بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربي ومولاي وكفى
والصلاة والسلام على الخليل المصطفى
لا يخفى على أحد أهمية الحوار، بل ضرورته في أحايين كثيرة.
ولا يغيب كذلك على الاخوة الكرام ركيزة الحوار في الخطاب القرآني، والدعوة الربانية.
فقد حاور الله في كتابه الكفار وأورد شبهاتهم ورد عليها، بل حاور إبليس {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} حاوره مع ظهور عصيانه، فسبحانه عز في علاه
وأمر انبيائه بهذا السبيل، وساروا على ذاك المنهج حتى مع أشد الناس كفرا بل كان الحوار على أعلى مكرمة من الأخلاق {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، فهذا أبو الأنبياء يحاور في التوحيد النمرود، وهذا كليم الله مع فرعون، وهذا مؤمن آل فرعون مع آل فرعون، وهذا صاحب الجنة وصاحبه، وغيره من الحوارات مما هو مليء بمثله خطاب القرآن
بل إن الحوار أحد ركائز الدعوة التي لا غنى عنها {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
وهذه إشارات فقط ورؤوس أقلام، وإلا فإن أهميته معلومة من واقع حياة كلٍ منا بالضرورة
وبذلك يصير ظاهرا لكل ذي بصيرة أهمية هذا القسم في المنتدى بل ضرورة الحوار في حياتنا
وإني لجديد بين إخوتي في هذا المنتدى لكني أحببت مطارحة هذا الموضوع معكم
ولأجل استمرار هذا الصرح الثقافي الى علو بعقل المطلع والمحاور معا، ولأجل أن نمضي قدما بالفكر الى السمو؛ رأيت من واجب النصيحة أن أدون بعض ما أراه مما يؤخر ركب الحوار ظهريا، أو قل قد يعيق الميسرة الثقافية والفكرية التي ترجى من الحوار
وقد ارتأيت رسمها بالمعالم والمنارات لما للأخيرة من أهمية في تصويب المسار والسبيل الموصل للغاية المقصودة
المَعْلَم الأول: القصد والغاية
قال تبارك وتعالى من سورة يونس {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}
فالنية والقصد ركيزة يقوم عليها نجاح كل عمل او فشله، صلاح كل عمل أو فساده، فما كان لله دام ودام خيره، وما كان لغيره انقطع وانمحى أثره، فليكن قصدنا وجه الله ولتكن غايتنا من طرح أي موضوع للنقاش هو النظر في زوايا أُخر لموضوعك لترى من نفسك أولا صوابك من خطئك ولتطلع ثانيا على منظورات مختلفة عن منظورك فيتسع بذلك رصيدك الفكري، وتتبلور تفهمات للرؤى الأخرى لديك يعتلي بها سقفك المعرفي ويتسع رصيدك الاجتماعي
ومما هو لصيق بهذه المنارة أن تطرح ما أنت مؤمن به وما هو من صدق قناعتك لا أن تطرح ما يشد الانتباه أو يثير الفضول وتكون فكرتك في حقيقة نفسك بعيدة عما طرحته، فليس هذا من صنيع الصادق مع نفسه في شيء
ومما هو كذلك ينبني تماما على هذه المنارة أن تكون موطنا نفسك على الرد والنقد، فلست أكبر من النصح ولو كان لاذعا، ولست أعلى من التخطئة ولو على رؤوس الأشهاد، فما دمت دخلت في النقاش فقد وضعت ثقافتك وفكرتك على طبق وعرضته للناس يبدون رأيهم فيه، فلا تنكمشنّ نفسك عن قبول المخالف بصدر رحب؛ وقلب يبقى بعد النقاش مع إخوانه سليما، ومن علامات حسن القصد استواء المادح والذام تأثيرا في عمل العامل
فهل يمكن أن نرى يوما طارحا لموضوع قد مال - بعد نقاش وحوار - إلى رأي غير رأيه الأول عند بداية طرحه؟ آمل ذلك.
ومما ينبغي أيضا ذكره هنا: الحوار بطريقة التعالي والغرور واستعراض العضلات، انحرافا عن القصد السديد والنية الحسنة إلى السعي نحو إظهار من (أنا) مع نسيان للهدف من الحوار
فهو لا يعدو أن يكون إرهابا فكريا، لا يأتيه إلا ضعيف الفكرة، مستنجدا به على حساب مقارعة الحجة بالحجة.
فإن كنت أُخَيّ وأُخَيّتي مريدا وصادقا في إيصال فكرتك فخاطب المحاورين حسب ثقافتهم وعلمهم، فما كل ما يعلم يقال، وخذها حكمة ونصيحة مني "أن لكل مقام مقال".
ولتعلم بأن فوق كل ذي علم عليم، وبأن العلم بحر لايدرك قعره، ولا تحصى جواهره.
وقد قيل قديما قول الحال: بأن العالم كلما زاد علمه زاد انكساره وتواضعه، لعلمه بأن ما يعلمه نقطة في بحر ما يجهله.
وتأمَّل سبب لقيا موسى -وهو من أولي العزم من الرسل- للخضر، ولتعتبر، يظهر لك هزالة مبتغاك، وحدارة مستواك، وضياع عمرك في تتبع السفاسف دون المعالي من الأمور.
وللحديث بقية...
الحمد لله ربي ومولاي وكفى
والصلاة والسلام على الخليل المصطفى
لا يخفى على أحد أهمية الحوار، بل ضرورته في أحايين كثيرة.
ولا يغيب كذلك على الاخوة الكرام ركيزة الحوار في الخطاب القرآني، والدعوة الربانية.
فقد حاور الله في كتابه الكفار وأورد شبهاتهم ورد عليها، بل حاور إبليس {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} حاوره مع ظهور عصيانه، فسبحانه عز في علاه
وأمر انبيائه بهذا السبيل، وساروا على ذاك المنهج حتى مع أشد الناس كفرا بل كان الحوار على أعلى مكرمة من الأخلاق {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، فهذا أبو الأنبياء يحاور في التوحيد النمرود، وهذا كليم الله مع فرعون، وهذا مؤمن آل فرعون مع آل فرعون، وهذا صاحب الجنة وصاحبه، وغيره من الحوارات مما هو مليء بمثله خطاب القرآن
بل إن الحوار أحد ركائز الدعوة التي لا غنى عنها {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
وهذه إشارات فقط ورؤوس أقلام، وإلا فإن أهميته معلومة من واقع حياة كلٍ منا بالضرورة
وبذلك يصير ظاهرا لكل ذي بصيرة أهمية هذا القسم في المنتدى بل ضرورة الحوار في حياتنا
وإني لجديد بين إخوتي في هذا المنتدى لكني أحببت مطارحة هذا الموضوع معكم
ولأجل استمرار هذا الصرح الثقافي الى علو بعقل المطلع والمحاور معا، ولأجل أن نمضي قدما بالفكر الى السمو؛ رأيت من واجب النصيحة أن أدون بعض ما أراه مما يؤخر ركب الحوار ظهريا، أو قل قد يعيق الميسرة الثقافية والفكرية التي ترجى من الحوار
وقد ارتأيت رسمها بالمعالم والمنارات لما للأخيرة من أهمية في تصويب المسار والسبيل الموصل للغاية المقصودة
المَعْلَم الأول: القصد والغاية
قال تبارك وتعالى من سورة يونس {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}
فالنية والقصد ركيزة يقوم عليها نجاح كل عمل او فشله، صلاح كل عمل أو فساده، فما كان لله دام ودام خيره، وما كان لغيره انقطع وانمحى أثره، فليكن قصدنا وجه الله ولتكن غايتنا من طرح أي موضوع للنقاش هو النظر في زوايا أُخر لموضوعك لترى من نفسك أولا صوابك من خطئك ولتطلع ثانيا على منظورات مختلفة عن منظورك فيتسع بذلك رصيدك الفكري، وتتبلور تفهمات للرؤى الأخرى لديك يعتلي بها سقفك المعرفي ويتسع رصيدك الاجتماعي
ومما هو لصيق بهذه المنارة أن تطرح ما أنت مؤمن به وما هو من صدق قناعتك لا أن تطرح ما يشد الانتباه أو يثير الفضول وتكون فكرتك في حقيقة نفسك بعيدة عما طرحته، فليس هذا من صنيع الصادق مع نفسه في شيء
ومما هو كذلك ينبني تماما على هذه المنارة أن تكون موطنا نفسك على الرد والنقد، فلست أكبر من النصح ولو كان لاذعا، ولست أعلى من التخطئة ولو على رؤوس الأشهاد، فما دمت دخلت في النقاش فقد وضعت ثقافتك وفكرتك على طبق وعرضته للناس يبدون رأيهم فيه، فلا تنكمشنّ نفسك عن قبول المخالف بصدر رحب؛ وقلب يبقى بعد النقاش مع إخوانه سليما، ومن علامات حسن القصد استواء المادح والذام تأثيرا في عمل العامل
فهل يمكن أن نرى يوما طارحا لموضوع قد مال - بعد نقاش وحوار - إلى رأي غير رأيه الأول عند بداية طرحه؟ آمل ذلك.
ومما ينبغي أيضا ذكره هنا: الحوار بطريقة التعالي والغرور واستعراض العضلات، انحرافا عن القصد السديد والنية الحسنة إلى السعي نحو إظهار من (أنا) مع نسيان للهدف من الحوار
فهو لا يعدو أن يكون إرهابا فكريا، لا يأتيه إلا ضعيف الفكرة، مستنجدا به على حساب مقارعة الحجة بالحجة.
فإن كنت أُخَيّ وأُخَيّتي مريدا وصادقا في إيصال فكرتك فخاطب المحاورين حسب ثقافتهم وعلمهم، فما كل ما يعلم يقال، وخذها حكمة ونصيحة مني "أن لكل مقام مقال".
ولتعلم بأن فوق كل ذي علم عليم، وبأن العلم بحر لايدرك قعره، ولا تحصى جواهره.
وقد قيل قديما قول الحال: بأن العالم كلما زاد علمه زاد انكساره وتواضعه، لعلمه بأن ما يعلمه نقطة في بحر ما يجهله.
وتأمَّل سبب لقيا موسى -وهو من أولي العزم من الرسل- للخضر، ولتعتبر، يظهر لك هزالة مبتغاك، وحدارة مستواك، وضياع عمرك في تتبع السفاسف دون المعالي من الأمور.
وللحديث بقية...
تعليق