بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الوقف على أواخر الكلم
أقسام الوقف على أواخر الكلم بالإسكان المحض والرَّوم والإشمام عند أئمة القراءات:
للوقف على أواخر الكلم أقسام ثلاثة وهي[1]:
القسم الأول: ما لا يوقف عليه عند أئمة القراءة إلاّ بالسكون المحض ولا يجوز فيه روم ولا إشمام: وهو على خمسة أنواع:
الأول:ما كان ساكناً في الوصل فلا يجوز فيه روم ولا إشمام: نحو ﴿ فَلا تَنْهَرْ ﴾ (الضحى 10)، ﴿ وَلا تَمْنُنْ ﴾، ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ ﴾، ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ ﴾ (النساء)، ﴿ وَمَنْ يُقَاتِلْ ﴾ (النساء).... وما شابهها.
والثاني: ما كان في الوصل متحركاً بالفتح غير منون ولم تكن حركته منقولة فلا يجوز فيه روم ولا إشمام: نحو ﴿ لاَ رَيْبَ ﴾ (البقرة 2)، ﴿ وَإِنَّ اللهَ ﴾، ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾.... وما شابهها.
والثالث: الهاء التي تلحق الأسماء في الوقف بدلاً من تاء التأنيث فلا يجوز فيها الرَّوم والإشمام: نحو ﴿ الْجَنَّةِ ﴾، ﴿ الْمَلائِكَةِ ﴾، ﴿ لَعِبْرَةٌ ﴾... وما شابهها.
والرابع: ميم الجمع في قراءة مَنْ حرَّكه ووصله، وفي قراءة مَنْ لم يحرَّكه ولم يصله فلا يجوز فيه روم ولا إشمام: نحو ﴿ عَلَيهم ﴾، ﴿ أَأَنْذَرْتَهُمْ ﴾، ﴿ فِيهِمْ ﴾، ﴿ مِنْهُم ﴾ [2].
والخامس: المتحرك في الوصل بحركة عارضة لا يجوز فيه روم ولا إشمام: فهو إما للنقل كقراءة ورش نحو ﴿ وَانْحَرْ إِنَّ ﴾، ﴿ مِنْ إِسْتَبْرقٍ ﴾، ﴿ خَلَوْا إِلَى ﴾، ﴿ ذَوَاتَي أُكْلٍ ﴾. وإما لالتقاء الساكنين نحو ﴿ قُمِ اللَّيلَ ﴾، ﴿ وَأنْذِرِ النَّاسَ ﴾، ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ ﴾، ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ ﴾. ومنه ﴿ يَوْمِيذٍ ﴾ في (المعارج)، ﴿ حِينِئِذٍ ﴾ لأن كسرة الذال إنما عرضت عند إلحاق التنوين بها، فإذا زال التنوين في الوقف رجعت الذال إلى أصلها من السكون، وهذا خلاف كسرة (هؤلاء)، وضمة (من قبل) و (من بعد) فإن هذه الحركة وإن كانت لالتقاء الساكنين لكن لا يذهب ذلك الساكن في الوقف لأنه من نفس الكلمة.
القسم الثاني: ما يجوز فيه الوقف بالسكون المحض والرَّوم ولا يجوز فيه الإشمام وهو ما كان في الوصل متحركاً بالكسر سواء أكانت الكسرة للإعراب أم للبناء: نحو ﴿ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ ﴾، ﴿ فِي الدَّارِ ﴾. وكذلك ما كانت الكسرة فيه منقولة من حرف حذف من نفس الكلمة كما في وقف حمزة نحو ﴿ بَينَ الْمَرءِ ﴾، ﴿ مِنْ شَيءٍ ﴾... وما شابههما.
ويقرأ بالسكون المحض عند الوقف في المواضع الآتية:
1 - أن تكون الكسرة فيه منقولة إلى حرف ساكن من حرف في كلمة أخرى كقراءة ورش نحو ﴿ ارْجِعْ إليْهِمْ ﴾.
2 - أو أن تكون الكسرة جاءت بسبب التقاء ساكنين مع كون الساكن الثاني في كلمة أخرى: نحو ﴿ وَقَالتِ أُخْرِج ﴾. أو قراءة مَنْ كَسر التاء نحو ﴿ إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ ﴾.
3 - أو مع كون الساكن الثاني عارضاً للكلمة الأولى كالتنوين: كما في ﴿ حِينَئِذٍ ﴾ (الواقعة 84).
القسم الثالث: ما يجوز الوقف بالسكون المحض والرَّوم والإشمام وهو ما كان في الوصل متحركاً بالضم: سواء أكانت الضمة للإعراب نحو: ﴿ اللهُ الصَّمَدُ ﴾، أم للبناء نحو ﴿ يَا صَالِحُ ﴾.
وتقرأ بالسكون المحض في المواضع الآتية:
1 - أن تكون الضمة منقولة، وهي على نوعين:
الأول: ما كانت المنقولة من حرف حذف من نفس الكلمة: كوقف حمزة نحو ﴿ دُفءٌ ﴾، ﴿ الْمَرْءُ ﴾. والثاتي: وما كانت المنقولة من كلمة أخرى: نحو ﴿ قُلْ أُوحِيَ ﴾...
2 - أو أن تكون الضمة لالتقاء الساكنين في قراءة من ضم نحو ﴿ وَقَالتُ اخْرجْ ﴾، ﴿ لَقَدُ اسْتُهْزِئَ ﴾.. وكذلك الميم من ﴿ عَلَيْهمُ الْقِتَالُ ﴾، ﴿ أَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾.
3 - أما هاء الضمير فاختلفوا في الإشارة فيها بالرَّوم والإشمام، فهم على ثلاثة مذاهب[3]:الأول: الإشارة بهما مطلقاً وهو رأي الجمهور [4].
والثاني: إلى منع الإشارة فيها مطلقاً من حيث إن حركتها عارضة وهو رأي الآخرين من أهل الأداء [5].
والثالث: إلى التفصيل فيهما وهو رأي المحققين بما يأتي:
(1) منع الإشارة بالرَّوم والإشمام إذا كان قبل الهاء ضم نحو (يَعْلَمُهُ)، (أمرُهُ)، أو واو ساكنة نحو (خذُوهُ)، (ولَيَرْضَوْهُ)، أو كسرة نحو (بِهِ)، (بربِه)، أو ياء ساكنة نحو (فيهِ)، (إليهِ)، (عليهِ) طلباً للخفة لئلا يخرجوا من ضم أو واو إلى ضمة أو إليها، ومن كسر، أو ياء إلى كسرة.
(2) جواز الإشارة بهما إذا لم يكن قبلها ضم نحو (مِنْهُ)، (عَنْهُ)، (اجتبَاهُ)، (هداه)، (أن يعلمه)، (لن تخلفه)، (أرجئه) لابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، ويعقوب [6]، وفي ﴿ وَيَتَّقْهِ ﴾ (النور 52) لحفص عن عاصم محافظة على بيان الحركة حيث لم يكن ثقل[7].
الهوامش:
[1] ينظر: النشر: 2/ 91.
[2] وشذ مكي القيسي فأجاز الرَّوم والإشمام في ميم الجمع لمن وصلها قياساً على هاء الضمير، وانتصر لذلك وقواه، وهو قياس غير صحيح، لأن هاء الضمير كانت متحركة قبل الصلة، والميم ساكنة غير متحركة، قال ابن الجزري: (بدليل قراءة الجماعة فعوملت حركة الهاء في الوقف معاملة سائر الحركات ولم يكن للميم حركة فعوملت بالسكون فهي كالذي تحرك لالتقاء الساكنين). ينظر: النشر: 2/ 91.
[3] ينظر: النشر: 2/ 93.
[4] وهو الذي في التيسير، والتجريد، والتلخيص، والإرشاد، والكفاية، وغيرها، وهو اختيار أبي بكر بن مجاهد. ينظر: النشر 2/ 94.
[5] وهو ظاهر كلام الشاطبي؛ والوجهان حكاهما الداني في غير التيسير، وقال: (الوجهان جيدان)، وقال في جامع البيان: (إن الإشارة إليها كسائر المبنى اللازم من الضمير وغيره أقيس). ينظر: النشر 2/ 93.
[6] يراجع مطلب هاء الصلة.
[7] وهو الذي قطع به أبو محمد مكي، وأبو عبد الله بن شريح، والحافظ أبو العلاء الهمداني، وأبو الحسن الحصري، وغيرهم. وأشار إليه الشاطبي والداني في جامعه. قال ابن الجزري: (وهو أعدل المذاهب عندي). وأما سبط الخياط فقال: (اتفق الكل على روم الحركة في هاء الضمير المفرد الساكن ما قبلها نحو (منه)، (عصاه)، (إليه)، (أخيه)، (اضربوه)...). قال: (واتفقوا على إسكانها إذا تحرك ما قبلها نحو (ليفجر أمامه)، (فهو يخلفه) ونحو ذلك). ينظر: النشر 2/ 93.
المصدر: موقع الألوكة
المصدر: موقع الألوكة
تعليق