حين منَّ الله علينا بالهداية وشرح صدورنا للإسلام، ابتسمت الدنيا بأنوار الإيمان في قلوبنا، فابتسمت والله لها شفاتنا . . فرحاً بتوبة الله علينا، واستبشاراً بوضع أولى الأقدام بإذن الله نحو الطريق إلى الجنة!!
هذه الابتسامة وحدها . . انبعثت لا إرادياً من قلوبنا؛ لتظهرلا إرادياً على وجوهنا لتنير ملامحها بأنوار الإيمان التي تبعث رسائل مباشرة إلى صميم القلوب؛ محملة بمشاعر الطمأنينة وسكينة الإيمان؛ آخذة بأيادي الحيارى إلى الله، سالكة بهم طريق الهداية والرشاد!!
فكانت هذه الابتسامة وحدها . . مفاتيح القلوب!!
وكانت هذه الابتسامة وحدها . . رسالة الود والمحبة إلى سائر القلوب!!
ثم مرَّ زمان على هدايتنا . . نسينا معه ما كان منا من ذنوب!!
وتزاحمنا فيه على حلق العلم، بل واعتلينا المنابر وخالطنا الدعاة والشيوخ!!
فبدأ الشعور بالذات يبعث أولى رسائله المسمومة إلى بقايا رواسب مرض القلوب!!
تارة شعوراً بالاعتزاز بالطاعة!!
وأخرى إعجاباً بنيل قدر لا بأس به من العلم!!
وتاليةً بهذا الفارق الكبير بيننا وبين عوام الناس وجهلتهم!!
فخفتت أنوار الإيمان تلقائياً من الوجوه!!
وسلبت الابتسامة لا إرادياً من الشفاه!!
وتحولت أنظارنا من العوام الجهلة إلى التدقيق والتمحيص في أقوال وأفعال الخواص من المخالفين لنا على نفس الطريق!!
فحل تكشير الأنياب محل البشاشة والابتسامة!!
ودبت نيران العداوة وسوء الظن؛ لتطفأ بدخانها ماكان في القلوب من أنوار؛ وتذهب بمعاني الطمانينة والسلامة!!
فرحماك ربي . . كيف تمكن الشيطان في ولوج ساحتنا، ونحن من نزعم الاستقامة؟!
رحماك رحماك . . أين ما تعلمناه من حقوق الأخوة، وسلامة الصدر وأن المجالس بالأمانة!!
حارت يارب وجهتي!! فلا عدت أدري أين أنعم بصفاء الأخوة بين إخوتي؟!
أم كيف لي أن أواجه الأعداء بدونهم في محنتي؟!
ومن ينصر يارب دينك إذا انشغل عن الدعوة إليه بالخلاف أحبتي!!
هذه تنهيدة يارب تجأر إليك بحيرتي!!
فجدد يارب أنوار الإيمان في قلوب أحبتي . .
واصرف يارب كيد الشيطان عن طريق صفوتك وصفوتي!!
وارجع يارب إشراقة الابتسامة الأولى إلى وجوه أحبتي . .
واجعلها يارب سبباً في كسب قلوب الخلق؛ كي ينعموا بنعمة الهداية والإيمان، تماماً كما أنعمت بها على قلبي وقلوب إخوتي . .
فهذه الابتسامة وحدها . . بما فيها من بواعث الإيمان سر سعادتهم وسعادتي . .
وبها سوف ننشر يارب في الأرض نورك . . كما علمنا أخص أحبتي (صلى الله عليه وسلم) . .
فابحثوا عن أسبابها في قلوبكم من جديد أيا أحبتي . .
واجعلوا منطلقها من صفاء قلوبكم أيا أخوتي . .
كي تنشر في الأرض نوراً . . من بين ثنايا إشراقة وجوهكم أيا رفقاء دعوتي . .
بقلم : أبو مهند القمري