إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العقيدة الإسلامية وربطها بشعب الإيمان - اللقاء الثاني - الدكتور/ محمد جودة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [حصري] العقيدة الإسلامية وربطها بشعب الإيمان - اللقاء الثاني - الدكتور/ محمد جودة



    الإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة وهذه الشريعة هي التي تنظم حياة الانسان
    الاسلام عقيدة وعملٌ، ولا يَصِح عملٌ بلا اعتقادٍ، ولا ينفع عمل بلا عقيدة صحيحة




    نقدم لكم الحلقة الثانية من مسابقة دورة:
    شرح كتاب العقيدة الإسلامية وربطها بشُعب الإيمان للشيخ الصادق الغرياني
    مع الدكتور/ محمد جودة


    لسماع الحلقة الثانية وتحميلها صوت من
    هنـــا

    لتحميل التفريغ pdf من
    هنــا

    لتحميل التفريغ word من
    هنــا




    للتفاصيل والاشتراك من هنا:
    https://goo.gl/9jnnv1


    فهرس مسابقة: دورة شرح كتاب العقيدة الإسلامية
    وربطها بشعب الإيمان للشيخ الصادق الغرياني مع الدكتور محمد جودة


    التعديل الأخير تم بواسطة آمــال الأقصى; الساعة 05-04-2018, 01:14 AM.


    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

  • #2
    حياكم الله وبياكم الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم: تفريغ:
    العقيدة الإسلامية وربطها بشعب الإيمان - اللقاء الثاني - الدكتور/ محمد جودة

    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، المبعوث رحمةً لخَلْق الله، ثم أمَّا بعد،
    فلا زلنا بحَمْد الله وطَوْله وفَضْله مع قراءة كتاب العقيدة الإسلاميَّة وربَطْها بشُعَب الإيمان، للدكتور الصادق بن عبد الرحمن الغرياني، وانتهينا بفضل الله من الفصل الأول والفصل الثاني من الباب الأول، ووصلنا للفصل الثالث.
    طيب نرجع تاني كده نعرف إيه هي الأبوب والفصول؛ الباب الأول: كان في التوحيد وما يجب الإيمان به، خلّصنا الفصل الأول اللي هو الاعتقاد، وخلّصنا الفصل الثاني وهو الإيمان والإسلام، ووصلنا للفصل الثالث وهو وجود الله -سبحانه وتعالى-.

    الباب الأول: في التوحيد وما يجب الإيمان به
    الفصل الثالث: وجود الله
    • وجود الشيء لا يتوقف على إدراكه
    الشيخ وضع عنوان جانبي في الفصل الأول بيقول: وجود الشيء لا يتوقَّف على إدراكه، يعني إيه الكلام ده؟ يعني بيقول لك مش كُلّ حاجة انت لا تدركها مش موجودة، والدليل على كده إيه؟ طبعًا الإدراك هنا هو الإدراك الحِسِّي، اللي هو سمعتها أو شُفتها أو لمستها، ده معنى الإدراك الحسّي، تمام؟
    فمثلًا بيقول لك: لو سألت العاقل أين عقلك؟ أو أين روحك؟ فين عقلك؟ فين روحك؟ هل انت شايف عقلك؟ هل انت شايف روحك؟ هل انت لمستها؟ هل انت مسكتها بإيديك؟ هل سمعتها؟ طبعًا الحاجات دي لا تُدْرَك بالحواس، هل هي موجودة؟ بلا شكّ هي موجودة.
    يبقى إذن بيقول لك إنّ وجود الشّيء لا يتوقّف على إدراكه، فمش كل شيء غير مُدْرَك بالحواس هو غير موجود، لإنّ دي المسألة اللي هتنتهي في الآخر إنك تقول: "أَرِنَا اللَّـهَ جَهْرَةً" النساء:١٥٣. لإنّ أنا عايز أُدْرِك ربّنا بالحواس وإلّا هو مش موجود، فبيقول لك: لا، القاعدة دي غلط من البداية، وجود الشيء لا يتوقَّف على إدراكه.

    "فلو سألت العاقل: أين عقلك؟ أو أين روحك؟ ما قدر أن يُجيب، ولو قيل لآخر قبل مائة سنة: إنه لو وضعنا ورقةً مكتوبةً في آلةٍ صغيرة، وضغطنا على أزرارها، فإنَّ صورةً طِبْق الأصل لتلك الكتابة تخرج في التَّوِّ والحين مكتوبةً في متناول مَن أرسلت إليه في اليابان أو في غيرها.." يعني بيتكلّم لو انت دلوقتي جبت أيّ ورقة وبَعتَّها بالفاكس لمكان بعيد جدًّا في اليابان أو في دولة بعيدة عنك جدًّا، وقُلت لواحد الكلام ده من مائة سنة استحالة يصدّقك، ليه؟ قال: ".. فعقل الإنسان محدودٌ بقانون الزمان والمكان.." يعني بيقول لك الإنسان بطبيعته إنّ عقله محدود بقانون الزمان والمكان اللي هو عايش فيه، فلو قُلت له حاجة مخالفة لقانون الزمان والمكان اللي هو عايش فيه عمره ما هيصدّقها، بس عدم تصديقه لها لا ينفي وجودها، لأنّ وجود الشيء لا يتوقف عل إدراكه، الإدراك بتاعنا محدود بالزمان والمكان وما نعيش فيه، فهو بيؤصّل قاعدة، إيه القاعدة؟
    بيقول لك: ".. وأمور الغيب كلها خارجةٌ عن هذا القانون.." بيقول لك إنّ كل أمور الغيب خارجة عن قانون الزمان والمكان اللي احنا عايشينه فعُمْرنا ما هندركه، وعدم إدراكنا له مش معناه إنّه مش موجود، ولكن معناه إنّه خارج إطار الإدراك، بس، دي القاعدة اللي هو عايز يؤصّلها.

    بيتكلّم بعد كده بيقول لك إنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- عرَّف الصحابة إنّ هيأتيك وَسْوَسَة فقال:"لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟"، يعني هيجيلك السّؤال الشيطان ييجي يقول لك إنّ ربّنا خَلَق الخَلْق، طب مين اللي خلق ربّنا؟ "فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ" صحيح مسلم.
    وفي رواية: "إذا وجدت شيئًا من ذلك، فقُل: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليم" [1].
    ومعنى إنَّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلَّم به، "أيْ نجد الشيء القبيح، نحو: مَن خلق الله؟ وكيف هو؟ ومِن أيّ شيءٍ هو؟ ونحو ذلك مما يعظم على النفس النُّطْق به، فما حُكْم جريان ذلك على خواطرنا؟. ومعنى "ذاك صريح الإيمان": أنَّ تحرُّجكم من ذلك وردّكم لما يلقيه الشيطان في نفوسكم وكراهيتكم لذلك هو صريح الإيمان.

    وفي المثل الذي ضربه الله -عزَّ وجلَّ- لنفسه في قَوْله "اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"النور:٣٥، لَفْتٌ إعجازيٌّ للعقول بأنَّه -سبحانه وتعالى- لا يُدْرَك، ولايراه أحد بعينيه في الدنيا يقظة، فقد أعطى العلمُ الحديث بُعْدًا جديدًا لمدلول الآية الكريمة، فالعلم يقول: إنّ النور لا يُرى في ذاته، وإنّما يُرى بواسطة الأشياء إذا انعكس عليها، أو تخلَّلَته، كأنْ ينعكس على حائط، أو يتخلّله غبارٌ أو ماء.
    لذا فإنَّ الإنسان كُلَّما صعد في الفضاء، وابتعد عن الأجرام والمواد، وانعدم ما يتخلَّل الهواء من الأجسام، أطبقت عليه الظُّلمة، مع أنَّه نسبيًّا يكون أقرب إلى الشمس مصدر النور".
    يعني عايز يقول إيه؟ بيقولَّك في قَوْل الله -عزَّ وجلَّ-، يقول في قَوْل الله -عزَّ وجلّ-: "اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"، لَفْتٌ إعجازيّ أنّ النور لا يُرى، ولكن تُرى آثاره.

    هيبدأ بقا يتكلّم على الأدلّة على وجود الله -سبحانه وتعالى-.
    • الدليل على وجود الله تعالى
    باختصار شديد جدًّا قال: الدليل على وجود الله -سبحانه وتعالى- "يدلّ على وجود الله الفطرة السليمة، والعقل الصحيح"، يبقى بيقسّم الأدلة التي تدلّ على وجود الله إلى نوعين من الأدلّة: أدلّة الفطرة، وأدلّة العقل، وطبعًا احنا عملنا شرايط قبل كده اسمها "هل الله موجود؟" [2] موجودة على قناتنا على الساوند كلاود، الشريط تقريبًا حوالي ساعة إلا ربع، اتكلّمنا على أدلّة الفطرة والعقل بالتّفصيل، لكن هو بيجملها هنا، بيقول فيه حاجة اسمها أدلة الفطرة وأدلة العقل، وفيما يلي بيان ذلك:

    ١. نداء الفطرة
    أوّل حاجة نداء الفطرة، بيقول إيه؟ بيقول لك إنّ أيّ إنسان مِن جوّاه يجد أمرًا فطريًّا، ويجد حاجةً فطريّة إلى التَّعَبُّد وإلى دعاء الله -عزَّ وجلّ-. وطبعًا ده دليله في القرآن "وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ" الإسراء:٦٧، وقَوْل الله -عز وجل-: "وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ" لقمان:٣٢.
    وطبعًا معروف المثل العربي اللي بيقول: "كل الناس ملحدون حتى تسقط الطائرة"، نفس المعنى اللي في الآية إنّ الإنسان قد يدَّعي الإلحاد لكن حين يضطر ويقع في مأزق شديد ينادي الله -عزَّ وجلّ- ويظهر إيمانه الفطريّ اللي هو كان موجود. كذلك معروف في المثل الأجنبي يقول: "There are no atheists in foxholes"، يعني لا يوجد ملاحدة في الخنادق، وبرضه نفس الفكرة إنّ الإنسان حين يكون في خندق الحرب، ويوقن بالموت، ويشعر بالاضطرار، ساعتها يظهر إيمانه الفطريّ. فبيقول لك إنّ دي حاجة فطريّة.
    وكذلك قال الله -عزَّ وجلّ-: "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ" العنكبوت:٦١، الإنسان مش هيجد إجابة أخري، مش هيدَّعي إنّ هو اللي خلقها أو ذلك.

    ٢. نداء العقل
    ثانيًا: نداء العقل، قال: علاوة على نداء الفطرة الذي يجده الإنسان في نفسه يدعوه إلى الإيمان هناك نداء ٌللعقل، فبيتكلم على أدلّة العقل، فبيقول: "يستحيل وجود أثرٍ من غير مؤثّر"، وده طبعًا الكلام اللي قاله الأعرابي قبل كده اللي هو قال إيه الأعرابي؟ قال: "الأثر يدلّ على المسير، والبعرة تدلّ على البعير.."، رجل أعرابي قاعد في الصحراء، بيسألوه إيه دليل وجود الله -سبحانه وتعالى-؟ قال لهم لو فيه أثر دلوقتي للأقدام في الصحراء قُدَّامكم دي بتدلّ على إيه؟ على المسير، إنّ فيه حدّ عدَّى من هنا، والبعرة تدلّ على البعير، يعني لو فيه بعرة مرميّة في الصحراء لقيناها يبقى فيه بعير عدَّى من هنا هو الذي أخرج هذه البعرة، البعرة اللي هي روث البعير.
    فقال: "الأثر يدلّ على المسير، والبعرة تدلّ على البعير، فسماءٌ ذات أبراج، وبحارٌ ذات أمواج، وأرضٌ ذات فجاج، ألا تدلّ على اللطيف الخبير؟" بلا شكّ هي تدلّ عليه -سبحانه وتعالى-.
    فده المبدأ الأول اللي هو الأثر يدلّ على المؤثّر، ويستحيل وجود سببٍ من غير مُسَبِّب.
    • المصنوعات تدلّ على صانعها
    بعد كده اتكلّم قال: المصنوعات تدلّ على صانعها، دي طبعًا حاجة مفيش فيها فصال إنّ كل مصنوع يدلّ على الذي صنعه، يعني مثلًا لو جِبنا عربيّة مثلًا متقدّمة جدًّا في التكنولوجيا بتاعت السيّارات، فبتدلّ على أنّ الصانع بتاعتها عالِم جدًّا بالتكنولوجيا والهندسة والسّرعات والتحكُّم والميكانيكا والكلام ده كله، كذلك مثلًا حاجة طبّيّة، بتدلّ على إنّ اللي عملها راجل فاهم جدًّا في الطّبّ و.. و..، حاجة تانية مثلًا هندسيّة بتدلّ على إنّ اللي عملها مهندس بارع، وهكذا، يبقى إذن المصنوع يدلّ على صانعه، تمام؟ فهو بيتكلّم أن الكون كله وما فيه من إتقان، وما فيه من دقة وعلم وحكمة يدلّ على صفات الله -سبحانه وتعالى- من العلم والحكمة والإتقان -سبحانه وتعالى-.
    • الصدفة في خلق الكون لا يقبلها العقل
    بعد كده بيتكلّم على مسألة خطيرة جدًّا وهي شبهة الملاحدة، شبهة الملاحدة إنّ هما بيقولوا إنّ الكون جاء بالصدفة، فيقول: الصدفة في خَلْق الكون لا يقبلها العقل، يعني بيقول لك لو جينا نقول إنّ الكون جه بالصّدفة، الكلام ده لا يقبله العقل، ليه؟
    قال لك: "ولتوضيح استحالة دور المصادفة في خَلْق هذا الكون، نأخذ مثالًا لأصغر مكوِّنات الحياة في النبات والحيوان، وهي الخليّة، لنرى هل احتمال المصادفة دورٌ في إيجادها.
    إنَّ إمكانيَّة حدوث المصادفة لتكوين الأشياء السّهلة غير المعقَّدة أمرٌ في غاية البُعْد، فكيف بالأشياء عندما تكون أكثر تعقيدًا؟ فمثلًا لو وضع الإنسان عشر بطاقات مُرَقَّمة من ١ إلى ١٠ في صندوق مُقْفَل، وحرّكها حتى اختلَّ ترتيبها.." هنجيب عشرة كروت، كل كارت مكتوب عليه من ١ إلى ١٠، وهنحطّها في صندوق، ونحرّك الصندوق بحيث خلاص ماعادتش مترتّبة.
    ".. ثم حاول أن يُخرجها مُرتَّبة من الواحد إلى العشرة، دون أن يراها، فإنَّ إمكانيَّة المصادفة لإنجاح ذلك تحتاج إلى ألف مليون محاولة.."، جاب منين ألف مليون محاولة؟ اللي هي عدد الكروت وعدد الأرقام، عشرة أُسّ عشرة، هتطلع ألف مليون، يعني واحد قُدَّامُه عشرة أصفار، هتطلع ألف مليون.
    ".. ولو كان المطلوب ترتيبها عن طريق المصادفة هو مائة بطاقة، فإنَّ الإنسان يحتاج إلى عدد من المحاولات مقداره ضرب الرّقم ألف مليون في نفسه عشر مرات.." هنزوّد كمان إيه؟ أُسّ جديد، فيبقولَّك إنّ انت كل دي محاولات للمصادفة في مسألة الكروت.

    ".. لِنَقِس بعد ذلك إمكان خَلْق الخليَّة التي لا يمكن أن تُرى إلا بالمجهر، لا، بل الأجدر أن نقيس جزءًا من الخلية، وهو الجزء البروتيني منها، والجزء البروتيني ذَرَّة من أجزاء الخلية، لا يمكن رؤيته حتى بالمنظار.." يعني بيقول لك خلاص دا إيه؟ بنتكلّم على الكروت، طب تعالَ بقا ندخل الخلية، مش هنتكلم على الخلية هنتكلم عن حاجة جوَّا الخليَّة وهي البروتين، فبيقول لك البروتين ده ".. يتكون من خمسة عناصر هي الكربون، والهيدروجين، والنيتروجين، والأكسجين، والكبريت. والجزء البروتيني الواحد الذي لا يُرى حتى بالمجهر يشتمل على أربعين ألفًا من ذرات هذه العناصر الخمسة، ويتكون الجزء البروتيني هذا من سلاسل من الأحماض الأمينيّة.." اللي هي amino acids، ".. وهذه السلاسل مُرتَّبة بطريقة عجيبة، بحيث لو اختلَّ ترتيبها ووُضع شيء منها في غير موضعه، لفتكت بالإنسان وقضت عليه، بدل أن تكون سببًا في نموّه وحياته.
    وقد قام العالم السويسري تشارلز يوجين بحساب المدّة التي يُحتاج إليها لتكوين جزيء بروتيني عن طريق الصّدفة، فانتهى إلى أن احتمال الوصول إلى ذلك يحتاج إلى مقدارٍ من المادة يزيد حجمه بليون مرة على المادة الموجودة الآن في الكون.." يعني بيقول الكلام ده عشان يحصل مصادفة مستحيل أصلًا، ".. حسب علم الإنسان، ويحتاج إلى محاولات متواصلة لتحريك المواد وضخّها زمنًا يتكون من رقم ١ أمامه مائتان وأربعةٌ وأربعون صفرًا من السنين، وهو رقم خياليٌّ لا يُتَصَوَّر". يعني بيقول لك إنّ أصلًا الوقت المُحتاج عشان نكوّن خليّة واحدة، وقت غير مُتَصَوَّر، والمادة المُحتاجة عشان نعمل منها خلية واحدة مادة غير مُتصوَّرة.

    "والوصول إلى تكوين جزيء بروتيني مع ما في الحصول عليه بطريق المصادفة من استحالة كما تقدَّم، بعد ذلك ليس هو كل القصة، فإنّ القصّة تكمن في الحياة، فيمن يجعل هذه الخليَّة حيَّة، وهو السّر الذي استأثر به الخالق -عز وجل-". يعني بيقول لك حتى لو عملنا بقا الجزيء وكوّنّاه، مين اللي هيدّيله الحياة والروح؟ هذا شيء لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى -، فبيقول لك حتى ده مستحيل.

    طيب كده هو اتكلّم على أدلّة وجود الله -سبحانه وتعالى- من حيث الفطرة، ومن حيث العقل، ولمزيد من التّفاصيل قُلنا اسمعوا الشرايط اللي قُلنا عليها، لو حدّ محتاج يسمع تفاصيل أكثر، واللي يكتفي بذلك كويس جدًّا.

    الفصل الرابع: التوحيد
    • وحدة النّظام تدلّ على وحدانيّة الخالق
    بعد كده بيتكلّم في الفصل الرابع عن التوحيد، بيتكلّم كلام عام في البداية، بيقول: وحدة النظام تدلّ على وحدانيّة الخالِق، بيقول لك أن الله -عزَّ وجلَّ- قال: "لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا" الأنبياء:٢٢، فكون الشمس والقمر والنجوم والكون ده كله على وحدة النظام هذه فذلك يدلّ على وحدانيّة الخالق -سبحانه وتعالى-، وأنه واحد، فلَوْ كان فيهما آلِهَةٌ إلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا، سبحانه وتعالى.
    • معنى توحيد الله
    طيب معنى توحيد الله -سبحانه وتعالى-، "التوحيد هو اعتقاد أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- واحدٌ في ذاته..، وواحدٌ في صفاته -سبحانه وتعالى-..، والتوحيد هو العدل، بل هو غاية العدل، لذا كان أفضل الأعمال على الإطلاق، سُئل النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْإِيمَانُ" مسند الإمام أحمد، وضدّ التوحيد الشرك، وهو الظلم..، قال الله -عزَّ وجلَّ-: "إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" لقمان:١٣". دي كلها مقدمة، الفرق بين التوحيد والشرك وأهمّيّة التوحيد، "وكان الشّرك ظُلْمًا؛ لأنه جحود ونُكران لِمَن نعمه في الدنيا والآخرة سابغة..، والتوحيد لا يقبله الله -عزَّ وجلَّ- من العباد إلا كاملًا غير منقوص".
    • معنى لا إله إلا الله
    قال: "معنى الشهادة لله بالوحدانيَّة: أنَّه لا معبود بحقٍّ في الوجود إلا الله..".
    طبعًا إحنا ممكن نقول لا إله إلا الله نبدأ نفسّرها حرفيًّا؛ "لا" دي النّفي، و"إله" يعني معبود، "إلَّا" ده استثناء، و"الله" هو لفظ الجلالة الدّال على الله -سبحانه وتعالى-. يبقى ممكن نقول لا إله إلا الله يعني لا معبود إلا الله، ده الترجمة الحرفيَّة، لكن مش ده المقصود، لإنَّ النفي هنا مش نفي الوجود، يعني مابنقولش مافيش آلهة غير ربّنا، لا، فيه آلهة غير ربّنا موجودة، فلو قُلنا لا إله إلا الله، يعني لا معبود إلا الله، يعني لا معبود موجود إلا الله، فده مش المقصود طبعًا، أُمَّال إيه المقصود؟
    هو نَفْي استحقاق العبادة، إنّ فيه آلهة كثيرة موجودة لكنّها لا تستحقّ العبادة في الحقيقة، وإنّما يستحقّها الله -عزَّ وجلَّ- وحده.
    فلذلك التّرجمة الصحيحة إنّ احنا نقول لا معبود بحقٍّ إلا الله، وزوّدنا كلمة بحقّ عشان نبيّن إنّ المنفي هو استحقاق العبادة، وليس وجود المعبودات، فالمعبودات كثيرة، لكن لا يستحق العبادة على الحقيقة إلا الله -سبحانه وتعالى-.
    قال: "فلا يُقصد ولا يُستعان إلا به، ولا يُتوجه إلا إليه، ولا يُدعى غيره، ولا يُرجى سواه، ولا يُتوكل إلا عليه -سبحانه وتعالى-". يبقى دي فكرة التوحيد بصفة عامة، دي معنى لا إله إلا الله.

    بعد كده بيقول لك إنّ أنواع التوحيد ثلاثة: الألوهيَّة، والربوبيَّة، والأسماء والصّفات.
    • توحيد الألوهيّة
    قال: توحيد الألوهية، صفحة ٥٧، قال: "شاع استخدام هذا المصطلح في الآونة الأخيرة على قلّة استعماله عند الأقدمين، واستعماله أثار جَدَلًا بين المعاصرين، وأضاف مادةً لأسباب الخلاف، وكثيرٌ منه خلافٌ لفظيّ، يحمل عليه التَّعصُّب، ولا وجود له عند التحقيق، شأنه شأن كثيرٍ من مسائل الخلاف في تراثنا الفكريّ".
    بيقول لك مسألة إنّ إيه كلمة توحيد الألوهيَّة، فييجي ناس يقولوا مفيش حاجة اسمها توحيد الألوهية، هو التوحيد هو التوحيد وخلاص، فبيقول لك الخلاف لفظيّ، لإنّ اللي بيقول توحيد الألوهية واللي بيقول التوحيد وخلاص، الاتنين متّفقين على مسألة إنّ لا تُصرف العبادة إلا لله، وهو ده معنى توحيد الألوهية، سمّيناه توحيد الألوهية، سمّيناه التوحيد بس من غير ما نقول اسمه توحيد الألوهية، قسّمنا التوحيد لثلاثة أقسام؛ ربوبيّة، ألوهيّة، أسماء وصفات، قُلنا هم التّلاتة اسمهم التوحيد بغض النّظر عن الأسماء، المسألة كلها خلاف لفظي.
    يقول: "فتوحيد الأُلوهية لا يختلف مَن ذَكَرَه مِن القُدامى والمحدثين على أنَّ معناه: تخصيص الله -تعالى- بالعبادة، واستحقاقه إيّاها دون سواه". يعني بيقول لك المعنى ده مُتَّفَق عليه سواء سمّوه توحيد أُلوهية أو قالوا توحيد وخلاص.
    • توحيد الربوبيّة
    الصفحة اللي بعدها بيقول توحيد الربوبية، قال: "وهذا أيضًا اصطلاحٌ في الاستعمال، ولا مُشاحة في الاصطلاح". برضه إنّ هو يسمّي ألوهيّة، وربوبيّة، ده كله اصطلاحات لم تَكُن موجودة أيّام النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم-، النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ما قالش فيه توحيد أُلوهيّة، وتوحيد ربوبيّة، وتوحيد أسماء وصفات، لكن بيّن العبادة الموحّدة هي التي تُقْبَل وإنّ ضدّها الشّرك، بعد كده جه العلماء واستقرَؤوا النصوص، قالوا فيه أنواع؛ ربوبيّة، فيه ألوهيّة، فيه أسماء وصفات، هذا التقسيم لسهولة الدراسة، وسهولة الفهم، لكن في النهاية اللي مشرك في الألوهية لوحدها، أو الربوبية لوحدها، أو الأسماء والصفات لوحدها هو مشرك، والموحّد في الثلاثة هو المُوَحِّد سواء سمّيناها كده أو لم نُسَمِّها.

    لذلك قال: "لا مُشاحة في الاصطلاح، ومعناه -اللي هو توحيد الربوبيّة- الاعتقاد بأنَّ الله -تعالى- وحده خالق كل شيء، ومليكه ومدبّره، لاربّ سواه، لا يُرجى إلا نفعه، ولا يُخشى إلا ضرّه، فهو الخالق الرازق، الضار النافع المغيث، الذي بيده الأمر كلّه، ما من حركةٍ ولا سكون في الأرض ولا في السماء إلا بإذنه.

    وثبوت التوحيد بهذا المعنى لله -تعالى- لا يختلف عليه أهل الإسلام، مَن صرَّح منهم بهذا التقسيم، ومَن لم يُصَرِّح وهو توحيدٌ فطريّ، قد يقرّ به حتى مَن لا يعبد الله -تعالى- من اليهود والنصارى والمشركين..".
    قال: ".. فإنّ المُشاهد في الواحد منهم اليوم -إذا عجز عن أمرٍ، واستعمل كل حيلة عنده في تحصيله، كشفاء مريضٍ مثلًا أو دفع ضُر، ولم يُفلِح- أنْ يفوّض الأمر إلى الله، ويتبرّأ من حوله وقدرته، ومصداق ذلك من القرآن إخبار الله -تعالى- عن المشركين: "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ" لقمان:٢٥". يبقى إذن بيقول لك حتى المشركين اليهود والنصارى كلهم ينسبون لله -عزَّ وجلَّ- أفعال الربوبيَّة ولا يُشْرِكون في ذلك.

    "وهذا الاعتقاد بربوبيّة الله -تعالى-، وهيمنته على مقاليد السماوات والأرض، لا ينفع صاحبَه إلا إذا انضمّ إليه اعتقاد أنّه المستحقّ وحده للعبادة، وإفراده بها دون سواه".
    يعني بيقول لك إنّ المشركين الأوائل أيام النبي -عليه الصلاة والسلام- ربّنا اللي بيقول عنهم: "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ"، نقول لهم مين الخالق؟ الله، مين الرّازق؟ الله، مَن مُدَبّر الأمر؟ الله، ييجوا يعبدوا يعبدوا مين؟ الأصنام، طب إزَّاي؟ إزَّاي بتعبدوا الأصنام وانتوا أصلًا تُقِرُّوا أنّها لا تضرّ ولاتنفع؟ المفترض طالما هي لا تضرّ ولا تنفع والله -عز وجل- هو الخالق الرّازق الضّار النافع الذي بيده ملكوت كل شيء، يبقى مين اللي يُعْبَد؟ ربّنا -سبحانه وتعالى-.

    فلذلك بيقول لك الاعتقاد ده لوحده لا ينفع إلا إذا أُضيف إليه الاعتقاد الآخر، أنَّه -سبحانه وتعالى- وحده المُسْتَحِقّ للعبادة، يبقى لازم دي تُضاف لدي عشان يبقى وحّد التوحيد كامل، يبقى التوحيد الكامل هو توحيد ربوبيَّة، وألوهيَّة، وأسماء وصفات، سمّيناه بهذا التقسيم أم لم نُسَمِّه، لازم نجيب الثلاثة معاني، إنّه يُفْرِد الله -سبحانه وتعالى- بالخَلْق والرّزق والتّدبير، ولا يَصْرِف العبادة إلا لله، ولا يسمّي الله إلا بما سمَّى به نفسه -سبحانه وتعالى-، لا يسمّيه بأسماء أخرى، كما سيأتي معنا دلوقتي في توحيد الأسماء والصفات.

    "ولا يلزم من الإقرار بأنَّ الله هو الخالق الرّازق، وأنَّه هو النَّافع الضَّار، لا يلزم منه حصول الإيمان.." يعني بيقول إيه، بيقول إنّ مش معنى إنّ واحد قال ربّنا هو الخالق والرّازق، كده بقا مؤمن، لأ، ".. لا يلزم منه حصول الإيمان الذي لا يصحّ إلا بالاعتراف بأنَّ الله وحده المُسْتَحِقّ للعبادة، لكن يلزم من الإذعان لله والخضوع له، وأنه وحده المستحقّ للعبادة -يلزم منه الإقرارُ بأنَّه الخالق الرازق، وأنَّه واحدٌ لا شريك له-، فإنَّ الإله الحقّ المستحِقّ للعبادة لا بُدَّ أن يكون خالقًا، بارِئًا، مُوْجِدًا، مُتَّصِفًا بكُلِّ كمال".

    يعني إيه الكلام ده؟ عايزين نفرّق بين حاجتين:
    الحاجة الأولى: الاستدلال.
    والواقع.


    هو بيتكلّم على الواقع، يعني إيه الواقع؟ يعني بيقول لك الواقع لو جِبت واحد وقُلت له: مَن خلق السماوات والأرض؟ قال لك: ربّنا، ده مش مُوَحّد كده، لازم يضيف إليها حاجة تانية؛ إنّ هو مابيعبدش غير ربّنا، تمام؟ فلا يلزم إنّ هو بيقول لك الخالق الرَّازق المُدَبِّر هو الله إنّ هو مابيعبدش غير ربّنا، لا، ممكن يبقى بيقول كده وبيعبد غير ربّنا، ده الواقع.
    لكن العكس، واحد ما بيعبدش غير ربّنا ده يلزم منّه إنّه عارف إنّ ربّنا هو الذي بيده ملكوت كل شيء.
    يبقى اللي بيعمل توحيد الألوهيّة أكيد عنده توحيد الربوبيّة سليم، لكن اللي عنده توحيد الربوبيّة سليم مش أكيد عنده توحيد الألوهيّة سليم، ده في الواقع.

    طب في الاستدلال: الربوبيّة هي دليل الألوهيّة، يعني إيه؟ يعني إنّ انت تُثْبِت لواحد أنَّ الخالق هو الله، الرَّازق هو الله، المُدَبِّر هو الله، ده المفروض يستلزم ويُسْتَدَلّ به على أنَّ الذي يستحقّ العبادة هو الله، تقول له طالما الخالق هو الله، والرَّازق هو الله، والمُدَبِّر هو الله، يبقى بتعبد غير ربّنا ليه؟ بتسأل غير ربّنا ليه؟ ما هو أصلًا لا يملك لك لا ضُرّ ولا نَفْع، ولا موت ولا حياة ولا نشور، يبقى المفروض إنّ انت تعمل إيه؟ ماتعبدش غيره، تمام؟

    يبقى المفروض لو احنا بنستدلّ، بنستدلّ بالربوبيَّة على وجود توحيد الألوهيَّة، لكن لو احنا بنشوف الواقع، فالواقع لا، فيه انفصال، ممكن واحد يبقى مُوَحِّد في الربوبيَّة ويُشْرِك في الألوهيَّة، كما كان حال المشركين الأوائل على عهد النبيّ -صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم-.
    بعد كده بيقول إنّ التقسيم لربوبيَّة وألوهيَّة وأسماء وصفات، مش أوّل واحد وضعه ابن تيمية كما هي التُّهمة المعروفة، لكن بيقول لك فيه ناس وضعته قبله، مين اللي وضعه؟

    قال: "ومِن القُدامي الذين ذكروا هذا التقسيم ونصّوا عليه صراحةً القرطبي المفسّر، فذكره ونسبه إلى علماء المالكيّة.." يعني كمان مش القرطبي بيقول ده أنا اللي حاطّه، بيقول لا دا أنا اتعَلّمْته من علماء المالكيَّة، يعني فيه ناس قبله كمان. ".. قال في الجامع لأحكام القرآن: فاعلم أنَّ علماءنا قالوا: الشّرك على ثلاثة أضرب، وكلّه مُحَرَّمٌ، وأصله اعتقاد شريك لله في الألوهيّة.." يبقى ده الألوهية، ".. وهو الشّرك الأعظم، وهو شرك الجاهليّة، وهو المراد بقَوْله -تعالى-: "إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ" النساء:٤٨، ويليه اعتقاد شريكٍ لله في الفعل.." اللي هو الربوبيَّة، الربوبيَّة هي أفعال الربوبيَّة، ".. وهو قَوْل مَن قال: إنَّ موجدًا غير الله -تعالى- يستقلّ بإحداث فِعْلٍ وإيجاده، وإن لم يعتقد كونه إلهًا..".
    يبقى بيقول لك فيه حاجة اسمها أفعال الله اللي هي الربوبيَّة، وفيه حاجة اسمها العبادة لله، العبادة لله دي الألوهيَّة، وفِعْل الله ده الربوبيَّة، يبقى التقسيم ده القرطبي قاله، ونقله عن علماء المالكيَّة.

    ".. وفصَّل هذا التفصيل أيضًا الشنقيطي في أضواء البيان، فقال: "دَلَّ استقراء القرآن العظيم على أنَّ التَّوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأوَّل توحيده في الربوبيَّة.. الثَّاني توحيده -جلَّ وعلا- في عبادته.. والنّوع الثالث توحيده -جلَّ وعلا- في أسمائه وصفاته..". وقد وردت إشاراتٌ إلى هذا التّقسيم عند غير مَن ذُكِر".

    طبعًا خُدوا بالكم من حاجة، الشيخ -اللي هو الصادق الغرياني- مش عايز يذكر اسم ابن تيمية، واضح كده من كلامه في الكتاب كُلّه إنّه مش عايز يذكر ابن تيمية، رغم إنّ هو بيقول نفس مُعْتَقَد ابن تيمية تمامًا، وبيردّ نفس ردود ابن تيمية، لكنه يتَّضح من خلال قراءة الكتاب إنَّ الشيخ مش عايز يجيب سيرة ابن تيمية، فبيجيب أسماء ناس تانية، جايب القرطبي، جايب الشنقيطي، حتى أمَّا بييجي مثلًا في المراجع ويجيب كتب لابن تيمية مايقولش مجموع الفتاوى لابن تيمية، أو قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى، لا، يجيب النَّقْل ويقول مجموع الفتاوى، مايقُلش أصلًا كلمة ابن تيمية دي خالص، بيحاول إنّه مايَذْكُرهاش في الكتاب تمامًا، وده واضح إنّه مش عايز يدخل في النّزاع حول ابن تيمية ومش ابن تيمية، لا، أنا بتكلم في العقيدة وخلاص، وبَذْكُر الصّواب أيًّا كان مَن جاء به.

    ولَمَّا كان توحيد الله بالعبادة وإفراده بها مستلزمًا لإفراده بأنَّه الرَّبُّ الخالق القادر المُدَبِّر؛ كان الطلب في آيات القرآن مُنْصَبًّا على الأمر بالعبادة وإفراده بها، فهو المقصود الأول مِن خَلْق الخَلْق وبعثة الرُّسُل، قال تعالى:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" الذاريات:٥٦. وكثيرًا ما يذكر القرآن توحيد الربوبيَّة برهانًا على استحقاقه -سبحانه- للعبادة، تنبيهًا للغافلين، وحُجَّةً على المعاندين، قال -تعالى-: "أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَّا يَخْلُقُ ۗ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ" النحل:١٧، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا" مين؟ "رَبَّكُمُ" طالما هو الرَّبّ يبقى يُعْبَد "الَّذِي خَلَقَكُمْ" البقرة:٢١، "قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ.." يونس:٣١، إلى آخر الآية، "فَذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ" يونس:٣٢، يبقى عايزين الرَّبّ الحَقّ المُسْتَحِقّ للعبادة، قال: "أيْ المُسْتَحِقّ وحده للعبادة"، هو الذي خَلَق ورَزَق، يبقى الخَلْق والرّزْق والتّدبير وأفعال الربوبيّة هي دليلٌ على استحقاق الله للألوهيّة.
    • وحدة الذات ووحدة الصفات
    بعد كده بيتكلّم في وحدة الذّات ووحدة الصّفات، هيتكلّم بقا على إيه؟ على الأسماء والصفات، قال:
    "يجب الإيمان بأنَّ الله -تعالى- واحدٌ في ذاته بمعنى أنَّه لا شريك له، وأنَّه لا مثيل له، وأنَّه لا شبيه له، قال الله -تبارك وتعالى-: "قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ * اللَّـهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ" الإخلاص. وقال -تعالى-: "لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا" الأنبياء:٢٢.
    ويجب الإيمان كذلك بأنَّ الله -تعالى- واحدٌ منفردٌ في صفاته، ومعنى وحدة الصفات أنَّ الله -تعالى- لا يشبهه أحدٌ من خَلْقِه في صفة من صفاته.. وكُلّ ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك.. فعِلْم المخلوق متجدّدٌ حادث.."

    هيضرب بقا مثال، خُدوا بالكم إنّ الشيخ هنا برضه دايمًا بيحاول يعني إيه يصل إلى المعنى المراد دون أن يدخل في نزاع، فهو عايز يردّ على مثلًا الأشاعرة، والماتريدية، لا جاب سيرة الأشاعرة ولا الماتريدية ولا الناس دي خالص، لكن جاب صفة من الصفات التي يثبتونها، إيه الصفات اللي الأشاعرة بيثبتوها؟ الأشاعرة بيقولوا إيه؟ يقولون: "فله الحياة والعلم والكلام والبصر سمعٌ إرادة وعَلِمَ واقْتَدَر"، دول السبع صفات اللي هما بيثبتوها.

    "فعِلْم المخلوق متجدّدٌ حادث، محدودٌ بالزّمان والمكان، مسبوقٌ بجهلٍ، ويتَّصف بالنقص والعجز.." يبقى علم الإنسان إيه؟ كان أوَّلًا قبله جهل، يعتريه النقص والنسيان، ويتَّصف بالعجز، مش كل حاجة انت عارفها ده علم المخلوق. ".. وعلم الله -تعالى- كامل ٌشاملٌ للكلّيّات والجزئيّات، أزليٌّ، لا يحدّه زمانٌ ولا مكان، تنكشف به جميع الأشياء في وقتٍ واحد انكشافًا كاملًا، لا يسبقه جهل، ولا يلحقه نقص، لا يَعْزُبُ عن ربّك من مثقال ذرّةٍ في الأرض ولا في السماء، يعلم الخواطر، وخفيَّات السّرائر والنوايا والضمائر، ويعلم السِّرّ وأخفى، قال الله -تعالى-: "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا" الأنعام:٥٩، إلى آخر الآيات، قال:
    فالتَّوافُق بين علم الله وعلم المخلوقين إنّما هو في اللَّفظ فقط، وهكذا في سائر الصّفات".

    يعني إيه عايز يقول الشيخ، بيقول لهم كما تُثْبِتُون لله عِلْمًا ليس كعِلْم المخلوقين فاثبت لله كل الصّفات كما تثبتها للمخلوقين، يعني مش معنى إنّ ده اسمه علم، وده اسمه علم، الاتنين زَيّ بعض، انت نفسك بتثبت العلم وبتقول علم المخلوق غير علم الخالق، فكذلك الوجه، اليد، السمع، البصر، الحب، الإتيان، كل هذه الصفات وردت في حقّ الله، وفي حقّ المخلوق، فهي لله على الوجه الذي يكون لله، كما أنَّ علم الله ليس كعلم المخلوقين، فوجه الله، يد الله، إتيان الله، محبة الله، كل ذلك ليس كوجه المخلوق، ويد المخلوق، وعلم المخلوق، وإتيان المخلوق، وحُبّ المخلوق، كله ليس يتَّفق أو يتوافق إلَّا في اللَّفظ، وهكذا في سائر الصّفات.
    • صفات الذات وصفات الفعل
    قال: "وصفات الله -تعالى- على نوعين: صفات الذات، وصفات الفعل." هيبدأ بقا في حتّة جديدة اللي هو عايز يقول أنّ الصّفات تنقسم إلى نوعين: صفات ذات، وصفات فِعْل، إيه الفرق بينهما؟ قال: "صفات الفعل.." خُد بالك النّقطة دي جميلة أوي، "صفات الفعل ثابتة لله -تعالى- لذاته أزلًا بصفة القُدْرَة" يعني إيه؟
    أوَّلًا نفهم إيه صفات الذات وإيه صفات الفعل:
    صفات الفعل هي التي تتعلق بالمشيئة، يعني إيه تتعلّق بالمشيئة؟ يعني عايز تعرف دي صفة فعل ولّا لا حُطّ جنبها "إذا شاء"، إذا نفع تقول إذا شاء يبقى دي صفة فعل، مانفعش تقول إذا شاء يبقى دي صفة ذات، تعالَ نجرّب كده، الله يخلق إذا شاء، أو يخلُقُ ما يشاء، ينفع؟ آه ينفع، يبقى الخَلْق صفة فعل، الله يغفر لِمَن يشاء، يبقى المغفرة دي صفة فِعْل، الله يتوب على مَن يشاء، يبقى التوبة من الله دي صفة إيه؟ صفة فعل، فعله أنَّه يتوب على مَن تاب -سبحانه وتعالى-، يبقى دي إيه؟ صفات أفعال.
    أمَّا صفة الذّات ماينفعش أقول بعدها إذا شاء، ماينفعش أقول مثلًا: الله له وجه إذا شاء، أو له يد إذا شاء، أو غير ذلك من صفات الذّات، ماينفعش أحطّ بعدها إذا شاء، يبقى هي لا تتعلّق بالمشيئة.

    طيب هنا بقى بيقول لك: "صفات الفعل ثابتة لله -تعالى- لذاته أزلًا بصفة القدرة"، يعني إيه الكلام ده؟ يعني القدرة على الخَلْق دي صفة ذات، فِعْل الخَلْق نفسه دي صفة فعل، يبقى الخَلْق نفسه قديم الأصل حادِث الآحاد، يعني إيه قديم الأصل حادث الآحاد؟ يعني القدرة على إنّ ربّنا يخلُق دي أصلًا قديمة، مش كانت مش موجودة ووُجِدت، لا دي هي أصلًا ربّنا خالِق قبل أن يخلق الخَلْق، يعني قادر على الخَلْق قبل أن يخلق الخَلْق، تمام؟ لَمَّا خَلَق بقا ده فِعْل الخَلْق نفسه، يبقى أيّ صفة فعليّة في أصلها ذاتيّة، وفي آحادها يعني كل فعلة لوحدها دي فعليّة، يبقى هي ذاتيّة من حيث القدرة، يعني ينفع أقول مثلًا ربّنا قادر على الخَلْق إذا شاء؟ لا، لكن ربّنا يخلُق إذا شاء، يبقى القُدْرة على الخَلْق دي صفة ذات، لكن الخَلْق نفسه صفة فعل.

    يبقى بيقول إيه، "وصفات الفعل ثابتةٌ لله -تعالى- لذاته أزلًا بصفة القدرة.."، اللي هي القدرة على كُلّ فِعْل، ده إيه؟ ذات، ".. التي يفعل بها ما يشاء ويختار؛ كالإحياء والإماتة والخَلْق والرّزق".

    يبقى فهمنا إنّ الصفات تنقسم إلى ذاتيَّة اللي هي لا تتعلّق بالمشيئة، وفعليّة اللي هي تتعلّق بالمشيئة، جميل.
    إيه الصفات الذاتية؟ قال لك زَيّ إيه؟ "السمع، والبصر، والقُدْرَة، والإرادة، والعلم، والبقاء، والوحدانيَّة، والقيوميَّة، والغنى، والعظمة، والكبرياء، والعزّة، والجبروت، والجلال" كل دي إيه؟ صفات ذات.
    • الصفات الخبريّة والصفات الثابتة بالعقل والنقل
    بيقول لك بقا إنّ صفات الذات وصفات الأفعال الاتنين بينقسموا لنوعين:
    صفات ثابتة بالعقل والنقل.
    وصفات بالنقل فقط.

    إيه اللي بالعقل والنقل؟ زَيّ مثلًا إنّ ربّنا -سبحانه وتعالى- له القدرة، له الإرادة، له السمع، له البصر، دي ثابتة بالعقل وبالنقل، جميل؟ يبقى دي ثابتة بالعقل والنقل، فيه صفات تانية لم تثبت إلا بالنقل، يعني لو ماكانش النبي -عليه الصلاة والسلام- عرّفها لنا وربّنا عرّفها لنا ماكُنّاش هنعرفها، دي اسمها الصّفات الخبرية، إيه الصفات الخبرية؟ هي الصفات التي وردت مضافةً إلى الله -سبحانه وتعالى- في الكتاب والسنة، كالوجه واليد والقدم، دي حاجات مابتثبتش بالعقل، دي لا تثبت إلا بالخَبَر، "وسُمّيت صفات خبرية لثبوتها بالخبر والسمع، لا بالعقل".

    "وقد سمَّى المتأخرون ما ذُكر بالصفات الخبرية ولم يَرِد له عمَّن قبلهم من الصحابة والتابعين والمتقدمين تسمية، بل كانوا يُثبتون لله -تعالى- ما أثبته لنفسه منها، دون أن يقولوا عنها أنها صفات". يعني مسألة تقسيم الصفات لذات وفعل، وخبرية ومعروفة بالعقل والنقل، كل دي تقسيمات اصطلاحيّة لسهولة الفهم،لكن لو انت قُلت الصفات وخلاص، خلاص هو ربّنا قال: "وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا" الأعراف:١٨٠، وربّنا قال إنّ له يد، وله وجه، وله..، وله..، وله..، اثبت ذلك حتى لو ماسمّيتهاش صفات، حتى لو ماسمّيتهاش فعليّة، حتى لو ماسمّيتهاش ذاتيّة، احنا بنقول الكلام ده عشان إيه؟ عشان بس سهولة الدّراسة والفهم.

    الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذّات
    قال: "فيجب الاعتقاد بأنّ الله -تعالى- مُتَّصِف بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله -صلَّى الله عليه وسلم-، من الوجه واليد والقدم وغيره مما ورد به النص، على الوجه الذي أراده الله -تعالى-، دون تأويل، ولا تكييف، ولا توصيف، وهو معنى قَوْل أهل العلم من السلف المتقدمين: أَمِرُّوها كما جاءت، مع الجزم بنفي المماثلة والمشابهة، وأنَّ صفات الله -تعالى- ليست جوارح كصفات المخلوقين. وذلك لأن الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات" قال بقا قاعدة جميلة جدًّا جدًّا، هي دي، إنّ الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذّات، إزَّاي الكلام ده؟ هنجيب أيّ واحد مسلم قُل له: ربنا موجود ولَّا مش موجود؟ هيقول لك: موجود، ربّنا موجود يعني له ذات، طيب ربّنا ذاته زَيّ ذاتك؟ إنت موجود، وربّنا موجود، هل وجودك كوجود الله؟ لا، إزَّاي؟ أنا وجودي قبله عَدَم، ماكُنتش موجود واتوجدت، ويَتْبَعه فناء، أنا موجود وهموت، ويعتريه نَقْص اللي هو النوم مثلًا والمرض والكلام ده، يبقى وجودي كان قبله عدم، بعده فناء، يعتريه النقص.

    وجود الله -سبحانه وتعالى- لم يَكُن قبله عَدَم ولا بعده فناء ولا يعتريه النَّقْص، فهو الأوّل الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، وهو الحيّ القيوم الذي لا يعتريه نَقْص -سبحانه وتعالى- منزَّهٌ سبحانه سبّوحٌ قدّوس مُنَزَّه عن ذلك -سبحانه وتعالى-، جميل؟ أيّ مسلم مُتَّفِق معاك في الكلام ده إنّ وجوده غير وجود ربنا، هنقول له كما أثبتت لله ذاتًا لا كالذّوات، فاثبت لله صفات لا كالصّفات، يبقى زَيّ ما ربنا موجود ووجوده غير وجودك، فكذلك صفات ربّنا غير صفاتك.

    يبقى الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذّات، إزَّاي الكلام ده؟ هنيجي في صفة مثلًا مختلفين فيها، على سبيل المثال صفة الرحمة، تمام؟ ربّنا اسمه الرحمن الرحيم، دي مُتَّفَق عليها، صفة الرحمة اللي فيها الخلاف، فييجي مثلًا الأشاعرة والماتريدية يقول لك الرحمة هي إرادة الخير، يعني يؤوّلوها بالإرادة، أو إرادة كذا، احنا نقول الرحمة، الرحيم أيْ الذي يتَّصف بالرحمة، هما يقولوا الرحيم الذي يريد، مايقولوش الذي يتَّصف بالرحمة، جميل؟
    طيب ليه الكلام ده؟
    يقول لك: واللهِ أصل النبي -عليه الصلاة والسلام- لَمَّا مات ابنه إبراهيم بَكى، فلمَّا بكى قال: "إِنَّمَا هِيَ رَحْمَةٌ" مسند الإمام أحمد، يبقى الرحمة في حقّ المخلوق قد تظهر في صورة البكاء، فلو انت قُلت -مين اللي بيقول الكلام ده؟ الأشعري- بيقول: فلو انت قُلت إنّ ربّنا الرحمن أيْ المُتَّصِف بالرَّحمة، يبقى تُجَوّز إنّ ربّنا يبكي -سبحانه وتعالى-، وربّنا مُنَزَّه عن ذلك، يبقى ربّنا لا يتَّصف بالرّحمة، ولكن الرّحمة هي إرادة كذا.
    يبقى هو أوّل الرحمة للإرادة ليه؟ عشان شايف إنّ الرحمة نَقْص عشان هي في المخلوق موجودة في صورة البكاء، فلو انت قُلت إنّ ربّنا رحيم زَيّ ما الإنسان رحيم، وربّنا قال على النبي: "بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ" التوبة:١٢٨، والنبي بكى، وقال البكاء رحمة، يبقى انت لَمَّا تقول إنّ ربّنا رحيم يبقى ربّنا يبكي.

    هنقول له: كما أثبتت لله ذاتًا لا كالذّوات فاثبت لله صفات لا كالصفات، فكما أنَّ الله -عز وجل- ذاته ليست كذات البشر فرحمته ليست كرحمة البشر، وعِلمه ليس كعلم البشر، وهو بيثبت العلم ليس كعلم البشر زَيّ ما الشيخ بدأ في البداية قال له: علم الإنسان غير علم الله وانت بتثبت لله عِلْم فاثبت لله رحمة، واثبت لله مجيء، واثبت لله محبَّة، واثبت لله كذا وكذا مِن الصّفات كما أثبتْتَ له ذاتًا لا كالذوات، جميل؟

    قال: "وذات الله لا تُدْرَك، فكذلك صفاته، إثباتها إثبات وجود، لا إثبات كيفيّة." يعني احنا بنقول إنّ ربّنا له يد، أو له وجه، أو له رحمة، أو يأتي، أو يحبّ، بنثبت هذه الصفات لا إثبات إدراك، ما بنقولش إنّ احنا بندُرْكها بنقول إنّ هي موجودة لكن لا نُدْرِكها، لا تُحيط بها العقول، إيه الدليل على كذا؟
    إنّ ربّنا قال إيه "وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا" طه:١١٠، "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"الشورى:١١، يبقى ربنا أثبت الصفات، وأثبت إنّ احنا لا نُدْرِكها، ونفس الآية اللي فيها الإثبات هي اللي فيها التنزيه، قال -سبحانه وتعالى-: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ"، ده التّنزيه أهو، "وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"، فجمع بين التنزيه وبين الإثبات.

    لذلك عقيدة السَّلَف إثباتٌ بلا تشبيه، وتنزيهٌ بلا تعطيل.
    يقول: "صفات الفعل هي صفاتٌ أزليَّةٌ، واجبةٌ لله -تعالى- لذاته، متعلّقةٌ بإرادته وقُدْرَته" يبقى نقول "إذا شاء" طالما متعلقة بالإرادة، تمام؟ زَيّ إيه؟ قال لك: زَيّ "الخَلق والإحياء والإماتة، والرّزق، والعفو، والرحمة، والعقوبة" كل دي إيه؟ صفات مُتَعَلّقة بالإرادة، يعني ينفع أقول بعدها إذا شاء.
    وهو -سبحانه وتعالى- "يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ" القصص:٦٨، "فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ" البروج:١٦، يبقى إذن مُتَعَلِّقَة بالمشيئة والإرادة، "ومن هذه الصفات ما ثبت وجوبه لله -تعالى- بالخبر والعقل معًا، كالخَلْق والإحياء والإماتة.." نفس التّقسيمة برضه حاجات بالعقل والنقل اللي هي الإحياء والإماتة والخَلق، وحاجات ".. بالخَبَر دون العقل، كالنزول والمجيء، والغضب والرّضا". يبقى إذن نُثْبِت لله -عزَّ وجلَّ- كُلّ ما أثبته لنفسه من الصّفات.

    "وما ورد من هذه الصفات في الكتاب والسنة، كالمجيء والنزول والضحك والعجب -"يَعْجَبُ رَبُّنَا.." السنن الكبرى للنسائي- والغضب، والرضا، والاستحياء، يجب إثباته لله -تعالى- كما ورد، دون توصيفٍ ولا تكييفٍ ولا تأويل، ومَن تحيَّر وقال: كيف ينزل ربنا، أو كيف يغضب ربّنا؟ يُقال له: كيف هو سميعٌ؟ وكيف هو بصير؟ وكيف هو حيٌّ عليم؟ وكيف هو نفسه؟ كما أنَّه -سبحانه وتعالى- لا تدركه العقول، فكذلك صفاته، فإنَّ الصفة فرعُ الموصوف." يبقى إذن نفس المبدأ برضه اللي هو الكلام عن الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات، نفس الفكرة كما أثبتت لله -عز وجل- ذاتًا لا كالذوات، فاثبت له صفات لا كالصّفات.
    وجاء في الصحيح عن النّبيّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا" صحيح مسلم،يبقى ده النّزول.

    "وكان مالك -رحمه الله تعالى- إذا ذُكر عنده من يدفع أحاديث الصفات يُكثر أن يقول: قال عمر بن عبد العزيز: سَنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وولاة الأمر بعده سننًا، الأخذ بها تصديقٌ لكتاب الله، واستكمالٌ لطاعة الله، وقوّةٌ على دين الله.." إلى غير ذلك، إنّ هو بيتكلّم خُدوا اللي النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قاله والصحابة دون أن تُحْدِثُوا شيئًا، "ومقصود مالك من هذا أنَّه يجب الاقتداء في باب الصفاتِ بما كان عليه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وأصحابه".

    ولَمَّا سُئِل مالك "كيف استوى؟" قال -الراوي بقا- قال: "فما رأيت مالكًا وجد من شيءٍ كموجدته من مقالته.." يعني عُمْره ما اتغيّر أو وجد شيء كما وجد من هذه المقالة، ".. وعلاه الرُحضاء.." اللي هو العَرَق، ".. وأطرق القومُ، فسُرِّي عن مالك، وقال: الكيف غيرُ معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وإني أخاف أن تكون ضالًّا، وأمر به فأُخْرِج.

    ونُقل مثل هذا القول عن ربيعة بن عبد الرحمن والسفيانين. وقَوْل مالك هذا قاعدةٌ في فهم جميع صفات الباري أخذ به أهل العلم واستشهدوا به وأقرّوه، ولم يعترض عليه أحدٌ لصحّته ومطابقته لما كان عليه الصحابة والتّابعون، وهو يعني أنَّ جميع الصفات الثّابتة لله يجب الإيمان بها حقيقة، على ما جاءت، دون بحثٍ عن كيفيّتها في حقّ الله -تعالى-، مع النّهي عن الخوض فيها.
    قال ابن عبد البر: علماء الصحابة والتّابعين الذين حُمل عنهم التأويل في القرآن.." طبعًا التأويل في القرآن معناه التّفسير هنا، ".. قالوا في تأويل هذه الآية "الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ" طه:٥، هو على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحدٌ يُحْتَجّ بقَوْلِه.

    ونسب أبو الحسن الأشعري في الإبانة القَوْلَ بخلاف ذلك إلى الجهمية والمعتزلة، فقال: وزعمت المعتزلة والحرورية والجهمية أنَّ الله في كل مكان، فلزمهم أنه في بطن مريم، وفي الحشوش والأخلية.." أعوذ بالله من ذلك، إلى أن قال: "وكان أئمة أهل السنة يقولون في أحاديث النزول وما شابهها: أمرُّوها كما جاءت، ويقولون: نؤمن بها بلا كيف.." أيْ بلا كيفٍ نعلمه، مش بلا كيف يعني الكيف مش موجود، لا الكيف لا يُفسَّر ولا يُدْرَك بالعقل، ".. وبلا تشبيهٍ ولا تعطيل.

    والشافعيّ يقول: -والكلمة دي بقا احفظوها، من أجمل الكلمات في باب الإيمان- قال: آمنتُ بالله، وبماء جاء عن الله، على مراد الله، وآمنت برسول الله، وما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-.
    قال ابن عبد البر: كلهم يقول: ينزل ويتجلَّى ويجيء بلا كيف، لا يقولون كيف يجيء؟ وكيف يتجلَّى؟ وكيف ينزل؟ لأنَّه ليس كمثله شيءٌ من خَلقه.

    وإثبات ما ذُكر من الصفات على الوجه السابق هو أعدل الأقوال، فإنّ فيه إثبات ما أثبته الكتاب والسُّنَّة، ولكن لا يُتعمَّق في التّوصيف، لأن التعمق يؤدي إلى التشبيه. ودون تأويل، فإنَّ التأويل يؤدي إلى النّفي والتعطيل، وخير الأحوال ما كان عليه الأوائل، مالك وأضرابه، قبل الاشتغال بالرّدّ على المشبهة والمعطلة، كانوا لا يحبون الكلام فيما سكت عنه النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وأصحابه، ويقولون عن الصفات: أمرُّوها كما جاءت، ويقولون تفسيرها قراءتها.."
    يعني التّفسير إنّك تقول اللي مكتوب، لا تفسّر ولا تقول أكثر من المعروف المعهود في العقل، يعني معروف إن اليد هي اليد، مش لازم أقعد أفسّرهالك، هي معروفة، الوجه معناه الوجه.
    ".. وكان كلامهم فيها معدودًا بالحروف فمَن زاد كلمةً لاموه عليها حتى لو كانت صوابًا، وقالوا له: هي وإنْ كانت صحيحة فالأولى تركها، لأنَّ السلف لم يتكلَّموا بها.

    قال القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي عند شرحه لعبارة ابن أبي زيد في الرّسالة: "وأنَّه فوق العرش بذاته"، "وعلى العرش استوى"، قال: العبارة الأخيرة -اللي هي وعلى العرش استوى- أحبّ إليّ من الأولى.." -اللي هي فوق العرش بذاته- لأنَّ قَوْله على العرش استوى هو الذي ورد به النَّصّ، ولم يَرِد النَّصّ بذِكْر "فوق"، وإنْ كان المعنى واحدًا إلا أنَّه ما طابق النَّصّ أولى بأن يُستعمل". ده كلام القاضي، تمام؟
    "قال الذهبي تعليقًا على العبارة نفسها: وقد تلفّظ بالعبارة المذكورة جماعة من العلماء كما قدّمناه، وبلا ريب إنّ فضول الكلام تركه من حُسن إلإسلام..، إلى أن قال: وقد نقموا عليه في قوله بذاته، فليته تركها".

    الخاتمة
    نكتفي بهذا القَدْر، وإن شاء الله نكمل الإيمان بالأسماء والصفات في المرة القادمة، حتى لا نطيل في التسجيل، إحنا عايزين التسجيل يبقى في حدود نصف ساعة، فنتجاوز خمس دقايق أو حاجة، والباقي إن شاء الله نكمله في المرّة الجاية، عشان مانطوّلش في التسجيل.
    وجزاكم الله خيرًا، وصلَّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمد، وعلى آله وصَحْبه وسلّم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله ربّ العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



    [1]"إِذَا وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ شَيْئًا فَقُلْ: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " سنن أبي داود.

    http://way2allah.com/khotab-series-8673.htm [2]


    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36


    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع

    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.
    في أمان الله

    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 06-04-2018, 09:18 PM.


    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

    تعليق


    • #3
      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

      تعليق


      • #4
        جزاكم الله كل خير
        بارك الله في جهودكم
        ونفع بكم

        قال الحسن البصري - رحمه الله :
        استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
        [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


        تعليق


        • #5
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

          "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
          وتولني فيمن توليت"

          "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

          تعليق

          يعمل...
          X