إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

:: لحظات فاصلة في تاريخ أمة ::

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • :: لحظات فاصلة في تاريخ أمة ::

    :: لحظات فاصلة في تاريخ أمة ::




    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛


    فإن محطات التاريخ تتلاحق، وعجلة الزمان تدور، وفي خضم دوارنها المتتابع الذي لا يعرف الراحة؛ تمر بنقاط تحول.. لا توقفها؛ ولكنها تغيِّر مسارها.

    إنها لحظات فاصلة في تاريخ الأمم تتجه بها لتنقش نقشًا جديدًا على جدار الزمن، فاصلاً بخط عريض بين عصرين، مؤذنًا إما بإفاقة بعد غفوة أو غفوة بعد إفاقة، علمًا بأن لحظة الانتقال توافق سننًا كونية سنَّها رب العالمين الذي استوى على عرشه فوق الكون كله، لا تجد لسنته تحويلاً ولا تبديلاً.

    إنها لحظات فاصلة تغيِّر التاريخ، وتحرف مسار الأمم عما كانت عليه.. تمر تلك اللحظات ولا يفيق غالب الدائرين في تلكم العجلة -عجلة الزمان- إلا وقد صارت الأمة في مسارها الجديد.

    ولكن أهل الحق في كل زمان لهم شأن آخر؛ فغايتهم عظمى، يفقهون سنن الله في كونه، وكأن التاريخ بسيره العاصف ولحظات اتزانه واختلاله قد زُوي بين أعينهم، لا يفارق مخيلتهم، لا يسهون عنه، وهم أيضًا لا يغفلون عن هدفهم وما ابتعثهم إله الكون -عز وجلَّ- من أجله من إخراج الخلق من ظلمات التيه إلى نور الهدي.

    وقد بدأ مسار عجلة التاريخ في التحول، وأظلتنا سحابة اللحظات الفاصلة في تاريخ الأمة كأفضل ما يكون الإظلال؛ فإن أولَ غيثِ تلكم اللحظات الفاصلة في تاريخ الأمم هو تغير الاعتقادات التي هي الباعث على الأفعال، والموجِّه للمواقف، والضابط لموازين الأمم، وقد أصابنا من غيثها؛ فانكشفت الحقائق، وتعرَّى الباطل من ثوب الزور الذي خُدع به الكثيرون، وبدأ جدار الباطل الذي استغرق عقودًا في بنائه يتزلزل أساسُه.

    فمع أول غيث هذه اللحظات الفاصلة في تاريخ الأمة اجثـُتت شجرة تذويب عقيدة الولاء والبراء التي زرعها أهل الباطل في نفوس بعض المسلمين، فما لها من قرار، وانهدم صرح الوحدة الضرار غير مأسوف عليه إلا من أذناب صانعيه، وخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب.

    فبعد عقود من الخداع بتعانق الهلال والصليب، ومودة المسلم مع الكافر، والوحدة الوطنية، وغير ذلك من الشعارات التي انخدعت بها قطاعات عريضة؛ علا قول الله -تبارك وتعالى-: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) (القلم:35).. أفاق عوام الناس وكأنهم لم يسمعوا هذه الآية من قبل، ونفضوا عن أنفسهم أوهام الباطل، وأيُّ متابع للأحداث يرى هذه الإفاقة من الصغير قبل الكبير.

    وفي هذه اللحظات الفاصلة تمايز الحق من الباطل، وانكشف أعداء هذه الملة من المتلبسين بلبوس الإسلام وحب آل البيت، وبعد أن كان بعض الغافلين ممن انطلت عليه خدعة التقريب بين أهل السنة والشيعة -أعداء أمهات المؤمنين- يدافع عن الشيعة ويدعو للتقارب معهم؛ صار الباطل بيِّنًا لا لبس فيه، فالقنوات المفتوحة ووسائل الإعلام وتبجح حثالتهم بالطعن في آبائنا وأمهاتنا من الصحابة وأمهات المؤمنين؛ كل هذا لم يُبقِ حجة لأحد أن يدافع عن الشيعة.

    لحظات فاصلة تبين للأمة فيها أنها كانت مخدوعة، وأن أعينها قد سُحرت؛ فخيلت إليها عِصيُّ الأباطيل أنها تسعى!

    لقد خُدعت الأمة لعقود طويلة، ولبَّس أعداء الدين عليها؛ فجعلوا الحق في ناظريها باطلاً، والباطل في ناظريها حقًّا..

    جعلوها ترى الحق باطلاً؛ فحذروها من أهل الدين ممن يتبعون سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخوفوها من كل صاحب لحية وذات نقاب، وأوهموها أن هؤلاء هم من يعيقوننا عن التقدم والحضارة واللحوق بركب الأمم المتقدمة، وكما قال قائلهم ذات مرة في أحد أفلامهم المسمومة: "الناس طلعت القمر، ونحن ما زلنا نفكر هل ندخل الخلاء بالرجل اليمنى أم اليسرى!".

    لحظات فاصلة.. انكشفت فيها حقيقة هؤلاء، فما تقدمت الأمة لمَّا حورب هؤلاء الأخيار واضطُهدوا وسُجنوا وعُذبوا؛ بل ما زالت في ذيل الأمم، بل زاد هوانها فصارت ألعوبة كل كافر من الشرق أو الغرب.. وتعرَّت عورة هؤلاء الذين خدعوا الناس قائلين للناس كما قال سلفهم فرعونُ: (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر:29).

    خُدعت الأمة لعقود طويلة فرأت الباطل حقًّا؛ رأت أمريكا رمز التقدم والحضارة، ورفع شبابها أعلام أمريكا على صدورهم، أمنية أحدهم أن يذهب ليعيش ويحيا ويموت هناك، وخُدعت الأمة فرأت أن حل أزمة الأرض المقدسة في فلسطين في السلام الدائم مع قتلة الأنبياء.. ولكن الغيث أزال الضباب، ومحا تلك الغشاوة.

    لحظات فاصلة.. صار فيها الكبير والصغير يُبغض أمريكا مغتصبة ديار المسلمين وقاتلة أبنائنا ومنتهكة أعراضنا، وصار القاصي والداني يسخر من السلام الذي تُغتصب فيه الأراضي وتُهان فيه الكرامة وتُرغم فيه الأنوف، وبعد أن أمسينا والبعض يتغنى بحب أمريكا وأوروبا وإسرائيل؛ أصبحنا ولا أبغض للقلوب ممن يضع يديه في أيدي هؤلاء..

    لقد ألقى الحق عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون.

    إنها لحظات فاصلة.. أفاق فيها الناس فعلموا مَن الصاحب ومَن المحارب، مَن الولي ومَن العدو، أين الحق وأين الباطل.. إنه أول الغيث..

    فيا من ابتعثكم الله لتخرجوا العباد من الظلمات إلى النور وتنقذوا الأرض..

    اغتنموا هذه اللحظات الفاصلة التي تمر بها أمتنا؛ وجِّهوا الأمة على الطريق، وضَعُوا عجلة التاريخ على مسارها الصحيح: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) (محمد:7)، إن فعلتم ذلك فزتم في الدنيا والآخرة، واتزنت الأرض بدين الله مِن جديد على أيديكم.

    يا دعاة الحق..

    إنه دين الله -تبارك وتعالى-، وهو منصور بإذن الله رضي من رضي وسخط من سخط، فلا تتولوا، فإن توليتم (يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد:38).

    يا دعاة الحق..

    أنتم مَن كنتم تعلمون الناس دينهم، وتسعون لإيقاظهم من سباتهم، فها هم قد بدؤوا يفيقون من غفوتهم، واستيقظ المارد الذي طال نومه، فلا تتوقفوا.. لا تكسلوا.. لا تفتروا.. لا تجبنوا..

    يا دعاة الحق..

    يا من تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر امتثالاً لأمر الله -تبارك وتعالى-؛ امتثلوا لبقية الأمر واصبروا على ما أصابكم؛ (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (لقمان:17)، واعلموا أن النصر مع الصبر.

    يا دعاة الحق..

    إن الأمة تثق فيكم؛ فأنتم ورثة الأنبياء، وأنتم من كنتم تسعون في إيقاظهم، وهم الآن في حاجة إلى من يقودهم، فهل تكونون على قدر المسئولية؟

    يا دعاة الحق..

    بالله عليكم لا تؤثروا حياة هي بالموت أشبه، ولا تُرَضُّوا أنفسكم بما قدمتموه، ولا ترتضوا أن تكونوا في معزل عن الأمة، أو أن تكونوا في منزلة بين المنزلتين؛ فهذه لحظات الفرقان.

    يا دعاة الحق..

    اسعوا وابذلوا واصبروا وصابروا.. علِّموا وربُّوا وأعدُّوا.. ها هي أمارات النصر قد لاحت في الآفاق.. وليكن همكم ماذا قدمتم لا متى ترون بأعينكم وعد الله -عز وجل-؛ فإما يرينكم الله بعض الذي يعدكم أو يتوفينكم؛ فإليه ترجعون، ودينه المنصور، والعاقبة للمتقين.

    يا دعاة الحق..

    نحن نعيش لحظات فاصلة في تاريخ أمة؛ فاستعينوا بالله، وأرشدوا العباد، ووجهوا الخلق، وعلموا الناس، وقودوا الأمة، و(اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران:200).

    (منقول)

  • #2
    رد: :: لحظات فاصلة في تاريخ أمة ::


    مجهود متميز
    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


    تعليق

    يعمل...
    X