إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
ـ أما بعد ـ
إخوتاه
إن الدعوة قضية لها بداية ولها غاية ، وبينهما مراحل ينبغي أن تقطع بأناة وروية حتى يتحقق الهدف المنشود ، من عمارة الأرض بدين الله الرب المعبود .
إنها الدعوة إلى التوحيد في شمول وتكامل ، ثم الثبات في مواقع الحراسة لدين الله عز وجل ، ثم التأني في جميع مراحل الدعوة وإن طال الدرب ، حتى تزول غربة الإسلام ، وتكبر القاعدة ، ويتسع نطاق العاملين للإسلام على الوجه الصحيح ، ليصبحوا جبهة قوية في وجه الذين لا يؤمنون ثم الجهاد والقتال وحينئذٍ يميلون على الذين كفروا ميلة واحدة بإذن الله تعالى .
ولكن لي سؤال أود ان اطرحه ونجيب عليه وهو
لماذا الدعوة الى الله ؟
قد يبدو لأوَّل وهلة غرابة عنوان هذه المقالة، إذ لا يُعقل أن أيّ داعية إلى الله عزَّ وجل لا يعرف الغاية من دعوته إلى الله عزَّ وجل وجهاده في سبيله سبحانه؛ وهذا صحيح من حيث الجملة، ولكنْ هناك فرق بين المعرفة الذهنية المجرَّدة وبين التحرُّك بهذه المعرفة اليسيرة والسير على ضوئها في واقع النَّاس ودعوتهم إلى الله عزّ وجل. وكم رأى الواحد من نفسه ومن غيره غفلة عنه هذه الأهداف أو مصادمتها لواقع الدعوة العملي، ممّا ينشأ عنه مغالطات وانحرافات وسببها البعد عن هذه الأهداف.
والأهداف الأساسية للدعوة والجهاد في سبيل الله عزّ وجل يمكن حصرها فيما يلي:
1/ التعبُّد لله عزّ وجل بهذه الشعيرة العظيمة، شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي هي أصل الدعوة إلى الله عزّ وجل والجهاد في سبيله سبحانه، فشعور الداعية أنَّه عبد لله عزَّ وجل يُحبُّ ربّه ويُحبُّ ما يُحبُّه ربّه من الدعوة والجهاد يُعدُّ من أكبر الدوافع إلى بذل الجهد والجهاد إلا شعوره بالعبودية لله عزَّ وجل لكفى بذلك دافعاً وغاية عظيمة. كما أنَّ في مصاحبة شعور العبادة لله تعالى في جميع تحرُّكات الداعية أكبر الأثر في التربية على الإخلاص وتحرِّي الحق والصواب واللذان هما شرطا قبول العبادة والعكس من ذلك عندما ينسى أو يغفل الداعية أنَّه متعبِّد لله تعالى بدعوته وحركته، فإنَّه بذلك يضعف إخلاصه وتبدأ حظوظ النفس والهوى يسيطران على القلب، كما يضعف مع ذلك اتباع الدليل وتحرِّي الحقّ ممَّا ينتج عنه في نهاية الأمر فتور الداعية أو مزلَّة قدمه والعياذ بالله تعالى.
2/ الفوز برضوان الله تعالى وجنّته في الدار الآخرة، وهذا هو ثمرة التعبُّد لله عزّ وجل السابق ذكرها، وهي الغاية العظمى التي وعد الله عزّ وجل بها عباده الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر، والداعين إليه على بصيرة، ولقد تكاثرت الآيات في كتاب الله عزّ وجل التي تمدح الداعين إليه سبحانه والصابرين على ما أصابهم وما أُعدَّ لهم في الدار الآخرة من الرضوان والنعيم المقيم. وعندما ينشد الداعية إلى هذه الغاية وتنجذب نفسه إليها فإنَّه يستسهل الصعاب ويمضي في طريقه بقوة وعزيمة وثبات، كما أنَّه عندما يتعلَّق بهذه الغاية العظيمة ولا ينساها، فإنَّه بذلك لا يلتفت إلى أعراض الدنيا الزائلة ولا ينتظر جزاء عمله ودعوته وجهاده في الدنيا، وإنَّما يروِّض نفسه ويربِّيها على أن تُعطي من صبرها وجهدها وجهادها، ولا تأخذ منه شيئاً في الدنيا، وإنَّما تنتظر العطاء والثواب في الدار الآخرة من ربِّها الكريم في دار النعيم المقيم، ولذلك فإنَّ أصحاب هذه النفوس المخلصة لا يتطرَّق إليهم الوهن ولا الفتور الذي يتعرَّض له أصحاب الأغراض الدنيوية القريبة، الذين إنْ حصلوا على أهدافهم في الدنيا رضوا وواصلوا العطاء، وإن تأخَّرت عليهم فتروا وكلُّوا وتوقَّفوا.
أمَّا أصحاب الغاية العظيمة فهم لا يفترون ولا يتوقفون، لأنَّ وقت ومكان توفية الأجر ليس مجاله الدُّنيا، وإنَّما في الدار الآخرة دار الحساب والجزاء، ولذلك فهم يعملون ويجاهدون حتى يأتيهم اليقين.
3/ إنقاذ النّاس ـ بإذن الله تعالى ـ من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ومن ظُلم الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا وشقائها إلى سعتها وسعادتها، ومن عذاب النَّار يوم القيامة إلى جنَّات النعيم.
وعندما يتذكَّر الداعية هذه المهمة الجسيمة وهذا الهدف الأساس من دعوته وجهاده، فإنَّه يُضاعف من جهده ولا يقرّ له قرار وهو يرى الشرك المستشري في الأمّة والفساد المستطير في مجتمعات المسلمين؛ والذي يؤول بالناس إلى الشقاء والظلم وكثرة المصائب في الدنيا وإلى العذاب الأليم في الآخرة. ولذلك فلا ترى الداعية المدرك لهذه الغاية من دعوته إلاّ خائفاً على نفسه وعلى النَّاس من عذاب الله عزّ وجل في الدنيا والآخرة، ولا تراه إلاّ ناصحاً للعباد رحيماً بهم يريد من دعوته هداية النّاس وإنقاذهم بإذن الله تعالى من الظلمات إلى النور، ومن عذاب الله عزّ وجل في الدنيا والآخرة، ولسان حاله ومقاله يردد قول مؤمن آل فرعون لقومه في قول الله عزّ وجل: {وَقَالَ الّذي آمَنَ يا قَومِ إنِّي أخافُ عليكُم مثلَ يومِ الأحزاب* مِثْلَ دأبِ قومِ نُوحٍ وعَادٍ وثمُودَ والّذين من بعدِهِم وما اللهُ يريدُ ظلماً للعباد* ويا قومِ إنِّي أخافُ عليكُمْ يومَ التَّناد* يومَ تُوَلَُونَ مُدبِرينَ ما لكُم من الله من عاصمٍ ومن يُضْلِل الله فما له من هاد} [غافر:30ـ33].
وإنَّ مثل هذا الشعور ليضفي الرفق بالنَّاس والصبر على إعراضهم وأذاهم والحرص على كلّ مجال يفتح لهم أبواب الخير أو يغلق عنهم أبواب الشر، كما ينشئ في القلب محبة المصلحين الداعين إلى الخير وهداية النَّاس في أيّ مكان من الأرض، كما أنَّه يدفع إلى بذل الجهد والتخطيط والتعاون مع جميع الداعين إلى الخير والبر والتقوى، بعيداً عن التعصب والحزبية والولاءات الملوَّثة .
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
ـ أما بعد ـ
إخوتاه
إن الدعوة قضية لها بداية ولها غاية ، وبينهما مراحل ينبغي أن تقطع بأناة وروية حتى يتحقق الهدف المنشود ، من عمارة الأرض بدين الله الرب المعبود .
إنها الدعوة إلى التوحيد في شمول وتكامل ، ثم الثبات في مواقع الحراسة لدين الله عز وجل ، ثم التأني في جميع مراحل الدعوة وإن طال الدرب ، حتى تزول غربة الإسلام ، وتكبر القاعدة ، ويتسع نطاق العاملين للإسلام على الوجه الصحيح ، ليصبحوا جبهة قوية في وجه الذين لا يؤمنون ثم الجهاد والقتال وحينئذٍ يميلون على الذين كفروا ميلة واحدة بإذن الله تعالى .
ولكن لي سؤال أود ان اطرحه ونجيب عليه وهو
لماذا الدعوة الى الله ؟
قد يبدو لأوَّل وهلة غرابة عنوان هذه المقالة، إذ لا يُعقل أن أيّ داعية إلى الله عزَّ وجل لا يعرف الغاية من دعوته إلى الله عزَّ وجل وجهاده في سبيله سبحانه؛ وهذا صحيح من حيث الجملة، ولكنْ هناك فرق بين المعرفة الذهنية المجرَّدة وبين التحرُّك بهذه المعرفة اليسيرة والسير على ضوئها في واقع النَّاس ودعوتهم إلى الله عزّ وجل. وكم رأى الواحد من نفسه ومن غيره غفلة عنه هذه الأهداف أو مصادمتها لواقع الدعوة العملي، ممّا ينشأ عنه مغالطات وانحرافات وسببها البعد عن هذه الأهداف.
والأهداف الأساسية للدعوة والجهاد في سبيل الله عزّ وجل يمكن حصرها فيما يلي:
1/ التعبُّد لله عزّ وجل بهذه الشعيرة العظيمة، شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي هي أصل الدعوة إلى الله عزّ وجل والجهاد في سبيله سبحانه، فشعور الداعية أنَّه عبد لله عزَّ وجل يُحبُّ ربّه ويُحبُّ ما يُحبُّه ربّه من الدعوة والجهاد يُعدُّ من أكبر الدوافع إلى بذل الجهد والجهاد إلا شعوره بالعبودية لله عزَّ وجل لكفى بذلك دافعاً وغاية عظيمة. كما أنَّ في مصاحبة شعور العبادة لله تعالى في جميع تحرُّكات الداعية أكبر الأثر في التربية على الإخلاص وتحرِّي الحق والصواب واللذان هما شرطا قبول العبادة والعكس من ذلك عندما ينسى أو يغفل الداعية أنَّه متعبِّد لله تعالى بدعوته وحركته، فإنَّه بذلك يضعف إخلاصه وتبدأ حظوظ النفس والهوى يسيطران على القلب، كما يضعف مع ذلك اتباع الدليل وتحرِّي الحقّ ممَّا ينتج عنه في نهاية الأمر فتور الداعية أو مزلَّة قدمه والعياذ بالله تعالى.
2/ الفوز برضوان الله تعالى وجنّته في الدار الآخرة، وهذا هو ثمرة التعبُّد لله عزّ وجل السابق ذكرها، وهي الغاية العظمى التي وعد الله عزّ وجل بها عباده الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر، والداعين إليه على بصيرة، ولقد تكاثرت الآيات في كتاب الله عزّ وجل التي تمدح الداعين إليه سبحانه والصابرين على ما أصابهم وما أُعدَّ لهم في الدار الآخرة من الرضوان والنعيم المقيم. وعندما ينشد الداعية إلى هذه الغاية وتنجذب نفسه إليها فإنَّه يستسهل الصعاب ويمضي في طريقه بقوة وعزيمة وثبات، كما أنَّه عندما يتعلَّق بهذه الغاية العظيمة ولا ينساها، فإنَّه بذلك لا يلتفت إلى أعراض الدنيا الزائلة ولا ينتظر جزاء عمله ودعوته وجهاده في الدنيا، وإنَّما يروِّض نفسه ويربِّيها على أن تُعطي من صبرها وجهدها وجهادها، ولا تأخذ منه شيئاً في الدنيا، وإنَّما تنتظر العطاء والثواب في الدار الآخرة من ربِّها الكريم في دار النعيم المقيم، ولذلك فإنَّ أصحاب هذه النفوس المخلصة لا يتطرَّق إليهم الوهن ولا الفتور الذي يتعرَّض له أصحاب الأغراض الدنيوية القريبة، الذين إنْ حصلوا على أهدافهم في الدنيا رضوا وواصلوا العطاء، وإن تأخَّرت عليهم فتروا وكلُّوا وتوقَّفوا.
أمَّا أصحاب الغاية العظيمة فهم لا يفترون ولا يتوقفون، لأنَّ وقت ومكان توفية الأجر ليس مجاله الدُّنيا، وإنَّما في الدار الآخرة دار الحساب والجزاء، ولذلك فهم يعملون ويجاهدون حتى يأتيهم اليقين.
3/ إنقاذ النّاس ـ بإذن الله تعالى ـ من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ومن ظُلم الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا وشقائها إلى سعتها وسعادتها، ومن عذاب النَّار يوم القيامة إلى جنَّات النعيم.
وعندما يتذكَّر الداعية هذه المهمة الجسيمة وهذا الهدف الأساس من دعوته وجهاده، فإنَّه يُضاعف من جهده ولا يقرّ له قرار وهو يرى الشرك المستشري في الأمّة والفساد المستطير في مجتمعات المسلمين؛ والذي يؤول بالناس إلى الشقاء والظلم وكثرة المصائب في الدنيا وإلى العذاب الأليم في الآخرة. ولذلك فلا ترى الداعية المدرك لهذه الغاية من دعوته إلاّ خائفاً على نفسه وعلى النَّاس من عذاب الله عزّ وجل في الدنيا والآخرة، ولا تراه إلاّ ناصحاً للعباد رحيماً بهم يريد من دعوته هداية النّاس وإنقاذهم بإذن الله تعالى من الظلمات إلى النور، ومن عذاب الله عزّ وجل في الدنيا والآخرة، ولسان حاله ومقاله يردد قول مؤمن آل فرعون لقومه في قول الله عزّ وجل: {وَقَالَ الّذي آمَنَ يا قَومِ إنِّي أخافُ عليكُم مثلَ يومِ الأحزاب* مِثْلَ دأبِ قومِ نُوحٍ وعَادٍ وثمُودَ والّذين من بعدِهِم وما اللهُ يريدُ ظلماً للعباد* ويا قومِ إنِّي أخافُ عليكُمْ يومَ التَّناد* يومَ تُوَلَُونَ مُدبِرينَ ما لكُم من الله من عاصمٍ ومن يُضْلِل الله فما له من هاد} [غافر:30ـ33].
وإنَّ مثل هذا الشعور ليضفي الرفق بالنَّاس والصبر على إعراضهم وأذاهم والحرص على كلّ مجال يفتح لهم أبواب الخير أو يغلق عنهم أبواب الشر، كما ينشئ في القلب محبة المصلحين الداعين إلى الخير وهداية النَّاس في أيّ مكان من الأرض، كما أنَّه يدفع إلى بذل الجهد والتخطيط والتعاون مع جميع الداعين إلى الخير والبر والتقوى، بعيداً عن التعصب والحزبية والولاءات الملوَّثة .