وصف الكتاب
يا الله :
إنكَ عندما قلتَ لإبراهيم عليه السلام:
“وَأَذِّنْ فِي الناس بالحج”
قال لكَ: ربِّ كيف أُبلّغُ الناس وصوتي لا يصلهم
فقلتَ له: عليكَ النِّداء وعلينا البلاغ! فبلغ صوته أرجاء الأرض
يا الله :
هذا الكتاب نداء عبد ضعيف القلب ، ضعيف الصوت ،
ناداه حبآ لك ، ورغبة فيك ، فأكرمه بالبلاغ !
مؤلف الكتاب :
ادهم شرقاوي
اقتباسات كتاب "كتاب رسائل من القرآن"
﴿فَدَعا رَبَّهُ أَنّي مَغلوبٌ فَانتَصِر﴾ احذر من دعوة أولئك الذين ليس لهم إلا الله : العامل المسكين الذي أكلت أجره، والزوجة الضعيفة التي أهنتهـا والأخ الذي غصبـتـه مـيـراثـه والجار الذي اعتديت على أرضه، فلربما نمت أنت ليلتـك وقام هو وتوضأ، فدعـا بدعاء نوح عليه السلام هـذا، فتلقى الله سبحانه دعوة المظلوم، وأصدر أمره لملائكته أن ينصروا عبده، سـأل جعفر البرمكي أبـاه وهمـا في السجـن : يا أبت بعد الأمر والنهي والأموال صرنا إلى هذا ، فقال له أبوه: يا بُني، دعوة مظلوم غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها!
﴿ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلّا قَليلٌ ﴾ إنه شيخ المرسلين نوح عليـه السـلام ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعو قـومـه ولم يؤمن معه إلا قليل، نحن مسؤولون عن السعي، لا عن النتيجة! عـن الطـريـق، التي مشينا بها لا عن الوصـول! وفي الحـديث: يأتي النبي وليــس مـعـه أحـد! هذا لأن كـل نبي يأتي مع قومـه يـوم القـيـامـة وهناك أنبياء لم يؤمن بهم أحد! يقول الإمام الأوزاعي: مات عطاء بن أبي رباح يوم مات وهو أعلم أهل الأرض، وما كان يشهدُ مجلسه إلا تسعة!
﴿ خُلِقَ الإِنسانُ مِن عَجَلٍ ﴾ هكذا خُلقنا لا نُطيق الانتـظار ! حتى نحن الكبار، نشبه أولئك الأطفال الذين إذا وعدناهم بشيء سألـونا كل دقيقة عنـــه! أدبوا هـذه العجلة بالصبر، ثمة أمور كثيرة لا ينالها العجول بسبب عجلته، يروي الذهبي في سير أعلام النبلاء عن جعفر بن أبي عثمان قال: كنا عند يحيى بن معين، فجاءه رجل مستعجل، فقال له: يا أبا زكريا حدثني بشيء أذكرك به، فقال له: اذكرني أنك سألتني أن أحدثك فلم أفعل! يريدُ أن يقـول له أن العلـم لا يعطى لعجــــــــول!
﴿ فَصَكَّت وَجهَها وَقالَت عَجوزٌ عَقيمٌ ﴾ هذه سارة، وقد بشرتها الملائكة بإسحـاق! ضربت بيديها على وجهها من الذهــــول عجوز، وعقيم! فالتي كانت تلد في شبابها، لن تلد في كبرها فكيف بهـا هي التي لم تلـد في شبابهـا؟! لعلك تنظر الآن في وضعك وحـالك، فتقول: يا رب كيف تتحقق الأمنيـات؟ ولكن ثق تماماً أن الله سبحانه إذا أراد بك الخير، حملـه لك ولـو على ظهـر عـدوك!
﴿ فَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا صالِحًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا ﴾ تأملها جيداً: برحمـة منـا! فإذا جاءك الفرج بعد الضيق، تذكر أنه برحمة الله! وإذا جاءك الشفاء بعد المرض، فليس بالدواء والطبيب، وإنمـا برحمـة الله! وإذا جاءتك الوظيفة بعد بطالة، فليست بشهادتك وقدراتك، وإنما برحمـة الله! وإذا جاءك الولد بعد انقطـاع ويـأس فليس بالعلاج وقوتك، وإنما برحمة الله! كل هذه أسباب لا تضر ولا تنفع، حتى يأذن الله! فكم من مريض تداوى ولـم يشف، وكم من حامل شهادة لم يتوظف، وكـم مـن مـتـزوج لـم يُنـجـب كل خير أنت فيه برحمة الله، فاعترف بالفضل لصاحب الفضل!
﴿ المالُ وَالبَنونَ زينَةُ الحَياةِ الدُّنيا ﴾ الدنيا بالمال أيسر، وبـالأولاد أحـلى ولكن تأمل دقة التعبير في الآية: زينة، وليس قيمة! الإنسان بما يعرفُ لا بما يملكُ، وبما في قلبه لا بما في جيبـه بحنانه لا بسلطانه، وبرقته لا بقسوتـه لا تكن كالذين حســـــــدوا قـارون على مالـه فلما خسف به وبداره الأرض عرفوا الحقيقة. اعرفها أنت مبكراً !
﴿ الَّذينَ اتَّبَعوهُ في ساعَةِ العُسرَةِ ﴾ الآية نزلت في الصحابة في غزوة تبوك. الغزوة الأصعب بين غزوات النبي ﷺ فهي الغزوة الأبعد مسافة والطقس يومها صيف، والحر شديد، والصحراء لظى، وسُمي جيشها بجيش العسرة، لأنه لم يكن هناك مال لتجهيز الجيش، ومع ذلك سمى الله تعالى كل هذه المشقة: ساعة العسرة! الوقــــت يـمـضـي سـريـعــــاً والأيام تتبدل كـأنها الـريـح ولا يبقى من الطاعة إلا أجرهـا، ولا يبقى من المعصية إلا وزرها، وقد كانوا يتواصون في الشدائد: إنما هي أيام تمضي، والموعد الجنة!
﴿ هذا ما توعَدونَ لِكُلِّ أَوّابٍ حَفيظٍ ﴾ الأواب في اللغة صيغـة مـبـالـغـة وفي المعجم: كثير التوبة إلى الله، وسياق الآية يقول: لولم يكن كثير الذنوب، ما كان كثير التوبة! إياك أن تستكبر ذنبك أمــام رحمـة الله، وإياك بالمقابل أن تستصغره أمام عقـابه، كُن بين الرجاء والخوف: رجاء من رحمته سبحانه، وخوف من عقابه! وإياك أن يجعلك الشيطان تخجل من ذنبك فلا ترجع إلى ربك، فإنه ما سمّى نفسه الغفور، إلا لأننا نذنب ويتوب علينا! فــــإذا أذنبت في اليـوم ألف مرة تُـــب إلى الله ألــــف مـــــرة !
﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ كان ابن القيم رحمه الله يقول: خير أيام العبد على الإطلاق يوم توبته إلى الله! وفي الأثر: إذا تاب العبدُ نادى منادٍ أن فلاناً قد اصطلحَ مع ربه! إنَّ الإنسان إذا كان له حبيبٌ من الناس فحدث بينهما خصام، فإنه يتفننُ في استرضائه ليعيد المياه إلى مجاريها، والله سبحانه أحقُّ أن يُسترضى! فإذا جئتَ بعملٍ يخدشُ الحُبَّ الذي في قلبكَ للهِ، فتفنن في استرضائه كما لو كان محبوبكَ من الدنيا، تارةً بالصدقة، وتارة بالاستغفار والصلاة والقرآن، فإن النبيل من الناس إذا اُسترضيَ رضيَ، فكيف باللهِ وهو أرحم الراحمين؟!
﴿ عَسى رَبُّنا أَن يُبدِلَنا خَيرًا مِنها ﴾ أطفئ بهذه الآية نار حسرتك على كـل فـرصـة ضـاعت، وعلى كــل وظيفـة خسرتهـا وعلى كل حبيب أفلت يدك في منتصف الطريق، وعلى كل صـديق حسبت أن له وجهـاً جميلاً فلم يكن هذا إلا قناعاً لذئب جارح! مـا أخذه الله منـــك فلحكمـة ومـا تـركه لك فرحمـة فإن علمت الحكمة، فاشكراً وإن جهلتهـا فـاصبر ! أقدار الله كلها خير وإن أوجعتك !
﴿ أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه ﴾ يا الله : إني لا أصلي لك كمـا يلـيـق بـك ولا أصـــــــوم كـمـا كـان يفعـل داود، ولا أصبر إذا مرضت كما صبر أيوب. ولا أسبح بحمدك تسبيح يونس في بطن الحـوت ولا أخذ ديني بقوة كيحيي، ولا أغض بصري كما غض يوسف كل جوارحـه ولست متسامحاً لحد القول: اذهبوا فأنتم الطلقاء، ولكني مثلهم يا الله أحبك
﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ ﴾ إنّ الله لم يعط العاصي مالاً عن ضعف منه سبحانه، ولم يحـرم الطـائـع المـال عن فقر منه سبحـــانه ولكنهـا دار امتحـان! والله سبحانه لا يعطي إلا لحكمة، ولا يمنع إلا لحكمة، فما كان لك سيصـلك، ولو وقف العالم كله يريد أن يمنعه عنك! وما لم يكن لك لن تناله، ولوساندك العالم كله للحصول عليه! رُفعت الأقلام وجفت الصحف!
﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ كلما أذنبتَ ذنبًا قُل في نفسك: خسرتُ معركة، ولم أخسر الحرب! لا تبتئس، ورمّم نفسك بوضوء وركعتين، استغفرْ على الأصابع التي أذنبتْ، واقرأ القرآن بنفس العين التي نظرت إلى حرام، أنين التائبين عند الله كمناجاة الطائعين، وما سمى نفسه الغفور إلا لأنه يريدك أن ترجع!
﴿قال سآوي الى جبل يعصمني من الماء﴾ الذي تربَّى في بيتِ نبيٍّ غرِقَ بالطوفان، والذي تربَّى في بيتِ فرعون شَقَّ البحر بعصاه، ليس المهم أين تعيش بل كيف؟ ليس المهم البدايات بل النهايات!
﴿لَتَركَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ﴾ أي تتبدل أحوالكم من حال إلى حال، وما بعد الضيق إلا الفـرج، وما بعد المرض إلا الصحة، وما بعد الحزن إلا الفـرح، وما بعد الافتراق إلا اللقيا! هذه الدنيا لا تلبث على حال أبداً، يتقلب فيها الناس بين الفقر والفني، والصحة والمرض، والضيق والفرج، والوداع واللقـاء، والسعيد من كان مع الله في كل حال!
﴿ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في أَحسَنِ تَقويمٍ ﴾ في أحسن تقويم لا تعني وسيماً وأشقر! وإنما في جسد هو معجزة في وظـائفه: الجمال كالمال أرزاق، وزعها الله لحكمة بين خلقه! كان لقمان الحكيم عبداً من النوبة، وكان بلال بن رباح أسود البشـرة، فما ضرهما ذلك شيئاً! وما نفعُ الوسامة والجمال في قلوب فاجرة ستأكلها النار! فلا تسخـر من شكـل أحـد وهيئتـه، أنـت لـــــــم تـخـــــلـق نفســـك فإن لم تحترم الخلق، فتأدب مع الخالق! لا تجعل أحـداً يكره شكلـه وهيئتـه لأنك تريدُ أن تضحك وتمــزح وتتندر! اللسان أحياناً أمضى من ضربة السيف!
﴿ مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ﴾ يقول سعيد بن جُبير: الحياة الطيبة هي أن لا يحوجك الله إلى الناس! وهذا قـول جميل، ولكن في الآية مـزيـداً : فالحياة الطيبة ليست أن لا تمرض ولا تفتقـر، وليست في أن تكون صاحب جاه ومنصـب وإنما أن ترضى بقضـاء الله مـهـمـا كـان فإن السخط على قدر الله ضنك وتعب ومشقة! ومتى وهبـك الله الرضى على كل أقـــداره فجعلك حامداً في رخائك، صابراً في شدتك، فقد أحياك حياة طيبة!
﴿ يُدَبِّرُ الأَمرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الأَرضِ ﴾ يُدبر الأمر، فلم تقلق؟! استند بيقينك على الله سبحــانــه! المرض الذي نزل بك، شفاؤه عنـده. والدين الذي أرهقك، سداده عنـده. والهم الذي أثقــلك، زوالـه عـنـده. والضيق الذي كدرك، انفراجه عنده. لُذ ببابه دوماً! إن الكريم من الناس، يقضي حوائج الناس! فكيف بالله؟!
﴿ يا يَحيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ ﴾ ليس قـوة يـد وبـدن وإنما قوة قلب وعقيدة، وأنت أيضاً: خُذ الكتاب بقوة! کن راسخاً في إيمانك ثابتاً في عقيـدتـك. لومال الناس كلهـم، فاثبت! ولو انتكس الناس كلهـم، فلا تترك صلاحك! إن هـذا الدين منتصر بـك، أو بـدونـك! وحدك الذي ستخسر إن مضت القافلة ولم تكن فيها!
﴿ مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ﴾ يقول سعيد بن جُبير: الحياة الطيبة هي أن لا يحوجك الله إلى الناس! وهذا قـول جميل، ولكن في الآية مـزيـداً : فالحياة الطيبة ليست أن لا تمرض ولا تفتقـر، وليست في أن تكون صاحب جاه ومنصـب وإنما أن ترضى بقضـاء الله مـهـمـا كـان فإن السخط على قدر الله ضنك وتعب ومشقة! ومتى وهبـك الله الرضى على كل أقـــداره فجعلك حامداً في رخائك، صابراً في شدتك، فقد أحياك حياة طيبة!
﴿ يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ ﴾ وهـن عظمـه واشتعل رأسه شيباً وكانت امرأته عاقراً، لكنه كان يعرف أن الأسباب تحكم الناس، ولا تحكم الله جل في علاه، فرفع يديه ودعـــا: ﴿ فَهَب لي مِن لَدُنكَ وَلِيًّا ﴾ فجاءته الاستجابة: ﴿ يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ ﴾ من علق قلبه بالأسباب، تركه الله إليها ! ومن علق قلبه بالله، هيأ له الأسبـاب !
رزقكَ لن يأخذه غيركَ،ولكن عبادتكَ لن يقوم بها غيــــــركَ،
إنَّ الله سبحانه قد تكفَّل لكَ بالرزق،وطلبَ منكَ العمل!
فلا تنشغل بما تكفلَّ لكَ به وتنسَ الذي طـــالبــــــكَ به!