كيف يتم التقابض في تحويل العملة إلى بلد آخر بعملة أخرى؟
السؤال : أنا تونسي مقيم بفرنسا ، لإرسال المال لأهلي بتونس أتعامل مع شخص تونسي مقيم بفرنسا ، أسلِّمه مبلغ من المال باليورو (في فرنسا) على أن يتولّى شريكه بتونس تسليم ما يقابل ذلك المبلغ لأهلي بتونس وذلك بعد أن نحدِّد بيننا وبالتّراضي ودون رجعة قيمة الصرف بين العملتين والتي عادة ما تكون أعلى بقليل من تلك التي تقترحها شركات التحويل المالي والحوالات البريدية ... ويقبض أهلي في تونس النقود مباشرة بعد أن أدفع أنا النقود في فرنسا أو في أجل لا يتعدّى يوما على أقصى تقدير . في هذه المعاملة منفعة للطرفين : فهي تعفيني من الرسومات التي تفرضها شركات التحويل المالي والتي تُخفِّض من قيمة المبلغ الذي يتسلمه أهلي ، وبالنسبة للطرف الآخر فهو يستغلّ المبالغ التي يجمعها منِّي ومن غيري في تسيير أعماله المعتمدة أساسا على العملة الصعبة (توريد وتصدير ، تجارة عملة...) . أخبرني شخص أثق في دينه وتقواه أنّ مثل هذه المعاملات على الشاكلة التي وصفتها حرام استنادا لأحاديث نبويّة تنصُّ على وجوب أن يتِمَّ الدفع والقبض في نفس المكان و ليس بين بلد وآخر وذكر لي أدلّة أخرى لا أذكر فحواها بالتدقيق وهي على كل حال إن وُجِدتْ وصحَّ استعمالها للبرهنة والتوضيح في مثل هذا السِّياق فشيخنا أدرى بها . نرجو من الشيخ التوضيح مع شيء من التفصيل إن أمكن . الجواب :
الحمد لله
هذه المعاملة مشتملة على أمرين : صرف ، وهو مبادلة عملة بعملة . ونقل وتحويل للمال من بلد لآخر .
أما الصرف بين العملات فيشترط فيه التقابض في مجلس العقد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ...مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
والريالات والدولارات وغيرها من العملات أجناسٌ مستقلة لها ما للذهب والفضة من الأحكام ، فلا يجوز شراء عملة بعملة إلا يدا بيد .
وهذا هو القبض الحقيقي . وذهب كثير من أهل العلم إلى أن استلام الشيك المصدق ، أو ورقة الحوالة يقوم مقام قبض النقود .
جاء في قرار مجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة ما نصه : " بعد الدراسة والبحث قرر المجلس بالإجماع ما يلي:
" أولا: يقوم استلام الشيك مقام القبض عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف .
ثانياً: يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيه " انتهى .
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/448) : "وقبض الشيك أو ورقة الحوالة حكمه حكم القبض في المجلس" انتهى .
وعليه ؛ فلو كانت العملية تتم عن طريق جهة تعطي شيكا مصدقا أو ورقة حوالة معتمدة بعملة بلدك ، فلا حرج ؛ لحصول القبض الحكمي .
وأما إن كان التعامل مع شخص لا يعطي شيكا مصدقا ولا ورقة حوالة معتمدة ، فلا تجوز هذه المعاملة لعدم التقابض في الصرف .
والمخرج في هذه المسألة عدة أمور :
أولا : أن ترسل إلى أهلك بعملة اليورو ، ويتولون هم صرفها هناك .
ثانيا : أن تدفع إليه عملة بلدك ليوصلها إلى أهلك بنفسه أو بوكيله ، مقابل عمولة ، وهذا من باب الوكالة بأجرة ، إن كان سيوصل نفس الأوراق التي أخذها منك .
ثالثا : أن تدفع إليه عملة بلدك على سبيل القرض ، فيوصل مثلها إلى أهلك عن طريق وكيله ، وهذه المعاملة تسمى عند الفقهاء بالسفتجة ، ويكون ربحه من هذه العملية استفادته من مبلغ القرض مدة بقائه عنده ، ويجوز أن يُعطى عمولة أو أجرة لأنه لا محظور في ذلك .
رابعا : يمكن تحقيق التقابض في هذه المصارفة باجتماع المتعاقدين ووكيليهما في وقت واحد ، والتخاطب عبر الهاتف ، وذلك بأن تعطي الشخص المبلغ باليورو ، في ساعة تتفق فيها مع أهلك ليكونوا عند نائب هذا الشخص ، فإذا دفعت المال إلى الصراف ، دفع نائبه إلى أهلك ما يقابله من عملتهم في نفس الوقت ؛ لأن قبض الوكيل كقبض موكّله .
قال في "كشاف القناع" (3/266) : "ولو وكل المتصارفان من يقبض لهما فتقابض الوكيلان قبل تفرق الموكلين جاز العقد , أي صح لأن قبض الوكيل كقبض موكله . وإن تفرق الموكلان قبل القبض بطل الصرف , افترق الوكيلان أو لا لتعلق القبض بالعقد . ولو تفرق الوكيلان ثم عادا بالمجلس وموكلاهما باقيان لم يتفرقا إلى التقابض صح العقد لما تقدم " انتهى مختصرا .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لا يجوز بيع الذهب بالنقود مع تأجيل الثمن
السؤال : عندي محل بيع الذهب والمجوهرات لكن أشتري الذهب بسعر الجملة من التجار الكبار بالدين يتم ذلك بوزن الذهب وتحديد قيمته بالمال تم يستبعد الذهب في التعامل بالدين ويصبح التعامل بالمال في تسديد الدين ولا يتم الرجوع إلى الذهب نهائينا في تسديد الدين هل هذا البيع حلال أو حرام . الجواب :
الحمد لله
لا يجوز بيع الذهب بالذهب أو بالفضة أو بما يقوم مقامهما من الورق النقدي إلا إذا تم التقابض في مجلس العقد .
وذلك لما رواه مسلم (1587) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ...... فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) .
والعملات الورقية تأخذ حكم الذهب والفضة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : إذا باع إنسان مصاغا من الذهب لآخر ، وليس مع المشتري بعض القيمة أو كل القيمة ، ولا بعد أيام أو شهر أو شهرين فهل هذا جائز أو لا ؟
فأجابت : "إذا كان الثمن الذي اشترى به مصاغ الذهب ذهبا أو فضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية أو مستنداتها لم يجز ، بل هو حرام ؛ لما فيه من ربا النسيئة . وإن كان الشراء بعروض كقماش أو طعام أو نحوهما جاز تأخير الثمن " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/466) .
وسئلت اللجنة أيضا :
يوجد وكيل يبيع الذهب على كل المحلات تحت الحساب بسعر معروف ، سواء بالنقد أو على الحساب ، ونشتري منه جميعا ، على أساس في كل أسبوع ندفع له دفعة حتى ينتهي ، وقد يطول الدفع إلى أكثر من شهرين ، مع العلم بأن الذهب لا يستقر سعره دوليا .
فأجابت :
"بيع الذهب بالفضة أو ما وضع موضعها من أنواع العملات لا يجوز إلا بشرط التقابض" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/471).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" لا يجوز أن تعطي الذهب من يشتريه ولا يسلم الثمن إلا بعد مدة ؛ لأن ذلك ربا " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب للعثيمين" .
وانظر جواب السؤال رقم : (22869) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
صرف الشيك من محلات الصرافة مقابل عمولة
السؤال : لقد قطعنا علاقتنا مع كل البنوك في (كندا) لأنها ربوية ، وكون الشخص يفتح حساباً في أيٍ منها فإن هذا يعني أنه يقبل جميع الشروط والتي منها التعامل بالربا. لذلك فإننا نستلم رواتبنا ومستحقاتنا عن طريق الشيكات، ولكن المشكلة أننا لا نستطيع صرف هذه الشيكات في البنوك لأنه ليس لدينا حسابات فيها. وبالرغم من هذا فإن هناك بعض المحلات التي تصرف مثل هذه الشيكات ولكنهم يستقطعون نسبة محددة في المائة كعمولة ورسوم خدمات. فما الحكم هنا؟ الجواب :
الحمد لله
صرف الشيك عن طريق محلات الصرافة مقابل أجرة أو عمولة ، يأتي على صور :
الأولى : أن يكون الشيك حالا ، فيقوم المحل بصرفه من البنك مقابل أجرة أو عمولة ، وهذا لا حرج فيه ؛ لأنه من باب الجعالة ، فالعمولة في مقابل العمل وهو رجوعه إلى البنك وتحصيل المبلغ منه . وهذه العمولة لا يستحقها المحل ولا يملكها إلا إذا صرف المال من البنك فعلا ، فلو اشترط أخذها قبل صرف المال لم يصح .
وينظر : الموسوعة الفقهية (15/ 218) .
الثانية : أن يقوم المحل بدفع قيمة الشيك لحامله منقصا منها عمولته ، ثم يقوم بعد ذلك بتحصيل الشيك من البنك ، وهذا لا يجوز ؛ لأنه صرف مال بمال مع التفاضل ، أو إقراضٌ لقيمة الشيك للعميل ، مقابل فائدة ، وكلاهما ربا .
ووجه كونه صرفا متفاضلا : أنه لو كان الشيك بألف مثلا ، فدفع المحل 900 ، فيكون قد صرف ألفا بتسعمائة ، وهذا ربا الفضل .
ووجه كونه قرضا ربويا : أن المحل إذا دفع للعميل 900 ، والشيك في هذه اللحظة لا يزال باسم العميل وملكا له ، فيكون المحل قد أقرضه 900 ، على أن يستردها ألفا عند تحصيل الشيك من البنك .
الثالثة : أن يكون الشيك مؤجلا ، فيدفع المحل قيمته للعميل ، ثم يصرف الشيك من البنك في وقته ، وهذا محرم أيضا ؛ للعلتين السابقتين .
وينظر : سؤال رقم (114733)
والحاصل أن الصورة الجائزة أن تتفق مع المحل على أن يقوم بصرف الشيك وتحصيل المال من البنك ، مقابل مبلغ معين أو نسبة ، يستحقها إذا أتم العمل وصرف المال من البنك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم تظهير الشيك والعمل في الصرافة
أريد أن أسأل عن التعامل بالشيكات ومهنة الصرافة ما الحكم في ذلك؟ ملاحظة : نفرض أن معي شيكا وملزم أن آتي بنقود للموظفين الذين يعملون عندي ولا أستطيع جلب النقود إلا من وراء صرافة الشيك . الحمد لله
أولا :
يجوز التعامل بالشيك ، ويقوم مقام قبض النقود في عملية الصرف ، كأن يعطيك ألف ريال ، وتعطيه شيكا بما يقابلها من الدولار ، بشرط أن يكون الشيك مصدقا .
ويجوز التعامل بالشيك المؤجل ، كأن تشتري سلعة بثمن مؤجل ، وتعطي البائع شيكا بذلك .
ولا يجوز بيع الشيك المؤجل بأقل مما فيه من النقود ، وصورة ذلك : أن يكون لديك شيك مؤجل ، فتحتاج إلى المال ، فتدفع الشيك للبنك أو لغيره ، ليعطيك نقودا أقل مما في الشيك ، ويأخذ الشيك ليستوفيه في وقته ، فهذا محرم لأنه من بيع النقود بالنقود مع التفاضل والتأجيل ، ففيه ربا الفضل والنسيئة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل بيع الشيكات أو الكمبيالات حلال ولو كان بالخسارة ، أي أقل من الثمن المكتوب؟
فأجابوا : "بيع الشيكات على الكيفية المذكورة لا يجوز؛ لما فيه من ربا النسأ وربا الفضل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/333) .
وذهب بعض العلماء إلى أن هذه المعاملة ليست من باب بيع نقود بنقود مع التفاضل والتأخير ، وإنما هي من باب القرض الذي اشترط المقرض فيه أن يسترده بزيادة ، وهذه العملية تسمى أيضا بخصم الأوراق التجارية .
وعلى كلا القولين هذه المعاملة محرمة وصورة من صور الربا .
قال الدكتور علي السالوس حفظه الله : " هذه صورة أخرى من صور الإقراض التي تقوم بها البنوك الربوية ، فالأوراق التجارية صكوك تتضمن التزاما بدفع مبلغ من النقود يستحق الوفاء عادة بعد وقت قصير، وتقبل التداول بطريق التظهير أو المناولة ، ويقبلها العرف التجاري أداة لتسوية الديون ... ويقصد بالخصم أو القطع : دفع البنك لقيمة الورقة قبل ميعاد استحقاقها بعد خصم مبلغ معين يمثل فائدة القيمة المذكورة عن المدة بين تاريخ الخصم وميعاد الاستحقاق ، مضافا إليها عمولة البنك ومصاريف التحصيل " إلى أن قال : " أما الفائدة التي يأخذها البنك فهي نظير الإقراض ، ولذلك تختلف تبعا لقيمة الورقة التجارية وموعد الاستحقاق ، فإن افترضنا أن الورقة التجارية قيمتها ألف جنيه ، وموعد السداد بعد شهر ، واحتاج صاحبها إلى قيمتها في الحال ، فإن البنك يعطيه مثلا تسعمائة وخمسين محتسبا فائدة قدرها خمسون جنيها ، فكأنه أقرضه تسعمائة وخمسين ، ويسترد البنك دَيْنه بعد شهر بزيادة خمسين ، وهي بلا شك زيادة ربوية محرمة " انتهى من "الاقتصاد الإسلامي" (1/199).
ثانيا :
يجوز العمل في مهنة الصرافة ، إذا ضبطت بالضوابط الشرعية ، ومنها اشتراط القبض عند تبديل العملات المختلفة ، كالجنيه بالدولار ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ .... مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (1587) .
وهذه العملات تقوم مقام الذهب والفضة ، ولها ما لها من الأحكام .
وينظر جواب السؤال رقم (72214) و (110938) و (115001) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم ما يفعله تجار الذهب من أخذ الذهب من تجار الجملة وتسديد القيمة على دفعات
السؤال: أنا أحد العاملين في التجارة بيعا وشراء في الذهب المصاغ، والذي نقوم بشرائه من التجار المستوردين بالجملة، نسدد القيمة لهم على دفعات، فهل هذه الطريقة التي أتعامل بها ويتعامل بها جميع العاملين في هذه المهنة حلال أو حرام؟ الجواب:
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكر من البيع والشراء في الذهب المصوغ؛ فالتعامل فيه على هذه الطريقة حرام، إذا كان الثمن الذي يسدد به ما اشترى من الذهب المصاغ على دفعات من النقدين الذهب أو الفضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية؛ لما في ذلك من ربا النسأ، وقد يجتمع في هذا التعامل ربا الفضل وربا النسأ إذا اتحد ما اشترى وما دفع ثمنا له، بأن كان كل منهما ذهبا مثلا، وكان متفاوتا في الوزن، وكان التسديد على دفعات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/467) .
الإسلام سؤال وجواب
دفع تأمين لتجميد سعر الصرف
السؤال : عندي شركة استيراد وتصدير ، وأحتاج أن أحول أموالاً إلى المُصَدِّر بعملة أجنبية ، ولكن تواجهني مشكلة اختلاف قيمة العملة واضطرابها مما يعرضني للخسارة ، وهناك إمكانية لتجميد سعر الصرف عندما نريد تحويل عملة أجنبية ما إلى العملة الوطنية . حيث تكون حساباتنا بالعملة الوطنية وبسبب خوفنا من نزول صرف سعر تلك العملة مقابل العملة الوطنية نقوم بدفع مقابل تجميد سعر الصرف في مستوى نريده لكي لا نتعرض للخسارة غير المحسوبة . فهل هذه العملية جائزة مع العلم أنه إذا لم نقم بها فإننا قد نتعرض لخسارة كبيرة وخاصة أننا نتعامل بعملات سريعة التغير كالدولار واليورو وغيرها... ؟ الجواب :
الحمد لله
حقيقة هذا التجميد هي بيع عملة بعملة أخرى مع عدم التقابض في مجلس البيع ، والمشتري بالخيار : له أن يمضي الصفقة بالسعر المتفق عليه ، وله أن يترك ذلك ، لكن بشرط أن يدفع للبنك ما تم الاتفاق عليه مقابل تجميد سعر الصرف ، وهذا العقد حرام ، لأنه بيع عملة بأخرى من غير تقابض في المجلس .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز شراء العملات الأجنبية ، بما يسمى : (عقد حق الخيار) حيث تتم عملية الشراء على النحو التالي : يقوم المشتري بالاتفاق مع مصرف ما ، على حق الخيار الذي منحه المصرف للمشتري (المستفيد) يدفع المستفيد رسما أو علاوة للبائع (المصرف) يسدد وقت الدخول في عقد حق الخيار لشراء العملة ، وخلال المدة المتفق عليها يمكن للمشتري أن يدفع السعر المتفق عليه ، ويشتري العملة ، بغض النظر عن السعر السائد في السوق وقت الشراء الفعلي ، كما أن المشتري ليس ملزما بأن يشتري العملة ، ويقتصر التزامه في حالة عدم رغبته في إتمام عملية الشراء على دفع العلاوة التي سددها في بداية العقد مقابل إتاحة حق الخيار له ؟
مثال : عقد حق الخيار في شراء 100.000 مارك بسعر 2.20 ريال للمارك ، مدة حق الخيار 3 أشهر ، رسم حق الخيار دفع للمصرف 5 هللات للمارك الواحد .
فأجابت : "لا يجوز بيع وشراء العملات بعضها ببعض إلا إذا تم التقابض في مجلس العقد ، وإذا كانت من جنس [واحد] فلا بد من التماثل مع التقابض ، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز ) فدل قوله عليه الصلاة والسلام : ( ولا تبيعوا منها غائبا بناجز ) على اشتراط التقابض في مجلس العقد ، وعدم صحة بيع الخيار" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13 / 456) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
عنده شركة استيراد وتصدير ومضطر للتعامل مع البنوك الربوية
السؤال : عندي شركة استيراد وتصدير ونحن بالمغرب لا يوجد لدينا بنوك أو شركات إسلامية . وجميع التعاملات التجارة الدولية تتم عبر البنوك مما يضطرنا لفتح حساب بالبنك باسم الشركة أو اسم المسؤول . هل في هذا حرج أو لا ؟ وإذا كان هذا غير جائز فما العمل ؟ وكيف نقوم بتسيير شؤوننا ؟ كذلك أنا لدي حساب في بنك تقليدي بالمغرب . هل يجوز وضع المال هناك دون أخذ الفوائد أو أخذها والتصدق بها ؟ الجواب :
الحمد لله
لا يجوز فتح حسابات في البنوك الربوية ، وإن لم يأخذ صاحب الحساب فوائد ربوية ، لما في ذلك من الإعانة لهذه البنوك على الإثم والمنكر ، والله تعالى يقول : (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 .
لكن إذا احتاج المسلم لوضع أمواله عندهم ، كأن لم يجد مأمنا في غيرها ، أو كان رجل أعمال ولا يمكنه إتمام أعماله إلا عن طريق الشيكات ، أو عن طريق التحويل البنكي ، ونحو ذلك ، فلا حرج في فتح حساب في البنك ، على أن يكون الحساب بغير فوائد ، وبهذا أفتى العلماء المعاصرون ، فقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة (13/346) : " لا يجوز إيداع النقود ونحوها في البنوك الربوية ونحوها من المصارف والمؤسسات الربوية ، سواء كان إيداعها بفوائد أو بدون فوائد ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال تعالى) : ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ، إلا إذا خيف عليها من الضياع ، بسرقة أو غصب أو نحوهما ، ولم يجد طريقا لحفظها إلا إيداعها في بنوك ربوية مثلا ، فيرخص له في إيداعها في البنوك ونحوها من المصارف الربوية بدون فوائد , محافظةً عليها ؛ لما في ذلك من ارتكاب أخف المحظورين" انتهى .
وجاء في قرارات "مجمع الفقه الإسلامي" : "يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج ؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي ، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب ، ويستغني بالحلال عن الحرام" انتهى .
فإذا لم تتمكنوا من التعاملات مع الخارج إلا عن طريق البنوك الربوية ولم تجدوا بديلاً عنها فإنه لا حرج عليكم في التعامل معها في الحسابات الجارية ، وإذا أعطوكم فوائد مع كونكم لم تتعاقدوا عليها فعليكم أن تنفقوها في مصالح المسلمين العامة كالمساجد والطرق ونحو ذلك مما يشترك فيه المسلمون، أو تعطوها للفقراء من المسلمين . فهذا هو مصرف المال الحرام ، جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/354) : " الفوائد الربوية من الأموال المحرمة ، قال تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) ، وعلى من وقع تحت يده شيء منها التخلص منها بإنفاقها فيما ينفع المسلمين ، ومن ذلك : إنشاء الطرق وبناء المدارس , وإعطاؤها الفقراء" انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إقراض البنك المال للطلاب وحديثي التخرج بفائدة
السؤال: ظاهرة جديدة طرحتها البنوك وهى إعطاء مبلغ مالي للطلاب وحديثي التخرج بضمان الجامعة أو العمل بحيث ينقسم المبلغ إلى 60% نقدي و40% مشتريات والفائدة على السحب النقدي تبدأ من أول يوم سحب والفائدة على المشتريات تبدأ من بعد 45 يوم من تاريخ السحب فأريد أن أعرف هل هذا ربا ؟ وإن كان ربا وقد تم التعامل فما الكفارة ؟ الجواب :
الحمد لله
أولا :
ما ذكرته صورة من صور القرض الربوي الذي تمارسه البنوك الربوية ، إصرارا على الباطل ، ومجاهرة بالإثم ، ونشرا للفساد في الأرض ، فإن الله تعالى توعد أهل الربا بالحرب ، وجعل عاقبته المحق ، ولهذا كثرت الجرائم ، والحوادث ، والأمراض ، والابتلاءات ، وظن بعض الغافلين أن البنوك تحسن إلى الشباب والعاطلين ، وما شعروا أن الربا من أسباب بلائهم وفقرهم وتدهور مجتمعاتهم .
وقد أجمع أهل العلم قديما وحديثا – إلا من شذ – أن كل قرض جر نفعا فهو ربا ، فالقروض ذات الفوائد ربا محرم من غير شك .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف .
قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا . وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من "المغني" (6/436).
ولا فرق بين أن يكون القرض مالا ، أو عينا ، أو شيئا اشتري بالمال ، فإن اشتراط الفائدة في ذلك كله محرم .
وجاء في قرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر سنة 1385 هـ الموافق 1965م ، والذي ضم ممثلين ومندوبين عن خمسة وثلاثين دولة إسلامية : " الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي، وما يسمى بالقرض الإنتاجي؛ لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين... الحسابات ذات الأجل، وفتح الاعتماد بفائدة، وسائر أنواع الإقراض بفائدة كلها من المعاملات الربوية وهي محرمة " انتهى .
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1985م : " أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله ، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد، هاتان الصورتان ربا محرم شرعاً " انتهى.
ثانيا :
من ابتلي بهذا القرض فالواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى توبا نصوحا ، بالندم على ما قدم ، والعزم على عدم العود إليه أبدا . وإن استطاع أن يعجل سداد القرض كان خيرا ، حتى يتخلص من الربا وآثاره ، نسأل الله العافية .
ولا يلزم المقترض أن يرد غير ما أخذ .
ولكنه ـ للأسف ـ لا يستطيع فعل ذلك ، فهو مضطر إلى دفع الفائدة الربوية ، فإن تاب من الربا ، فليدفعها مضطراً ، وليعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى ، والله تعالى يتوب على من تاب .
نسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياك من الربا وخطره وشره .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تب إلى الله ولا يلزمك التعجيل بسداد القرض الربوي
تزوجت وعشت في شقة صغيرة لمدة 4 سنوات وعندما رزقت بالولد أردنا أن نستبدل شقتنا بشقة أكبر فبعت هذه الشقة ووضعت ثمنها كمقدمة50% للشقة الجديدة في مدينة جديدة وأردت أن أقسط بقية الثمن مع المدينة ولكني فوجئت أن نظام المدينة في التقسيط مجحف ولن يراعوا أني دفعت نصف ثمن الشقة وسيأخذون الفوائد على المبلغ كله فاضطررت إلى أن آخذ قرضاً من البنك بفوائد ربوية ومن يومها وأنا محتار هل ما فعلته يمكن أن يكون في بند المضطر أم لا ؟ وهل إذا كان حراما فهل أبيع سيارتي القديمة لأسدد جزءا من هذا القرض على سبيل التكفير الجزئي لما اقترفته وأحاول أن اشترى سيارة بالقسط بعد مدة طالما أن القسط حلال كما قرأت ، أستحلفكم بالله أعينوني فأنا أعيش في بلد دار إفتاؤه تحلل أغلب المسائل الفقهية بسهولة ويسر وعندما ذهبت إليهم أحلوا لي القرض ، وأنا أعلم أنه حرام .الحمد لله
الاقتراض من البنوك أو غيرها بنظام الفائدة هو صورة من ربا الجاهلية الذي هدمه الإسلام ، وحرمه تحريما شديدا ، ورتب عليه من الوعيد ما لم يرتبه على غيره من الذنوب . وشراء المنزل لا يعد ضرورة تبيح الربا ؛ إذ الضرورة ما يترتب على فقدها الهلاك أو ما يقاربه ، والحاجة إلى السكن يمكن دفعها بالاستئجار ، أو البقاء في السكن الصغير ، إلى أن يوسع الله .
وقد كان خيراً لك أن تتحمل الظلم بزيادة ثمن الشقة ، بدلاً من أن تلجأ إلى التعامل بالربا . ولهذا فالواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم ، والعزم على عدم العود إليه أبدا .
وراجع السؤال رقم (39829)
واعلم أنك كلما تعجلت في سداد هذا القرض فهو أفضل ، حتى تتخلص من آثار الربا وشؤم عاقبته ، لكن لا يلزمك ذلك ، وعليه فلا يلزمك بيع سيارتك لتسدد جزءاً من الدين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم الصرافة والمتاجرة بالعملة
ما الحكم في الصرافة للأوراق النقدية ؟ هل الربح الناتج عن بيع عملة نقدية بعملة نقدية أخرى حسب سعر السوق جائز ؟ أيضا ما الحكم إذا قمت على سبيل المثال بتحويل ألف ريال إلى اليورو ، ثم مباشرة قمت بتحويلها إلى الدولار ، ثم مباشرة قمت بتحويلها إلى ريال ، وأصبح معي ألف وعشرة ريالات اعتمادا على السعر العالمي لصرف العملات ؟.
الحمد لله
الاتجار في العملات على الصفة التي ذكرتها جائز ؛ بشرط أن يحصل التقابض في مجلس العقد ، فيجوز بيع الريال باليورو بشرط أن يتم الاستلام والتسليم في مجلس العقد ، ويصح أيضاً تحويل اليورو إلى الدولار بعد ذلك بالشرط السابق ، وبالتالي فالربح الذي ينتج من هذا البيع هو ربح جائز ، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (1587) . وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/458) :
" يشترط لصرف العملات بعضها ببعض التقابض في مجلس العقد ، ولا يجوز استلام بعضها وتأجيل البعض الآخر ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ) " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
دفع ثمن أرض ولم تتم المعاملة فهل يستوفي ما دفعه أم قيمتها حاليّاً؟
اشترى خالي قطعة أرض من شخص اسمه حسين ، حدث هذا منذ تسع سنوات ، ثم تبين فيما بعد أن حسين قد باع قطعة أرض ملك لأبناء أخيه ، لا نعرف إن كان حقا فعل ذلك عن طريق الخطأ أم متعمداً ، المهم : أن خالي يريد أن يسترد ماله لأن حسين لم يعد بوسعه التعويض العيني ، حسين يقول له إنه مستعد أن يرد له ماله ، لكن المبلغ نفسه الذي دفعه رغم القيمة العينية تتعدى بكثير المبلغ بسبب التضخم المالي فما كان قيمته ثلاثة آلاف يساوي الآن تقريبا عشرة آلاف دينار ، والأرض في حد ذاتها تضاعفت قيمتها. فما حكم الإسلام في هذا الأمر هل يرد له المبلغ نفسه ، أم يرد له قيمة الأرض ؟الحمد لله
لا يجوز لأحدٍ من الناس أن يبيع ما لا يملك ، فإن فعل فبيعه باطل ، وما حصل من بائع الأرض من بيعه ما يملكه أبناء أخيه هو من هذا الباب ، والواجب عليه التوبة والاستغفار .
ولخالك – المشتري – في ذمة هذا البائع المبلغ الذي دفعه ، بغض النظر عن تغير العملة واختلاف قوتها الشرائية ، وبغض النظر عن ارتفاع قيمة الأرض ؛ لأن المبلغ الذي دفعه خالك صارَ ديْناً في ذمة ذلك البائع ، والواجب رد المبلغ نفسه .
وفي القرار رقم : 42 ( 4 / 5 ) بشأن تغير قيمة العملة ، قال "مجلس مجمع الفقه الإسلامي":
"العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما : هي بالمثل وليس بالقيمة ؛ لأن الديون تُقضى بأمثالها ، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة ، أيا كان مصدرها ، بمستوى الأسعار" انتهى.
مجلة " المجمع " ( عدد 5 ، ج3 ص 1609 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"يجب على المقترض أن يدفع الجنيهات التي اقترضها وقت طلب صاحبها ، ولا أثر لاختلاف القيمة الشرائية ، زادت أو نقصت" انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 14 / 146 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب