إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(التبسم والضحك) // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (التبسم والضحك) // مفهرس



    باب (التبسم والضحك)
    – درس (35) – شرح كتاب "الأدب المفرد"

    باب (125) – التبســـــم

    قال الإمام البخاري:
    حدثنا علي بن عبدالله قال حدثنا سفيان عن إسماعيل عن قيس قال سمعت جريرًا يقول :
    " ما رآني رسول الله ﷺمُنْذُ أَسلَمْتُ إلا تَبَّسَم في وجهي
    وقال رسول الله ﷺ: ( يَدخُلُ مِن هذا البابِ رَجُلُ مَن خَيْرِ ذِي يَمَن على وجههِ مَسْحَةُ مَلَك ) فدخل جرير ."[البخاري]

    الفرق بين الضحك و التبسم والقهقهة:

    التبسم: مبادىءالضحك فأول الضحك الإبتسامة (بغير صوت).
    الضحك: انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور،
    فإذا كان بصوت وكان بحيث يُسمع من بُعد فهذا الذي يسمى القهقهة.


    كان النبي يحب جريرًا، ويقربه منه، ولا يمنعه من التواجد في صحبته أبدًا (ما حجبني النبي ﷺ)،
    وكان جرير من آخر من أسلم فقد تأخر إسلامه وكان إسلامه بعد نزول المائدة،
    وهذه فائدة
    أن النبي
    كان دائم البشر والبشاشة والإبتسام في وجه جرير حديث العهد بالإسلام
    وهكذا ينبغي أن نصنع بكل من هو حديث عهد بالإيمان والإلتزام وطريق الرحمن،
    فينبغي أن يروا البشاشة في وجوه الناس، وينبغي أن يقربوا في المجالس فهذه أعظم الوسائل الدعوية.

    فهذا الحديث فيه
    بيان حُسن خُلق النبي ﷺ
    ، وبيان لتواضعه،
    وبيان لفقه في الدعوة عن طريق الإنبساط إلى الناس،
    وإنزال الناس منازلهم، وفيه منقبة وفضل عظيم لجرير(رضى الله عنه).


    وقال رسول الله ﷺ: ( يَدخُلُ مِن هذا البابِ رَجُلُ مَن خَيْرِ ذِي يَمَن على وجههِ مَسْحَةُ مَلَك )
    فدخل جرير ." قال الحافظ ابن حجر: روى أحمد وابن حبان عن طريق المغيرة بن جبير عن جرير
    قال: ″
    لما دنوت من المدينة أنخت بعيري ثم لبست حلتي فدخلت فرماني الناس بالحدق،
    فقلت: هل ذكرني رسول الله ﷺ ، قالوا: نعم، ذكرك بأحسن ذكر،
    فقال: يدخل عليكم رجل من خير ذي يمن على وجهه مسحة ملك
    ″.

    قال جرير: ″ فحمدت الله على ما أبلاني″.
    على وجهه مسحة ملك: أي مسحة جمال يعني كان جميل المُحيا
    من المعلوم أن العرب كانوا يصفون الملائكة بالجمال،
    ويقولون عن جميل الشكل والصورة والهيئة كأنه ملك،
    وجاء القرآن الكريم مبينا هذا في قصة يوسف عليه وعلى نبينا السلام في قوله تعالى:

    {(ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} [سورة يوسف:31].
    ولفظ البلاء يطلق على البلاء بالنعمة والبلاء بالشر والنقمة،
    والمراد به هنا (الحمد لله على ما أبلاني من خير أن جعلني على هذه الهيئة التي ذكر رسول الله
    ).


    قال الإمام البخاري:حدثنا أحمد بن عيسى قال حدثنا عبدالله بن وهب
    قال أخبرنا عمرو بن الحارث أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار عن عائشة(زوج النبي صلى الله عليه وسلم) قالت:

    " ما رأيت رسول الله ﷺضاحكا قَطُ حتى أرى مِنُه لَهَواتِه ،
    إنما كان يَتبسم صلى الله عليه وسلم . قالت : وكان إذا رأى غَيْمَاً أو رِيحاً عُرِفَ في وجهه ،
    فقالت : يا رسول إن الناس إذا رَأوا الغَيْم فَرحِوا رَجَاء أن يَكُون فيه المَطر وأَرَاك إذا رأيْتَهُ عُرِفَت في وجهِكَ الكَرَاهَةُ ؟
    فقال : ( يا عائشة ما يُؤمِنِّى أن يَكون فيه عَذابٌ ، عُذِّب قَوْمٌ بالرِّيح وقد رَأى قَومُ العَذاب منه
    فَقَالوا : (قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا). "
    [البخاري]


    وما كان النبي هكذا إلا لأنه سيد المراقبين لله تبارك وتعالى،
    فإنه كان عبد الرقيب، {
    إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
    فكان فيه الاستعداد للمحاسبة والمراقبة لله ولالتجاء إليه،
    فكلما كانت تتغير الأحوال المناخية كان النبي
    يفزع للصلاة وللذكر ولتخويف الناس،
    فكان بأبي هو وأمي أعلم الناس برب الناس سبحانه وتعالى،
    فكان خوفه صلى الله عليه وسلم أن يعاقبوا بعصيان العصاة،
    ربي سلم سلم،

    { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:99].
    هل أنت خائف من العاقبة؟
    هل أنت مركز أم تائه؟
    هل أنتِ غافلة أم ذاكرة؟
    هل منا من هوعلى وجل أن يعمنا الله عز وجل ببلاء؟
    وقد انتشرت المعاصي والذنوب والشركيات والكفريات على أشد ما يكون،
    فهل منا من إذا خسف القمر أوكسفت الشمس، من عاش هذا الإحساس،
    يخشى أن يعمنا الله بعذاب؟ هل إذا كان هناك غيم،
    وقال أخصائيوالأرصاد الجوية بوجود تقلبات جوية لمدة كذا في البلاد،
    فالناس تستعد للبرد ولا يستعدون ليوم الحساب
    !!

    وفي صحيح مسلم عن أمنا عائشة أنها قالت: ″كان النبي إذا عصفت الريح
    قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به
    ″.

    قالت: ″وإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر يخشى أن تكون الساعة″.
    أما نحنفدائما ما نقول أنه لازال الوقت مبكرا على الأشراط !،
    ولوقلنا ربما اقتربت الملحمة قالوا: أي ملحمة؟
    ونمني النفس بأنه مازال عندنا وقت !
    ومازال أمامنا وقت طويل بمئات السنين لتقوم الساعة !

    وما كان هذا هدي النبي كان عليه الصلاة والسلام يخاف أن تكون الساعة،
    فأين نحن من هذا وقد قال الله تعالى:

    { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ [القمر:1].
    قالت : وكان إذا رأى غَيْمَاً أو رِيحاً عُرِفَ في وجهه ،
    فقالت : يا رسول إن الناس إذا رَأوا الغَيْم فَرحِوا رَجَاء أن يَكُون فيه المَطر وأَرَاك إذا رأيْتَهُ عُرِفَت في وجهِكَ الكَرَاهَةُ ؟
    فقال : ( يا عائشة ما يُؤمِنِّى أن يَكون فيه عَذابٌ ، عُذِّب قَوْمٌ بالرِّيح وقد رَأى قَومُ العَذاب منه
    فَقَالوا : (قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا). "

    أما نحنفلم عندنا أمان أننا سنعيش لسنوات طويلة؟
    لم يأمل أحدنا انه سيعيش ربما مثل ما مضى من عمره؟
    وعندنا طول الأمل، وهذا ما جلب لنا قسوة القلوب، قال الله عز وجل:
    {فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم} [الحديد:16].
    فأي إنسان قد لعب به الشيطان لعبة {يعدهم و يمنيهم} [النساء:120]،
    عليه أن يراجع نفسه و يتقي ربه و يخشى أن تنزل الآن الآن البلايا و النقم التي لا يستطيع أن يدفعها،
    فنسأل الله أن يرفع عنا و يكشف عنا العذاب، {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} [الدخان:12].

    باب (126) – باب الضحـــك
    قال الإمام البخاري: حدثنا سليمان بن داوود أبو الربيع قال: حدثنا إسماعيل بن زكريا
    قال: حدثنا أبو رجاء عن برد عن مكحول عن واسلة بن الأسقع عن أبي هريرة

    قال:
    قال النبي ﷺ: " أقل الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب" ] صححه الألباني في صحيح الجامع (4580)]

    و في رواية: قال الإمام البخاري: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو بكر الحنفي
    قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن إبراهيم بن عبد الله عن أبي هريرة،
    عن النبي ﷺ
    قال " لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب "،

    [قال فيه الألباني حسن في صحيح الأدب المفرد(190)]
    أي أن كثرة الضحك تصير القلب مظلما بمنزلة الميت الذي لا ينفع نفسه بنافعة،
    و قلة الضحك تدل على زهد العبد بالدنيا، كما تدل على ورعه و تقواه،
    و هذا الحديث يجعلنا نهتم بما يحيي قلوبنا، قولوا: يا حي يا قيوم أحيي لنا قلوبنا، فإنه يناسب حظ العبد من اسم الله الحي أن يدعوه بحياة قلبه

    "يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين"
    وفي حديث :قال النبي ﷺ قال لأصحابه: " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا"
    ثم انصرف و أبكى القوم، و أوحى الله عز و جل إليه يا محمد لم تقنط عبادي؟
    فرجع النبي ﷺ فقال لهم: " أبشروا و سددوا و قاربوا
    "

    [صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (191)]
    لبكيتم من خشية الله ترجيحا للخوف على الرجاء و خوفا من سوء العواقب و سوء الخواتيم،
    نسأل الله حسن الخاتمة ..

    و هذا هو الكمال أن الجمع الإنسان بين الرجاء و الخوف،
    فإذا بلغ به الخوف حد ما يشارف القنوط و اليأس فعليه ببلسم الرجاء،
    و إذا وصل به الرجاء إلى الغرور و إلى الغفلة فعليه بسياط الخوف.
    (المؤمن متزن)

    امتثل النبي لأمر ربه الرحيم و صرفهم عن القنوط فقال:" أبشروا"،
    و حملهم على الاعتدال فقال:
    "سددوا"و الزموا طريق الاستقامة، و"قاربوا"،
    إن لم تستطع الاصابة للشيئ فعليك بأن تقارب، أبشروا بسعة رحمة الله و جنته،
    أبشروا يا أمة محمد
    إن الله رضي لكم القليل من العمل و يعطي عليه الكثير من الأجر،
    سددوا فعليكم بالاقتصاد في الشيئ دون غو و دون إسراف، دون تفريط أو إفراط،
    اطلبوا بأعمالكم السداد و الاستقامة، اقتصدوا في الأمور كلها و اتركوا الغلو،
    و قاربوا فاطلبوا الصواب بين الإفراط و التفريط

    و فيه أيضا وجوب رجوع الداعية و العالم إلى الأفضل و هو التوازن بين الترغيب و الترهيب.
    الضحك من صفات الله جل جلاله:
    {و أنه هو أضحك و أبكى} [النجم: 43].
    و روى الإمام أحمد في مسنده و صححه الألباني أن أبا رزين رضي الله عنه قال للنبي ﷺ:
    " أويضحك الرب عز وجل، قال : نعم، قال: لن نعدم من رب يضحك خيرا"،

    [قال فيه الألباني في السلسة الصحيحة: حسن بجموع الطرق(2810)]
    ومن الضحك الممدوح المذكور في القرآن:
    {فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون} [المطففين: 34]
    والضحك المذموم :
    {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون} [المطففين:29].
    فأي مراتب الضحك مستحبة؟
    أفضل الضحك ما ذكره الله واصفا به رسله {فتبسم ضاحكا}، أن يتبسم الإنسان
    و قلنا أن التبسم من دون صوت أو يلابسه صوت ضاحكا، التبسم و الضحك هذا أفضل المراتب دون القهقهة
    .

    بعض الناس حين يقرأ" كثرة الضحك تميت القلب"يظن أنه إن ظل عابسا لا يتبسم ولا يضحك
    فهذا الذي يأتي بقلبه، نقول له: أن النبي
    نهى عن كثرة الضحك وليس عن الضحك،
    فقد كان
    يضحك ويتبسم ، وقد مرت بالأمة ما هو معلوم وما هو أشد، وكان
    مع هذا يضحك مع أصحابه ويبتسم في وجوههم، فخير الهدي هدي محمد
    ،
    فلا ينبغي أبدا أن نستسلم لضغوط ومشاكل وهموم ومصائب ...
    لأننا سنخسر كثيرا إن لم نكن عند هذا الحد من الاعتدال، إنما علينا أن نأخذ بالقاعدة النبوية الشريفة:
    "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم". [قال عنه الألباني في صحيح الجامع: حسن(2328)]

    فينبغي أن نضع هذا القانون دائما في التغيير: نتكلف حتى نتكيف ونتغير
    إذن الضحك اليسير ودوام الابتسام هذا مطلب شرعي، وإدخال السرور على قلوب المسلمين
    هذا من أفضل القربات ومن أفضل الأعمال،
    ومن هنا يجوز للإنسان أن يضحك وأن يضحك غيره ليخفف عنه،

    دليل على جواز الضحك:
    حديث النبي ﷺفي صحيح مسلم " حين استأذن عليه عمر، ووجد النبي صلى الله عليه وسلم وحوله نساءه واجمين ساكتين،
    فقال عمر: فقلت والله لأقولن شيئا أضحك النبي، فقلت: يا رسول الله،
    لو رأيت بنت خارجة-زوجته- سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها،
    فضحك رسول الله ﷺ
    وقال: "هن حولي كما ترى يسألنني النفقة".[صحيح مسلم(1478)].

    والضحك هومن حسن المعاشرة للناس، أن يكون في الكلام شيئ من الدعابة والمزحة والضحك
    ولا مانع من هذا الأمر، دون أن يصل إلى حد المبالغة التي تميت القلب التي تدل على الغفلة!

    ونهانا النبي عن الضحك عند وقوع البلاء،
    في صحيح مسلم أن
    شبابا من قريش دخلوا على أمنا عائشة وهي بمنى وهم يضحكون، فقالت: "ما يضحككم؟ قالوا: فلان خر على طنب فسطاط فكادت عنقه أوعينه أن تذهب، فقالت: لا تضحكوا فإني سمعت رسول الله ﷺ
    يقول: ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة".

    [صحيح مسلم(2572)].
    ونهى النبي ووعظ أصحابه،
    وهذا مما لا ينبغي أن يستحيى من ذكره لأن النبي

    وعظ به أصحابه أمر الضرطة، والضراط هذا ما يخرج من الإنسان من صوت حال قضاء حاجته أونحو ذلك،
    وقال لهم النبي ﷺ : "لم يضحك أحدكم مما يفعل؟ ".

    [صحيح البخاري (3377)].
    وهذا من الأدب، لأنه لا ينبغي الضحك في مثل هذه المواقف لحرج الإنسان وإحرج الناس في مثل هذا،
    حتى هذه الأمور اليسيرة علمنيها رسول الله (بأبي هو وأمي).



    فنسأل الله عز وجل أن يدخل السرور على قلوبنا وقلوب المسلمين،
    وأن يبهج قلوب المسلمين، وأن يجعلنا وإياكم ممن يتبع سنة النبي الأمين ، ويجعلنا من أهل البشر والبشاشة والانبساط والتبسم والضحك.








يعمل...
X