السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفريغ خطبة رمضان خير الشهور للشيخ/ محمد بن سليمان المحيسني
الحمد لله الذي منَّ على عباده بمواسم الخيرات، ليغفر لهم بذلك الذنوب، ويكفر عنهم السيئات، ويضاعف لهم الحسنات، ويرفع لهم الدرجات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واسع العطايا وجزيل الهبات،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أفضل المخلوقات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً.
أما بعد:
أيها الناس!
اتقوا ربكم، واشكروه على ما أنعم به عليكم واحمدوه، واعرفوا نعمته عليكم بمواسم الخيرات التي تتكرر عليكم كل عام؛ ليتكرر بها عليكم من الله الفضل والإِنعام.
عباد الله!
اعتاد المسلمون -والحمد لله- أن يبتهجوا فرحين مسرورين بحلول شهر رمضان المبارك، موسم الصيام والقيام والعبادات المتنوعة،
ومن حقهم أن يفرحوا بهذا الموسم العظيم،
وإن فرحة المسلمين به أصلها الفرح بأنه ميدان من ميادين التسابق إلى طاعة الله؛ لاغتنام أكبر مقدار من الربح العظيم الذي يستطيعون اغتنامه،
وإن من المفروض في هذا الفرح أن يدفعهم إلى التنافس في الخير، والتسابق إلى الأعمال الصالحة.
ويحسن بهم صيام رمضان وقيامه، حتى يشملهم قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»([1])،
ويتزودوا فيه من أنواع العبادات والقربات، ويكثروا فيه من تلاوة القرآن، وتجود نفوسهم ببذل الصدقات، والتوسعة على الفقراء والمساكين.
لكن بعض المسلمين -هداهم الله- بعيدون عن هذا الذي ينبغي لهم أن يعملوه في هذا الموسم العظيم،
فلم يبق من خصائص رمضان في نفوس كثير منهم إلا ترك الطعام والشراب من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، وإذا غربت الشمس غربت معها الطاعة،
فتعالَ لتنظر ما الذي يحدث بعد غروبها! والله إن الذي في قلبه يسير إيمان، ليتفطر قلبه من الأسى والحزن!!
إذ كيف يكون هذا تعظيم شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار؟!
كيف يكون هذا استقبال شهر نزل فيه القرآن؟
كيف يكون هذا استقبال شهر فتح الله فيه أبواب الجنان؟
وإن الرجل الصالح ليتساءل أين فرحهم به؟ وماذا يعني فرحهم؟ أفرحهم بدخوله ليحيوا لياليه العظيمة بالسهر على آلات الطرب، والآلات الرياضية؟! أم فرحهم به لإقامة التجمعات الفاسدة، التي يخالطها أكل لحوم البشر؟!
نعم أيها المسلمون!
تجولوا في ناحية من نواحي المدينة؛ لتنظروا كيف يستقبل شبابكم هذا الشهر الكريم، فهذه مجموعة يتوسطها الطبول والعود
وتلك مجموعة أخرى تستقبل ما يفتك بدينها، ويأخذ غيرتها، وهناك طائفة أخرى ما إن تصلي العشاء الآخرة حتى تجدها متجهة إلى أسواق النساء
ليلمزونهن، ويحادثونهن، ويلبسون أحسن الملابس والأحذية من أجلهن.
وإن المسلم يا عباد الله! ليندهش عندما يرى ما يراه، كيف صار انتشارهم في رمضان أكثر من غيره، مناظر مخزية، ومناظر مخيفة، ومناظر مؤذنة بشرٍ مقترب، إن دامت حالتنا هذه.
فيا شباب الإسلام.. ويا شباب الدعوة إلى الله..
ويا طلاب العلم! أعداء الإسلام قد أسهروا ليلهم، وأظمئوا نهارهم؛ للفتك بإخوانكم، ولسحبهم من دينهم، ولصدهم عن ذكر ربهم.
ألم تروا كيف يتم التركيز في رمضان على انتقاء أعظم المسلسلات وأشوقها، وأحبها إلى النفوس الرديئة؟!
ألم تروا كيف يتم تصديرهم للألعاب المتنوعة في رمضان، ما هو غرضهم، وما هدفهم؟
والله ما قصدهم بهذا الأمر إلا حرمان المسلمين مما أعده الله لهم، وما قصدهم به إلا إبعاد الشباب عن كتاب ربهم، وصدق الله إذ يقول عنهم:
{شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}[الأنعام:112].
أيها الشباب!
إذا كنتم تعرفون هذا جيداً، فما هو موقفكم؟ وما هو جهادكم؟ وكيف تستطيعون أن تدعوا إخوانكم، وتفكوهم من أسرهم؟
فهم والله مأسورون في أسر الشياطين، وإنكم والله جميعاً مطالبون ومكلفون بفك قيودهم، والله سبحانه يقول:
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[محمد:31].
أيها الشباب!
لا تتقاعسوا، ولا تتوانوا عن الدعوة إلى الله، واعلموا أن للدعوة مجالات عديدة، وأن لها طرقاً مختلفة،
فابحثوا عن طرقها ومجالاتها، وليكن بحثكم هذا هو شغلكم الشاغل، فما أكثر المحتاجين إلى الوعظ والتذكير.
ولقد أعجبي والله فعل بعض الشباب الغيورين، المحبين لإنقاذ إخوانهم؛
فإن بعضهم ما إن يمروا بمجلس من المجالس التي استحوذ عليها الشيطان، حتى يقفوا عندها، ويسلموا على أهلها، ويعظوهم، ويذكروهم
ويحيوا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم:
أنه يأتي قومه في أنديتهم، فيدعوهم، ويصبر على أذاهم وسخريتهم، حتى رفع الله ذكره، وحقق له وعده، ونصره، فساد البلاد، وانقاد له العباد([2]).
عباد الله!
هناك مصيبة أخرى من المصائب التي شوهدت في هذا الشهر الشريف؛
فقد شوهد من بعض المسلمين -هداهم الله- من يصوم نهاره طاعة لله ولرسوله، ثم ما إن تغرب الشمس حتى يحضر دخانه،
فربما أفطر به أولاً، وربما أفطر بغيره ثم به ثانياً، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن للصائم عند فطره دعوة مستجابة([3])،
وكيف هذا سيدعو وهو لاهٍ بإشعال تلك السيجارة، فوالله إنها لمصيبة عظمى! حيث إنه شوهد هذا
وما كاد أحد يتصور أنه يحصل من رجل مسلم يشهد أن لا إلا الله، وأن محمداً رسول الله، كيف يصوم نهاره طاعة لله ولرسوله
ثم ما إن تغرب الشمس حتى يحضر دخانه، ويبارز ربه بمعصيته، فربما يفطر به أولاً، وربما يفطر بغيره ثم به ثانياً؟!
وإن من العجيب جداً! أن هذا يصدر أحياناً من رجال لهم قيمتهم، ولهم مكانتهم بين أهليهم ومجتمعهم.
فيا أخي في الله!
إياك ثم إياك أن تصوم عن الطيبات طاعة الله، ثم تفطر على ما حرمه الله!
ويا هذا! قدم محبة الله على هواك، واتق الله في نفسك، وليكن رمضان منطلق خير لك، لتتوب من هذا الداء العضال الذي ابتليت به، نسأل الله لنا ولك العافية.
تفريغ خطبة رمضان خير الشهور للشيخ/ محمد بن سليمان المحيسني
الحمد لله الذي منَّ على عباده بمواسم الخيرات، ليغفر لهم بذلك الذنوب، ويكفر عنهم السيئات، ويضاعف لهم الحسنات، ويرفع لهم الدرجات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واسع العطايا وجزيل الهبات،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أفضل المخلوقات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً.
أما بعد:
أيها الناس!
اتقوا ربكم، واشكروه على ما أنعم به عليكم واحمدوه، واعرفوا نعمته عليكم بمواسم الخيرات التي تتكرر عليكم كل عام؛ ليتكرر بها عليكم من الله الفضل والإِنعام.
عباد الله!
اعتاد المسلمون -والحمد لله- أن يبتهجوا فرحين مسرورين بحلول شهر رمضان المبارك، موسم الصيام والقيام والعبادات المتنوعة،
ومن حقهم أن يفرحوا بهذا الموسم العظيم،
وإن فرحة المسلمين به أصلها الفرح بأنه ميدان من ميادين التسابق إلى طاعة الله؛ لاغتنام أكبر مقدار من الربح العظيم الذي يستطيعون اغتنامه،
وإن من المفروض في هذا الفرح أن يدفعهم إلى التنافس في الخير، والتسابق إلى الأعمال الصالحة.
ويحسن بهم صيام رمضان وقيامه، حتى يشملهم قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»([1])،
ويتزودوا فيه من أنواع العبادات والقربات، ويكثروا فيه من تلاوة القرآن، وتجود نفوسهم ببذل الصدقات، والتوسعة على الفقراء والمساكين.
لكن بعض المسلمين -هداهم الله- بعيدون عن هذا الذي ينبغي لهم أن يعملوه في هذا الموسم العظيم،
فلم يبق من خصائص رمضان في نفوس كثير منهم إلا ترك الطعام والشراب من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، وإذا غربت الشمس غربت معها الطاعة،
فتعالَ لتنظر ما الذي يحدث بعد غروبها! والله إن الذي في قلبه يسير إيمان، ليتفطر قلبه من الأسى والحزن!!
إذ كيف يكون هذا تعظيم شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار؟!
كيف يكون هذا استقبال شهر نزل فيه القرآن؟
كيف يكون هذا استقبال شهر فتح الله فيه أبواب الجنان؟
وإن الرجل الصالح ليتساءل أين فرحهم به؟ وماذا يعني فرحهم؟ أفرحهم بدخوله ليحيوا لياليه العظيمة بالسهر على آلات الطرب، والآلات الرياضية؟! أم فرحهم به لإقامة التجمعات الفاسدة، التي يخالطها أكل لحوم البشر؟!
نعم أيها المسلمون!
تجولوا في ناحية من نواحي المدينة؛ لتنظروا كيف يستقبل شبابكم هذا الشهر الكريم، فهذه مجموعة يتوسطها الطبول والعود
وتلك مجموعة أخرى تستقبل ما يفتك بدينها، ويأخذ غيرتها، وهناك طائفة أخرى ما إن تصلي العشاء الآخرة حتى تجدها متجهة إلى أسواق النساء
ليلمزونهن، ويحادثونهن، ويلبسون أحسن الملابس والأحذية من أجلهن.
وإن المسلم يا عباد الله! ليندهش عندما يرى ما يراه، كيف صار انتشارهم في رمضان أكثر من غيره، مناظر مخزية، ومناظر مخيفة، ومناظر مؤذنة بشرٍ مقترب، إن دامت حالتنا هذه.
فيا شباب الإسلام.. ويا شباب الدعوة إلى الله..
ويا طلاب العلم! أعداء الإسلام قد أسهروا ليلهم، وأظمئوا نهارهم؛ للفتك بإخوانكم، ولسحبهم من دينهم، ولصدهم عن ذكر ربهم.
ألم تروا كيف يتم التركيز في رمضان على انتقاء أعظم المسلسلات وأشوقها، وأحبها إلى النفوس الرديئة؟!
ألم تروا كيف يتم تصديرهم للألعاب المتنوعة في رمضان، ما هو غرضهم، وما هدفهم؟
والله ما قصدهم بهذا الأمر إلا حرمان المسلمين مما أعده الله لهم، وما قصدهم به إلا إبعاد الشباب عن كتاب ربهم، وصدق الله إذ يقول عنهم:
{شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}[الأنعام:112].
أيها الشباب!
إذا كنتم تعرفون هذا جيداً، فما هو موقفكم؟ وما هو جهادكم؟ وكيف تستطيعون أن تدعوا إخوانكم، وتفكوهم من أسرهم؟
فهم والله مأسورون في أسر الشياطين، وإنكم والله جميعاً مطالبون ومكلفون بفك قيودهم، والله سبحانه يقول:
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[محمد:31].
أيها الشباب!
لا تتقاعسوا، ولا تتوانوا عن الدعوة إلى الله، واعلموا أن للدعوة مجالات عديدة، وأن لها طرقاً مختلفة،
فابحثوا عن طرقها ومجالاتها، وليكن بحثكم هذا هو شغلكم الشاغل، فما أكثر المحتاجين إلى الوعظ والتذكير.
ولقد أعجبي والله فعل بعض الشباب الغيورين، المحبين لإنقاذ إخوانهم؛
فإن بعضهم ما إن يمروا بمجلس من المجالس التي استحوذ عليها الشيطان، حتى يقفوا عندها، ويسلموا على أهلها، ويعظوهم، ويذكروهم
ويحيوا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم:
أنه يأتي قومه في أنديتهم، فيدعوهم، ويصبر على أذاهم وسخريتهم، حتى رفع الله ذكره، وحقق له وعده، ونصره، فساد البلاد، وانقاد له العباد([2]).
عباد الله!
هناك مصيبة أخرى من المصائب التي شوهدت في هذا الشهر الشريف؛
فقد شوهد من بعض المسلمين -هداهم الله- من يصوم نهاره طاعة لله ولرسوله، ثم ما إن تغرب الشمس حتى يحضر دخانه،
فربما أفطر به أولاً، وربما أفطر بغيره ثم به ثانياً، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن للصائم عند فطره دعوة مستجابة([3])،
وكيف هذا سيدعو وهو لاهٍ بإشعال تلك السيجارة، فوالله إنها لمصيبة عظمى! حيث إنه شوهد هذا
وما كاد أحد يتصور أنه يحصل من رجل مسلم يشهد أن لا إلا الله، وأن محمداً رسول الله، كيف يصوم نهاره طاعة لله ولرسوله
ثم ما إن تغرب الشمس حتى يحضر دخانه، ويبارز ربه بمعصيته، فربما يفطر به أولاً، وربما يفطر بغيره ثم به ثانياً؟!
وإن من العجيب جداً! أن هذا يصدر أحياناً من رجال لهم قيمتهم، ولهم مكانتهم بين أهليهم ومجتمعهم.
فيا أخي في الله!
إياك ثم إياك أن تصوم عن الطيبات طاعة الله، ثم تفطر على ما حرمه الله!
ويا هذا! قدم محبة الله على هواك، واتق الله في نفسك، وليكن رمضان منطلق خير لك، لتتوب من هذا الداء العضال الذي ابتليت به، نسأل الله لنا ولك العافية.
أيها المسلم!
ألم تعلم أن هذا الداء قد ثبت تحريمه شرعاً؟! ألم تعلم أنه سبب كل شر، وهو مفتاح باب من أبواب المخدرات؟!
ألم تعلم أنه حاجز بينك وبين جلوسك مع الأخيار؟! ألم تعلم أنه يجرؤ عليك الأشرار ويقربهم منك؟! وبعد الأخيار مع قرب الأشرار من المرء مُؤذنٌ بسقوطه لا محالة.
فنسأل الله أن يصلح شباب المسلمين، وأن يرد ضالهم إليه رداً جميلاً.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
ألم تعلم أن هذا الداء قد ثبت تحريمه شرعاً؟! ألم تعلم أنه سبب كل شر، وهو مفتاح باب من أبواب المخدرات؟!
ألم تعلم أنه حاجز بينك وبين جلوسك مع الأخيار؟! ألم تعلم أنه يجرؤ عليك الأشرار ويقربهم منك؟! وبعد الأخيار مع قرب الأشرار من المرء مُؤذنٌ بسقوطه لا محالة.
فنسأل الله أن يصلح شباب المسلمين، وأن يرد ضالهم إليه رداً جميلاً.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جعل الزكاة أحد أركان الإسلام، وأوجبها في مال الأغنياء طهرة لهم من البخل والشح والآثام،
ومواساة لذوي الحاجة من الفقراء والأرامل والأيتام؛ أحمده تعالى على نعمة الإسلام، وأشكره على مزيد فضله وإحسانه على الدوام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، حثَّ على أداء الزكاة، وحذر من منعها
والتساهل في أدائها، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس!
اتقوا الله تعالى، وأدوا زكاة أموالكم ولا تبخلوا بها، فالله سبحانه وتعالى يقول:
{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[آل عمران:180].
أيها المسلمون!
إن دين الإسلام الذي أكرمنا الله به قد بني على أسس وقواعد مترابطة، وإن من بين أركانه الركينة المتعدي نفعها، والساري نفعها في المجتمع:
أداء الزكاة المفروضة، التي جعلها الله ركناً من أركان دينه، وهي قرينة الصلاة بالقرآن
فَقَلَّ أن يأتي ذكر للصلاة إلا والزكاة مقرونة به، ولقد حذر الله وأنذر من ترك الزكاة بأسلوب لو خوطبت به الجبال الصُم لرأيتموها خاشعة متصدعة، يقول الله سبحانه:
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}
[التوبة:34-35].
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
«مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفِحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ؛ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ؛ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ
كُلَّمَا بَرُدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ»([4]).
أيها المسلمون!
لقد انقسم الناس في أمر الزكاة في هذا اليوم إلى أقسام متعددة، قسم منهم جحدوها فلم يخرجوها، فهم في عداد الكفرة
وقد قاتل أبو بكر رضي الله عنه مانعيها، وقد سمعتم ما ورد بحقهم في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقسم آخر: يخرجونها ولكنهم لا يبرئون ذممهم أمام الله سبحانه
وهؤلاء كثير في وقتنا هذا، فيوجد أناس -هداهم الله- اعتادوا إخراج الزكاة إلى أناس قد اعتادوا أخذها منهم قبل عدة سنين، واستمروا على هذه العادة
حتى إن مدعي الفقر صار يأتي عندك تمام كل حول إلى المزكي، فيقول:
"يا فلان أعطني العويدة"، فيعطيه هذا عادته مباشرة من دون تردد ولا سؤال عن حالته الآن، فإنه ربما كان فقيراً في تلك السنة
ثم أغناه الله بعدها، ولكن نفسه دنيت، واعتادت على أخذ أوساخ أموال المسلمين.
فلتعم أيها الزكي!
أنه يجب عليك السؤال، والبحث عن حالة من ستعطيه زكاة مالك في كل سنة من السنوات؛ فإن كان صادقاً فلا تبخل عليه،
وإن كان كاذباً فازجره، وأعطها من هو أحوج منه، واعلم أنك إن استمريت على فعلتك هذه، وحملك العجز عن السؤال عن حاله؛
فإنك آثم غداً عند الله، والزكاة باقية في ذمتك، وعليك بالذين لا يسألون الناس إلحافاً.
وهناك قسم آخر: يتحرى في إخراجها، ويود أن يخرجها لمستحقيها، ولكنه قد لا يجد؛ لأن المحيطين به من أقاربه وجيرانه ممن أغناهم الله.
فهذا القسم من المزكين أحب أن أنبههم إلى أني أعرف أناساً تجب لهم الزكاة، وهم بحاجة ماسة، كما أنهم من طلبة العلم
ومن الدعاة إلى الله، وممن لا يسألون الناس إلحافاً، فمن أراد أن يأتي بها لإيصالها لهم فلا مانع من ذلك، ومن أراد معرفتهم ليوصلها هو بنفسه فله ذلك.
كما أني لا أنسى أن أذكركم بأن دفع الزكاة إلى المجاهدين في سبيل الله جائزة
بشريطة أن تدفع لمن يوثق به ممن عرفوا بالصلاح، بل وإن في دفعها لهم أجرين، أجر إخراجها وأجر المساهمة في ميدان الجهاد
في ميدان الذين وقفوا أمام أعظم قوة على وجه الأرض فتصدوا لها، تصدوا لها هم وأبناؤكم
فأبناؤكم هناك كثير ولله الحمد، قد حملهم الشوق إلى الجهاد في سبيل الله، فتركوا هذه النعمة، وتركوا هذا الرخاء
وعاشوا في تلك الجبال بين أصوات المدافع وطلقات الرصاص.
فنسأل الله أن يجمعنا بهم، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
أيها المسلمون!
صلوا وسلموا على خير خلق الله محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بذلك، فقال:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[الأحزاب:56]
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن سائر الصحابة أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا،
اللهم وفق ولاة أمورنا لإزالة الملاهي والمنكرات، وإظهار المحاسن وأنواع الخيرات،
اللهم اجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له، ناهين عن المنكر مجتنبين له، محافظين على حدوك، قائمين بطاعتك يا رب العالمين.
اللهم أصلح شباب المسلين، اللهم أصلح شباب المسلين، اللهم أصلح شباب المسلين، اللهم رد ضالهم إليك رداً جميلاً.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله الذي جعل الزكاة أحد أركان الإسلام، وأوجبها في مال الأغنياء طهرة لهم من البخل والشح والآثام،
ومواساة لذوي الحاجة من الفقراء والأرامل والأيتام؛ أحمده تعالى على نعمة الإسلام، وأشكره على مزيد فضله وإحسانه على الدوام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، حثَّ على أداء الزكاة، وحذر من منعها
والتساهل في أدائها، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس!
اتقوا الله تعالى، وأدوا زكاة أموالكم ولا تبخلوا بها، فالله سبحانه وتعالى يقول:
{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[آل عمران:180].
أيها المسلمون!
إن دين الإسلام الذي أكرمنا الله به قد بني على أسس وقواعد مترابطة، وإن من بين أركانه الركينة المتعدي نفعها، والساري نفعها في المجتمع:
أداء الزكاة المفروضة، التي جعلها الله ركناً من أركان دينه، وهي قرينة الصلاة بالقرآن
فَقَلَّ أن يأتي ذكر للصلاة إلا والزكاة مقرونة به، ولقد حذر الله وأنذر من ترك الزكاة بأسلوب لو خوطبت به الجبال الصُم لرأيتموها خاشعة متصدعة، يقول الله سبحانه:
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}
[التوبة:34-35].
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
«مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفِحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ؛ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ؛ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ
كُلَّمَا بَرُدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ»([4]).
أيها المسلمون!
لقد انقسم الناس في أمر الزكاة في هذا اليوم إلى أقسام متعددة، قسم منهم جحدوها فلم يخرجوها، فهم في عداد الكفرة
وقد قاتل أبو بكر رضي الله عنه مانعيها، وقد سمعتم ما ورد بحقهم في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقسم آخر: يخرجونها ولكنهم لا يبرئون ذممهم أمام الله سبحانه
وهؤلاء كثير في وقتنا هذا، فيوجد أناس -هداهم الله- اعتادوا إخراج الزكاة إلى أناس قد اعتادوا أخذها منهم قبل عدة سنين، واستمروا على هذه العادة
حتى إن مدعي الفقر صار يأتي عندك تمام كل حول إلى المزكي، فيقول:
"يا فلان أعطني العويدة"، فيعطيه هذا عادته مباشرة من دون تردد ولا سؤال عن حالته الآن، فإنه ربما كان فقيراً في تلك السنة
ثم أغناه الله بعدها، ولكن نفسه دنيت، واعتادت على أخذ أوساخ أموال المسلمين.
فلتعم أيها الزكي!
أنه يجب عليك السؤال، والبحث عن حالة من ستعطيه زكاة مالك في كل سنة من السنوات؛ فإن كان صادقاً فلا تبخل عليه،
وإن كان كاذباً فازجره، وأعطها من هو أحوج منه، واعلم أنك إن استمريت على فعلتك هذه، وحملك العجز عن السؤال عن حاله؛
فإنك آثم غداً عند الله، والزكاة باقية في ذمتك، وعليك بالذين لا يسألون الناس إلحافاً.
وهناك قسم آخر: يتحرى في إخراجها، ويود أن يخرجها لمستحقيها، ولكنه قد لا يجد؛ لأن المحيطين به من أقاربه وجيرانه ممن أغناهم الله.
فهذا القسم من المزكين أحب أن أنبههم إلى أني أعرف أناساً تجب لهم الزكاة، وهم بحاجة ماسة، كما أنهم من طلبة العلم
ومن الدعاة إلى الله، وممن لا يسألون الناس إلحافاً، فمن أراد أن يأتي بها لإيصالها لهم فلا مانع من ذلك، ومن أراد معرفتهم ليوصلها هو بنفسه فله ذلك.
كما أني لا أنسى أن أذكركم بأن دفع الزكاة إلى المجاهدين في سبيل الله جائزة
بشريطة أن تدفع لمن يوثق به ممن عرفوا بالصلاح، بل وإن في دفعها لهم أجرين، أجر إخراجها وأجر المساهمة في ميدان الجهاد
في ميدان الذين وقفوا أمام أعظم قوة على وجه الأرض فتصدوا لها، تصدوا لها هم وأبناؤكم
فأبناؤكم هناك كثير ولله الحمد، قد حملهم الشوق إلى الجهاد في سبيل الله، فتركوا هذه النعمة، وتركوا هذا الرخاء
وعاشوا في تلك الجبال بين أصوات المدافع وطلقات الرصاص.
فنسأل الله أن يجمعنا بهم، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
أيها المسلمون!
صلوا وسلموا على خير خلق الله محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بذلك، فقال:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[الأحزاب:56]
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
وعن سائر الصحابة أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا،
اللهم وفق ولاة أمورنا لإزالة الملاهي والمنكرات، وإظهار المحاسن وأنواع الخيرات،
اللهم اجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له، ناهين عن المنكر مجتنبين له، محافظين على حدوك، قائمين بطاعتك يا رب العالمين.
اللهم أصلح شباب المسلين، اللهم أصلح شباب المسلين، اللهم أصلح شباب المسلين، اللهم رد ضالهم إليك رداً جميلاً.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
([1]) صحيح البخاري (1/22، ح38) باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان، وصحيح مسلم (1/532، ح760) باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح.
([2]) انظر السيرة الحلبية (1/215)، وسيرة ابن إسحاق (4/200)، والبداية والنهاية (3/40).
([3]) في الحديث: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن للصائم عند فطره دعوة لدعوة ما ترد}.
رواه الحاكم في المستدرك (1/583، ح1535)، وابن ماجه في سننه (1/557، ح1753) باب في الصائم لا ترد دعوته، واللفظ له، وقال في مصباح الزجاجة (2/81): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات"، والطيالسي في مسنده (1/299، ح2262)، ولفظه:{للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة}، "فكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا".
([4]) صحيح مسلم: باب إثم مانع الزكاة (2/380، ح987)، وروى البخاري (2/508، ح1337) باب إثم مانع الزكاة، عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: {تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعط فيها حقها تطؤه بأخفافها، وتأتي الغنم على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها، وقال: ومن حقها أن تحلب على الماء، قال: ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يُعار، فيقول: يا محمد! فأقول: لا أملك لك شيئاً قد بلغت، ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء، فيقول: يا محمد! فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغت}.
تعليق