الامام | : | عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري |
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. الخطبة الأولى
ففساد الزمان مصطلح فقهي يريد به علمائنا فترات الانحطاط التي يغلب فيها الخبث وتكثر فيها المعاصي حتى يألفها ويعتادها الناس وتفسد بذلك أكثر طباعهم وآدابهم وتختل موازينهم وضوابطهم ولا شك أن الوقت الذي نحن فيه اليوم قريب الشبه بهذه الأوقات لقد برزت ظواهر الخلل في مجتمعاتنا بشكل واضح سواء في التصورات والأفكار والعقائد التي ابتليت بأمرار الشبهات أو في مجال الأخلاق والآداب والسلوك التي ابتليت بأمرار الشهوات فان ظواهر الانحراف والخلل واضحة بارزة في مجتمعاتنا ومما أدى إلى استفحال ذلك الفساد في هذا الزمان الذي نعيش فيه أن الاستعمار الغربي خرج من الباب ليعود من النافذة مستغلاً تلك الطبقة من أذنابه وصنائعه والتي عمل بكل مكر وحيلة على تكوينها وتهيئتها وزرعها في جسم هذه الأمة فهو خرج من الباب ولكنه ترك بؤرة في جسد الأمة تؤدى وظيفة إفسادها ولعوامل كثيرة وبسبب دعم هذا الاستعمار لهذه الفئة فانهم وللأسف الشديد قد تمكنوا من مقدرات الشعوب المسلمة في أكثر البلاد الإسلامية تمكنوا من مراتب السلطة والقيادة والتوجيه في أكثر البلاد الإسلامية فالإعلام والتعليم وتوجيه الشباب والشابات وغير ذلك من مراكز التأثير والقيادة والتوجيه. وفي أيدي هؤلاء في معظم البلاد الإسلامية وأكاد أقول في جميع البلاد الإسلامية وقد عملوا ونفذوا وخططوا وبذلوا جهوداً متواصلة ومدروسة ومبرمجة لإفساد هذه الأمة ولكن العجيب وهذا سر من أسرار الدين وطبيعة من طبائعه أن تلك الجهود المتواصلة المدروسة المبرمجة والتي سخرت لها الوسائل المتطورة بشكل كبير مما يشاهد في عصرنا وزماننا أنها سرعان ما تنهار بمجرد أن ينبثق بصيص من نور الإيمان في القلوب , فأي جهد إيماني صادق ولو كان يسيراً يفعل فعله في النفوس أكثر مما تفعله تلك النشاطات التخريبية التي يقوم بها دهاقنة الفساد في العالم, المهم أن يبدأ نور الإيمان في القلوب بداية صحيحة سليمة فإنه يتفجر بعد ذلك في النفس البشرية تفجراً عجيباً كتفجر تلك العيون الإثنتا عشرة من الحجر إذ ضربه الكليم موسى بعصاه , وخطوات إيمانية صادقة سليمة يتخذها أهل الإيمان مهما كانت قليلة محدودة فإنه يكون لها من البركة والتأثير الشيء العجيب في إصلاح النفوس أو في إبطال كيد أولئك المفسدين كأنما هي عصا الكليم موسى عليه السلام تلقف ما يأفكون. إنهم اليوم وهذا مثال يبذلون جهوداً لتنصير القارة الإفريقية السوداء وينفقون بلايين الدولارات ويستخدمون في سبيل ذلك الوسائل المتطورة حتى الأقمار الصناعية ومع ذلك يقفون في حيرة وهم يتناجون بغيظ وحنق يحذر بعضهم بعضاً يقولون: إن الإسلام يزحف على القارة الإفريقية هم يقولون ذلك عجيب هذا كيف يزحف الإسلام على القارة الإفريقية مثلاً وليس ورائه من الهيئات الدولية أو ذات النفوذ والإمكانيات ولا مثل عشر تلك الهيئات التي تقف وراء التنصير, والوسائل الفقيرة الضئيلة المحدودة التي يستخدمها كتائب الدعاة المسلمين على قلتهم بهذه القارة لا تنافس أبداً تلك الوسائل الهائلة التي يستخدمها دهاقنة التنصير في إفريقيا فكيف يزحف الإسلام على هذه القارة؟ إنه لا شك سر عجيب في هذا الدين ولعل مكمن هذا السر في أن قوة هذا الدين مستمدة من قوة منزله سبحانه وتعالى الذي شرع هذا الدين وأنزله له الأمر كله وله التدبير كله يتصرف في خلقه كيف يشاء كثيرون ممن تقلبوا في برامج التنصير أو غيره من برامج الانحراف الفكري أو الخلقي تبحث نفوسهم خلال ذلك عن مستقرها فلا تجده ولكنهم مع ذلك يماطلون أنفسهم بالأوهام ويعاندون فطرتهم ولكن في لحظة تجلي للعقل والفطرة بمجرد أن يسمع الإنسان ولو كان كافراً آيات من القرآن الكريم تقذف فيه من التأثير الشيء العجيب بشرط أن يكون ذلك في لحظة تجلي للعقل وللفطرة ففي مثل هذه اللحظة مؤمناً كان أو كافراً آية من القرآن الكريم أو آيات حتى ولو لم يفقه معناها لأول وهلة فإن للقرآن تأثيراً وبركة من كونه كلام الله وخطاب الله لهذا الإنسان ولذلك كان بعض السلف يقولون من أراد أن يتحدث مع الله فليقرأ القرآن, فالقرآن كلام الله وخطاب الله للإنسان ولذلك إذا قرعت آياته النفس البشرية في لحظة تجلى للعقل وللفطرة فإن الإنسان قلما يقاوم جاذبية هذا القرآن وقوته, قال تعالى:
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
فأول ما يجب على الشاب المسلم في هذا الزمان وفي غيره أن يتعلم دين الله عز وجل على منهج السلف, ومنهج السلف يقرن فيه العلم بالعمل فلا شيء في منهجهم اسمه الترف الفكري ولا شيء في منهجهم اسمه العلم للعلم بل العلم للعمل ولذلك ما لا يتعلق به عمل من العلوم فإنهم لا يضيعون أوقاتهم فيه ولا يصرفون أعمارهم فيه , أكثر رجل من الأسئلة لأبي الدرداء رضي الله عنه وأبو الدرداء يجيبه ثم قال له أبو الدرداء: أو تعمل بكل ما تسأل عنه. قال: لا. قال: فما حاجتك إلى كثرة الحجج عليك. وأنتم تعلمون أن منهج السلف في تلقى العلم هو تلقي العلم والعمل معاً فلا شيء في منهجهم اسمه الترف الفكري ولا شيء في منهجهم اسمه العلم للعلم فما لا يتعلق به عمل من العلوم ترف فكري ولا يصرف السلف أوقاتهم فيه وأعمارهم من أجله وهم يعلمون أن الأعمار محدودة وأن التكاليف عليهم يجب أن يبادروا إلى أدائها. فعلى الشاب المسلم أولاً أن يتعلم دين الله على منهج السلف ثم عليه أن يؤدي رسالته في المجتمع أن يقوم بواجبه نحو هذه الأمة بالدعوة, فالعلم الصحيح الذي تلقاه يجب أن يبثه وينشره, ونعلم جميعاً أن الهدف من الدعوة هو الإقناع بالحجة والبرهان والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن, هذا هو الأصل في وسيلة الدعوة فمن تصور أن العنف هو الوسيلة الأسرع والأقرب لفرض مبادئ هذا الدين فلا شك أنه واهم لا يعرف طبيعة هذا الدين, لو كان الأمر كذلك لفرض القتال منذ نزول أول آية في مكة على رسول الله
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
والجهاد له مدلولان مدلول عام بمعنى بذل الجهد والوسع والطاقة في سبيل إعلاء كلمة الله وحماية الدعوة ورفع الظلم عن المظلومين فالإسلام ليس ديناً خيالياً مغرقاً في الأحلام والأوهام انه دين الفطرة , الدين الذي يلائم طبائع البشر. ودهاقنة الفساد في العالم وطواغيت الظلم والجور في العالم لهم مصالح متشابكة أقاموها على العبودية لهم التي فرضوها على رقاب ضحاياهم ولهم مكاسب متشابكة أقاموها على السلب ونهب حقوق الناس.
و المسلم عندما يبث دعوته ملخص أهدافه في شيئين أنه يريد أن يخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام, فإذاً توحيد الله حتى لا يذل الإنسان لغير الله ونشر العدل بين الناس في الواجبات والحقوق, هذان هدفان لا يرضى بهما دهاقنة الفساد ولا طواغيت الجور, إنهما الصدام المباشر مع شبكة مصالحهم ومكاسبهم ولذلك إذا رأوا المسلم ينشر دعوته ليفتح أعيناً عمياً وآذاناً صماً فلا نتوقع أنهم يقفون مكتوفي الأيدي سيحاربونه ويقاومونه بكل قوة ومن هنا شرع الجهاد بمعنيين العام والخاص فبمعناه العام بذل الجهد والطاقة لإعلاء كلمة الله ونشر الدعوة ورفع الظلم عن المظلومين وهو بهذا المعنى يرادف الدعوة, وأما معناه الخاص فهو القتال في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ولرفع الظلم أيضاً عن المظلومين, قال تعالى:
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
وأريد أن أعود فأركز على الواجب الأول على شبابنا المسلم الذي هو التعلم , تعلم دين الله عز وجل فكما يقول السلف: العلم قبل القول والعمل , فالعلم ركن أساسي في مسيرة الشباب المسلم لأنه الوسيلة الوحيدة لتصحيح التصورات والأفكار والعقائد والعمل والدعوة , والتعلم في الإسلام له طريقان: طريق التلقي على الشيوخ فليس بد من أن تجثو على ركبتيك عند ركبتي شيخ يعلمك دين الله عز وجل ويربيك عليه يعطيك العلم والأدب فإذا ما وجدت عالماً ربانياً مربياً فقيهاً فهذا هو المصدر الحقيقي للعلم في الإسلام, قال تعالى:
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
والطريقة الثانية لتلقي العلم المدارسة ومعناها التعامل والتشاور على العلم وهذا الأسلوب يعلم الشباب أشياء كثيرة, يعلم الشباب العمل الجماعي وروح العمل الجماعي يتعاونون ويتشاورون في طلب العلم, كما أنه يعلمهم ويربيهم على روح الشورى فالشورى مبدأ أساسي في حياة المسلم يجب أن يربي نفسه عليه, الشورى في كل شيء حتى في طلب العلم, وقد كان رسول الله
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
هذا تفسير عملي من النبي
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/start-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/end-icon.png)
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)
القاعدة الأولي: أن يصحح نيته أولاً ويسلم من الشهوتين شهوة طلب العلم من أجل المكاسب والمغانم وشهوة طلب العلم لنيل الرئاسات والشرف.
القاعدة الثانية: أن يكون أول علم يطلبه هو التوحيد والفقه لأنه بهذين العلمين يصحح عقيدته وتصوراته ويصحح عمله فإذا طلب العقيدة وطلب علم التوحيد عليه أن يحرص على أن يطلبه على منهج السلف الذين هم صفوة هذه الأمة وقدوتها ونعني بالسلف أصحاب رسول الله
![](http://www.mnrat-d.com/App_Themes/Arabic/images/editor/1.png)