لأعمال الجماعية
د./محمد العبدة*
كان الجيل الأول من الصحابة - رضوان الله عليهم - على فهم عميق بمقاصد الإسلام ومراميه في إصلاح البشر ، وكانت الأمة يومها في حالة إنشاء وتأسيس وتيقظ واندفاع ، فهي تقوم بالأعمال الحضارية بصورة عفوية تأتي من طبيعة الإسلام نفسه .
في مثل هذه الأجواء قام الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بعمل علمي كبير يؤكد حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي .. ) .
لقد خشي عثمان - رضي الله عنه - من تفرق المسلمين واختلافهم في قراءات القرآن ، فعزم على جمعهم على مصحف واحد ، وشكل لهذا الأمر لجنة علمية من : زيد بن ثابت ، عبد الله بن الزبير ، سعيد بن العاص ، عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وسأل عن أفصح هؤلاء ، فقيل له سعيد بن العاص ، فقال : فليمل سعيد وليكتب زيد ، وقال لهم أيضاً : ( إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ) .
وقامت هذه اللجنة بمهمتها - وربما تكون أول لجنة علمية في الإسلام - وأرسلت المصاحف إلى الأمصار ، واجتمع الناس على مصحف إمام .
أليس هذا عملاً عظيماً ، وهو من صميم حضارة الإسلام ؟ وإن عمل هذه اللجنة يلفت نظرنا إلى ما عليه حال المسلمين اليوم من البعد عن الأعمال الجماعية والعلمية بخاصة ، حيث تجتمع الطاقات وتحشد الجهود ، ويستفيد كل واحد من الآخر ، والسبب في هذا أنه لم تترسخ عندنا المؤسسات العلمية التي تقوم على الجهد المشترك لإخراج أعمال لا يستطيع الفرد أن يقوم بها ، وإن فعل فسيكون إنتاجه ضعيفاً .
إن التخلف الحضاري الذي نعيشه والذي ورثناه يبعدنا عن العمل المؤسسي ، فالفردية متأصلة فينا ، ويصعب على الفرد أن يشاركه غيره في عمل علمى ، لأنه لم يتعود على الحوار والمشاركة ، وسماع وجهات النظر الأخرى .
إن الأعمال والجهود المتعاونة إذا كانت ضمن منهج علمي واضح ستؤدي إلى نتائج يتفق عليها الجميع .
الأعمال الجماعية
د./محمد العبدة*
كان الجيل الأول من الصحابة - رضوان الله عليهم - على فهم عميق بمقاصد الإسلام ومراميه في إصلاح البشر ، وكانت الأمة يومها في حالة إنشاء وتأسيس وتيقظ واندفاع ، فهي تقوم بالأعمال الحضارية بصورة عفوية تأتي من طبيعة الإسلام نفسه .
في مثل هذه الأجواء قام الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بعمل علمي كبير يؤكد حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي .. ) .
لقد خشي عثمان - رضي الله عنه - من تفرق المسلمين واختلافهم في قراءات القرآن ، فعزم على جمعهم على مصحف واحد ، وشكل لهذا الأمر لجنة علمية من : زيد بن ثابت ، عبد الله بن الزبير ، سعيد بن العاص ، عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وسأل عن أفصح هؤلاء ، فقيل له سعيد بن العاص ، فقال : فليمل سعيد وليكتب زيد ، وقال لهم أيضاً : ( إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ) .
وقامت هذه اللجنة بمهمتها - وربما تكون أول لجنة علمية في الإسلام - وأرسلت المصاحف إلى الأمصار ، واجتمع الناس على مصحف إمام .
أليس هذا عملاً عظيماً ، وهو من صميم حضارة الإسلام ؟ وإن عمل هذه اللجنة يلفت نظرنا إلى ما عليه حال المسلمين اليوم من البعد عن الأعمال الجماعية والعلمية بخاصة ، حيث تجتمع الطاقات وتحشد الجهود ، ويستفيد كل واحد من الآخر ، والسبب في هذا أنه لم تترسخ عندنا المؤسسات العلمية التي تقوم على الجهد المشترك لإخراج أعمال لا يستطيع الفرد أن يقوم بها ، وإن فعل فسيكون إنتاجه ضعيفاً .
إن التخلف الحضاري الذي نعيشه والذي ورثناه يبعدنا عن العمل المؤسسي ، فالفردية متأصلة فينا ، ويصعب على الفرد أن يشاركه غيره في عمل علمى ، لأنه لم يتعود على الحوار والمشاركة ، وسماع وجهات النظر الأخرى .
إن الأعمال والجهود المتعاونة إذا كانت ضمن منهج علمي واضح ستؤدي إلى نتائج يتفق عليها الجميع .
تعليق