gشهر المحرم .... صفحة جديدة s
انتهت السنة الهجرية ... يا ترى لو وقفت مع نفسك وقفة محاسبة ؟؟هل أنت راضي عن نفسك في السنة الماضية ؟؟هل اغتنمت مواسم الطاعة من رجب وشعبان .. ورمضان .. وصيام الست من شوال .. ثم الأيام العشر الأول من ذي الحجة ؟؟ لو كنت قصرت في السنة الماضية أمامك الآن موسم جديد من مواسم الخير ؟؟أمامنا فرصة لكي نفتح جميعا صفحة جديدة مع الله في سنة هجرية جديدة نملأها كلها طاعة لله ... وليس مجرد طاعة في شهر دون شهر وفي أيام دون أيام ... تكون انطلاقة حقيقية لنا في الطريق إلى الله .. وفرصة لمغفرة ذنوبنا في العام الماضي .. وما أكثرها ... ؟؟؟
قــطــعـت شـهـور الـعـام لـهـواً و غفلـة و لـم تـحـتـرم فـيـمـا أتيت المحرمـا
فـلا رجـــبــــا وافـــــيـــت فيه بحقـــــه و لا صمت شهر الصوم صوماً متمما
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي مضـى كـنت قـوامـاً ولا كنت محرما
فهل لك أن تمـحـو الـذنـوب بعـبـرة و تـبـكـي عـلـيـهـا حـسـرة و تـنــدمــا
و تـسـتـقـبــل العـام الـجـديـد بـتـوبــة لـعـلـك أن تـمـحـو بـهـا مـا تـقـــدمـا
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي مضـى كـنت قـوامـاً ولا كنت محرما
فهل لك أن تمـحـو الـذنـوب بعـبـرة و تـبـكـي عـلـيـهـا حـسـرة و تـنــدمــا
و تـسـتـقـبــل العـام الـجـديـد بـتـوبــة لـعـلـك أن تـمـحـو بـهـا مـا تـقـــدمـا
شهر المحرم ... شهر من الأشهر الحرم ... و لهذا الشهر مكانة عظيمة ... بين شهور السنة ... والله يختص من خلقه ما يشاء بما يشاء من الفضل .. ذكر هذا الفضل في حديث للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - : }أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ{(مسلم)
فلا يخفي عليكم فضل الصيام كما في حديث كل عمل بن آدم له إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به ... لما في الصيام من تحقيق لمقامات المراقبة والإخلاص لله عز وجل ... ففي الحديث يدلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن أفضل الصيام بعد رمضان هو الصيام في شهر المحرم وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم شهر الله فما أشرفه من نسب وما أعظمه من فضل ...
شهر الحرام مبارك ميمون و الصوم فيه مضاعـف مسنون
و ثواب صائمه لوجـه إلهه في الخلد عند مليكه مخزون
وقد تتسائل ... إن كان للصيام في هذا الشهر هذه المكانة فما هي الأيام التي أصومها ؟؟
نقول لك ... صم ما شئت .. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .. واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصح عنه أنه صام شهر المحرم كله ... ولكن أحرص على الإكثار من الصيام وخصوصا على صيام أيام الاثنين والخميس .... وأيام 13و 14 و15 من الشهر إتباعا لسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم في صيامها ... وأيضا هناك صيام يوم عاشوراء ...
فعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم -: }لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون ونحن نصومه تعظيما له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن أولى بموسى منكم وأمر بصيامه{رواه أبوداود وصححه الشيخ الألباني .
وقال رسول الله– صلى الله عليه وسلم: }صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية{(صحيح) 3806 في صحيح الجامع .
وعاشوراء هو يوم العاشر من المحرم ... كما يُسن أيضا أن يسبق بيوم أى أن تصوم يوم التاسع والعاشر من المحرم... ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تخصيص هذا اليوم يوم عاشوراء بعمل آخر غير الصيام ... والله أعلم.
فلنكثر من الصيام فى هذا الشهر قدر ما نستطيع ... وإن حدثتك نفسك بالإفطار وعدم الصيام ... فتذكر قول بعضهم مصبرا نفسه على الصيام : إنما هو غداء و عشاء فإن أخرت غداءك إلى عشائك أمسيت و قد كتبت في ديوان الصائمين . للصائم فرحتان فرحة عند فطره و فرحة عند لقاء ربه إذا وجد ثواب صيامه مدخوراً .
فطوبى لمن جوع نفسه ليوم الشبع الأكبر، طوبى لمن ظمأ نفسه اليوم ليوم الري الأكبر ، طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد غيب لم يره،طوبى لمن ترك طعاماً ينفذ في دار لدار أكلها دائم و ظلها .
أعاننا الله وإياكم على طاعته... وجمعنا بكم فى أعالى جنان الخلد مع نبينا – صلى الله عليه وسلم- .
استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء
روى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ ) قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ رواه مسلم 1916 ].
قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون : يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر , ونوى صيام التاسع .
وعلى هذا فصيام عاشوراء على مراتب أدناها أن يصام وحده وفوقه أن يصام التاسع معه وكلّما كثر الصّيام في محرّم كان أفضل وأطيب .
الحكمة من استحباب صيام تاسوعاء
قال النووي رحمه الله : ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا : أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ , وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ .. الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ , كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ , ذَكَرَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ . الثَّالِثَ: الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلالِ , وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ . انتهى
وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ .. فِي عَاشُورَاءَ : ( لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لاَصُومَنَّ التَّاسِعَ ) [ الفتاوى الكبرى ج6 : سد الذرائع المفضية إلى المحارم ]
وقال ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) : ما همّ به من صوم التاسع يُحتمل معناه أن لا يقتصر عليه بل يُضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطا له وإما مخالفة لليهود والنصارى وهو الأرجح وبه يُشعر بعض روايات مسلم [ فتح 4/245 ]
تعليق