إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء السابع: سورة الإنسان 3 (عباد الله ) | الشيخ عمرو الشرقاوي | برنامج آيات تتلى |

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء السابع: سورة الإنسان 3 (عباد الله ) | الشيخ عمرو الشرقاوي | برنامج آيات تتلى |





    قال الفراء:
    سورة الإنسان:
    {هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً}
    قوله تبارك وتعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ..}

    معناه: قد أتى على الإنسان حين من الدهر
    {وهل} قد تكون جحدا، وتكون خبرا. فهذا من الخبر؛ لأنك قد تقول: فهل وعظتك؟ فهل أعطيتك؟
    تقرره بأنك قد أعطيته ووعظته والجحد أن تقول: وهل يقدر واحد على مثل هذا؟




    مع حلقة جديدة من البرنامج الرمضاني معنا هذا العام والذي بعنوان:
    آيـــ تتلى ــــات
    مع الدكتور أحمد عبدالمنعم والشيخ عمرو الشرقاوي



    والآن مع اللقاء السابع و سورة الإنسان 3 (عباد الله ) مع الشيخ/ عمرو الشرقاوي






    رابط المشاهدة على اليوتيوب:





    رابط تحميل اللقاء من على الموقع:

    التعديل الأخير تم بواسطة آمــال الأقصى; الساعة 02-06-2018, 03:21 AM.


    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

  • #2

    الحمد لله رب العالمين، وبعد،

    بيَّن الله لنا طريق الأبرار وطريق الكفار
    يقول الله –سبحانه وتعالى- بعد ما بيَّن في سورة الإنسان، إن فيه طريقين، فيه طريق الأبرار، وفيه طريق الكفار
    يقول الله –تعالى-: "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا" الإنسان:3، الله –عز وجل- بدأ يُبين حال الفريقين، المصير بقى، إلى أين تصير هذه الفرَق؟ احنا عندنا فريقين:
    الفريق الأول: فريق الأبرار
    الفرق الثاني: فريق الكفار

    يقول الله-تعالى-: "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا*إِنَّا أَعْتَدْنَا" -يعني أعددنا- "لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا" الإنسان4:3، هذه السورة المباركة، ربنا –سبحانه وتعالى- أوجز فيها حال الكافرين، وأطنب فيها في حال أهل الإيمان، ترغيب للناس، يعني ربنا –سبحانه وتعالى- كأنه يُرغِّب الناس، لأن السورة دية بتتكلم لمين؟ أو بتتحدث لمين؟ للإنسان، فهو بيتحدث للإنسان، فربنا –سبحانه وتعالى- أوجز للإنسان حال الكافرين، وأطنب في وصف المؤمنين ترغيبًا له في الإيمان برب العالمين –سبحانه وتعالى-.

    لماذا قدَّم الله حال الكافرين على الشاكرين؟
    يقول الله –تعالى-:"إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا"، يعني المنطقي إن المفروض إن ييجي الأول حال الشاكرين، لإن هو قدَّمهم، وبعدين ييجي حال الكافرين، لكنه قَّدم حال الكافرين، وأخر حال الشاكرين، ليه؟ ربنا –سبحانه وتعالى- قدَّم حال الكافرين لأنهم الأقرب في الذكر، ربنا بيقول: "إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا"، وبعدين بيقول حال الكافرين، ولكي يكون هناك نوع من أنواع الإطناب في حال الشاكرين، يعني يوسَّع ذكر الشاكرين، فلذلك قال الله –تعالى- وأوجز حالهم ومآلهم، حال الكافرين ومآلهم، "إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ -يعني أعددنا- سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا" الإنسان:4.


    الإنسان إذا كفر بالله –عز وجل- لا قيمة له
    "السلاسل" هي ما يُلبس في اليد، السلاسل جمع سلسلة، وهي ما يُلبس في اليد، القيد الذي يكون في اليد، و"الأغلال" هي ما يُلبس في العُنُق، والعادة والعياذ بالله، إن الإنسان الأسير تُغلُّ يده إلى عنقه، يعني يوضع في عُنقه قيد وتوضع في يديه قيد، ثم تُجعل اليد إلى العُنُق، فلذلك ربنا –سبحانه وتعالى- بيقول: إن هذا الإنسان مغلول، في عنقه قيد، وفي إيديه قيد "إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا"، و"السعير" هي النار الملتهبة والعياذ بالله، فربنا –سبحانه وتعالى- أوجز حالهم ومآلهم، يعني هم لا قيمة لهم، الإنسان لو كفر بالله –عز وجل- لا قيمة له، لا قيمة له.

    الإنسان بدون إيمان أضَّل من الأنعام
    ولذلك يقول الله –عز وجلَّ-:"يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ"، يعني كل إنسان، "مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا" النبأ:40، لأنه لا قيمة له، يعني بيقول ياريتني زي البهائم، لأن البهائم ربنا –سبحانه وتعالى- يقول لها يوم القيامة: كوني ترابًا، فتكون ترابًا، فالكافر يأتي يوم القيامة يتمنى أن يكون مثل هذه البهائم، ليه؟، لإنه لا يساوي شيئًا، الإنسان لا يساوي شيئًا بدون الإيمان. ربنا –سبحانه وتعالى- يُنبه في هذه السورة على هذا الأمر، "إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا" يبقى يساووا إيه يعني؟ لا يساووا شيئًا، فالإنسان بغير الإيمان أضَّل من الأنعام، "إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ" الفرقان:44، لذلك ربنا –سبحانه وتعالى- يا إما يشبههم بالأنعام، يا إما يقول إن هم أضَّل من الأنعام، "وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ" محمد:12، والعياذ بالله.

    يذكرنا الله-سبحانه وتعالى- بحال الكافرين
    يعني واحد يفضل يُسمِّن الأنعام لحد ما في الآخر يذبحه، يذبح هذه الأنعام ويأكلها، لا تساوي شيئًا، لا تساوي شيئًا، كذلك الإنسان بالضبط، لو هو مش آمن بالله –سبحانه وتعالى- فهو لا يساوي شيئًا. هو كالأنعام؟ لأ، ده هو أضَّل من الأنعام، "إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ"، لذلك ربنا –سبحانه وتعالى- يُذكِّر الإنسان، يقول له: أهو حال الكافرين "إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ" توضع في اليد، "وَأَغْلَالًا ، توضع في العُنُق والعياذ بالله، وَسَعِيرًا في الآخر نار ملتهبة والعياذ بالله.

    صفات الأبرار
    ثم فصَّل في حال أهل الإيمان، من هنا بقى لحد ما شاء الله، ربنا –سبحانه وتعالى- يذكُر أحوال أهل الإيمان، فبيقول: "إِنَّ الْأَبْرَارَ" الإنسان:5، و"الأبرار" جمع بَرّ، والبَرُّ هو من يفعل أفعال البِر، طب إيه هي أفعال البِر؟ أفعال البِر: "وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" البقرة:177، البِر ذكره الله –عز وجلَّ- في سورة البقرة، "وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ" إلى آخر الآية، يبقى همَّا دول الأبرار، وربنا -سبحانه وتعالى- سيذكر بعض صفاتهم، طبعًا الله –عز وجلَّ- مدح التعاون على البر والتقوى، "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" المائدة:2، فيقول الله –تعالى-: " إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ" الإنسان:5، "يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ"، طيب "الكأس" هو الإناء المملوء بالشراب، يعني لا يُسمَّى الكوب كأسًا إلا إذا امتلأ بالشراب، فيه فرق بين الكأس والكوب والكوز، الكوب أو الكوز عادي ممكن يكون فيه وممكن مايكونش فيه، يعني الكوب ممكن يكون فيه شراب، وممكن ميكونش فيه شراب، لكن الكأس لا يُسمَّى الكأس كأسًا إلا حال امتلائه بالشراب، يبقى لو الكأس لم يكن فيه شراب، يبقى إذن لا يُسمَّى كأسًا، الكأس لو لم يكن فيه شراب لا يُسمَّى كأسًا.

    التشابة بين ما في الدنيا وما في الجنة هو الأسماء فقط
    فربنا –سبحانه وتعالى- يقول: "إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا" الإنسان:5، العرب كانوا يمزجون الخمر، الخمر لو كانت معتَّقة، فميعرفش يشربها مرة واحدة، فيعمل إيه؟ يمزجها بشيء، يمزجها بشراب آخر. فربنا –سبحانه وتعالى- يبشِّر الأبرار في الآخرة، يقول لهم: أيها الأبرار أنتم لكم شراب ممزوج، وممزوجٌ بكافور، و"الكافور" نبات طيب الرائحة جدًا، والكافور لا يُشرب في الدنيا، لإن له أضرار لو شُرِب في الدنيا، لكن في الآخرة ليس في الآخرة مما في الدنيا إلا الأسماء فقط، يعني الشبه الوحيد، لأن ربنا –سبحانه وتعالى- لما بيُخبر الإنسان، بيُخبر الإنسان بما يراه، بما يعرفه، فهو أخبر الإنسان إن له في الجنة حور عين، وإن له خضرة، وإن له مسك، وإن فيه كافور، وإن فيه زنجبيل، وإن فيه أكواب، وإن فيه سندس، وإن فيه حُليّ، وإن فيه ولدان مخلدون، وإن فيه أنواع من أنواع النعيم.

    لا يمكن لعقولنا أن تتصور نعيم الجنة
    لكن الجنة فيها أنواع من أنواع النعيم لم يُخبرنا الله –عز وجل- عنه، ليه؟ لإن احنا مش هنستطيع إن احنا نتصوره، ولذلك قال النبي –عليه الصلاة والسلام-: فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر[1]، يعني فيها أشياء احنا أصلًا لا نتصورها، احنا أصلًا لا نتصورها، لأننا لا نعرف لها أمثلة، فيه تمر في الجنة، فيه عنب في الجنة، فيه طلح في الجنة، اللي هو البعض يقول إنه هو الموز، فيه تفاح في الجنة، لكن هل التفاح اللي في الجنة يشبه تفاح الدنيا؟ أبدًا. النبي –عليه الصلاة والسلام- أخبر إنه لو أتى بعنقود واحد من عناقيد الجنة، لظل الناس يأكلون منه إلى يوم القيامة[2]، وده عنقود واحد من عناقيد الجنة، لذلك ربنا –سبحانه وتعالى- بيخبرنا بإن مزاج الخمر ، يعني الشيء الذي يُمزج به الخمر؛ كافور، كيف يكون هذا؟ نحن لا نعرف –سبحان الله- نسأل الله أن يرزقنا الجنة وما قرب إليها من قول وعمل.

    جزاء الصبر على ما حرم الله في الدنيا
    هو ربنا بيذَكِّر الناس هنا، إن الأشياء التي حُرِمتم منها في الدنيا، الله –عز وجل- سيعطيكم أعلى وأجَّل منها في الآخرة، يعني المؤمن لا يشرب الخمر في الدنيا، لأن من شرب الخمر في الدنيا لم يشربه يوم القيامة، فربنا –سبحانه وتعالى- جعل للمؤمن يوم القيامة أصنافًا من النعيم الذي حُرِم منه في الدنيا، الإنسان المسلم حُرِم أن يلبس الذهب في الدنيا، يلبسه في الآخرة، حُرِم أن يشرب الخمر في الدنيا يشربه في الآخرة، حُرِم أن يزنيَ في الدنيا، ربنا –سبحانه وتعالى- يخلُف عليه بحورٍ عين في الآخرة. فربنا –سبحانه وتعالى- يُعطي الإنسان في الآخرة، ولذلك هيأتي بعد قليل، إن ده كله بسبب إيه "وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا" الإنسان:12، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا يعني بصبرهم على هذه الأمور، ربنا –سبحانه وتعالى- جازاهم بها.

    عيون الجنة
    يقول الله –تعالى-: "إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ"، قلنا إن الكأس هو الإناء إذا امتلأ بالشراب، طيب حال عدم امتلائه بالشراب، يُسمَّى إيه؟ يُسمَّى كوبًا، لا يسمَّى كأسًا، يبقى الكأس لازم يكون فيه شراب، طيب "إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا*عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا" الإنسان6:5، يعني هذا الشراب الذي يُعطاه أهل الجنة، ليس شرابًا قليلًا، وإنما هي عينٌ مَعين، عينٌ مَعين، شيء كبير جدًا، الله –سبحانه وتعالى- يعطيه للإنسان، "عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ"، ممكن يكون العين دية اللي هي الكافور، يعني لو عينًا دي بدل من كافور، يعني الله –عز وجلَّ- يقول: "إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا"، فممكن تكون اسم العين دية الكافور، أو هي عينٌ تنبُع بهذا الشراب، وهذا هو الأصح والله أعلم، لأن الجنة فيها ما لا عينٌ رأت، إحنا اتفقنا على كده، "فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ"، ده مش موجود في الدنيا، "وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى" محمد:15، ففي الجنة عينٌ تسمَّى الكافور، تُخرِج لهم شراب ممزوج بالكافور.

    المؤمن في الجنة يشرب ويستظل زيادة في النعيم
    قال الله –تعالى-"عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا"، لم يقل الله –عز وجلَّ- يشرب منها، وإنما قال: "يَشْرَبُ بِهَا"، فيه فرق بين الاتنين، يعني فيه فرق بين إن ربنا –سبحانه وتعالى- يقول: "يَشْرَبُ بِهَا"، وفرق بين إن ربنا –سبحانه وتعالى- يقول: يشرب منها، فيه حاجة العلماء بيسموها التضمين، يعني لو احنا استخدمنا مع فعل حرف جر يأتي مع فعلٍ آخر، يبقى احنا بنعطي الفعل ده معنى مختلف، فالأصل إنك إنت تقول: شربت من العين، شربت من العين، أنت لا تقول شربت بالعين، وإنما تقول شربت من العين، فربنا –سبحانه وتعالى- بيقول:"عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا"، ليه؟ لأن ممكن الإنسان يشرب ولا يُروى لا يرتوي، لكن ربنا –سبحانه وتعالى- نبه أن شربهم في الجنة ليس كشربهم في الدنيا، فالإنسان لا يشرب في الجنة من عطش، ولا يأكل من جوع، ولا يستظل من حر، الإنسان في الجنة، لا يشرب من عطش، يعني هو مبيكونش عطشان فبيعوز يشرب، ولا يأكل من جوع، مبيكونش جعان فعاوز ياكل، ولا يستظل من حر، وإنما يشرب الإنسان ويأكل ويستظل زيادةً في النعيم، فلذلك ربنا –سبحانه وتعالى- بيقول: "عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا"، يعني عينًا يرتوي منها، مش مجرد شرب عادي كده وخلاص، لأ، ده هذه العين تُعطيهم الرِيّ، والسعادة، والراحة، والطمأنينة.

    من نعيم الجنة أن الماء لا يتغير على الشاربين
    "عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ"، يعني الذين عبدوا الله حق عبادته، وقاموا بأوامر الله –سبحانه وتعالى- "يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا"، يعني الإنسان لما بيكون بيحب يشرب مثلًا من مكانٍ معين، لو غير هذا المكان، يعني لو واحد مثلًا في دولةٍ معينة، هو متعود على ماء هذه الدولة، لو راح دولة تانية، أو راح بلد تانية فهو يشعر بتغيرٍ ما، فمن نعيم أهل الجنة أن الماء لا يتغير عليهم، أينما راحوا وأينما ذهبوا وأينما شاءوا وأينما كانوا، تُفجَّر لهم هذه العين التي يشربون منها، لذلك ربنا –سبحانه وتعالى- بيقول إيه: "عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا"، حيث شاءوا، وشوف ربنا –سبحانه وتعالى- بيقول إيه: "يُفَجِّرُونَهَا"، دي صيغة مبالغة، فعل مضعَّف، دي كناية عن شدة قوة نبعها وكثرته، دي مش مجرد كده شيء وخلاص، لأ، ده "يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا".

    الأعمال التي أهَّلت أهل الجنة لهذا الجزاء العظيم
    طيب إيه هي الأعمال التي أهَّلتهم لهذا الأمر؟ قال الله –تعالى- "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ" الإنسان:7، و"النذر" إما أن يكون مطلَق الطاعة، وإما أن يكون النذر المخصوص، يعني العلماء اختلفوا، إيه المراد بالنذر؟ فقال بعض العلماء إن المراد بالنذر هنا كل الطاعات، يعني كل الطاعات هي نذور؛ يعني واجبة بأصل الشرع. لذلك ربنا –سبحانه وتعالى- بيقول: "ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ" الحج:29، النذور المقصود بها هنا إيه؟ الحج والنُسُك. فلو كان معنى "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ"، هنا النذر بمعنى مُطلَق الطاعة، يبقى ربنا –سبحانه وتعالى- بيثني على طاعاتهم كلها، من صلاة وصيام وزكاة وحج وذكر وصلاة على رسول الله –صلَّى الله عليه وسلم- وصدقةٍ وقراءٍة للقرآن، كل أعمال الطاعة، وبر الوالدين وصلة الأرحام، كل أعمال الطاعة التي يفعلها المؤمن.

    ما هو النذر الخاص المكروه والمستحب؟
    أو يكون المعنى هنا النذر الخاص؛ يعني إيه النذر الخاص؟ إن إنسان يُوجِب على نفسهِ شيئًا لم يوجبه عليه الشرع. يقول نذرت أن أُخرِج لله –عز وجلَّ- شيئًا، وهذا النذر على نوعين:
    إما أن يكون نذر مشروط، يعني يقول: لو ربنا –سبحانه وتعالى- مثلًا أعطاني كذا، هطَّلع كذا لله، وهذا مكروه، يعني هذا النذر مكروه، هذا النذر مكروه لكن الوفاء به واجب.
    وفيه "نذر مُطلَّق"، اللي هو النذر المستحب، إن إنسان يقول: لأخرجنَّ لله –عز وجلَّ- كذا وكذا، هذا النذر مستحب، استحبه أهل العلم، فربنا –سبحانه وتعالى- بيمدح الإنسان على الوفاء بالنذر، إما النذر المُطلَق، وإما النذر المقيد، فده أحد أعمالهم يعني.

    الإنسان يعبد الله خوفًأ ورجاءً
    "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا" الإنسان:7، المستطير هو الطائر، ولذلك يقال استطار الفجر، يعني انتشر في الأفق، فالمستطير هو الشيء المُشتهِر العظيم المنتشر الذائع، فالإنسان بيعبد الله –عز وجلَّ- خوفًا ورجاءً، وأصلهما المحبة. عندنا ثلاث أشياء تعطي الإنسان قوة لطاعة الله –سبحانه وتعالى- إما أنه يخاف، وإما أنه يرجو، وإما أنه يحب، طبعًا الباعث الأساسي في كل هذا الامر: "المحبة"، يعني المحبة لا يفعل الإنسان شيئًا إلا بالمحبة، ولذلك ربنا –سبحانه وتعالى- حث المؤمنين على محبته، وقال: "الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ" البقرة:165، "أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ".

    الخوف من الله من الأشياء التي تبعث الإنسان على طاعة الله
    ومن ضمن الأشياء التي تبعث الإنسان على الطاعة الخوف، هو خايف من عقاب الله –عز وجلَّ- خايف من النار، خائف من يوم القيامة، ولذلك ربنا بيقول –سبحانه وتعالى- "وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا"، يعني منتشرًا، لذلك الناس يوم القيامة تفزع إلى أنبياء الله –سبحانه وتعالى-، فتروح لسيدنا آدم، يا آدم أنت أول البشر وخلقك الله –عز وجلَّ- بيده، فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا، لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، اذهبوا إلى إبراهيم، يروحوا لإبراهيم، يا إبراهيم أنت خليل الرحمن، يقول إن ربي قد غضب اليوم غضبًا، لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، اذهبوا إلى موسى، يا موسى أنت كليم الله، إن ربي قد غضب اليوم غضبًا، اذهبوا إلى عيسى، يا عيسى أنت كلمة الله، اذهبوا إلى محمد –صلَّى الله عليه وسلم-.[3] شوف الأنبياء نفسهم عارفين وخايفين، يعني يخافون من هذا اليوم الشديد، "وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا".

    الدنيا طبيعتها التعب والحَزَن
    لذلك يا إخوانا مركزية الدار الآخرة في حياة المؤمن حاجة عظيمة جدًا، إن الإنسان عارف إن الدنيا دية ما هي إلا مرحلة يتجاوزها، كتير من الناس بتصعب عليهم الحياة في وقت من الأوقات، يقول يعني الحياة ليه هي شديدة كده؟ لأن هي دي طبيعة الحياة، يعني هذه هي طبيعة الحياة؛ طبيعة الحياة: إن هي متعبة، إن هي مرهقة، إن هي ليست مريحة، وإلا لما سميت الدنيا دنيا، ولما كانت الآخرة آخرة. الله –عز وجلَّ- كتب على الإنسان أن يشقى. هناك آه، "إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ*وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ" طه119:118، نزلت للدنيا خلاص الأمر اختلف، أصبحت في شقاءٍ وكدٍ وتعبٍ وحزْنٍ ونصبٍ إلى أن تصل إلى الله. ولذلك يقول أهل الجنة بعد دخولهم الجنة: "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ" فاطر:34، كل ما دون الجنة "حزَن"، "إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ*الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ" فاطر35:34، هذا و-صلَّى الله على نبينا محمد وآله-، والحمد لله رب العالمين.

    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36


    [1] شهدتُ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مجلسًا وَصَف فيه الجنةَ. حتى انتهى. ثم قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في آخرِ حديثِه " فيها ما لا عينٌ رأت ، ولا أذُنٌ سمعتْ ، ولا خطَر على قلبِ بَشرٍ " ثم اقترأ هذه الآيةَ: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " 32 / السجدة / 16 و - 17 ." صحيح مسلم
    [2] "خَسفتِ الشَّمسُ على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فَصلَّى، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، رَأيناكَ تَناولُ شيئًا في مَقامِك، ثُمَّ رَأيناكَ تَكعْكَعتَ؟ قال: إنِّي أُريتُ الجنَّةَ، فتَناولتُ مِنها عُنقودًا، ولو أَخذتُه لأَكلتُم مِنهُ ما بَقِيتِ الدُّنيا" صحيح البخاري
    [3] أخرجه البخاري (4712)، ومسلم (194)
    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 02-06-2018, 03:46 PM.


    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خيرًا

      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
      وتولني فيمن توليت"

      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

      تعليق

      يعمل...
      X