إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فوائد من قصة توبة كعب بن مالك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فوائد من قصة توبة كعب بن مالك

    وقفات وفوائد في قصة توبة كعب بن مالك رضي الله عنه
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    لقد زكى الله تعالى الصادقين في توبتهم، ودعا المؤمنين إلى أن يكونوا معهم.
    قال جل ذكره: وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم (118) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين [التوبة:18،19].
    ولقد أخبر كعب بن مالك رضي الله عنه عن قصة هؤلاء الثلاثة وتخلفهم عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلاَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتبْ أَحَد تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ. وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ العَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإسْلاَمِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا. كَانَ مِنْ خَبَرِي أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الغَزَاةِ. وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الغَزاةِ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الغَزْوَةُ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَعَدُوًا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ، وَالمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرٌ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ- يُرِيدُ الدِّيوَانَ- قَالَ كَعْبٌ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلاَّ ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ، مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللَّهِ. وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ. فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِي حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا. فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لِأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا. ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا. فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ- بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - فَطُفْتُ فِيهِمْ، أَحْزَنَنِي أَنِّي لاَ أَرَى إِلاَّ رَجُلا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ، أَوْ رَجُلا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِن الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي القَوْمِ بِتَبُوكَ: «مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ، وَنَظَرُهُ فِي عِطْفِهِ. فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلا حَضَرَنِي هَمِّي، وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الكَذِبَ وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي. فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ- وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلا فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلاَنِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ. فَجِئْتُهُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَ»، فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: «مَا خَلَّفَكَ؟» أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلا، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ، لاَ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ». فَقُمْتُ. وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي فَقَالُوا لِي: وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ المُخَلَّفُّون، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ. فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُوننِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي. ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلاَنِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ. فَقُلْتُ مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِـحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، فَتَغَيَّرُوا لَنَا، حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ. فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ القَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ المُسْلِمِينَ، وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ عَلَيَّ أَمْ لاَ؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ، وَإِذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي. حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَسَكَتَ. فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ. فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ. قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ المَدِينَةِ إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالمَدِينَةِ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ: حَتَّى إِذَا جَاءَنِي دَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ، فَالحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا: وَهَذَا أَيْضًا مِن البَلاَءِ. فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهَا. حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِن الخَمْسِينَ، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينِي فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ. فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لاَ. بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلاَ تَقْرَبْهَا. وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي الحَقِي بِأَهْلِكِ فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي هَذَا الأَمْرِ. قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ. لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: «لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبْكِ». قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا. فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ. فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلاَمِنَا. فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاَةَ الفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ: قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ. قَالَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ. وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِن الفَرَسِ. فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ. وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ. وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئونِي بِالتَّوْبَةِ يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. قَالَ كَعْبٌ حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَأَني، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِن المُهَاجِرِينَ غيرُه، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِن السُّرُورِ: «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ». قَالَ قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لاَ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ». وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ. فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِه. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقًا مَا بَقِيتُ. فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِن المُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الحَدِيثِ- مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِي، مَا تَعَمَّدْتُ مُذْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار [التوبة:711] إِلَى قَوْلِهِ-: وكونوا مع الصادقين [التوبة:911] فوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ- بَعْدَ أَنْ هَدَانِي للإِسْلاَمِ- أَعْظَمَ، فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ، فَقَالَ عز وجل: سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم [التوبة:59] إِلَى قَوْلِهِ-: فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين [التوبة:69] قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ: وعلى الثلاثة الذين خلفوا وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَن الغَزْوِ، إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنْهُ. أ. هـ
    وفي هذا الحديث من الفوائد الكثيرة؛ نذكر منها:
    الأولى: جواز إخبار الرجل عن تفريطه وتقصيره في طاعة الله ورسوله، وما ترتب على هذا التقصير من هجر ولوم وتأنيب وانعكاس ذلك على نفسه حتى ضاقت عليه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، وفي ذكر هذا التفريط والتقصير نصيحة للمسلمين حتى يقبح لهم المعصية والمخالفة، ليتأسوا بذلك فيهجروا المعاصي ويتركوا الذنوب لما يترتب عليها من آثار سيئة وعاقبة وخيمة، فالعاقل من اعتبر بغيره، ثم إن كعبًا رضي الله عنه حين يعطي خلاصة هذه التجربة إنما يريد أن ينصح بها، ليتجنب من يبلغه الحديث أسباب ما وقع فيه، وفيه الحض على الإسراع بفعل الخير وعدم التكاسل عنه.
    الثانية: جواز إخبار الرجل عن جوانب الخير في نفسه إن لم يكن فخرًا أو كبرًا والتحدث بنعمة الله تعالى التي مَنَّ بها على العبد، فلقد أكرم الله تعالى هؤلاء الثلاثة ودعا المؤمنين إلى أن يكونوا معهم، فإخبار كعب عن هذه التوبة وإتمام نعمة الله عليهم فرحةً وتحدثًا بنعمة الله، كل هذا جائز، فالله تعالى يقول: وأما بنعمة ربك فحدث [الضحى: 11]، وإن كانت تزكية النفس منهيًا عنها فإنها في هذا الموطن جائزة كما تجوز حين يريد الرجل أن يلفت النظر إلى نعم الله التي أنعم بها عليه، فلقد قال الله تعالى عن يوسف: قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم [يوسف: 55].
    الثالثة: جواز تعزير المتخلف عن الجهاد مع ولي أمر المسلمين حتى يشعر بألم المخالفة وينبغي لولي الأمر أن يذكره ويعنفه ويوبخه.. إلى غير ذلك من أنواع التعزير، حتى يأخذ بيده إلى الله تعالى، لأن إهمال المسلمين المقصرين وعدم السؤال عنهم يفسدهم ويعرضهم للزلل والزيغ، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كعبًا وقال: «ما فعل كعب؟» وأهمل المنافقين ولم يسأل عنهم لأنهم رجس، نعوذ بالله من الخذلان.
    الرابعة: فضل بيعة العقبة والتواثق على الإسلام حتى إن كعبًا كان لا يراها دون مشهد بدر، وذلك لأن المسلمين في بادئ الأمر لاقوا من الاضطهاد والتعذيب ما جعلهم يخفون إسلامهم، ثم في ليلة العقبة يذهب المسلمون الجدد ليبايعوا ويعاهدوا الله ورسوله على الإسلام وهم يخافون أن يطلع عليهم أهل الكفر، فهذا يبين فضل ليلة العقبة وإن كانت بدر هي أشرف مشاهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولقد سمى الله يوم بدر يوم الفرقان.
    الخامسة: عدم الاكتفاء بسرد ما حدث، بل التحدث بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والإخبار عنها قدر المستطاع، ففي أثناء حديث كعب يقول: «ولم يكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها». ثم يذكر أيضًا في حديثه: «وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس». ثم يذكر أيضًا: «وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه كأن وجهه قطعة قمر». وكذلك جاء في بعض الروايات: «وكان لا يقدم من سفر إلا نهارًا في الضحى». وهذا يدل على أن المسلم حتى وهو يسرد واقعة حديث له لابد ألا ينسى هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا يغيب عنه هذا الهدي الكريم، ثم الحرص على الفائدة، وبذل النصيحة والمعروف ولو لم يطلب منه ذلك، وهذه صفة في النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سئل في مسألة أجاب وربما يزيد لحاجة السائل كالذي سأله عن الوضوء بماء البحر فقال: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته». [رواه أحمد 1/201، 202]
    السادسة: الحذر من الجواسيس، وستر بعض الأمور عن الرعية للمصلحة، ولذلك كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورَّى بغيرها، وهذه حكمة عالية فالحذر شيء مطلوب، وكانت هذه عادته صلى الله عليه وسلم أن يعمي على الأعداء ليفوت عليهم فرصة الانقضاض على الإسلام والمسلمين، كما حدث ذلك في هجرته صلى الله عليه وسلم .
    السابعة: لم يكن للجيش ديوان يجمعهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من دون الديوان ولذلك كان الرجل إذا تخلف ظن أن ذلك سيخفى على المسلمين، ما لم ينزل بذلك وحي من الله تعالى.
    الثامنة: الندم على ما فات من تقصير وأن هذا الندم يدفع الهمم للطاعة لتدارك ما فات، ولذلك قال كعب: «فهممت أن أرتحل فأدركهم فيا ليتني فعلت».
    التاسعة: أن المتخلف عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إما مغموص عليه النفاق، أو رجل من أهل الأعذار، أو من خلفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واستعمله على المدينة أو خلفه لمصلحة.
    العاشرة: الرد والذب عن عرض المسلمين، فلقد رد معاذ على من طعن في كعب بقوله: حبسه برداه والنظر في عطفيه، فقال له: بئس ما قلت، والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيرًا. ولو أن كل طاعن وجد من يقوم طعنه، لما تفشى القيل والقال، ولنجِىَّ الله تعالى أعراض المسلمين من الخوض فيها.
    الحادية عشرة: الستر على صاحب الخطأ رجاء إصلاحه وعدم فضح أمره، فحينما رَدَّ معاذ عن كعب وَرَدَ ذكر اسمه، أما الذي قال: «حبسه براده والنظر في عطفيه فقال عنه: فقال رجل من بني سلمة» ولم يذكر اسمه، وكذا حينما صدق كعب مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ثار رجال من بني سلمة خلفه يؤنبونه، ولعل العلة في عدم ذكر أسماء هؤلاء وغيرهم حتى لا يشتهر عنهم المخالفة، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في نصيحته: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا. ولا يصرح بأسمائهم رجاء إصلاحهم وتجنبًا لفضح أمرهم.
    الثانية عشرة: عظم أمر المعصية وقبحها، قال ابن حجر: وقد نبه الحسن البصري على ذلك فيما أخرجه ابن أبي حاتم عنه قال: يا سبحان الله، ما أكل هؤلاء الثلاثة مالاً حرامًا ولا سفكوا دمًا حرامًا، ولا أفسدوا في الأرض، أصابهم ما سمعتم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فكيف بمن يواقع الفواحش والكبائر؟
    الثالثة عشرة: أن القوي في الدين يؤاخذ بأشد مما يؤاخذ به الضعيف في الدين، فانظر إلى عدد المتخلفين عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم يمتنع هو وأصحابه عن كلام أحد منهم إلا هؤلاء الثلاثة، ولما كان إيمانهم بهذه المكانة صبروا وتحملوا وخرجوا من هذه المحنة أقوى وأخشع وأتقى لله تعالى.
    الرابعة عشرة: إجراء الأحكام على الظاهر ووكول السرائر إلى الله تعالى، فمع أنه صلى الله عليه وسلم يعلم كذب المنافقين إلا أنه قَبِلَ منهم علانيتهم ووكل السرائر إلى الله عز وجل، لأننا لم نؤمر أن نشق عن صدور الناس.
    والله أعلم.
    [/url][/IMG]
يعمل...
X