ترد بعض الاصطلاحات في كتب أهل السنة مثل : ( الالتزام – الامتناع – كفر الإعراض ) فما معنى هذه الاصطلاحات ؟ الجواب :
عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
الالتزام : ظاهرة الالتزام أن يلتزم بأحكام الشريعة ويأتي بما أمر الله به وينتهي عما نهى الله عنه .
والامتناع : أي يمتنع عما أمر الله به ؛ وهذا فيه تفصيل فإذا امتنع عن شيء يكون تركه كفراًَ يكون كفراً وإن امتنع عن شيء لا يصل لحد الكفر يكون معصية ، ومن كفر الامتناع امتناع إبليس عن السجود لآدم قال تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) فإبليس إباؤه كفر .
وكفر الإعراض : كما سبق معناه الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله .
ما معنى قول الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الناقض الثالث من نواقض الإسلام : ( من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحَّح مذهبهم فهو مثلهم ) ؟
الجواب :
معنى هذا أن من اعتقد أن المشركين على حق أو توقَّف في ذلك فهو كافر ؛ لأنه لم يكفر بالطاغوت ؛ لأن التوحيد لابد فيه من أمرين :
الأمر الأول : الكفر بالطاغوت .
الأمر الثاني : الإيمان بالله .
وهذا هو معنى : ((لا إله إلا الله)) وأن معناها : لا معبود بحقٍ إلا الله .
(( لا إله)) كفر بالطاغوت (( إلا الله )) إيمان بالله ، فمن لم يكفر المشركين أو اليهود أو النصارى أو الوثنيين أو توقف في كفرهم فهو كافر بالله ، لابد أن يجزم ويعتقد كفرهم فمن قال : (( إن اليهود والنصارى على دين سماوي وكذلك المسلمون على دين سماوي وكلهم على حق )) فهذا كافر ؛ لأنه لم يكفِّر المشركين فلابد أن يعتقد أن اليهود والنصارى كلهم على باطل وأنهم كفار فإن شك أو توقَّف كان هذا الشك أو التوقف منه ناقضاً من نواقض الإسلام ويكون كافراً بالله ؛ وكذلك لو صحَّح مذهبهم وقال : النصارى على حق واليهود على حق ومن أحب أن يتدين باليهودية أو النصرانية أو بالإسلام فله ذلك فهذا كافر لأنه صحَّح مذهبهم .
من قال : ( إن اليهود والنصارى بلغتهم دعوة الإسلام مشوَّهة فما نكفرهم ) فما حكم هذا القول ؟
الجواب :
ليس ذلك بصحيح ؛ بل بلغتهم الدعوة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبلَّغهم النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه والصحابة بلغوهم بأنفسهم والدعاة بلغوهم بأنفسهم والأئمة ؛ فشيخ الإسلام بلغهم بنفسه ، فالقول بأنه لم تبلغهم الدعوة باطل .
من قال : ( إخواننا النصارى ) !!! فما حكم هذا القول ؟
الجواب :
إذا كان يعتقد أن دينهم صحيح وأن مذهبهم صحيح وأنهم على حق وأنه يوافقهم في دينهم فهذا كفر وردة ، وأما لو قال : ( إخواننا النصارى ) غلطة أو سبقة لسان أو خطأ أو له شبهة فقد لا يكفر ؛ فهذا فيه تفصيل .
ما حكم من يقول : ( إن الشخص إذا لم يكفر النصارى لعدم بلوغ آية سورة المائدة : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ...) فإنه لا يكفر حتى يعلم بالآية ) ؟
الجواب :
هذا فيه تفصيل ؛ إذا كان هذا الشخص لا يعلم أن النصارى على باطل فهذا لابد أن تقام عليه الحجة ؛ أما إذا كان يعلم أنهم على باطل وأن الله كفَّرهم ولا تخفى عليه النصوص فهو كافر ؛ لأنه لم يكفِّر المشركين .
ما الدليل على مشروعية شروط شهادة : أن لا إله إلا الله ، من العلم والانقياد والصدق والإخلاص والمحبة والقبول واليقين ، وما الحكم فيمن يقول ( تكفي شهادة أن لا إله إلا الله بمجرد قولها دون هذه الشروط ) ؟
الجواب :
سبق بيان أن كلمة التوحيد لابد لها من شروط وأن هذه الشروط دلَّت عليها النصوص ؛ قال صلى الله عليه وسلم : ((من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة)) وفي بعض الروايات : ((صدقاً من قلبه)) وفي بعضها : ((وكفر بما يعبد من دون الله)) والانقياد لابد منه ؛ لأنه لابد من العمل لأن هذه الشروط تقتضي الانقياد وكذلك القبول ، فهذه الشروط التي دلَّت عليها النصوص من الإخلاص وعدم الشك والريب والصدق واليقين ؛ هذه تستلزم القبول والمحبة ، فدلَّت هذه النصوص على أن هذه الشروط لابد منها فمن قال : لا إله إلا الله بلسانه ولم يلتزم بشروطها من الإخلاص والصدق والمحبة والانقياد فهو مشرك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ((من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرُم ماله ودمه وحسابه على الله)) وهذا لم يكفر بما يعبد من دون الله ومعنى ذلك أنه لم يأت بهذه الشروط فانتقضت هذه الكلمة حيث قالها بلسانه ونقضها بفعله ؛ لأن ( لا إله إلا الله ) معناها : لا معبود بحقٍّ إلا الله ، فإذا عبد غير الله نقض هذه الكلمة ؛ وكذلك إذا قال : ( لا إله إلا الله ) عن كذب ولم يقلها عن صدق فهذا منافق ؛ كفَّره الله تعالى بقوله ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) وقال تعالى : ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) فتبين بهذا أن هذه الشروط دلَّت عليها النصوص وأنه إذا انتفت هذه الشروط فلابد أن يقع في الشرك ؛ والمشرك كافر بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وقال : ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) وقال : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ) وقال : ( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)وقال : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) وقال : ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) فإذا لم يلتزم بهذه الشروط وقع في الشرك وإن قالها ولم ينقد لحقوقها صار مشركاً أيضاً ؛ لأنه صار معرضاً عن دين الله ، فتبين بهذا أن هذه الشروط دلَّت عليها النصوص وأن هذه الكلمة لابد فيها من هذه الشروط وإلا فلا فائدة منها .
نرجو تفسير قوله تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ ...) الآية تفسيراً مفصَّلاً مع بيان حكم الإكراه في هذه الآية ؟
الجواب :
هذه الآية بيَّن الله تعالى فيها أنَّ من كفر بالله من بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم لأنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة ويشمل ذلك :
- من كفر بالله جاداً وقاصداً .
- ويشمل من كفر بالله هازلاً ولاعباً وساخراً .
- ويشمل من كفر بالله خائفاً .
- ويشمل من كفر بالله مكرهاً واطمئن قلبه بالكفر .
لأن الله تعالى لم يستثنِ من الكفر إلا من فعل الكفر مكرهاً واطمئن قلبه بالإيمان ؛ وبيَّن الله أن ماعدا هذا الصنف من الناس فإنه يكون كافراً لأنه مستحبٌ للحياة الدنيا على الآخرة ؛ فمن كفر بالله قاصداً فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة ؛ ومن كفر هازلاً فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة ؛ ومن كفر خائفاً فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة ؛ ومن كفر مُكرهاً واطمئن قلبه بالكفر فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة ؛ قال تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) فلا يهديهم الله لكفرهم وضلالهم نسأل الله العافية .
هناك من يفرِّق بين الإكراه بالقول والإكراه بالفعل ويقول الآية جاءت في الإكراه في القول فقط وأما الفعل فلا إكراه فيه ؟
الجواب :
الصواب أنه لا فرق بينهما مادام أن الإكراه مُلجئٌ لا اختيار له فيه ؛ كأن يضع ظالم السيف على رقبته ويقول : اسجد للصنم وإلا قتلناك ، لكن المُكره بالفعل ينبغي له أن ينوي بعمله التقرُّب لله ؛ فمثلاً : إذا أُكره للسجود للصنم فإنه ينوي السجود لله ؛ لأنهم لا يملكون قلبه وتكون الصورة صورة السجود للصنم وقلبه مطمئنٌ بالإيمان فلا يضره ذلك .
لفضيلة الشيخ
الأستاذ المشارك بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
الالتزام : ظاهرة الالتزام أن يلتزم بأحكام الشريعة ويأتي بما أمر الله به وينتهي عما نهى الله عنه .
والامتناع : أي يمتنع عما أمر الله به ؛ وهذا فيه تفصيل فإذا امتنع عن شيء يكون تركه كفراًَ يكون كفراً وإن امتنع عن شيء لا يصل لحد الكفر يكون معصية ، ومن كفر الامتناع امتناع إبليس عن السجود لآدم قال تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) فإبليس إباؤه كفر .
وكفر الإعراض : كما سبق معناه الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله .
ما معنى قول الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الناقض الثالث من نواقض الإسلام : ( من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحَّح مذهبهم فهو مثلهم ) ؟
الجواب :
معنى هذا أن من اعتقد أن المشركين على حق أو توقَّف في ذلك فهو كافر ؛ لأنه لم يكفر بالطاغوت ؛ لأن التوحيد لابد فيه من أمرين :
الأمر الأول : الكفر بالطاغوت .
الأمر الثاني : الإيمان بالله .
وهذا هو معنى : ((لا إله إلا الله)) وأن معناها : لا معبود بحقٍ إلا الله .
(( لا إله)) كفر بالطاغوت (( إلا الله )) إيمان بالله ، فمن لم يكفر المشركين أو اليهود أو النصارى أو الوثنيين أو توقف في كفرهم فهو كافر بالله ، لابد أن يجزم ويعتقد كفرهم فمن قال : (( إن اليهود والنصارى على دين سماوي وكذلك المسلمون على دين سماوي وكلهم على حق )) فهذا كافر ؛ لأنه لم يكفِّر المشركين فلابد أن يعتقد أن اليهود والنصارى كلهم على باطل وأنهم كفار فإن شك أو توقَّف كان هذا الشك أو التوقف منه ناقضاً من نواقض الإسلام ويكون كافراً بالله ؛ وكذلك لو صحَّح مذهبهم وقال : النصارى على حق واليهود على حق ومن أحب أن يتدين باليهودية أو النصرانية أو بالإسلام فله ذلك فهذا كافر لأنه صحَّح مذهبهم .
من قال : ( إن اليهود والنصارى بلغتهم دعوة الإسلام مشوَّهة فما نكفرهم ) فما حكم هذا القول ؟
الجواب :
ليس ذلك بصحيح ؛ بل بلغتهم الدعوة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبلَّغهم النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه والصحابة بلغوهم بأنفسهم والدعاة بلغوهم بأنفسهم والأئمة ؛ فشيخ الإسلام بلغهم بنفسه ، فالقول بأنه لم تبلغهم الدعوة باطل .
من قال : ( إخواننا النصارى ) !!! فما حكم هذا القول ؟
الجواب :
إذا كان يعتقد أن دينهم صحيح وأن مذهبهم صحيح وأنهم على حق وأنه يوافقهم في دينهم فهذا كفر وردة ، وأما لو قال : ( إخواننا النصارى ) غلطة أو سبقة لسان أو خطأ أو له شبهة فقد لا يكفر ؛ فهذا فيه تفصيل .
ما حكم من يقول : ( إن الشخص إذا لم يكفر النصارى لعدم بلوغ آية سورة المائدة : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ...) فإنه لا يكفر حتى يعلم بالآية ) ؟
الجواب :
هذا فيه تفصيل ؛ إذا كان هذا الشخص لا يعلم أن النصارى على باطل فهذا لابد أن تقام عليه الحجة ؛ أما إذا كان يعلم أنهم على باطل وأن الله كفَّرهم ولا تخفى عليه النصوص فهو كافر ؛ لأنه لم يكفِّر المشركين .
ما الدليل على مشروعية شروط شهادة : أن لا إله إلا الله ، من العلم والانقياد والصدق والإخلاص والمحبة والقبول واليقين ، وما الحكم فيمن يقول ( تكفي شهادة أن لا إله إلا الله بمجرد قولها دون هذه الشروط ) ؟
الجواب :
سبق بيان أن كلمة التوحيد لابد لها من شروط وأن هذه الشروط دلَّت عليها النصوص ؛ قال صلى الله عليه وسلم : ((من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة)) وفي بعض الروايات : ((صدقاً من قلبه)) وفي بعضها : ((وكفر بما يعبد من دون الله)) والانقياد لابد منه ؛ لأنه لابد من العمل لأن هذه الشروط تقتضي الانقياد وكذلك القبول ، فهذه الشروط التي دلَّت عليها النصوص من الإخلاص وعدم الشك والريب والصدق واليقين ؛ هذه تستلزم القبول والمحبة ، فدلَّت هذه النصوص على أن هذه الشروط لابد منها فمن قال : لا إله إلا الله بلسانه ولم يلتزم بشروطها من الإخلاص والصدق والمحبة والانقياد فهو مشرك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ((من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرُم ماله ودمه وحسابه على الله)) وهذا لم يكفر بما يعبد من دون الله ومعنى ذلك أنه لم يأت بهذه الشروط فانتقضت هذه الكلمة حيث قالها بلسانه ونقضها بفعله ؛ لأن ( لا إله إلا الله ) معناها : لا معبود بحقٍّ إلا الله ، فإذا عبد غير الله نقض هذه الكلمة ؛ وكذلك إذا قال : ( لا إله إلا الله ) عن كذب ولم يقلها عن صدق فهذا منافق ؛ كفَّره الله تعالى بقوله ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) وقال تعالى : ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) فتبين بهذا أن هذه الشروط دلَّت عليها النصوص وأنه إذا انتفت هذه الشروط فلابد أن يقع في الشرك ؛ والمشرك كافر بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وقال : ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) وقال : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ) وقال : ( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)وقال : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) وقال : ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) فإذا لم يلتزم بهذه الشروط وقع في الشرك وإن قالها ولم ينقد لحقوقها صار مشركاً أيضاً ؛ لأنه صار معرضاً عن دين الله ، فتبين بهذا أن هذه الشروط دلَّت عليها النصوص وأن هذه الكلمة لابد فيها من هذه الشروط وإلا فلا فائدة منها .
نرجو تفسير قوله تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ ...) الآية تفسيراً مفصَّلاً مع بيان حكم الإكراه في هذه الآية ؟
الجواب :
هذه الآية بيَّن الله تعالى فيها أنَّ من كفر بالله من بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم لأنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة ويشمل ذلك :
- من كفر بالله جاداً وقاصداً .
- ويشمل من كفر بالله هازلاً ولاعباً وساخراً .
- ويشمل من كفر بالله خائفاً .
- ويشمل من كفر بالله مكرهاً واطمئن قلبه بالكفر .
لأن الله تعالى لم يستثنِ من الكفر إلا من فعل الكفر مكرهاً واطمئن قلبه بالإيمان ؛ وبيَّن الله أن ماعدا هذا الصنف من الناس فإنه يكون كافراً لأنه مستحبٌ للحياة الدنيا على الآخرة ؛ فمن كفر بالله قاصداً فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة ؛ ومن كفر هازلاً فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة ؛ ومن كفر خائفاً فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة ؛ ومن كفر مُكرهاً واطمئن قلبه بالكفر فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة ؛ قال تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) فلا يهديهم الله لكفرهم وضلالهم نسأل الله العافية .
هناك من يفرِّق بين الإكراه بالقول والإكراه بالفعل ويقول الآية جاءت في الإكراه في القول فقط وأما الفعل فلا إكراه فيه ؟
الجواب :
الصواب أنه لا فرق بينهما مادام أن الإكراه مُلجئٌ لا اختيار له فيه ؛ كأن يضع ظالم السيف على رقبته ويقول : اسجد للصنم وإلا قتلناك ، لكن المُكره بالفعل ينبغي له أن ينوي بعمله التقرُّب لله ؛ فمثلاً : إذا أُكره للسجود للصنم فإنه ينوي السجود لله ؛ لأنهم لا يملكون قلبه وتكون الصورة صورة السجود للصنم وقلبه مطمئنٌ بالإيمان فلا يضره ذلك .