إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مشاهد حية للأخرة في القرآن العظيم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الجزء الثاني عشر
    مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
    وبعض آيات من سورة هود

    إنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)

    هذا مشهد الخلود للمؤمنين جعلنا الله منهم .
    ولكن هناك من الناس لا ينظرون إلى يوم الحساب
    ومما يساعد على تلك النظرة القاصرة ,إتباع الأهواء وشياطين الإنس والجن وإستخدام زخارف الدنيا فيما حرم الله ,
    ومع ذلك فهم يحصلون على ما أرادوا في الدنيا من إستمتاع ونعيم ورفاهية .
    وفي واقع الأمر أن زينة الدنيا في حد زاتها ليست حراما ,
    قال تعالى :
    قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ -32
    قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ – 33 " الأعراف "
    فإن الله تعالى يعطي الدنيا لكل البشر... فمن أجتهد فيها وطور وصنع وأصلح
    يحصل على نتيجة ذلك سواء كان مؤمنا أو كافرا
    قال تعالى :
    مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا -18
    وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا -19
    كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا -20 " الأسراء "


    والمؤمن يعيش مع الإيمان في سعادة في الدنيا وفي الأخرة
    قال تعالى :
    مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ -97

    والمعنى واضح حيث بدأت الآية بالعمل الصالح مع الإيمان
    أما العمل الصالح وحده بدون الإيمان لا يكون له ثواب في الأخرة .

    وإليكم الصورة النابضة لهذه الحالة

    مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15)
    أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (16)

    من كان يريد بعمله الحياة الدنيا ومُتَعها نعطهم ما قُسِم لهم من ثواب أعمالهم في الحياة الدنيا كاملا غير منقوص.
    أولئك ليس لهم في الآخرة إلا نار جهنم , وذهب عنهم نَفْع ما عملوه, وكان عملهم باطلا لأنه لم يكن لوجه الله.

    *******
    مشاهد لعذاب الكافرين , الذين يصدون عن سبيل الله .

    وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)
    الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19)

    هؤلاء الظالمون الذين يمنعون الناس عن سبيل الله الموصل إلى عبادته, ويريدون أن تكون هذه السبيل عوجاء بموافقتها لأهوائهم, وهم كافرون بالآخرة لا يؤمنون ببعث ولا جزاء.

    أُولَـئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ (20)
    أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (21)
    لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ (22)

    حقًا أنهم في الآخرة أخسر الناس صفقة; لأنهم استبدلوا الدركات بالدرجات, فكانوا في جهنم, وذلك هو الخسران المبين.

    *******

    المشاهد الحية للذين أمنوا وعملوا الصالحات

    إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)
    مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (24)

    مثل فريقَي الكفر والإيمان كمثل الأعمى الذي لا يرى والأصم الذي لا يسمع والبصير والسميع: ففريق الكفر لا يبصر الحق فيتبعه, ولا يسمع داعي الله فيهتدي به, أما فريق الإيمان فقد أبصر حجج الله وسمع داعي الله فأجابه, هل يستوي هذان الفريقان؟ أفلا تعتبرون وتتفكرون؟

    الصورة التالية
    تبين أهمية الوعي لدى الإنسان

    إن المثال الذي أمامنا يبين لنا عاقبة الإتباع الأعمى لإنسان يدعي الألوهية
    فإن فرعون قال لقومه أنا ربكم الأعلى
    ومعى هذه المقولة الباطلة التي لا تستند على أى دليل
    اتبعه من تبعه وكانت هذه الصورة في الدنيا
    مقدمة لصورتهم في الأخرة

    وإليكم الصورة كاملة

    وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (96)
    إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97)
    يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98)
    وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99)
    ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ (100)
    وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101)
    وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)
    إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ (103)
    وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ (104)
    ******
    الصورة التالية لفريقين

    يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)

    صورة الذين شقوا

    فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)
    خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (107)
    *****
    صورة الذين سعدوا

    وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)

    نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين سعدوا في الجنة خالدين
    ويحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
    ونسأله الفردوس الأعلى

    وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ "إذا دخل أهل الجنة - الجنة- ينادي مناد‏:‏ إن لكم أن تحيوا، فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تصحوا، فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا، فلا تبأسوا أبداً‏"‏ ‏‏‏(‏رواه مسلم‏).‏

    *******
    وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى

    تعليق


    • #17
      رد: مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم


      و و

      تعليق


      • #18
        مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

        بسم الله الرحمن الرحيم

        الجزء الثالث عشر
        مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
        وبعض آيات من سورة الرعد وسورة إبراهيم

        سورة الرعد

        مشهد اليوم نرى فيها المؤمنين وهم يدخلون الجنة ,عائلات متحابين حيث نشاهد المؤمنين وأباءهم وأزواجهم وذرياتهم..والملائكة يدخلون عليهم بالتحية والترحيب .

        جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ


        لمن هذه المشاهد العظيمة ؟؟

        لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ
        أُوْلَـئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)
        أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (19)
        الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20)

        نرى من الآيات السابقة صفات هؤلاء المؤمنين
        أولا- استجابوا لربهم بالإيمان والطاعة لأوامره
        ثانيا- يوفون بعهد الله

        ثم نلاحظ الفئة المستبعدة بعكس تلك الصفات
        أولا- لم يستجيبوا لربهم وقد أعموا أبصارهم عن الحق
        ثانيا- ينقضون الميثاق .. ميثاق الفطره ألا وهو عبادة الله وحده لا شريك له

        ونعود لصفات المؤمنين
        فإنهم يصلون أرحامهم ويخشون ربهم
        ويخافون بعد ذلك من حساب يوم القيامة
        وهم صابرون مقيمين للصلاة منفقين سرا وعلانية
        ويدفعون السيئة بالحسنة
        وإليكم الصورة النابضة بالحياة

        وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ (21)
        وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)
        جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23)
        سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)

        تقول الملائكة لهم: سَلِمْتم من كل سوء بسبب صبركم على طاعة الله, فنِعْمَ عاقبة الدار الجنة

        وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)

        أما الأشقياء فقد وُصِفوا بضد صفات المؤمنين, فهم الذين لا يوفون بعهد الله بإفراده سبحانه بالعبادة بعد أن أكدوه على أنفسهم, وهم الذين يقطعون ما أمرهم الله بوصله , مِن صلة الأرحام وغيرها, ويفسدون في الأرض بعمل المعاصي, أولئك الموصوفون بهذه الصفات القبيحة لهم الطرد من رحمة الله, ولهم ما يسوءهم من العذاب الشديد في الدار الآخرة.

        *********
        سورة إبراهيم

        مشهد الضعفاء والذين أستكبروا وهذا الحوار اليائس

        وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (21)

        وخرجت الخلائق من قبورهم, وظهروا كلهم يوم القيامة لله الواحد القهار; ليحكم بينهم,
        فيقول الأتباع لقادتهم: إنَّا كنَّا لكم في الدنيا أتباعًا, نأتمر بأمركم, فهل أنتم -اليوم- دافعون عنا من عذاب الله شيئًا كما كنتم تَعِدوننا؟ فيقول الرؤساء: لو هدانا الله إلى الإيمان لأرشدناكم إليه,
        ولكنه لم يوفقنا, فضللنا وأضللناكم, يستوي علينا وعليكم الـجَزَع والصبر عليه, فليس لنا مهرب من العذاب ولا منجى

        *****
        مشهد الشيطان يتبرأ من الذين اتبعوه في النار ويخطب فيهم

        وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)

        وقال الشيطان - بعد أن قضى الله الأمر وحاسب خَلْقه, ودخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ-: إن الله وعدكم وعدًا حقًا بالبعث والجزاء, ووعدتكم وعدًا باطلا أنه لا بَعْثَ ولا جزاء, فأخلفتكم وعدي, وما كان لي عليكم من قوة أقهركم بها على اتباعي, ولا كانت معي حجة, ولكن دعوتكم إلى الكفر والضلال فاتبعتموني, فلا تلوموني ولوموا أنفسكم, فالذنب ذنبكم, ما أنا بمغيثكم ولا أنتم بمغيثيَّ من عذاب الله, إني تبرَّأت مِن جَعْلِكم لي شريكًا مع الله في طاعته في الدنيا.
        إن الظالمين - في إعراضهم عن الحق واتباعهم الباطل- لهم عذاب مؤلم موجع.

        *******

        وفي المقابل نرى مقام المؤمنين

        وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ (23)

        وأُدخل الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات جنات تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار,
        لا يخرجون منها أبدًا - بإذن ربهم وحوله وقوته - يُحَيَّوْن فيها بسلام من الله وملائكته والمؤمنين.
        نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة وجميع المسلمين
        ويحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
        ونسأله الفردوس الأعلى

        وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ "إذا دخل أهل الجنة - الجنة- ينادي مناد‏:‏ إن لكم أن تحيوا، فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تصحوا، فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا، فلا تبأسوا أبداً‏"‏ ‏‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏.‏

        ********
        وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

        تعليق


        • #19
          مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

          بسم الله الرحمن الرحيم

          الجزء الرابع عشر
          مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
          وبعض آيات من سورة الحجر وسورة النحل

          *****
          سورة الحجر

          مشهد اليوم , يعطينا صورة كليه تشمل بداية خلق الإنسان إلى يوم البعث والحساب , ودخول المؤمنون الجنة ودخول الكافرون النار .
          وهنا إحصاء شامل لجميع الخلق , فلا يخفى في هذه الصورة مخلوق
          فالجميع يحشرون

          وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23)
          وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24)
          وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25)


          ويظهر المشهد حقيقة تكوين خلق الإنسان وحقيقة تكوين خلق الجآن .

          وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26)
          وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ (27)

          ونسمع الأمر الإلهي للملأئكة بالسجود لذلك المخلوق الجديد,
          وندرك مدى التكريم للإنسان من الخالق العظيم..
          فسجد الملآئكة أجمعون إلا إبليس رفض السجود حسدا .

          فهيا نرى ذلك المشهد نابضا بالحياة

          وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28)
          فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29)
          فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30)
          إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)
          قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32)
          قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (33)
          قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34)
          وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)
          قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36)
          قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (37)
          إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38)
          قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39)
          إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)

          قال إبليس: ربِّ بسبب ما أغويتني وأضللتني لأحسِّنَنَّ لذرية آدم معاصيك في الأرض, ولأضلنهم أجمعين عن طريق الهدى, إلا عبادك الذين هديتهم فأخلصوا لك العبادة وحدك دون سائر خلقك.

          قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41)
          إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)

          قال الله: هذا طريق مستقيم معتدل موصل إليَّ وإلى دار كرامتي.
          إن عبادي الذين أخلصوا لي لا أجعل لك سلطانًا على قلوبهم تضلُّهم به عن الصراط المستقيم,
          لكن سلطانك على مَنِ اتبعك مِنَ الضالين المشركين الذين رضوا بولايتك وطاعتك بدلا من طاعتي.

          وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)
          لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ (44)

          وإن النار الشديدة لَموعدُ إبليس وأتباعه أجمعين, لها سبعة أبواب كل باب أسفل من الآخر, لكل بابٍ مِن أتباع إبليس قسم ونصيب بحسب أعمالهم.

          مشهد للمتقين ويهم يدعون لدخول الجنات

          إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)
          ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ (46)
          وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (47)
          لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)

          إن الذين اتقوا الله بامتثال ما أمر واجتناب ما نهى في بساتين وأنهار جارية يقال لهم: ادخلوا هذه الجنات سالمين من كل سوء آمنين من كل عذاب. ونزعنا ما في قلوبهم من حقد وعداوة,
          يعيشون في الجنة إخوانًا متحابين,
          يجلسون على أسرَّة عظيمة, تتقابل وجوههم تواصلا وتحاببًا,
          لا يصيبهم فيها تعب ولا إعياء, وهم باقون فيها أبدًا.

          ******

          سورة النحل

          وتستمر المشاهد ونرى الحياة الطيبة للمؤمنين في الدنيا قبل الأخرة
          معتصمين بكتاب ربهم القرأن العظيم ,
          ويحاول الشيطان أن يصد المؤمنين عن القرأن , حيث أن القرآن هو دستور الحياة الذي ينظم سلوك البشر لينعموا في الدنيا والأخرة.

          مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (97)

          فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)
          إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99)
          إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ (100)

          مَن عمل عملا صالحًا ذكرًا كان أم أنثى, وهو مؤمن بالله ورسوله, فلنحيينه في الدنيا حياة سعيدة مطمئنة, ولو كان قليل المال, ولنجزينَّهم في الآخرة ثوابهم بأحسن ما عملوا في الدنيا.

          فإذا أردت -أيها المؤمن- أن تقرأ شيئًا من القرآن فاستعذ بالله مِن شرِّ الشيطان المطرود من رحمة الله قائلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

          إن الشيطان ليس له تسلُّطٌ على المؤمنين بالله ورسوله, وعلى ربهم وحده يعتمدون. إنما تسلُّطه على الذين جعلوه مُعينًا لهم وأطاعوه, والذين هم -بسبب طاعته- مشركون بالله تعالى.

          نعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

          *****

          ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة وجميع المسلمين
          ويحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
          ونسأله الفردوس الأعلى.

          عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل فيما بينهم‏"‏
          قالوا‏:‏ يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم‏؟‏ قال‏:‏ "بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين‏"‏ ‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏‏‏.‏

          ******

          و إلى الجزء التالى إن شاء الله تعالى

          تعليق


          • #20
            مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

            بسم الله الرحمن الرحيم

            الجزء الخامس عشر
            مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
            وبعض آيات من سورة الإسراء و الكهف

            *****
            سورة الإسراء

            تطالعنا السورة بمعجزة الإسراء , من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى.
            وتذكرنا بالخطأ الذي وقع فيه المسلمون في تاريخهم المعاصر هو تركهم المسجد الأقصى. وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين
            إن أفواج الحجيج قبل إحتلال القدس كانوا يذهبون الى زيارة المسجد الأقصى حيث إن الصلاة فيه تضاعف وهو من المساجد التي يشد إليها الرحال ..فلا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد , المسجد الحرام , المسجد النبوي و المسجد الأقصى
            ولا يتصور أن ينقطع المسلمون في أنحاء المعمورة عن زيارة المسجد الأقصى ؟
            فكان يجب أن يكون هناك طريق من الأردن الى المسجد الأقصى تقوم على حمايته قوات إسلامية - وهذا أقل ما يفعل.
            *****
            ونعود لموضوع المشاهد الحية للأخرة.
            والصورة التي معنا ترد على شبهات المكذبين.
            الرد على الشبهة الأولى.
            وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (94)
            قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً (95)


            وما منع الكفارَ من الإيمان بالله ورسوله وطاعتهما، حين جاءهم البيان الكافي من عند الله، إلا قولهم جهلا وإنكارًا: أبعث الله رسولا من جنس البشر؟
            قل -أيها الرسول- ردًّا على المشركين إنكارهم أن يكون الرسول من البشر: لو كان في الأرض ملائكة يمشون عليها مطمئنين، لأرسلنا إليهم رسولا من جنسهم، ولكنَّ أهل الأرض بشر، فالرسول إليهم ينبغي أن يكون من جنسهم؛ ليمكنهم مخاطبته وفَهْم كلامه.

            قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (96)

            قل لهم: كفى بالله شهيدًا بيني وبينكم على صِدْقي وحقيقة نبوَّتي. إنه سبحانه خبير بأحوال عباده، بصير بأعمالهم، وسيجازيهم عليها.

            وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً (97)

            والجزاء من جنس العمل فكما عطل الكافرون أعينهم
            وأذانهم وعدم قولهم الحق ..فحشروا على الهيئة التي أحبوها في الدنيا

            ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98)
            أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (99)

            الرد على الشبهة الثانية ..أنهم غير متصورين أن تعاد أجسامهم
            بعد أن بليت ..ونسوا أن الذي خلقهم من العدم قادر على إعادتهم
            أَغَفَل هؤلاء المشركون، فلم يتبصروا ويعلموا أن الله الذي خلق السموات والأرض وما فيهن من المخلوقات على غير مثال سابق، قادر على أن يخلق أمثالهم بعد فنائهم؟ وقد جعل الله لهؤلاء المشركين وقتًا محددًا لموتهم وعذابهم، لا شك أنه آتيهم، ومع وضوح الحق ودلائله أبى الكافرون إلا جحودًا لدين الله عزَّ وجلَّ.
            *****
            سورة الكهف

            مشهد ما أعد للظالمين

            وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً (29)

            حرية العقيدة وحرية الأختيار والمسؤلية حيال تلك الحريات
            فمن يريد سلوك طريق الإيمان فهو الطريق الحق
            ومن أراد طرق الكفر والشرك والضلال فليحذر

            , إنا أعتدنا للكافرين نارًا شديدة أحاط بهم سورها، وإن يستغث هؤلاء الكفار في النار بطلب الماء مِن شدة العطش، يُؤتَ لهم بماء كالزيت العَكِر شديد الحرارة يشوي وجوههم. قَبُح هذا الشراب الذي لا يروي ظمأهم بل يزيده، وقَبُحَتْ النار منزلا لهم ومقامًا. وفي هذا وعيد وتهديد شديد لمن أعرض عن الحق، فلم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يعمل بمقتضاها.

            مشهد ما أعد للمؤمنين

            إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30)
            أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31)

            أولئك الذين آمنوا لهم جنات يقيمون فيها دائمًا، تجري من تحت غرفهم ومنازلهم الأنهار العذبة، يُحَلَّون فيها بأساور الذهب، ويَلْبَسون ثيابًا ذات لون أخضر نسجت من رقيق الحرير وغليظه، يتكئون فيها على الأسِرَّة المزدانة بالستائر الجميلة، نِعْمَ الثواب ثوابهم، وحَسُنتِ الجنة منزلا ومكانًا لهم.

            مشاهد العرض

            وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (47)
            وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (48)

            واذكر لهم يوم نُزيل الجبال عن أماكنها، وتبصر الأرض ظاهرة، ليس عليها ما يسترها مما كان عليها من المخلوقات، وجمعنا الأولين والآخِرين لموقف الحساب، فلم نترك منهم أحدًا.

            وعُرِضوا جميعًا على ربك مصطَفِّين لا يُحجب منهم أحد، لقد بعثناكم، وجئتم إلينا فرادى لا مال معكم ولا ولد، كما خلقناكم أول مرة، بل ظننتم أن لن نجعل لكم موعدًا نبعثكم فيه، ونجازيكم على أعمالكم.

            وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49)

            ووُضِع كتاب أعمال كل واحد في يمينه أو في شماله، فترى العصاة خائفين مما فيه بسبب ما قدموه من جرائمهم، ويقولون حين يعاينونه: يا هلاكهم! ما لهذا الكتاب لم يترك صغيرة مِن أفعالنا ولا كبيرة إلا أثبتها؟! ووجدوا كل ما عملوه في الدنيا حاضرًا مثبتًا. ولا يظلم ربك أحدًا مثقال ذرة، فلا يُنقَص طائع من ثوابه، ولا يُزاد عاص في عقابه.

            مشاهد الخزي للمشركين

            وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (52)

            واذكر لهم إذ يقول الله للمشركين يوم القيامة: نادوا شركائي الذين كنتم تزعمون أنهم شركاء لي في العبادة؛ لينصروكم اليوم مني، فاستغاثوا بهم فلم يغيثوهم، وجعلنا بين العابدين والمعبودين مهلكًا في جهنم يهلكون فيه جميعًا.

            وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً (53)

            وشاهد المجرمون النار، فأيقنوا أنهم واقعون فيها لا محالة، ولم يجدوا عنها معدلا للانصراف عنها إلى غيرها ...
            وقد كان أمامهم الفرصة في الدنيا للخلاص من هذا الموقف .. بتدبر رسالة ربهم القرآن العظيم ...والألتزام بما ورد فيه من إيمان وأخلاق ومعاملات

            وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (54)


            ولقد وضَّحنا ونوَّعنا في هذا القرآن للناس أنواعًا كثيرة من الأمثال؛ ليتعظوا بها ويؤمنوا. وكان الإنسان أكثر المخلوقات خصومة وجدلا.

            ********

            نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل القرأن
            وأن يعلمنا منه ما جهلنا ,وأن يذكرنا منه ما نسينا.
            ونسأله الفردوس الأعلى.

            وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن في الجنة سوقاً يأتونها كل جمعة‏.‏ فتهب ريح الشمال، فتحثوا في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم، وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم‏:‏ والله لقد ازددتم حسناً وجمالاً‏ !‏ فيقولون‏:‏ وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً‏!‏‏"‏ ‏‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏.‏

            ******
            وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى

            تعليق


            • #21
              مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

              بسم الله الرحمن الرحيم

              الجزء السادس عشر
              مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
              وبعض آيات من سورة الكهف و مريم و طه

              *****
              سورة الكهف

              مشاهد هذا الجزء كثيرة ومتنوعة
              والمؤمن يوقن بها .. أما الكافر والمنكر تعرض عليه فيعلم أنها الحق
              ولكن بعد فوات الأوان حيث لا ينفع التصديق يوم القيامة

              المشهد الأول
              لجهنم وهي تقاد وتعرض على الكافرين

              وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا -100
              الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا -101


              وهذا العرض فيه من العذاب والنكال قبل دخولها ليكون ذلك أبلغ في تعجيل الهم والحزن لهم . وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يؤتى بجهنم تقاد يوم القيامة بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك .
              وترتبط الدنيا بالأخرة في هذا المشهد المروع
              " الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري " أي تغافلوا وتعاموا وتصاموا عن قبول الهدى واتباع الحق كما قال : " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين " وقال هنا " وكانوا لا يستطيعون سمعا " أي لا يعقلون عن الله أمره ونهيه .

              أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا -102

              قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا -103
              الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا - 104

              " الذين ضل سعيهم " في الحياة الدنيا " أي عملوا أعمالا باطلة محرمة " وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " أي يعتقدون أنهم على شيء وأنهم مقبولون محبوبون

              أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا -105
              ذلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا - 106

              أي جحدوا آيات الله في الدنيا والدلائل على وحدانيته
              وكذبوا بالدار الآخرة وكذبوا الرسل" فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا "
              أي لا نثقل موازينهم لأنها خالية عن الخير

              *****
              المشهد الثاني ,
              للمؤمنين وقد أعد الله تعالى لهم جنات الفردوس

              إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا - 107

              خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا - 108

              وفي الصحيحين " إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة " وقوله تعالى " نزلا " أي ضيافة.
              وقوله " خالدين فيها " أي مقيمين ساكنين فيها .. لا موت أبدا " لا يبغون عنها حولا " أي لا يختارون عنها غيرها ولا يحبون سواها

              ************
              سورة مريم

              ومع مشاهد المتقين في جنات عدن

              جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً (61)
              لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً (62)
              تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63)

              ********

              مشهد عبور الصراط
              إنه لموقف مهيب نسأل الله أن نعبره كالبرق

              وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً (71)
              ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً (72)

              وما منكم - أيها الناس - أحد إلا وارد النار بالمرور على الصراط المنصوب على متن جهنم, كل بحسب عمله, كان ذلك أمرًا محتومًا, قضى الله - سبحانه - وحكم أنه لا بد من وقوعه لا محالة.
              ثم ننجي الذين اتقوا ربهم بطاعته والبعد عن معصيته,
              ونترك الظالمين في النار باركين على رُكَبهم.

              *******

              سورة طه

              والمشاهد هنا للمعرضين عن ذكر الله
              وهي تربط بين الدنيا والأخرة

              وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)
              قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125)
              قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126)
              وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)

              ********

              نسأل الله تعالى المغفرة.
              ونسأله الفردوس الأعلى.

              وعن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏
              “قال الله تعالى‏:‏ يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي،
              يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني ، غفرت لك ولا أبالي،
              يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة‏"‏

              *****

              وإلى الجزء التالي إن شاء الله

              تعليق


              • #22
                مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

                بسم الله الرحمن الرحيم

                الجزء السابع عشر
                مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
                وبعض آيات من سورة الأنبياء و الحج

                *****
                سورة الأنبياء

                اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ - 1


                قال ابن كثير في تفسيره.
                هذا تنبيه من الله عز وجل على اقتراب الساعة ودنوها وأن الناس في غفلة عنها أي لا يعملون لها ولا يستعدون من أجلها


                ******

                إن عنصر الزمن للأرض من الأمور التي يجب
                أن ننتبهه إليه .. حيث أن علامات كثيرة قد تحققت كما وصفها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
                وعلينا السعي مع الإيمان واليقين لكي ندرك ما فاتنا من العمر.

                فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ -94
                وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ -95

                قال ابن كثير في تفسيره.

                قال ابن عباس : قد قدر أن أهل كل قرية أهلكوا أنهم لا يرجعون إلى الدنيا قبل يوم القيامة .

                حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ -96

                قال ابن كثير في تفسيره.
                حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون " أي يسرعون في المشي إلى الفساد
                والحدب هو المرتفع من الأرض وهذه صفتهم في حال خروجهم كأن السامع مشاهد لذلك .

                وتظهر العلامات الكبرى
                ويلتفت الكفار بشدة إليها ولكن بعد فوات الأوان .

                وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ -97

                مشاهد للكافرين في جهنم ومايعبدون من دون الله.

                إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ -98
                لَوْ كَانَ هَؤُلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ -99
                لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ -100

                " لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها " يعني لو كانت هذه الأصنام والأنداد التي اتخذتموها من دون الله آلهة صحيحة لما وردوا النار وما دخلوها " وكل فيها خالدون " أي العابدون ومعبوداتهم كلهم فيها خالدون " . ( تفسير ابن كثير)
                ****

                مشاهد الذين سبقت لهم الحسنى من الله تعالى

                إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ 101-
                لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ -102
                لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ - 103

                أما الأنبياء لم يأمروا أحدا بعبادتهم فهم مبعدون عن النار
                والصورة مختلفة عن الذين يأمرون الناس بعبادهم
                فقد قال فرعون لأتباعه أنا ربكم الأعلى واتبعوه على ذلك , فيقال لهم أنتم وما تعبدون في نار جهنم
                أما الصالحون والأنبياء لم يخطر ببالهم ما سوف يفعله الناس

                ورأينا في الجزء السابع موقف نبي الله عيسى
                يعلن أمام الحشر أنه بريء ممن عبدوه , وأنه قال للناس: "إن الله ربي وربكم فعبدوه"
                وأنه لم يعلم بما فعله وقاله الناس بعد أن توفاه الله ورفعه إليه.

                وقال الطبري مثل هذا التفسير

                *******

                إن مايسطر الأن في سجلات الخلائق
                هو ما سوف نراه يوم القيامة.

                يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ -104

                روى الأمام أحمد عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال " إنكم محشورون إلى الله عز وجل حفاة عراة غرلا
                " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين"

                وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ -105

                إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ -106

                وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ -107

                فيجب على الإنسان العاقل أن يتمسك بحبل النجاة , ألا وهو كتاب الله ,القرآن العظيم رسالة رب للعالمين . وهدي نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم الرحمة المهداه .

                ******

                سورة الحج

                مشاهد زلزلة الساعة

                يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ - 1
                يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ - 2

                الرد على المتشككين في البعث

                يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ - 5

                واسمحوا لي أن أورد هذا المثال مرة أخرى وقد ورد في الجزء الحادي عشر من هذه السلسلة .
                لو إفترضنا جدلا أن للإنسان إدراك وهو في بطن أمه ,
                وسمع تلك الآيات السابقة وأنه سوف يخرج من هذا المكان الضيق
                " بطن أمه " إلى مكان أوسع فيه حياة مختلفة
                فيها يتنفس الهواء و يأكل ويشرب ,فيها يجد إخوان له وأبيه وأمه .
                ماذا بالله ننتظر منه الجواب ؟؟ وهو لم يرى الدنيا بعد ؟
                أيقول لم أصدق لأني لم أرى الدار الأخرة بعيني ؟
                أم يقول آمنت لأن الذي أخبرني بهذا هو خالقي .
                وقياسا على ذلك تلك المرحلة التي نحن فيها الأن
                فالمسلم يؤمن بأن هناك بعث وحساب وهناك جنة للمؤمنين.. ونار للمكذبين لأن الله تعالى أخبرنا بذلك .

                ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - 6
                وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ -7

                مشاهد لمن كان يجادل في الله بغير علم في الدنيا

                وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ - 8
                ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ - 9
                ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِّلْعَبِيدِ - 10

                قال ابن كثير في تفسيره

                الدعاة إلى الضلالة من رءوس الكفر والبدع فقال " ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير " أي بلا عقل صحيح ولا نقل صريح بل بمجرد الرأي والهوى .
                له في الدنيا خزي " وهو الإهانة والذل كما أنه لما استكبر عن آيات الله لقاه الله المذلة في الدنيا وعاقبه فيها قبل الآخرة لأنها أكبر همه ومبلغ علمه " ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق.

                *****

                أما المشاهد التي أمامنا الأن فهي لفريقين
                فريق الذين كفروا وهم من ينكرون رسالة الإسلام والبعث
                وفريق الذين أمنوا بالله ورسله .

                هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ - 19
                يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ - 20
                وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ - 21
                كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ - 22


                إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ -23
                وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ - 24

                وقوله " وهدوا إلى الطيب من القول " كقوله تعالى" وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام " وقوله " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " وقوله " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما "
                فهدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلام الطيب وقوله " ويلقون فيها تحية وسلاما " ( تفسير ابن كثير)

                *****

                نسال الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة.
                ونسأله الفردوس الأعلى.

                وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يتمخطون، أمشاطهم الذهب، وريحهم المسك، ومجامرهم الألوة -عود الطيب- أزواجهم الحورالعين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء‏"‏ ‏‏‏(‏متفق عليه‏)‏.

                ******

                وإلى الجزء التالى إن شاء الله تعالى

                تعليق


                • #23
                  مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  الجزء الثامن عشر
                  مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
                  وبعض آيات من سورة المؤمنون

                  مشاهد اليوم عنوانها
                  الطريق إلى الفردوس

                  وطريق الفردوس ليس عسيرا أو شاقا
                  بل يشعر المؤمن وهو يسلكه بالسكينة والرضى
                  وسعادة التقرب إلى الله تعالى .

                  قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ -1 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ -2


                  أي قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح .. بسلوكهم الطريق
                  بالخشوع لله تعالى وخاصة في الصلاة
                  التي هي اللقاء المتجدد بين الإنسان وخالقه ,
                  (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) ولذلك تجد المؤمن معرض عن اللغو الذي يؤدي الي الفواحش والمنكرات

                  وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ - 3

                  وبالعمل النافع يجدون ما ينفقون على أنفسهم وأهليهم و إخراج زكاة أموالهم..

                  وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ - 4

                  والعفة بالإقتصار على العلاقة الزوجية الطاهرة النقية.., التي هي لبنة المجتمع ,
                  حيث يجب المحافظة على قدسيتها وصينتها , وإلا لتفكك المجتمع .

                  وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - 5
                  إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ - 6
                  فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ - 7

                  والأمانة والوفاء بالعهود هي أخلاقهم...

                  وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ - 8

                  وبهذه الأعمال التي تبدأ بصاحبها بالفلاح في الدنيا و تنتهي بصاحبها إلي الفردوس في الأخرة ..
                  يأتي التأكيد على المحافظة على الصلاة التي تتكرر خمس مرات يوميا وذلك لتدعيم الصلة مع رب العالمين .

                  وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ - 9
                  أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ – 10 الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - 11

                  قال ابن كثير في تفسيره:
                  أن عمر بن الخطاب يقول : كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل.
                  فلبثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال" اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا –
                  ثم قال - لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة " ثم قرأ " قد أفلح المؤمنون " حتى ختم العشر
                  ورواه الترمذي في تفسيره


                  مشاهد مراحل خلق الأنسان

                  وكما سبق أن ذكرنا إنها دليل البعث
                  فإن الذي خلقنا من العدم قادر على إعادتنا يوم القيامة
                  ونحن نلاحظ البعث يوميا مع إستيقاظنا من نومنا
                  ولذلك يستحب أن نقول عند الأستيقاظ
                  الحمد لله الذي أحياني بعد ما أمتني وإليه النشور

                  ونعيش مع تلك االمشاهد

                  وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ - 12
                  ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ - 13
                  ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا
                  فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ - 14
                  ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ - 15
                  ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ - 16

                  *********

                  مع هذه المشاهد الحية وميزان الأعمال

                  فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ -101

                  فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ -102

                  فمن كثرت حسناته وثَقُلَتْ بها موازين أعماله عند الحساب، فأولئك هم الفائزون بالجنة

                  وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ -103

                  ومن قَلَّتْ حسناته في الميزان، ورجحت سيئاته، وأعظمها الشرك، فأولئك هم الذين خابوا وخسروا أنفسهم، في نار جهنم خالدون.

                  تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ -104
                  أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ -105
                  قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ -106
                  رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ -107
                  قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ -108

                  إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ -109
                  فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ -110
                  إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ -111

                  قال ابن كثير في تفسيره :
                  قال تعالى" إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا "
                  أي فسخرتم منهم في دعائهم إياي وتضرعهم إلي " حتى أنسوكم ذكري " أي حملكم بغضهم علي أن نسيتم معاملتي " وكنتم منهم تضحكون " أي من صنيعهم وعبادتهم
                  كما قال تعالى " إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون " أي يلمزونهم استهزاء ثم أخبر تعالى عما جازى به أولياءه وعباده الصالحين.

                  قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ -112

                  ويُسْألُ الأشقياء في النار: كم بقيتم في الدنيا من السنين؟ وكم ضيَّعتم فيها من طاعة الله؟

                  قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ -113

                  قالوا لِهول الموقف وشدة العذاب: بقينا فيها يومًا أو بعض يوم، فاسأل الحُسَّاب الذين يعدُّون الشهور والأيام.

                  قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ -114

                  قال لهم: ما لبثتم إلا وقتًا قليلا لو صبرتم فيه على طاعة الله لفزتم بالجنة ؛
                  وذلك لأن مدة مكثهم في الدنيا قليلة جدا بالنسبة إلى طول مدتهم خالدين في النار.

                  أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ -115

                  أفحسبتم- أيها الخلق- أنما خلقناكم مهملين, لا أمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب، وأنكم إلينا لا ترجعون في الآخرة للحساب والجزاء؟

                  فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ -116

                  تعالى وتَقَدَّس عن أن يخلق شيئًا عبثًا ، لا إله غيره ربُّ العرشِ الكريمِ،

                  *****

                  وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ -117

                  ومن يعبد مع الله الواحد إلهًا آخر، لا حجة له على استحقاقه العبادة، فإنما جزاؤه على عمله السيِّئ عند ربه في الآخرة. إنه لا فلاح ولا نجاة للكافرين يوم القيامة.


                  وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ -118

                  نسال الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة
                  ونسأله الفردوس الأعلى

                  وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن أدنى مقعد أحدكم من الجنة أن يقول له‏:‏ تمن فيتمنى ويتمنى، فيقول له‏:‏ هل تمنيت‏؟‏ فيقول‏:‏ نعم، فيقول له‏:‏ فإن لك ما تمنيت ومثله معه‏"‏ ‏ (‏رواه مسلم‏)‏‏‏.‏

                  ******

                  وإلى الجزء التالى إن شاء الله تعالى

                  تعليق


                  • #24
                    مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    الجزء التاسع عشر
                    مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
                    وبعض آيات من سورة الفرقان

                    مشاهد اليوم من أعلى منازل الجنة


                    أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا

                    أعلى منازل الجنة ؛ برحمة الله وبسبب صبرهم على الطاعات, وسَيُلَقَّوْن في الجنة التحية والتسليم من الملائكة, والحياة الطيبة والسلامة مِنَ الآفات، خالدين فيها أبدًا مِن غير موت، حَسُنَتْ مستقرًا يَقِرُّون فيه ومقامًا يقيمون به، لا يبغون عنها تحولا.

                    من هؤلاء السعداء ؟ ؟
                    تعالوا ننظر إليهم في الدنيا قبل الأخرة من خلال
                    أوصافهم التي ذكرها الله لنا
                    في الآيات الأخيرة من سورة الفرقان

                    وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً (63)

                    وعباد الرحمن الصالحون يمشون على الأرض بسكينة متواضعين, وإذا خاطبهم الجهلة السفهاء بالأذى أجابوهم بالمعروف من القول, وخاطبوهم خطابًا يَسْلَمون فيه من الإثم،

                    وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (64)

                    والذين يكثرون من صلاة الليل مخلصين فيها لربهم، متذللين له بالسجود والقيام.

                    وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً (66)

                    والذين هم مع اجتهادهم في العبادة يخافون الله فيدعونه أن ينجيهم من عذاب جهنم، إن عذابها يلازم صاحبه. إن جهنم شر قرار وإقامة.

                    وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً (67)

                    والذين إذا أنفقوا من أموالهم لم يتجاوزوا الحد في العطاء، ولم يضيِّقوا في النفقة، وكان إنفاقهم وسطًا بين التبذير والتضييق.

                    وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68)
                    يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69)
                    إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70)
                    وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71)

                    والذين يوحدون الله، ولا يدعون ولا يعبدون إلهًا غيره، ولا يقتلون النفس التي حرَّم الله قتلها إلا بما يحق قتلها به: من كفر بعد إيمان، أو زنى بعد زواج، أو قتل نفس عدوانًا، ولا يزنون,
                    ومن يفعل شيئًا من هذه الكبائر يَلْقَ في الآخرة عقابًا. يُضاعَفْ له العذاب يوم القيامة، ويَخْلُدْ فيه ذليلا.
                    لكن مَن تاب مِن هذه الذنوب توبة نصوحًا وآمن إيمانًا جازمًا مقرونًا بالعمل الصالح، فأولئك يمحو الله عنهم سيئاتهم ويجعل مكانها حسنات ؛ بسبب توبتهم وندمهم . وكان الله غفورًا لمن تاب، رحيمًا بعباده حيث دعاهم إلى التوبة بعد مبارزته بأكبر المعاصي. ومن تاب عمَّا ارتكب من الذنوب، وعمل عملا صالحا فإنه بذلك يرجع إلى الله رجوعًا صحيحًا، فيقبل الله توبته ويكفر ذنوبه.

                    وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً (72)

                    والذين لا يشهدون بالكذب ولا يحضرون مجالسه، وإذا مروا بأهل الباطل واللغو من غير قصد مرُّوا
                    معرضين منكرين يتنزهون عنه، ولا يرضونه لغيرهم.

                    وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً (73)

                    والذين إذا وُعِظُوا بآيات القرآن ودلائل وحدانية الله لم يتغافلوا عنها، كأنهم صمٌّ لم يسمعوها، وعُمْيٌ لم يبصروها،
                    بل وَعَتْها قلوبهم، وتفتَّحت لها بصائرهم، فخرُّوا لله ساجدين مطيعين.

                    وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (74)

                    والذين يسألون الله تعالى قائلين: ربنا هب لنا مِن أزواجنا وذريَّاتنا ما تَقَرُّ به أعيننا، وفيه أنسنا وسرورنا، واجعلنا قدوة يُقتدى بنا في الخير.

                    أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً (76)

                    *****

                    نسال الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة.
                    ونسأله الفردوس الأعلى.

                    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
                    ‏"‏إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ملا بينهم‏"‏
                    قالوا‏:‏ يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم‏؟‏ قال‏:‏ "بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين‏"‏ ‏‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏‏‏.

                    *****

                    وإلى الجزء التالى إن شاء الله تعالى

                    تعليق


                    • #25
                      مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

                      بسم الله الرحمن الرحيم

                      الجزء العشرون
                      مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
                      وبعض آيات من سورة النمل

                      مشاهد اليوم تبدأ بعلامة من العلامات الكبرى للساعة
                      وهي خروج دابة من الأرض تكلم الناس.

                      وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ (82)


                      وإذا وجب العذاب عليهم; لتماديهم في المعاصي والطغيان, وإعراضهم عن شرع الله وحكمه,
                      حتى صاروا من شرار خلقه, أخرجنا لهم من الأرض في آخر الزمان علامة من علامات الساعة الكبرى,
                      وهي "الدابة", تحدثهم أن الناس المنكرين للبعث كانوا بالقرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم ودينه لا يصدقون ولا يعملون.

                      وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83)

                      ويوم نجمع يوم الحشر من كل أمة جماعة, ممن يكذب بأدلتنا وحججنا, يُحْبَس أولهم على آخرهم; ليجتمعوا كلهم, ثم يساقون إلى الحساب.

                      حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ (85)

                      حتى إذا جاء من كل أمة فوج ممن يكذب بآياتنا فاجتمعوا قال الله: أكذَّبْتم بآياتي التي أنزلتها على رسلي, وبالآيات التي أقمتها دلالة على توحيدي واستحقاقي وحدي للعبادة ولم تحيطوا علمًا ببطلانها, حتى تُعرضوا عنها وتُكَذِّبوا بها, أم أي شيء كنتم تعملون؟ وحقت عليهم كلمة العذاب بسبب ظلمهم وتكذيبهم, فهم لا ينطقون بحجة يدفعون بها عن أنفسهم ما حلَّ بهم من سوء العذاب.

                      أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86)

                      ألم ير هؤلاء المكذبون بآياتنا أنا جعلنا الليل يستقرُّون فيه وينامون, والنهار يبصرون فيه للسعي في معاشهم؟ إن في تصريفهما لَدلالة لقوم يؤمنون بكمال قدرة الله ووحدانيَّته وعظيم نعمه.
                      وهي دلالة مستمرة في حياة الإنسان تدل حقيقة البعث حيث يبعث الأنسان بعد نومه .
                      فهل سأل الأنسان نفسه من الذي توفاني بالليل ومن الذي بعثني في النهار ؟

                      وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87)

                      يوم يَنفخ الملَك في "القرن" ففزع مَن في السموات ومَن في الأرض فزعًا شديدًا مِن هول النفخة, إلا مَنِ استثناه الله ممن أكرمه وحفظه من الفزع, وكل المخلوقات يأتون إلى ربهم صاغرين مطيعين.

                      وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)
                      مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89)

                      من جاء بتوحيد الله والإيمان به وعبادته وحده, والأعمال الصالحة يوم القيامة, فله عند الله من الأجر العظيم ما هو خير منها وأفضل, وهو الجنة, وهم يوم الفزع الأكبر آمنون.

                      وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (90)

                      ومن جاء بالشرك والأعمال السيئة المنكرة, فجزاؤهم أن يكبَّهم الله على وجوههم في النار يوم القيامة, ويقال لهم توبيخًا: هل تجزون إلا ما كنتم تعملون في الدنيا؟

                      النجاة من أهوال القيامة

                      إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (91)
                      وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنذِرِينَ (92)

                      إنما أُمرت أن أعبد رب هذه البلدة, وهي "مكة", الذي حَرَّمها على خلقه أن يسفكوا فيها دمًا حرامًا, أو يظلموا فيها أحدًا, أو يصيدوا صيدها, أو يقطعوا شجرها, وله سبحانه كل شيء,
                      وأُمرت أن أعبده وحده دون مَن سواه, وأُمرت أن أكون من المسلمين, المبادرين لطاعته,
                      وأن أتلو القرآن على الناس, فمن اهتدى بما فيه واتبع ما جئت به, فإنما خير ذلك وجزاؤه لنفسه, ومن ضلَّ عن الحق فقل -أيها الرسول-: إنما أنا نذير لكم من عذاب الله وعقابه إن لم تؤمنوا، فأنا واحد من الرسل الذين أنذروا قومهم, وليس بيدي من الهداية شيء.

                      وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)

                      ******
                      نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة.
                      ونسأله الرضى .
                      ونسأله الفردوس الأعلى .

                      وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة‏:‏ يا أهل الجنة، فيقولون ‏:‏ لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك فيقول‏:‏ هل رضيتم‏؟‏
                      فيقولون‏:‏ وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا مالم تعط أحداً من خلقك‏!‏
                      فيقول‏:‏ ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون‏:‏ وأي شيء أفضل من ذلك‏؟‏
                      فيقول‏:‏ أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبداً‏"‏ ‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏‏‏.‏

                      *******
                      وإلى الجزء التالي إن شاء الله

                      تعليق


                      • #26
                        مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        الجزء الحادي و العشرون
                        مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
                        وبعض آيات من سورة السجدة

                        أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ


                        تحت هذا العنوان نبدأ مشاهد اليوم ودلائل الأيمان وما يؤدي إليه, وعاقبة الكفر والفسوق .

                        دلائل التوحيد

                        اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (4)
                        يدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)
                        ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6)
                        الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ (7)
                        ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8)
                        ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (9)

                        الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام,
                        , ثم استوى سبحانه وتعالى على عرشه استواء يليق بجلاله, لا يكيَّف, ولا يشبَّه باستواء المخلوقين.
                        ليس لكم -أيها الناس- من وليٍّ يلي أموركم, أو شفيع يشفع لكم عند الله؛ لتنجوا من عذابه,
                        أفلا تتعظون وتتفكرون – فتتجهوا إليه وحده بالعبادة.

                        يدبر الله تعالى أَمْر المخلوقات من السماء إلى الأرض, ثم يصعد ذلك الأمر والتدبير إلى الله في يوم مقداره ألف سنة من أيام الدنيا التي تعدُّونها.

                        ذلك الخالق المدبِّر لشؤون العالمين, عالم بكل ما يغيب عن الأبصار, ومما تُكِنُّه الصدور وتخفيه النفوس,
                        وعالم بما شاهدته الأبصار, وهو القويُّ الظاهر الذي لا يغلَب, الرحيم بعباده المؤمنين.

                        الله الذي أحكم خلق كل شيء, وبدأ خَلْقَ الإنسان, وهو آدم عليه السلام من طين.
                        ثم جعل ذرية آدم متناسلة من نطفة ضعيفة رقيقة مهينة.
                        ثم أتم خلق الإنسان وأبدعه, وأحسن خلقته, ونفخ فيه مِن روحه بإرسال الملك له؛ لينفخ فيه الروح,
                        وجعل لكم -أيها الناس- نعمة السمع والأبصار يُميَّز بها بين الأصوات والألوان والذوات والأشخاص,
                        ونعمة العقل يُميَّز بها بين الخير والشر والنافع والضار.
                        قليلا ما تشكرون ربكم على ما أنعم به عليكم.

                        ****
                        وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10)
                        قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)

                        وبعد كل هذه الدلائل الواضحة يقولون : أإذا صارت لحومنا وعظامنا ترابًا في الأرض أنُبعَث خلقًا جديدًا؟
                        يستبعدون ذلك بغير علم, وإنما هو منهم ظلم وعناد؛
                        لأنهم بلقاء ربهم - يوم القيامة - كافرون.

                        وهذا أول الطريق للأخرة فهل يستطيع كافر أن يعترض على ذلك ,
                        قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكِّل بكم, فيقبض أرواحكم إذا انتهت آجالكم, ولن تتأخروا لحظة واحدة, ثم تُردُّون إلى ربكم, فيجازيكم على جميع أعمالكم: إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر.

                        الصورة الحية
                        لمشاهد هذا الموقف

                        وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (12)
                        وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13)
                        فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14)

                        ولو ترى إذ المجرمون الذين أنكروا البعث قد خفضوا رؤوسهم عند ربهم من الخزي والعار قائلين: ربنا أبصرنا قبائحنا, وسمعنا وأمنا, وقد تُبْنا إليك, فارجعنا إلى الدنيا لنعمل فيها بطاعتك, إنا قد أيقنَّا الآن ما كنا به في الدنيا مكذبين من وحدانيتك, وأنك تبعث من في القبور.

                        ولو شئنا لآتينا هؤلاء المشركين بالله رشدهم وتوفيقهم للإيمان, ولكن حق القول مني ووجب لأملأنَّ جهنم من أهل الكفر والمعاصي, من الجِنَّة والناس أجمعين؛ وذلك لاختيارهم الضلالة على الهدى.

                        يقال لهؤلاء المشركين -عند دخولهم النار-: فذوقوا العذاب؛ بسبب غفلتكم عن الآخرة وانغماسكم في لذائذ الدنيا, إنا تركناكم اليوم في العذاب, وذوقوا عذاب جهنم الذي لا ينقطع؛ بما كنتم تعملون في الدنيا من الكفر بالله ومعاصيه.

                        ******

                        إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (15)
                        تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16)
                        فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)

                        إنما يصدق بآيات القرآن ويعمل بها الذين إذا وُعِظوا بها أو تُليت عليهم سجدوا لربهم خاشعين مطيعين,
                        وسبَّحوا الله في سجودهم بحمده, وهم لا يستكبرون عن السجود والتسبيح له, وعبادته وحده لا شريك له.
                        ترتفع جنوب هؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله عن فراش النوم, يتهجدون لربهم في صلاة الليل, يدعون ربهم خوفًا من العذاب وطمعًا في الثواب, ومما رزقناهم ينفقون في طاعة الله وفي سبيله.
                        فلا تعلم نفس ما ادَّخر الله لهؤلاء المؤمنين مما تَقَرُّ به العين, وينشرح له الصدر؛ جزاء لهم على أعمالهم الصالحة.

                        أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (18)
                        أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19)

                        أفمن كان مطيعًا لله ورسوله مصدقًا بوعده ووعيده, مثل من كفر بالله ورسله وكذب باليوم الآخر؟ لا يستوون عند الله.
                        أما الذين آمنوا بالله وعملوا بما أُمِروا به فجزاؤهم جنات يأوون إليها, ويقيمون في نعيمها ؛ جزاءً لهم بما كانوا يعملون في الدنيا بطاعته.

                        وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)

                        وأما الذين خرجوا عن طاعة الله وعملوا بمعاصيه فمستقرهم جهنم, كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها, وقيل لهم -توبيخا وتقريعا-: ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون في الدنيا

                        *******

                        نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة.
                        ونسأله الرضى .
                        ونسأله الفردوس الأعلى .

                        وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال‏:‏ شهدت من النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً وصف فيه الجنة حتى انتهى، ثم قال في آخر حديثه‏:‏ ‏"‏فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر‏"‏ ثم قرأ ‏ تتجافى جنوبهم عن المضاجع‏ ‏ إلى قوله تعالى‏:‏ ‏ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين‏ ‏‏.‏ ‏‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏

                        ******
                        وإلى الجزء التالى إن شاء الله تعالى

                        تعليق


                        • #27
                          مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          الجزء الثاني و العشرون
                          مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
                          وبعض آيات من سور الأحزاب و سبأ ويس

                          ومشاهد اليوم نرى في أولها
                          سؤال عن البعث
                          وفي أخرها تأكيد حقيقة البعث

                          أما السؤال فهو في سورة الأحزاب

                          يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (63) الأحزاب


                          أما تأكيد حقيقة البعث فهو في أول سورة يس

                          إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) يس

                          إن الله تعالى يحي الأموات جميعًا ببعثهم يوم القيامة, وقد تم كتابة ما عملوا من الخير والشر, وآثارهم التي كانوا سببًا فيها في حياتهم وبعد مماتهم من خير, كالولد الصالح, والعلم النافع, والصدقة الجارية, ومن شر, كالشرك والعصيان, وكلَّ شيء أحصيناه في كتاب واضح هو أمُّ الكتب, وهو اللوح المحفوظ.
                          فعلى العاقل محاسبة نفسه; ليكون قدوة في الخير في حياته وبعد مماته.

                          *****
                          سورة سبأ

                          وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (28)

                          ورسالة الإسلام رسالة عالمية حيث أرسلت للناس أجمعين حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم , مبشرًا بثواب الله, ومنذرًا عقابه,
                          ولكن أكثر الناس لا يعلمون الحق, فهم معرضون عنه.

                          وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (29)

                          ويقول هؤلاء المشركون مستهزئين: متى هذا الوعد الذي تَعِدوننا أن يجمعنا الله فيه, ثم يقضي بيننا, إن كنتم صادقين فيما تعدوننا به؟
                          وهؤلاء المكذبين يعلمون أنهم سوف يموتون ولكن متى وأين ؟ لايستطيعون الأجابة لأن العلم عند الله

                          قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ (30)

                          إن الميعاد أتيكم لا محالة, وهو ميعاد يوم القيامة, لا تستأخرون عنه ساعة للتوبة, ولا تستقدمون ساعةً قبله للعذاب. فاحذروا ذلك اليوم, وأَعِدُّوا له عدته.

                          مشهد للحوار بين المستضعفين والمستكبرين

                          وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)

                          وقال الذين كفروا: لن نصدِّق بهذا القرآن ولا بالذي تَقَدَّمَه من التوراة والإنجيل والزبور, فقد كذَّبوا بجميع كتب الله.
                          وتعرض صورتهم .., إذ الظالمون محبوسون عند ربهم للحساب, يتراجعون الكلام فيما بينهم, كل يُلْقي بالعتاب على الآخر, يقول المستضعفون للذين استكبروا لولا أنتم أضللتمونا عن الهدى لكنا مؤمنين بالله ورسوله

                          قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنْ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ (32)

                          قال الرؤساء للذين استُضعِفوا: أنحن منعناكم من الهدى بعد إذ جاءكم؟ بل كنتم مجرمين إذ دخلتم في الكفر بإرادتكم مختارين.

                          وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)

                          وقال المستضعفون لرؤسائهم في الضلال: بل تدبيركم الشر لنا في الليل والنهار هو الذي أوقعنا في التهلكة, فكنتم تطلبون منا أن نكفر بالله, ونجعل له شركاء في العبادة, وأسرَّ كُلٌّ من الفريقين الحسرة حين رأوا العذاب الذي أُعدَّ لهم, وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا, لا يعاقَبون بهذا العقاب إلا بسبب كفرهم بالله وعملهم السيئات في الدنيا.
                          وفي الآية تحذير شديد من متابعة دعاة الضلال وأئمة الكفر والشرك والألحاد.

                          وتعود المشاهد بنا إلي ما كان يفعله المترفون في الدنيا

                          وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)
                          وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)
                          قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (36)

                          وما أرسلنا في قرية من رسول يدعو الى توحيد الله وإفراده بالعبادة, إلا قال المنغمسون في اللذات والشهوات من أهلها: إنَّا بالذي جئتم به جاحدون.

                          وقالوا: نحن أكثر منكم أموالا وأولادًا, والله لم يعطنا هذه النعم إلا لرضاه عنا, وما نحن بمعذَّبين في الدنيا ولا في الآخرة.

                          إن الله تعالى , يوسِّع الرزق في الدنيا لمن يشاء مِن عباده, ويضيِّق على مَن يشاء, لا لمحبة ولا لبغض, ولكن يفعل ذلك اختبارًا, ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن ذلك اختبار لعباده؛ لأنهم لا يتأملون.

                          وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)

                          وليست أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عند الله قربى, وترفع درجاتكم,
                          لكن مَن آمن بالله وعمل صالحًا فهؤلاء لهم ثواب الضعف من الحسنات, فالحسنة بعشر أمثالها إلى ما يشاء الله من الزيادة, وهم في أعالي الجنة آمنون من العذاب والموت والأحزان.

                          مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ


                          نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة.
                          ونسأله الرضى.
                          ونسأله الفردوس الأعلى.

                          عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم‏"‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم‏؟‏ قال‏:‏ "بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

                          *****
                          وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى

                          تعليق


                          • #28
                            رد: مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

                            اسال الله ان يجزاك بكل حرف كتبته اجر وانشالله لن يذهب عملك سدا..

                            تعليق


                            • #29
                              مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

                              بسم الله الرحمن الرحيم

                              الجزء الثالث و العشرون
                              مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
                              وبعض آيات من سور يس والصافات وص

                              ولا يزال الكفار يسألون عن موعد البعث ..حتى تأتي نفخة الفزع تأخذهم .

                              وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (48)
                              مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)
                              فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)

                              ويقول هؤلاء الكفار على وجه التكذيب والاستعجال: متى يكون البعث إن كنتم صادقين ؟
                              ما ينتظر هؤلاء المشركون الذين يستعجلون بوعيد الله إياهم إلا نفخة الفَزَع عند قيام الساعة, تأخذهم فجأة, وهم يختصمون في شؤون حياتهم.
                              فلا يستطيع هؤلاء المشركون عند النفخ في "القرن" أن يوصوا أحدًا بشيء, ولا يستطيعون الرجوع إلى أهلهم, بل يموتون في أسواقهم ومواضعهم.

                              وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51)
                              قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا , هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)
                              إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)
                              فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54)

                              ونُفِخ في "القرن" النفخةُ الثانية, فتُرَدُّ أرواحهم إلى أجسادهم, فإذا هم من قبورهم يخرجون إلى ربهم سراعًا.
                              قال المكذبون بالبعث نادمين: يا هلاكهم مَن أخرجنا مِن قبورنا؟ فيجابون ويقال لهم: هذا ما وعد به الرحمن, وأخبر عنه المرسلون الصادقون.
                              ما كان البعث من القبور إلا نتيجة نفخة واحدة في "القرن", فإذا جميع الخلق ماثلون للحساب والجزاء.
                              في ذلك اليوم يتم الحساب بالعدل, فلا تُظْلم نفس شيئًا بنقص حسناتها أو زيادة سيئاتها, ولا تُجْزون إلا بما كنتم تعملونه في الدنيا.

                              مشاهد مشرقة لأصحاب الجنة

                              إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55)
                              هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56)
                              لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57)
                              سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)

                              إن أهل الجنة في ذلك اليوم مشغولون عن غيرهم بأنواع النعيم التي يتفكهون بها.
                              هم وأزواجهم متنعمون بالجلوس على الأسرَّة المزيَّنة, تحت الظلال الوارفة.
                              لهم في الجنة أنواع الفواكه اللذيذة, ولهم كل ما يطلبون من أنواع النعيم.
                              ولهم نعيم آخر أكبر حين يكلمهم ربهم, الرحيم بهم بالسلام عليهم.

                              *******

                              مشاهد للمجرمين الذين كذبوا برسلات ربهم
                              وهم يزاحوا عن المؤمنين.

                              وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)
                              أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)
                              وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
                              وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)
                              هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63)
                              اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64)
                              الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)
                              وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66)
                              وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلا يَرْجِعُونَ (67)

                              ويقال للكفار في ذلك اليوم: تميَّزوا عن المؤمنين, وانفصلوا عنهم.
                              ويقول الله لهم توبيخًا وتذكيرًا: ألم أوصكم على ألسنة رسلي أن لا تعبدوا الشيطان ولا تطيعوه؟ إنه لكم عدو ظاهر العداوة.
                              وأمرتكم بعبادتي وحدي, فعبادتي وطاعتي ومعصية الشيطان- هي الدين القويم الموصل لمرضاتي وجنَّاتي.
                              ولقد أضلَّ الشيطان عن الحق منكم خلقًا كثيرًا, أفما كان لكم عقل -أيها المشركون- ينهاكم عن اتباعه؟
                              هذه جهنم التي كنتم توعدون بها في الدنيا على كفركم بالله وتكذيبكم رسله.
                              ادخلوها اليوم وقاسوا حرَّها; بسبب كفركم.
                              اليوم نطبع على أفواه المشركين فلا ينطقون, وتُكلِّمنا أيديهم بما بطشت به, وتشهد أرجلهم بما سعت إليه في الدنيا، وكسبت من الآثام.
                              ولو نشاء لطمسنا على أعينهم بأن نُذْهب أبصارهم, كما ختمنا على أفواههم, فبادَروا إلى الصراط ليجوزوه, فكيف يتحقق لهم ذلك وقد طُمِست أبصارهم؟
                              ولو شئنا لَغَيَّرنا خلقهم وأقعدناهم في أماكنهم, فلا يستطيعون أن يَمْضوا أمامهم, ولا يرجعوا وراءهم

                              *******
                              ونظرا لطول الصور الحية في سورة الصافات وسورة ص
                              نرجئ الحديث عنها في اللقاء القادم إن شاء الله

                              نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة.
                              ونسأله الرضى.
                              ونسأله الفردوس الأعلى.

                              وعن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ "يأكل أهل الجنة فيها ، ويشربون ، ولا يتغوطون، ولا يتمخطون، ولا يبولون، ولكن طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتكبير، كما يلهمون النفس‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.

                              ******

                              وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                              تعليق


                              • #30
                                مشاهد حية للأخرة في الفرآن العظيم

                                بسم الله الرحمن الرحيم

                                تابع
                                للجزء الثالث و العشرون
                                مشاهد الأخرة من القرأن العظيم
                                وبعض آيات من سور الصافات

                                مشاهد اليوم تدعو للعجب

                                هؤلاء المكذبون ينكرون البعث وقد خلقهم الله من قبل ولم يكونوا شيئا
                                فانظروا إلى أحولهم يوم البعث.

                                وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (15) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ (17)

                                وقالوا: ما هذا الذي جئت به إلا سحر ظاهر بيِّن. أإذا متنا وصِرْنا ترابًا وعظامًا بالية أإنا لمبعوثون من قبورنا أحياء, أو يُبعث آباؤنا الذين مضوا من قبلنا؟

                                قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (18) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ (19)
                                وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21)

                                قل لهم -أيها الرسول-: نعم سوف تُبعثون, وأنتم أذلاء صاغرون.
                                فإنما هي نفخة واحدة, فإذا هم قائمون من قبورهم ينظرون أهوال يوم القيامة.
                                وقالوا: يا هلاكهم هذا يوم الحساب والجزاء.
                                فيقال لهم: هذا يوم القضاء بين الخلق بالعدل الذي كنتم تكذبون به في الدنيا وتنكرونه.

                                احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)

                                ويقال للملائكة: اجمَعُوا الذين كفروا بالله ونظراءهم وآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله, فسوقوهم سوقًا عنيفًا إلى جهنم.
                                واحبسوهم قبل أن يصلوا إلى جهنم؛ إنهم مسؤولون عن أعمالهم وأقوالهم التي صدرت عنهم في الدنيا, مساءلة إنكار عليهم وتبكيت لهم.

                                مَا لَكُمْ لا يَتَنَاصَرُونَ (25) بَلْ هُمْ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنْ الْيَمِينِ (28) قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ (30)
                                فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32)
                                فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33)
                                إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34)

                                ويقال لهم توبيخًا: ما لكم لا ينصر بعضكم بعضًا؟
                                ولا يستطيعوا الأجابة .., بل هم اليوم منقادون لأمر الله, لا يخالفونه ولا يحيدون عنه, غير منتصرين لأنفسهم.
                                وأقبل بعض الكفار على بعض يتلاومون ويتخاصمون.
                                قال الأتباع للمتبوعين: إنكم كنتم تهوِّنون علينا أمر الشريعة, وتُنَفِّروننا عنها, وتزينون لنا الضلال.
                                قال المتبوعون للتابعين: بل كانت قلوبكم منكرة للإيمان, قابلة للكفر والعصيان.
                                وما كان لنا عليكم من حجة أو قوَّة, فنصدكم بها عن الإيمان, بل كنتم قومًا طاغين متجاوزين للحق.

                                فلزِمَنا جميعًا وعيد ربنا, إنا لذائقو العذاب, نحن وأنتم, بما قدمنا من ذنوبنا ومعاصينا في الدنيا.
                                فإن الأتباع والمتبوعين مشتركون يوم القيامة في العذاب, كما اشتركوا في الدنيا في معصية الله.

                                إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35)
                                وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36)

                                إن أولئك المشركين كانوا في الدنيا إذا قيل لهم: لا إله إلا الله, ودعوا إليها, وأُمروا بترك ما ينافيها, يستكبرون عنها وعلى من جاء بها.

                                بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37)

                                بل جاء بالقرآن والتوحيد, وصدَّق المرسلين فيما أخبروا به عبادة الله وتوحيده.

                                إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الأَلِيمِ (38) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (39)

                                وما تجزون في الآخرة إلا بما كنتم تعملونه في الدنيا من المعاصي.

                                ******

                                مشاهد للمخلصين من عباد الله تعالى

                                إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (40) أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41) فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43) عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (44)

                                إلا عباد الله تعالى الذين أخلصوا له في عبادته, فاختصهم برحمته؛ فإنهم ناجون من العذاب الأليم... أولئك المخلصون لهم في الجنة رزق معلوم لا ينقطع.
                                ذلك الرزق فواكه متنوعة, وهم مكرمون بكرامة الله لهم في جنات النعيم الدائم.
                                ومن كرامتهم عند ربهم وإكرام بعضهم بعضًا أنهم على سرر متقابلين فيما بينهم.

                                يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ (47)

                                يدار عليهم في مجالسهم بكؤوس من أنهار جارية, لا يخافون انقطاعها, بيضاء في لونها, لذيذة في شربها, ليس فيها أذى للجسم ولا للعقل.

                                وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49)

                                وعندهم في مجالسهم نساء عفيفات, لا ينظرن إلى غير أزواجهن حسان الأعين, كأنهن بَيْض مصون لم تمسه الأيدي.

                                فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50)
                                قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51)
                                يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53)
                                قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55)
                                قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنْ الْمُحْضَرِينَ (57)

                                فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون عن أحوالهم في الدنيا وما كانوا يعانون فيها, وما أنعم الله به عليهم في الجنة, وهذا من تمام الأنس.
                                قال قائل من أهل الجنة: لقد كان لي في الدنيا صاحب ملازم لي

                                يقول: كيف تصدِّق بالبعث الذي هو في غاية الاستغراب؟ أإذا متنا وتمزقنا وصرنا ترابًا وعظامًا, نُبعث ونُحاسب ونُجازى بأعمالنا ؟

                                قال هذا المؤمن الذي أُدخل الجنة لأصحابه: هل أنتم مُطَّلعون لنرى مصير ذلك القرين؟ فاطلع فرأى قرينه في وسط النار.
                                قال المؤمن لقرينه المنكر للبعث: لقد قاربت أن تهلكني بصدك إياي عن الإيمان لو أطعتك. ولولا فضل ربي بهدايتي إلى الإيمان وتثبيتي عليه, لكنت من المحضرين في العذاب معك.

                                أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60)
                                لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ (61)

                                أحقًا أننا مخلَّدون منعَّمون, فما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى في الدنيا, وما نحن بمعذَّبين بعد دخولنا الجنة؟ إنَّ ما نحن فيه من نعيم لهُوَ الفوز العظيم.
                                لمثل هذا النعيم الكامل, والخلود الدائم, والفوز العظيم, فليعمل العاملون في الدنيا; ليصيروا إليه في الآخرة.

                                *******
                                وعلى الإنسان العاقل أن يقارن بين الجنة ونعيمها وبين النار وعذابها.

                                أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62)
                                إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63)

                                أذلك الذي سبق وصفه مِن نعيم الجنة خير ضيافة وعطاء من الله, أم شجرة الزقوم الخبيثة الملعونة, طعام أهل النار؟
                                إنا جعلناها فتنة افتتن بها الظالمون لأنفسهم بالكفر والمعاصي, وقالوا مستنكرين: إن صاحبكم ينبئكم أن في النار شجرة, والنار تأكل الشجر.

                                إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإٍلَى الْجَحِيمِ (68)

                                إنها شجرة تنبت في قعر جهنم, ثمرها قبيح المنظر كأنه رؤوس الشياطين, فإذا كانت كذلك فلا تَسْألْ بعد هذا عن طعمها, فإن المشركين لآكلون من تلك الشجرة فمالئون منها بطونهم. ثم إنهم بعد الأكل منها لشاربون شرابًا خليطًا قبيحًا حارًّا, ثم إن مردَّهم بعد هذا العذاب إلى عذاب النار.

                                إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70)

                                إنهم وجدوا آباءهم على الشرك والضلال, فسارعوا إلى متابعتهم على ذلك

                                ******
                                إن هذه المشاهد الحية للأخرة تحذر الإنسان في الدنيا قبل فوات الأوان.
                                وليجلس الإنسان مع نفسه ويتضرع إلى الله الخالق أن يهديه إلى الحق وإلى الطريق المستقيم.

                                *******
                                نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة.
                                ونسأله الرضى.
                                ونسأله الفردوس الأعلى.

                                وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ "إذا دخل أهل الجنة - الجنة- ينادي مناد‏:‏ إن لكم أن تحيوا، فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تصحوا، فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا، فلا تبأسوا أبداً‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

                                ******
                                وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى

                                تعليق

                                يعمل...
                                X