﴿ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِىٍّ إِلَّا كَانُوا۟ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٧﴾] يعزي نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ويسليه. القرطبي:19/9.
﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٥﴾] إن حالكم وإن اقتضى تخليتكم وشأنكم حتى تموتوا على الكفر والضلالة، وتبقوا في العذاب الخالد، لكننا لسعة رحمتنا لا نفعل ذلك، بل نهديكم إلى الحق بإرسال الرسول الأمين، وإنزال الكتاب المبين. الألوسي:25/90.
﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٥﴾] قال قتادة: والله لو كان هذا القرآن رفع حين ردَّته أوائل هذه الأمة لهلكوا، ولكن الله ردده وكرره عليهم برحمته. القرطبي:19/7.
﴿ وَإِنَّهُۥ فِىٓ أُمِّ ٱلْكِتَٰبِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٤﴾] بَيَّن شرفه في الملأ الأعلى ليشرفه ويعظمه ويطيعه أهل الأرض. ابن كثير:4/124.
﴿ وَلَٰكِن جَعَلْنَٰهُ نُورًا نَّهْدِى بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِىٓ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٥٢﴾] شبه الكتاب بالنّور لمناسبة الهُدي به؛ لأن الإيمان والهُدى والعلم تشبَّه بالنور، والضلال والجهل والكفر تشبه بالظلمة؛ قال تعالى: (يخرجهم من الظلمات إلى النور) [البقرة: 257]، وإذا كان السائر في الطريق في ظلمة ضل عن الطريق، فإذا استنار له اهتدى إلى الطريق؛ فالنّور وسيلة الاهتداء، ولكن إنما يَهتدي به من لا يكون له حائل دون الاهتداء، وإلا لم تنفعه وسيلة الاهتداء؛ ولذلك قال تعالى: (نهدي به من نشاء من عبادنا). ابن عاشور:25/154.
﴿ مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ٱلْكِتَٰبُ وَلَا ٱلْإِيمَٰنُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٥٢﴾] ذكر سبحانه صفة رسوله قبل أن يوحى إليه فقال: (ما كنت تدري ما الكتاب) أي: أي شيء هو؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، وذلك أدخل في الإعجاز، وأدل على صحة نبوته. الشوكاني:4/545.
﴿ وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٥٢﴾] هو القرآن؛ وسماه روحاً لأن فيه حياة من موت الجهل... وكان مالك بن دينار يقول: يا أهل القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟! فإن القرآن ربيع القلوب كما أن الغيث ربيع الأرض. القرطبي:18/509.
﴿ أَوَمَن يُنَشَّؤُا۟ فِى ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِى ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿١٨﴾] الآية ظاهرة في أن النشوء في الزينة والنعومة من المعايب والمذام، وأنه من صفات ربات الحجال، فعلى الرجل أن يجتنب ذلك ويأنف منه، ويربأ بنفسه عنه، ويعيش كما قال عمر رضي اللّه تعالى عنه: «اخشوشنوا في اللباس، واخشوشنوا في الطعام، وتمعددوا. وإن أراد أن يزين نفسه زينها من باطن بلباس التقوى». الألوسي:25/99.
﴿ أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَجَعَلُوا۟ ٱلْمَلَٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَٰدُ ٱلرَّحْمَٰنِ إِنَٰثًا ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿١٦﴾] تجرؤوا على الملائكة العباد المقربين، ورقوهم عن مرتبة العبادة والذل إلى مرتبة المشاركة لله في شيء من خواصه، ثم نزلوا بهم عن مرتبة الذكورية إلى مرتبة الأنوثية، فسبحان من أظهر تناقض من كذب عليه وعاند رسله. السعدي:764.
﴿ لِتَسْتَوُۥا۟ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذْكُرُوا۟ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا۟ سُبْحَٰنَ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقْرِنِينَ ﴿١٣﴾ وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿١٣﴾] وروى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركب راحلته كَبَّرَ ثلاثاً، ثم قال: (سبحن الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون) ثم يقول: (اللهم إني أسألك في سفري هذا البِرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هَوِّن علينا السفر واطوِ لنا البعيد، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا)، وكان إذا رجع إلى أهله قال: (آيبون تائبون إن شاء الله، عابدون، لربنا حامدون). البقاعي:7/13.
﴿ وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿١١﴾] أي: راجعون، وفيه إيذان بأن حق الراكب أن يتأمل فيما يلابسه من السَّير، ويتذكر منه المسافرة العظمى التي هي الانقلاب إلى اللّه تعالى، فيـبـني أموره في مسيره ذلك على تلك الملاحظة، ولا يأتي بما ينافيها، ومن ضرورة ذلك أن يكون ركوبه لأمر مشروع، وفيه إشارة إلى أن الركوب مخطرة فلا ينبغي أن يغفل فيه عن تذكر الآخرة. الألوسي:25/96.
﴿ وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلْأَنْعَٰمِ مَا تَرْكَبُونَ ﴿١٢﴾ لِتَسْتَوُۥا۟ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذْكُرُوا۟ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا۟ سُبْحَٰنَ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقْرِنِينَ ﴿١٣﴾ وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿١٤﴾] (وإنا إلى ربنا لمنقلبون) أي: لصائرون إليه بعد مماتنا، وإليه سيرنا الأكبر. وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا على سير الآخرة؛ كما نبه بالزاد الدنيوي على الزاد الأخروي في قوله تعالى: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) [البقرة: 197]، وباللباس الدنيوي على الأخروي في قوله تعالى: (وريشا ولباس التقوى ذلك خير) [الأعراف: 26]. ابن كثير4/126.
﴿ وَٱلَّذِى نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءًۢ بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِۦ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿١١﴾] انتقل من الاستدلال والامتنان بخلق الأرض إلى الاستدلال والامتنان بخلق وسائل العيش فيها؛ وهو ماء المطر الذي به تُنبت الأرض ما يصلح لاقتيات الناس. ابن عاشور:25/170.
﴿ وَٱلَّذِى نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءًۢ بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِۦ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿١١﴾] قال ابن عباس: أي لا كما أنزل على قوم نوح بغير قدر حتى أغرقهم، بل هو بقدر: لا طوفان مغرق ولا قاصر عن الحاجة، حتى يكون معاشا لكم ولأنعامكم. القرطبي:19/11.
﴿ وَلَوْلَآ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَٰحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٣٣﴾] قال الحسن: المعنى لولا أن يكفر الناس جميعا بسبب ميلهم إلى الدنيا وتركهم الآخرة لأعطيناهم في الدنيا ما وصفناه؛ لهوان الدنيا عند الله عز وجل. القرطبي:19/37-38.
﴿ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَٰتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٣٢﴾] وهو من التسخير في الخدمة: أي رفعنا بعضهم فوق بعض ليخدم بعضهم بعضاً. ابن جزي:2/312.
﴿ وَقَالُوا۟ لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴿٣١﴾ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۚ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٣١﴾] فإذا كانت معايش العباد وأرزاقهم الدنيوية بيد الله تعالى؛ هو الذي يقسمها بين عباده؛ فيبسط الرزق على من يشاء، ويضيقه على من يشاء، بحسب حكمته، فرحمته الدينية التي أعلاها النبوة والرسالة أولى وأحرى أن تكون بيد الله تعالى؛ فالله أعلم حيث يجعل رسالته، فعلم أن اقتراحهم ساقط لاغ، وأن التدبير للأمور كلها دينيها ودنيويها بيد الله وحده. السعدي:765.
﴿ وَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ قَالُوا۟ هَٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِۦ كَٰفِرُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٣٠﴾] وهذا من أعظم المعاندة والمشاقة؛ فإنهم لم يكتفوا بمجرد الإعراض عنه، بل ولا جحده، فلم يرضوا حتى قدحوا به قدحاً شنيعاً، وجعلوه بمنزلة السحر الباطل الذي لا يأتي به إلا أخبث الخلق وأعظمهم افتراء. السعدي:765.
﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةًۢ بَاقِيَةً فِى عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٢٨﴾] (وجعلها) أي: هذه الخصلة الحميدة التي هي أم الخصال وأساسها؛ وهي إخلاص العبادة لله وحده، والتبري من عبادة ما سواه.... فلم تزل هذه الكلمة موجودة في ذريته عليه السلام حتى دخلهم الترف والطغيان. السعدي:764.
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِۦٓ إِنَّنِى بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٢٦﴾] براءة إبراهيم مما يَعبُد أبُوه أدَلُّ على تجنب عبادة الأصنام بحيث لا يتسامح فيها، ولو كان الذي يعبدها أقربَ النّاس إلى موحّد الله... مثل الأب. ابن عاشور:25/192.
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِۦٓ إِنَّنِى بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٢٦﴾] لما ذكر لهم الأدلة، وحذَّرهم بالأخذ، وتحرر أنهم مع التقليد لا ينفكون عنه، ذكَّرَهم بأعظم آبائهم، ومحط فخرهم، وأحقهم بالاتباع؛ للفوز باتباع الأب في ترك التقليد أو في تقليده إن كان لا بد لهم من التقليد؛ لكونه أعظم الآباء، ولكونه مع الدليل. البقاعي:7/21.
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَإِي۟هِۦ فَقَالَ إِنِّى رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٤٦﴾] ولما كان المترفون مولعين بأن يزدَرُوا مَن جاءهم... بنوع من الازدراء... ولا يزالون يردون هذا وأمثاله من الضلال حتى يقهرهم ذو الجلال بما أتتهم به رسله: إما بإهلاكهم، أو غيره، وإن كانوا في غاية القوة، أورد سبحانه قصة موسى عليه الصلاة والسلام شاهدة على ذلك بما قال فرعون لموسى عليه الصلاة والسلام من نحو ذلك، ومن إهلاكه على قوته، وإنجاء بني إسرائيل على ضعفهم. البقاعي:7/33.
﴿ وَإِنَّهُۥ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْـَٔلُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٤٤﴾] الضمير في (وإنه) للقرآن أو للإسلام، والذكر هنا بمعنى الشرف، وقوم النبي صلى الله عليه وسلم هم قريش وسائر العرب؛ فإنهم نالوا بالإسلام شرف الدنيا والآخرة، ويكفيك أن فتحوا مشارق الأرض ومغاربها. ابن جزي:2/314.
﴿ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِى ٱلْعُمْىَ وَمَن كَانَ فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٤٠﴾] فالمعنى: ليس شيء من ذلك إليك، بل هو إلى الله القادر على كل شيء، وأما أنت فليس عليك إلا البلاغ. البقاعي:7/30.
﴿ وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِى ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٣٩﴾] هذا كلام يقال للكفار في الآخرة، ومعناه أنهم لا ينفعهم اشتراكهم في العذاب، ولا يجدون راحة التأسي التي يجدها المكروب في الدنيا إذا رأى غيره قد أصابه مثل الذي أصابه. ابن جزي:2/314.
﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٣٧﴾] فإن قيل: فهل لهذا من عذر، من حيث إنه ظن أنه مهتدٍ وليس كذلك؟ قيل: لا عذر لهذا وأمثاله؛ الذين مصدر جهلهم الإعراض عن ذكر الله، مع تمكنهم على الاهتداء، فزهدوا في الهدى مع القدرة عليه، ورغبوا في الباطل، فالذنب ذنبهم، والجرم جرمهم. السعدي:766.
﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُۥ شَيْطَٰنًا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٌ ﴿٣٦﴾ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٣٦﴾] لأن من وُسِّع عليه في دنياه اشتغل في الأغلب عن ذكر الله، فنفرت منه الملائكة ولزمته الشياطين، فساقه ذلك إلى كل سوء، ومَن يتق الله فيديم ذكره يؤيده بملَك فهو له مُعِين. البقاعي:7/27-28.
﴿ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَٰبًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِـُٔونَ ﴿٣٤﴾ وَزُخْرُفًا ۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٣٤﴾] أي: لزخرف لهم دنياهم بأنواع الزخارف، وأعطاهم ما يشتهون، ولكن منعه من ذلك رحمته بعباده؛ خوفا عليهم من التسارع في الكفر وكثرة المعاصي بسبب حب الدنيا، ففي هذا دليل على أنه يمنع العباد بعض أمور الدنيا منعاً عاماً أو خاصاً لمصالحهم. السعدي:765.
﴿ فَجَعَلْنَٰهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِّلْءَاخِرِينَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٥٦﴾] فيكون حالهم عظة لناس وإضلالاً لآخرين؛ فمن قضى أن يكون على مثل حالهم عمل مثل أعمالهم، ومن أراد النجاة مما نالهم تجنب أفعالهم. البقاعي:7/39.
﴿ فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَٰهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٥٥﴾] قال عمر بن ذر: «يا أهل معاصي الله، لا تغتروا بطول حلم الله عنكم، واحذروا أسفه؛ فإنه قال: (فلما آسفونا انتقمنا منهم)». القرطبي:19/64.
﴿ فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُۥ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ قَوْمًا فَٰسِقِينَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٥٤﴾] أي استخف فرعون قومه القبط؛ أي: وجدهم جهالا. وقيل: حملهم على الخفة والجهل. البغوي:4/103.
﴿ فَلَوْلَآ أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٥٣﴾] نظر إلى الشكل الظاهر، ولم يفهم السر المعنوي الذي هو أظهر مما نظر إليه لو كان يفهم. ابن كثير:4/132.
﴿ وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِۦ قَالَ يَٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ ٱلْأَنْهَٰرُ تَجْرِى مِن تَحْتِىٓ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٥١﴾] وهذا من جهله البليغ؛ حيث افتخر بأمر خارج عن ذاته، ولم يفخر بأوصاف حميدة، ولا أفعال سديدة. السعدي:767.
﴿ وَقَالُوا۟ يَٰٓأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٤٩﴾] (يا أيها الساحر) يعنون: موسى عليه السلام، وهذا إما من باب التهكم به، وإما أن يكون الخطاب عندهم مدحاً، فتضرعوا إليه بأن خاطبوه بما يخاطبون به من يزعمون أنهم علماؤهم وهم السحرة. السعدي:767.
﴿ وَمَا نُرِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ إِلَّا هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ۖ وَأَخَذْنَٰهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٤٨﴾] بيَّن سبحانه أن العلة فى أخذه لهم بالعذاب هو رجاء رجوعهم. الشوكاني:4/559.
﴿ وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِىٓ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٧٢﴾] يقال لهم يوم القيامة هذه المقالة؛ أي: صارت إليكم كما يصير الميراث إلى الوارث بما كنتم تعملونه فى الدنيا من الأعمال الصالحة. الشوكاني:4/564.
﴿ يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلْأَنفُسُ وَتَلَذُّ ٱلْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴿٧١﴾ وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِىٓ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٧٢﴾ لَكُمْ فِيهَا فَٰكِهَةٌ كَثِيرَةٌ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٧٢﴾] لما ذكر الطعام والشراب ذكر بعده الفاكهة لتتم النعمة والغبطة. ابن كثير:4/137.
﴿ يَٰعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلَآ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٦٨﴾] أي: لا خوف يلحقكم فيما تستقبلونه من الأمور، ولا حزن يصيبكم فيما مضى منها، وإذا انتفى المكروه من كل وجه ثبت المحبوب المطلوب. السعدي:769.
﴿ ٱلْأَخِلَّآءُ يَوْمَئِذٍۭ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٦٧﴾] أي: كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة، إلا ما كان لله عز وجل؛ فإنه دائم بدوامه. ابن كثير:4/135.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٦٤﴾] وتقديم نفسه على قومه في قوله: (ربي وربكم) لقصد سدّ ذرائع الغلوّ في تقديس عيسى، وذلك من معجزاته؛ لأن الله علم أنه ستغلو فيه فِرق من أتباعه فيزعمون بنوَّتَه من الله على الحقيقة. ابن عاشور:25/248.
﴿ وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ ۖ إِنَّهُۥ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٦٢﴾] أي: واضح العداوة في نفسه، مناد بها؛ وذلك بإبلاغه في عداوة أبيكم حتى أنزلكم بإنزاله عن محل الراحة إلى موضع النصب، عداوة ناشئة عن الحسد؛ فهي لا تنفك أبداً. البقاعي:7/43.
﴿ وَإِنَّهُۥ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِ ۚ هَٰذَا صِرَٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٦١﴾] ومعنى قوله: (لعلم للساعة) على القول الحق الصحيح الذي يشهد له القرآن العظيم والسنة المتواترة: هو أن نزول عيسى في آخر الزمان حيا علم للساعة؛ أي علامة لقرب مجيئها; لأنه من أشراطها الدالة على قربها. الشنقيطي:7/128.
﴿ فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَٰمٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٨٩﴾] فليس ذلك أمراً بالسلام عليهم والتحية، وإنما هو أمر بالمتاركة؛ وحاصله إذا أبيتم القبول فأمري التَسَلُّم مِنكُم. الألوسي:25/151.
﴿ سُبْحَٰنَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٨٢﴾] وقصد بذكر السماء والأرض الإحاطة بعوالم التدبير والخلق؛ لأن المشركين جعلوا لله شركاء في الأرض، وهم أصنامهم المنصوبة، وجعلوا له شركاء في السماء، وهم الملائكة؛ إذ جعلوهم بنات لله تعالى. ابن عاشور:25/267.
﴿ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْعَٰبِدِينَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٨١﴾] (فأنا أول العابدين) لذلك الولد؛ لأنه جزء من والده، وأنا أولى الخلق انقياداً للأمور المحبوبة لله، ولكني أول المنكرين لذلك وأشدهم له نفياً، فعلم بذلك بطلانه. فهذا احتجاج عظيم عند من عرف أحوال الرسل. السعدي:770.
﴿ لَقَدْ جِئْنَٰكُم بِٱلْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَٰرِهُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٧٨﴾] لقد جئناكم في الدنيا بالحق؛ وهو التوحيد وسائر ما يجب الإيمان به؛ وذلك بإرسال الرسل وإنزال الكتب. ولكن أكثركم للحق -أيِّ حقٍ كان- كارهون لا يقبلونه وينفرون منه. الألوسي:25/142.
﴿ قَالَ إِنَّكُم مَّٰكِثُونَ ﴿٧٧﴾ لَقَدْ جِئْنَٰكُم بِٱلْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَٰرِهُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٧٨﴾] فلما سألوا أن يموتوا أجابهم مالك: (قال إنكم ماكثون)، ثم ذكر سبب شقوتهم، وهو مخالفتهم للحق ومعاندتهم له، فقال: (لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون). ابن كثير:4/137.
﴿ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٧٥﴾] أي: حزينون من شدة اليأس، قال الراغب: «الإبلاس: الحزن المعترض من شدة اليأس، ومنه اشتُقَّ إبليس فيما قيل. ولما كان المُبْلِس كثيراً ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه، قيل: أبلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته» انتهى. وقد فسر الإبلاس هنا بالسكوت وانقطاع الحجة. الألوسي:25/141.
﴿ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴾ [سورة الزخرف آية:﴿٧٥﴾] والمبلس في هذا الموضع هو: الآيس من النجاة، الذي قد قنط فاستسلم للعذاب والبلاء. الطبري:21/643.
الكلم الطيب