حديث اليوم فهو عن واحدةٌ من وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم-, كان -صلى الله عليه وسلم- يعتني بها, ويوصي بها من رآه من أصحابه, لقي أبا ذر فأوصاه بها, ولقي أبا هريرة فأوصاه بها, ولقي أبا الدرداء فأوصاه بها.
فحدّثَ الثلاثةُ بذلك فقال كلٌ منهم: "أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث: صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ"، قال أبو هريرة: "لَسْتُ بِتَارِكِهِنَّ, ولا أدعهن في حَضَرٍ ولا سفر", وقال أبو الدرداء: "لَا أَدَعُهُنَّ لِشَيْءٍ".
ليست هذه الثلاث بجديدة علينا, لكن المهم هل نحن ممن يعمل بها, وممن انتفع بهذه الوصية المتأكدة؟
أول هذه الثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر, وبصوم يومٍ يباعد الله الصائم عن النار مسافة سبعين سنة.
وليس بهيّنٍ على الله أن تدع طعامك وشرابك صائماً له نفلاً, والناس من حولك يطعمون ويشربون, ولذا كان الصيام جُنّةً يجتن بها الصائم من العذاب, وفي الصحيح "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به".
وثلاثة أيام من الشهر؛ إذ ثواب اليوم عن عشرة, قال أبو ذر: "مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام: 160]؛ فَالْيَوْمُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ"(أخرجه ابن ماجه).
هذه الأيام الثلاثة لا تحديد لوقتها, لِتنظُرَ الأيسرَ لك, والأرفق بك, وفي الحديث أن معاذة قالت لِعَائِشَةَ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالَتْ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَهْرٍ كَانَ يَصُومُ؟، قَالَتْ: "مَا كَانَ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ".
وإن كان وسط الشهر ثالث عشر ورابع عشر وخامس عشر فذاك أفضل, وهي الأيام البيض, فقد رغب بصومها المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.
عباد الله: وثاني الوصايا النبوية: صلاة ركعتي الضحى, في وقت انشغال الناس بدنياهم, وصفقهم في الأسواق, المؤمن قلبه معلقٌ بالصلاة, فتراه ينسلَّ من بين الجموع, إما مِن سُوقه أو من مكتبه ليركع لربه ركعات الضحى.
ولا عجب فهي صلاة الأوابين, وتجزئ عن صدقات أعضاء البدن, وفي الصحيح "يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى".
تأمل -يا رعاك الله- في بدنك مفاصلُ عديدة, تتحرك فيه بلا عناء, وأقامت بدنك بفضل ربك بلا مقابل, عظام وأعصاب, ولحوم وجلودٌ, حقُّ المنعم عليك أن تشكره عليها كل صبح أن أنعم بها, وخفّف عليك الصدقة بتسحبيات وتحميدات وتكبيرات بعدد المفاصل, ولكن سُنَّة الضحى تجزئ عن كل هذه الصدقات, فيا غنيمة من وُفِّقَ وحافظ على صلاةً لا تستغرق إلا دقائق يسيرة, لكن ثوابها عند الله عظيم.
وسنة الضحى لا حدّ لأكثرها, وتجزئ بركعتين, والأفضلُ بأربع, وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله, ومن صلى أربع ركعات في الضحى كفاه الله بقية يومه, وفي الحديث "ابنَ آدمَ! اركعْ لي أربعَ ركَعاتٍ من أولِ النهارِ أكْفِكَ آخِرَه".
ووقتها من بعد طلوع الشمس وارتفاعها, وأفضل وقتها آخره, قبيل وقت الظهر بدقائق, وفي الحديث "صلاة الأوابين حين ترمض الفصال"؛ أي: تقوم الفصلان الصغيرة من شدة حرارة الشمس.
وثالث الوصايا من نبينا -صلى الله عليه وسلم- : أن أوتر قبل أن تنام. والوتر: ركعةٌ مفردة في الليل, أو ثلاث ركعات, أو أكثر تقف فيها على وتر, وهي أفضل الصلوات النوافل, وفي الصحيح "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".
وصلاةُ الليل هي العون في الشدة, واليسر عند تعسر الأحوال, والإعداد لتحمُّل الثقيل من التكاليف, ولذا أمر الله بها نبيه فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا)[المزمل: 1-5].
ومدرسة الليل, إذ يغيب المصلي عن الأنظار, مدرسة الإخلاص, فلا يراقب المصلي إلا ربه, ولا يرجو إلا ثوابه, غاب عن الناظرين, فحرّك جوارِحَه إخلاصُ قلبِه لربه, وقد قال قتادة: "ما سهر الليل للصلاة منافق".
وحين يغطّ في النوم أقوامٌ, يثني ربنا على المؤمنين بأنهم (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)[السجدة:16]، ولما أخفوا عملهم عن الناظرين أخفى الله ثوابهم عن السامعين؛ فقال رب العالمين: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[السجدة:17]، قال ابن عباس: "الأمر في هذا أعظم وأجلّ من أن يُعرف تفسيره".
ما ظنك يا مُوفّق بصلاة يحبها خالقك!, في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أوتروا فإن الله وترٌ يحب الوتر"، فما لنا نفرط فيها؟!
ومن عجبٍ حين تعلم أن الوتر يستغرق منك دقائق يسيرة, وكثير منا يقصر فيه استثقالاً, في حين أننا قد نعكف على أجهزة الاتصال دقائق وساعات بلا ملل, والشأن كله توفيق وحرمان.
وتأمل قوله -صلى الله عليه وسلم- لهم: "وأن أوتر قبل أن أنام", برغم أن الوتر آخر الليل أفضل, لكن المرء إن خاف أن لا يقوم فليأخذ بالمتيقن, وليوتر قبل أن ينام, ولو بعد فراغه من صلاة العشاء, ليدرك الفضل, والقاعدة عند العلماء أن "حفظ أصل العبادة مقدم على تحصيل فضائلها إذا تعذر"، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله, ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخره؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل".
وبعد: فهذه واحدة من الوصايا النبوية, لصحبه الكرام, يجتمع في الثلاث الوصايا أنها أعمالٌ يسيرة يقدر عليها كل أحد, ويجتمع فيها أنها تكون غالباً أعمالٌ في الخفاء, فالصوم بينك وبين الله, والوتر في الليل حين تكون وحدك, والضحى كذلك؛ لأن أعمال الخفاء لها شأن عظيم عند الله, إذ لا يحافظ عليها ويدوم إلا أهل الإخلاص.
وصيتي لنفسي ولك أن لا يمر يوم إلا وقد حافظت عليها, وأوصيت بها أهل بيتك, وهذه هي التجارة الحقة.
اللهم وفّقنا للطاعات, واعصمنا من الزلل والسيئات.
د. منصور الصقعوب
ملتقى الخطباء
فحدّثَ الثلاثةُ بذلك فقال كلٌ منهم: "أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث: صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ"، قال أبو هريرة: "لَسْتُ بِتَارِكِهِنَّ, ولا أدعهن في حَضَرٍ ولا سفر", وقال أبو الدرداء: "لَا أَدَعُهُنَّ لِشَيْءٍ".
ليست هذه الثلاث بجديدة علينا, لكن المهم هل نحن ممن يعمل بها, وممن انتفع بهذه الوصية المتأكدة؟
أول هذه الثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر, وبصوم يومٍ يباعد الله الصائم عن النار مسافة سبعين سنة.
وليس بهيّنٍ على الله أن تدع طعامك وشرابك صائماً له نفلاً, والناس من حولك يطعمون ويشربون, ولذا كان الصيام جُنّةً يجتن بها الصائم من العذاب, وفي الصحيح "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به".
وثلاثة أيام من الشهر؛ إذ ثواب اليوم عن عشرة, قال أبو ذر: "مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام: 160]؛ فَالْيَوْمُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ"(أخرجه ابن ماجه).
هذه الأيام الثلاثة لا تحديد لوقتها, لِتنظُرَ الأيسرَ لك, والأرفق بك, وفي الحديث أن معاذة قالت لِعَائِشَةَ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالَتْ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَهْرٍ كَانَ يَصُومُ؟، قَالَتْ: "مَا كَانَ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ".
وإن كان وسط الشهر ثالث عشر ورابع عشر وخامس عشر فذاك أفضل, وهي الأيام البيض, فقد رغب بصومها المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.
عباد الله: وثاني الوصايا النبوية: صلاة ركعتي الضحى, في وقت انشغال الناس بدنياهم, وصفقهم في الأسواق, المؤمن قلبه معلقٌ بالصلاة, فتراه ينسلَّ من بين الجموع, إما مِن سُوقه أو من مكتبه ليركع لربه ركعات الضحى.
ولا عجب فهي صلاة الأوابين, وتجزئ عن صدقات أعضاء البدن, وفي الصحيح "يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى".
تأمل -يا رعاك الله- في بدنك مفاصلُ عديدة, تتحرك فيه بلا عناء, وأقامت بدنك بفضل ربك بلا مقابل, عظام وأعصاب, ولحوم وجلودٌ, حقُّ المنعم عليك أن تشكره عليها كل صبح أن أنعم بها, وخفّف عليك الصدقة بتسحبيات وتحميدات وتكبيرات بعدد المفاصل, ولكن سُنَّة الضحى تجزئ عن كل هذه الصدقات, فيا غنيمة من وُفِّقَ وحافظ على صلاةً لا تستغرق إلا دقائق يسيرة, لكن ثوابها عند الله عظيم.
وسنة الضحى لا حدّ لأكثرها, وتجزئ بركعتين, والأفضلُ بأربع, وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله, ومن صلى أربع ركعات في الضحى كفاه الله بقية يومه, وفي الحديث "ابنَ آدمَ! اركعْ لي أربعَ ركَعاتٍ من أولِ النهارِ أكْفِكَ آخِرَه".
ووقتها من بعد طلوع الشمس وارتفاعها, وأفضل وقتها آخره, قبيل وقت الظهر بدقائق, وفي الحديث "صلاة الأوابين حين ترمض الفصال"؛ أي: تقوم الفصلان الصغيرة من شدة حرارة الشمس.
وثالث الوصايا من نبينا -صلى الله عليه وسلم- : أن أوتر قبل أن تنام. والوتر: ركعةٌ مفردة في الليل, أو ثلاث ركعات, أو أكثر تقف فيها على وتر, وهي أفضل الصلوات النوافل, وفي الصحيح "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".
وصلاةُ الليل هي العون في الشدة, واليسر عند تعسر الأحوال, والإعداد لتحمُّل الثقيل من التكاليف, ولذا أمر الله بها نبيه فقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا)[المزمل: 1-5].
ومدرسة الليل, إذ يغيب المصلي عن الأنظار, مدرسة الإخلاص, فلا يراقب المصلي إلا ربه, ولا يرجو إلا ثوابه, غاب عن الناظرين, فحرّك جوارِحَه إخلاصُ قلبِه لربه, وقد قال قتادة: "ما سهر الليل للصلاة منافق".
وحين يغطّ في النوم أقوامٌ, يثني ربنا على المؤمنين بأنهم (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)[السجدة:16]، ولما أخفوا عملهم عن الناظرين أخفى الله ثوابهم عن السامعين؛ فقال رب العالمين: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[السجدة:17]، قال ابن عباس: "الأمر في هذا أعظم وأجلّ من أن يُعرف تفسيره".
ما ظنك يا مُوفّق بصلاة يحبها خالقك!, في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أوتروا فإن الله وترٌ يحب الوتر"، فما لنا نفرط فيها؟!
ومن عجبٍ حين تعلم أن الوتر يستغرق منك دقائق يسيرة, وكثير منا يقصر فيه استثقالاً, في حين أننا قد نعكف على أجهزة الاتصال دقائق وساعات بلا ملل, والشأن كله توفيق وحرمان.
وتأمل قوله -صلى الله عليه وسلم- لهم: "وأن أوتر قبل أن أنام", برغم أن الوتر آخر الليل أفضل, لكن المرء إن خاف أن لا يقوم فليأخذ بالمتيقن, وليوتر قبل أن ينام, ولو بعد فراغه من صلاة العشاء, ليدرك الفضل, والقاعدة عند العلماء أن "حفظ أصل العبادة مقدم على تحصيل فضائلها إذا تعذر"، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله, ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخره؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل".
وبعد: فهذه واحدة من الوصايا النبوية, لصحبه الكرام, يجتمع في الثلاث الوصايا أنها أعمالٌ يسيرة يقدر عليها كل أحد, ويجتمع فيها أنها تكون غالباً أعمالٌ في الخفاء, فالصوم بينك وبين الله, والوتر في الليل حين تكون وحدك, والضحى كذلك؛ لأن أعمال الخفاء لها شأن عظيم عند الله, إذ لا يحافظ عليها ويدوم إلا أهل الإخلاص.
وصيتي لنفسي ولك أن لا يمر يوم إلا وقد حافظت عليها, وأوصيت بها أهل بيتك, وهذه هي التجارة الحقة.
اللهم وفّقنا للطاعات, واعصمنا من الزلل والسيئات.
د. منصور الصقعوب
ملتقى الخطباء