موعظة الشيخ حازم أبو اسماعيل
" حول شعبان وقدوم رمضان "
في درس الأمس بأسد بن الفرات
بتصرف يسير .
================================
هذه الأيام تأخذ بلبي وبجناني وبعاطفتي ، هذه الأيام التي ينتظمها شهر شعبان من كل عام ، لأنني أعتقد أن عرض الصحائف معناه نجاح وسقوط ، معناه أن هناك كثير من الناس تسقط وهناك أناس تنجح ، وأنتم تعرفون الحل ، فدائما يشعر القلب شيئا من التزلزل لأنه يخشى أن يكون من الذين لم تستطع صحائفهم أن تنهض بهم ، بينما الإنسان في هذه الحال الفظيعة الله عز وجل يؤنسنا بأنه يرسل إلينا رمضان بصفته طوق النجاة الأخير .
فإذا كانت أعمال السنة كلها وصلت بك إلى شهر شعبان ، وعرضت الصحيفة ولم تنجح عبر أعمال السنة بالكامل فهناك طوق نجاة سهل تلقيه إليك رحمة الله الكبير يقول لك " من صام رمضان غفر له ، ومن قام رمضان غفر له " يبعث رمضان شفيعا يلقي إليك طوق النجاة ولكن أخبروني " من هذا الذي يثق أنه يصل إلى ليلة في أول رمضان قبل أن يدركه الأجل ؟ " اللهم بلغنا رمضان يا رب العالمين .
اشتروا الصحيفة التي تنشر النعي يوم التاسع والعشرين من شعبان أو اليوم الأول من رمضان ستجدون أنفسا كثيرة ماتت قبل مغرب ليلة أول رمضان ولو بدقائق مئات الألاف ، كل منهم كان يتمنى أن لو دفع دقائق ليدخل في جوف رمضان ولو قبل الصيام ولو في ليلة الأول من رمضان لتدركه من الله رحمة .
هناك أناس يا إخواني لا يسجدون أبدا ، وهي رؤوس لا تدري أي رؤوس هي ؟ ، رأس لم تستمتع قط بأن يمكن الجبين من الأرض وهو يرى لله سلطانا وجلالا .
لذلك ونحن نقدم على هذه اللحظات نستشعر شعورا خاصا .
وأنا فاكر زمان لما كنت أخطب الجمعة في مكان واحد _ وأنا كنت ممن يرى أن المدرسة الواحدة ،يعني: مكان واحد فيه خطبة واحدة ودرس أسبوعيا هو المطلوب إذا كان الداعية يريد أن يبلغ لأنه شيء يؤسس ويصنع _ كنت أتكلم في خطبة الجمعة عن الشواغل التي شغلت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الدين العاطفي الجميل فوجدته في عز شعبان فيه غزوات ، وفي رمضان غزوات ، حتى في الأشهر الحرم وفي وقت الحج هناك غزوات ، لأجل أن الإنسان يكون قلبيا متشوقا أن يصوم ويقرأ قرآنا ويصلي ويعيش حياة العاطفة الإيمانية ، ولكن عليه أن يعلم أن دين الله أجل وأعلى وصاحب رسالة لابد يسلكها .
فكنت أتكلم مثلا ولا أنسى هذا وربما انتظم أكثر من خطبة ، كيف دخلت شواغل التفاوض " متى أجلي بنو النضير أو بنو قينقاع أو بنو قريظة متى ذهب ليحاصرهم ومتى سمع مفاوضتهم ؟ ، ومتى خرج إلى غزوة أحد وغزوة المريسيع أو بني المصطلق ؟ حتى رمضان يفرض الصيام في السنة الثانية ويخرج لغزوة بدر في السنة الثانية .."
حتى يعلم الإنسان أنه لا يختار الدين بميله العاطفي " لايقول أريد أن أذكر أو أسبح أو أصوم لا فإنه مكلف " أنت عبد ، الدين لله هو الذي يشرع وينظم هو الذي يقول ، وها أنتم ترون الأحداث التي نحن فيها ، فنحن لا نختار طريقنا إلى الله بأهوائنا حتى لو كان هوى فيه حب القرب إلى الله ، إنما نحن نختار الطريق إلى الله باختيار الله هو سبحانه سبحانه هو الذي يحدد لنا كيف نسلك إليه ، هل أنا من يقول كيف أرضي الله ، بل هو من يقول سبحانه كيف أرضى عنك ؟ ، أنا لا أعمل لله بمزاجي ، لو أن عندي عاملا في مصنعي أنا من يقول له كيف يعمل ولا يعمل هو بحسب مزاجه .
فتجد في الحديث فيما معناه أن تغير الفم نتيجة طول الصيام يكون مثل روائح العبق الجميلة والعطور في الآخرة ، فتقول لماذا ؟
لو أن صاحب مصنع أو مزرعه وعنده اثنان من العمال فذهب إلى المصنع فوجد العامل الأول في منتهى الشياكة والعطور ويجلس بلا عمل ، والآخر يتصبب عرقا وعليه أثار العمل واتساخ من التراب ، فمن يكون محل غضب صاحب العمل ، ومن سيخصم منه بالطبع للـ"شيك " المعطر ، فهو يريد أناسا يعملون ، وسيحب رائحة عرق العامل الذي يعمل لأنه يعمل .
قال الشاعر :
شعث مفارقنا تغلي مراجلنا ... نأسوا بأموالنا أثار أيدينا
فانظر بما يمدح نفسه ؟
فسألت أبي رحمه الله " الشيخ صلاح أبو اسماعيل ، كان أحسن عندي من جهاز كمبيوتر كان أي شيء أدوس على الزرار أسمع الإجابة وفي اللغة والفقه والسياسة في أي شيء حتى لو كان التاريخ " فقال : هذا رجل لا يمتدح " نعكشة " نفسه ، إنما يدعو همته التي تجعله يواصل الليل بالنهار ليس عنده وقت كما في الآية " فإذا فرغت فانصب " هذه همم الرجال التي تصنعها العقيدة .وهذا ما نريد أن لو نفخناه في أنفسنا ولكن على طهر .
وأول شيء لابد وأن تعمله أن "تذبح الطموح" في الدنيا ، فالمسلم ليس له طموحا في الدنيا ، لا يريد لا موقع ولامنصب ، فالدنيا لا تشغل تفكيره . فهو يعمل وجاء على خاطره أن يتناول كوب " شاي " فيشرب كوب " شاي " ولكن لا يعيش من أجل أن يشرب كوب " شاي " !! ، يعمل وفكر أنه جائع فيأكل ، ولكن لا يعيش لأجل أن يأكل ! ، وهو يعمل أعجبوا به فعرضوا عليه إدارة العمل ، فيوافق ، ولكن يعيش وعينه على أن يكون مديرا كل هذه أدناس قلبية فالقلب يتسخ منها .
ولذلك أي شيء في أي وقت يصيب القلب من طموح الدنيا ولو سيارة جميلة بجانبك ، ولو قصر ولو بيت .
وأنا صغير كنت أسير وجدت " فيلا " لطيفة صغيرة في مكان هادئ وعصافير تزقزق ، فقلت : هذا سكن جميل .
فقال لي من بجواري جزاه الله خيرا وأنا أذكره : إن شاء الله ربنا يرزقك مثلها في الجنة وأحسن ..فأحسست أني أرتكب ذنب ، فالقلب ليطهر لا أن يخلو من الطموح في الدنيا .
وتعرفه عند وضع رأسك على سريرك ، فتسرح وترجع وتجد نفسك تفكر في شيء دنيوي ، فالله رزقك هذه السرحات حتى تتعرف على مافي قلبك ، فهو الطفو الذي يطفو به ما في القلب .
السرحان في اللغة هو الشرود ، أنك تشرد فهي نعمة من الله من أعظم النعم الإيمانية في حياة المسلم ولكنا لا نأبه له ، فالسرحان يعرفك حقيقة القلب .
وأنا قلت قبل ذلك ، هات ورقة وضعها في " جيبك " كلما سرحت ورجعت من السرحان قيد ما كنت سرحانا فيه ، ثم مثله ومثله حتى تجتمع لك عشرون أو أكثر من المواضيع التي سرحت فيها فهذا قلبك الذي تأتي به يوم القيامة ، فإذا وجدت خيرا فابكي فرحا أن الله جعلك موصولا به ، وإذا وجدت سرحانك في أشياء كـ "تناسق القميص مع البنطال ، والسيارة وماركتها ، والموبايل الذي يكون مثل فلان " وكل هذه أشياء مشروعة وليست حراما ، ولكن ليس كل حلالا يعشش في القلب .
حازم أبو اسماعيل
حفظه الله ورعاه
7/7/2012
فرغه
عمرو صالح
" حول شعبان وقدوم رمضان "
في درس الأمس بأسد بن الفرات
بتصرف يسير .
================================
هذه الأيام تأخذ بلبي وبجناني وبعاطفتي ، هذه الأيام التي ينتظمها شهر شعبان من كل عام ، لأنني أعتقد أن عرض الصحائف معناه نجاح وسقوط ، معناه أن هناك كثير من الناس تسقط وهناك أناس تنجح ، وأنتم تعرفون الحل ، فدائما يشعر القلب شيئا من التزلزل لأنه يخشى أن يكون من الذين لم تستطع صحائفهم أن تنهض بهم ، بينما الإنسان في هذه الحال الفظيعة الله عز وجل يؤنسنا بأنه يرسل إلينا رمضان بصفته طوق النجاة الأخير .
فإذا كانت أعمال السنة كلها وصلت بك إلى شهر شعبان ، وعرضت الصحيفة ولم تنجح عبر أعمال السنة بالكامل فهناك طوق نجاة سهل تلقيه إليك رحمة الله الكبير يقول لك " من صام رمضان غفر له ، ومن قام رمضان غفر له " يبعث رمضان شفيعا يلقي إليك طوق النجاة ولكن أخبروني " من هذا الذي يثق أنه يصل إلى ليلة في أول رمضان قبل أن يدركه الأجل ؟ " اللهم بلغنا رمضان يا رب العالمين .
اشتروا الصحيفة التي تنشر النعي يوم التاسع والعشرين من شعبان أو اليوم الأول من رمضان ستجدون أنفسا كثيرة ماتت قبل مغرب ليلة أول رمضان ولو بدقائق مئات الألاف ، كل منهم كان يتمنى أن لو دفع دقائق ليدخل في جوف رمضان ولو قبل الصيام ولو في ليلة الأول من رمضان لتدركه من الله رحمة .
هناك أناس يا إخواني لا يسجدون أبدا ، وهي رؤوس لا تدري أي رؤوس هي ؟ ، رأس لم تستمتع قط بأن يمكن الجبين من الأرض وهو يرى لله سلطانا وجلالا .
لذلك ونحن نقدم على هذه اللحظات نستشعر شعورا خاصا .
وأنا فاكر زمان لما كنت أخطب الجمعة في مكان واحد _ وأنا كنت ممن يرى أن المدرسة الواحدة ،يعني: مكان واحد فيه خطبة واحدة ودرس أسبوعيا هو المطلوب إذا كان الداعية يريد أن يبلغ لأنه شيء يؤسس ويصنع _ كنت أتكلم في خطبة الجمعة عن الشواغل التي شغلت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الدين العاطفي الجميل فوجدته في عز شعبان فيه غزوات ، وفي رمضان غزوات ، حتى في الأشهر الحرم وفي وقت الحج هناك غزوات ، لأجل أن الإنسان يكون قلبيا متشوقا أن يصوم ويقرأ قرآنا ويصلي ويعيش حياة العاطفة الإيمانية ، ولكن عليه أن يعلم أن دين الله أجل وأعلى وصاحب رسالة لابد يسلكها .
فكنت أتكلم مثلا ولا أنسى هذا وربما انتظم أكثر من خطبة ، كيف دخلت شواغل التفاوض " متى أجلي بنو النضير أو بنو قينقاع أو بنو قريظة متى ذهب ليحاصرهم ومتى سمع مفاوضتهم ؟ ، ومتى خرج إلى غزوة أحد وغزوة المريسيع أو بني المصطلق ؟ حتى رمضان يفرض الصيام في السنة الثانية ويخرج لغزوة بدر في السنة الثانية .."
حتى يعلم الإنسان أنه لا يختار الدين بميله العاطفي " لايقول أريد أن أذكر أو أسبح أو أصوم لا فإنه مكلف " أنت عبد ، الدين لله هو الذي يشرع وينظم هو الذي يقول ، وها أنتم ترون الأحداث التي نحن فيها ، فنحن لا نختار طريقنا إلى الله بأهوائنا حتى لو كان هوى فيه حب القرب إلى الله ، إنما نحن نختار الطريق إلى الله باختيار الله هو سبحانه سبحانه هو الذي يحدد لنا كيف نسلك إليه ، هل أنا من يقول كيف أرضي الله ، بل هو من يقول سبحانه كيف أرضى عنك ؟ ، أنا لا أعمل لله بمزاجي ، لو أن عندي عاملا في مصنعي أنا من يقول له كيف يعمل ولا يعمل هو بحسب مزاجه .
فتجد في الحديث فيما معناه أن تغير الفم نتيجة طول الصيام يكون مثل روائح العبق الجميلة والعطور في الآخرة ، فتقول لماذا ؟
لو أن صاحب مصنع أو مزرعه وعنده اثنان من العمال فذهب إلى المصنع فوجد العامل الأول في منتهى الشياكة والعطور ويجلس بلا عمل ، والآخر يتصبب عرقا وعليه أثار العمل واتساخ من التراب ، فمن يكون محل غضب صاحب العمل ، ومن سيخصم منه بالطبع للـ"شيك " المعطر ، فهو يريد أناسا يعملون ، وسيحب رائحة عرق العامل الذي يعمل لأنه يعمل .
قال الشاعر :
شعث مفارقنا تغلي مراجلنا ... نأسوا بأموالنا أثار أيدينا
فانظر بما يمدح نفسه ؟
فسألت أبي رحمه الله " الشيخ صلاح أبو اسماعيل ، كان أحسن عندي من جهاز كمبيوتر كان أي شيء أدوس على الزرار أسمع الإجابة وفي اللغة والفقه والسياسة في أي شيء حتى لو كان التاريخ " فقال : هذا رجل لا يمتدح " نعكشة " نفسه ، إنما يدعو همته التي تجعله يواصل الليل بالنهار ليس عنده وقت كما في الآية " فإذا فرغت فانصب " هذه همم الرجال التي تصنعها العقيدة .وهذا ما نريد أن لو نفخناه في أنفسنا ولكن على طهر .
وأول شيء لابد وأن تعمله أن "تذبح الطموح" في الدنيا ، فالمسلم ليس له طموحا في الدنيا ، لا يريد لا موقع ولامنصب ، فالدنيا لا تشغل تفكيره . فهو يعمل وجاء على خاطره أن يتناول كوب " شاي " فيشرب كوب " شاي " ولكن لا يعيش من أجل أن يشرب كوب " شاي " !! ، يعمل وفكر أنه جائع فيأكل ، ولكن لا يعيش لأجل أن يأكل ! ، وهو يعمل أعجبوا به فعرضوا عليه إدارة العمل ، فيوافق ، ولكن يعيش وعينه على أن يكون مديرا كل هذه أدناس قلبية فالقلب يتسخ منها .
ولذلك أي شيء في أي وقت يصيب القلب من طموح الدنيا ولو سيارة جميلة بجانبك ، ولو قصر ولو بيت .
وأنا صغير كنت أسير وجدت " فيلا " لطيفة صغيرة في مكان هادئ وعصافير تزقزق ، فقلت : هذا سكن جميل .
فقال لي من بجواري جزاه الله خيرا وأنا أذكره : إن شاء الله ربنا يرزقك مثلها في الجنة وأحسن ..فأحسست أني أرتكب ذنب ، فالقلب ليطهر لا أن يخلو من الطموح في الدنيا .
وتعرفه عند وضع رأسك على سريرك ، فتسرح وترجع وتجد نفسك تفكر في شيء دنيوي ، فالله رزقك هذه السرحات حتى تتعرف على مافي قلبك ، فهو الطفو الذي يطفو به ما في القلب .
السرحان في اللغة هو الشرود ، أنك تشرد فهي نعمة من الله من أعظم النعم الإيمانية في حياة المسلم ولكنا لا نأبه له ، فالسرحان يعرفك حقيقة القلب .
وأنا قلت قبل ذلك ، هات ورقة وضعها في " جيبك " كلما سرحت ورجعت من السرحان قيد ما كنت سرحانا فيه ، ثم مثله ومثله حتى تجتمع لك عشرون أو أكثر من المواضيع التي سرحت فيها فهذا قلبك الذي تأتي به يوم القيامة ، فإذا وجدت خيرا فابكي فرحا أن الله جعلك موصولا به ، وإذا وجدت سرحانك في أشياء كـ "تناسق القميص مع البنطال ، والسيارة وماركتها ، والموبايل الذي يكون مثل فلان " وكل هذه أشياء مشروعة وليست حراما ، ولكن ليس كل حلالا يعشش في القلب .
حازم أبو اسماعيل
حفظه الله ورعاه
7/7/2012
فرغه
عمرو صالح
تعليق