رد: تيسير المنان في فهم القرآن
الكرام الأفاضل.. أعزَّكم الله وبارك فيكم
إستكمالًا للكلام عن التأمُّلِ والتدَبُرِ كأداةٍ من أدوات فهم القرآن؛
أٌذكِّرُ نفسي وإياكم بأهميةِ الإنتبَاهِ والتَنبُّهِ والإصْغَاءِ التـَّامِّ والعَزْمِ على التَلْبيَّةِ فورًا لأوامِر ونواهِي ربّنا تبارك وتعالى في آيات القرآن
هذه الأوامر والنواهي تندرج ضمن أنواع الخطاب القرآني،
وهذا الخطاب الربَّاني في القرآن؛ لجميع أصناف العَالَمِينَ مِنَ المُخَاطَبين، على تنوُّعِ أجناسهم وألسنتهم وأديانهم التي يدينون بها.
ومجالات الخطاب القرآني لأصناف الناس متنوعة؛ ما يعنينا منه الآن -كمثال لأولوية التدبر- مجالين إثنين:
1- خطابٌ عامٌّ للنَّاسِ جميعًا،
مثالًا لذلك:
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ البقرة: 21
فهذا أمر عام لكل الناس, بأمر عام, وهو العبادة الجامعة, لامتثال أوامر الله, واجتناب نواهيه, وتصديق خبره,
فأمرهم تعالى بما خلقهم له، قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
2- خطاب خاصٌ للمؤمنين:
وهنا سنقف معًأ أولًا بتأمُّل وتفكُّر وتدقيق بالغ التركيز والفهم؛ لنتدبر معًا نعمة الله علينا أن جعلنا من أمة الإسلام، ومن عباده المؤمنين، وكفى بها نعمة.
ذلك أنَّ كلٌّ منَّا حين يقرأ كتاب الله ويتعرض لهذا الخطاب الرباني الخاص والموجَّه للمؤمنين؛ بماذا يشعر؟
ألا تمتلئ صدورنا بشرًا وأملًا في رحمة الله بنا عاقدين العزم والنية على تغيير أنفسنا رغبة ورهبة لله تعالى،
وخوفًا من الحساب على عدم صيانة نعمته علينا بالإيمان؟
أَلَا نشعر بجزيل نِعَم الوهَّاب علينا، ونستشعر أنه سبحانه يخاطب كل واحد منا؟
فبالله عليكم؛
ألا يُكسِبنا ذلك شعورًا بتشريف الله لنا أن جعلنا من المؤمنين؟!
ولأن الله تعالى وفقنا بفضله وبرحمته لهذا التشريف؛ ألا يَجدُرُ بنا تَحمُّل التكليف، والعمل بدون تهاون أو تخفيف.
أمَّا لو قرأنا آيات الخطاب هذه مرورًا عابرًا دون تدبُّر؛ سنخسر أولًا شعورًا عاليًا بالراحة والطمأنينة، وسنفقد ثانيًا فائدة الفهم،
ثم سنُضِّيعُ على أنفسنا الإستجابة السريعة إلى أوامر الله ونواهيه؛ فقد لا نفهم المراد من الخطاب -أمــرًا أو نهيــًا-،
وهذه آفة كبرى، وقد نفهم فهم العابر على مجرد كلمات يقرؤها في كتاب عادي أو في مقالة، وحاش لله أن نقرأ القرآن بهذه الطريقة.
لكنَّ الشيطان الذي يجرى مجرى الدم بعروق العباد؛ لا يهنأ له حال في أحوال تقربهم إلى الله تعالى، فيُوغِر بالصدور مشاعر القلق والتَمَلْمُل،
ويصيب الجسد بالإعياء والنَّفس بالكسل، حتى يدفع بقارئ القرآن الغير مُتدَبِّر للآيات إلى طرق غير محمودة؛
إمَّا القراءة بدون فهم مطلقًا، أو سرعة ترك المصحف، أو أشياء أخرى عافانا الله وإياكم منها، وأعاذنا وإياكم من شرور ومكائد الشيطان.
ولاَّن الشيطان يسعى ويحرص على صرف العبد عن الأمور الفاضلة، فقد بيَّن الله لنا كيف نتغلب عليه، فقال تعالى:
﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ النحل: 98
هذا أمر من الله تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: إذا أرادوا قراءة القرآن أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم.
والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة؛ لئلا يُلبِس على القارئ قراءته ويخلِط عليه، ويمنعه من التدبر والتفكر.
بالله عليكم؛ إذا وهبنا الله سلاح المَـعِـيَّــة ، والحِماية باستعاذتنا به من كلِّ شرّ وبليَّة؛
فكيف ندع أنفسنا لهواها وللشيطان بلا تدبر لآيات القرآن؟!
بالله عليكم كيف نفعل ذلك عند قراءة آية قرآنية فيها خطاب للمؤمنين من العزيز الرحمن؟!
ياعِبَادَ الله؛ إنَّه خِطابٌ خَاصٌّ للْمُؤمِنِين، خِطَابٌ مُباشِرٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِين
فوالله الذي لا إله غيره لا يكفينا سجود شكرٍ لله كلَّمَا مررنا على مثل هذه الآيات، ولو سجدنا أعمارنا كلها؛ ما وفَّينَا حقّ الله أبدًا، سبحانه المُنعِم الوهَّاب.
والآن؛ هيا معًا لنتدبر هذه الآية، كمثال للأوامر الخاصة بالمؤمنين، في قوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ البقرة: 153
أي:
يا أيها المؤمنون؛ اطلبوا العَوْنَ من الله في كُلِّ أموركم:
بالصبرِ على النوائبِ والمصائبِ، وتركِ المعاصي والذنوب، والصبر على الطَّاعاتِ والقُرُبات، والصَّلاة التي تَطْمَئِنُّ بها النَّفس، وتنْهَى عن الفحشاءِ والمُنكَر.
إنَّ الله مع الصَّابرين بعونهِ وتوفيقهِ وتسديدهِ.
وفي الآية: إثبات معيَّةِ الله الخاصة بالمؤمنين، المُقتضية لما سلف ذِكرُه؛ أمَّا المعية العامة، المقتضية للعلم والإحاطة فهي لجميع الخلق.
سبحان الله جلَّ في عُـــــلاه
فهذا أمر من أوامر الله تعالى فيه رحمة ورأفة بنا، سبحانه علَّام الغيوب
يريد بنا سبحانه غاية الخيرات، إنها مَـعِـيَّـتُــةُ سبحانه ربُّ البريَّات
ولنتدبر معًا أيضًا هذه الآية، كمثال للنواهي، في قوله:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ﴾ النور: 27
يرشد الباري عباده المؤمنين، أن لا يدخلوا بيوتا غير بيوتهم بغير استئذان، فإنَّ في ذلك عدة مفاسد:
منها: ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال:
"إنما جعل الاستئذان من أجل البصر" [1]
فبسبب الإخلال بالاستئذان، يقع البصر على العورات المستورة داخل البيوت،
و منها: أنَّ ذلكَ يُوجِبُ الرِيبَةَ مِنَ الدَّاخِلِ، ويُتَّهَمُ بالشَرِّ؛ سِرقَة أو غَيرهَا،
لأنَّ الدخول خُفْيَة، يَدُلَّ على الشَرِّ، ومَنَعَ اللهُ المؤمنينَ مِنْ دخولِ غَيْرَ بيوتهم حَتَّى يَسْتَأْنِسُوا أي: يستأذنوا.
..
سُمِّيَ الاستئذان استئنَاسًا، لأنَّ به يَحُصُل الاستئناس، وبِعَدَمِهِ تَحْصُل الوَحْشَة،
{وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} وصفة ذلك، ما جاء في الحديث: " السلام عليكم، أأدخل"؟ [2]
..
{ذَلِكُمْ} أي: الاستئذان المذكور {خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
لاشتماله على عدة مصالح، وهو من مكارم الأخلاق الواجبة، فإن أذِنَ، دخل المُستَأذِن.
وهنا يريد منَّا سبحانه الحفاظ على العلاقات الإنسانية في المجتمعات الإسلامية،
حيث التمسك بالأخلاق الإسلامية التي تدعو إلى الفضيلة.
الكرام الأفاضل؛
إنَّهــــا أوامــر ونـواهــي في آيات القرآن يخاطب الله بها عباده المؤمنين؛ فهلَّا تنبهنا إلى أنَّ:
الأمر يُفيد الوجوب، والأمر: "هو قولٌ يتضمَّن طلب الفعل على وجه الاستعلاء".
النهي يُفيد التحريم، والنهي: "هو استِدعاء التَّرك بالقول على وجه الاستعلاء"........
فهذا النوع من الخطاب الربَّاني بنداء المؤمنين يتْبَعُهُ أمرٌ إلَهِيّ أو نَهْي؛ بما يتوجَّبُ علينا المُسارعة بالإمتثال، إستجابة وتسليمًا لله رب العالمين.
فكيف سنفعلُ ذلك بدون فهمٍ للقرآن؟!
والآيات كثيرة متعددة؛ تلك التي يمكننا العمل بها -نحن العامَّة- مسارعين بعد محاولة فهمها جيدًا،
وبذلك يمكننا بتوفيق الله لنا بلوغ الفهم لكثيرٍ من النصوص الشرعية، والتعبد لله بتدبر القرآن فهمًا وعملًا.
إضافة إلى ضرورة الاستزادة من فهمٍ لأقوال أهل التخصص من علمائنا الأجلاء الواجب رجوعنا إليهم دائما والتعلم منهم؛
لكن يجب أن نحرص دائمًا على دورنا الأساسيّ في السعي للفهم والتدبر، كما أمرنا ربنا تبارك وتعالى بذلك.
أسأل الله تعالى لي ولكم أن يجعلنا من أهل القرآن وخاصته،
وأن يرزقنا وإياكم فهم القرآن وتدبره وحفظه وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار والعمل بما جاء به على الوجه الذي يرضيه عنَّا،
اللهم اجعله ربيع قلوبنا ونور أبصارنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أسألكم الدعاء.. بارك الله فيكم جميعًا وحفظكم.
الكرام الأفاضل.. أعزَّكم الله وبارك فيكم
إستكمالًا للكلام عن التأمُّلِ والتدَبُرِ كأداةٍ من أدوات فهم القرآن؛
أٌذكِّرُ نفسي وإياكم بأهميةِ الإنتبَاهِ والتَنبُّهِ والإصْغَاءِ التـَّامِّ والعَزْمِ على التَلْبيَّةِ فورًا لأوامِر ونواهِي ربّنا تبارك وتعالى في آيات القرآن
هذه الأوامر والنواهي تندرج ضمن أنواع الخطاب القرآني،
وهذا الخطاب الربَّاني في القرآن؛ لجميع أصناف العَالَمِينَ مِنَ المُخَاطَبين، على تنوُّعِ أجناسهم وألسنتهم وأديانهم التي يدينون بها.
ومجالات الخطاب القرآني لأصناف الناس متنوعة؛ ما يعنينا منه الآن -كمثال لأولوية التدبر- مجالين إثنين:
1- خطابٌ عامٌّ للنَّاسِ جميعًا،
مثالًا لذلك:
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ البقرة: 21
فهذا أمر عام لكل الناس, بأمر عام, وهو العبادة الجامعة, لامتثال أوامر الله, واجتناب نواهيه, وتصديق خبره,
فأمرهم تعالى بما خلقهم له، قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
2- خطاب خاصٌ للمؤمنين:
وهنا سنقف معًأ أولًا بتأمُّل وتفكُّر وتدقيق بالغ التركيز والفهم؛ لنتدبر معًا نعمة الله علينا أن جعلنا من أمة الإسلام، ومن عباده المؤمنين، وكفى بها نعمة.
ذلك أنَّ كلٌّ منَّا حين يقرأ كتاب الله ويتعرض لهذا الخطاب الرباني الخاص والموجَّه للمؤمنين؛ بماذا يشعر؟
ألا تمتلئ صدورنا بشرًا وأملًا في رحمة الله بنا عاقدين العزم والنية على تغيير أنفسنا رغبة ورهبة لله تعالى،
وخوفًا من الحساب على عدم صيانة نعمته علينا بالإيمان؟
أَلَا نشعر بجزيل نِعَم الوهَّاب علينا، ونستشعر أنه سبحانه يخاطب كل واحد منا؟
فبالله عليكم؛
ألا يُكسِبنا ذلك شعورًا بتشريف الله لنا أن جعلنا من المؤمنين؟!
ولأن الله تعالى وفقنا بفضله وبرحمته لهذا التشريف؛ ألا يَجدُرُ بنا تَحمُّل التكليف، والعمل بدون تهاون أو تخفيف.
أمَّا لو قرأنا آيات الخطاب هذه مرورًا عابرًا دون تدبُّر؛ سنخسر أولًا شعورًا عاليًا بالراحة والطمأنينة، وسنفقد ثانيًا فائدة الفهم،
ثم سنُضِّيعُ على أنفسنا الإستجابة السريعة إلى أوامر الله ونواهيه؛ فقد لا نفهم المراد من الخطاب -أمــرًا أو نهيــًا-،
وهذه آفة كبرى، وقد نفهم فهم العابر على مجرد كلمات يقرؤها في كتاب عادي أو في مقالة، وحاش لله أن نقرأ القرآن بهذه الطريقة.
لكنَّ الشيطان الذي يجرى مجرى الدم بعروق العباد؛ لا يهنأ له حال في أحوال تقربهم إلى الله تعالى، فيُوغِر بالصدور مشاعر القلق والتَمَلْمُل،
ويصيب الجسد بالإعياء والنَّفس بالكسل، حتى يدفع بقارئ القرآن الغير مُتدَبِّر للآيات إلى طرق غير محمودة؛
إمَّا القراءة بدون فهم مطلقًا، أو سرعة ترك المصحف، أو أشياء أخرى عافانا الله وإياكم منها، وأعاذنا وإياكم من شرور ومكائد الشيطان.
ولاَّن الشيطان يسعى ويحرص على صرف العبد عن الأمور الفاضلة، فقد بيَّن الله لنا كيف نتغلب عليه، فقال تعالى:
﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ النحل: 98
هذا أمر من الله تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: إذا أرادوا قراءة القرآن أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم.
والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة؛ لئلا يُلبِس على القارئ قراءته ويخلِط عليه، ويمنعه من التدبر والتفكر.
بالله عليكم؛ إذا وهبنا الله سلاح المَـعِـيَّــة ، والحِماية باستعاذتنا به من كلِّ شرّ وبليَّة؛
فكيف ندع أنفسنا لهواها وللشيطان بلا تدبر لآيات القرآن؟!
بالله عليكم كيف نفعل ذلك عند قراءة آية قرآنية فيها خطاب للمؤمنين من العزيز الرحمن؟!
ياعِبَادَ الله؛ إنَّه خِطابٌ خَاصٌّ للْمُؤمِنِين، خِطَابٌ مُباشِرٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِين
فوالله الذي لا إله غيره لا يكفينا سجود شكرٍ لله كلَّمَا مررنا على مثل هذه الآيات، ولو سجدنا أعمارنا كلها؛ ما وفَّينَا حقّ الله أبدًا، سبحانه المُنعِم الوهَّاب.
والآن؛ هيا معًا لنتدبر هذه الآية، كمثال للأوامر الخاصة بالمؤمنين، في قوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ البقرة: 153
أي:
يا أيها المؤمنون؛ اطلبوا العَوْنَ من الله في كُلِّ أموركم:
بالصبرِ على النوائبِ والمصائبِ، وتركِ المعاصي والذنوب، والصبر على الطَّاعاتِ والقُرُبات، والصَّلاة التي تَطْمَئِنُّ بها النَّفس، وتنْهَى عن الفحشاءِ والمُنكَر.
إنَّ الله مع الصَّابرين بعونهِ وتوفيقهِ وتسديدهِ.
وفي الآية: إثبات معيَّةِ الله الخاصة بالمؤمنين، المُقتضية لما سلف ذِكرُه؛ أمَّا المعية العامة، المقتضية للعلم والإحاطة فهي لجميع الخلق.
سبحان الله جلَّ في عُـــــلاه
فهذا أمر من أوامر الله تعالى فيه رحمة ورأفة بنا، سبحانه علَّام الغيوب
يريد بنا سبحانه غاية الخيرات، إنها مَـعِـيَّـتُــةُ سبحانه ربُّ البريَّات
ولنتدبر معًا أيضًا هذه الآية، كمثال للنواهي، في قوله:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ﴾ النور: 27
يرشد الباري عباده المؤمنين، أن لا يدخلوا بيوتا غير بيوتهم بغير استئذان، فإنَّ في ذلك عدة مفاسد:
منها: ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال:
"إنما جعل الاستئذان من أجل البصر" [1]
فبسبب الإخلال بالاستئذان، يقع البصر على العورات المستورة داخل البيوت،
و منها: أنَّ ذلكَ يُوجِبُ الرِيبَةَ مِنَ الدَّاخِلِ، ويُتَّهَمُ بالشَرِّ؛ سِرقَة أو غَيرهَا،
لأنَّ الدخول خُفْيَة، يَدُلَّ على الشَرِّ، ومَنَعَ اللهُ المؤمنينَ مِنْ دخولِ غَيْرَ بيوتهم حَتَّى يَسْتَأْنِسُوا أي: يستأذنوا.
..
سُمِّيَ الاستئذان استئنَاسًا، لأنَّ به يَحُصُل الاستئناس، وبِعَدَمِهِ تَحْصُل الوَحْشَة،
{وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} وصفة ذلك، ما جاء في الحديث: " السلام عليكم، أأدخل"؟ [2]
..
{ذَلِكُمْ} أي: الاستئذان المذكور {خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
لاشتماله على عدة مصالح، وهو من مكارم الأخلاق الواجبة، فإن أذِنَ، دخل المُستَأذِن.
حيث التمسك بالأخلاق الإسلامية التي تدعو إلى الفضيلة.
الكرام الأفاضل؛
إنَّهــــا أوامــر ونـواهــي في آيات القرآن يخاطب الله بها عباده المؤمنين؛ فهلَّا تنبهنا إلى أنَّ:
الأمر يُفيد الوجوب، والأمر: "هو قولٌ يتضمَّن طلب الفعل على وجه الاستعلاء".
النهي يُفيد التحريم، والنهي: "هو استِدعاء التَّرك بالقول على وجه الاستعلاء"........
فهذا النوع من الخطاب الربَّاني بنداء المؤمنين يتْبَعُهُ أمرٌ إلَهِيّ أو نَهْي؛ بما يتوجَّبُ علينا المُسارعة بالإمتثال، إستجابة وتسليمًا لله رب العالمين.
فكيف سنفعلُ ذلك بدون فهمٍ للقرآن؟!
والآيات كثيرة متعددة؛ تلك التي يمكننا العمل بها -نحن العامَّة- مسارعين بعد محاولة فهمها جيدًا،
وبذلك يمكننا بتوفيق الله لنا بلوغ الفهم لكثيرٍ من النصوص الشرعية، والتعبد لله بتدبر القرآن فهمًا وعملًا.
إضافة إلى ضرورة الاستزادة من فهمٍ لأقوال أهل التخصص من علمائنا الأجلاء الواجب رجوعنا إليهم دائما والتعلم منهم؛
لكن يجب أن نحرص دائمًا على دورنا الأساسيّ في السعي للفهم والتدبر، كما أمرنا ربنا تبارك وتعالى بذلك.
أسأل الله تعالى لي ولكم أن يجعلنا من أهل القرآن وخاصته،
وأن يرزقنا وإياكم فهم القرآن وتدبره وحفظه وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار والعمل بما جاء به على الوجه الذي يرضيه عنَّا،
اللهم اجعله ربيع قلوبنا ونور أبصارنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أسألكم الدعاء.. بارك الله فيكم جميعًا وحفظكم.
________________________________________
مراجع التفسير:
تفسير السعدي
التفسير الميسر
تفسير ابن كثير
........................
[1] عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ:
" لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ ، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ ، إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ "
أخرجه الإمام البخاري-الصفحة أو الرقم: 6241.
شرح الحديث:
إطَّلَعَ رجلٌ من ثقبٍ في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُسَرِّحُ شعره بمشطٍ في يده،
فقال للرجل: (لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ..)
وهذا الحديث النبوي من أوضح ما يكون في حق الإنسان في الخصوصية التي لا يجوز أن يقتحمها عليه أحد،
حيث أهدر به -عليه الصلاة والسلام- عين المُتطفل الذي يخدش ببصره حُرمة البيوت ويتلصص على أهلها.
وهذا أدب تربوي عظيم، لأن من أطلق العنان لبصره، فإنه سيوصله إلى ما لا يحمد عقباه،
فالإسلام أمر بحفظ البصر، لأن حفظه وسيلة من الوسائل التي تقي الإنسان، من الفتنة، كما لا يخفى.
ومن نظر من شقوق البيت خِلسة، وطعنه صاحب البيت بعينه، فليس عليه قِصاص، أو دِيَة، إن أصابه في عينه، لأنه هُدر.
-----------
[2] عَنْ كَلَدَةَ بْنَ حَنْبَلٍ أَخْبَرَ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بَعَثَهُ بِلَبَنٍ وَلِبَإٍ وَضَغَابِيسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَى الْوَادِي، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ وَلَمْ أَسْتَأْذِنْ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ارْجِعْ فَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ؟ "
صححه الإمام الألباني في صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2710
مراجع التفسير:
تفسير السعدي
التفسير الميسر
تفسير ابن كثير
........................
[1] عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ:
" لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ ، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ ، إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ "
أخرجه الإمام البخاري-الصفحة أو الرقم: 6241.
شرح الحديث:
إطَّلَعَ رجلٌ من ثقبٍ في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُسَرِّحُ شعره بمشطٍ في يده،
فقال للرجل: (لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ..)
وهذا الحديث النبوي من أوضح ما يكون في حق الإنسان في الخصوصية التي لا يجوز أن يقتحمها عليه أحد،
حيث أهدر به -عليه الصلاة والسلام- عين المُتطفل الذي يخدش ببصره حُرمة البيوت ويتلصص على أهلها.
وهذا أدب تربوي عظيم، لأن من أطلق العنان لبصره، فإنه سيوصله إلى ما لا يحمد عقباه،
فالإسلام أمر بحفظ البصر، لأن حفظه وسيلة من الوسائل التي تقي الإنسان، من الفتنة، كما لا يخفى.
ومن نظر من شقوق البيت خِلسة، وطعنه صاحب البيت بعينه، فليس عليه قِصاص، أو دِيَة، إن أصابه في عينه، لأنه هُدر.
-----------
[2] عَنْ كَلَدَةَ بْنَ حَنْبَلٍ أَخْبَرَ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بَعَثَهُ بِلَبَنٍ وَلِبَإٍ وَضَغَابِيسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَى الْوَادِي، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ وَلَمْ أَسْتَأْذِنْ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ارْجِعْ فَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ؟ "
صححه الإمام الألباني في صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2710
تعليق