ما الذي بيننا وبين الله ؟
ـ فيعتاد المرء فعل المعصية وهو يصلي ويصوم ويسبح ويتصدق ويستغفر ..
ـ فتجد المرء يلبس السلاسل وهو يصلي ، وتجده يدخن وهو يحافظ على الصلاة ، وتجده يسب ويلعن وهو يصلي ، وتجده يأكل المحرم من ربا ونحوه وهو يفعل الطاعات ، وتجده متعبدا لله ويترك أولاده بدون تربية ... ما أغرب هذا الأمر ... أيصدر من هذا الرجل العابد المحافظ على الطاعات والقربات معصية ؟ بل هل يداوم على فعل المعصية ؟!
ـ تجد المرأة تصلي وتلبس القصير من الثياب ، وتجد الرجل يصلي وهو يشرب الدخان ، وتجد الموظف يصلي ويرتشي ، ويتهرب من العمل ولا يتقنه ، وتجد الراقصة والممثل والمغني يفعلون المحرم ثم يحجون ويعتمرون ويتصدقون ويقيمون موائد لإفطار الصائمين ...، وتجد الرجل يديم المعصية من مشاهدة للمحرمات ثم هو من القراء والحفاظ والدعاة والعلماء ... ( فرب قاريء للقرآن والقرآن يلعنه ) ، وتجد الشيطان يغوي الناس ويقول : إني أخاف الله رب العالمين ، وإني كفرت بما أشركتموني من قبل ....
ـ هل المفترض في الطائع العابد العالم الداعي إلى الله تعالى ( العصمة ) ؟
كلا .
ـ وهل تجتمع المعصية والطاعة في رجل مسلم ؟
نعم تجتمعان ، وهذا مشاهد بيننا .
ـ وهل يعلم الطائع لله أن ما يفعله من معصية معصية محرمة ؟
ربما يؤول ذلك ، وربما يعترف ويقرّ بأنه يرتكب المحرم ..
ـ هل إدامة المعصية والاستمرار فيها من قبل صاحب الطاعة ضعف منه ؟
ربما ضعفا منه ، وربما عنادا وكبرا ، وربما وسوسة من الشيطان ، وربما جهلا .
قال تعالى : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ).
وقال تعالى : ( ثمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ).
وقال تعالى : ( وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ ).
ـ ويختلف الدائم للمعصية والفاعل للقربات والطاعات بحسب إسراره وجهره بالمعصية ...
فقد يسر بالمعصية ، وقد يجهر بها ...
ـ والمجتمع له دور كبير في نشر ثقافة التوسع في المعصية مع وجود الطاعة ...
كمشاهدة فيلما أو أغنية ثم يقطع ذلك ويأتي أذان صلاة العصر ثم يعاود ذلك الفيلم والأغنية ... وهكذا ...
ـ وهذا الأمر الذي نتحدث عنه من الدقائق الخفية بين المرء وربه .. ومن الخلوة بمحارم الله ... ولا يخفى ضياع هذا الأمر والغفلة عنه في هذه الأيام ...
__________________
تعليق