في تفضيل الطاعات على نعيم الجنات:
من علم أن الآخرة إمّا بلى الأبدان وخراب البنية أو دار مجازاة، اغتنم عبادة الله في هذه اللمحة. لأن بين قوله اليوم (الحمد لله ) وبين قوله غذا في دار السلام (الحمد لله ) ما لا يستدرك مفاوتة بمعنى. لأن حمد المنعم في دار التكليف عبادة وشكر وغذاً شكر بلا عبادة.
واللهِ لقد تحقّق العارفون أن جمال الأركان بطاعات الإيمان أكثر من جمالها باستيفاء اللذات في دار المجازاة، واحتماءها عن الحرام في هذه الدار مراقبة لطاعة الله وحذراً من سخط الله أكثر وأكبر من تناولها هناك وانبساطها في جوار الله. ولولا بقايا من الخدم في دار النعم لما وازن ذلك البقاء السرمد هذا البقاء الذي عن قليل ينفذ. لكن المعارف هناك تقوى وعوارض الشكوك تنحسم باليقين.
وقد قال الرجال قبلي كيحي بن معاذ: واللهِ إنهم اليوم في قراطق الخدمة أحسن منهم غذا في غلائل النعمة.
وأنا أقول: الخدم أوجبت لهم مدحة الحق، والنّعَم أوجبت منّة الحق، وبين المدحة والمنة بون.
قال فيهم على سبيل المدحة: (رجال صدقوا) (رجال لا تلهيهم ) (رجال يحبون أن يتطهروا) (يوفون بالنذر ويخافون يوما) (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص)..
هذا أنبل وأجل في مسامع العقلاء المميّزين من أوصافهم باستيفاء اللذات: (وفاكهة مما يتخيرون) (ولحم طير مما يشتهون) (وحور عين) (متكئين فيها على الأرائك ) (ويطوف عليهم ولدان مخلدون) (بأكواب وأباريق وكأس من معين) ..لأن هذه أوصاف نعمته عليهم وتلك أوصاف خدمتهم له. وأحسن حالتيْ العبيد حال الخدم وزيّ التبتّل لا الإستناد والتعطّل. لكن تجمّلت الجنة على الدنيا بعلم اليقين.
(كتاب الفنون لابن عقيل الحنبلي)
من علم أن الآخرة إمّا بلى الأبدان وخراب البنية أو دار مجازاة، اغتنم عبادة الله في هذه اللمحة. لأن بين قوله اليوم (الحمد لله ) وبين قوله غذا في دار السلام (الحمد لله ) ما لا يستدرك مفاوتة بمعنى. لأن حمد المنعم في دار التكليف عبادة وشكر وغذاً شكر بلا عبادة.
واللهِ لقد تحقّق العارفون أن جمال الأركان بطاعات الإيمان أكثر من جمالها باستيفاء اللذات في دار المجازاة، واحتماءها عن الحرام في هذه الدار مراقبة لطاعة الله وحذراً من سخط الله أكثر وأكبر من تناولها هناك وانبساطها في جوار الله. ولولا بقايا من الخدم في دار النعم لما وازن ذلك البقاء السرمد هذا البقاء الذي عن قليل ينفذ. لكن المعارف هناك تقوى وعوارض الشكوك تنحسم باليقين.
وقد قال الرجال قبلي كيحي بن معاذ: واللهِ إنهم اليوم في قراطق الخدمة أحسن منهم غذا في غلائل النعمة.
وأنا أقول: الخدم أوجبت لهم مدحة الحق، والنّعَم أوجبت منّة الحق، وبين المدحة والمنة بون.
قال فيهم على سبيل المدحة: (رجال صدقوا) (رجال لا تلهيهم ) (رجال يحبون أن يتطهروا) (يوفون بالنذر ويخافون يوما) (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص)..
هذا أنبل وأجل في مسامع العقلاء المميّزين من أوصافهم باستيفاء اللذات: (وفاكهة مما يتخيرون) (ولحم طير مما يشتهون) (وحور عين) (متكئين فيها على الأرائك ) (ويطوف عليهم ولدان مخلدون) (بأكواب وأباريق وكأس من معين) ..لأن هذه أوصاف نعمته عليهم وتلك أوصاف خدمتهم له. وأحسن حالتيْ العبيد حال الخدم وزيّ التبتّل لا الإستناد والتعطّل. لكن تجمّلت الجنة على الدنيا بعلم اليقين.
(كتاب الفنون لابن عقيل الحنبلي)