من نفح السنة خير الناس.. نجوم في السماء:
وهذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم يقرر بلسانه مكانة أصحابه وخلانه من روحه وجنانه، كيف لا يذكرهم بالذكر الحسن وقد رأى وعلم منهم ما أثلج صدره وسرّ قلبه وأفرح روحه؟!
كيف لا يُعلِّم الأمة بفضلهم وهم من آووا ونصروا وضحوا وبذلوا، وكيف لا يدافع عنهم وقد علَّمه ربه أن لا جزاء للإحسان إلا الإحسان؟!
فهذه باقة عابقة عطرة من صحيح كلم النبي عليه الصلاة والسلام:
الصحبة.. الصحبة:
يرسم عليه الصلاة والسلام صورة بهية لأصحابه الكرام فيروي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم»([1]).
قال النووي /: (وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفضل الصحابة والتابعين وتابعيهم)([2]).
فيالله ما أعظم هذا التكريم الذي حظي به أصحاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي ما كان ولم يكن لأحد سواهم بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن ينالوا هذا الفضل والثناء والمدح والتزكية.
خير الناس.. نجوم في السماء:
كما يتحدث الصادق المصدوق عن خيرية الرعيل المفضل الذي عايشه عليه الصلاة والسلام فيروي عبد الله بن مسعود ا قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي الناس خير؟ قال: قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه، وتبدر يمينه شهادته»([3]).
قال النووي /: (اتفق العلماء على أن خير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم والمراد أصحابه)([4]).
جبل من ذهــب.. ورتبة سامقــة:
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه»([5]).
ففي الحديث من التنويه برفعة الصحابة وعلو منزلتهم ما يقطع الأطماع عن مداناتهم، فإن كون ثواب إنفاق جبل أحد ذهباً في وجه الخير لا يبلغ ثواب التصدق بنصف المد الذي إذا طحن وعجن لا يبلغ الرغيف المعتاد، وهذا أمر عظيم([6]).
وقال العظيم آبادي /: «والمعنى: لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهباً من الأجر والفضل ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصفه؛ لما يقارنه من مزيد الإخلاص وصدق النية مع ما كانوا من القلة وكثرة الحاجة والضرورة» ([7]).
فهذه منزلة من تشرف بصحبته صلى الله عليه وسلم فكيف بمن لم يحصل له شرف الصحبة بالنسبة إلى أولئك الأخيار؟! إن البون لشاسع، وإن الشقة لبعيدة، فما أبعد الثرى عن الثريّا، بل وما أبعد الأرض السابعة عن السماء السابعة، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
رؤية وإيمان.. جنة ورضوان:
عن أبي عبد الرحمن الجهني قال: «بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس إذ طلع راكبان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنديان مذحجيان، حتى أتياه فإذا رجلان من مذحج، قال: فدنا أحدهما ليبايعه، فلما أخذ بيده قال: يا رسول الله، أرأيت من رآك وآمن بك واتبعك وصدقك ماذا له؟ قال: طوبى له. قال: فمسح على يده وانصرف، ثم أتاه الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه، فقال: يا رسول الله، أرأيت من آمن بك واتبعك وصدقك ماذا له؟ قال: طوبى له ثم طوبى له»([8]).
وطوبى شجرة في الجنة في كل دار غصن منها([9]).
في الغيب والشهادة.. جهاد وفداء:
عن سعيد بن جبير قال: (كان مقام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانوا أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال وخلفه في الصلاة في الصف وليس لأحد من المهاجرين والأنصار يقوم مقام أحد منهم غاب أم شهد)([10]).
وصية نبي.. لا تؤذوني في أصحابي:
عن سهل بن مالك ا قال: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من مكة إلى المدينة قام خطيبًا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس! إن أبا بكر الصديق لم يسئني قط فاعرفوا ذلك له، يا أيها الناس! إني راضٍ عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد وسعيد بن زيد والمهاجرين الأولين فاعرفوا ذلك لهم. يا أيها الناس! إن الله تعالى قد غفر لأهل بدر والحديبية، يا أيها الناس! لا تؤذوني في أصحابي ولا في أصهاري ولا يطالبنكم أحد منهم بمظلمة فإنها مظلمة لا توهب في القيامة لأحد من الناس، يا أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين وإذا مات الميت فقولوا فيه خيراً كذا»([11]).
أليس الرسول هو أعلم بحالهم؟ أليس قد عايشهم في السراء والضراء؟ وعلم من إخلاصهم لربهم ما يدفعه لقول مثل هذه الأحاديث الصحيحة ذات الدلالات الصريحة، والمعاني الفصيحة..
والحاصل أن الأحاديث الواردة في فضلهم كثيرة ومشتهرة بل متواترة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذه الأحاديث مستفيضة، بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون والقدح فيهم قدح في القرآن والسنة)([12]).
([1]) رواه البخاري ح (2897)، ومسلم ح (2532).
([2]) شرح النووي على مسلم (16/83).
([3]) البخاري ح (2652)، ومسلم ح (2533).
([4]) شرح النووي على صحيح مسلم (16/84).
([5]) البخاري ح (3673)، ومسلم ح (2540).
([6]) انظر: السيرة الحلبية (3/212).
([7]) انظر: عون المعبود (12 / 269).
([8]) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (17388)، والطبراني في الكبير (22/742)، والبزار في كشف الأستار (2769)، والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (10/18)، وقال: إسناده حسن.
([9]) انظر: تفسير القرآن العظيم (4/89).
([10]) تاريخ دمشق (21 / 83).
([11]) تاريخ دمشق (21 / 83).
([12]) مجموع الفتاوى شيخ الإسلام (4/430).
وهذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم يقرر بلسانه مكانة أصحابه وخلانه من روحه وجنانه، كيف لا يذكرهم بالذكر الحسن وقد رأى وعلم منهم ما أثلج صدره وسرّ قلبه وأفرح روحه؟!
كيف لا يُعلِّم الأمة بفضلهم وهم من آووا ونصروا وضحوا وبذلوا، وكيف لا يدافع عنهم وقد علَّمه ربه أن لا جزاء للإحسان إلا الإحسان؟!
فهذه باقة عابقة عطرة من صحيح كلم النبي عليه الصلاة والسلام:
الصحبة.. الصحبة:
يرسم عليه الصلاة والسلام صورة بهية لأصحابه الكرام فيروي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم»([1]).
قال النووي /: (وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفضل الصحابة والتابعين وتابعيهم)([2]).
فيالله ما أعظم هذا التكريم الذي حظي به أصحاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي ما كان ولم يكن لأحد سواهم بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن ينالوا هذا الفضل والثناء والمدح والتزكية.
خير الناس.. نجوم في السماء:
كما يتحدث الصادق المصدوق عن خيرية الرعيل المفضل الذي عايشه عليه الصلاة والسلام فيروي عبد الله بن مسعود ا قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي الناس خير؟ قال: قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه، وتبدر يمينه شهادته»([3]).
قال النووي /: (اتفق العلماء على أن خير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم والمراد أصحابه)([4]).
جبل من ذهــب.. ورتبة سامقــة:
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه»([5]).
ففي الحديث من التنويه برفعة الصحابة وعلو منزلتهم ما يقطع الأطماع عن مداناتهم، فإن كون ثواب إنفاق جبل أحد ذهباً في وجه الخير لا يبلغ ثواب التصدق بنصف المد الذي إذا طحن وعجن لا يبلغ الرغيف المعتاد، وهذا أمر عظيم([6]).
وقال العظيم آبادي /: «والمعنى: لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهباً من الأجر والفضل ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصفه؛ لما يقارنه من مزيد الإخلاص وصدق النية مع ما كانوا من القلة وكثرة الحاجة والضرورة» ([7]).
فهذه منزلة من تشرف بصحبته صلى الله عليه وسلم فكيف بمن لم يحصل له شرف الصحبة بالنسبة إلى أولئك الأخيار؟! إن البون لشاسع، وإن الشقة لبعيدة، فما أبعد الثرى عن الثريّا، بل وما أبعد الأرض السابعة عن السماء السابعة، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
رؤية وإيمان.. جنة ورضوان:
عن أبي عبد الرحمن الجهني قال: «بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس إذ طلع راكبان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنديان مذحجيان، حتى أتياه فإذا رجلان من مذحج، قال: فدنا أحدهما ليبايعه، فلما أخذ بيده قال: يا رسول الله، أرأيت من رآك وآمن بك واتبعك وصدقك ماذا له؟ قال: طوبى له. قال: فمسح على يده وانصرف، ثم أتاه الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه، فقال: يا رسول الله، أرأيت من آمن بك واتبعك وصدقك ماذا له؟ قال: طوبى له ثم طوبى له»([8]).
وطوبى شجرة في الجنة في كل دار غصن منها([9]).
في الغيب والشهادة.. جهاد وفداء:
عن سعيد بن جبير قال: (كان مقام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانوا أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال وخلفه في الصلاة في الصف وليس لأحد من المهاجرين والأنصار يقوم مقام أحد منهم غاب أم شهد)([10]).
وصية نبي.. لا تؤذوني في أصحابي:
عن سهل بن مالك ا قال: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من مكة إلى المدينة قام خطيبًا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس! إن أبا بكر الصديق لم يسئني قط فاعرفوا ذلك له، يا أيها الناس! إني راضٍ عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد وسعيد بن زيد والمهاجرين الأولين فاعرفوا ذلك لهم. يا أيها الناس! إن الله تعالى قد غفر لأهل بدر والحديبية، يا أيها الناس! لا تؤذوني في أصحابي ولا في أصهاري ولا يطالبنكم أحد منهم بمظلمة فإنها مظلمة لا توهب في القيامة لأحد من الناس، يا أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين وإذا مات الميت فقولوا فيه خيراً كذا»([11]).
أليس الرسول هو أعلم بحالهم؟ أليس قد عايشهم في السراء والضراء؟ وعلم من إخلاصهم لربهم ما يدفعه لقول مثل هذه الأحاديث الصحيحة ذات الدلالات الصريحة، والمعاني الفصيحة..
والحاصل أن الأحاديث الواردة في فضلهم كثيرة ومشتهرة بل متواترة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذه الأحاديث مستفيضة، بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون والقدح فيهم قدح في القرآن والسنة)([12]).
([1]) رواه البخاري ح (2897)، ومسلم ح (2532).
([2]) شرح النووي على مسلم (16/83).
([3]) البخاري ح (2652)، ومسلم ح (2533).
([4]) شرح النووي على صحيح مسلم (16/84).
([5]) البخاري ح (3673)، ومسلم ح (2540).
([6]) انظر: السيرة الحلبية (3/212).
([7]) انظر: عون المعبود (12 / 269).
([8]) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (17388)، والطبراني في الكبير (22/742)، والبزار في كشف الأستار (2769)، والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (10/18)، وقال: إسناده حسن.
([9]) انظر: تفسير القرآن العظيم (4/89).
([10]) تاريخ دمشق (21 / 83).
([11]) تاريخ دمشق (21 / 83).
([12]) مجموع الفتاوى شيخ الإسلام (4/430).