إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة إنسان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة إنسان

    قـصـة إنـسـان
    تــألـيـف
    العبد الحقير/ الأرقــــــــم علـــي الـسـماني
    رمضان1433هـــ -2012/8 م


    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    بسم الله الإله الذي في السماء، صاحب السلطان والكبرياء، وله الحمد والثناء، علي ما أنعم به من النعماء، ولا إله إلا الله، في الأرض ولا في السماء، والله أكبر، خلق وقدر، أمات ونشر، عذب وغفر، والصلاة والسلام علي مسك الختام، سيد الأنام محمد، وعلي آله الكرام، أفضل الصلاة والسلام.
    أمـــابــــــــــعـــد...

    كان رباناً في بحر الظلمات، تدرج فيه من بحار حتي وصل إلي رتبة قبطان.
    لايشق له غبار، يقطع بحر الظلمات طولاً وعرضاً، ويصارع أمواجه العاتية الهادرة دونما إكتراثٌ بمخاطره، فهو لا يهابُ الموت.
    لعدم إدراكه لحقيقة عاقبة الموت، فقد كان في غفلةٍ تامة، بل غيبوبة، بل كان في حالة موتٍ إكلينيكي.
    لا يرعي لله حرمة، ولا يذكر إسم الله علي لسانه ولا حتي بالصدفة بتاتاً البتة، فقد كان جندياً من جنود إبليس، بل كان إبليس جنديٌ من جنوده.
    أصابته لعنة المسيح الدجال(الثقافة الأمريكية)فكان من الأوائل في هذا المضمار، حتي وصل به الحال أن كفر بعروبته، وكره إنتمائه لأمة محمد صلي الله عليه وسلم.
    فلقد كان لايحمل من الإسلام إلا إسمه ورسمه في جواز سفره، فقد كان يهفوا للسفر إلي المسيح الدجال في عقر داره حتي يذوب تماماً في عالمه.
    ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن، لقد تعثر في خطواته، حاول ثم حاول، مراراً وتكراراً، ولكن لم يفلح.
    فحرفت الرياح أشرعته المشرعة إلي شاطٍ آخر، غير ذلك الشاطئ الذي كان يتمناه، إلي الديار المباركة المقدسة.
    فظنها إمتدادٌ لما ألفه في تلك الشواطئ، فوصل إليها ولكن ليس بنية الطاعة والعبادة وإنما بنية الفساد.
    فوجد نفسه في بيئة مختلفة تماماً، لها طقوسٌ خاصة بها، زيارة مساجد، زيارة مقابر، زيارة جبال، زيارة كهوف.
    فحاول الإعتذار عن تلك الزيارات، فهو ليس لديه أي رغبةٌ في ذلك، فهو يجهل تماماً حقيقة ذلك المكان.
    فما كان من مستضيفيه إلا أن شددوا عليه بالذهاب، فهم لا يستسيغون فكرة أن يأتي أحدٌ إلي ديارهم المقدسة، ولا يذهب لزيارة تلك الأمكنة.
    فما كان منه إلا أن رضخ مجاملةً لهم، فتوضأ وذهب معهم وهو يتململ.
    فكانت البداية زيارة الحرم النبوي الشريف، صلاة المغرب، ثم الجلوس حتي موعد صلاة العشاء، ثم بعد الصلاة زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم وصاحبيه.
    فصلي المغرب معهم، ثم جلس يتأمل بدهشة، تلك الحشود الكثيرة وهي في غاية الوقار والسكينة، وذلك المكان الضخم ولكنه في غاية الهدوء.
    فلا صخب ولا ضجيج، ولا صراخ من مكبرات الصوت بالأغاني الخليعة، للحشود الماجنة الراقصة، كما كان عالمه.
    فما لبث أن أشار عليه مرافقيه بالشرب، ولكن من ذلك الماء المبارك، زمزم لما شرب له.
    فأخذ يشرب منه ويشرب ولا يرتوي، وكأنه ظمأ الهواجر، حتي إمتلأت بطنه فذهب خارجاً، ثم جدد وضوءه، ورجع عائداً إلي داخل الحرم.
    ثم ما لبث أن شعر بالعطش مجدداً، فشرب وشرب حتي إمتلأت بطنه فذهب خارجاً، ثم توضأ، ثم عاد راجعاً، هكذا تكرر الأمر معه ثلاث مرات، حتي أذن العشاء.
    ثم بعد أن صلوا صلاة العشاء، توجهوا للسلام علي النبي محمد صلي الله عليه وسلم وصاحبيه.
    فما إن بدأوا بالسير في ذلك الممر المؤدي إلي الحجرة الشريفة، حيث قبر النبي صلي الله عليه وسلم، حتي بدأت خطواته تثقل شيئاً فشيئاً فتأخر عنهم.
    فما كان منهم إلا أن أبطئوا من سيرهم حتي يلحق بهم، ولكنه كان كالواقف في مكانه يمشي ويمشي ولايتحرك إلا قليلاً، وكأنه يمشي في وحل من الطين.
    وأخذ العرق يتصبب منه بغزارة، وبدأت قواه تخور، ويفقد تركيزه وإحساسه بالمكان تدريجياً.
    وبعد جهدٍ جهيد، وصل إلي الحجرة الشريفة، فبرز له أحد مرافقيه لكي يلقنه كيفية السلام علي النبي صلي الله عليه وسلم وصاحبيه، فقد كانوا ينتظرونه في المواجهة، بعد أن يئسوا من لحاقه بهم.
    ثم بعد أن لقنه كيفية السلام، عاد ملقنه إلي المواجهة، دون أن يشعر بما يمر به صاحبه.
    فسلم علي النبي صلي الله عليه وسلم، ثم علي أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وما أن إنتهي من السلام علي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتي أُغمي عليه تماما،ً فقد صعق وكاد أن يسقط مغشياً عليه.
    ولكنه تماسك إلي أن بلغ ذلك الباب القريب من الحجرة الشريفة، باب جبريل عليه السلام، فأسند ظهره إلي الجدار وسقط جالساً علي قدميه.
    وأخذ لسانه الذي كان لا يذكر إسم الله بتاتاً البتة ولاحتي بالصدفة، يتحرك ودون إرادة منه وينطق بالشهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، ويرددها مراراً وتكراراً.
    وكلما رددها لسانه(دون إرادته)، يعود إليه وعيه تدريجياً حتي فاق تماماً من غيبوبته تلك وكأنما نشط من عقال.
    ثم ما لبث أن برز إليه مرافقيه، فترجل معهم وكأن شيئاً لم يكن، ولكنه كان شارداً عنهم، يعيد ترتيب حساباته من جديد، فقد أشرق قلبه المظلم بنورالله.
    فكانت تلك الزيارة مفترق طرق، ونقطة تحول عظيمة في كل حياته.
    وبعد أن عاد من تلك الزيارة إلي منطقة إقامته، الواقعة بعيداً عن تلك الديار المقدسة.
    أخذ يدعو إلي ربه من كانوا معه بالأمس القريب رفقاء سوء، فقد ذاق طعم الحياة الحقيقية في ظل الهداية.
    ولكنهم تعجبوا منه تلك الدعوة، وذلك التحول التدريجي، ولكنه واصل في دعوته لهم علي أمل أن يعوا حقيقة خلقهم من العدم في دنيا فانية، فتتغير نظرتهم للحياة، فيستفيقوا من غيبوبتهم، كما أستفاق هو بفضل من الله، قائلاً لهم:
    ولدتني أمي، ثم أرضعتني، فكبرت رويداً رويداً، وصرت أمشي علي أربع، ثم أرتقي بي الحال فصرت أمشي علي إثنين خطوة خطوة، حتي أتقنت المشي وصرت أركض ركضاً.
    سنوات وسنوات تمر علي هذا المخلوق الضعيف، الذي بدأ نطفة، ثم أصبح إنساناً سوياً عاقلاً.
    ثم بعد أن تعلمت النطق أخذني أبي إلي المدرسة، فتمرحلت فيها حتي وصلت إلي الجامعة، ثم تخرجت من الجامعة، ثم توظفت، ثم تزوجت، ثم أنجبت، تماماً كما فعل والدّيَ.
    فهل هذه هي الحياة ؟!. جسد ينمو شيئاً فشيئاً، ثم يهرم ويموت.
    وهل لأجل هكذا حياة رتيبة، ليس لها هدف أو غاية، خلق الله عزوجل أبونا أدم من طين، ثم سواه فعدله، ثم نفخ فيه من روحه، وكرمه، وأسجد له ملائكته، فسجدوا جميعاً؟!.
    إلا إبليس أبي وأستكبر، فلعنه الله، وطرده من جنته، وأهبطه إلي الأرض، وأسكنه أماكن القاذورات والخرابات، ومسخه، وتوعده بالخلود في جهنم.
    كل تلك الجلبة التي أحدثها هذا الإنسان، منذ نشأته الأولي في الملأ الأعلي، ويترك هكذا سدي أسير هواه ودنياه؟!.
    كلا.. ليست هذه هي الحياة التي من أجلها خلقني ربي.
    قال تعالي الله الملك الحق :(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)الذاريات..
    لقد خلقني الله عزوجل لأجل غاية نبيلة سامية، وليس من أجل غاية دنيئة خسيسة.
    خلقني ربي من أجل عبادته جل وعلا، وليس من أجل أن ترضعني أمي، حتي أكبر رويداً رويداً، ثم أتعلم المشي علي أربع، ثم علي أثنين، ثم أركض ركضاً، ثم يُدخلني أبي إلي المدرسة، فأتمرحل فيها دراسياً، ثم أتخرج جامعياً، ثم أتوظف، ثم أتزوج، ثم أنجب، ثم أموت.
    خلقني ربي لأجل عبادته جل وعلا فهو الإله المعبود، صاحب الكرم والجود، فمن عبد المعبود كان له الثواب المنشود في الجنة دار الخلود، ومن أعرض عن عبادة المعبود، كان له العذاب الممدود في النار بلا حدود.
    فأنت وحدك يا إنسان صاحب الإختيار، إلي الجنة أم إلي النار، لا ضغوط ولا إملاءات، فحرية الإختيار مكفولة لك، إلي ما قبل الغرغرة والممات.
    قال تعالي الله الملك الحق :(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ(29)الكهف..
    فهل ستختار الجنة دار الأبرار؟.
    التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر علي قلب بشر، ترابها الزعفران والمسك، وبناؤها لبنة من فضة، ولبنة من ذهب.
    تجري من تحت قصورها الأنهار، نهر من لبن، ونهر من عسل، ونهر من خمر، ونهر من ماء غير آسن.
    ويحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً، ولباسهم فيها حرير سندس وإستبرق.
    في شغل فاكهون، هم وأزواجهم في ظلال علي الأرائك متكئون، يطوف عليهم ولدان مخلدون، بصحاف من فضة، وصحاف من ذهب، فيها ماتشتهيه الأنفس، وتلذّ الأعين، مما طاب من الطعام، وما لذّ من الشراب.
    يتقلبون فيها في شتي أنواع النعيم، مما لاتدّركه العقول، أو تصفه الألسن، نعيم في نعيم.
    وهم علي صورة القمر ليلة البدر، منزهون من كل نقيصة وعيب، وجوههم ناضرة إلي ربها ناظرة، وتتلقاهم الملائكة بالتحية والسلام.
    أم ستختار جهنم دار الأشرار؟!.
    حمم وجحيم، سموم وحميم، زقوم ويحموم، أصفاد وأغلال، كلاليب وشلاليت.
    صراخ وعويل، حسرة وندم، لانجاة ولا هلاك، عذاب في عذاب، خلود في عالم اللازمن والنسيان.
    سقر لاتُبقي ولاتذر، عليها تسعة عشر، ملائكة شداد غلاظ، لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
    نارالله الموقدة، وقودها الناس والحجارة، حامية، ذات لهب، أسفل سافلين، لها شهيقاً وهي تفور، تكاد تميز من الغيظ والحنق، علي من فيها من العصاة والمجرمين.
    يصب من فوق رؤوسهم الحميم، الماء المغلي الذي وصل غليانه درجة النهاية، فينفذ الجمجمة حتي يخلص إلي جوفهم، فيذيب مافي بطونهم من الأمعاء والأحشاء حتي تمرق من قدميهم.
    إذ الأغلال في أعناقهم، والسلاسل في أيديهم وأرجلهم، يسحبون في الحميم، ثم في النار يسجرون ويحرقون.
    ولهم مقامع من حديد، مطارق وسياط من الحديد، يُضربون بها ويدفعون في نار جهنم، لو وضعت مقمعة منها في الأرض فأجتمع عليها الثقلان ما أقلوها.
    طعامهم ذا غصة، لايسمن ولايغني من جوع، شوك، وصديد يسيل من جراحات أهل النار، وشرابهم الحميم، يصهر مافي بطونهم والجلود.
    يود المجرم لو يفتدي نفسه من عذاب يومئذٍ، ببنيه، وصاحبته وأخيه، وفصيلته التي تؤيه، ومن في الأرض جميعاً، ثم لا ينجيه، وهي عليهم مؤصدة في عمدٍ ممدة.
    جهنم وبئس المصير، نزاعة الشوي، شديدة اللظي، حرها شديد، وقعرها بعيد، تدعو من أدبر وتولي.
    (قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا(15)الفرقان
    "لا إله إلا الله محمد رسول الله"
    الحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله..

    علي كل مسلم غيور علي دينه، أن يساهم في طبعه، بأي لغة كانت لغته.
    فالخط يبقي زماناً بعد كاتبه، وكاتب الخط، تحت الأرض مدفون..
    هذه القصة واقعية وهي قصة المؤلف..
يعمل...
X