إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ضوابط المزاح الشرعيه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ضوابط المزاح الشرعيه

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
    فإن الإنسان مدني بطبعة، ومع اتساع المدن وكثرة الفراغ لدى بعض الناس، وانتشارأماكن التجمعات العامة كالمنتزهات والإستراحات، وكثرة الرحلات البرية، والإتصالاتالهاتفية، واللقاءات المدرسية، والتجمعات الشبابية، توسع كثير من الناس في المزاحمع بعضهم البعض، دون ضابط لهذا الأمر الذي قد يؤدي إلى المهالك، ويورث العداوةوالبغضاء.
    والمراد بالمزاح: الملاطفة والمؤانسة، وتطييب الخواطر، وإدخال السرور.
    ولا شك أن التبسط لطرد السأم والملل، وتطييب المجالس بالمزاح الخفيف فيه خير كثيرقال ابن تيمية رحمه الله: ( فأما من استعان بالمباح الجميل على الحق فهذا منالأعمال الصالحة )، وقد اعتبر بعض الفقهاء المزاح من المروءة وحسن الصحبة،
    • أيها المازح ، يا من تنشر المرح والأنس في المجالس، يا من جعلت للمزاح وقتاً في حياتك، فإن المزاح خُلق إنساني وسلوك بشري له ضوابطه وحدوده ، وهو خُلق يشتمل على المداعبة والمضاحكة والمفاكهة بقصد الترويح عن النفوس وإدخال السور والبهجة إليها حتى لا تمل و لا تكل وللمزاح آداب وضوابطه تجعله جزءاً لا يتجزأ من حياة المسلم ،
    وهنا أوجه هذه الرسالة إلى أخي المسلم ليضبط مزاحه بضوابط السُّنة النبوية والتربية الإسلامية فأقول مستعيناً بالله وحده :
    (1)-ألا يكون فيه شيء من الإستهزاء بالدين:
    فإن ذلك من نواقض الإسلام قال تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّإِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِكُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ[التوبة:66،65]، قال ابن تيمية رحمه الله: ((الإستهزاء بالله وآياته ورسوله كفريكفر به صاحبه بعد إيمانه)).
    وكذلك الإستهزاء ببعض السنن، ومما انتشر كالإستهزاء باللحية أو الحجاب، أوبتقصير الثوب أو غيرها.
    قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله في المجموع الثمين [1/ 63]: ( فجانبالربوبية والرسالة والوحي والدين جانب محترم لا يجوز لأحد أن يعبث فيه لا بإستهزاء،ولا بإضحاك، ولا بسخرية، فإن فعل فإنه كافر، لأنه يدل على استهانته بالله عز وجلورسله و كتبه وشرعه، وعلى من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل مما صنع، لأن هذا منالنفاق، فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ويصلح عمله ويجعل في قلبه خشية الله عز وجلوتعظيمه وخوفه ومحبته، والله ولي التوفيق).
    (2)-ألا يكون المزاح إلا صدقاً:
    قال: ((ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له)) [رواه أبو داود]. تحقيق الألباني( حسن ) انظر حديث رقم : 7136 في صحيح الجامع .
    (3)-البعد عن الترويع والتخويف والحاق الضرر:-
    يا من تؤنس الصاحب وتُسعد الجليس ، إياك أن تُروع أحداً من المسلمين أو تخوفه ولو كنت مازحاً كأن تستحدث عليه خبراً كاذباً لتفزعه ، أو تخوفه في ظلام ، أو تفاجئه بنبأ غير سار بقصد المزاح ، فإن ذلك أمر منهي عنه لما من التخويف والترويع واحتمال إلحاق الضرر به فقد روى عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : حدَّثنا أصحاب محمد أنهم كانوا يسيرون مع رسول الله فقام رجل منهم ، فانطلق بعضهم إلى حبل معه ، فأخذه ففزع ، فقال رسول الله ( لا يحل لمسلم أن يُروِّع مسلماً ) رواه أبو داود. تحقيق الألباني( صحيح ) انظر حديث رقم : 7658 في صحيح الجامع .
    وهنا نلاحظ أن مراعاة شعور المسلم واحترام حرمته أمرٌ واجب في الجد والهزل ، ولا يمكن أن يكون المزاح وسيلة تؤخذ بها الحقوق أو تستحل بها الحرمات
    (4)السخريه والأستهزاء
    البعض يستهزىء بالخلقة أو بالمشية أو المركب ويخشى على المستهزىء أن يجازيهالله عز وجل بسبب استهزائه . وحذرمنالسخرية والإيذاء؛ لأن ذلك طريق العداوة والبغضاء قال:((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب إمرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كلالمسلم على المسلم حرام؟ دمه، وماله، وعرضه)) [رواه مسلم.
    (5)-أن لا يكون المزاح كثيراً:
    فإن البعض يغلب عليهم هذا الأمر ويصبح ديدناً لهم، وهذا عكس الجد الذي هو منسمات المؤمنين، والمزاح فسحة ورخصة لاستمرار الجد والنشاط والترويح عن النفس. قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ( اتقوا المزاح، فإنه حمقة تورث الضغينة).
    قال الإمام النووي رحمه الله: ( المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداومعليه، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب، ويشغل عن ذكر الله تعالى: ويؤول في كثير منالأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار، فأما من سلم من هذهالأمور فهو المباح الذي كان رسول اللهيفعله).
    (6)-معرفة مقدار الناس:
    فإن البعض يمزح مع الكل بدون اعتبار، فللعالم حق، وللكبير تقديره، وللشيختوقيره، ولهذا يجب معرفة شخصية المقابل فلا يمازح السفيه ولا الأحمق ولا من لايعرف. وفي هذا الموضوع قال عمر بن عبد العزيز: ( اتقو المزاح، فإنه يذهب المروءة).
    وقال سعد بن أبي وقاص: ( اقتصر في مزاحك، فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويجرىءعليك السفهاء)
    (7)-أن يكون المزاح بمقدار بحيث لا يكثر منه:-
    قال: (( لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ))..
    تحقيق الألباني( صحيح ) انظر حديث رقم : 7435 في صحيح الجامع .
    وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به،ومن أكثر من شيء عرف به).
    (8)-ألا يكون فيه غيبة:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }الحجرات12
    البعض يحلو له الكلام فى الناس، ويزين لدى البعض إنه يحكى ويقال بطريقة المزاح، وإلا فهو داخل فيحديث النبي: ((ذكرك أخاك بما يكره)) [مسلم
    (9)-إختيار الأوقات المناسبة للمزاح:
    كأن تكون في رحلة برية، أو في حفل سمر، أو عند ملاقاة صديق، تتبسط معه بنكتةلطيفة، أو طرفة عجيبة، أو مزحة خفيفة، لتدخل المودة على قلبه والسرور على نفسه، أوعندما تتأزم المشاكل الأسرية ويغضب أحد الزوجين، فإن الممازحة الخفيفة تزيل الوحشةوتعيد المياه إلى مجاريها.
    قال رجل لسفيان بن عيينة رحمه الله: المزاح هجنة - أي مستنكر - فأجابه قائلا: (بل هو سنة، لكن لمن يحسنه ويضعه في مواضعه).
    والأمة اليوم وإن كانت بحاجة إلى زيادة المحبة بين أفرادها وطرد السأم منحياتها، إلا أنها أغرقت في جانب الترويح والضحك والمزاح فأصبح ديدنها وشغل مجالسهاوسمرها. فتضيع الأوقات، وتفنى الأعمار، وتمتلىء الصحف بالهزل واللعب. قال((لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)) ( متفق عليه ) قال في فتح الباري: ( المراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة اللهوانتقامه ممن يعصيه، والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة ). وعلى المسلم والمسلمة أن ينزع إلى اختيار الرفقة الصالحة الجادة في حياتها ممنيعينون على قطع ساعات الدنيا والسير فيها إلى الله عز وجل بجد وثبات، ممن يتأسونبالأخيار والصالحين، قال بلال بن سعد: ( أدركتهم يشتدون بين الأغراض، ويضحك بعضهمإلى بعض، فإذا كان الليل كانوا رهباناً).
    قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( روحوا القلوب ، واطلبوا لها طُرف الحكمة ، فإنها تمل كما تمل الأبدان )
    واعلم - أخي المازح – أن للمزاح المعتدل دوراً عظيماً في تربية النفوس وشحذ الهمم ، وفتق الأذهان وترويح القلوب ، وطرد السآمة والملل ، وإذهاب الهموم عن النفس وفي هذا المعنى يقول الشاعر :
    أروح القلب ببعض الهزل *** تجاهلاً مني بغير جهل
    أمزح فيه مزح أهل الفضل *** والمزاح أحياناً جلاء العقل
    وفي ذلك يقول سعيد بن العاص لابنه : ( اقتصد في مزاحك ، فإن الإفراط فيه يفُض عنك المؤانسين ، ويُحش منك المُصاحبين )
    ويقول أبو الفتح البُستي :
    أفد طبعك المكدود بالجد راحة *** يُجَمُّ وعلِّله بشيء من المزاح
    ولكن إذا أعطيته المزاح فليكن *** بمقدار ما تعطي الطعام من الملح
    ** وختاماً :
    أسأل الله العظيم لي ولك التوفيق والسداد ، وأن نكون ممن يمزحون بالحق فيؤنسون به الصاحب ويتوددون به إلى المخاطب ، ويروحون به عن النفس وألا ينسينا مزاجنا وضحكنا لقاء الله واليوم الآخر ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
    *مطوية عن المزاح +بعض المقالات
يعمل...
X