السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( عدد القراء 6904)
المصدر ((إسلاب ويب))
( خطورة الكلمة )
للشيخ : (محمد حسان )
للشيخ : (محمد حسان )
للكلمة أثر عظيم في الخير أو الشر، فبالكلمة يرضى الله عز وجل عن العبد، حتى تبلغه من ذي العرش رضواناً وبها يسخط الله عز وجل عليه، فيتهاوى بها في دركات النار، فيجب على المسلم أن يحذر من لسانه، وألا يتكلم إلا بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة.
تأكيد الإسلام على خطورة الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ((الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدَاً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ))[الإسراء:111]..
وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ))[المؤمنون:91]، الحمد لله الذي لا إله إلا هو، فلا خالق غيره، ولا رب سواه، المستحق لجميع أنواع العبادة؛ ولذا قضى إلا نعبد إلا إياه ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [لقمان:30]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدَّى الأمانة، وبلَّغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته وإمامته، وصلِّ اللهم وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة التي طال شوقي إليها، وزكَّى الله هذه الأنفس التي انصهرنا معها في بوتقة الحب في الله، وشرح الله هذه الصدور التي جمعنا وإياها كتاب الله. أحبائي يا ملء الفؤاد تحيةً تجوز إليكم كل سفحٍ وعائقِ لقد شدني شوق إليكم مكلل بالحب والتقدير والدعاء المشفقِ وأرَّقني في المُظلِمات عليكمُ تكالب أعداء سعوا بالبوائقِ أردتم رضا الرحمن قلباً وقالباً وما أرادوا إلا حقير المآزقِ فسدد الله على درب الحق خطاكمُ وجنبكم فيه خفي المزالقِ مرحباً بأحبابي! مرحباً بأصحابي أوسمة السنة والشرف! طبتم جميعاً، وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً. واسمحوا لي أن أخص بالتحية صانعة الأجيال، ومربية الرجال، التي تربعت طيلة القرون الماضية على عرش حيائها، تهز المهد بيمينها، وتزلزل عروش الكفر بشمالها، فمرحباً مرحباً بكِ -يا صاحبة النقاب- عهد غربة الإسلام الثانية! يا درةً حُفظت في الأمس غاليةً واليوم يبغونها للهو واللعب يا قرةً قد أرادوا جَعْلها أمَداً غريبة العقل غريبة النسب هل يستوي مَن رسولُ الله قائدُه دوماً وآخرُ هاديه أبو لهب وأين مَن كانت الزهراء أسوتُها ممن تخطت خطى حمالة الحطب فلا تبالي يا صاحبة النقاب! لا تبالي يا أختاه! فلا تبالي بما يُلقون من شُبَهٍِ وعندك الشرع إن تدعيه يستجب سليه مَن أنا لمننسبي من أهلي للغرب أم أنا للإسلام والعرب لمن ولائي لمن حبي لمن عملي لله أم لدعاة الإثم والكذب وما مكاني في دنيا تموج بنا في موضع الرأس أم في موضع الذنب هما سبيلان يا أختاه فاكسبي خيراً أو اكتسبي سبيل ربك والقرآن منهجه نور من الله لم يُحجَب ولم يغِب فاستمسكي بعرى الإيمان واعتزي وصابري واصبري لله واحتسبي حياكِ الله يا صاحبة النقاب! وحياكم الله يا أصحاب أوسمة السنة والشرف! يا أصحاب اللحى! أسأل الله جل وعلا أن يجمعني وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته ومستقر رحمته؛ إنه ولي ذلك ومولاه، ((وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[المائدة:120]. (خطورة الكلمة) هذا هو عنوان محاضرتنا، فأعيروني القلوب والأسماع؛ فإن هذا الموضوع في هذه الأيام بالذات من الأهمية بمكان، لا سيما ونحن نشهد الآن حرب الكلمة بكل أشكالها وصورها، مقروءة ومسموعة ومرئية، بل ومرسومة. أيها الأحبة! إن ترك الألسنة تُلقي التهم جُزافاً بدون بينة أو دليل يترك المجال فسيحاً لكل من شاء أن يقول ما شاء في أي وقت شاء، ثم يمضي آمناً مطمئناً ليصبح نجماً تلفزيونياً بارعاً تصور صوره، وتترجم كلماته! وبعدها تصبح الجماعة وتمسي وأعراضها مجرَّحة، وسمعتها ملوثة، وإذا كل فرد فيها متهم أو مهدد بالاتهام، وهذه حالة من القلق والشك والريبة لا تطاق. ومن ثم أكد الإسلام على خطورة الكلمة، فبكلمة -أيها المسلم الحبيب- تدخل دين الله، وبكلمة تخرج من دين الله، وبكلمة تنال رضوان الله، وبكلمة تنال سخط الله، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة واللفظ للبخاري أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يُلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم).
طعن المنافقين في الصالحين
هناك من يجيد الكلمة، ويجيد التمثيل، بل ربما يجيد العبرة؛ ليقال له على شاشات الشيطان الأكبر الموسوم بالتلفاز: إنك رجل عاطفي رقيق! ولا ينبئك عن هذا الصنف الخبيث مثل خبير، يقول جل وعلا:
((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق اللَّهَ ))[البقرة:204-206] فاتق الله، ولا تحارب الله ورسوله! اتق الله ولا تصد عن سبيل الله! فاتق الله ولا تقل: تحت النقاب دعارة! فإن أول من لبست النقاب هن زوجات النبي الطاهرات، اتق الله! ولا تحارب الله ورسوله بحجة أنك تحارب الإرهاب، وأنك تريد أن تقضي على التطرف! فما هو الإرهاب؟ وما هو التطرف؟ قالوا تطرف جيلنا لما سما قدراً وأعطى للطهارة موثقا ورمَوه بالإرهاب حين أبى الخنا ومضى على درب الكرامة وارتقى أوَكان إرهاباً جهادُ نبينا أم كان حقاً بالكتاب مُصَدَّقا أتَطَرُّفٌ إيماننا بالله في عصر تطرف في الهوى وتزندقا؟! إن التطرف أن نذم محمداً والمقتدين به وأن نمدح عفلقا إن التطرف أن نرى من قومنا مَن صانَعَ الكفر اللئيم وأطرقا إن التطرف أن نبادل كافراً حباً ونمنحه الولاء محققا إن التطرف وصمة في وجه مَن حوَّلوا البوسنة رماداً محرقا شتان بين النهر يعذُب ماؤه والبحر في الملح الأجاج تمزقا! اتق الله ولا تعمِّم الأحكام! واتق الله ولا تشوِّه الصورة بكاملها! واتق الله ولا تلطِّخ السمعة بأسرها! اتق الله ولا تجرِّح الكرامة كلها! هل أصبح الدعاة إلى الله والإسلاميون مِن خلفِهم بلا استثناء وبدون تفرقة هم المِشْجَب الذي تُعَلَّق عليه كل الأخطاء؛ من ظلم سياسي، وفساد اجتماعي، وتدهور أخلاقي، وفساد إعلامي وعلمي؟! هل أصبح هؤلاء سر تأخر الأمة، وسبب أزمتها، وسبب تأخرها عن ركب الأمم المتقدمة؟! سبحان ربي العظيم! سبحان رب العظيم! اتق الله -يا عبد الله- ولا تحارب الله ورسوله! اتق الله ولا تضع الحديد والنار أمام دين الله جل وعلا، وأمام المتمسكين بسنة الحبيب رسول الله! اتق الله واعلم بأنك ستُعرض بين يدي الله جل وعلا! ولا تظنن أنك ستقف بين يدي محكمة عسكرية مزوِّرة أو محكمة مدنية تقبل الرشوة، وإنما ستُعرض وستقف بين يدي ملك الملوك جل وعلا. فتذكر يا من تعبد الكرسي الزائل! ويا من تعبد المنصب الفاني! ويا من تعبد القلم السيال في النفاق! اتق الله واعلم أنك ستقف غداً بين يدي الله جل وعلا! فتذكر يا مسكين! وإياك وأن تغتر! تذكر وقوفك يوم العرض بين يدي الله عز وجل، فأين الجاه؟! وأين الوجاهة؟! وأين المال؟! وأين السلطان؟! وأين الجريدة؟! وأين الصحف؟! وأين الإعلام؟! وأين الوزارة؟! وأين الإمارة؟! وأين كل شيء؟! لقد ضاع كل شيء! قال سبحانه عن الظالم أنه يقول: مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ [الحاقة:28-29]. تذكر وقوفك يوم العرض عرياناً مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا والنار تلهب من غيظٍ ومن حنقٍ على العصاة ورب العرش غضبانا اقرأ كتابك يا عبدي على مهل فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا اقرأ كتابك يا من حاربت الله! ..
اقرأ كتابك يا من حاربت الأطهار! ..
اقرأ كتابك يا من حاربت الأشراف! ..
اقرأ كتابك يا من اتهمت الصالحات! ..
اقرأ كتابك يا من اتهمت القانتات! فلما قرأتَ ولم تنكر قراءته وأقررتَ إقرار مَن عرف الأشياء عرفانا نادى الجليل خذوه يا ملائكتي وامضوا بعبدٍ عصى للنار عطشانا المشركون غداً في النار يلتهبوا والموحدون بدار الخلد سكانا فتذكر -يا علماني! يا من حاربت الله ورسوله!- أن أمام عينيك وبين يديك باب التوبة وباب الأمل، فإن باب التوبة لا يُغلَق أمام أحد البتة ما دام قد جاء تائباً إلى الله، منيباً إلى مولاه، فاحترم قلمك، واحترم فكرك، واحترم عقلك، واحترم صحيفتك، واحترم مجلتك، واحترم قُرّاءك، واكتب ما يرضي الله وما يرضي رسول الله، وإن كانت لا هذه ولا تلك فاكتب الذي يرضي العقل الحر الأبي، والقلم المنصف الهادئ. أهذا ما تريدونه؟! وهل هذا حوار أم إشعال للنار؟! قرأتُ على صفحات صفراء الدمن بالحرف الواحد لأحد هؤلاء المرجفين يقول: بعض الملتحين الجدد تذكرك أشكالهم بالصحابة، وبعضهم يذكرونك بكفار قريش!! وقال آخر: أحذركم من الذي يواظب على الصلوات الخمس، وهو يغتسل من جنابة الزنا في حمام المسجد!! هل هذا حوار أم إشعال للنار؟! وهل هذا فكر أم سب وقذف؟! نحن نريد المناقشة، ونريد الحوار الهادئ الذي تنادون به، ونريد العقل والمنطق، فإن أمن البلد لا يهم طائفة من الناس بعينها، إنما يهم كل مسلم ومسلمة؛ لأننا على يقين أنه كلما كان الأمن مستتباً والأمر مستقراً أثمرت الدعوة إلى الله جل وعلا، ولا تظنوا أن البلد يقتصر على طائفة دون طائفة، كلا! والله! قال تعالى:
((وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ))[البقرة:206] أي: إن لم يتب إلى الله، وإن لم يرجع إلى الله جل وعلا.
تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من خطر اللسان
أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم معاذ بن جبل بوصيته الخالدة التي رواها الإمام الترمذي بسند حسن صحيح وفيها: أنه قال لـمعاذ : (ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله.
ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قال: بلى يا رسول الله! فأخذ رسولُ الله بلسانه، ثم قال: كُفَّ عليك هذا.
فقال معاذ : أوَإنا مؤاخذون بما تتكلم به ألسنتنا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائدُ ألسنتهم؟!). فبكلمة تُشْعَل نار الفتن والحروب! وبكلمة خُرِّبت البيوت، وتألمت القلوب، وبكت العيون! بكلمة سُطِّرت في تقريرٍ أسود مِن رجل لا يتقي الله ولا يعبد إلا كرسياً زائلاً ولا يعبد إلا منصباً فانياً خُرِّبت البيوت، وجُرِّحت القلوب، وبكت العيون، وتألمت النفوس! وبكلمة فُرِّق بين زوجين، وبكلمة فُرِّق بين الأخ وأخيه، وبين الوالد وولده، وبين الولد ووالده! كل ذلك بسبب كلمة أيها الأحباب. إن الكلمة أمرها خطير في دين الله، إن أمانة الكلمة -يا من حَمَّلك الله أمانة الكلمة- أمر عظيم.
يا أيها المسئول! ويا من حَمَّلك الله أمانة الإعلام! ويا من منَّ الله عليك بقلم تكتب به! اتق الله! ويا من حَمَّلك والله أمانة التربية! اتق الله! واعلم أنك مسئول بين يدي الله عن هذه الأمانة العظيمة، وأنك مسئول عن كل كلمة سطرها قلمك، وستُسأل هل أردت رضوان الله ورضوان رسول الله أم أردت الدنيا وزينتها ولا حول ولا قوة إلا بالله؟ فاتق الله واعلم أن كل كلمة تتلفظ بها قد سُطِّرت عليك في كتاب عند ربي ((لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى ))[طه:52]. يقول الله جل وعلا : ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ))[ق:16-18]. وقال جل وعلا: ((وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابَاً يَلْقَاهُ مَنشُورَاً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبَاً ))[الإسراء:13-14]. وقال جل وعلا: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولَاً [الإسراء:36]. فستُسأل بين يدي الله عن كل كلمة. وإنَّ أخطر ما ينبغي أن أحذر منه أن هؤلاء المرجفين والمنافقين الذين أعلنوا الحرب الضروس على الإسلام والمسلمين، وهم يملكون أحدث أبواق الدعاية؛ إن أخطر ما أحذر منه أن بعض الطيبين قد رددوا هذه الكلمات الخطيرة التي لو مزجت -والله- بماء البحار لمزجتها! فلا ينبغي لهم أن يرددوا هذه الكلمات التي نطق بها أهل الإرجاف.
ترويج المنافقين لحادثة الإفك
إذا أردتَ -أيها الحبيب- أن تتعرف على خطورة الكلمة بحق فاعلم أنه بسبب كلمات قليلة كاذبة طيَّرها رأس النفاق، وتلقفتها أبواق الدعاية، بثت هذه الكلمات لتنال من عرض أطهر قائد، وأشرف مُرَبٍّ عَرَفَته الدنيا، لتنال من عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!! وهل اتهم الحبيب في عرضه؟! الجواب: نعم، بسبب كلمات خبيثة طيَّرها منافق، وتلقفتها أبواق الدعاية وعصابات الإرجاف والنفاق، تطايرت هذه الكلمات لتنال من أشرف وأطهر عرض، ألا وهو عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ففي الصحيحين من حديث عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يخرج في سفر أقرع بين نسائه، فأيتهن وقع سهمها خرجت معه)، وفي غزوة بني المصطلق ضرب النبي القرعة بين نسائه فوقع السهم على عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فخرجت عائشة مع الحبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. تقول عائشة : (وكنت أُحْمَل في هودجي، وأُنْزَل فيه، وكان هذا بعد نزول آية الحجاب ). والهودج هو: محملٌ أو رحلٌ يوضع على ظهر البعير لتركب فيه المرأة؛ ليكون ستراً لها، فكانت عائشة بعد نزول الحجاب تركب في هذا الهودج، ويُنْزَل هذا الهودج وهي فيه. فلما انتهى رسول الله من غزوِه وقَفَل -أي: عاد-، وقرب من المدينة، وقف الجيش في مكان، وأرادت هذه الزهرة التي نشأت في بستان الحياء أن تقضي حاجتها، فانطلقت عائشة بعيداً عن أعين الجيش لقضاء حاجتها، فلما عادت إلى هودجها ومكانها التمست صدرها فلم تجد عقدها، فعادت لتبحث عن عقدها في موضع قضاء شأنها، فأخرها البحث، فعادت مرة أخرى فلم تجد بموضع الجيش من داعٍ ولا مجيب! فجلست عائشة رضي الله عنها في موضعها، فغلبتها عينها فنامت، وهي تعتقد أن القوم إذا فقدوها سيرجعون إليها مرةً أخرى، وكان من وراء الجيش صفوان بن المعطل السلمي رضوان الله عليه، فاقترب صفوان فرأى سواد إنسان نائم، فعرفها فقال: (إنا لله وإنا إليه راجعون)؛ عائشة وقد كان يراها قبل نزول آية الحجاب. تقول عائشة : (فاستيقظتُ من نومي على استرجاعه -أي: على قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون- فأناخ راحلته فركبتُها، ووالله! ما سمعت منه كلمةً غير استرجاعه، ثم انطلق يقود بي الراحلة، فأدركنا الجيش وقد نزلوا موغلين في نحر الظهيرة -أي: في وقت شدة الحر- فهلك في شأني مَن هلك، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول . وفي بعض الروايات في غير الصحيحين: قال المنافق الخبيث: من هذه؟ قالوا: عائشة . قال: ومن هذا؟ قالوا: صفوان . فقال الخبيث المجرم -وما أكثرهم اليوم-: زوج نبيكم تبيت مع رجل حتى الصباح، ثم جاء يقودها؟! والله! ما نجت منه، وما نجا منها! فقال قولة عفنة خبيثة شريرة، وتلقفت هذه الكلمات أبواق الدعاية وعصابات الإرجاف والنفاق، وانطلق المنافقون والمرجفون يرددون هذه الكلمات؛ لتنال من عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. رُحماك ..
رحماك يا ألله! رسول الله يُتَّهم في عرضه وهو الطاهر الذي فاضت طهارته على العالمين؟! رسول الله يُتَّهم في صيانة حرمته وهو القائم على صيانة الحرمات في أمته؟! فيا أيها الدعاة! ويا أيها الشباب! هذا رسولكم يُبتلى ..
هذا رسولكم يُمتحن ..
هذا رسولكم تُصَب الابتلاءات على رأسه ..
يُتَّهم في عرضه ..
يُتَّهم في شرفه ..
يوضع التراب على رأسه ..
يوضع سلى الجزور على ظهره، وبالرغم من ذلك ما قال: يا رب! دعوتُ الناس فلم يستجب لي أحد! وما قال: يا رب! لِمَ تحكم الطواغيت وتمكنهم من رقابنا؟! ولِمَ تحكم الطواغيت وتمكنهم من ظهور الموحدين؟! فإن هذه نغمة أراها تتردد الآن على ألسنة بعض أحبابنا من شبابنا المتحمس الذي اشتد عليه الإيذاء، وكثرت عليه الفتن والمحن، وهذا سوء أدب مع الله يا أخيار! لأن الله جل وعلا يقول عن نفسه: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] ورب الكعبة! إنه ليس أحد أغير على الحق وأهله من الله جل وعلا، فلا تتعجلوا النتائج، ولا تسيئوا الأدب مع ربكم جل وعلا، واعلموا أن الحال كما قال عز وجل: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:2]، فليس الإيمان كلمة تقال باللسان فحسب، ولكن الإيمان حقيقة ذات تكاليف، وأمانة عظيمة ذات أعباء، قال عز وجل: وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:3]، وقال عز وجل: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:214] وليس مثلهم مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ [البقرة:214] مَن القائل؟ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214]. فرسول الله ابتُلي واتُّهم في عرضه وفي شرفه؛ وهو القائم على صيانة الحرمات في أمته!! وهاهي عائشة رضوان الله عليها تلكم الزهرة التي تفتحت في حقل الإسلام، وسُقيت بمداد الوحي على يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ تُرمى في أشرف وأعز ما تعتز به كل فتاة شريفة ..
تُرمى في عرضها ..
تُرمى في شرفها، والمرأة تُتَّهم في كل شيء إذا اتهمت في عرضها وشرفها. وهذا هو صديق الأمة الأكبر، ذلكم الرجل الرقيق الوديع الحليم الذي بذل ماله وروحه، بل وبذل أولاده لدين الله؛ يُتَّهم بهذا الاتهام الخطير المريب، وفيمن يتهم؟! يتهم في عائشة ..
في زوج رسوله ونبيه ومصطفاه! وهذا هو صفوان بن المعطل يُتَّهم في عقيدته وفي دينه يوم أن يُرمى بخيانة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم! إنه الابتلاء أيها الأحباب! وأنا لا أريد أن أتوقف مع لفظ الحديث بطوله، وإنما أريد أن أتوقف مع محل الشاهد فقط: تقول عائشة رضوان الله عليها: (فلما عدنا إلى المدينة مرضت شهراً كاملاً، وأنا لا أعلم شيئاً عن قول أهل الإفك، إلا أنه يريبني أني لا أرى من رسول الله اللطف الذي كنتُ أرى حينما أشتكي، بل كان يدخل رسول الله عليّ ويقول: (كيف تيكم؟! ثم ينصرف) فخرجت ذات يوم لقضاء حاجتها مع أم مسطح، فأخبرتها بقول أهل الإفك، فازدادت مرضاً على مرضها، فعاد إليها الرسول يوماً فقالت: أتأذن لي -يا رسول الله- أن أذهب إلى أبَوَي؟ تقول: وأنا أريد أن أتحقق الخبر من قبلهما، فأذن لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم). الشاهد -أيها الأحباب- أن رسول الله ذهب يوماً لزيارة عائشة، فسلم وجلس إلى جوارها، وكانت امرأةٌ من الأنصار قد جلست إلى جوارها تبكي لبكائها، فتشهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحمد الله وأثنى عليه، ثم نظر إلى عائشة وقال: (يا عائشة ! إنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنتِ بريئة فسيبرئك الله عزَّ وجل، وإن كنتِ قد ألممتِ بذنبٍ فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا أذنب واعترف بذنبه وتاب إلى الله تاب الله عليه). لا إله إلا الله! كلمات تهدهد الحجارة، وتفتت الكبد! عائشة تسمع هذا من رسولها ومن حبيبها وزوجها صلى الله عليه وآله وسلم! فلما سمعت عائشة هذه الكلمات جف الدمع في مقلتيها، ونظرت إلى أبيها صديق الأمة الأكبر وهي تريد أن يرد أبوها عنها هذا الاتهام، وهذه الكلمات المزلزلة فقالت: (يا أبت! أجب عني رسول الله، فنظر إليها الصديق -الذي هدهد الألم قلبه، وعصر الإفك فؤاده- نظر إليها نظرة استعطاف وهو يقول: (والله! يا ابنتي! ما أجد ما أقوله لرسول الله) فنظرت البنت المسكينة إلى أمها وقالت: (يا أماه! أجيبي عني رسول الله) فقالت الأم المسكينة -التي عصر الألم كبدها وفؤادها-: (والله! يا بنيتي! ما أجد ما أقول لرسول الله) فبكت عائشة رضي الله عنها، وقالت: والله! ما أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يوسف:18]) فصبر جميل يا صويحبات النقاب! والله المستعان على ما يصف المرجفون! فصبر جميل يا أصحاب أوسمة السنة والشرف! والله المستعان على ما يصف المنافقون! تقول عائشة : ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يوسف:18]، واضطجعت في فراشها وهي تقول: والله! إني لَبريئة، وإن الله مبرئي ببراءة؛ ولكني ما ظننتُ أن يُنزل الله في شأني وحياً يُتلى، فلَشأني في نفسي كان أحقر من أن يُنزل الله فيَّ قرآناً يُتلى؛ ولكني كنتُ أرجو أن يرى رسول الله رؤيا في نومه يبرِّئني الله فيها، فوالله! ما رام رسول الله مجلسه؛ وإذا بالوحي يتنزَّل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان الوحي إذا نزل عليه عرف الناس منه ذلك من شدة ما يتنزَّل عليه، وصمتت الألسنة، وتوقفت الكلمات، وتعلقت الأبصار برسول الله، وانتهى الوحي، وسُرِّي عن الحبيب، فسُرِّي عنه وهو يضحك، فالتفت إلى عائشة وهو يقول: (يا عائشة ! أبشري، فلقد برأك الله من فوق سبع سماوات) فقامت أمها في فرح وسعادة وسرور وقالت لابنتها: (قومي يا عائشة ! -أي: قومي إلى رسول الله- فاحمدي، واشكري رسول الله) فقالت عائشة : (لا، والله! لا أقوم إلى رسول الله، ولا أحمد رسول الله، بل لا أحمد إلا الله عزَّ وجل الذي أنزل براءتي من فوق سبع سماوات) وتلا النبي صلى الله عليه وآله
فضل الكلمة الطيبة في مقابل الكلمة الخطيرة الشريرة هناك الكلمة الطيبة ..
هناك الكلمة المنيرة ..
هناك الكلمة الصالحة التي تخدم دين الله، والتي ترد وتذب عن عرض الطيبين والطيبات، فلِمَ لا تكون -أيها الحبيب- من أصحاب هذه الكلمة الطيبة؟ ..
أيها المسلم! ..
أيها المسئول في الإعلام! ..
أيها الصحفي! ..
أيها السائق للسيارة! ..
أيها المسلم في مصنعه! ..
أيها المسلم في متجره! ..
أيها المسلم في بقالته!..
أيها المسلم في الشارع ..
أيتها المسلمة في كل مكان! لِمَ لا تكونون من أصحاب الكلمة الطيبة التي تدافع عن دين الله، وتدعو إليه، وتنافح عن أعراض الطيبين والطيبات؟ لماذا لا نتاجر بهذه الكلمة الطيبة مع رب الأرض والسماوات؟ إن الكلمة الطيبة صدقة، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصدق! فإن الصدق يهدي إلى البر؛ وإن البر يهدي إلى الجنة؛ وإن الرجل ليصدُق ويتحرَّى الصدق حتى يُكتَب عند الله صِدِّيقاً، وإياكم والكذب! فإن الكذب يهدي إلى الفجور؛ وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرَّى الكذب حتى يُكتَب عند الله كذاباً) والحديث رواه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه. الكلمة الطيبة ضرب الله لها مثلاً في قرآنه بالشجرة الطيبة فقال: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلَاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا [إبراهيم:24-25]. أيها الأحباب! إن من شجر الناس ما يثمر في الصيف، ومن شجر الناس ما يثمر في الشتاء؛ ولكن الشجرة الطيبة التي ضربها الله في القرآن مثلاً للكلمة الطيبة شجرة لا تتأثر بالمناخ؛ فلا تتأثر بشتاء أو بصيف، وإنما تؤتي ثمارَها وأُكُلَها كل حين بإذن ربها، فهي شجرة مباركة عميقة الجذور، تتغلغل في أعماق التربة وقلب الصخور، إنها شجرة قائمة باسقة مثمرة؛ لا تزعزعها الأعاصير، ولا تعصف بها الرياح، ولا تحطمها معاول الهدم والبطش والظلم والطغيان، ذلك هو مَثَل الكلمة الطيبة، تلك الكلمة التي لا تمنعها الحواجز، ولا تحجبها السدود، ولا تصدها العوائق والعقبات.
أثر الكلمة الطيبة في إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه أيها الحبيب الكريم! هذا هو الطفيل بن عمرو الدوسي سيد قبيلة دوس رضي الله عنه وأرضاه، يأتي إلى مكة -شرفها الله- ورحى الصراع دائرة على أشُدها بين المشركين وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان المشركون والصناديد يحولون بين الناس وبين دعوة الحق، فذهبوا إلى الطفيل وحذروه، وقالوا له: إياك وأن تستمع إلى كلمة من محمد بن عبد الله؛ فإن كلامه كالسحر يفرق بين الابن وأبيه، وبين الأخ وأخيه، وبين الزوج وزوجه، فنحذرك على مكانتك وشرفك وسيادتك في قومك، فاحذر أن تسمع كلمة واحدة من محمد بن عبد الله، وظلوا يحذرون الطفيل، حتى عزم على ألا يستمع إلى كلمة واحدة من رسول الله، فلما أراد أن يذهب إلى البيت الحرام ملأ أذنيه قطناً؛ لكي لا تصل كلمةٌ إلى الأذن؛ لكن هيهات هيهات! فإن الكلمة الطيبة لا تحجبها السدود، ولا تمنعها الحواجز، ولا تصدها العقبات والعراقيل، يقول الطفيل: (فذهبت إلى الكعبة، فرأيتني قريباً من محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأبى الله إلا أن يُسمعني بعض ما يقول محمد) سبحان الله! أيها الحبيب! لك أن تتخيل القرآن الذي قال الله فيه: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعَاً مُتَصَدِّعَاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [الحشر:21] ولك أن تتخيل إذا قرأ هذا القرآنَ رسولُ الله، والله لقد خشي المشركون على أنفسهم من سماعه كما قال عز وجل عنهم: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت:26] هذه وصيتهم لبعضهم البعض؛ لأنهم خافوا على أنفسهم من سماع القرآن؛ لأن القرآن يصفع الكِبر في قلوبهم وعقولهم، ويخاطب أعماق فطرتهم، ويمس الوجدان، ويحرك القلب الحي السليم، بل قد تعجبون أنه دخل النبي صلى الله عليه وسلم يوماً في السنة الخامسة من البعثة في مكة إلى بيت الله الحرام، وقام النبي يصلي ويقرأ القرآن على أسماع المشركين، فصمتت الألسنة، وانتبهت وتيقظت الأسماع، وتعلقت الأبصار، وأنصتوا لقراءة رسول الله، قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أسماعهم سورة النجم، وفي أواخر السورة قرأ النبي صلى الله عليه وسلم قوارع تطير لها القلوب، قرأ قوله تعالى: أَزِفَتِ الآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ * أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:57-62]، وخر النبي ساجداً لله، وخر المشركون من خلفه سجّداً لله، والحديث رواه البخاري في كتاب التفسير وعنون له بعنوان طيب، ورحم الله من قال: (فقه البخاري في تراجمه) نعم؛ لقد فقه الإمام رحمه الله هذا الحديث، فعنون له بقوله: (باب: سجود المسلمين مع المشركين). وروى الحديث مختصراً من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (سجد رسول الله بسورة النجم -قرأ السجدة وسجد- فسجد المشركون والمسلمون، والجن والإنس). أيها الحبيب! أبى الله إلا أن يُسمع الطفيل كلاماً من كلام الحق، فقال لنفسه: ثكلتك أمك يا طفيل ! إنك رجل لبيب شاعر، فلماذا لا تسمع من هذا الرجل؟! فسمع الطفيل رسول الله، ثم قال: (اعرض عليَّ أمرك.
فعرض النبي عليه الإسلامَ، فقال الطفيل : امدد يدك لأبايعك: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله) كلمة الحق لا تمنعها السدود، أوصلها الله جل وعلا إليه.
قصة عمير بن سعد مع الجلاس بن سويد لنتعلم هذا الدرس العجيب الغريب الكبير من صبي ما جاوز العاشرة من عمره إلا قليلاً؛ لكن هذا الصبي عرف أمانة الكلمة، وعرف خطورة الكلمة في آن واحد، إنه عمير بن سعد رضي الله عنه وأرضاه، ذلكم الفتى الذي توفي أبوه فتزوجت أمه برجل ثري يقال له: الجلاس بن سويد ، وفي السنة التاسعة أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يبذلوا وأن ينفقوا لإعداد الجيش، فانطلق المسلمون يصورون أروع صور البذل والإنفاق والعطاء، حتى بكى الكثير؛ لأنه لم يجد ما ينفقه لدين الله وفي سبيل الله جل وعلا، وعاد الفتى الصغير ليقص على أسماع الجلاس ما رأى وما سمع، فقال الجلاس كلمة خطيرة تخرجه من الإسلام من أوسع أبوابه، وتدخله الكفر من أوسع الأبواب، قال الجلاس لـعمير : إن كان محمد صادقاً فيما يدعيه فنحن -والله!- أشر من الحمير! فاحتقن الدم في وجه هذا الفتى البار الذي وزن الكلمة بفهم دقيق ووعي عميق، وهو الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره إلا قليلاً، ونظر إلى الجلاس بن سويد وقال: (يا جلاس ! والله! ما كان أحد على ظهر الأرض أحب إليَّ بعد رسول الله منك، ولقد قلتَ الآن كلمة إن قلتُها فضحتُك، وإن أخفيتُها خنتُ أمانتي، وأهلكتُ نفسي وديني، فكن على بينة من أمرك، فإني عازم على أن أمضي إلى رسول الله لأخبره بما سمعتُ)، وانطلق الفتى المؤمن البار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليقص عليه ما سمع من الجلاس بن سويد ؛ ولكن رسول الله لم يتعجل؛ لأنه هو الذي نزل عليه قول ربه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمَاً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6]، فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم عمير بن سعد ، وأرسل إلى الجلاس بن سويد ، فجاء الجلاس ، فحيا رسولَ الله وجلس، فقال له النبي: (ما هذه المقالة التي بلغتنا عنك؟ وأخبره بما قال عمير) فقال: كذب، -والله- يا رسول الله! والله! ما قلتُ هذا، والله! لقد كذب علي عمير ، والتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمير فرأى الدم قد احتقن في وجهه مرةً أخرى، وانهالت الدموع مدراراً على تلك الوجنتين الرقيقتين، فرفع الفتى رأسه إلى السماء ليناجي ربه جل وعلا وقال: (اللهم أنزل على نبيك بيان ما تكلمتُ به) أيُّ يقين؟! وأيُّ ثقة؟! ويستجيب الله جل وعلا له؛ فإن الله يسمع ويرى، يستجيب الله دعوة هذا الفتى البار ..
دعوة هذا الفتى الصادق، فينزل الوحي على رسول الله، وتصمت الكلمات، وتحبس الأنفاس، وتتعلق الأبصار برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسُرِّي عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو يتلو قول الله جل وعلا: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ [التوبة:74]؛ فيصرخ الجلاس وهو يستمع إلى هذه الآية الكريمة ويقول: صدق عمير يا رسول الله! وكذبتُ أنا، ويلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمير بن سعد ليفرك أذنيه برقة ولطف وحنان ويقول له: (وفَّتْ أذنُك ما سمعت، وصدَّقك ربُّك يا عمير!). إنها أمانة الكلمة، والقصة -أيها الأحباب- أوردها الإمام السيوطي في (الدر المنثور) وعزاها إلى ابن أبي حاتم و ابن المنذر و ابن مردويه وغيرهم.
الجهاد بالكلمة أيها الحبيب الكريم! هذه هي خطورة الكلمة، وهذه هي الكلمة الشريرة، وهذه هي الكلمة الطيبة المنيرة، فتحرك بالكلمة الطيبة من الآن إلى الدعوة إلى الله، وإلى دين الله جل وعلا. أيها الشباب! إن أهل الباطل الآن قد تحركوا بكل ما يملكون بباطلهم، وما زال أهل الحق متفرقين متناحرين متطاحنين. فيا شباب الصحوة! ويا أيها الإخوة الأحباب الكرام! انبذوا الفُرقة، وانبذوا العصبية البغيضة للجماعات وللشيوخ وللمناهج، اعرفوا الحق تعرفوا أهله، فإن الحق لا يُعرف بالرجال، ولكن الرجال هم الذين يُعرفون بالحق. فهيا أيها الأحباب! إليكم هذه النصائح من أخ يحبكم جميعاً في الله، ويشهد الله على ذلك، أقول: هذه هي خطورة الكلمة الآن في هذا الظرف الحرج، إن الحرب الآن حربٌ كلامية؛ مقروءة، ومسموعة، ومرئية، ومرسومة، فواجب على أهل الحق بعدما تحرك أهل الباطل لباطلهم أن يتحركوا جميعاً لدين الله جل وعلا، فماذا تنتظرون أيها الأحباب؟! ومتى سنتحرك جميعاً لدين الله؟! ومتى سنتحرك للدعوة إلى الله؟! إنني أعلم يقيناً أن هناك الكثير من أحبابنا وإخواننا قد يكونون أكثر منا علماً، وأكثر إخلاصاً، وأكثر فضلاً، وأعظم دعوة، ولكنهم ما زالوا متقوقعين داخل مكاتبهم بحجة طلب العلم! يا حبيبي في الله! إن طلب العلم لا ينتهي حتى تلقى الله، وتذكر قول أحمد : (مع المحبرة إلى المقبرة) إن طلب العلم لا ينتهي، بل لا يزال الأمر الإلهي من الله لسيد الدعاة وإمام النبيين قائماً إلى يوم القيامة، وذلك في قوله جل وعلا: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمَاً [طه:114]، فاطلب العلم واقرأ وتعلم؛ لكن إياك وأن تتقوقع بحجة الطلب وتغفل عن الدعوة إلى الله، وعن التحرك لدين الله جل وعلا، فأنت مأمور بذلك، بل لقد قال علماؤنا: إن الدعوة إلى الله الآن فرض عين على كل مسلم ومسلمة، كل بحسب قدرته واستطاعته؛ لأننا نعيش زماناً نشط فيه أهل الباطل لباطلهم، وتحرك أهل الإرجاف لإرجافهم: والله! لقد التقيت بالشيخ أحمد ديدات في الرياض، فأخبرني خبراً يؤلم كل مسلم ومسلمة، فاستمعوا وانظروا كيف يتحرك أهل الباطل لباطلهم، ولا زال أهل الحق بهذه الفُرقة، بل وبهذا البرود وبهذا التكاسل من منطلق فهمٍ مقلوبٍ مغلوطٍ لآية في كتاب الله، وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105] فنقول: لا يا أخي! سيضرك ضلالهم، وإنما لا يضرك ضلالهم إن تحركت إليهم ودعوتهم بدعوة الله، وأقمت عليهم حجة الله بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة، فحينئذٍ تكون قد أعذرت إلى الله جل وعلا، أما أن تجلس متقوقعاً لتقول: دع المُلك للمالك! ودع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله! فإننا لن نغير الكون، ولن نبدل الأمر، ...
إلى آخر هذه الكلمات المريرة المؤلمة، بل أنت مأمور الآن أن تتحرك بالدعوة بقدر ما منَّ الله عليك به من سلاح الخلق العذب، والحكمة البالغة، والموعظة الحسنة، وضع نصب عينيك هذين الأمرين الجليلين من الله لسيد الدعاة: الأول: قوله تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]. الثاني: قوله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125]. أيها الأحبة في الله! لقد أبلغني الشيخ ديدات أنه ذهب إلى جنوب إفريقيا فوجد المنصِّرين الموسومين بـ(المبشِّرين) يتحركون هنالك في أدغال الغابات وبين المستنقعات للدعوة لدينهم بأسلوب ذكي، فتأتي الفتاة الجميلة المثقفة لتلتقي بمجموعة من الأطفال الصغار أو الصبيان لتلعب معهم فقط بغير دعوة وبدون توجيه، فإذا ما عضَّ الجوع بطونهم قدمت إليهم الحلوى وهي تقول: هذه حلوى الرب يسوع! وفي اليوم التالي تلتقي مع نفس المجموعة لتلعب معهم فإذا ما عضَّ الجوع بطونهم قدمت إليهم خبزاً عفناً وهي تقول: هذا خبز محمد! فأهل الباطل يتحركون، وأهل الحق ما زالوا متفرقين، فتحرَّك أيها الحبيب! بقدر ما تملك، وعلى قدر استطاعتك، تحرك لدين الله وادع الناس بالكلمة الطيبة.
واجب أهل الحق تجاه الدعوة إلى الله عز وجل أيها المسلم! سأحدد لك الآن الخطة والمنهج، عليك الآتي: أولاً: افهم الإسلام فهماً شاملاً كاملاً بفهم دقيق، ووعي عميق. ثم بعد أن تفهم الإسلام بشموله وكماله حول هذا الإسلام في حياتك أنت إلى واقع متحرك، ومجتمع مرئي ومسموع ومقروء، فإذا ما جاذبتك أشواك الطريق وزللت في معصية فإياك -أيها الشاب- وأن تتحرج من الدعوة إلى الله، ومن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بحجة أنك تزل في المعاصي! ومَن مِن الناس من لا يزل؟! ومَن مِن البشر ما زل؟! فأنت لست ملَكاً مقرَّباً، ولست نبياً مرسلاً، ولست رسولاً معصوماً، بل أنت بشر تطيع وتعصي، فإن أطعت الله فاحمد الله واستقم، وإن زلت قدمك وجاذبتك أشواك الطريق وعصيت فأتبع هذه المعصية بالحسنة، كما روي في الحديث: (يا معاذ ! اتق الله حيثما كنتَ، وأتبِع السيئةَ الحسنةَ تمحها) نجد كثيراً من الشباب لا يدعو، وإذا قلت له: لماذا لا تتحرك؟! يقول: لأني من أهل الذنوب والمعاصي، وهذه تجعلني متحرجاً في الدعوة إلى الله وإلى دين الله. يا أخي الحبيب! مَن مِن البشر لم يخطئ؟! ومَن مِن البشر لم يزل؟! لكن إن زللت فتُب وعُد وارجع إلى الله، وإياك وأن تتمادى في هذه الذنوب وفي هذه المعاصي؛ فإنها تمحق بركة العلم، وبركة الرزق، وبركة الخير والطاعة، بل وتمحق بركة كل شيء. فافهم الإسلام بشموله وكماله، وحول هذا الإسلام في حياتك إلى واقع، ومما قاله أبو الحسن الندوي : إن أعظم خدمة نقدمها الآن للإسلام هي أن نشهد للإسلام شهادة عملية كما شهدنا له من قبل شهادة قولية. فإن فهمتَ الإسلام فحوِّل الإسلام في حياتك إلى واقع، ونحن نريد الآن أن يتحول المسلمون جميعاً إلى دعاة، لا إلى دعاة على المنابر، وإنما إلى دعاة إلى دين الله في جميع مواقع الإنتاج ومواطن العطاء، فنريد المسلم الذي يعلن للدنيا بأسرها إسلامه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم. ثم بعد ذلك تحرك لتعريف الناس بحقيقة الإسلام، واعمل رأياً عاماً مضاداً لهذا الرأي العام الذي يُشَن في الليل والنهار على الإسلام والمسلمين.
فتحركوا لإيجاد رأي عام مضاد بالكلمة الطيبة والحكمة البالغة والموعظة الحسنة.
البشارة بانتشار الصحوة الإسلامية في كل مكان وأختم بهذه البشارة التي أسكبها في قلوب الإخوة والأخوات جميعاً فأقول: لا يخافن أحدٌ على الإسلام، بل خَفْ على نفسك أنت؛ لأن الإسلام دين الله، ومَن مِن الخلق يقوى على حرب الله؟! لا أحد، فالإسلام دين الله، ودين الله ظاهر منصور بنا أو بغيرنا، أسأل الله ألا يستبدل بنا غيرنا. أيها الحبيب! أبشرك أن الصحوة الإسلامية العالمية الآن تَنَزَّلت في كل بقاع الدنيا كتَنَزُّل حبات الندى على الزهرة الظمأى والأرض العطشى، أو كنسمات ربيع باردة عطَّرَتْها وطيَّبَتْها أنفاسُ الزهور. وأبشركم وأشهد الله أني حضرتُ عدة مؤتمرات في قلب قلعة الكفر -أمريكا- فرأيت الصحوة هناك أنشط بكثير مما رأيت في بلاد المسلمين، ففي أمريكا حضر مؤتمراً ما يزيد على ستة آلاف موحد وموحدة، واحتلوا قاعة أكبر فندق في مدينة (دترويت)، وصدح المؤذن بكلمة التوحيد والتكبير لله جل وعلا في قلب قلعة الكفر.
وقد احتفلت وزارة الدفاع -البنتاجون- في شهر ديسمبر في العام المنصرم احتفالاً رسمياً بتنصيب أول إمام للجيش الأمريكي؛ ليصلي بالمسلمين الموحدين في الجيش الأمريكي الصلوات في أوقات الدوام الرسمي. والتقينا بأخت أمريكية مسلمة تسمى: كيليرا محمد ، هذه الأخت منَّ الله عليها بالمال، فأنفقت مالها كله لدين الكبير المتعالي، فأنشأت في أمريكا خمسين مدرسة إسلامية. وفي ولاية (فرجينيا) أنشأت الأخت نفسُها كليةً تُسمى بـ(كلية المعلمين) لتخرِّج المدرسين والمدرسات الذين يدرسون في هذه المدارس. فهذا وعْدُ مَن؟ إنه وعد الله! الله أكبر! إنه وعد الله جل وعلا، قال الشاعر: صبحٌ تنفس بالضياء وأشرقا والصحوة الكبرى تهز البيرقا وشبيبة الإسلام هذا فيلقٌ في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا وقواسم الإيمان تتخذ المدى درباً وتصنع للمحيط الزورقا وما أمر هذه الصحوةِ الكبرى سوى وعدٍ من الله الجليل تحققا هي نخلة طاب الثرى فنما لها جذع قوي في التراب وأعذقا هي في رياض قلوبنا زيتونة في جذعها غصن الكرامة أورقا فجرٌ تدفق مَن سيحبس نوره أرني يداً سدت علينا المَشرقا أيها الأحبة! يقول الله جل وعلا: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف:8-9]. وأختم بهذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده و الحاكم في المستدرك -وصححه على شرط الشيخين، وتعقَّبه الإمامُ الذهبي فقال: بل هو صحيح على شرط الإمام البخاري - من حديث تميم الداري أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعزِّ عزيز أو بذلِّ ذليل، عزَّاً يعزُّ الله به الإسلام، وذلَّاً يذل الله به الكفر). أسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينصر الإسلام والمسلمين، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين يا رب العالمين! وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين.