بسم الله الرحمن الرحيم
يقول راوى القصه
ماذا ينفع العلم إذا كان بلا عمل ! وماذا يُجْدي حسن العمل إذا كان بلا إخلاص ؟
بالله دعونا من كل شيئ الآن ! واصرفوا عنا مشاغل تلك الأزمان !
فمنذ قليل : اتصل بي بعض أصحابنا هاتفيا : وأخبرني أن هناك امرأة - هي أم صديق له مسافر - قد وافتْها المنيًّة صبيحة هذا اليوم ! وليس هناك أحد من محارمها أصلا ! اللهم إلا ابنتها وحدها ! وهي لا تدري ماذا تفعل !
فسرعان : ما ذهبتُ إليه ، وأتينا بغاسلة من الفاضلات ، وحملنا المغسلة من المسجد إلى بيت المتوفاة ، وشرع صاحبنا بالقيام بمهام التصريح بالدفن ، وإحضار العربة التي سوف تنقلها وإيانا .
ولما انتهت الغاسلة من التغسيل : شرعنا في حملها إلى أقرب مسجد ، ثم صلينا عليها .
وذهبنا إلى مقابر النخَّال خلف مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة .
وهناك : لم نجد أحدا من محارم تلك المرأة ؛ كي يقوم بإنزالها ، وتسوية مدفنها !
أتصدقون ذلك ؟ لم يكن معنا غير ابنتها الوحيدة ، وبعض جيران المرأة من النساء !
وهنا : اضطررتُ لحمل المرأة ، والنزول بها إلى أسفل قبرها ! حيث شاهدتْ عيني تلك الأجساد الراقدة ، وأبصر ناظري بقايا هاتيك الأجسام الهامدة ! ولم يكن تلك أول مرة أنزل فيها قبرا !
فوالله ما أدري ما أصابني ؟ فلقد صَغُرتْ الدنيا في عيني حتى كدتُ لا أرى إلا نفسي ووَهِيجَ القبور ! وصُكَّ مسْمَعي حتى ما أستطيع أسمع سوى زفرات جهنم وحسيسها !
فيا ويلي وويل أمي من عذاب يومئذٍ ! ويا سوء حالي ، وقبيح فعالي من خالقي ومولاي .
هذا يُناديني بـ : ( الفاضل ) ! وليس الفضل مني ولا أنا منه في شيئ !
وآخر يقول عني : (يا شيخنا ) ! وأنا بيني وبين المشيخة كما بين السحاب والسراب !
وهؤلاء معذرون لا محالة ! قد حملهم حسن الظن بأخيهم على أن يصفوه بما هو بعيد عنه !
وليس يعرف دخيلتي سوى خالقي ، وليس يدري جرائمي غير مولاي وسيدي .
والله : لو كانت للذنوب رائحة ، ما استطاع أحد مجالستي !
فبالله : أيُّ لذة تطيب يكون بعدها زُقُّوم الموت ؟ وأيُّ شهوة تستقيم وقد صرخ فيَّ هاذم اللذات بالدرك قبل الفوت ! ولكن لا زلت لا أسمع ذلك الصوت !
تالله ما أجد عندي من الخيرات ما أتبجَّح به وأقول : ربي اغفر لي كذا بكذا !؟
ووالله لا أكاد أدري ؟ على أيِّ شيئ أذَرُ العيون تذرف وتبكي !؟
وحتى متى سأظل سادرًا في غفوتي ، غارقا في بحور عِثاري وغفلتي ؟
بالله : من يكون شفيعي عند ربي وأكون له خادمًا ؟
بل من يدرأ عني ملامات خالقي وأصير له عبدًا ؟
ومَنْ مِنْ عذاب غدٍ يخلِّصني ؟ ومن ظلمة القبر من يُبْعدني ويُنْجِيني ؟
لو كانت أوضاري مما تُغْسل بالدموع السوافك ما رغبتُ عن إراقة مُهْجتي ! فضلا عن نوازف أدْمُعي !
ولكن المصيبة : أنْ ليس أحدٌ سوف يتحمَّل جرائري سُواي !
فاللهم قد ساءت الظنون من أهل الأرض إلا ما شاء الله ، وانطبق الصدر على غمٍّ عظيم لا يكاد يبرحني !
فمن لي بمن يدفع عني بعض تلك الأسقام ؟ وأين لي بتلك الغلائل التي تتكسر دونها الخطوب العظام؟
وغدا أموت ! وماذا بعد الموت ؟ فيا طول عنائي مما أعانيه ، ويا كثرة أحزاني مما أنا فيه .
وختاما أقول :
ويلٌ لمنْ لم يرحمِ الله *** ومَنْ تكون النار مثواه .
كأنه قد قيل في مجلسٍ *** كنتُ آتيهِ وأغشاه .
مات سعيدٌ بغتةًّ *** يرحمنا الله وإيَّاه .
يرحمنا الله وإيَّاه .
يقول راوى القصه
ماذا ينفع العلم إذا كان بلا عمل ! وماذا يُجْدي حسن العمل إذا كان بلا إخلاص ؟
بالله دعونا من كل شيئ الآن ! واصرفوا عنا مشاغل تلك الأزمان !
فمنذ قليل : اتصل بي بعض أصحابنا هاتفيا : وأخبرني أن هناك امرأة - هي أم صديق له مسافر - قد وافتْها المنيًّة صبيحة هذا اليوم ! وليس هناك أحد من محارمها أصلا ! اللهم إلا ابنتها وحدها ! وهي لا تدري ماذا تفعل !
فسرعان : ما ذهبتُ إليه ، وأتينا بغاسلة من الفاضلات ، وحملنا المغسلة من المسجد إلى بيت المتوفاة ، وشرع صاحبنا بالقيام بمهام التصريح بالدفن ، وإحضار العربة التي سوف تنقلها وإيانا .
ولما انتهت الغاسلة من التغسيل : شرعنا في حملها إلى أقرب مسجد ، ثم صلينا عليها .
وذهبنا إلى مقابر النخَّال خلف مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة .
وهناك : لم نجد أحدا من محارم تلك المرأة ؛ كي يقوم بإنزالها ، وتسوية مدفنها !
أتصدقون ذلك ؟ لم يكن معنا غير ابنتها الوحيدة ، وبعض جيران المرأة من النساء !
وهنا : اضطررتُ لحمل المرأة ، والنزول بها إلى أسفل قبرها ! حيث شاهدتْ عيني تلك الأجساد الراقدة ، وأبصر ناظري بقايا هاتيك الأجسام الهامدة ! ولم يكن تلك أول مرة أنزل فيها قبرا !
فوالله ما أدري ما أصابني ؟ فلقد صَغُرتْ الدنيا في عيني حتى كدتُ لا أرى إلا نفسي ووَهِيجَ القبور ! وصُكَّ مسْمَعي حتى ما أستطيع أسمع سوى زفرات جهنم وحسيسها !
فيا ويلي وويل أمي من عذاب يومئذٍ ! ويا سوء حالي ، وقبيح فعالي من خالقي ومولاي .
هذا يُناديني بـ : ( الفاضل ) ! وليس الفضل مني ولا أنا منه في شيئ !
وآخر يقول عني : (يا شيخنا ) ! وأنا بيني وبين المشيخة كما بين السحاب والسراب !
وهؤلاء معذرون لا محالة ! قد حملهم حسن الظن بأخيهم على أن يصفوه بما هو بعيد عنه !
وليس يعرف دخيلتي سوى خالقي ، وليس يدري جرائمي غير مولاي وسيدي .
والله : لو كانت للذنوب رائحة ، ما استطاع أحد مجالستي !
فبالله : أيُّ لذة تطيب يكون بعدها زُقُّوم الموت ؟ وأيُّ شهوة تستقيم وقد صرخ فيَّ هاذم اللذات بالدرك قبل الفوت ! ولكن لا زلت لا أسمع ذلك الصوت !
تالله ما أجد عندي من الخيرات ما أتبجَّح به وأقول : ربي اغفر لي كذا بكذا !؟
ووالله لا أكاد أدري ؟ على أيِّ شيئ أذَرُ العيون تذرف وتبكي !؟
وحتى متى سأظل سادرًا في غفوتي ، غارقا في بحور عِثاري وغفلتي ؟
بالله : من يكون شفيعي عند ربي وأكون له خادمًا ؟
بل من يدرأ عني ملامات خالقي وأصير له عبدًا ؟
ومَنْ مِنْ عذاب غدٍ يخلِّصني ؟ ومن ظلمة القبر من يُبْعدني ويُنْجِيني ؟
لو كانت أوضاري مما تُغْسل بالدموع السوافك ما رغبتُ عن إراقة مُهْجتي ! فضلا عن نوازف أدْمُعي !
ولكن المصيبة : أنْ ليس أحدٌ سوف يتحمَّل جرائري سُواي !
فاللهم قد ساءت الظنون من أهل الأرض إلا ما شاء الله ، وانطبق الصدر على غمٍّ عظيم لا يكاد يبرحني !
فمن لي بمن يدفع عني بعض تلك الأسقام ؟ وأين لي بتلك الغلائل التي تتكسر دونها الخطوب العظام؟
وغدا أموت ! وماذا بعد الموت ؟ فيا طول عنائي مما أعانيه ، ويا كثرة أحزاني مما أنا فيه .
وختاما أقول :
ويلٌ لمنْ لم يرحمِ الله *** ومَنْ تكون النار مثواه .
كأنه قد قيل في مجلسٍ *** كنتُ آتيهِ وأغشاه .
مات سعيدٌ بغتةًّ *** يرحمنا الله وإيَّاه .
يرحمنا الله وإيَّاه .
تعليق