الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فقد تعددت أساليب الشيطان في إضلال بني آدم، فمنذ أن أخرجه ربنا جل جلاله من الجنة مذؤومًا مدحورًا، وهو يحوك الخطط، وينسُج الحِيَل؛ ليُضِلَّ عباد الله، ويحيد بهم عن الصراط المستقيم، ليجعل منهم شركاء له مستحقين لما ينتظره من العذاب والخسران المبين، ولا شكَّ أن للشيطان درجاتٍ ينتقل خلالها في تنفيذه لمشروعه الإضلاليِّ، وله في كل درجة أفئدةٌ تصغى إليه بقدر قلة إيمانها، فليس كل أحد قابلًا للكفر، وليست كل وساوسه أنِ اكفر بالله.
وقد تعرَّض الذكر الحكيم في مواضع عديدة إلى التحذير من هذا المشروع الشيطاني، وذلك ببيان حقيقته ومراحله، وأدواته وسبل الوقاية منه؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 208]، ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268]، ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175]، ﴿ إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴾ [النساء: 117 - 121]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 21].
ومن أنفع ما كُتِب في هذا الباب ما ذكره ابن القيِّم في كتابه القيِّم (مدارج السالكين في منازل السائرين)؛ حيث وُفِّق رحمه الله إلى الجمع بين أدلة الكتاب والسنة، فعدَّدَ سبع مراحل - عبَّر عنها بالعقبات - بعضها أصعب من بعض، يريد الشيطان أن يظفَرَ بها بالعبد، لا ينزل من العقبة الشاقة إلى ما دونها، إلا إذا عجز عن الظَّفَر به فيها؛ وهي على النحو التالي:
العقبة الأولى: الكفر:
عقبة الكفر بالله وبدينه، ولقائه وصفات كماله، وما أخبرت به رسله عنه، فإنه إن ظفِر به في هذه العقبة، بَرَدت نارُ عداوته واستراح معه، فإن اقتحم هذه العقبة، ونجا منها ببصيرة الهداية، وسَلِم معه نور الإيمان، طلبه على العقبة الثانية.
العقبة الثانية: البدعة:
إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله، وأنزل به كتابه، وإما بالتعبُّد بما لم يأذن به من الأوضاع والرسوم المحدَثَة في الدين، التي لا يقبل الله منها شيئًا، والبدعتان في الغالب متلازمتان، قلَّ أن تنفك إحداهما عن الأخرى، كما قال بعضهم: تزوَّجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال، فاشتغل الزوجان بالعرس، فلم يفجَأهم إلا أولاد الزنا يعيثون في بلاد الإسلام، تضِجُّ منهم العباد والبلاد إلى الله تعالى.
وقال شيخنا[1] رحمه الله: "تزوجت الحقيقة الكافرة بالبدعة الفاجرة، فولد بينهما خسران الدنيا والآخرة".
فإن قطع العبد هذه العقبةَ، وخلص منها بنور السُّنَّة، واعتصم منها بحقيقة المتابعة وما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وهيهات أن تسمح الأعصار المتأخرة بواحدٍ من هذا الضرب، فإن سمحت به نصب له أهل البدع الحبائلَ، وبغوه الغوائل، وقالوا: مبتدع محدِث، فإذا وفَّقه الله لقطع هذه العقبة، طلبه على العقبة الثالثة.
العقبة الثالثة: الكبائر:
فإن ظفِر به فيها زيَّنها له، وحسَّنَها في عينه، وسوَّف به وفتح له باب الإرجاء، وأن الإيمان هو نفس التصديق فلا تقدح فيه الأعمال، وربما أجرى على لسانه وأذنه كلمةً طالما أهلَكَ بها الخلق: "لا يضر مع التوحيد ذنب، كما لا ينفع مع الشرك حسنة"[2].
والظَّفَر به في عقبة البدعة أحبُّ إليه؛ لمناقضتها الدين ودفعها لِما بعث الله به رسوله، وصاحبها لا يتوب منها، ويدعو الخلق إليها، ولتضمُّنها القولَ على الله بلا علم، ومعاداة صريح السنة، ومعاداة أهلها، والاجتهاد على إطفاء نور السنة، وتولية من عزله الله ورسوله وعزل من ولَّاه، واعتبار ما ردَّه الله ورسوله، وردَّ ما اعتبره، وموالاة من عاداه، ومعاداة من والاه، وإثبات ما نفاه، ونفيَ ما أثبته، وتكذيب الصادق، وتصديق الكاذب، ومعارضة الحق بالباطل، وقلب الحقائق بجعل الحق باطلًا، والباطل حقًّا، والإلحاد في دين الله، وتعمية الحق على القلوب، وطلب العوج لصراط الله المستقيم، وفتح باب تبديل الدين جملةً؛ فإن البدع تَستدرج بصغيرها إلى كبيرها، حتى ينسلخ صاحبها من الدين، كما تنسلُّ الشعرة من العجين، فمفاسد البدع لا يقف عليها إلا أرباب البصائر، والعميان في ظلمة العمى؛ ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40].
فإن قَطَعَ هذه العقبةَ بعصمة من الله، أو بتوبة نصوح تُنجيه، طلبه على العقبة الرابعة.
العقبة الرابعة: الصغائر:
فكال له منها بالقُفزان[3]، وقال: ما عليك إذا اجتنبتَ الكبائر، ما غَشِيتَ من اللَّمَمِ، أوما علمت بأنها تُكفَّر باجتناب الكبائر وبالحسنات؟ ولا يزال يُهون عليه أمرها حتى يُصِرَّ عليها، فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجِل النادم أحسن حالًا منه؛ فإن الإصرار على الذنب أقبح منه، ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ومحقَّراتِ الذنوب))، ثم ضرب لذلك مثلًا بقوم نزلوا بفَلَاةٍ من الأرض، فأعوزهم الحطبُ، فجعل يجيء هذا بعود، وهذا بعود، حتى جمعوا حطبًا كثيرًا، فأوقدوه نارًا؛ فكذلك شأن محقَّرات الذنوب تجتمع على العبد، ويستهين بشأنها حتى تُهلكه[4].
فإن نجا من هذه العقبة بالتحرُّز والتحفُّظ، ودوام التوبة والاستغفار، وإتْباعِ السيئة الحسنةَ، طلبه على العقبة الخامسة.
العقبة الخامسة: المباحات:
التي لا حرج على فاعلها، فشَغَلَه بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد في التزوُّد لمعاده، ثم طمِع فيه أن يستدرجه منها إلى ترك السُّنن، ثم من ترك السُّنن إلى ترك الواجبات، وأقل ما ينال منه تفويته الأرباحَ العظيمة والمنازل العالية، ولو عرف السعر لَما فوَّت على نفسه شيئًا من القُرُبات، ولكنه جاهل بالسعر.
فإن نجا من هذه العقبة ببصيرةٍ تامَّةٍ ونورٍ هادٍ، ومعرفةٍ بقدر الطاعات والاستكثار منها، وقلة المقام على الميناء، وخطر التجارة، وكرمِ المشتري، وقدرِ ما يعوِّض به التُّجَّارَ، فبخِلَ بأوقاته، وضنَّ بأنفاسه أن تذهب في غير ربحٍ، طلبه العدو على العقبة السادسة.
العقبة السادسة: الأعمال المرجوحة:
المفضولة من الطاعات، فأمَرَهُ بها، وحسَّنَها في عينه، وزيَّنَها له، وأراه ما فيها من الفضل والربح ليشغله بها عما هو أفضل منها وأعظم ربحًا؛ لأنه لما عجز عن تخسيره أصلَ الثواب، طمِع في تخسيره كماله وفضله ودرجاتِه العالية، فشغله بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الراجح، وبالمحبوب لله عن الأحب إليه، وبالمرضيِّ عن الأرضى له.
ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفِر بهم في العقبات الأُوَل.
فإن نجا منها بفقهٍ في الأعمال ومراتبها عند الله تعالى، ومنازلها في الفضل، ومعرفة مقاديرها، والتمييز بين عاليها وسافلها، ومفضولها وفاضلها، ورئيسها ومرؤوسها، وسيدها ومسودها؛ فإن في الأعمال والأقوال سيِّدًا ومسودًا، ورئيسًا ومرؤوسًا، وذروةً وما دونها؛ كما في الحديث الصحيح: ((سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي...))؛ الحديث، وفي الحديث الآخر: ((الجهاد ذروة سَنام الأمر))[5] ، وفي أثر آخر: أن الأعمال تفاخرت، فذكر كل عمل منها مرتبته وفضله، وكان للصدقة مَزِيَّةٌ في الفخر عليهن[6].
ولا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر والصدق من أولي العلم.
فإذا نجا منها، لم يبقَ هناك عقبة يطلبه العدو عليها سوى واحدةٍ لا بُدَّ له منها، ولو نجا منها أحدٌ، لنجا منها رُسُلُ الله وأنبياؤه وأكرم الخلق عليه.
العقبة السابعة: التسليط:
وهي عقبة تسليط جنده عليه بأنواع الأذى باليد واللسان والقلب، على حسب مرتبته في الخير، فكلما عَلَتْ مرتبته، أجْلَبَ عليه بخيله ورَجِلِه، وظاهَرَ عليه بجنده، وسلَّط عليه حزبه وأهله بأنواع التسليط، وهذه العقبة لا حيلة له في التخلص منها؛ فإنه كلما جدَّ في الاستقامة والدعوة إلى الله تعالى، والقيام بأمره، جدَّ العدو في إغراء السُّفهاء به، فهو في هذه العقبة قد لبِس لَأْمَةَ الحرب، وأخذ في محاربة العدو لله وبالله، فعبوديته فيها عبوديةُ خواصِّ العارفين، وهي تسمى "عبودية المُراغمة"، ولا ينتبه لها إلا أولو البصائر التامة، ولا شيء أحبُّ إلى الله من مراغمةِ وليِّه لعدوِّه وإغاظته له.
وقد أشار سبحانه وتعالى إلى هذه العبودية في مواضع من كتابه؛ أحدها: قوله: ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ [النساء: 100]، سمى المهاجر الذي يهاجر فيه إلى عبادة الله "مراغَمًا"؛ لأنه يراغم به عدو الله وعدوه، والله يحب من وليِّه مراغمةَ عدوه وإغاظته؛ كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [التوبة: 120].
وقال تعالى في مَثَلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه: ﴿ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ﴾ [الفتح: 29]، فمغايظة الكفَّار غايةٌ محبوبةٌ للربِّ، مطلوبةٌ له، فموافقته فيها من كمال العبودية.
وشرع النبي صلى الله عليه وسلم للمصلِّي إذا سها في صلاته سجدتين؛ وقال: ((إن كانت صلاته تامة كانتا ترغيمًا للشيطان))[7] ، وسماهما "المُرْغِمَتين"[8].
فمن تعبَّد لله بمراغمة عدوِّه، فقد أخذ من الصِّدِّيقيَّة بسهمٍ وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداة عدوه، يكون نصيبه من هذه المراغمة، ولأجل هذه المراغمة حُمد التبختر بين الصفَّين، والخُيلاء والتبختر عند صدقة السر؛ حيث لا يراه إلا الله تعالى؛ لِما في ذلك من إرغام العدو ببذل محبوبه من نفسه وماله لله، وهذا بابٌ من العبودية، ولا يعرفه ويسلكه إلا القليل من الناس، ومن ذاق لذته وطعمه، بكى على أيامه الأُوَل، وبالله المستعان، وعليه التُّكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وصاحب هذا المقام إذا نظر إلى الشيطان، ولاحظه في الذنب، راغمه بالتوبة النصوح، فأحدثت له هذه المراغمة عبودية أخرى[9].
[1] يقصد شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه.
[2] نسبه ابن حزم في "الفِصَل" (5/ 74) إلى مقاتل بن سليمان، وانظر: "كتاب الإيمان" لابن تيمية (ص: 145).
[3] القُفزان: مفردها قَفيز وهو مكيال معروف لأهل العراق، وهو ثمانية مكاكيك، والمكوك: صاع ونصف، وهو 4.5 كجم تقريبًا.
[4] أخرجه أحمد (22808)، والطبراني في "الكبير" (6/ 165)، وفي "الأوسط" (7319)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7267)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وإسناده صحيح، وقد رُوِيَ من حديث ابن مسعود رضي الله عنه بنحوه، أخرجه أحمد (3818)، والطبراني في "الكبير" (10/ 212)، وفي "الأوسط" (2550)، والبيهقي في "الشعب" (285)، وفي إسناده عبد ربه بن أبي يزيد وهو مجهول، وانظر: "الصحيحة" (389، 3102).
[5] جزء من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه المشهور: ((أخبرني بعمل يدخلني الجنة ...))، أخرجه أحمد (22016، 22068)، والترمذي (2616)، والنسائي في "الكبرى" (11330)، وابن ماجه (3973)، وغيرهم بأسانيد فيها انقطاع بين معاذ بن جبل والرواة عنه، والحديث صححه الترمذي والحاكم (2/ 76، 413)، وكذلك الألباني بمجموع طرقه وشواهده في "إرواء الغليل" (413).
[6] يشير إلى ما رُوِيَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "ذكر أن الأعمال الصالحة تتباهى، فتقول الصدقة: أنا أفضلكم"، نقله المؤلف في "عدة الصابرين" (ص 486)، والأثر أخرجه إسحاق (952 - المطالب العالية)، وابن خزيمة (2433)، والحاكم (1/ 416)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3058)، وفي إسناده أبو قرة الأسدي وهو مجهول.
[7] أخرجه مسلم (571) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[8] في حديث أبي داود (1025)، وابن خزيمة (1063)، وابن حبان (2655، 2689)، وابن عدي في "الكامل" (7/ 31 - نشرة السرساوي)، والحاكم (1/ 261، 324)، والضياء (12/ 120)، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، وفيه عبدالله بن كيسان، وهو أبو مجاهد المروزي، فيه لين، انظر: "الكامل"، و"الميزان" (2/ 475)، و"تهذيب الكمال" (15/ 480، 481)، ويشهد له الحديث السابق.
[9] مدارج السالكين في منازل السائرين، أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية، دار عطاءات العلم، ج: 1، ص: 348 -355.
سائد بن جمال دياربكرلي
شبكة الالوكة
فقد تعددت أساليب الشيطان في إضلال بني آدم، فمنذ أن أخرجه ربنا جل جلاله من الجنة مذؤومًا مدحورًا، وهو يحوك الخطط، وينسُج الحِيَل؛ ليُضِلَّ عباد الله، ويحيد بهم عن الصراط المستقيم، ليجعل منهم شركاء له مستحقين لما ينتظره من العذاب والخسران المبين، ولا شكَّ أن للشيطان درجاتٍ ينتقل خلالها في تنفيذه لمشروعه الإضلاليِّ، وله في كل درجة أفئدةٌ تصغى إليه بقدر قلة إيمانها، فليس كل أحد قابلًا للكفر، وليست كل وساوسه أنِ اكفر بالله.
وقد تعرَّض الذكر الحكيم في مواضع عديدة إلى التحذير من هذا المشروع الشيطاني، وذلك ببيان حقيقته ومراحله، وأدواته وسبل الوقاية منه؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 208]، ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268]، ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175]، ﴿ إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴾ [النساء: 117 - 121]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 21].
ومن أنفع ما كُتِب في هذا الباب ما ذكره ابن القيِّم في كتابه القيِّم (مدارج السالكين في منازل السائرين)؛ حيث وُفِّق رحمه الله إلى الجمع بين أدلة الكتاب والسنة، فعدَّدَ سبع مراحل - عبَّر عنها بالعقبات - بعضها أصعب من بعض، يريد الشيطان أن يظفَرَ بها بالعبد، لا ينزل من العقبة الشاقة إلى ما دونها، إلا إذا عجز عن الظَّفَر به فيها؛ وهي على النحو التالي:
العقبة الأولى: الكفر:
عقبة الكفر بالله وبدينه، ولقائه وصفات كماله، وما أخبرت به رسله عنه، فإنه إن ظفِر به في هذه العقبة، بَرَدت نارُ عداوته واستراح معه، فإن اقتحم هذه العقبة، ونجا منها ببصيرة الهداية، وسَلِم معه نور الإيمان، طلبه على العقبة الثانية.
العقبة الثانية: البدعة:
إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله، وأنزل به كتابه، وإما بالتعبُّد بما لم يأذن به من الأوضاع والرسوم المحدَثَة في الدين، التي لا يقبل الله منها شيئًا، والبدعتان في الغالب متلازمتان، قلَّ أن تنفك إحداهما عن الأخرى، كما قال بعضهم: تزوَّجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال، فاشتغل الزوجان بالعرس، فلم يفجَأهم إلا أولاد الزنا يعيثون في بلاد الإسلام، تضِجُّ منهم العباد والبلاد إلى الله تعالى.
وقال شيخنا[1] رحمه الله: "تزوجت الحقيقة الكافرة بالبدعة الفاجرة، فولد بينهما خسران الدنيا والآخرة".
فإن قطع العبد هذه العقبةَ، وخلص منها بنور السُّنَّة، واعتصم منها بحقيقة المتابعة وما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وهيهات أن تسمح الأعصار المتأخرة بواحدٍ من هذا الضرب، فإن سمحت به نصب له أهل البدع الحبائلَ، وبغوه الغوائل، وقالوا: مبتدع محدِث، فإذا وفَّقه الله لقطع هذه العقبة، طلبه على العقبة الثالثة.
العقبة الثالثة: الكبائر:
فإن ظفِر به فيها زيَّنها له، وحسَّنَها في عينه، وسوَّف به وفتح له باب الإرجاء، وأن الإيمان هو نفس التصديق فلا تقدح فيه الأعمال، وربما أجرى على لسانه وأذنه كلمةً طالما أهلَكَ بها الخلق: "لا يضر مع التوحيد ذنب، كما لا ينفع مع الشرك حسنة"[2].
والظَّفَر به في عقبة البدعة أحبُّ إليه؛ لمناقضتها الدين ودفعها لِما بعث الله به رسوله، وصاحبها لا يتوب منها، ويدعو الخلق إليها، ولتضمُّنها القولَ على الله بلا علم، ومعاداة صريح السنة، ومعاداة أهلها، والاجتهاد على إطفاء نور السنة، وتولية من عزله الله ورسوله وعزل من ولَّاه، واعتبار ما ردَّه الله ورسوله، وردَّ ما اعتبره، وموالاة من عاداه، ومعاداة من والاه، وإثبات ما نفاه، ونفيَ ما أثبته، وتكذيب الصادق، وتصديق الكاذب، ومعارضة الحق بالباطل، وقلب الحقائق بجعل الحق باطلًا، والباطل حقًّا، والإلحاد في دين الله، وتعمية الحق على القلوب، وطلب العوج لصراط الله المستقيم، وفتح باب تبديل الدين جملةً؛ فإن البدع تَستدرج بصغيرها إلى كبيرها، حتى ينسلخ صاحبها من الدين، كما تنسلُّ الشعرة من العجين، فمفاسد البدع لا يقف عليها إلا أرباب البصائر، والعميان في ظلمة العمى؛ ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40].
فإن قَطَعَ هذه العقبةَ بعصمة من الله، أو بتوبة نصوح تُنجيه، طلبه على العقبة الرابعة.
العقبة الرابعة: الصغائر:
فكال له منها بالقُفزان[3]، وقال: ما عليك إذا اجتنبتَ الكبائر، ما غَشِيتَ من اللَّمَمِ، أوما علمت بأنها تُكفَّر باجتناب الكبائر وبالحسنات؟ ولا يزال يُهون عليه أمرها حتى يُصِرَّ عليها، فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجِل النادم أحسن حالًا منه؛ فإن الإصرار على الذنب أقبح منه، ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ومحقَّراتِ الذنوب))، ثم ضرب لذلك مثلًا بقوم نزلوا بفَلَاةٍ من الأرض، فأعوزهم الحطبُ، فجعل يجيء هذا بعود، وهذا بعود، حتى جمعوا حطبًا كثيرًا، فأوقدوه نارًا؛ فكذلك شأن محقَّرات الذنوب تجتمع على العبد، ويستهين بشأنها حتى تُهلكه[4].
فإن نجا من هذه العقبة بالتحرُّز والتحفُّظ، ودوام التوبة والاستغفار، وإتْباعِ السيئة الحسنةَ، طلبه على العقبة الخامسة.
العقبة الخامسة: المباحات:
التي لا حرج على فاعلها، فشَغَلَه بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد في التزوُّد لمعاده، ثم طمِع فيه أن يستدرجه منها إلى ترك السُّنن، ثم من ترك السُّنن إلى ترك الواجبات، وأقل ما ينال منه تفويته الأرباحَ العظيمة والمنازل العالية، ولو عرف السعر لَما فوَّت على نفسه شيئًا من القُرُبات، ولكنه جاهل بالسعر.
فإن نجا من هذه العقبة ببصيرةٍ تامَّةٍ ونورٍ هادٍ، ومعرفةٍ بقدر الطاعات والاستكثار منها، وقلة المقام على الميناء، وخطر التجارة، وكرمِ المشتري، وقدرِ ما يعوِّض به التُّجَّارَ، فبخِلَ بأوقاته، وضنَّ بأنفاسه أن تذهب في غير ربحٍ، طلبه العدو على العقبة السادسة.
العقبة السادسة: الأعمال المرجوحة:
المفضولة من الطاعات، فأمَرَهُ بها، وحسَّنَها في عينه، وزيَّنَها له، وأراه ما فيها من الفضل والربح ليشغله بها عما هو أفضل منها وأعظم ربحًا؛ لأنه لما عجز عن تخسيره أصلَ الثواب، طمِع في تخسيره كماله وفضله ودرجاتِه العالية، فشغله بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الراجح، وبالمحبوب لله عن الأحب إليه، وبالمرضيِّ عن الأرضى له.
ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفِر بهم في العقبات الأُوَل.
فإن نجا منها بفقهٍ في الأعمال ومراتبها عند الله تعالى، ومنازلها في الفضل، ومعرفة مقاديرها، والتمييز بين عاليها وسافلها، ومفضولها وفاضلها، ورئيسها ومرؤوسها، وسيدها ومسودها؛ فإن في الأعمال والأقوال سيِّدًا ومسودًا، ورئيسًا ومرؤوسًا، وذروةً وما دونها؛ كما في الحديث الصحيح: ((سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي...))؛ الحديث، وفي الحديث الآخر: ((الجهاد ذروة سَنام الأمر))[5] ، وفي أثر آخر: أن الأعمال تفاخرت، فذكر كل عمل منها مرتبته وفضله، وكان للصدقة مَزِيَّةٌ في الفخر عليهن[6].
ولا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر والصدق من أولي العلم.
فإذا نجا منها، لم يبقَ هناك عقبة يطلبه العدو عليها سوى واحدةٍ لا بُدَّ له منها، ولو نجا منها أحدٌ، لنجا منها رُسُلُ الله وأنبياؤه وأكرم الخلق عليه.
العقبة السابعة: التسليط:
وهي عقبة تسليط جنده عليه بأنواع الأذى باليد واللسان والقلب، على حسب مرتبته في الخير، فكلما عَلَتْ مرتبته، أجْلَبَ عليه بخيله ورَجِلِه، وظاهَرَ عليه بجنده، وسلَّط عليه حزبه وأهله بأنواع التسليط، وهذه العقبة لا حيلة له في التخلص منها؛ فإنه كلما جدَّ في الاستقامة والدعوة إلى الله تعالى، والقيام بأمره، جدَّ العدو في إغراء السُّفهاء به، فهو في هذه العقبة قد لبِس لَأْمَةَ الحرب، وأخذ في محاربة العدو لله وبالله، فعبوديته فيها عبوديةُ خواصِّ العارفين، وهي تسمى "عبودية المُراغمة"، ولا ينتبه لها إلا أولو البصائر التامة، ولا شيء أحبُّ إلى الله من مراغمةِ وليِّه لعدوِّه وإغاظته له.
وقد أشار سبحانه وتعالى إلى هذه العبودية في مواضع من كتابه؛ أحدها: قوله: ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ [النساء: 100]، سمى المهاجر الذي يهاجر فيه إلى عبادة الله "مراغَمًا"؛ لأنه يراغم به عدو الله وعدوه، والله يحب من وليِّه مراغمةَ عدوه وإغاظته؛ كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [التوبة: 120].
وقال تعالى في مَثَلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه: ﴿ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ﴾ [الفتح: 29]، فمغايظة الكفَّار غايةٌ محبوبةٌ للربِّ، مطلوبةٌ له، فموافقته فيها من كمال العبودية.
وشرع النبي صلى الله عليه وسلم للمصلِّي إذا سها في صلاته سجدتين؛ وقال: ((إن كانت صلاته تامة كانتا ترغيمًا للشيطان))[7] ، وسماهما "المُرْغِمَتين"[8].
فمن تعبَّد لله بمراغمة عدوِّه، فقد أخذ من الصِّدِّيقيَّة بسهمٍ وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداة عدوه، يكون نصيبه من هذه المراغمة، ولأجل هذه المراغمة حُمد التبختر بين الصفَّين، والخُيلاء والتبختر عند صدقة السر؛ حيث لا يراه إلا الله تعالى؛ لِما في ذلك من إرغام العدو ببذل محبوبه من نفسه وماله لله، وهذا بابٌ من العبودية، ولا يعرفه ويسلكه إلا القليل من الناس، ومن ذاق لذته وطعمه، بكى على أيامه الأُوَل، وبالله المستعان، وعليه التُّكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وصاحب هذا المقام إذا نظر إلى الشيطان، ولاحظه في الذنب، راغمه بالتوبة النصوح، فأحدثت له هذه المراغمة عبودية أخرى[9].
[1] يقصد شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه.
[2] نسبه ابن حزم في "الفِصَل" (5/ 74) إلى مقاتل بن سليمان، وانظر: "كتاب الإيمان" لابن تيمية (ص: 145).
[3] القُفزان: مفردها قَفيز وهو مكيال معروف لأهل العراق، وهو ثمانية مكاكيك، والمكوك: صاع ونصف، وهو 4.5 كجم تقريبًا.
[4] أخرجه أحمد (22808)، والطبراني في "الكبير" (6/ 165)، وفي "الأوسط" (7319)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7267)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وإسناده صحيح، وقد رُوِيَ من حديث ابن مسعود رضي الله عنه بنحوه، أخرجه أحمد (3818)، والطبراني في "الكبير" (10/ 212)، وفي "الأوسط" (2550)، والبيهقي في "الشعب" (285)، وفي إسناده عبد ربه بن أبي يزيد وهو مجهول، وانظر: "الصحيحة" (389، 3102).
[5] جزء من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه المشهور: ((أخبرني بعمل يدخلني الجنة ...))، أخرجه أحمد (22016، 22068)، والترمذي (2616)، والنسائي في "الكبرى" (11330)، وابن ماجه (3973)، وغيرهم بأسانيد فيها انقطاع بين معاذ بن جبل والرواة عنه، والحديث صححه الترمذي والحاكم (2/ 76، 413)، وكذلك الألباني بمجموع طرقه وشواهده في "إرواء الغليل" (413).
[6] يشير إلى ما رُوِيَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "ذكر أن الأعمال الصالحة تتباهى، فتقول الصدقة: أنا أفضلكم"، نقله المؤلف في "عدة الصابرين" (ص 486)، والأثر أخرجه إسحاق (952 - المطالب العالية)، وابن خزيمة (2433)، والحاكم (1/ 416)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3058)، وفي إسناده أبو قرة الأسدي وهو مجهول.
[7] أخرجه مسلم (571) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[8] في حديث أبي داود (1025)، وابن خزيمة (1063)، وابن حبان (2655، 2689)، وابن عدي في "الكامل" (7/ 31 - نشرة السرساوي)، والحاكم (1/ 261، 324)، والضياء (12/ 120)، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، وفيه عبدالله بن كيسان، وهو أبو مجاهد المروزي، فيه لين، انظر: "الكامل"، و"الميزان" (2/ 475)، و"تهذيب الكمال" (15/ 480، 481)، ويشهد له الحديث السابق.
[9] مدارج السالكين في منازل السائرين، أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية، دار عطاءات العلم، ج: 1، ص: 348 -355.
سائد بن جمال دياربكرلي
شبكة الالوكة