( هل هناك خلق قبل سيدنا أدم عليه السلام )
سؤال طرح لفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله , والسؤال هو:
يقول الله تعالى" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء .."البقرة30 .. من المعني بقول الملائكة بمن يعلمونه عن جنس من الخلق أفسد في الأرض وسفك الدماء؟ هل عن بشر سكنوا الأرض قبل آدم؟ وإن كان ذلك .. فهل في خلق آدم بعد أقوام مثله من البشر سبقوه ما يستحق أن يعلنه الله سبحانه لملائكته في معرض التبجيل والإشادة؟ وأيميزة تدعوا للحفاوة بهذا المخلوق(آدم) والتمهيد له قبل ظهوره إن كان سيخلف بشرا لهمنفس خصائصه؟ وإن كان المقصود بمن سبق آدم جناً ..فلا دماء لها تسفك كالإنسان..وإن كان ملائكة.. فهي ذوات نورانية لاتعرف الفساد ولا سفك الدماء.. وهل يجوز لنا بعد ذلك أن نوفق بين هذا وما جاء في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا عليه" ماالسموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم" .. أو ماورد في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه "... إن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع ..". بأن هناك سبع أرضين،يسكن بنوا آدم واحدة منها الآن وأن آدم عليه السلام أبو البشر هو أول من سكنها ، وست اخر في كون الله الواسع يسكنها جنس آخر مغاير للجن والملائكة خلق قبل آدم من لحم ودم وله طبائع شريرة أفسدت وسفكت الدماء، وأن هذا الجنس لم يحظ في تقويمه بما حظي به آدم من تفرده بخلق الله سبحانه له بيده والنفخ فيه من روحه، والتي تبوأ بها آدم مكانة الخلافة عنه سبحانه دون خلق الله أجمعين في هذا الكون. هل يستقيم هذا المعنى مع صحيح العقيدة أم يتعارض مع نصوص أخرى؟ وهل لنا كمسلمين أن نجعل ذلك تفسيرا نستند إليه شرعا لما يذكر كفرضية علمية عن وجود كائنات ذكية في أماكن أخرى من هذا الكون الشاسع ..وأن هؤلاء هم المقصودون في قول الملائكة عن من أفسد وسفك الدماء قبل خلق آدم عليه السلام؟
الاجابة :
الوجه الأول: أن الملائكة قالت ذلك بعد إعلام الله تعالى لهم بطبيعة ذرية آدم عليه السلام، وأنهم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء،، فعن ابن عباس وابن مسعود أنالله تعالى قال للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا ربنا وما يكون ذلك الخليفة؟ قال: يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضاً.
وقال قتادة: كان الله أعلمهم أنه إذا كان في الأرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا الدماء، فلذلك قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها.
الوجه الثاني : ما نقله القرطبي رحمه الله وغيره أن الملائكة قد رأت وعلمت ما كان من إفساد الجنوسفكهم الدماء، وذلك لأن الأرض كان فيها الجن قبل خلق آدم فأفسدوا وسفكوا الدماء.
فبعث الله إليهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال، ثم خلقالله آدم فأسكنه إياها. وهذا مروي وما ذكره السائلمن أن الجن ليس لها دماء تسفك ليس صحيحاً فإن الجن تأكل وتشرب وتنكح وفيها الرطوبةوالبرودة، كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد في المسند: قال صلى الله عليه وسلم: " مر علي الشيطان فأخذته فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه في يدي فقال: أوجعتني أوجعتني ". وكون الجن خلقت من نار لا يمنع ذلك، فإن الإنسان خلق من تراب وفيه اللحم والدم والرطوبة وغيرها.
فهذه أشهر الأوجه التي ذكر المفسرون في هذه الآيةالكريمة.
عن ابن عباس وأبي العالية : وليعلم أن قول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله، وإنما هوكما قال ابن كثير رحمه الله: سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك، يقولون: ياربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء، فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك، أي: نصلي لك، ولا يصدر منا شيء من ذلك،وهلا وقع الاقتصار علينا؟
قال الله تعالى مجيباً لهم عن هذا السؤال: (إني أعلم ما لا تعلمون ) أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم، فإني سأجعل فيهم الأنبياء وأرسل فيهم الرسل، ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والخاشعون له والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم. انتهى كلام ابن كثير.
ثانياً: كون الأرضين سبعاً ثابت بالقرآن والسنة، قال الله تعالى: ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) [الطلاق:12].
والأحاديث في بيان ذلك مشهورة.
وأما كون هذه الأاضين الست يسكنها الجن أو توجد فيها كائنات حية فهذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولاينبغي للمسلم أن يشتغل بالبحث عن ذلك، وحسبه أن يعلم أن في الكون من الملائكة والجنوالدواب ما لا يحصيه إلا الله، كما قال الله تعالى: ( ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ) [الشورى:29].
وربما ظهر الجن لبعض الناس، كما أنه قد يرى الملك على صورة نور أو نحوه، كما رأى أسيد بنحضير مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت في الجو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر عنهم " رواه مسلم
وكثير من المشتغلين بالعلوم الكونية الحديثة ربما فسر حدوث مثل هذا بأنه أطباق طائرة أو غزو من الفضاء الخارجي، لعدم إيمان كثيرمنهم بالملائكة وعدم معرفتهم بوظائفهم وأعمالهم.
والله أعلم . (نهاية الفتوى) .
( عالِمُ الغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الكَبِيرُ المُتَعالُ)
( قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ اَنْتَ عَلامُ الغُيُوبِ )
سؤال طرح لفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله , والسؤال هو:
يقول الله تعالى" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء .."البقرة30 .. من المعني بقول الملائكة بمن يعلمونه عن جنس من الخلق أفسد في الأرض وسفك الدماء؟ هل عن بشر سكنوا الأرض قبل آدم؟ وإن كان ذلك .. فهل في خلق آدم بعد أقوام مثله من البشر سبقوه ما يستحق أن يعلنه الله سبحانه لملائكته في معرض التبجيل والإشادة؟ وأيميزة تدعوا للحفاوة بهذا المخلوق(آدم) والتمهيد له قبل ظهوره إن كان سيخلف بشرا لهمنفس خصائصه؟ وإن كان المقصود بمن سبق آدم جناً ..فلا دماء لها تسفك كالإنسان..وإن كان ملائكة.. فهي ذوات نورانية لاتعرف الفساد ولا سفك الدماء.. وهل يجوز لنا بعد ذلك أن نوفق بين هذا وما جاء في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا عليه" ماالسموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم" .. أو ماورد في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه "... إن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع ..". بأن هناك سبع أرضين،يسكن بنوا آدم واحدة منها الآن وأن آدم عليه السلام أبو البشر هو أول من سكنها ، وست اخر في كون الله الواسع يسكنها جنس آخر مغاير للجن والملائكة خلق قبل آدم من لحم ودم وله طبائع شريرة أفسدت وسفكت الدماء، وأن هذا الجنس لم يحظ في تقويمه بما حظي به آدم من تفرده بخلق الله سبحانه له بيده والنفخ فيه من روحه، والتي تبوأ بها آدم مكانة الخلافة عنه سبحانه دون خلق الله أجمعين في هذا الكون. هل يستقيم هذا المعنى مع صحيح العقيدة أم يتعارض مع نصوص أخرى؟ وهل لنا كمسلمين أن نجعل ذلك تفسيرا نستند إليه شرعا لما يذكر كفرضية علمية عن وجود كائنات ذكية في أماكن أخرى من هذا الكون الشاسع ..وأن هؤلاء هم المقصودون في قول الملائكة عن من أفسد وسفك الدماء قبل خلق آدم عليه السلام؟
الاجابة :
الوجه الأول: أن الملائكة قالت ذلك بعد إعلام الله تعالى لهم بطبيعة ذرية آدم عليه السلام، وأنهم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء،، فعن ابن عباس وابن مسعود أنالله تعالى قال للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا ربنا وما يكون ذلك الخليفة؟ قال: يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضاً.
وقال قتادة: كان الله أعلمهم أنه إذا كان في الأرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا الدماء، فلذلك قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها.
الوجه الثاني : ما نقله القرطبي رحمه الله وغيره أن الملائكة قد رأت وعلمت ما كان من إفساد الجنوسفكهم الدماء، وذلك لأن الأرض كان فيها الجن قبل خلق آدم فأفسدوا وسفكوا الدماء.
فبعث الله إليهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال، ثم خلقالله آدم فأسكنه إياها. وهذا مروي وما ذكره السائلمن أن الجن ليس لها دماء تسفك ليس صحيحاً فإن الجن تأكل وتشرب وتنكح وفيها الرطوبةوالبرودة، كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد في المسند: قال صلى الله عليه وسلم: " مر علي الشيطان فأخذته فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه في يدي فقال: أوجعتني أوجعتني ". وكون الجن خلقت من نار لا يمنع ذلك، فإن الإنسان خلق من تراب وفيه اللحم والدم والرطوبة وغيرها.
فهذه أشهر الأوجه التي ذكر المفسرون في هذه الآيةالكريمة.
عن ابن عباس وأبي العالية : وليعلم أن قول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله، وإنما هوكما قال ابن كثير رحمه الله: سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك، يقولون: ياربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء، فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك، أي: نصلي لك، ولا يصدر منا شيء من ذلك،وهلا وقع الاقتصار علينا؟
قال الله تعالى مجيباً لهم عن هذا السؤال: (إني أعلم ما لا تعلمون ) أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم، فإني سأجعل فيهم الأنبياء وأرسل فيهم الرسل، ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والخاشعون له والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم. انتهى كلام ابن كثير.
ثانياً: كون الأرضين سبعاً ثابت بالقرآن والسنة، قال الله تعالى: ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) [الطلاق:12].
والأحاديث في بيان ذلك مشهورة.
وأما كون هذه الأاضين الست يسكنها الجن أو توجد فيها كائنات حية فهذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولاينبغي للمسلم أن يشتغل بالبحث عن ذلك، وحسبه أن يعلم أن في الكون من الملائكة والجنوالدواب ما لا يحصيه إلا الله، كما قال الله تعالى: ( ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ) [الشورى:29].
وربما ظهر الجن لبعض الناس، كما أنه قد يرى الملك على صورة نور أو نحوه، كما رأى أسيد بنحضير مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت في الجو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر عنهم " رواه مسلم
وكثير من المشتغلين بالعلوم الكونية الحديثة ربما فسر حدوث مثل هذا بأنه أطباق طائرة أو غزو من الفضاء الخارجي، لعدم إيمان كثيرمنهم بالملائكة وعدم معرفتهم بوظائفهم وأعمالهم.
والله أعلم . (نهاية الفتوى) .
( عالِمُ الغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الكَبِيرُ المُتَعالُ)
( قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ اَنْتَ عَلامُ الغُيُوبِ )