السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كيف يُمكنني أنْ أنظِّمَ وقت يومي مِن طُلُوع الفجْر حتى النوم بعد العشاء، بحيث أوفِّق بين حِفْظ وقراءة القرآن الكريم، والسُّنَّة النبويَّة، وحُضُور الدُّروس، وإنهاء أموري الخاصة.
وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أهلًا بك أخي الكريم في شبكة الألوكة، ونرحِّب بك دائمًا، ونسأل اللهَ أن نكونَ دائمًا عند حُسن ظنِّك، ويُسعدنا أن نتواصلَ معك دائمًا.
أمَّا ما سألتَ عنه مِن تنظيم الوقت، فهو أمر مهمٌّ جدًّا لجميع الناس بمُختلف تخصُّصاتِهم، وتنوُّعِ اهتماماتهم وتوجُّهاتهم؛ لأنَّ كلَّ عمل يعمله الإنسانُ يحتاج إلى وقتٍ، أيًّا كان هذا العملُ، فالوقتُ هو السِّلعةُ التي لا تُشترَى بالمال، وهو السِّلعة التي يحتاج إليها كلُّ إنسانٍ، وأنا أُكبِرُ فيك هذا الاهتمامَ بالوقت، فمع الأسفِ صار كثيرٌ منَ الناس لا يُقيمون له وزنًا، ويضيِّعون الساعاتِ فيما لا ينفعهم، بل قد يضرُّهم، ثم يستغربون بعد ذلك، ويقولون: الوقتُ لا يكفي!
يعتقد بعضُ الناسِ أنَّ "تنظيم الوقت" معناه: إيجاد وقتٍ جديد للاستِفادة منه، وهذا وهمٌ، فاليوم سوف يظل كما هو 24 ساعة، والأسبوع كما هو سبعة أيام، وهكذا، وإنما يعتمد تنظيمُ الوقت على حُسن استغلال الموجود منه.
أنصحك أن تقومَ بهذه التجرِبة في يومٍ واحدٍ فقط مِن أيامك:
اكتبْ مِقدار الوقت الذي تصرفُه في جميع الأعمال اليومية بالدقائق منذ الاستيقاظ من النوم وحتى الاستيقاظ في اليوم التالي؛ أي: "24 ساعة بالتَّمام"، وهذا نموذج للمطلوب:
- 5 دقائق استيقاظ وكسل في السرير.
- 10 دقائق في الحمَّام.
- 15 دقيقة صلاة.
- 20 دقيقة إفطار.
- 20 دقيقة لكيِّ الملابس وارتدائها.
- 20 دقيقة انتظار الحافلة... إلخ.
ولاحِظْ أنَّ مجموع الساعات والدقائق لا بُدَّ أن يكونَ 24 ساعة.
والآن انظر إلى الساعات - فضلًا عن الدقائق - التي تَضيع فيما لا يُفيد، وستُذهل مِن مِقدارِها، وأَحصِها لتعرفَ الوقت المتاح تقريبًا يوميًّا، هذه هي الخُطوة الأولى للاستفادة مِن الوقت.
الخطوة الثانية: ترتيبُ الأعمال المطلوب أداؤها بحسَب الأهمية، وتقسيمُ الوقت المتاح عليها.
فمثلًا: إذا كنتَ تريدُ أن تقسمَ وقتك بين ثلاثة أمور: "الواجب الدِّراسي - حفظ القرآن - القراءة الحُرَّة"، والوقت المتاحُ في اليوم مثلًا 6 ساعات، فالواجب الدراسيُّ مثلًا يحتاج إلى 3 ساعات، وحفظُ القرآن يحتاج إلى ساعة ونصف، والقراءةُ الحرة إلى ساعة ونصف.
الخطوة الثالثة: ربْطُ الأعمال المطلوبة بأوقاتٍ وأشياءَ ثابتة بحسَب النَّشاط اليومي.
فمثلًا: تربط أداءَ الواجب الدراسي بما بعد صلاة الظهر، أو عند عودتك مِن المدرسة أو الجامعة مباشرة؛ لأنَّ هذا أمرٌ ثابتٌ يوميًّا يرتبط بوقتٍ محددٍ.
وتربط حفظَ القرآن مثلًا بما بين المغرب والعشاء، أو بالوقت المتاح بين الحِصَص، أو بالوقت الضائع في المواصَلات، وهذا الأمرُ مَرجعُه لك، وإنما أعطيك بعض الأمثلة.
وتربط القراءةَ الحرة مثلًا بما قبل النوم مباشرة، وفي هذه الحالة يُمكنك أن تضعَ الكتابَ الذي تقرأ فيه بجانب السرير؛ بحيث ينضبط العملُ تلقائيًّا، وتتذكَّر المطلوبَ منك كلما ذهبتَ إلى السرير.
نصائح أخرى عامَّة للحِفاظ على الوقت وتنظيمه:
- يمكنك أن تضعَ كتابًا للتَّسلية في الحمَّام؛ بحيث تستغلُّ الوقت الضائع فيه، أو تشغل جهاز التسجيل في ذلك الوقت لسَماعِه، ولا تَعجَب مِن ذلك؛ فقد كان بعضُ السلَفِ يأمر ابنَه أن يرفعَ صوتَه بالقراءة وهو في الحمَّام؛ حِرصًا على الوقت!
- ضَعْ ورقةَ أذكار أمام مكانِ الوضوء بحيث تستذكر هذا النصَّ كلما ذهبتَ إلى الوضوء، ويُمكِنك أن تغيِّرَها كل عدة أيام لتستفيدَ بوقت الوضوء، ولا تتعجبْ مِن ذلك؛ فقد ذكروا عنْ بعض العُلماء أنه حفِظ ألفيَّة العراقي في أوقات الوُضُوء.
- إذا كنتَ تحفظ مَتْنًا، فيُمكنك أن تقسِّمَه على أوراقٍ صغيرةٍ، وتضعَ في جيبك كلَّ يوم ورقةً منه، وكلما وجدتَ دقيقةً فارغة أخرجتَ هذه الورقةَ ونظرتَ فيها، وهذا ينفعك كثيرًا في أوقات الانتظار؛ كالعيادات الطبيَّة، والمصاعِد، ورسائل الهاتف المسجَّلة وغير ذلك.
- تذكرْ أنَّ الدقيقةَ مدةٌ طويلة، فلا تستهِنْ بها عند الانتقال مِن عملٍ إلى عمل؛ فهذه الدقائقُ الضائعةُ بين الأعمال هي التي تُخرج النتائجَ العظيمةَ.
- لا تضيِّعِ الكثيرَ مِن الوقت في التفكير والمفاضَلة بين الأعمالِ المطلوبِ أداؤُها، بل ابدأ مباشرةً في العمل حتى لو كان مفضولًا؛ لأن أداءَ العمل المفضول أولى من تضييع الوقت في المفاضلة.
- ابدأ يومَك بكتابة الأشياء المطلوب أداؤها في ورقةٍ، وضَعْها في جيْبِك، وطالِعْها كلَّ ساعة أو ساعتين لمراقبة الأداء.
- للفائدة والتوسُّع في هذا الموضوع أنصحك أن تطالعَ بعضَ الكتُب المتخصِّصة في تنظيم وإدارة الوقت؛ مثل كتاب د. إبراهيم الفقي (إدارة الوقت).
والله تعالى أعلى وأعلم، وبه الهداية، ومنه التوفيق
الالوكه
خطط ونظم واستثمر وقتك |
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمدلله المحمود بكل لسان والصلاة والسلام على مرفوع الذكر والمنزلة محمد بن عبدالله وعلى آله الأطهار الطيبين وصحابته الغر الميامين أما بعد فالوقت الذي يملكه الناس كلهم هو نفسه لكن الفرق بينهم في كيفية توزيع هذا الوقت واستثماره . واستثمار الوقت يعتمد على التنظيم والتنظيم لا يتم إلا بالتخطيط . (فخطط ونظم واستثمر وقتك لتكون مميزا ) ودعونا نجرب هذا اليوم عمل خطة ليومنا وننظم فيها أوقاتنا حتى نستثمرها خير استثمار . أخرج ورقة وقلم ؛ أو اكتب في الملاحظات في جوالك . خطة يوم ..... الموافق ... وسجل أهم اهتماماتك أو أهم الأمور التي تصرف فيها وقتك . وكن مراعيا لقاعدة بريتو (٢./٨.). وهذه القاعدة تنص على أن عشرين في المئة من جهودنا تحقق ثمانين في المئة من إنجازاتنا . يعني أنت تصرف عشرين في المئة فقط في جانب معين هذا الجانب يحقق لك ثمانين في المئة من إنجازاتك . وهي نسبة تقريبية واكتشفها عندما لاحظ أن عشرين في المئة من الشعب يمتلكون ثمانين في المئة من الثروة وأن عشرين في المئة من الموظفين يؤدون ثمانين في المئة من أعمال المؤسسة . والفائدة من هذه القاعدة أن تعرف الثمانين في المئة من إنجازاتك في ماذا ثم تركز على زيادة جهدك بزيادة العشرين في المئة التي تبذلها . فإذا كنت مثلا طالب علم في الحديث فأنت تصرف عشرين في المئة من وقتك في دراسة علم الحديث وإنجازك أو إنتاجك ثمانين في المئة منه يكون في جانب علم الحديث . وإن كنت مستشارا أسرياً مثلا فأنت تصرف فقط عشرين في المئة من وقتك في زيادة ثقافتك الأسرية وهي تحقق ثمانين في المئة من إنجازاتك أو نفعك للناس في هذا الجانب . حتى ولو كنت تاجرا فعشرين في المئة فقط من حركتك التجارية تحقق ثمانين في المئة من أرباحك . نعود لخطتك اليومية والأفضل أن تكون الخطة أسبوعية بعدد ساعات معينة حتى لا تخفق في تنفيذها فإن الخطط اليومية قد تفوت أحيانا مع زحمة المشاغل ؛ فإذا كانت أسبوعية استطعت أن تعوض ما فات في يوم معين في غيره من الأيام . ومهم جداً أن تكون الخطة ليست ممكنة التنفيذ فقط ؛ بل سهل الاستمرار عليها حتى لا تقطعها . فمهما كان ما تفعله قليلا إلا أنه سيكون له أثر كبير مع الاستمرار . وكم من خطط قوية وضعها الانسان لكنه لم يستمر عليها ، ومع مرور الأعوام ونظره لما فات قال ليتني كنت عملت برنامجا مختصراً سهل التنفيذ فأكون أنجزت إنجازا عظيما . ومن أمثلة ذلك حفظ القرآن كم وضع الانسان لنفسه برنامجا بحفظ وجهين أو ثلاثة وتمضي الأيام ولم يحقق شيئا ولو أنه حفظ كل يوم آية واحدة فقط لأتم حفظ القرآن مع مرور الوقت . ومن المهم أن تركز على الأشياء التي تحبها وممكن أن تنجز فيها ولا تقلد أحدا في ذلك فمن لم تخلق فيه مواصفات العالم لن يكون عالما ولو اعتكف في مكتبته . وفي العلم تخصصات كثيرة فتوجه لما ترتاح له نفسك وتحب القراءة فيه . ومن المهم جداً أن تحترم الجدول الذي تضعه لنفسك وتجعل من يعيش معك يحترمه أيضاً . ولا مانع أن تستفيد ممن تتوقع منه الفائدة في رسم خطتك . نعود لقاعدة بريتو عشرين في المئة من اليوم تعادل خمس ساعات إلا ثلث تقريب. قل أربع ساعات فقط . ضع جدولك بحيث تستثمر أربع ساعات يوميا استثمارا حقيقا في المجال الذي ترى أن لك فيه إنجازات أو اهتمام أو شغف وحب . وفي الأسبوع الواحد ستكون استثمرت (٢٨) ساعة . أتوقع أنه ليس وقتا قليلا ؛ والدليل أنك لو استثمرت نصفه أسبوعيا وهو (١٤)؛ ساعة فقط استثمارا حقيقا سيكون لك شأن مهم في حياة الأمة إن شاء الله. فمن استطاع أن يستثمر أربع ساعات فهذا شيء رائع جداً ومن لم يستطع فليس أقل من ساعتين . سيقول البعض ساعتين ممكن يستثمرها أي شخص وأنا أقول هي الحد الأدنى والعبرة ليس بتنفيذها فقط بل بالاستمرار عليها ؛ تخيلوا شخصا يستغل هذه الساعتين لمدة عشر سنوات كيف سيكون ؟ ولو وجدت من له مثل اهتماماتك وسرتم في جدول موحد فلاشك أن ذلك معين على الاستمرار بشرط أن تكون الجدية هي الغالبة عليكما . ومن أراد المساعدة في عمل برنامج يومي له فيسعدني خدمته بشرط أن يلتزم بتنفيذ الجدول . وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . مصلح بن زويد العتيبي ١٤٣٥/١./١٤ هـ . صيد الفوائد |
تعليق