السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( عدد القراء 6904)
المصدر ((إسلاب ويب))
( خطورة الكلمة )
للشيخ : (محمد حسان )
للشيخ : (محمد حسان )
للكلمة أثر عظيم في الخير أو الشر، فبالكلمة يرضى الله عز وجل عن العبد، حتى تبلغه من ذي العرش رضواناً وبها يسخط الله عز وجل عليه، فيتهاوى بها في دركات النار، فيجب على المسلم أن يحذر من لسانه، وألا يتكلم إلا بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة.
تأكيد الإسلام على خطورة الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ((الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدَاً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ))[الإسراء:111]..



طعن المنافقين في الصالحين
هناك من يجيد الكلمة، ويجيد التمثيل، بل ربما يجيد العبرة؛ ليقال له على شاشات الشيطان الأكبر الموسوم بالتلفاز: إنك رجل عاطفي رقيق! ولا ينبئك عن هذا الصنف الخبيث مثل خبير، يقول جل وعلا:
((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق اللَّهَ ))[البقرة:204-206] فاتق الله، ولا تحارب الله ورسوله! اتق الله ولا تصد عن سبيل الله! فاتق الله ولا تقل: تحت النقاب دعارة! فإن أول من لبست النقاب هن زوجات النبي الطاهرات، اتق الله! ولا تحارب الله ورسوله بحجة أنك تحارب الإرهاب، وأنك تريد أن تقضي على التطرف! فما هو الإرهاب؟ وما هو التطرف؟ قالوا تطرف جيلنا لما سما قدراً وأعطى للطهارة موثقا ورمَوه بالإرهاب حين أبى الخنا ومضى على درب الكرامة وارتقى أوَكان إرهاباً جهادُ نبينا أم كان حقاً بالكتاب مُصَدَّقا أتَطَرُّفٌ إيماننا بالله في عصر تطرف في الهوى وتزندقا؟! إن التطرف أن نذم محمداً والمقتدين به وأن نمدح عفلقا إن التطرف أن نرى من قومنا مَن صانَعَ الكفر اللئيم وأطرقا إن التطرف أن نبادل كافراً حباً ونمنحه الولاء محققا إن التطرف وصمة في وجه مَن حوَّلوا البوسنة رماداً محرقا شتان بين النهر يعذُب ماؤه والبحر في الملح الأجاج تمزقا! اتق الله ولا تعمِّم الأحكام! واتق الله ولا تشوِّه الصورة بكاملها! واتق الله ولا تلطِّخ السمعة بأسرها! اتق الله ولا تجرِّح الكرامة كلها! هل أصبح الدعاة إلى الله والإسلاميون مِن خلفِهم بلا استثناء وبدون تفرقة هم المِشْجَب الذي تُعَلَّق عليه كل الأخطاء؛ من ظلم سياسي، وفساد اجتماعي، وتدهور أخلاقي، وفساد إعلامي وعلمي؟! هل أصبح هؤلاء سر تأخر الأمة، وسبب أزمتها، وسبب تأخرها عن ركب الأمم المتقدمة؟! سبحان ربي العظيم! سبحان رب العظيم! اتق الله -يا عبد الله- ولا تحارب الله ورسوله! اتق الله ولا تضع الحديد والنار أمام دين الله جل وعلا، وأمام المتمسكين بسنة الحبيب رسول الله! اتق الله واعلم بأنك ستُعرض بين يدي الله جل وعلا! ولا تظنن أنك ستقف بين يدي محكمة عسكرية مزوِّرة أو محكمة مدنية تقبل الرشوة، وإنما ستُعرض وستقف بين يدي ملك الملوك جل وعلا. فتذكر يا من تعبد الكرسي الزائل! ويا من تعبد المنصب الفاني! ويا من تعبد القلم السيال في النفاق! اتق الله واعلم أنك ستقف غداً بين يدي الله جل وعلا! فتذكر يا مسكين! وإياك وأن تغتر! تذكر وقوفك يوم العرض بين يدي الله عز وجل، فأين الجاه؟! وأين الوجاهة؟! وأين المال؟! وأين السلطان؟! وأين الجريدة؟! وأين الصحف؟! وأين الإعلام؟! وأين الوزارة؟! وأين الإمارة؟! وأين كل شيء؟! لقد ضاع كل شيء! قال سبحانه عن الظالم أنه يقول:


اقرأ كتابك يا من حاربت الأطهار! ..
اقرأ كتابك يا من حاربت الأشراف! ..
اقرأ كتابك يا من اتهمت الصالحات! ..
اقرأ كتابك يا من اتهمت القانتات! فلما قرأتَ ولم تنكر قراءته وأقررتَ إقرار مَن عرف الأشياء عرفانا نادى الجليل خذوه يا ملائكتي وامضوا بعبدٍ عصى للنار عطشانا المشركون غداً في النار يلتهبوا والموحدون بدار الخلد سكانا فتذكر -يا علماني! يا من حاربت الله ورسوله!- أن أمام عينيك وبين يديك باب التوبة وباب الأمل، فإن باب التوبة لا يُغلَق أمام أحد البتة ما دام قد جاء تائباً إلى الله، منيباً إلى مولاه، فاحترم قلمك، واحترم فكرك، واحترم عقلك، واحترم صحيفتك، واحترم مجلتك، واحترم قُرّاءك، واكتب ما يرضي الله وما يرضي رسول الله، وإن كانت لا هذه ولا تلك فاكتب الذي يرضي العقل الحر الأبي، والقلم المنصف الهادئ. أهذا ما تريدونه؟! وهل هذا حوار أم إشعال للنار؟! قرأتُ على صفحات صفراء الدمن بالحرف الواحد لأحد هؤلاء المرجفين يقول: بعض الملتحين الجدد تذكرك أشكالهم بالصحابة، وبعضهم يذكرونك بكفار قريش!! وقال آخر: أحذركم من الذي يواظب على الصلوات الخمس، وهو يغتسل من جنابة الزنا في حمام المسجد!! هل هذا حوار أم إشعال للنار؟! وهل هذا فكر أم سب وقذف؟! نحن نريد المناقشة، ونريد الحوار الهادئ الذي تنادون به، ونريد العقل والمنطق، فإن أمن البلد لا يهم طائفة من الناس بعينها، إنما يهم كل مسلم ومسلمة؛ لأننا على يقين أنه كلما كان الأمن مستتباً والأمر مستقراً أثمرت الدعوة إلى الله جل وعلا، ولا تظنوا أن البلد يقتصر على طائفة دون طائفة، كلا! والله! قال تعالى:
((وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ))[البقرة:206] أي: إن لم يتب إلى الله، وإن لم يرجع إلى الله جل وعلا.
تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من خطر اللسان
أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم معاذ بن جبل بوصيته الخالدة التي رواها الإمام الترمذي بسند حسن صحيح وفيها: أنه قال لـمعاذ : (ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله.
ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قال: بلى يا رسول الله! فأخذ رسولُ الله بلسانه، ثم قال: كُفَّ عليك هذا.
فقال معاذ : أوَإنا مؤاخذون بما تتكلم به ألسنتنا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائدُ ألسنتهم؟!). فبكلمة تُشْعَل نار الفتن والحروب! وبكلمة خُرِّبت البيوت، وتألمت القلوب، وبكت العيون! بكلمة سُطِّرت في تقريرٍ أسود مِن رجل لا يتقي الله ولا يعبد إلا كرسياً زائلاً ولا يعبد إلا منصباً فانياً خُرِّبت البيوت، وجُرِّحت القلوب، وبكت العيون، وتألمت النفوس! وبكلمة فُرِّق بين زوجين، وبكلمة فُرِّق بين الأخ وأخيه، وبين الوالد وولده، وبين الولد ووالده! كل ذلك بسبب كلمة أيها الأحباب. إن الكلمة أمرها خطير في دين الله، إن أمانة الكلمة -يا من حَمَّلك الله أمانة الكلمة- أمر عظيم.
يا أيها المسئول! ويا من حَمَّلك الله أمانة الإعلام! ويا من منَّ الله عليك بقلم تكتب به! اتق الله! ويا من حَمَّلك والله أمانة التربية! اتق الله! واعلم أنك مسئول بين يدي الله عن هذه الأمانة العظيمة، وأنك مسئول عن كل كلمة سطرها قلمك، وستُسأل هل أردت رضوان الله ورضوان رسول الله أم أردت الدنيا وزينتها ولا حول ولا قوة إلا بالله؟ فاتق الله واعلم أن كل كلمة تتلفظ بها قد سُطِّرت عليك في كتاب عند ربي ((لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى ))[طه:52]. يقول الله جل وعلا : ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ))[ق:16-18]. وقال جل وعلا: ((وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابَاً يَلْقَاهُ مَنشُورَاً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبَاً ))[الإسراء:13-14]. وقال جل وعلا:


ترويج المنافقين لحادثة الإفك
إذا أردتَ -أيها الحبيب- أن تتعرف على خطورة الكلمة بحق فاعلم أنه بسبب كلمات قليلة كاذبة طيَّرها رأس النفاق، وتلقفتها أبواق الدعاية، بثت هذه الكلمات لتنال من عرض أطهر قائد، وأشرف مُرَبٍّ عَرَفَته الدنيا، لتنال من عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!! وهل اتهم الحبيب في عرضه؟! الجواب: نعم، بسبب كلمات خبيثة طيَّرها منافق، وتلقفتها أبواق الدعاية وعصابات الإرجاف والنفاق، تطايرت هذه الكلمات لتنال من أشرف وأطهر عرض، ألا وهو عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ففي الصحيحين من حديث عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يخرج في سفر أقرع بين نسائه، فأيتهن وقع سهمها خرجت معه)، وفي غزوة بني المصطلق ضرب النبي القرعة بين نسائه فوقع السهم على عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فخرجت عائشة مع الحبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. تقول عائشة : (وكنت أُحْمَل في هودجي، وأُنْزَل فيه، وكان هذا بعد نزول آية الحجاب ). والهودج هو: محملٌ أو رحلٌ يوضع على ظهر البعير لتركب فيه المرأة؛ ليكون ستراً لها، فكانت عائشة بعد نزول الحجاب تركب في هذا الهودج، ويُنْزَل هذا الهودج وهي فيه. فلما انتهى رسول الله من غزوِه وقَفَل -أي: عاد-، وقرب من المدينة، وقف الجيش في مكان، وأرادت هذه الزهرة التي نشأت في بستان الحياء أن تقضي حاجتها، فانطلقت عائشة بعيداً عن أعين الجيش لقضاء حاجتها، فلما عادت إلى هودجها ومكانها التمست صدرها فلم تجد عقدها، فعادت لتبحث عن عقدها في موضع قضاء شأنها، فأخرها البحث، فعادت مرة أخرى فلم تجد بموضع الجيش من داعٍ ولا مجيب! فجلست عائشة رضي الله عنها في موضعها، فغلبتها عينها فنامت، وهي تعتقد أن القوم إذا فقدوها سيرجعون إليها مرةً أخرى، وكان من وراء الجيش صفوان بن المعطل السلمي رضوان الله عليه، فاقترب صفوان فرأى سواد إنسان نائم، فعرفها فقال: (إنا لله وإنا إليه راجعون)؛ عائشة وقد كان يراها قبل نزول آية الحجاب. تقول عائشة : (فاستيقظتُ من نومي على استرجاعه -أي: على قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون- فأناخ راحلته فركبتُها، ووالله! ما سمعت منه كلمةً غير استرجاعه، ثم انطلق يقود بي الراحلة، فأدركنا الجيش وقد نزلوا موغلين في نحر الظهيرة -أي: في وقت شدة الحر- فهلك في شأني مَن هلك، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول . وفي بعض الروايات في غير الصحيحين: قال المنافق الخبيث: من هذه؟ قالوا: عائشة . قال: ومن هذا؟ قالوا: صفوان . فقال الخبيث المجرم -وما أكثرهم اليوم-: زوج نبيكم تبيت مع رجل حتى الصباح، ثم جاء يقودها؟! والله! ما نجت منه، وما نجا منها! فقال قولة عفنة خبيثة شريرة، وتلقفت هذه الكلمات أبواق الدعاية وعصابات الإرجاف والنفاق، وانطلق المنافقون والمرجفون يرددون هذه الكلمات؛ لتنال من عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. رُحماك ..
رحماك يا ألله! رسول الله يُتَّهم في عرضه وهو الطاهر الذي فاضت طهارته على العالمين؟! رسول الله يُتَّهم في صيانة حرمته وهو القائم على صيانة الحرمات في أمته؟! فيا أيها الدعاة! ويا أيها الشباب! هذا رسولكم يُبتلى ..
هذا رسولكم يُمتحن ..
هذا رسولكم تُصَب الابتلاءات على رأسه ..
يُتَّهم في عرضه ..
يُتَّهم في شرفه ..
يوضع التراب على رأسه ..
يوضع سلى الجزور على ظهره، وبالرغم من ذلك ما قال: يا رب! دعوتُ الناس فلم يستجب لي أحد! وما قال: يا رب! لِمَ تحكم الطواغيت وتمكنهم من رقابنا؟! ولِمَ تحكم الطواغيت وتمكنهم من ظهور الموحدين؟! فإن هذه نغمة أراها تتردد الآن على ألسنة بعض أحبابنا من شبابنا المتحمس الذي اشتد عليه الإيذاء، وكثرت عليه الفتن والمحن، وهذا سوء أدب مع الله يا أخيار! لأن الله جل وعلا يقول عن نفسه:












تُرمى في عرضها ..
تُرمى في شرفها، والمرأة تُتَّهم في كل شيء إذا اتهمت في عرضها وشرفها. وهذا هو صديق الأمة الأكبر، ذلكم الرجل الرقيق الوديع الحليم الذي بذل ماله وروحه، بل وبذل أولاده لدين الله؛ يُتَّهم بهذا الاتهام الخطير المريب، وفيمن يتهم؟! يتهم في عائشة ..
في زوج رسوله ونبيه ومصطفاه! وهذا هو صفوان بن المعطل يُتَّهم في عقيدته وفي دينه يوم أن يُرمى بخيانة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم! إنه الابتلاء أيها الأحباب! وأنا لا أريد أن أتوقف مع لفظ الحديث بطوله، وإنما أريد أن أتوقف مع محل الشاهد فقط: تقول عائشة رضوان الله عليها: (فلما عدنا إلى المدينة مرضت شهراً كاملاً، وأنا لا أعلم شيئاً عن قول أهل الإفك، إلا أنه يريبني أني لا أرى من رسول الله اللطف الذي كنتُ أرى حينما أشتكي، بل كان يدخل رسول الله عليّ ويقول: (كيف تيكم؟! ثم ينصرف) فخرجت ذات يوم لقضاء حاجتها مع أم مسطح، فأخبرتها بقول أهل الإفك، فازدادت مرضاً على مرضها، فعاد إليها الرسول يوماً فقالت: أتأذن لي -يا رسول الله- أن أذهب إلى أبَوَي؟ تقول: وأنا أريد أن أتحقق الخبر من قبلهما، فأذن لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم). الشاهد -أيها الأحباب- أن رسول الله ذهب يوماً لزيارة عائشة، فسلم وجلس إلى جوارها، وكانت امرأةٌ من الأنصار قد جلست إلى جوارها تبكي لبكائها، فتشهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحمد الله وأثنى عليه، ثم نظر إلى عائشة وقال: (يا عائشة ! إنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنتِ بريئة فسيبرئك الله عزَّ وجل، وإن كنتِ قد ألممتِ بذنبٍ فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا أذنب واعترف بذنبه وتاب إلى الله تاب الله عليه). لا إله إلا الله! كلمات تهدهد الحجارة، وتفتت الكبد! عائشة تسمع هذا من رسولها ومن حبيبها وزوجها صلى الله عليه وآله وسلم! فلما سمعت عائشة هذه الكلمات جف الدمع في مقلتيها، ونظرت إلى أبيها صديق الأمة الأكبر وهي تريد أن يرد أبوها عنها هذا الاتهام، وهذه الكلمات المزلزلة فقالت: (يا أبت! أجب عني رسول الله، فنظر إليها الصديق -الذي هدهد الألم قلبه، وعصر الإفك فؤاده- نظر إليها نظرة استعطاف وهو يقول: (والله! يا ابنتي! ما أجد ما أقوله لرسول الله) فنظرت البنت المسكينة إلى أمها وقالت: (يا أماه! أجيبي عني رسول الله) فقالت الأم المسكينة -التي عصر الألم كبدها وفؤادها-: (والله! يا بنيتي! ما أجد ما أقول لرسول الله) فبكت عائشة رضي الله عنها، وقالت: والله! ما أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف:






هناك الكلمة المنيرة ..
هناك الكلمة الصالحة التي تخدم دين الله، والتي ترد وتذب عن عرض الطيبين والطيبات، فلِمَ لا تكون -أيها الحبيب- من أصحاب هذه الكلمة الطيبة؟ ..
أيها المسلم! ..
أيها المسئول في الإعلام! ..
أيها الصحفي! ..
أيها السائق للسيارة! ..
أيها المسلم في مصنعه! ..
أيها المسلم في متجره! ..
أيها المسلم في بقالته!..
أيها المسلم في الشارع ..
أيتها المسلمة في كل مكان! لِمَ لا تكونون من أصحاب الكلمة الطيبة التي تدافع عن دين الله، وتدعو إليه، وتنافح عن أعراض الطيبين والطيبات؟ لماذا لا نتاجر بهذه الكلمة الطيبة مع رب الأرض والسماوات؟ إن الكلمة الطيبة صدقة، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصدق! فإن الصدق يهدي إلى البر؛ وإن البر يهدي إلى الجنة؛ وإن الرجل ليصدُق ويتحرَّى الصدق حتى يُكتَب عند الله صِدِّيقاً، وإياكم والكذب! فإن الكذب يهدي إلى الفجور؛ وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرَّى الكذب حتى يُكتَب عند الله كذاباً) والحديث رواه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه. الكلمة الطيبة ضرب الله لها مثلاً في قرآنه بالشجرة الطيبة فقال:


أثر الكلمة الطيبة في إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه







فعرض النبي عليه الإسلامَ، فقال الطفيل : امدد يدك لأبايعك: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله) كلمة الحق لا تمنعها السدود، أوصلها الله جل وعلا إليه.
قصة عمير بن سعد مع الجلاس بن سويد



دعوة هذا الفتى الصادق، فينزل الوحي على رسول الله، وتصمت الكلمات، وتحبس الأنفاس، وتتعلق الأبصار برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسُرِّي عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو يتلو قول الله جل وعلا:








إلى آخر هذه الكلمات المريرة المؤلمة، بل أنت مأمور الآن أن تتحرك بالدعوة بقدر ما منَّ الله عليك به من سلاح الخلق العذب، والحكمة البالغة، والموعظة الحسنة، وضع نصب عينيك هذين الأمرين الجليلين من الله لسيد الدعاة: الأول: قوله تعالى:




واجب أهل الحق تجاه الدعوة إلى الله عز وجل

فتحركوا لإيجاد رأي عام مضاد بالكلمة الطيبة والحكمة البالغة والموعظة الحسنة.


وقد احتفلت وزارة الدفاع -البنتاجون- في شهر ديسمبر في العام المنصرم احتفالاً رسمياً بتنصيب أول إمام للجيش الأمريكي؛ ليصلي بالمسلمين الموحدين في الجيش الأمريكي الصلوات في أوقات الدوام الرسمي. والتقينا بأخت أمريكية مسلمة تسمى: كيليرا محمد ، هذه الأخت منَّ الله عليها بالمال، فأنفقت مالها كله لدين الكبير المتعالي، فأنشأت في أمريكا خمسين مدرسة إسلامية. وفي ولاية (فرجينيا) أنشأت الأخت نفسُها كليةً تُسمى بـ(كلية المعلمين) لتخرِّج المدرسين والمدرسات الذين يدرسون في هذه المدارس. فهذا وعْدُ مَن؟ إنه وعد الله! الله أكبر! إنه وعد الله جل وعلا، قال الشاعر: صبحٌ تنفس بالضياء وأشرقا والصحوة الكبرى تهز البيرقا وشبيبة الإسلام هذا فيلقٌ في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا وقواسم الإيمان تتخذ المدى درباً وتصنع للمحيط الزورقا وما أمر هذه الصحوةِ الكبرى سوى وعدٍ من الله الجليل تحققا هي نخلة طاب الثرى فنما لها جذع قوي في التراب وأعذقا هي في رياض قلوبنا زيتونة في جذعها غصن الكرامة أورقا فجرٌ تدفق مَن سيحبس نوره أرني يداً سدت علينا المَشرقا أيها الأحبة! يقول الله جل وعلا:

