تتفرد سورة القصص برواية قصة موسى منذ ولادته؛ قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 7 - 13].
أحد الدروس المستفادة من هذه الحلقة من قصة موسى عليه السلام هو:
الرابط بين معيَّة الله والتسليم بحكمته في تصريف الأمور، مشفوعة بالأخذ بالأسباب:
1- ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾: أمر من الله إلى أم موسى، وأم موسى تستجيب تسليمًا لأمر الله ليقينها بحكمة الله في تصريف الأمور، فلا بد من وجود حكمة من وراء أمر الإرضاع.
2- ﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾: الأمر الثاني الذي ألقاه الله إلى أم موسى أمر ظاهره الهلاك وباطنه النجاة؛ لكنها استجابت هنا أيضًا تسليمًا ويقينًا بحكمة الله، فمن يلقي فلذة كبده في البحر إلا موقن بحكمة الله؟!
3- ﴿ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ﴾: الطمأنينةالتي ترافق المعية والتسليم الكامل لحكمة الله من أمره ونهيه.
4- وكانتثمرة الطاعة والتسليموعدًا ﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
• ﴿ رَادُّوهُ إِلَيْكِ ﴾: وعد مُعجَّل.
• ﴿ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾: وعد مُؤجَّل.
5- ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ ﴾: تصريف ظاهرهُ الخوف وباطنه الأمان، وهنا تتجلى معيَّة الله. الرضيع لم يغرق، أمر مفرح، لكنه وقع بيد أعداء الله، أمر محزن!
6- ﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾: قذف محبته في قلب امرأة فرعون، فكانت نجاته من القتل، معيَّة مطلقة!
7- ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾:ظهور العنصر البشري بقوة في قلب مسيرة المعيَّة هذه، فكان التثبيت الإلهي معيّة مطلقة!
8- ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ﴾: كل ما سبق عاشته أم موسى وهي موقنة بحكمة الله وصدق وعده، لكنها لم تقعد عن الأخذ بالأسباب،فطلبت من أخته ملاحقته وتسقُّط أخباره، أخذ بالأسباب.
9- ﴿ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾: وكذلك الفتاة، لم تكن معية الله، التي عرفت أنها تحيط بهم وبأخيها، سببًا في قيامها بتصرف غير مسؤول أو تخليها عن حذرها، بل كانت تتحرك بحذر وتأخذ بالحيطة، فبصرت به عن جنب، وهم لا يشعرون، أخذ بالأسباب.
10- ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ ﴾:هنا تتجلى الحكمة من الأمر الإلهي الأول: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾ [القصص: 7]، فالرضيع الآن يطلب ما تذوقه أول مرة،معيّة مطلقة ترتبت على التسليم المطلق لأمر الله والإذعان له.
11- ﴿ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾: وهنا تتجلى فطنة الفتاة، أخذ بالأسباب.
12- ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾:تحقق وعد الله الأول الذي قطعه إلى أمِّ موسى.
تخبرنا هذه القصة أن المعية الإلهية تتحقق بكامل صورتها، عندما يتسلح العبد باليقين المطلق بحكمة الله من وراء أوامره ونواهيه، ولا يقعد عن الأخذ بالأسباب.
والله أعلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ميسون عبدالرحمن النحلاوي
شبكة الالوكة
أحد الدروس المستفادة من هذه الحلقة من قصة موسى عليه السلام هو:
الرابط بين معيَّة الله والتسليم بحكمته في تصريف الأمور، مشفوعة بالأخذ بالأسباب:
1- ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾: أمر من الله إلى أم موسى، وأم موسى تستجيب تسليمًا لأمر الله ليقينها بحكمة الله في تصريف الأمور، فلا بد من وجود حكمة من وراء أمر الإرضاع.
2- ﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾: الأمر الثاني الذي ألقاه الله إلى أم موسى أمر ظاهره الهلاك وباطنه النجاة؛ لكنها استجابت هنا أيضًا تسليمًا ويقينًا بحكمة الله، فمن يلقي فلذة كبده في البحر إلا موقن بحكمة الله؟!
3- ﴿ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ﴾: الطمأنينةالتي ترافق المعية والتسليم الكامل لحكمة الله من أمره ونهيه.
4- وكانتثمرة الطاعة والتسليموعدًا ﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
• ﴿ رَادُّوهُ إِلَيْكِ ﴾: وعد مُعجَّل.
• ﴿ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾: وعد مُؤجَّل.
5- ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ ﴾: تصريف ظاهرهُ الخوف وباطنه الأمان، وهنا تتجلى معيَّة الله. الرضيع لم يغرق، أمر مفرح، لكنه وقع بيد أعداء الله، أمر محزن!
6- ﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾: قذف محبته في قلب امرأة فرعون، فكانت نجاته من القتل، معيَّة مطلقة!
7- ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾:ظهور العنصر البشري بقوة في قلب مسيرة المعيَّة هذه، فكان التثبيت الإلهي معيّة مطلقة!
8- ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ﴾: كل ما سبق عاشته أم موسى وهي موقنة بحكمة الله وصدق وعده، لكنها لم تقعد عن الأخذ بالأسباب،فطلبت من أخته ملاحقته وتسقُّط أخباره، أخذ بالأسباب.
9- ﴿ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾: وكذلك الفتاة، لم تكن معية الله، التي عرفت أنها تحيط بهم وبأخيها، سببًا في قيامها بتصرف غير مسؤول أو تخليها عن حذرها، بل كانت تتحرك بحذر وتأخذ بالحيطة، فبصرت به عن جنب، وهم لا يشعرون، أخذ بالأسباب.
10- ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ ﴾:هنا تتجلى الحكمة من الأمر الإلهي الأول: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾ [القصص: 7]، فالرضيع الآن يطلب ما تذوقه أول مرة،معيّة مطلقة ترتبت على التسليم المطلق لأمر الله والإذعان له.
11- ﴿ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾: وهنا تتجلى فطنة الفتاة، أخذ بالأسباب.
12- ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾:تحقق وعد الله الأول الذي قطعه إلى أمِّ موسى.
تخبرنا هذه القصة أن المعية الإلهية تتحقق بكامل صورتها، عندما يتسلح العبد باليقين المطلق بحكمة الله من وراء أوامره ونواهيه، ولا يقعد عن الأخذ بالأسباب.
والله أعلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ميسون عبدالرحمن النحلاوي
شبكة الالوكة