سيحتاج المرء إلى ذاكرة مثقوبة ووعي مسلوب حتى يتمكن منالإيمان ببرنامج التفاوض الذي يروجه بعض القوم في الساحة الفلسطينية، لكنه سيحتاج قبل ذلك إلى مصلحة ما مع الجهات التي تروجه أو مصلحة في استمرار لعبة الترويج له في الأوساط الفلسطينية والعربية، سواء كانت مصلحة مباشرة، أم مجرد نكاية مع الأطراف التي تعارضه.
نقول ذلك لأن عاقلاً لا يمكن أن يتخيل أن بوسع المفاوض الفلسطيني الحالي، ومن ورائه الوضع العربي البائس، أن ينتزع من الطرف الإسرائيلي بزعامة نتنياهو أكثر من العرض الذي تقدم به باراك في قمة كامب ديفيد صيف العام 2000، حين ألقى كلينتون بكل ثقله من أجل إنجاز تسوية تدخله التاريخ.
تذكرنا ذلك، وهو دائماً في صدارة الذاكرة، إثر القرار العسكري الإسرائيلي الذي دخل حيز التنفيذ بخصوص "المتسللين" بحسب التسمية التي تطلقها عليهم دوائر العدو وأجهزته الأمنية. فهنا ثمة حديث عن قوم لم "يتسللوا" إلى الأراضي المحتلة عام 48، ولا إلى القدس التي يصر العدو على أنها عاصمته الأبدية، رغم كونها من الأراضي المحتلة عام 67، بل "تسللوا" إلى مناطق محتلة عام 67، وغالباً ضمن مناطق (أ) بحسب تصنيفات أوسلو، أي التجمعات السكانية الأكثر ازدحاماً التي تم نقل صلاحياتها الأمنية إلى السلطة مع بدايات تطبيق أوسلو في الضفة منتصف التسعينيات، والتي تحاط غالباً، ولو من بعيد، بالحواجز العسكرية التي تجعل أولئك "المتسللين" أشبه بالمعتقلين، بحيث لا يمكن لأي أحد منهم أن يمر على أي حاجز من تلك الحواجز، ولو إلى قرية مجاورة.
في ضوء ذلك، كيف يمكن التعامل مع دعاوى الثوابت التي تتحدث عن حق العودة الذي لا يمكن التنازل عنه، فيما يعلم الجميع أنها تعني العودة إلى الأراضي المحتلة عام 48؟، نعلم بالطبع أن رفض تجسيد الحق المذكور يحظى بإجماع استثنائي في الأوساط الإسرائيلية، وهو ما أدركه النظام العربي الرسمي حين صاغ ما يعرف بالمبادرة العربية، حيث تحدث عن "حل متفق" عليه لقضية اللاجئين. وحين يكون متفقاً عليه، فهذا يعني شطب العودة دون أدنى شك.
لا يتوقف الأمر عند حدود رفض حق العودة، فالقرار الإسرائيلي المشار إليه يؤكد أن الموقف من عودة اللاجئين أو النازحين، يتجاوز عودتهم إلى الأراضي المحتلة عام 48، إلى التدخل فيمن يمكن أن يدخل منهم إلى الأراضي المحتلة عام 67 أيضاً (سلام فياض قال إن اللاجئين سيجري استيعابهم في الدولة الفلسطينية العتيدة).
وإذا قيل إن الدولة ستفعل ما تشاء لأنها ذات سيادة، فإن سائر الطروحات الإسرائيلية، بما في ذلك وثيقة جنيف وملحقها الأمني التي شارك في إعدادها عدد من قادة فتح والسلطة تؤكد أن الدولة العتيدة، سواء كانت دولة الجدار الأمني، أم أكثر قليلاً (مؤقتة أم دائمة)، لن تتحكم تماماً بأجوائها ومعابرها، بل ستدار بطريقة توافقية وستؤوي محطات إنذار إسرائيلية، فيما يصر نتنياهو على بقاء الجيش الإسرائيلي في غور الأردن.
نذكّر هنا بتلك الطروحات التي تتحدث عن توطين لاجئي لبنان في دول عربية أخرى، فضلاً عن ملف فلسطينيي 48 الذي طرحه ليبرمان، وقبله تسيبي ليفني (زعيمة كاديما) مشروعاً لضمهم إلى الدولة الفلسطينية في سياق تبادل الأراضي.
لن نتحدث هنا عما تبقى من عناصر التفجير في ملف التسوية، وعلى رأسها ملف القدس الذي يشكل عقدة العقد التي لو حلت لتجاوز قومنا قضية اللاجئين دون تردد، ولكننا نشير إلى ملف اللاجئين في ضوء قضية الطرد الأخيرة، لنؤكد أن موضوع التوطين في الخارج وما ينبني عليه من طروحات سياسية هو جزء لا يتجزأ من لعبة التسوية، ولا مجال لمن أراد مواجهته بالفعل لا بالقول له سوى رفض اللعبة برمتها وطرح شعار المقاومة حتى دحر الاحتلال دون قيد أو شرط كمقدمة للتحرير الكامل، لا سيما أن الدولة العتيدة (دولة الكانتونات بسبب الكتل الاستيطانية الكبيرة والجدار) لن تكون قادرة على استيعاب سكانها، فضلاً عن أن تستوعب آخرين من خارجها.
ـــــــــــــــــــــ
الدستور الأردنية
نقول ذلك لأن عاقلاً لا يمكن أن يتخيل أن بوسع المفاوض الفلسطيني الحالي، ومن ورائه الوضع العربي البائس، أن ينتزع من الطرف الإسرائيلي بزعامة نتنياهو أكثر من العرض الذي تقدم به باراك في قمة كامب ديفيد صيف العام 2000، حين ألقى كلينتون بكل ثقله من أجل إنجاز تسوية تدخله التاريخ.
تذكرنا ذلك، وهو دائماً في صدارة الذاكرة، إثر القرار العسكري الإسرائيلي الذي دخل حيز التنفيذ بخصوص "المتسللين" بحسب التسمية التي تطلقها عليهم دوائر العدو وأجهزته الأمنية. فهنا ثمة حديث عن قوم لم "يتسللوا" إلى الأراضي المحتلة عام 48، ولا إلى القدس التي يصر العدو على أنها عاصمته الأبدية، رغم كونها من الأراضي المحتلة عام 67، بل "تسللوا" إلى مناطق محتلة عام 67، وغالباً ضمن مناطق (أ) بحسب تصنيفات أوسلو، أي التجمعات السكانية الأكثر ازدحاماً التي تم نقل صلاحياتها الأمنية إلى السلطة مع بدايات تطبيق أوسلو في الضفة منتصف التسعينيات، والتي تحاط غالباً، ولو من بعيد، بالحواجز العسكرية التي تجعل أولئك "المتسللين" أشبه بالمعتقلين، بحيث لا يمكن لأي أحد منهم أن يمر على أي حاجز من تلك الحواجز، ولو إلى قرية مجاورة.
في ضوء ذلك، كيف يمكن التعامل مع دعاوى الثوابت التي تتحدث عن حق العودة الذي لا يمكن التنازل عنه، فيما يعلم الجميع أنها تعني العودة إلى الأراضي المحتلة عام 48؟، نعلم بالطبع أن رفض تجسيد الحق المذكور يحظى بإجماع استثنائي في الأوساط الإسرائيلية، وهو ما أدركه النظام العربي الرسمي حين صاغ ما يعرف بالمبادرة العربية، حيث تحدث عن "حل متفق" عليه لقضية اللاجئين. وحين يكون متفقاً عليه، فهذا يعني شطب العودة دون أدنى شك.
لا يتوقف الأمر عند حدود رفض حق العودة، فالقرار الإسرائيلي المشار إليه يؤكد أن الموقف من عودة اللاجئين أو النازحين، يتجاوز عودتهم إلى الأراضي المحتلة عام 48، إلى التدخل فيمن يمكن أن يدخل منهم إلى الأراضي المحتلة عام 67 أيضاً (سلام فياض قال إن اللاجئين سيجري استيعابهم في الدولة الفلسطينية العتيدة).
وإذا قيل إن الدولة ستفعل ما تشاء لأنها ذات سيادة، فإن سائر الطروحات الإسرائيلية، بما في ذلك وثيقة جنيف وملحقها الأمني التي شارك في إعدادها عدد من قادة فتح والسلطة تؤكد أن الدولة العتيدة، سواء كانت دولة الجدار الأمني، أم أكثر قليلاً (مؤقتة أم دائمة)، لن تتحكم تماماً بأجوائها ومعابرها، بل ستدار بطريقة توافقية وستؤوي محطات إنذار إسرائيلية، فيما يصر نتنياهو على بقاء الجيش الإسرائيلي في غور الأردن.
نذكّر هنا بتلك الطروحات التي تتحدث عن توطين لاجئي لبنان في دول عربية أخرى، فضلاً عن ملف فلسطينيي 48 الذي طرحه ليبرمان، وقبله تسيبي ليفني (زعيمة كاديما) مشروعاً لضمهم إلى الدولة الفلسطينية في سياق تبادل الأراضي.
لن نتحدث هنا عما تبقى من عناصر التفجير في ملف التسوية، وعلى رأسها ملف القدس الذي يشكل عقدة العقد التي لو حلت لتجاوز قومنا قضية اللاجئين دون تردد، ولكننا نشير إلى ملف اللاجئين في ضوء قضية الطرد الأخيرة، لنؤكد أن موضوع التوطين في الخارج وما ينبني عليه من طروحات سياسية هو جزء لا يتجزأ من لعبة التسوية، ولا مجال لمن أراد مواجهته بالفعل لا بالقول له سوى رفض اللعبة برمتها وطرح شعار المقاومة حتى دحر الاحتلال دون قيد أو شرط كمقدمة للتحرير الكامل، لا سيما أن الدولة العتيدة (دولة الكانتونات بسبب الكتل الاستيطانية الكبيرة والجدار) لن تكون قادرة على استيعاب سكانها، فضلاً عن أن تستوعب آخرين من خارجها.
ـــــــــــــــــــــ
الدستور الأردنية