إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكافر يعصم دمه بالأمان وبما فيه شبه أمان (رسالة إلى من يدعوا إلى التفجيرات )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكافر يعصم دمه بالأمان وبما فيه شبه أمان (رسالة إلى من يدعوا إلى التفجيرات )

    أننا لو فرضنا كفر الحاكم بغير ما أنزل الله مطلقاً واتفاق العلماء عليه ، لم يكن هذا دليلا على بطلان عهده وأمانه للكفار؛ ذلك لأن الكافر يُعصم دمه بالأمان الصريح الصحيح وبالأمان الفاسد ـ الذي هو شبهة أمان ـ وبالهدنة الصحيحة وبالهدنة الفاسدة تغليباً لحقن الدماء ، ولئلا يترتب عليه الصد عن سبيل الله ، لأن قاعدة الشريعة أن الحدود تدرأ بالشبهات .
    والقاعدة في هذا أن كل ما ظنه الكافر أماناً عصم به دمه ولم يستبح لأجل الشبهة .
    يدل عليه ما رواه سعيد في سننه عن عمر رضي الله عنه أنه قال : " لو أن أحدكم أشار بإصبعه إلى السماء إلى مشرك فنزل ـ أي ظناً أنه أراد الأمان ـ فقتله لقتلته ".
    وقال أحمد : " إذا أشير إليه ـ أي الكافر ـ بشيء غير الأمان فظنه أماناً فهو أمان "

    وقال ابن جزي في القوانين الفقهية : " ولو ظن الكافر أن المسلم أراد الأمان والمسلم لم يرده فلا يقتل " .
    وقال شيخ الإسلام : " ومعلوم أن شبهة الأمان كحقيقته في حقن الدم "

    وقال أيضاً : " هذا الكلام الذي كلموه صار به مستأمناً ، وأدنى أحواله أن تكون له شبهة أمان ، ومثل ذلك لا يجوز قتله بمجرد الكفر ، فإن الأمان يعصم دم الحربي ويصير مستأمناً بأقل من هذا كما هو معروف في مواضعه "

    وقال السرخسي : " وذلك لما بين أن أمر الأمان شديد والقليل منه يكفي"

    ومن شبه الأمان التي تعصم بها دم الكافر : أن يؤمنه كافر بين المسلمين ظنه الكافر المؤمن مسلماً ، أو علمه كافراً إلا أنه ظن أن أمانه يصح ، وعلى هذا نص الأئمة . فقد روى ابن وهب بإسناده كما في المدونة في " باب أمان المرأة والعبد والصبي " أن عمر رضي الله عنه بعث كتاباً إلى سعيد بن عامر وهو يحاصر قيسارية فقال فيه : " وإذا أمنه بعض من تستعينون به على عدوكم أهل الكفر فهو آمن حتى تردوه على مأمنه أو يقيم فيكم ، وإن نهيتم أن يؤمن أحد أحداً فجهل أحد منكم أو نسي أو لم يعلم أو عصى فأمن أحداً فليس لكم عليه سبيل من أجل أنكم نهيتموه فردوه إلى مأمنه إلا أن يقيم فيكم ، ولا تحملوا إساءتكم على الناس فإنما أنتم جند من جنود الله " .

    وقال ابن وهب في المدونة : " وقال الليث والأوزاعي في النصراني يغزو مع المسلمين قالا : لا يجوز على المسلمين أمان مشرك ويرد إلى مأمنه "
    وقال الشافعي في الأم في باب " الأمان " : " وإذا أمن من دون البالغين والمعتوه قاتلوا أم لم يقاتلوا لم نجز أمانهم ، وكذلك إن أمن ذمي قاتل أم لم يقاتل لم نجز أمانه ، وإن أمن واحد من هؤلاء فخرجوا إلينا فعلينا ردهم إلى مأمنهم ولا نعرض لهم في مال ولا نفس من قبل أنهم ليسوا يفرقون بين من في عسكرنا ممن يجوز أمانه ولا يجوز وننبذ إليهم فنقاتلهم ".
    ومن ذلك أيضاً أن يقدموا إلينا في هدنة فاسدة كأن يعقدها غير الإمام ، أو على قول هؤلاء أن يعقدها حاكم كافر ظنه الكفار مسلماً ، فإنه تعصم دماؤهم بهذه الهدنة الفاسدة للشبهة .
    قال الفتوحي رحمه الله في المعونة في كتاب الجهاد : " متى جاء الكفار في هدنة فاسدة بأن يتولى عقدها غير إمام أو نحو ذلك من فساد الهدنة معتقدين الأمان ردوا آمنين إلى مأمنهم "

    وهذه النصوص وغيرها كثير تدل على عصمة دم الكافر بأمان كافر مثله للشبهة مع كون الكافر المؤمن من عامة الناس ، فكيف إذا كان الذي أمنهم أو صالحهم هو حاكم المسلمين الذي عاهده الكفار على أنه مسلم فبان كافراً ، فلئن تعصم بعهده وأمانة دماء الكافرين ولو بالشبهة من باب أولى ؟!

    ( الوجه الرابع ) : أن الأمان والعهد إنما عقده الحاكم لمصلحة المسلمين عامة ، فرد أمانه وعهده وإبطاله يترتب عليه الضرر على المسلمين .

    ( الوجه الخامس ) : أن يقال : إننا لو أبطلنا عهد الحاكم بغير ما أنزل الله ، ولم نعصم به دماء الكافرين ، فإن هذا يستلزم إبطال كل ماباشره الحاكم أو نائبه مما يشترط في مباشرته الإسلام ، كالأنكحة ، وولاية جمع المال وتفريقه ، والقضاء ، وغير ذلك ، إذ لا فرق بين عهده للكافرين وبين سائر عهوده وعقوده ، وهذا يترتب عليه من الفساد ما يكفي تصوره في بطلانه .

    ( الوجه السادس ) : أن القول ببطلان عهد الحاكم بغير ما أنزل الله ، للكفار ، يستلزم أن يكون الكفار فقهاء محققين لمسألة الحكم بغير ما أنزل الله وأنها كفر ، ثم يعملون تحققها في هذا الحاكم بخصوص ، لئلا يقدموا على الصلح والأمان فيقدموا بعد ذلك إلى بلاد المسلمين ، ثم تستباح دماؤهم وأموالهم ! وهذا بين الفساد والبطلان .

    ( الوجه السابع ) : أن إبطال عهد وصلح الحاكم بغير ما أنزل الله للكفار واستباحة دمائهم بذلك يستلزم الصد عن سبيل الله ، والتنفير عن الإسلام ، لأنهم يظنون أنهم يعاهدون حاكماً مسلماً ، وأن دماءهم قد عصمت بالعهد ، وكل قتل لهم بعد ذلك يعدونه غدراُ وخيانة ، ولا يتصور منهم أن يقلبوا التفصيل الذي يذكره من يكفر بالحكم بغير ما أنزل الله مطلقاً .
يعمل...
X