الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
ثم أما بعد...
مازال أعداء الدين يحاولون أن يضعوا بيننا كمسلمين وبين إسلامنا حواجز نفسية ومازالوا يخوفوننا من تطبيق الشريعة وصوروا لنا هذا التطبيق أنه حكم علينا بالإعدام وصوروا لنا أن الموت أهون بكثير من أن نعيش في ظل هذه الشريعة.
فدعونا نفكر :
هل يصلح أن يكون عالماً بلا علم؟.
هل يصلح أن يكون حرفياً بلا حرفة؟.
وهل يصلح أن أكون مسلماً بلا إسلام؟.
فلماذا أنا مسلم؟
أي أنني ديني هو الإسلام ، وهذا الدين مصدره القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهل الإسلام إلا:
مجموع ما انزل الله على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم من أحكام العقيدة ، أو أحكام العبادات ، أو المعاملات ، أو الأحكام المتعلقة بالسلوك والأفعال ، والأحكام المتعلقة بتنظيم العلاقة بين الأفراد المسلمين وغيرهم ، والأحكام المتعلقة بالحكم وعلاقة الحاكم بالمحكوم ، والأحكام المتعلقة بالموارد المالية ، وغير ذلك ؟
فهل يصلح أن أقول أنا مسلم ولكن بغير دين؟
لحظة تأمل وتفكر وتدبر!!!
عندما اجلس في خلوة بيني وبين نفسي أفكر وأقو ل لنفسي :
- هل أنزل الله علينا هذه الأحكام لكي تكون مصدر تعاستنا أم سعادتنا ؟.
- هل أنزل الله علينا هذه الشريعة لتحول حياتنا إلى جحيم وظلمة وسواد؟.
- هل أنزل الله علينا هذه الشريعة لشقائنا وتقييد حريتنا؟.
وأفكر كذلك وأقول لنفسي ، هل خلقنا الله لحاجته إلينا؟!.
وإذا بالإجابات الواضحة على هذه الأسئلة أجدها بوضوح في كتاب ربي وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فاستمع إلى قول موسى عليه السلام لقومه :
(وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)) [إبراهيم/8 ]
وتأملت هذه السورة التي نحفظها من نعومة أظفارنا..
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)) [الإخلاص]
وتأملت كلام النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى : ( لو ا ن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً).
وقال تعالى كذلك كما في الحديث القدسي : (ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئا إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر).
فقلت سبحان ربي الغني الحميد.
ربكم يدكوكم للسعادة الأبدية
(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) [البقرة/221 ].
(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)) [يونس/25].
فقلت في نفسي إن كان الأمر كذلك فلماذا يخوفوننا من تطبيق الشريعة ؟!
فسارعت أقرأ في كتاب ربي لأرى بنفسي وعيني ما في شريعة ربي تعالى.
فرأيتها شريعة تحقق العدل فلا جور فيها ولا ظلم
وهذا أمر مطلوب ، كلنا يسعى إلى ذلك بعد ما رأينا من ظلم وجور هذه النظم التي قالوا عنها أنها ديمقراطية أو اشتراكية أو رأسمالية أو غيرها .
فشرع ربي يُبنى على العدل الكامل المطلق فلا يحابي قريباً لقرابته ولا يجور ولا يظلم عدواً ورأيت ذلك في قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135)) [النساء /135].
فلا خروج عن العدل من أجل القرابة .
وقال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)) [المائدة/8].
فلا يدفعك بغضك لفلان أن تنحرف عن العدل.
فما أحسن هذا الدين الذي يقيم العدل سواء لصديق أو عدو !! فاطمأننت وقلت الحمد لله فمع شريعة الله لا جور ولا ظلم ولا حيف .
رأيتها شريعة تدعوا إلى الألفة والمحبة والمودة بين أفراد المجتمع
وهذه قيم عظيمة أن أعيش في مجتمع تسوده المحبة والمودة والألفة والتعاون والتآخي بين أفراده فلا أحقاد ولا ضغائن.(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات/10].
وقال صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
وقال صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم).
وقال صلى الله عليه وسلم : (حق المسلم على المسلم خمس : عيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وتشميت العاطس ، ورد السلام ، وإجابة الدعوة).
فما أحلى وأجمل وأعظم هذه الشريعة التي تدعوا إلى الألفة والمحبة والترابط وتدعوا إلى نبذ التباغض والتحاسد والتدابر.
ولقد قال صلى الله عليه وسلم :( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانا).
وقال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)) [الحجرات/11-12]
فما أعظمها من شريعة تعلمنا كيف يستقبل المسلم أخاه المسلم ببشاشة وجه!!
فقال صلى الله عليه وسلم : ( تبسمك في وجه أخيك صدقة).
رأيتها شريعة تدعوا إلى الاعتراف بالجميل وعدم التنصل من رد الجميل والمعروف .
فهذه قيم وثوابت تميز المسلم عن غيره فتراه يعترف لصاحب الجميل بمعروفه الذي أسداه إليه وتعلمه كيف يسعى لأداء ذلك الحق لأهله غير متنصلاً منه.
فأمرنا ببر الوالدين ، وما أجمل هذا الخلق :
(وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)[ الأحقاف/15].
وبين الله لنا كيف نطبق هذا الخلق في التعامل مع الوالدين وكيف نحسن إليهما :
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24))[الإسراء/23-24].
ماذا لو أمر الوالدين ابنهما بالكفر بالله تعالى!.
أترى يقوم بقطعهما؟!
يقول ربك الحليم الرحيم : (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15)) [لقمان:14-15].
أين نجد هذا الخلق وهذا السلوك؟
والله لا نجده إلا في شريعة ربنا ، فالحمد لله.
رأيت في شريعة الإسلام . كيف قضى الله بحق للفقير في أموال الأغنياء.
فما أعدل هذه الشريعة !! فحتى لا تزداد الطبقية وحتى لا تزداد الأحقاد والضغائن جعل الله تعالى هذه المواساة بين الغني والفقير.
فحدد الله للفقراء نصيباً في أموال الأغنياء مما يكون من اكبر العوامل على أن تسود المحبة والألفة والمودة في هذا المجتمع.
كيف تكون نظرة الفقير للغني الذي يدفع زكاة ماله بطواعية؟.
لا شك أن هذا الفقير لا يحمل لأخيه الغني إلا المحبة والمودة فلا حقد ولا حسد ولا شحناء ولا بغضاء بل يتمنى له الزيادة والنماء في ماله لأنه مع زيادة مال الغني يزداد المال المدفوع للفقير – فلذلك يتمنى الخير والنماء والبركة في مال الغني .
فيالها من شريعة مزيلة للأحقاد والضغائن ليظل البنيان متماسك لا تصدع فيه ولا انهيار !!
(وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)) [المعارج:24-25].
حسبي الله ونعم الوكيل
لماذا تحاولون تضليلنا ؟ ولماذا تحاولون خداعنا؟ ولماذا تحاولون أن تظهروا إسلامنا بهذه الصورة المشوشة فتصورون لنا الإسلام وكأنه جالب للتعاسة لا للسعادة ؟ لماذا تحاولون أن نسيء الظن بخالق السموات والأرض؟.
فلا أملك إلا أن أقول حسبنا الله ونعم الوكيل كيف بكم وقد أردتم منا أن نكره ما أنزل الله كما تكرهونه أنتم ، فنحن نحب ربنا خالقنا ورازقنا ونحب دين ربنا وأنه شرع لنا هذه الشريعة لكي نسعد بها في الدنيا والآخرة.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9))[محمد/8-9].
إلى هؤلاء... نقول لهؤلاء اسمعوا ما قال الله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)) [محمد / 25-30].
ثم أما بعد...
مازال أعداء الدين يحاولون أن يضعوا بيننا كمسلمين وبين إسلامنا حواجز نفسية ومازالوا يخوفوننا من تطبيق الشريعة وصوروا لنا هذا التطبيق أنه حكم علينا بالإعدام وصوروا لنا أن الموت أهون بكثير من أن نعيش في ظل هذه الشريعة.
فدعونا نفكر :
هل يصلح أن يكون عالماً بلا علم؟.
هل يصلح أن يكون حرفياً بلا حرفة؟.
وهل يصلح أن أكون مسلماً بلا إسلام؟.
فلماذا أنا مسلم؟
أي أنني ديني هو الإسلام ، وهذا الدين مصدره القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهل الإسلام إلا:
مجموع ما انزل الله على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم من أحكام العقيدة ، أو أحكام العبادات ، أو المعاملات ، أو الأحكام المتعلقة بالسلوك والأفعال ، والأحكام المتعلقة بتنظيم العلاقة بين الأفراد المسلمين وغيرهم ، والأحكام المتعلقة بالحكم وعلاقة الحاكم بالمحكوم ، والأحكام المتعلقة بالموارد المالية ، وغير ذلك ؟
فهل يصلح أن أقول أنا مسلم ولكن بغير دين؟
لحظة تأمل وتفكر وتدبر!!!
عندما اجلس في خلوة بيني وبين نفسي أفكر وأقو ل لنفسي :
- هل أنزل الله علينا هذه الأحكام لكي تكون مصدر تعاستنا أم سعادتنا ؟.
- هل أنزل الله علينا هذه الشريعة لتحول حياتنا إلى جحيم وظلمة وسواد؟.
- هل أنزل الله علينا هذه الشريعة لشقائنا وتقييد حريتنا؟.
وأفكر كذلك وأقول لنفسي ، هل خلقنا الله لحاجته إلينا؟!.
وإذا بالإجابات الواضحة على هذه الأسئلة أجدها بوضوح في كتاب ربي وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فاستمع إلى قول موسى عليه السلام لقومه :
(وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)) [إبراهيم/8 ]
وتأملت هذه السورة التي نحفظها من نعومة أظفارنا..
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)) [الإخلاص]
وتأملت كلام النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى : ( لو ا ن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً).
وقال تعالى كذلك كما في الحديث القدسي : (ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئا إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر).
فقلت سبحان ربي الغني الحميد.
ربكم يدكوكم للسعادة الأبدية
(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) [البقرة/221 ].
(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)) [يونس/25].
فقلت في نفسي إن كان الأمر كذلك فلماذا يخوفوننا من تطبيق الشريعة ؟!
فسارعت أقرأ في كتاب ربي لأرى بنفسي وعيني ما في شريعة ربي تعالى.
فرأيتها شريعة تحقق العدل فلا جور فيها ولا ظلم
وهذا أمر مطلوب ، كلنا يسعى إلى ذلك بعد ما رأينا من ظلم وجور هذه النظم التي قالوا عنها أنها ديمقراطية أو اشتراكية أو رأسمالية أو غيرها .
فشرع ربي يُبنى على العدل الكامل المطلق فلا يحابي قريباً لقرابته ولا يجور ولا يظلم عدواً ورأيت ذلك في قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135)) [النساء /135].
فلا خروج عن العدل من أجل القرابة .
وقال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)) [المائدة/8].
فلا يدفعك بغضك لفلان أن تنحرف عن العدل.
فما أحسن هذا الدين الذي يقيم العدل سواء لصديق أو عدو !! فاطمأننت وقلت الحمد لله فمع شريعة الله لا جور ولا ظلم ولا حيف .
رأيتها شريعة تدعوا إلى الألفة والمحبة والمودة بين أفراد المجتمع
وهذه قيم عظيمة أن أعيش في مجتمع تسوده المحبة والمودة والألفة والتعاون والتآخي بين أفراده فلا أحقاد ولا ضغائن.(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات/10].
وقال صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
وقال صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم).
وقال صلى الله عليه وسلم : (حق المسلم على المسلم خمس : عيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وتشميت العاطس ، ورد السلام ، وإجابة الدعوة).
فما أحلى وأجمل وأعظم هذه الشريعة التي تدعوا إلى الألفة والمحبة والترابط وتدعوا إلى نبذ التباغض والتحاسد والتدابر.
ولقد قال صلى الله عليه وسلم :( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانا).
وقال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)) [الحجرات/11-12]
فما أعظمها من شريعة تعلمنا كيف يستقبل المسلم أخاه المسلم ببشاشة وجه!!
فقال صلى الله عليه وسلم : ( تبسمك في وجه أخيك صدقة).
رأيتها شريعة تدعوا إلى الاعتراف بالجميل وعدم التنصل من رد الجميل والمعروف .
فهذه قيم وثوابت تميز المسلم عن غيره فتراه يعترف لصاحب الجميل بمعروفه الذي أسداه إليه وتعلمه كيف يسعى لأداء ذلك الحق لأهله غير متنصلاً منه.
فأمرنا ببر الوالدين ، وما أجمل هذا الخلق :
(وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)[ الأحقاف/15].
وبين الله لنا كيف نطبق هذا الخلق في التعامل مع الوالدين وكيف نحسن إليهما :
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24))[الإسراء/23-24].
ماذا لو أمر الوالدين ابنهما بالكفر بالله تعالى!.
أترى يقوم بقطعهما؟!
يقول ربك الحليم الرحيم : (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15)) [لقمان:14-15].
أين نجد هذا الخلق وهذا السلوك؟
والله لا نجده إلا في شريعة ربنا ، فالحمد لله.
رأيت في شريعة الإسلام . كيف قضى الله بحق للفقير في أموال الأغنياء.
فما أعدل هذه الشريعة !! فحتى لا تزداد الطبقية وحتى لا تزداد الأحقاد والضغائن جعل الله تعالى هذه المواساة بين الغني والفقير.
فحدد الله للفقراء نصيباً في أموال الأغنياء مما يكون من اكبر العوامل على أن تسود المحبة والألفة والمودة في هذا المجتمع.
كيف تكون نظرة الفقير للغني الذي يدفع زكاة ماله بطواعية؟.
لا شك أن هذا الفقير لا يحمل لأخيه الغني إلا المحبة والمودة فلا حقد ولا حسد ولا شحناء ولا بغضاء بل يتمنى له الزيادة والنماء في ماله لأنه مع زيادة مال الغني يزداد المال المدفوع للفقير – فلذلك يتمنى الخير والنماء والبركة في مال الغني .
فيالها من شريعة مزيلة للأحقاد والضغائن ليظل البنيان متماسك لا تصدع فيه ولا انهيار !!
(وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)) [المعارج:24-25].
حسبي الله ونعم الوكيل
لماذا تحاولون تضليلنا ؟ ولماذا تحاولون خداعنا؟ ولماذا تحاولون أن تظهروا إسلامنا بهذه الصورة المشوشة فتصورون لنا الإسلام وكأنه جالب للتعاسة لا للسعادة ؟ لماذا تحاولون أن نسيء الظن بخالق السموات والأرض؟.
فلا أملك إلا أن أقول حسبنا الله ونعم الوكيل كيف بكم وقد أردتم منا أن نكره ما أنزل الله كما تكرهونه أنتم ، فنحن نحب ربنا خالقنا ورازقنا ونحب دين ربنا وأنه شرع لنا هذه الشريعة لكي نسعد بها في الدنيا والآخرة.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9))[محمد/8-9].
إلى هؤلاء... نقول لهؤلاء اسمعوا ما قال الله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)) [محمد / 25-30].
§ اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل ، واجعلنا للمتقين إماماً.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه فضيلة الشيخ / سعيد السواح