إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

^^الحق المعلوم ^^

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ^^الحق المعلوم ^^

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
    ثم أما بعد :


    إخوتي في الله


    إذا كان الإسلام قد ضمن للأطفال جميعا جملة من الحقوق فإنه نبه المجتمع على واجبه نحو المحرومين منهم والمشردين والأيتام.

    وللأسف فإن هذا النوع كثير في مجتمعنا، لماذا؟لأن صلة مجتمعاتنا بالله ضعفت، ففشو الحرام وسوء التصرف في الثروات واضطراب الأسر كل ذلك يسهم في إنتاج آلاف الأطفال المشردين والمحرومين.



    وهؤلاء ـ إخوتي الأعزاء ـ يحتاجون لعناية متميزة.



    ولعل أول مسألة يثيرها هذا الدين العظيم هي أن وجود الضعفاء والمحرومين ليس بمشكل في المجتمعات عادة, وإنما المشكل في كيفية التعامل معهم, وفي كيفية النظر إليهم، فإنه لا يخلو مجتمع مسلم من ثلاث فئات:

    الفئة الأولى: فئة العاملين
    الفئة الثانية: فئة الذين يقاتلون في سبيل الله
    الفئة الثالثة: فئة المرضى والمحرومين.

    قال تعالى: عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [المزمل:20].


    والمفروض أن المجتمع كله من الناحية الاقتصادية يعتمد على العاملين، المقاتلون في حاجة إليهم، والمرضى والضعفاء في حاجة إليهم أيضا.



    إن القرآن الكريم ـ معشر الإخوة الكرام ـ يقرر أن لهؤلاء المحرومين حقا، ليس إحسانا ولا تطوعا، وإنما هو حق معلوم، قال تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:24، 25].


    فالفرق بين الحق المعلوم الذي يتحدث عنه القرآن الكريم وبين غيرهمعلوم
    فالحق المعلوم حق محدد للسائل والمحروم، ليس لأحد أن يأخذه منه، أو يحرمه منه، فهو ملك له.


    فكان على المجتمع كله أن يتعاون لكي يصل إليه، فإذا أخذته وأكلته فقد أكلت أموال الناس بالباطل.

    وأبرز هذا الحق المعلوم الزكاة، إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60]، فهؤلاء لهم حق مضبوط وحق لا يناقش.

    المجتمع ما دام لا يهتم به ولا يجمع مال الزكاة ولا يوصله إليهم فهو مجتمع آثم، فهو مجتمع لا يستحق رحمة الله، وهذا للأسف من الواجبات العظيمة التي ضيعتها المجتمعات المسلمة.

    الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام، لمن تركناه؟ تركناه للناس، تركناه للأغنياء، في حين أن الأمر ليس هكذا، فهذا ليس من حقهم، وإنما ينبغي أن يجمع منهم، وأن يؤخذ رغما عنهم إذا امتنعوا، ويعاقبون بأخذ شطر من أموالهم.


    فهذا حقهم المعلوم على مجتمعهم، أن يسخر مال الزكاة لرعايتهم والقيام بشؤونهم، من مطعم مشرب وتعليم وتربية..


    كما رغب هذا الدين العظيم في التنافس في الإحسان إلى المحرومين من الناس عموما، وإلى الصغار منهم بالخصوص، فإنه لا يجوز قهر اليتيم ولا القسوة عليه، قال تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَر [الضحى:9].

    وكافله من مرافقي النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في الجنة.

    أخرج البخاري وغيره عن سَهْلٍ أَنّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قالَ: ((أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ في الْجَنّةِ)) وَقَرَنَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ: الْوُسْطَى وَالّتي تَلِي الإبْهَامَ.


    إن المطلوب في مجتمعات المسلمين أن يؤدَّى هذا الحق في أحسن أحواله، وأن لا يبقى موكولا للأفراد، وذلك بتأسيس مؤسسات الرعاية والتربية والإيواء، وأن ينفق عليها بسخاء، وأن تهتم بالتربية الشاملة الصحية والإيمانية والعلمية والخلقية، وأن لا يقتصر فحسب على توفير بعض الحاجيات المادية وإهمال التربية الخلقية والإيمانية، كما هو سائد للأسف في الخيريات ودور الطالب.


    فنسأله سبحانه وتعالى أن يصلح أحوالنا ويتولى أمرنا، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
    وأقوال الرسول لنا كتابا وجدنا فيه أقصا مبتغانا
    وعزتنا بغير الدين ذل وقدوتنا شمائل مصطفانا
    صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
يعمل...
X