إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يقول الدكتور راتب النابلسي :- توقفت كثيرًا في سورة يس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يقول الدكتور راتب النابلسي :- توقفت كثيرًا في سورة يس


    يقول الدكتور محمد راتب النابلسي:



    توقفت كثيرًا في (سورة يس)، فوجدت فيها أمرًا ربما لا نلتفت إليه كثيرًا ... ترتبط سورة يس بالموت ... غالبًا ما تجد أهل المتوفي يعكفون على قراءة سورة يس يوم الوفاة لعلي الله ينفع بها الميت ، والأوفياء منهم يواظبون عليها عدة أيام بعد وفاة عزيز عليهم



    لكني ألتفت إلى أمر مهم في سورة يس ....

    قال تعالي فيها(لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً)

    ولم يقل لينفع من كان ميتًا ، لست أناقش هاهنا موضوع انتفاع الميت بقراءة الحي للقرآن ، ولكني ألتفت إلى أننا أغفلنا الحكمة الأعظم من القرآن ( لينذر من كان حيًا ) ،



    ثم جعلت أتسائل ...

    كم من الأحياء الذين قرأوا سورة يس انتفع بها ؟ ،

    كم منهم تعلم منها ولو معنى واحد ؟

    كم منهم أثرت في حياته وغيرت منها شيئًا ؟

    هؤلاء الألوف الذين يقرأوها كل يوم .. ما صنعوا بها ؟



    ثم سألتني ... ماذا صنعت أنت بها ؟ ....

    ووقفت قليلاً أتدبر السورة ،

    حقيقة لفت انتباهي فيها آيات كثيرة ، لكنّ أبرز ما لفت انتباهي هي قصة القرية التي جاءها المرسلون

    لعلي أكثرنا يعرفها ، لكن الذي استوقفني فيها شئ أدهشني..



    في القصة أن رجلاً من القرية اقتنع بما يدعوا إليه المرسلون ، وقام ملهوفًا على قومه ( من أقصا المدينة ) ، جاء يحاور قومه ويدعوهم إلي ما اعتقد أنه سبيل الفوز والسعادة ، جاء يحمل الخير لهم ، جاء فزعًا إلى نضج أفكارهم، جاء بخطاب يمس العاطفة فيستميلها ، ويخاطب العقل فيقنعه

    وكانت مكافأته من قومه أن قتلوه ، ليست قتلة عادية ، بل بطريقة حقيرة رديئة لا يزاولها إلا حيوان بريٌ لم يعرف شكلاً إلى التهذيب والتربية ... تروي التفاسير أن قومه قاموا إليه فركلوه ورفسوه حتى خرج قَصُّهُ ( عظمة القص تصل ما بين الأضلاع ) من ظهره

    ثم يدهشك ما سيحدث بعد ذلك ....ـ

    يخبرنا القرآن أن هذا الرجل قيل له ( ادخل الجنة ) ... لو كنت مكانه لفكرت على الفور " ياربي والقتلة ألن تنتقم لي منهم ؟ ألن تعذبهم ؟ يارب سلط عليهم حميرًا ترفسهم حتى يموتوا " ..... لكن الذي أدهشني هو أمنية الرجل

    ـ ( قال ياليت قومي يعلمون - بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين )ـ

    ..حقيقة توقفت كثيرًا أمام هذه النفسية العظيمة ، نفس رحبة واسعة جدًا ، حتى أنها لم تحمل ضغينة على القتلة ، بل على العكس كانت أول أمنية له فور أن بشر بالجنة لو أن هذا المجتمع القاسي الذي قابل الجميل بالقتل ، لو أنهم يعلمون المنقلب ، لو أنهم يطلعون على الخير الذي أعده الله للصالحين ( ياليت قومي يعلمون ) ـ

    ..أدهشني حرصه على الخير لقومه مع ما واجه منهم

    ...أدهشني تمسكه بالرغبة في إصلاحهم مع ما تبين من عنادهم

    ...أدهشني همته في دعوتهم للخير مع توقف مطالبته بالعمل

    ...أدهشني حبه الخير للآخرين ، حتى من آذوه...

    ..أدهشني ان تكون أول أمنية له لو أنهم يعلمون



    وبعد أيامٍ ، وقفت من سيرة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على موقف مشابه ، رحلة الطائف ، ويأتيه ملك الجبال " لو شئت أطبقت عليهم الأخشبين " ... فيجيب ( اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون )



    وصلت إلى خلاصة ....ـ

    الكبار وحدهم هم الذين يتحملون سفاهة الناس من أجل هدف أسمى ... هو إصلاحهم

    الكبار وحدهم هم الذين لا يعادون أحدًا انتقامًا لأشخاصهم

    الكبار وحدهم هم الذين تكون أمنياتهم بناء

    الكبار وحدهم هم من يتقبلون دفع ضريبة حمل الإصلاح للناس

    الكبار وحدهم هم الذين لا يعرف عامة المجتمع أقدارهم

    اللهم اجعلنا منهم ...



    ////////////



    ملحوظة

    أما أن يقرأ المسلم القرآن ويهدي ثوابه إلى الميت فهذا لا مانع منه، وقد نص أهل العلم على أن الثواب يصل إلى الميت المسلم لعموم الأدلة الواردة في وصول ثواب الأعمال إلى الموتى،
    وأما قراءة سورة يس على الميت فقد ورد فيها حديث رواه أبو داود وابن حبان وأحمد .

    ولكن أهل العمل بالحديث ضعفوه، ولهذا فإن الكثير من أهل العلم لم يعملوا به وخاصة الإمام مالك .

    وذهب بعضهم إلى العمل به فاستحب قراءة يس عند رأس المحتضر، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: وأرخص بعضهم في القراءة عند رأسه بسورة يس. للحديث المذكور، ثم قال: ولم يكن ذلك عند مالك أمراً معمولا به لضعف الحديث أو عدم بلوغه إليه.

    أما القراءة في المقبرة فالراجح عند أهل العلم كراهتها، ولا مانع من القراءة في أي مكان وإهداء ثوابها للميت كما تقدم.

    اسلام ويب


    مَنْ لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر:



    إذاً: ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ أردت أن أنطلق من كلمة فعززنا إلى أسلوب التعزيز الذي يستخدمه الله عز وجل مع عباده، فأنت كلما جاءتك دعوة لطيفة: أحياناً ترى مناماً، إذا كنت موفقاً جداً، وحساساً جداً، وعلى مستوى عال من الإدراك، يكفيك منام تحذيري، أحياناً كلمة، أحياناً انقباض، هذا الطريق فيه انقباض لا يحبه الله، هذه النزهة لا ترضي الله، يقول لك: متضايق، هذه السهرة لا ترضي الله، هذه الشركة لا ترضي الله، هذه الصفقة لا ترضي الله، هذا الدخول لهذا البيت لا يرضي الله، اللقاء مع فلان لا يرضي الله، الانقباض إشارة من الله عز وجل، فإذا الإنسان فَهِم على الله عز وجل نعمة كبيرة، أحياناً رؤيا، أحياناً انقباض، أحياناً كلام واضح، صديقك ينصحك يا أخي أنت أخ مؤمن، وهذا الذي أنت فيه لا يرضي الله، احذر...مادمت أنت على مستوى أن تستجيب لنصيحة، أو لدعوة، أو لآية كريمة، أو لحديث شريف، أو لمنام حقيقي تراه، وتفهمه على الله تماماً، هذه نعمة، أو بانقباض، أما الذي لا يفهم إلا بالمشكلة الكبيرة، والضيق الشديد، والتضييق، فهذا حسه متلبد.

    أيها الأخوة؛ اسمعوا هذه الكلمة: مَنْ لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر، هذا الذي تأتيه المصيبة من الرحمن الرحيم لتلفت نظره، لتدفعه، لتقربه، لتجعله يتوب، لتحمله على طاعة الله، لتجعله يزداد من الله قرباً وحباً، فلا يستفيد منها هو المصيبة، نفسه هي المصيبة.



    كل إنسان له اختيار فليس عليك إلا أن تنصح وتبين وعلى الله الباقي:



    ﴿قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ(16)وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ(17)﴾ أنت مخيّر، الإنسان مخير، كثير من الأخوان يسألني ماذا أفعل؟ لا أستطيع إلا أن أنصحه، لأنه مخيّر، أحياناً قد يكون لك ابن، أو قريب، أو صديق، أو شريك، منحرف، ماذا أفعل؟ انصحه، إذا النبي وعظمته الله عز وجل قال:

    ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)﴾[ سورة البقرة ]

    أي لست مسؤولاً عنهم، والآية الثانية:

    ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)﴾[ سورة القصص ]



    من أصابه خير فمن حسن استقامته ومن أصابه شرّ فمن تقصيره:

    يا أيها الأخوة الأكارم؛ سورة يس هي قلب القرآن: ﴿قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ﴾ والله على هذه الكلمة تُكْتب مجلدات، خيرك منك وشرك منك، كل شيء خارجي بريء، إذا أصابك الخير فمن حسن استقامتك، من نواياك الطيبة، من إخلاصك، من حبك لله، من التزامك بأمر الله، وإن أصابك الشر فمن تقصير، من ذنب.

    ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ(30)﴾[ سورة الشورى ]



    نسيان المؤمن المتاعب التي عانى منها في الدنيا عندما يرى ما أعدّ الله له:

    الشيء المهم أن المؤمن حينما يأتيه ملك الموت ويرى ما أعدّ الله له من نعيم مقيم قيل: يعرق.. عرق الخجل، كل المتاعب ينساها حتى لو أنه قُتِل، هنا قتلوه، لكن عندما أراه الله عز وجل مقامه في الجنة: ﴿قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ(26)بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ(27)﴾ لو علموا هذا ما قتلوني، واستجابوا إلي.



    ما بعد الموت أشد من الموت:



    أين عاد وثمود؟ أين الفراعنة؟ أين الرومان؟ الذي عتوا، وبغوا، واستطالوا، واستعلوا، وكفروا، أين هم الآن؟ أحاديث، الله قال:

    ﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)﴾[ سورة سبأ ]

    ﴿وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ(32)﴾ .

    ﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) ﴾[ سورة الغاشية ]

    فهذا مثل حقيقي، هؤلاء الذين رفضوا دعوة الرسل: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ(29)﴾ أُهْلِكوا، وما بعد الموت أشد من الموت، والذي آمن قُتِل لكن أكرمه الله بالجنة، فلما رأى مقامه في الجنة: ﴿قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ(26)﴾ أول السورة دعوة نظرية، وهذا مثل عملي: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ﴾ الذين استجابوا ما مصيرهم؟ والذين لم يستجيبوا ما مصيرهم؟ قُتِلوا فدخلوا الجنة، وكَذَّبوا فجاءتهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون.



    موسوعة النابلسى
    التعديل الأخير تم بواسطة امانى يسرى; الساعة 18-02-2025, 08:41 PM.
يعمل...
X