من الحول والقوة إلى طلب الحول والقوة والمعونة من الله تعالى.
    اصبر وجاهد؛ لأن الإخلاص ميلاد جديد وحياة بعد موت، وبهذا الصبر والمجاهدة يتبيَّن الصادق من الكاذب، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) (العنكبوت).
    ثمرات الإخلاص:
    1- استمرار العمل: فالذي يعمل للناس يراقبهم، ويتوقف إذا غاب عن أعينهم، أمامن يعمل لله فهو مستمر في عمله، والصالحون يقولون: (ما كان لله دام واتصل،وما كان لغير الله انقطع وانفصل).
    2- تأييد الله وعونه في الشدائد: فالله يمد المخلصين بعونه ورعايته وتأييده،فينقذهم من المهالك، ويساعدهم في الشدائد، كما فعل مع يوسف عليه السلامحينما أنقذه من تخطيط امرأة العزيز، حتى لا يقع في الحرام قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ (يوسف: من الآية 24).
    وفي قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار عظة وعبرة، (القصة المشهورة) كان دعاء كل واحد منهم: "اللهم إنك تعلم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة على مراحل إلى أن خرجوا جميعًا" (10).
    وذلك لأن من ترك المعصية كان يبتغي مرضاة الله تعالى، ومن عمل عملاً صالحًا أيضًا كان يبتغي مرضاة الله تعالى.
    قالعمر بن الخطاب: (من خلصت نيته كفاه الله ما بينه وبين الناس)، وقال أبوحازم: (لا يحسن عبد فيما بينه وبين ربه إلا أحسن الله ما بينه وبينالعباد).
    3- سكينة النفس: فالإخلاص يكسب صاحبه الأمن والسكينة، فيشعر بانشراح الصدر، وهدوء النفس وفي الحديث: "من كانت الآخرة همه، جعل غناه في قلبه وجمع الله عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة" (11).


    4- قبول الأعمال من الله تعالى ودخول الجنة: وذلك لأن الإخلاص أحد شرطي قبول العمل، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم "إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحًا، وابتغى به وجهه تعالى" (12).
    وقالوا: (إخلاص ساعة نجاة الأبد، ولكن الإخلاص عزيز).
    إنغاية المسلم تكمن في مرضاة الله تعالى، ودخول جنته، والبعد عن سخطه وناره،ولا يصل المسلم إلى ذلك إلا بأن يجعل حياته ومماته وعبادته كلها لله تعالىكما أمر الله نبيه بذلك في القرآن الكريم: ﴿قُلْ إِنَّصَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) (الأنعام).
    وأن يخلص لله تعالى في أعماله كلها يبتغي مرضاته ولا ينتظر إلى ثناء الناس، قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَالطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَانُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةًوَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) (الإنسان).
    اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل يا رب العالمين-
    هوامش:
    1- الحديث أخرجه الإمام أبو داود (3664) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
    2- الحديث أخرجه الإمام مسلم (2985) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
    3- الحديث أخرجه الإمام مسلم (4651) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
    4- الحديث أخرجه الإمام البخاري (6570) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
    5- الحديث أخرجه الإمام البخاري (1) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
    6- الحديث أخرجه الإمام البخاري (1423) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
    7- الحديث أخرجه الإمام مسلم (2642) عن أبي ذر رضي الله عنه.
    8- الحديث أخرجه الإمام مسلم (2689). عن أبى هريرة رضي الله عنه.
    9- الحديث أخرجه الإمام مسلم (2965). عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
    10- الحديث أخرجه الإمام البخاري (2272). عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
    11- الحديث ذكره الإمام المنذري في الترغيب والترهيب 4 /131 عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
    12- الحديث ذكره الإمام المنذري في الترغيب والترهيب 1/ 40 عن أبي أمامة رضي الله عنه
    سياتى يوما لن اكون بينكم بل اكون فى التراب بالله عليكم لاتنسوا العبد الفقير من الدعاء
يعمل...
X