إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل يجوز طلب الشفاعة أو الدعاء من الميت ؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل يجوز طلب الشفاعة أو الدعاء من الميت ؟

    قال الشيخ ابن عثيمين في تعليق له على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم: سؤال الميت أن يسأل الله أو سؤال قضاء الحاجة بينهما فرق، إذا سأل قضاء الحاجة فهذا شرك أكبر، وإذا سأل أن يسأل الله فهذا بدعة وضلالة، لأن الميت إذا مات انقطع عمله، والدعاء من عمله، فكيف تسأله ما لا يمكن فإذا جئت إلى ميت وقلت: ادع الله لي، فإنه لن يدعو الله لك، ومن ذلك تقول عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم: اشفع لي، فإن هذا حرام وبدعة منكرة، لكن إذا قلت: يا رسول الله أنجني من النار، كان شركا أكبر. اهـ.

    فلا يجوز طلب الدعاء أو الشفاعة من الميت ، وخاصة عند قبره ؛ لأنه يكون عنده أشد تعلقا به ، وهذا من البدع المنكرة والوسائل المفضية إلى الشرك وسؤال غير الله ، وقد يصل به الحال إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة ، وهو يحصل كثيرا في هؤلاء ؛ لشدة تعلقهم بالميت .
    والشفاعة إنما تطلب من الله ، لا من المخلوقين ، ويأذن الله في الشفاعة لمن يشاء من عباده الصالحين ويرضى ، وذلك لا يكون إلا يوم القيامة .
    قال الله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه ) يونس/18 ، وقال تعالى : ( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) الزمر/43-44
    وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فاطر13/14


    وقد روى البخاري (1010) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ : " اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا " قَالَ : فَيُسْقَوْنَ .
    فلو كان طلب الشفاعة والتوسل بالأموات جائزا لما عدل الصحابة رضي الله عنهم عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به إلى العباس رضي الله عنه .
    وهذا أمر متفق عليه بين علماء المسلمين قديما وحديثا ، لا خلاف بينهم فيه ، إنما يخالف فيه من لا يعتد بخلافه من أهل البدع .




    ومن المنقول عن أهل العلم في ذلك :
    قال شيخ الإسلام رحمه الله :
    " لَيْسَ فِي الزِّيَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ حَاجَةُ الْحَيِّ إلَى الْمَيِّتِ وَلَا مَسْأَلَتُهُ وَلَا تَوَسُّلُهُ بِهِ ؛ بَلْ فِيهَا مَنْفَعَةُ الْحَيِّ لِلْمَيِّتِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَرْحَمُ هَذَا بِدُعَاءِ هَذَا وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِ وَيُثِيبُ هَذَا عَلَى عَمَلِهِ " انتهى . "مجموع الفتاوى" (27 / 71)
    وقال أيضا رحمه الله :
    " وما يفعلونه من دعاء المخلوقين كالملائكة أو كالأنبياء والصالحين الذين ماتوا مثل دعائهم مريم وغيرها وطلبهم من الأموات الشفاعة لهم عند الله لم يبعث به أحد من الأنبياء " انتهى .
    "الجواب الصحيح" (5 / 187)


    وقال أيضا :
    " الثَّانِيَةُ : أَنْ يُقَالَ لِلْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ : اُدْعُ اللَّهَ لِي أَوْ اُدْعُ لَنَا رَبَّك أَوْ اسْأَلْ اللَّهَ لَنَا كَمَا تَقُولُ النَّصَارَى لِمَرْيَمَ وَغَيْرِهَا ، فَهَذَا أَيْضًا لَا يَسْتَرِيبُ عَالِمٌ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ ، فلَيْسَ مِنْ الْمَشْرُوعِ أَنْ يُطْلَبَ مِنْ الْأَمْوَاتِ لَا دُعَاءٌ وَلَا غَيْرُهُ . وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : " السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتِ " ثُمَّ يَنْصَرِفُ . وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ : رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُو لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ . وَكَذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ نُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا أَرَادُوا الدُّعَاءَ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَدْعُونَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ .
    وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ - مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ " انتهى
    "مجموع الفتاوى" (1 / 351-352)




    وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
    " لا يجوز أن تطلب منه الشفاعة ولا غيرها كسائر الأموات ؛ لأن الميت لا يطلب منه شيء وإنما يدعى له ويترحم عليه إذا كان مسلما ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة .
    فمن زار قبر الحسين أو الحسن أو غيرهما من المسلمين للدعاء لهم والترحم عليهم والاستغفار لهم كما يفعل مع بقية قبور المسلمين - فهذا سنة ، أما زيارة القبور لدعاء أهلها أو الاستعانة بهم أو طلبهم الشفاعة - فهذا من المنكرات ، بل من الشرك الأكبر " انتهى .
    "مجموع فتاوى ابن باز" (6 / 367)



    وقال :

    " لا يجوز لأحد أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة ؛ لأنها ملك الله سبحانه ، فلا تطلب إلا منه ، كما قال تعالى : ( قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا )
    فتقول : " اللهم شفع في نبيك ، اللهم شفع في ملائكتك ، وعبادك المؤمنين ، اللهم شفع في أفراطي " , ونحو ذلك . وأما الأموات فلا يطلب منهم شيء ، لا الشفاعة ولا غيرها ، سواء كانوا أنبياء أو غير أنبياء " انتهى .
    "مجموع فتاوى ابن باز" (16 / 105)




    وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
    " ومن الشبه التي تعلقوا بها : قضية الشفاعة ؛ حيث يقولون : نحن لا نريد من الأولياء والصالحين قضاء الحاجات من دون الله ، ولكن نريد منهم أن يشفعوا لنا عند الله ؛ لأنهم أهل صلاح ومكانة عند الله ؛ فنحن نريد بجاههم وشفاعتهم .
    والجواب : أن هذا هو عين ما قاله المشركون من قبل في تسويغ ما هم عليه ، وقد كفَّرهم الله ، وسمَّاهم مشركين ؛ كما في قوله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) انتهى .
    "الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد" (ص 70-71)


    - أما تكليم النبي صلى الله عليه وسلم لأهل القليب يوم بدر وسماعهم كلامه : فهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم في موقف خاص ؛ إذلالا للكفر وأهله : أحياء وأمواتا .
    قَالَ قَتَادَةُ : " أَحْيَاهُمْ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا " .
    رواه البخاري (3976)
    فلا يصح بل لا يجوز أن يقاس عليه سؤال الأموات الشفاعة عند ربهم والدعاء ، بل هذا من أفسد قياس وأشأمه .



    قال علماء اللجنة الدائمة :
    " إذا مات الإنسان ذهب سمعه فلا يدرك أصوات من في الدنيا ولا يسمع حديثهم ، قال الله تعالى : ( وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) فأكد تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى ، والأصل في المشبه به أنه أقوى من المشبه في الاتصاف بوجه الشبه ، وإذاً فالموتى أدخل في عدم السماع وأولى بعدم الاستجابة من المعاندين الذين صموا آذانهم عن دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام وعموا عنها ، وقالوا : قلوبنا غلف ، وفي هذا يقول تعالى : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ) ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) .
    وأما سماع قتلى الكفار الذين قبروا في القليب يوم بدر نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم وقوله لهم : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا وقوله لأصحابه : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم حينما استنكروا نداءه أهل القليب فذلك من خصوصياته التي خصه الله بها فاستثنيت من الأصل العام بالدليل ، وهكذا سماع الميت قرع نعال مشيعي جنازته مستثنى من هذا الأصل ، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ) مستثنى من هذا الأصل " انتهى .
    "فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /478-479)
    فالأصل أن الميت لا يسمع ؛ لأنه مات ، فبطل سمعه وبصره وكلامه بذهاب روحه ، لكن يستثنى من ذلك ما ورد الدليل الصحيح به دون غيره .
    سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    ما هو الراجح في سماع الموتى ؟

    فأجاب :
    " الراجح ما جاءت به السنة ، وهذا ثابت وليس فيه إشكال كما في الحديث : ( إن الإنسان إذا انصرف عنه أصحابه بعد دفنه يسمع قرع نعالهم ) وكما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف على القتلى في قليب بدر يؤنبهم ويوبخهم ، ولما قالوا : ( يا رسول الله ! كيف تكلم هؤلاء ؟ قال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) ومثلما جاء في الحديث أيضا ً: ( ما من مسلم يسلم على قبر يعرفه في الدنيا إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام ) ، وإلا فالأصل أنهم لا يسمعون ؛ لأن أرواحهم قد فارقت أجسادهم ، لكن ما جاءت به السنة لابد من الإيمان به " انتهى .
    "لقاء الباب المفتوح" (222 /25)
    وقال رحمه الله أيضا :
    " لكن على فرض أنهم يسمعون فإنهم لا ينفعون غيرهم ، بمعنى أنهم لا يدعون الله له ، ولا يستغفرون الله له ، ولا يمكنهم الشفاعة لهم .
    وإنما قلت ذلك لئلا يتعلق هؤلاء القبوريون بما قلت ، ويقولون : ما دام أنهم يسمعون – إذاً - هذا من أولياء الله ، نسأله أن يسأل الله لنا ، أو أن يشفع لنا عند الله ! فهذا غير وارد أصلاً ؛ لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " انتهى .
    "لقاء الباب المفتوح" (87 /14)
    والله أعلم .


    ....................

    مَفَاسِدُ الْبِدَعِ




    قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَذِّرُ مِنَ الْبِدَعِ؛ فَعَنِ العِربَاضِ بْنِ سَارِّيَةَ-رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقَلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقُلْنَا: كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُودِعُ فَأَوْصِنَا، قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يُعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اِخْتِلَاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسَنَتِي وَسَنَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بُدُعَةٍ ضُلَّالَةٍ»؛ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ.



    وبالنسبة للوارد من آراء الأئمة الأربعة، فقد جاء في الدر المختار -وهو من أشهر كتب الحنفية- ما نصه: عن أبي حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها. اهـ
    وقال في البحر الرائق -وهو من الكتب المعتمدة عند الحنفية- أيضاً: لا يجوز أن يقول: بحق فلان عليه، وكذا: بحق أنبيائك وأوليائك ورسلك والبيت والمشعر الحرام، لأنه لا حق للمخلوق على الخالق. اهـ




    وَالْبِدْعَةُ طَرِيقَةٌ مُخْتَرَعَةٌ فِي الدِّينِ لَيْسَ لَهَا دَليلٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سَنَةٍ، وَلَمْ تُرِدْ فِي الشَّرَعِ، يَقْصِدُ مُخْتَرَعُهَا التَّقَرُّبَ بهَا إِلَى اللهِ عِزَّ وَجَلَّ.


    وَكُلُّ الْبِدِعِ مَرْدُودَةٌ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحَدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدُّ»، «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمَرُنًا فَهُوَ رَدُّ».


    وَقَدْ حَكَمَ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْبِدِعِ كُلِّهَا بِأنهَا ضَلَاَلَةٌ، فَقَدْ كَانَ يَقُولُ فِي خُطَبِهِ: «إِنَّ خَيْرَ الْحَديثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْي هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَّالَةٌ»؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.


    وَقَالَ اِبْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-:" كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَاَلَةٌ وَإِنْ رَآهَا النَّاسُ حَسَنَةً "، وَقَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَّ اللهُ عَنْهُ: " اِتْبَعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا؛ فَقَدْ كَفَيْتُم كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَاَلَةٌ".


    وَقَالَ الْإمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ-:" أُصولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا: التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْاِقْتِدَاءُ بِهُمْ، وَتَرْكُ الْبِدَعِ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلَاَلَةٌ".


    وَقَالَ الْإمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: مَنِ اِبْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسْنَةً فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدَاً خَانَ الرِّسَالَةَ؛ لِأَنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة: 3]. فَمَا لَمْ يَكْنِ يَوْمَئِذٍ دِينًا فَلَا يَكْوُنُ الْيَوْمَ دِينًا.


    وَالْبُدُعُ الْمُحْدَثَةُ لَهَا أَضْرَارٌ وَأَخْطَارٌ، فَالْبِدَعُ بَريدُ الْكَفْرِ؛ قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَّ اللهُ عَنْهُمَا-: إِنَّ أَبِغَضَّ الْأُمُورِ إِلَى اللهِ الْبِدَعُ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الْبِدْعَةُ أَحِبُ إِلَى إبْلِيسَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، الْمَعْصِيَةُ يُتابُ مِنْهَا وَالْبِدْعَةُ لَا يُتابُ مِنْهَا.


    وَمِنْ مَفَاسِدِ الْبِدِعِ أَنَّهَا تَمْحُو السُّنَةَ، فَكُلَّمَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ تُرَكَتْ سُنَّةُ، وَهَكَذَا حَتَّى تَكَثُّرَ الْبِدَعُ، وَتَضْمَحِلَّ السُّنَنُ، وَيَتَلَاشَى الدِّينُ شَيْئًا فَشَيْئًا.


    وَأَصْحَابُ الْبِدَعِ يَزْهَدُونَ فِي السُّنَنِ، بَيْنَمَا يَنْشَطُونَ فِي الْبِدَعِ، مَعَ مَا يَحْتَفُ بِهَذِهِ الْبِدَعِ مِنَ الْمُنْكِرَاتِ، وَذَلِكَ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ بِهِمْ، وَتَزْيِينِهِ الْبَاطِلَ فِي أَعَيْنَهُمْ، فَالْبِدَعُ ظُلْمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضِ.


    لِقَدْ حَدَثَتِ الْبِدَعُ فِي أواخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-فَتَصَدَّوا لَهَا بِالْبَيَانِ وَقُوَّةِ السُّلْطَانِ، حَتَّى اِنْكَشَفَتْ ظلُمَاتُهَا، وَهَكَذَا فِي كُلِّ زمَانٍ يهيِّئُ اللهُ مِن الولاةِ وَالعُلمَاءِ مَنْ يَقْمَعُ البِدَعَ، وَينشرُ السُنَنَ.


    وَبَعْدَ الْقُرُونِ الْمُفَضَّلَةِ وَعَلَى حِينَ فَتْرَةٍ مِنْ ضِعْفِ الْأُمَّةِ وَتَفَرُّقِهَا، ظَهرَتْ البدَعُ وَتتابَعَتْ، وَرَاجَ سُوقُهَا؛ وَأَوَّلُ مَنْ أَحَدَثَ الْمَوَالِدَ هُمِ الْعُبَيْدِيُّونَ الْبَاطِنِيُونَ فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ فَاِبْتَدَعُوا الْمَوْلِدَ النَّبَوِي، وَغيرَهُ مِنَ الْمَوَالِدِ، وَهَدَفَهُمْ مِنْ ذَلِكَ نَشْرُ مَذْهَبِهِم الْبَاطِنِيُ الْخَبِيثُ؛ وَأَقَامُوا الْمَوَائِدَ فِي الْمَوَالِدِ، لِاِسْتِمَالَةِ الْعَوَّامِ وَنَشْرِ الْبِدَعِ.





    فَاِتَّقَوْا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَكَونُوا مِنَ الَّذِينَ قَالِ اللهِ فِيهُمْ ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].



    اللَّهُمُّ أَعذْنَا مِنَ الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ فِي الدِّينِ، وَوَقُّفَنَا لِلْاِعْتِصَامِ بِكِتَابِكَ الْمُبَيِنِ، وَسَنَةِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ.


    أقوُلُ قَوْلِي هَذَا، واسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلكُم ولسَائرِ المُسلِمينَ مِنْ كُلِ ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفِرُوهُ، إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَحِيمُ.




    المصدر

    اسلام سؤال وجواب

    اسلام ويب

    شبكة الالوكة




يعمل...
X