إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء الثالث والعشرون | النبي - صلى الله عليه وسلم - مُصلح وقاضي للدكتور عبدالرحمن الصاوي | بصائر3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء الثالث والعشرون | النبي - صلى الله عليه وسلم - مُصلح وقاضي للدكتور عبدالرحمن الصاوي | بصائر3




    يا لها من سعادة حين نتكلم عن رسول الله، ويا لها من فرحة حين نسمع عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ويا لها من لذة حين نعيش عيش رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فوالله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا وحُبّك -يا رسول الله- مقرونٌ بأنفاسي.
    والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا وحبك مقرونٌ بأنفاسي
    ولا هممتُ بشرب الماء من عطشٍ إلا رأيت خيالًا منك في الكاس
    ولا جلست إلا قومٍ أحدثهم إلا وأنت حديثي بين جُلّاسي

    صلَّى الله وسلم وبارك على النبي محمد وسلم تسليمًا كثيرا.







    اللقاء الثالث والعشرون | النبي - صلى الله عليه وسلم - مُصلح وقاضي للدكتور عبدالرحمن الصاوي | بصائر3


    تفضلوا معنا في تحميل الدرس بجميع الصيغ



    رابط الدرس على الموقع وبه جميع الجودات

    http://way2allah.com/khotab-item-136613.htm

    رابط صوت mp3

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136613-217610.htm


    رابط الجودة hd

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136613-217609.htm

    رابط يوتيوب



    رابط ساوند كلاود

    https://soundcloud.com/way2allahcom/alnaby-mosle7


    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://way2allah.com/khotab-pdf-136613.htm


    رابط تفريغ بصيغة word

    https://archive.org/download/mosle7/...8%B6%D9%8D.doc


    لمشاهدة جميع دروس الدورة وتحميلها على هذا الرابط:

    http://way2allah.com/category-585.htm


    | جدول دورة بصائر لإعداد المسلم الرباني | الجزء الثالث |


    موضوع مخصص للاستفسارات الخاصة بالدورة العلمية " بصائر3 "


    لقراءة التفريغ مكتوب
    تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله.
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 01-11-2017, 12:09 AM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" آل عمران:١٠٢.
    "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النساء:١.
    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" الأحزاب:٧٠،٧١.


    أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهَدْي هَدْيُ محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد:

    أيها الإخوة الكرام الأحباب، لا زلنا مع النبي محمد -صلَّى الله عليه وسلم-، ووالله يا لها من سعادة حين نتكلم عن رسول الله، ويا لها من فرحة حين نسمع عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ويا لها من لذة حين نعيش عيش رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فوالله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا وحُبّك -يا رسول الله- مقرونٌ بأنفاسي.
    والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا وحبك مقرونٌ بأنفاسي
    ولا هممتُ بشرب الماء من عطشٍ إلا رأيت خيالًا منك في الكاس
    ولا جلست إلا قومٍ أحدثهم إلا وأنت حديثي بين جُلّاسي

    صلَّى الله وسلم وبارك على النبي محمد وسلم تسليمًا كثيرا.


    الإصـــلاح أولًا

    وهذا هو اللقاء الرابع في الكلام عن نبينا محمد -صلَّى الله عليه وسلم-، النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مُصْلِحٌ وقاضٍ، مُصْلِحٌ وقاضٍ بهذا الترتيب، وقد تعمَّدت -رغم أنه طُلِب مني قاضٍ ومُصلِح- أن أقدِّم الإصلاح على القضاء؛ لأنَّ عَيْش النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يريد الإصلاح قبل أن يقضي، فما عُرِض على النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أمرٌ يقضي فيه إلا أراد النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أن يصرف أصحابه إلى أن يتعافوا فيما بينهم، وأن يسامح بعضهم بعضًا، وأن يُصلح النبي فيما بينهم، يعني حتى لو فيه قضية عُرِضَت على النبي -عليه الصلاة والسلام- ويعلم النبي أنَّ أحدهما قد أخطأ في حق الآخر قبل أن يحكم النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بينهما أو قبل أن يقضي النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بينهما يريد النبي أن يُصلِح، وهذا هو السداد في الحُكْم، وهذا هو الذكاء والحكمة في الحُكْم، بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله.

    ولا يخفى عليكم جميعًا أنَّ أول شيءٍ فعله رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لَمَّا وَطِئَت قدماه الشريفتين مدينته -صلَّى الله عليه وآله وسلم-، مهاجرًا من مكة إلى المدينة، أول شيءٌ بنى النبي المسجد، وأَلَّف فيه، وأصلح فيه، وأزال فيه الضغائن بين المسلمين، فالكُلُّ يعرف، الصغير والكبير، والعالِم والأُمِّي، الكُلُّ يعلم أنَّ النبي آخى بين المهاجرين والأنصار.

    وأصلح ما بين الأوس والخزرج، حروبٌ امتدت أكثر من ٢٠٠ سنة على توافه الأمور، غِلٌّ وحقدٌ وضغناءٌ وسيوفٌ ودماءٌ وثأرٌ بين الأوس والخزرج، ليأتي النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بكلمات الإصلاح التي تخرج من مشكاة النبوة، التي أخذ القوة والمدد من الله -جل وعلا- الذي أَلَّف بين القلوب على يدي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ليرسم النبي -صلَّى الله عليه وسلم- درسًا في الإصلاح لكل من تبوَّأ مكانة الدعوة إلى الله- جل وعلا-، أو كل مَن تبوأ كرسي الحُكْم في أي بلدٍ من بلاد المسلمين "الإصـــلاح أولًا".
    لا بُدَّ أن يَرفع الشعار عمليًّا، الذي رفعه الأنبياء قاطبةً: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" هود:٨٨.


    لماذا الإصلاح أولًا؟

    يريد النبي -صلَّى الله عليه وسلم- الإصلاح أولًا قبل أن يقضي بين الناس، ليه؟ لأنَّ النبي بشر، وكل حاكمٍ يأتي وراء رسول الله، وكل داعيةٍ يأتي وراء رسول الله لا بُدَّ أن يعلم ذلك إنّه بشر.
    لو قعد اتنين قُدَّامه كلٌّ يُدْلي بحُجَّته، وكلٌّ يُخْبِر بأدلَّته، لعل القاضي يُلَبِّس أحدهما عليه غير الآخر، ممكن واحد بيعرف يتكلم كويس، بيعرف يلفّ الكلام، بيعرف يحوَّر في الكلام، بيعرف يعلِّي صوته، بيعرف يلفّ ويدور، والتاني بسيط، فالقاضي بشر علشان كده لا بُدَّ أن يسعى أولًا إلى الإصلاح قبل أن يقضي.



    النبي يعلّق قلوب المتخاصمين بالله

    وحتى إذا قضى لا بُدَّ أن يُعلِّم الطرفين وهو يُصلح فيما بينهما أنه سيقضي وسيحكم على قَدْر ما يستطيع بالأدلة البيِّنة أمامه، لكن كلاكما يعرف مَن هو صاحب الحق، فلو حكمتُ لأحدكما وكان الآخر له الحق فإنما قد أخذ شيئًا من جهنم.
    يعني النبي كان بيقعد في مجلس القضاء صح، بس قبل ما بيقضي بيُعلِّق قلوبهم بالله، يريد الإصلاح بينهما، قال النبي -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- كما في الحديث الثابت الصحيح، والحديث في صحيح الجامع، ورواه بعض أصحاب السنن: "إنما أنا بشرٌ"، ده أصل، "إنما أنا بشرٌ، وإنكم تختصمون إليَّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألحنَ بحُجَّتِه من بعضٍ.." واحد بيعرف يتكلم كويّس والتاني لا، ".. ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألحنَ بحُجَّتِه من بعضٍ، فأقضي له على نحوِ ما أسمعُ، فمن قضيتُ له بحقِّ أخيه شيئًا فلا يأخذُه، فإنما أقطعُ له قطعةً من النارِ" صحيح البخاري، فإن شاء أخذها وإن شاء تركها.
    يعني بيقول لهم خلّي بالكم أنا هحكم بينكم أهو، ده الحاكم المسلم، ده القاضي المسلم، يقول لهم أنا هحكم بينكم، وهحكم على الأدلة اللي قُدَّامي، وهسمع منكم انتوا الاتنين، بس خلّي بالكم لو أنا حكمت أنا بشر يخفى عليَّ ما يخفى على البشر، لو حكمت لواحد عن التاني وكان هو الظالم يبقى جهنم والعياذ بالله.
    فكان مَن يجلس بين يدي رسول الله ليقضي النبي فيه يُؤْثِر الإصلاح، بل ربما يتنازل عن حقّه، ويسارع بردّ الحق إلى أصحابه حين يسمع كلام النبي -صلَّى الله عليه وسلم-.


    العفو والإصلاح قبل اللجوء للقضاء

    وهذا هو القاضي المُصلِح أولًا، هو صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم الذي نادى على أصحاب الحدود، واحد سرق واحد، قبل ما يوصلوا للنبي، النبي يقول لهم قبل ما تيجوا لي سامحوا بعض أحسن، عشان لو جيتولي هحكم والحكم هيُنَفَّذ، قبل ما تجولي للقضاء خلّي الإصلاح أولًا.

    عشان كده قُلت لك النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مصلحٌ وقاضٍ، قال النبي -صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم- كما روى الترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وصححه الألباني أو حسنه الألباني، أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "تعافُّوا الحدودَ فيما بينَكُم".
    يعني ليَعْفُ أحدكم عن أخيه، واحد ضرب واحد، واحد قطع إيد واحد، واحد آذى واحد من إخوانه المسلمين، واحد قتل واحد، واحد سرق واحد قبل ما توصلوا للنبي -عليه الصلاة والسلام- الذي سيقضي بينكم، تعافوا، خلّي فيه إصلاح الأول، "تعافُّوا الحدودَ فيما بينَكُم ، فما بلغَني مِن حدٍّ فقد وجبَ"، النبي يريد الإصلاح.

    التوبة والستر أولًا

    حتى دايمًا كان ييجيلي كتير من الشباب يقول لي أنا وقعت في ذنب، وقعت في كبيرة، وعايز حد يُقيم الحد عليَّ ويجلدني، لا مش ليَّ أنا، مش ليَّ، بل النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نفسه كان يخطب الصحابة ويقول، وهو يعلم أن هناك من الصحابة مَن جرَّته نفسه ودفعه شيطانه للوقوع في شيء من ذلك، التي سمَّاها رسول الله القاذورات، النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال له قبل ما تجوني لأقضي فيكم بحُكْم الله -جل وعلا- استروا نفسكم وتوبوا إلى خالقكم، والله -جل وعلا- يقبلكم ويتوب عليكم.
    كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- كما روى الحاكم والبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "اجتنِبوا هذه القاذوراتِ.."، اللي هي الكبائر يعني الزنا، الفواحش، وغيره، "اجتنِبوا هذه القاذوراتِ التي نهى اللهُ تعالى عنها، فمن ألَمَّ بشيءٍ منها.." شوف النبي قبل ما يُقدّم القضاء بيُقَدّم الستر، والتعافي، والتسامح، والتصالح، ".. فمن ألَمَّ بشيءٍ منها فلْيستَتِرْ بسِترِ اللهِ، ولْيَتُبْ إلى اللهِ، فإنه من يُبدِ لنا صفحتَه، نُقِمْ عليه كتابَ اللهِ" صححه الألباني، هكذا يُؤْثر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- الإصلاح.

    لماذا يوجد حدود في الإسلام؟

    من أعجب ما قرأت ما ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس، ورواه مسلم من حديث أبي أمامة الباهلي، أن رجلًا أتى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في المسجد، خلّي بالكم أنا عايز اللي هُمَّ خايفين من الإسلام، وخافين، يقول لك الإسلام ده بتاع تطبيق الحدود، انتوا عايزين تقطعوا أيادي الناس، وعايزين تبهدلوا الناس، في برنامج إذاعي مرة في التلفيزيون والله سبحان الله بقدَر الله، امرأة بتقدّم البرنامج ومستضيفة اتنين، فواحد بيدافع وبيذمّ في الإسلام، انتوا يا مسلمين وانتوا يا إرهابيين، وانتوا يا متشددين عايزين تقطعوا أيادي الناس، لقيت المرأة اللي بتقدّم بتقول له: هو أنت متغاظ ليه؟ هو أنت خايف من حاجة؟
    يعني هُمَّ هيقطعوا إيد الحرامية طب أنت خايف ليه؟ المسلمين هيقطعوا إيد الحرامية، طب أنت قلقان ليه؟ هو أنت حرامي؟ سبحان الله أنطقها الله الذي أنطق كل شيء.

    لكن أنا برضو بطمّن اللي خايفين من الحدود، مَثَل حدود ديننا، الحدود اللي هتطَّبق مثلها كمثل الشرطي الذي يحرس البنك وفي يده السلاح، أيّ بنك تعدّي عليه هتلاقي شرطي واقف ومعاه سلاح، هو معنى إنّ الشرطي واقف وإنّ في إيده سلاح، وإنّ جوَّا السلاح رصاص إنّ معناه إنه هيموّت الناس؟ أيّ حدّ معدّي على البنك ولا قُدَّام البنك، ولا يدخل ولا يخرج من البنك هيقتله؟ لا، ده قلَّما يُخرج السلاح أصلًا، بس مجرد وجود الشرطي على الباب وفي إيده السلاح بيُوقِف مَن يريد السرقة، يُرْهِب مَن يريد أن يسرق أموال الناس.

    هي دي الحدود بالظبط، مش معنى إنّ في الإسلام إنّ فيه حدود إنّ احنا هنقطع أيادي الناس، لا، دا احنا بنقول للناس فيه حدود عشان محدّش يسرق، إنما كيف أو متى وما هو العدد الذي طبَّقه النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بقضائه الإسلامي على الحدود، أنا قلت لكم في اللقاء الماضي في مقدمته كلمة الأستاذ الدكتور شبرل عميد كلية الحقوق في جامعة النمسا في مؤتمر الحقوق العالمي الذي عُقد عام ١٩٢٢ في فيينا، وجمَع أكابر علماء القانون، وأكابر المستشارين على مستوى العالم، ليخرج مدير المؤتمر ليقول في مقدّمته:
    "لقد استطاع محمدٌ أن يأتي بتشريعٍ وحُكْمٍ وقضاء من عند ربّه قبل ألفٍ وأربعمائة عام سنكون نحن الأوروبيين أسعد ما نكون لو وصلنا إلى مثله بعد ألفَي سنة".
    هو ده حُكْم النبي، هو ده قضاء النبي -عليه الصلاة والسلام-، هو ده قضاء النبي.
    ماذا فعل النبي مع الذي وقع في حدٍّ من حدود الله؟
    أرجع وأقول لكم مِن أعجب ما قرأت ما رواه البخاري من حديث أنس، ورواه مسلم من حديث أبي أمامة، أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- و هو في المسجد أتى إليه رجلٌ فقال: "يا رسول الله إني قد أصبت حدًّا فأَقِمْه عليّ"، أنا بسألك هو الراجل ده اللي أصاب حدّ عمل إيه؟ فكّر معايا عمل إيه، أنا الحقيقة سألت السؤال ده للناس في المسجد وأنا بقول لهم الكلام ده، قالوا زنى طبعًا، إيش عرَّفك؟
    الحديث في صحيح البخاري أو مسلم قال الرجل: "إني قد أصبتُ حدًّا فأَقِمْه عليّ"، مش ممكن قذف امرأة يبقى حدّه ثمانين جلدة، مش ممكن يبقى زنى وهو محصن يبقى حدّه القتل الرَّجم، مش ممكن يبقى قتل واحد يبقى حدّه أن يُقْتَل به، مش ممكن؟ مانعرفش، ما عندنا حدود، وفيه قصاص، لكن الرجل جه قال:
    "إني قد أَصَبْتُ حدًّا فأَقِمْه عليّ".
    لم يسأله رسول الله ماذا فعلت، عشان تعرف القضاء ولّا الإصلاح الأول، الستر ولّا إقامة الحُكْم الأوَّل تنفيذ الحكم الأول، الرجل جه للنبي -عليه الصلاة والسلام- الصحابي: "يا رسول إني قد أصبت حدًّا فأقمه عليّ"، أعرَض النبي عنه ولم يسأله ماذا فعلت.

    وبعد الصلاة أتى وقال: "يا رسول الله إني قد أصَبْتُ حدًّا فأَقِمْه عليّ"، قال له رسول الله: "أليسَ قد صلَّيتَ مَعَنا؟" إنت كنت معانا في المسجد، قلت لي الكلام ده قبل الصلاة وبعد الصلاة، صلّيت معانا؟ قال: "بلى، صلَّيتُ معكم"، قال: "فإنَّ اللهَ قدْ غفَرَ لك ذنبَك، أو قال: حَدَّكَ" صحيح البخاري، لم يسأله رسول الله عملت إيه، ولا عملت مع مين، ولا أيّ ذنب؟ ولا أنت حُكْم القضاء اللي يحكُم فيك يحكم بإيه، أبدًا، بل ترَكَه النبي مُسْتَتِرًا.

    سبحان الله عشان تعرف أنَّ الحاكم المسلم، أو أن القاضي المسلم، وقاضينا الأول هو رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لا يريد أن يتشفَّى، هو مش مبسوط إنه قاعد على كرسي الحُكْم وانت عليك حُكْم كذا وانت أكلت كذا، ومبسوط ونفسه يشوف الناس بتتجلد قُدَّامه، لا لا أبدًا، بل كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُقَدِّم الإصلاح أولًا، بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله.

    النبي يربّي الصحابة على ثقافة الاعتذار ويحثّهم على التسامح

    بل وكان إذا أخطأ صحابيٌّ في آخر يترك النبي هذا ليعتذر لصاحبه، وربما يُعطي النبي -صلَّى الله عليه وسلم- للمخطيء كلمة يدفعه بها إلى أن يُصلِح حاله مع أخيه، مش يزوّد المشاكل. ييجي واحد مثلًا يشتكي للنبي -عليه الصلاة والسلام-، زَي ما بيحصل الأيام دي ييجي واحد يشتكي لك يقول هو بيعمل لك كده ليه، لازم عشان تبقى حبيبه توافقه فيما يقول، تقول له آه إزّاي يعملَّك كده، لا والله ده انت أحسن منه، وهو مايستاهلش تكلّمه، ابعد عنه، اوعى تكلّمه تاني، خليه هو اللي يتذلّل لك، وهو اللي يجيلك، لا، لا، النبي مش كده أبدًا، لا يحبُّ أنْ يقضي قبل أن يُصْلِح -عليه الصلاة والسلام-.
    انتوا عارفين أبو ذر الغفاري، تعرفون أبا ذر الغفاري الذي قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حَقِّه: "ما أظلَّتِ الخضراءُ، ولا أقلَّتِ الغبراءُ، من ذي لهجَة أصدَقُ، و لا أوْفَى، من أبي ذرٍّ شِبْهُ عيسى بنِ مريمَ" حسنه الألباني، يعني شبه نبي من الأنبياء، كان صادق وعنده وفاء، وزَيّ ما بتقولوا اللي في قلبه على لسانه، وكان قريب من الله جل وعلا، وكان يعيش عيشة البُسَطاء، لكنه أخطأ يومًا بكلمةٍ في حَقّ بلال، قال له: "يا ابن السوداء" ورُفعت الشكوى إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
    ما طلعش النبي قال يبقى لازم تشتمه زَيّ ما شتمك، أو يتجلد على الكلمة دي كذا جلدة تعزيرًا، لا لا قال له كلمة واحدة بس "إِنَّك امْرُؤٌ فيك جاهليةٌ" صحيح البخاري ومسلم. الكلمة دي من زمان بتاعت الجاهلية، على كِبَر سِنّي يا رسول الله؟ آه على كِبَر سِنّك، بَسّ، هي دي اللي النبي قالهاله.

    دفعته الكلمة دي كأنها دَفْعَةٌ ليُصْلِح ما أفسد، فأسرع أبو ذر إلى بلال مُعْتَذرًا إليه، شوف عمل إيه، وضع أبو ذر خدّه على التراب في معرض طريق بلال وهو يقول: "والله لا أرفعها يا بلال حتى تطأ بقدمك على وجهي"، أنا قلت لك يا ابن السوداء حُطّ رجلك على وشّي ده، فما كان من بلال إلّا أنْ أخذ بيد أخيه أبي ذر واحتضنه لتنزل دموعهما، يقول كل واحدٍ منهما عفا الله عني وعنك، عفا الله عني وعنك، بكلمة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي دفعت أبا ذر للإصلاح مع أخيه بلال.

    وهذا أبو بكر، انتوا عارفين مين أبو بكر؟ اللي هو يعني بتعبيرنا احنا كده لو وُجِد فينا مثل أبي بكر ما تقدرش تقول له كلمة، خلاص أطعم الفم تستحي العين، أبو بكر أكثر مَن أطعم رسول الله، أكثر مَن أنفق على رسول الله، أكثر مَن جاد بماله على رسول الله، بنَصّ كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-: "إن مِن أَمَنِّ الناسِ عَلَيَّ في صحبتِه ومالِه أبا بكرٍ، ولو كنتُ مُتَّخِذًا خليلًا من أمتي لاتخَذْتُ أبا بكرٍ" صحيح البخاري.
    ومع ذلك مَرَّ أبو بكر يومًا -كما في صحيح البخاري- على بلال وعمار وسلمان وصهيب وابن مسعود وغيرهم وهُمَّ قاعدين فمَرَّ أبو سفيان، أبو سفيان سيد قريش وأسلم وحَسُن إسلامه، فمَرَّ على هؤلاء المستضعفين، فقالوا -وهم ينظرون إلى أبي سفيان-: "والله ما أخذَتْ سيوفُ الله من عدوّ الله مأخذها"، يعني بيقولوا كان المفروض يُقْتَل أبو سفيان، فجاء أبو بكر وغضب عليهم قائلَا لهم: "أتقولون هذا لسيّد قريش؟" اللي هو أبو سفيان، ثُمَّ أَعْرَض عنهم، وذهب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.

    عرض أبو بكر على النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حدث، فقال النبي لأبي بكر، وما أدراك مَن هو أبو بكر، قال النبي لأبي بكر: "يا أبا بكر هل أغضبتهم؟" أنت زعّلت المساكين الغلابة دول؟ مش مجاملة بقى، مش علشان أنت مأكّلني امبارح وعازمني عندك في البيت يبقى أنت آه صحّ ازّاي يقولوا الكلام دا وانت وانت، لا، القضاء لا مجاملة فيه، الحُكْم لا مجاملة فيه، قال النبي:
    "يا أبا بكرٍ! لعلك أغضبتَهم. لئن كنتَ أغضبتَهم لقد أغضبتَ ربَّك" صحيح مسلم.
    النبي عارف بيقول الكلمة دي لمين، "لئن كنت قد أغضبتهم فلقد أغضبت ربك"، علطول يُسْرِع أبو بكر إلى هؤلاء المستضعفين: يا إخواني يا إخواني هل أغضبتكم؟ يعني سامحوني لو أنا غلطت في حقكم، قالوا: عفا الله عنا وعنك، وغفر الله لنا ولك.
    هكذا بكلمات النبي -صلى الله عليه وسلم- يَدْفَع الصحابة إلى أن يتحابّوا فيما بينهم، أن يؤلّف النبي بفضل الله -جلَّ وعلا- فيما بينهم.

    إذا وصل الأمر للقاضي فلا شفاعة ولا مجاملة

    قضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين المسلمين لا مجاملة فيه، مش علشان أبو بكر، ولا عشان أبو طالب، ولا عشان يبقى عَمّ النبي، أبدًا.
    النبي -صلى الله عليه وسلم- يُعَلّم الصحابة "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ" المدثر:٣٨. وكُلُّ امرئ بما كسب رهين.

    لما جاءت عائشة، مين عائشة؟ حبيبة النبي، وبنت حبيب النبي، وزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الحُمَيْراء، حبيبة قلب النبي -عليه الصلاة والسلام- التي جهر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمام أصحابه بحبّها، "أيُّ الناسِ أحبُّ إليك؟ قال: عائشةُ، قلتُ: مِن الرجالِ؟ قال: أبوها" صحيح مسلم. مش أبو بكر، لا، أبو حبيبتي يبقى حبيبي، تأتيه وتكلّمه في شأنٍ فيردّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها.
    وتأتي فاطمة التي لم يحبّ النبي -عليه الصلاة والسلام- أحدٌ في الأرض مثلها، فاطمة، في بيت عائشة، يعني زوجته الحبيبة، وبنته الحبيبة التي ما أحبَّ أحدًا مثلها كما في صحيح البخاري، كل دا يا رسول الله، فاطمة: يا رسول الله لقد أهمَّ قريشًا أمر المرأة المخزومية، بني مخزوم دول من أشرف قبائل العرب، وفيه امرأة يعني الشيطان ضحك عليها وَزَّها ومدّت إيدها، فيعني جايّة تقول له: يا رسول الله، معلشّ يعني دي بنت فلان الكبير، وبنت علّان، ويعني تقدر تقول جايبة طلب ومَمْضِي عليه مِن يعني فمايقدرش يردّه.
    فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لفاطمة، وأسامة بن زيد الحِبّ ابن الحِبّ جاي ويضع النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة حبيبته مَثلًا وفي بيت عائشة يردّ النبي على أسامة قائلًا: "أتشفعُ في حدٍّ من حدودِ اللهِ؟ ... والذي نفسي بيدِه! لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت لقطعتُ يدَها" صحيح مسلم.

    هو دا القاضي العادل، لو بنتي، بيقول لو فاطمة بنت محمد سرقت أنا اللي هقطع إيدها بإيديَّا، هكذا ليُؤَصِّل النبي -صلى الله عليه وسلم- العدل في القضاء، بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله.
    زَيّ ما قلت لك النبي كان بيُؤْثِر في البداية الإصلاح لكن وصلت للنبي خلاص، وصلت للحاكم المسلم قضاء، وُضِعَت القضية أمام القاضي المُسْلِم خلاص مفيش شفاعة، مفيش مجاملة، مفيش صاحبي وحبيبي وقريبي ومقدرش أنَزّله كلام ومقدرش أردّ شفاعته، مفيش الكلام دا خالص، بل قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما روى أبو داود من حديث ابن عمر وحسَّنه الألباني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
    "من حالت شفاعتُه دون حدٍّ من حدودِ اللهِ؛ فقد ضادَّ اللهَ في أمرِه" صححه الألباني. يعني وقف ضدّ ربنا، طلاما النبي -عليه الصلاة والسلام- عُرِضَت عليه قضية وسيقضي النبي محدّش يتكلم خلاص محدّش يقول له علشان خاطري ولا معلش يا رسول الله، مفيش الكلام دا خالص في قاموس النبي -عليه الصلاة والسلام-، طلاما وصلت القضية قُدَّامه لا بُدَّ أن يقضي بالعدل.

    لذلك الزبير بن العوام حصلت سرقة زمانه ما بين رجلٍ وآخر، فجرى وراءهما قال: تعافوا، تعافوا، سامحوا، قالوا: نسامح إذا وصلنا إلى عمر، عمر كان الأمير، قال احنا هنتسامح بس لما نقول لسيدنا عمر الأول، قال: "لا، إذا وصلت الحدود إلى السلطان فلعن الله الشافع والمشفَّع"، خلاص، لازم السلطان يُقِيْم سلطان الله في الأرض ويَحْكُم بين الناس بالعدل علشان كده النبي كان في البداية بيقول لهم قبل ما توصل لي اتسامحوا "تعافوا الحدود فيما بينكم".


    القاضي يُؤْثِر العفو ما استطاع إلى ذلك سبيلًا

    كنت بقرأ في قصة ماعز الأسلمي والمرأة الغامدية، المرأة الغامدية زنت زمان النبي -عليه الصلاة والسلام- وماعز الأسلمي زنى، والمرأة بتقول للنبي لَمَّا النبي ردّها: "أتريد أن تردّني كما رددت ماعزًا؟"، أنت تفهم إنّ الزنا حصل بين مين ومين؟ من خلال القصص كده، ما بين ماعز والمرأة الغامدية، مفيش دليل على الكلام دا، كنت بقرأ في قصة ماعز الأسلمي والمرأة الغامدية وماعز الأسلمي بالذّات لقيت إن النبي -عليه الصلاة والسلام- عمل ١٢ حاجة علشان النبي ما يُقيمش الحدّ، يعني مش معنى إنّ فيه حدود إن القاضي يتشفَّى ويتمنى ويريد أن يُقام الحد، لا دا النبي -عليه الصلاة والسلام- عمل ١٢ حاجة علشان يبعد عن إقامة الحدّ.

    جاءه ماعز وقال: "يا رسول الله، إني قد زنيت" قال له النبي: "ارجع"، امشي، لإن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان يقيم الحَدّ إلا إذا شهد على نفسه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ارجع، في الأول قال: "يا رسول الله، إني قد أصبت حدًّا"، قال له: "ارجع".
    اتنين رجع وجه تاني، "يا رسول الله، إني قد أصبت حدًّا فأَقِمْه عليّ"، قال: ارجع. مرة تالتة، ومرة رابعة.
    لما خلاص شهد على نفسه أربع مرات، خلاص بقى هاتولي خالد بن الوليد وهاتولي حمزة بن عبد المطلب وهاتولي عمر بن الخطاب يكتّفوه ويعملوه، لا لا النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لواحد من الصحابة: "قم فاستنكهه"، قم شمّ بُقّه ألا يكون شرب حاجة، فقام صحابيٌّ ليشمّ فمه فلم يجد فيه رائحة خمر، دي رقم خمسة بعد ما ردّه أربع مرات يشمّ ريحة بقّه، مفيش خمر.
    سابه النبي -عليه الصلاة والسلام- وكلّم الصحابة: "أَبِهِ جنون؟" النبي -عليه الصلاة والسلام- بيقول للصحابة: الراجل دا مجنون؟ جاي يقول لي أنا عملت.. مجنون؟ قالوا: لا يا رسول الله ليس به جنون، دي رقم ستّة.
    رجع النبي للرجل، قال: "لعلك قبَّلت" لا يا عمّ دي كانت قبلة وخلاص، قال: "بل زنيت".
    النبي -عليه الصلاة والسلام- بيقول له: "لعلك فاخذت" يعني لم يحدث زنا، قال: "زنيت يا رسول الله".
    قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: الزنا -عفوًا يعني معلش- الزنا مثل هذا في هذا، النبي عمل كده -عليه الصلاة والسلام-، الزنا مثل هذا في هذا، قال: زنيت.
    قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- رقم عشرة كلمة أنا مش هقدر أقولها ثابتة في صحيح البخاري اللي هي المعنى الدارج للزنا وسط الناس، قال له النبي: أ.....، أنت عملت كذا؟ سمَّى النبي الزنا باسمه ليتفحَّش القَوْل يمكن يقول لا، فهذا هو الأمر العاشر، النبي -عليه الصلاة والسلام- يُسمَّي الزنا باسمه يقول له انت عملت كذا؟ يقول له: نعم فعلت، عشَر حاجات، أنا قلت لكم ١٢، عارفين إيه كمان؟

    وهُمّ بيقيموا عليه الحدّ ماعز الأسلمي حطّوه في الأرض وغطُّوه لغاية منتصفه وبدؤوا يرجموه، آلمه لَسْع الحجر، يعني من كُتر الضرب آلمه، ففرّ، هرب، فتَبِعَه الصحابة ورجموه، فلما أخبروا النبي: يا رسول الله هَمَّ ماعز أن يهرب فتبعناه ورجمناه، قال النبي: "هلا تركتموه"، كنتوا سيبوه يهرب، يتوب الله عليه، ويتوب إلى الله، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- مش عاوز يُقِيْم الحدّ، نفسه ما يقيمش الحدّ، حتى بعد كل دا رقم ١١ جه يهرب النبي قال: "هلا تركتموه" سيبوه يهرب.

    رقم ١٢ هو اللي بيزني دا مش بيزني مع امرأة؟ لم يَرِد في أي رواية ولا في أي حديث أن النبي قال له طب هي مين؟ علشان يجيبوها، خالص، ماجاش النبي وقال له طب قبل ما السر بتاعك يندفن مع رجمك قل لي هي مين الأول علشان نجيبها هي كمان، لا، ما سأله النبي -صلى الله عليه وسلم- أبدًا، فلو اختارت الستر فديننا يسعى إلى الستر، هكذا النبي -عليه الصلاة والسلام-، هو دا علشان لما نقول للناس أنَّ القضاء الأولى فيه الستر والأولى فيه الإصلاح والأولى فيه العفو، يبقى هذا هو القاضي الصالح.

    قال النبي أو قال أنس بن مالك كما روى أبو داود والنسائي بإسنادٍ حسَّنه الألباني رَفْعًا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا المشهد قال:
    "ما رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رُفِعَ إليهِ شيءٌ فيهِ قصاصٌ إلَّا أمرَ فيهِ بالعفوِ" صححه الألباني.
    يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- واحد مثلًا قطع إيد واحد المفروض التاني يقطع له إيده، ييجوا الاتنين قدام النبي -عليه الصلاة والسلام- النبي يقول للي إيده مقطوعة: سامحه، اعفُ عنه، ربنا يعفو عنك، تجاوز عنه يمكن ربنا يدخلك الجنة بهذا، خلّي بالك إنّ "فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ" المائدة:٤٥، ممكن لو تصدّقت بابنك اللي هو قتله ربنا -عز وجل- يدخلك الجنة بهذا، يظل النبي يقول ذلك، هو دا القاضي -صلى الله عليه وسلم-، هو دا الذي يَحْكُم بين الناس بالعدل لكنه قبل هذا الحُكْم وقبل هذا القضاء يُقَدِّم العفو، بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله.

    بل ينظر النبي إلى الواقع، مش أيّ واحد يقيم عليه الحد، يعني افرض واحد سرق مش أي واحد سرق يُقام عليه الحدّ، مش أي واحد يقام عليه الحد، إنت عارف لو واحد حاطط بضاعته قُدَّام المحل وواحد جه سرقها لا يُقام عليه الحد؛ لإنّ بضاعته معروضة، إنما لا يُقام الحد إلا في المال المحرز، دا بنصّ كلام النبي وهقول لك دلوقت إزاي، إنت عارف لو امرأة سرقت زوجها أو زوج سرق مراته لا يُقام عليهما الحدّ، لو خادم خدَّامة سرقت الدهب بتاع السّتّ اللي شغالة عندها لا يُقام على الخادمة الحدّ لأنها في البيت، لو واحد جعان وسرق اختلس لا يُقام عليه الحد، دا النبي اللي قال ذلك، كما روى أصحاب السنن الأربعة وفي مسند أحمد وعند ابن حبان من حديث جابر وصححه الألباني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
    "ليس على المنتهِبِ، ولا على المخْتَلِسِ، ولا على الخائِنِ قطْعٌ" صححه الألباني.
    يعني لو واحد قُدَّامه الفلوس شغَّال على كاشير وسرق منها، خان، لا يُقام عليه الحدّ، مش لإنه مش سارق ولا لإنه مش خاين، لا، لإنّ المال سايب قُدَّامه. المنتهب يعني حاجة معروضة ونهبها وجري لا يُقام عليه الحدّ. ولا على المختلس اللي المال تحت إيده وسرق منه، إلى غير ذلك. بل لا يُقطع أحد الزوجين من الآخر، ولا الخادم من سيّده.

    ليَعْلَم الجميع أنَّ القاضي لا يريد أن يتشفَّى، ولا يريد أن يرى الدّماء، ولا يريد أن يرى إقامة الحدود، ولا يريد أن يرى تقطيع الحدّ، بل يريد الإصلاح أولًا، وهذا هو رسول الله.

    إذا وصل الأمر للقضاء فلا خيار سوى العدل دون مجاملة

    لكن إذا وصل الأمر للقضاء فلا بُدَّ أن يقضي بالعدل لا مجاملة، لما سُرِق رداء صفوان بن أمية -رضي الله عنه-، صفوان بن أمية كان نايم في المسجد فجه واحد سرق الرداء بتاعه، الغطا بتاعه، العباية بتاعته، سرقها ومشي، أمسك به صفوان بن أمية فقال: "لأرفعنَّك إلى رسول الله"، فلمَّا رفعه إلى رسول الله أمر النبي بقطع يده، فقال صفوان: يا رسول الله أتُقطع يده في رداء بثلاث أو بسِتّ أو بسبع لا أَذْكُر العدد. فقال النبي: "بلى، تُقطع يده"، خلاص، قال: "يا رسول الله، إني قد وهبته له" أنا ادّيتهوله هدية!
    قال النبي: هلا ذلك، "فهلَّا كان هذا قبل أن تأتيَني به" صححه الألباني.
    كنت سامحه قبل ما يجيلي، كنت سامحه قبل ما ييجي عندي، هو دا الحاكم، هو دا القاضي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- يعني بيقول له لو أنت كنت كويس كنت سامحه قبل ما يجيلي، لكن جالي خلاص، لا بُدَّ أنْ أُقيم عليه الحدّ، هذا هو النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-.


    حال القُضاة المؤسِف في زماننا

    وأختم هذه الحلقات بما سمعتُه من الشيخ كشك -رحمه الله تعالى- يحكي قضاء زماننا، الشيخ كشك الله يرحمه انتوا عارفين كان يعني بسجيّته تخرج الطرفة منه دون تَكَلُّف رحمه الله تعالى رحمةً واسعة وغفر الله لنا وله، يقول لك أنَّ رجلًا غنيًّا اختصم مع رجلٍ فقير وعُرِض الأمر على القاضي، فذهب الناس إلى الفقير قالوا له إنّ القاضي دا مُرْتَشِي ولو أنت غمزته بحاجة ولّا زرته بهدية ولا ادّيته رشوة هيحكم لك بكره، قال خلاص، فالفقير راح البيت دوَّر ما لاقاش في بيته إلا وزّة، قال خلاص هاخدها وأطلع على القاضي، طلع على القاضي بالليل ادّاله الوزّة ودخل له قال له إنت عارف إنّ أنا مظلوم وعلى قَدّ حالي والأغنياء دول آكلينها والعة، قال له خلاص دا حقّك فعلًا والحُكْم بكره ليك طبعًا، دا حقّك، سيب بس الوزّة واتفضل..
    شويّة والغني عرف راح واخد خروف وطالع على القاضي، دا غني بقى، دخل على القاضي بالخروف الراجل كل ما ييجي يتكلم الخروف يمأمأ طبعًا يعني يسنده، قال له طبعًا دا هُمّ حاسدينكم على النعمة اللي انتوا فيها، أصل هُمَّ يعني شايفينكم وإنت عارف بقى مغلولين من النعمة اللي إنتوا فيها، إنما إنت صاحب الحقّ، سيب بس الخروف واتفضّل. طلع الاتنين كله مطمّن إنّ الحُكْم له..
    وقف القاضي ليَحْكُم بينهما؛ فحَكَم للغني صاحب الخروف، فوقف الفقير ومَن معه، فيه إيه؟ إنت مش ادّيته وزّة؟ آه ادّيته وزّة، أومّال ما حكملكش ليه؟ فالقاضي بَصّ عليهم كده وقال لهم: "لا تُوَزْوِزُوا فإنَّ الحَقَّ نطَّاح".

    هذه وإنْ كانت طرفة لكنَّها والله تحكي قضاة زماننا، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وصدَق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "قاضيانِ في النارِ، وقاضٍ في الجنةِ" صححه الألباني، يُعَلِّقُ على هذا الحديث واحدٌ من المصريين فيقول: قاضٍ في الجنة، وقاضيان في مصر.


    دعاء الخاتمة

    نسأل الله السلامة والعافية، نسأل الله -تعالى- أن يردّ المسلمين إلى الحُكْم بالعدل كما أمرنا الله -جل وعلا- "وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ" النساء:٥٨.
    ونسأل الله أن يردّ قضاءنا إلى أن يقتفوا أثَر نبيّنا -صلى الله عليه وسلم-؛ ليعزّهم الله -جل وعلا- في الدنيا وليكرمهم في الآخرة، وأسأل الله تعالى أن يسترنا وإياكم في الدنيا والآخرة.
    أقول قَوْلي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    تم بحمد الله


    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.


    ​​​​​​​
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خيرًا

      تعليق

      يعمل...
      X