مع بدايه فجراً جديد بدا المطر يهطل على شوارع البصره بعد معركه طويله دامت طوال الليل ومع زقزقة العصافير بدأت الشمس ترسل خيوطها الذهبيه عبر فتحات الجدار التى خلّفها الرصاص على سرير (اميمه) التى كانت تبلغ من العمر العاشره وكانت اميمه تعيش في منزل صغير مع والدتها التى كانت تبلغ من العمر الخامسه والاربعين وكانت اميمه فرحة والدتها واملها الوحيد الباقي لها بعد ماعانت عشرين سنه من زواجها وهى تنتظر الامومه ،ولكن مشيئه اللهجعلت من اميمه فتاه يتيمه الاب لاتعرف سوى والدتها التى تعانى من مرضٍ قد المّ بها فأفقدها بصرها وجعلها لاتبصر الا سواداَ ،كانت أميمه هي التى تعتني بوالدتها وتحضر حوائج المنزل وذات يوم بدا الباب يطرق فذهبت أميمه لتفتح الباب فإذا بجارهم ( أبو أحمد ) كان الطارق وكان قد أسمع اميمه كلاماً قد آلمها وجعلها تذرف الدموع فسألتها أمها من الطارق يا أميمه فبدأت اميمه تمسح دموعها>>وكانت تعرف ان والدتها لاتبصر ولكنها تحس بابنتها وبفرحها والمهافقالت: انه جارنا ابو أحمد يا أماهفقالت امها: وماذا يريد؟قالت اميمه: ماذا يريد يا امي!! وقد اعتدنا ألا يطرق الباب إلا وقد جاء ليأخذ الاجار الشهريفأوطأت الام رأسها وقالت: ليتني استطيع ان اساعدك يا ابنتيفاسرعت اميمه نحو والدتها وقبلت يديها وقالت : لاتخافي ياماه في نهايه الشهر سيصبح المبلغ بحوزتى ان شاء اللهوكانت اميمه الفتاه التى لم تعش طفولتها كباقي الاطفال تخدم في منازل الاثريا لتجني اجراً وافيا يسد رمق معيشتهم وتساعد والدتهاوكانت حالة ام أميمه تسوء يوم بعد يوم وكان البرد القارص سبباً في تدهور حالتها وذات يوم بينما أميمه كانت عائده الى المنزل وقد اتعبها العمل وانهكها واذا بها ترى اهالي الحي قد التمو حول منزلهم فأخذ الخوف يتملكهاا وبدات تسرع في خطواتهالترى ماذا بهم!! وعندما دخلت المنزل وجدت والدتها ممده على الارض فأخذت تصرخ وتقول:ماذا حدث لامي!! مابها؟فقالت جارتهم : لاتخافي يا أميمه لقد ذهبوا لإحضار الطبيب وعندها سيخبرنا الطبيب ماذا بها..وعندما قدم الطبيب اخذ يتفحصهافقال : أين من يهمه أمر هذه المرأة؟فقالت اميمه وقد تحشرج صوتها من البكاء : انافاخذ الطبيب ينظر إليها بتعجبفقال : ألا يوجد غيرك؟فقالت: لافقال : حسناً يا ايتها الفتاه والدتك مريضه جداً ويجب اجراء عملية لها في قلبها بأسرع وقتفأخذ الجيران يهدؤن اميمه ويقولون لها بانهم سيساعدونها بتكاليف المستشفيواخذوا والدتها الى المستشفى ولكن المستشفي رفضوا إجراء العمليه الا بعد ان يتم دفع المال لهمفذهبت اميمه الى من امدوها بأمل المساعده ولكن جميعهم بدوا يتهربون ويتحججون بأن الحرب لم يترك لهم شئ سوى الدمار ومنازلهم المحطمهفأخذت اميمه تزيد من ساعات عملها لكى تتقاضى اجراً وافياًواصبحت اميمه تلك الفتاه التى تتمع بالحيويه فتاه نحيله رثت الثياب وبرزت عظام وجهها الصغيرفكيف لتلك الفتاه أن تتحمل وهي تعمل من الصباح الباكر ولا تعود الا في منتصف الليلوبعد إسبوعين تقاضت اميمه اجرها ولكن كان مبلغاً يسيراً لايكفي لاجرا عمليه وبينما فقدت اميمه الأمل ويأست من حياه والدتها وبدأ بصيص النور يتلاشئ من عينيهاوبينما هي عائده الى المنزل وكانت الدموع قد كست خديها فإذا بها ترى كتاب ملقى على قارعه الطريق وكان الهواء يقلب صفحاته فأخذته اميمه وكان الكتاب بعنوان(لاتحزن)فأخذته معها الى المنزل وبدات تقرأه وكان الكتاب يعلم الانسان الايفقد الأمل ولا ييأس من رحمه الله مهما كانت الظروف ،وانه بعد العسر يسروبدات الحياه تدب من جديد في قلب اميمه الصغير واخذت تدعوا الله بان يساعدها وان يشفي والدتهاوان تتخطى محنتهاا ،عند نظرها الى والدتها وهي تفارق الحياه يوماً بعد يوم وهي لاتسطيع فعل شئوفي اليوم التالي ذهبت اميمه الى والدتها في المستشفى كعادتها فوجدت طبيباً من دوله مجاوره جاء ليساعد المرضى بالعراق فأخبرها الطبيببان والدتها مريضه جداً ويجب اجراء لها عمليه في الحال وان حالتها في خطر فأخبرته: بان المستشفي رفض اجراء العمليه بسب انها لاتملك تكاليف العمليهفقال لها : لاتخافي انا ساساعدك وانا سأشرف على العمليه بنفسيففرحت اميمه واخذت تشكر اللهوفي اليوم التالي حدد وقت العمليه بانه سيكون التاسعه صباحاً فأخذت اميمه تقبل يد والدتها وتخبرها بأن الفرج قد أتى ولكن والدتها كانت كالجثه الهامدهوكانت اميمه تعد الدقائق والساعات حتى نامت بجانب سرير والدتها ولم تستيقظ الا على صوت خطوات اقدام الممرضات والطبيب الذين جاءوا ليأخذوا والدتها فتقدم الطبيب نحو اميمهفقال لها:ادعي الله يابنيتى ان يوفقنا لنجاح العمليهواخبرها ان العمليه ستكون مدتها ست ساعات فأخذوا والدتها وهي تنظر وتقول في نفسها هل ستعودين يا امي؟ وهل سأراك ثانيه؟ومرت الساعات الست واميمه في ممر المستشفي قد شل تفكيرها وقدماها ترتجفانوفجأه واذا بالطبيب يخرج من غرفه العمليات واخذ ينظر الى اميمهوهي تنظر اليه بعين خائفه فقال لها: مبروك لقد نجحت العمليهفلم تحس اميمه الا وقد وقعت على الارض وبدات تبكي بكاءًا شديداً مماجعل الطبيبيبكي معها وجميع من كانوا في المكان فاخذ الطبيب يطبطب على اميمه ونصحها بان تعود الى المنزل لانه لافائده من جلوسها لان والدتها لن تفيق من البنج الا بعد اربع وعشرين ساعهفذهبت اميمه الى الحي واخذت توزع الحلوى لاهالي الحي وتخبرهم بأن والدتها اجرت العمليه وانها بخير وكان الجيران يهنون تلك الصغيره بفرحتها وامتلى الحي بالفرح وبعدما أنتهتاميمه من توزيع الحلوى ذهبت الى المنزل ووضعت جسدها الصغير على سرير والدتها وبدات تشتنشق رائحه فراش والدتها وتقول:هل ياترى ستعود امي الى المنزل ؟فنظرت نحو وسادتها فوجدت الكتاب الذى اعطاها الأمل فقالت : والله لقد صدقت مهما حصل سيأتى الفرج وغطت في نوماً عميق ولم تستيقض الا على دفئ اشعه الشمس التى لاول مره تحس بها وتشعر بدفئها فأخذت تستعد لزيارة والدتها وبينما هي خارجه من المنزل واذا بالجيران يخبرونها بان هناك غاره جويه من العدو ستحل بهم وانهم قد اعلنوا حضر التجولولكن اميمه رفضت واصرت على الذهاب لرؤية والدتهاوقالت : يجب ان اذهب الى امي ولو كان في سبيل موتيوبينما صفارات الانذار تدوي في المكان وخلت الشوارع من الماره فكانت اميمه هي الوحيده التى تسيرفي الشارع وخطواتها تسابق بعضهاوعندما اقبلت الى المستشفي واذا بغاره جويه تقصف المستشفيوكانت اميمه تنظر وكانها في كابوس من هول صدمتها وذهبت مسرعه ولكنها لم ترى سوى حطام وتراب غطى المكان فكانت كالصاعقه وقعت على راسها فسقطت ولم تستفيق الا في مخيمات لناجينفأخذت تسأل عن المستشفي ومن في المستشفي فأخبروها بان جميع من في المستشفى قتلوا الاعشره اشخاص قد نجوا بحول من اللهفاخذت تسال عن اسماء الناجين فاخبرها جندي بانه قد دون اسمائهم في سجلهم وذهب لاحضارهوهنا كانت الفاجعه بان اسم والدتها ليس موجود مع الناجين فاخذت تصرخ وتقول:(انطفت شمعتي في وسط الظلام)واخذت ترددها حتى اخذتها الممرضه واعطتها بعض المهدئات وبعد اربعه ايام استفاقت اميميه من غيبوبتها وكانت لاتستطيع الكلام وقد سمح لها الطبيب بمغادرة المستشفىولم يكن لها سوى ان تعود لمنزلها الذى بقي لها من ذكريات والدتها وعندما ذهبت الى المنزل وجدت جارهم ابو احمد قد رمي بحاجياتهم خارج المنزلواخذ مفتاح المنزلفقال لها: ليس لكي منزل هنا قد استاجره اناس اخرون وكانت الدموع تملأ عينيها ولاتستطيع ان تتكلم فاخذت حاجياتهاوعندما هلمت الى الذهاب لتبحث عن مأوى لهاواذا بجارهم ابو احمد يقول لها اميمه انا آسف لما حصل لوالدتك لقد رأيتها وهم ينتشلونها من تحت الانقاضفوقعت اميمه على الارض واخذت تبكي وكأنه وضع على جرحها ملحوقال:سأساعدك يا اميمه لقد طلبت لكي سياره لتحملك الى دار الايتام فهناك العيش لكي ارحمفاخذت اميمه تنظر اليه وتقول في نفسها:الى دار الايتام سيكون مصيري؟؟وهو يقول لها : ماذا بك اميمه هل فقدتي لسانك؟وهي تنظر اليه وكانها في كابوس لاتستطيع ان تفيق منهواذا بسياره دار الايتام قد اتتفاخذوا اميمه واركبوها السياره واخذوا يبتعدون وهي تنظر الى اخر زاويه لمنزلهم وتقول:(انطفت شمعتي في وسط الظلام)
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
أنطفت الشمعه في وسط الظلام ( قصه عراقيه محزنه )
تقليص
X