السلام عليكم
سلسلة آل البيت والصحابة
الشيخ عثمان الخميس
الحلقة الأولى من سلسلة آل البيت والصحابة
التعريف بآل البيت والصحابة وبيان مكانة وفضل كل منهم
الحمدُ لله ربِّ العالمين ، الحمدُ لله حمدَ الشاكرين ، الحمدُ لله حمداً كثيراً طيِّباً مباركاً فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضى ،
والصَّلاةُ والسَّلامُ على المبعوثِ رحمةً للعالمين نبيِّنا وإمامِنا
وحبيبِنا وقدوتِنا وقُرَّةِ عيننا وسيِّدنا محمدِ بنِعبد الله وعلى آلهِ وصحابتهِ أجمعين ،
أما بعد :
فقد رأى إخوانُكم في إدارةِ مساجدِ العاصمةِ أنْ تكونَ سلسلةُ دروسٍ تخصُّ أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآلَ بيتهِ ،
الشيخ عثمان الخميس
الحلقة الأولى من سلسلة آل البيت والصحابة
التعريف بآل البيت والصحابة وبيان مكانة وفضل كل منهم
الحمدُ لله ربِّ العالمين ، الحمدُ لله حمدَ الشاكرين ، الحمدُ لله حمداً كثيراً طيِّباً مباركاً فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضى ،
والصَّلاةُ والسَّلامُ على المبعوثِ رحمةً للعالمين نبيِّنا وإمامِنا
وحبيبِنا وقدوتِنا وقُرَّةِ عيننا وسيِّدنا محمدِ بنِعبد الله وعلى آلهِ وصحابتهِ أجمعين ،
أما بعد :
فقد رأى إخوانُكم في إدارةِ مساجدِ العاصمةِ أنْ تكونَ سلسلةُ دروسٍ تخصُّ أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآلَ بيتهِ ،
واختاروا أنْ تكونَ هذه الدُّروسُ مقسَّمةً على اثني عشرَ درساً .
سنتناولُ مسائلَ الآلِ والأصحابِ ، وستكونُ كالآتي :
الدَّرس الأول : سيكونُ الحديثُ فيه عن التَّعريفِ بآل ِالبيتِ والصَّحابةِ
وبيان مكانةِ وفَضْلِ كلٍّ منهم .
الدَّرس الثاني : سيكونُ عن حقوقِ آل البيتِ وحقوقِ الصَّحابةِ
وحُكْم محبَّتهم وحُكْم بُغضهم .
والدَّرس الثالث : سيكونُ عن العلاقةِ بين آلِ البيتِ والصَّحابةِ ،
وهو مقسَّم إلى مسألتين :
المسألة الأولى : وهي الثَّناء المتبادل بين آلِ البيتِ وبين الصَّحابةِ .
والمسألة الثانية : تتعلَّق بالأسماءِ والمصاهراتِ بين آل ِالبيتِ والصَّحابةِ .
هذه أربعةٌ كاملةٌ
ثم ثمانية دروس اخترنا فيها شخصيات منْ آلِ البيتِ وشخصيَّات منَ الصَّحابةِ ،
والشَّخصيات التي اخترناها منَ الصَّحابةِ
هم : أبو بكر وعمر وعثمان والزبير ، وذلك لأنَّ كلَّ واحدٍ منْ هؤلاءِ الأربعة يجمعُ الأمرين ، يجمعُ الصُّحبةَ ويجمعُ العلاقةَ مع آلِ البيتِ .
وأربعة منْ آل البيت : وهم عليّ وابن العباس وفاطمة وعائشة، وهؤلاء كذلك يجمعون الصُّحبةَ ويجمعون أنهم منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،
وبهذا تكملُ هذه الدروس ، أسألُ الله تبارك وتعالى أنْ يُيَسِّرَها .
سنتناولُ مسائلَ الآلِ والأصحابِ ، وستكونُ كالآتي :
الدَّرس الأول : سيكونُ الحديثُ فيه عن التَّعريفِ بآل ِالبيتِ والصَّحابةِ
وبيان مكانةِ وفَضْلِ كلٍّ منهم .
الدَّرس الثاني : سيكونُ عن حقوقِ آل البيتِ وحقوقِ الصَّحابةِ
وحُكْم محبَّتهم وحُكْم بُغضهم .
والدَّرس الثالث : سيكونُ عن العلاقةِ بين آلِ البيتِ والصَّحابةِ ،
وهو مقسَّم إلى مسألتين :
المسألة الأولى : وهي الثَّناء المتبادل بين آلِ البيتِ وبين الصَّحابةِ .
والمسألة الثانية : تتعلَّق بالأسماءِ والمصاهراتِ بين آل ِالبيتِ والصَّحابةِ .
هذه أربعةٌ كاملةٌ
ثم ثمانية دروس اخترنا فيها شخصيات منْ آلِ البيتِ وشخصيَّات منَ الصَّحابةِ ،
والشَّخصيات التي اخترناها منَ الصَّحابةِ
هم : أبو بكر وعمر وعثمان والزبير ، وذلك لأنَّ كلَّ واحدٍ منْ هؤلاءِ الأربعة يجمعُ الأمرين ، يجمعُ الصُّحبةَ ويجمعُ العلاقةَ مع آلِ البيتِ .
وأربعة منْ آل البيت : وهم عليّ وابن العباس وفاطمة وعائشة، وهؤلاء كذلك يجمعون الصُّحبةَ ويجمعون أنهم منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،
وبهذا تكملُ هذه الدروس ، أسألُ الله تبارك وتعالى أنْ يُيَسِّرَها .
ابتداءً نقولُ كما قالَ القحطاني في نونيَّته ، يقولُ :
قلْ خيرَ قولٍ في صحابةِ أحمدٍ *** وامدحْ جميعَ الآلِ والنّسوانِ
دعْ ما جرىبين الصَّحابةِ في الوغى*** بسيوفِهم يومَ التقى الجمعانِ
فقتيلُهم منهم وقاتلُهم لهم ***وكلاهما في الحشرِ مرحومانِ
واللهُ يومَ الحشرِ ينزعُ كلَّ ما *** تحوي صدورُهمُ منَ الأضغانِ
حُبُّ الصَّحابةِ والقَرابةِ سُنَّةٌ *** ألقى بها ربي إذا أحياني
فكأنما آل ُالنبيِّ وصحبُه *** رُوحٌ يضمُّ جميعَها جسدانِ
فئتانِ عَقدُهما شريعةُ أحمد ***بأبي وأمي ذانك الفئتانِ
فئتان سالكتان في سُبُلَ الهدى *** وهما بدينِ الله قائمتانِ
هاتان الفئتان أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآل بيته هما محور هذه الأحاديثِ التي ستكونُ بيننا إنْ شاءَ الله تبارك وتعالى خلالَ هذه الأسابيع .
نبدأ أوَّل ما نبدأ بالتَّعريف .
مَنْ همُ الصَّحابةُ ؟
مَنْ هم آلُبيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟
عندما نرجعُ إلى اللُّغةِ
فالصَّاحبُ مَنْ صحبَك وتابعَك ولازمَك ولقيَك فيقالُ له صاحب.
والصَّحابي ُّفي الاصطلاح
هو مَنْ لقيَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فخصَّصنا اللِّقاءَ بالنبيِّ لأننا نتكلَّم عن صحابةِ النبيِّ ، و إلا كلّ واحدٍ منَّا له أصحابٌ ، مافي إنسان إلا وله أصحابٌ ، لكنْ نحن نتكلَّم عن أصحابٍ خاصِّين ..
عن أصحابِ رجلٍ بعينهِ هو محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولذلك لما نأتي لتعريف هؤلاءِ الصَّحابةِ لا بدَّ أنْ ننبِّه إلى هذا الرَّجل ، فيقولون الصَّحابيُّ هو كلُّ مَنْ لقيَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم
سواءً لقيَه مدةً طويلةً أو وسطاً أو أقلّ أو مرَّة واحدةً ، وهذه تُطلقُ في اللُّغةِ على الصُّحبةِ ، وإنْ كانَ بعضُ أهلِ اللُّغةِ يطلقون كلمةَ الصَّاحبِ على مَنْ لازمَ وصحبَ مدَّة طويلةً ، ولكنْ أيضاً يطلقون في اللُّغةِ على مَنْ لقيَ مرَّة ،
ولذلك اختارَ أهل العلم التَّعريفَ للصَّحابيِّ : هو كلُّ مَنْ لقيَ النبيَّ ولو مرَّة واحدةً ، ولقيَه ولو لم يره كالأعمى مثلاً .
هناك بعضُ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غير مبصرين كابن أمِّ مكتوم مثلاً ، وهو صحابيٌّ لأنه لقيَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مؤمناً به ، إذاً لا بدَّ منَ اللُّقيا ولا بدَّ منَ الإيمانِ ، لقيَ النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأنَّ هناك مِنَ الناسِ مَنْ كانَ في الشَّامِ أو في مِصْرَ أو اليمنِ أو غيرها منْ جزيرةِالعربِ ، آمنَ ولم يلقَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم
.. آمنَ في بلادهِ ، جاءَ ليُبايعَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما تيسَّر له السَّفر ، ثم النبيُّ قد تُوُفِّيَ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فلا يُقالُ له صحابيّ يقال له مخضرم، لأنه عاشَ فترةَ البعثةِ وعاشَ بعدَها فيقال له مخضرم لكنْ لا يقالُ له صحابيّ ،لأنَّ شرفَ الصُّحبةِ هي لُقيا النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فهذا لم ينلْ هذا الشَّرفَ وهو لُقيا النبيِّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم مؤمناً به ، وقالوا مؤمناً به حتى يخرج الكفار لأنَّ الكفارَ لقوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وجلسوا معه ، لعلَّ منهم منْ أقاربهِ كأبي لهب مثلاً ، ومنهم مَنْ قاتلَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، ومنهم مَنْ نافقَ وأظهرَ الإسلامَ وهو غير ذلك ، هؤلاء لقوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لكنْ غير مؤمنين فلا يدخلون في الصَّحابة .. لا يدخلون في الصَّحابةِ ، إذًا لا بدَّ أنْ يكونَ لقيَ النبيَّ ولا بدَّ أنْ يكونَ مؤمناً به يومَ لقيَه وماتَ على ذلك ، ليخرجَ المرتدُّون ، لأنَّ المرتدِّين لقوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآمنوا به ولكنهم بعد وفاتهِ ارتدُّوا عن دين الله تبارك وتعالى ، فهؤلاء لا يُقالُ لهم صحابة .
لماذا؟
لأنهم لم يموتوا على الإسلام ، ارتدُّوا عن دينِ الله تبارك وتعالى .
إذًا هذا تعريفُ الصَّحابيِّ ، وليسَ هناك خلافٌ كبيرٌ في تعريفِ الصَّحابيِّ وإنما الخلافُ في تعريفِ آلِ البيتِ .
عندما ننتهي منْ تعريفِ الصَّحابيِّ نأتي إلى تعريفِ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،فمَنْ هم
آلُ بيتِ النبيِّ صلواتُ ربي وسلامُه عليه؟
هناك أربعةُ أقوالٍ في آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم :
*القول الأول : أنَّ آلَ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم أزواجُه وذريَّته، هؤلاء هم آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وأخذوا ذلك منَ اللُّغةِ ، قالوا : آلُ الرَّجُلِ أهلُه ، وأصلُ آل أهل ،ولذلك نحن نقولُ فلان تأهَّل يعني تزوَّج .
و قالَ الله عن موس"وَسَارَ بِأَهْلِهِ"القصص:29، أي بزوجتهِ ، وقالَ" : " .... رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ..."هود:73،إبراهيم وزوجته ، فأهلُ الرَّجُلِ زوجتُه وذريَّته ، وأخذوا ذلك منْ قولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في التَّشَهُّد ،نحن الآن في تشهُّدنا ماذا نقولُ ؟
" اللهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد كما صلَّيتَ على آلِ إبراهيم "هناك بعض ألفاظا لتَّشَهُّد في البخاري بدلَ اللهمَّ صَلِّ على محمَّد تقول: " اللهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى أزواجه وذريته كما صلَّيتَ على آلِ إبراهيم "
فقالوا : قوله : " اللهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى أزواجهِ وذريته" هي تفسير لقولهِ : " اللهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد "
فقالوا : إذًا آلُ الرَّجُلِ هم زوجتُه وذريته ، هؤلاء هم آلُ الرَّجل ، إذاً هؤلاء هم آلبيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
ولذلك عائشة رضيَ الله عنها لما سُئِلَتْ عن طعام النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في البيت فقالتْ : " كانَ طعامُ آلِ محمَّد قوتاً " .
( يعني الشيء اليسير ، وسمَّت بيتَها بيتَ آلِ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ) .
وكانَ النبيُّ إذا دخلَ بيتَه أحياناً يقولُ : السَّلام عليكم أهلَ البيتِ ، لزوجتهِ عائشة أو حفصة أو... يسلِّم عليهنَّ بلفظِ أهلِ البيتِ .
فهذا إذًا القول الأول أنَّ الأهلَ هم الزَّوجة والذُّرية، وكلُّنا يعلمُ قولَ الله تبارك وتعالى عن امرأةِ العزيز لما جاءَ زوجُها قالتْ : " .... مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا ...." يوسف:25
، تعني نفسَها أنها زوجة العزيز .
*القول الثاني : أنَّ آلَ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم بنو هاشم ، أقارب النبيِّ منْ هاشم، نحن نعرفُ الآنَ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم محمَّد بنُ عبد الله بنِ عبد المطلب بنِ هاشم ، فقالوا : كلّ مَنْ يرجعُ نسبُه إلى هاشم فهو منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،كلّ مَنْ يرجعُ نسبُه إلى هاشم فهو منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
*- ومنْ ذلك أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جاءَه اثنان وهما الفضل ابن العباس بن عبد المطلب ، والمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، إذاً الفضل بن العباس ،
العباس عمّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذاً هذا ابن عمِّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، والمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أيضاً أبوه الذي هو ربيعة ابن عمِّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فهذا ابنُ ابنِ عمِّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،
إذاً كلاهما جدُّهما عبد المطلب ، ومعروف أنَّ هاشماً ليس له منَ الأولاد إلا عبد المطلب وأسد ،هذان ابنا هاشم ، عبد المطلب وأسد ، أما أسد فانقطعتْ ذُرِّيتُه ،
عنده بنت التي هي فاطمة بنت أسد أمّ عليّ بن أبي طالب رضيَ الله عنه وعنها لأنها أسلمتْ ولم تبقَ له ذرية ، إذاً كلّ ذرية هاشم في عبد المطلب الآن ،
ذرية هاشم هم ذرية عبد المطلب ،إذاً نستطيعُ أنْ نقولَ : آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم ذرية عبد المطلب ، هم ذرية عبد المطلب ، لكن الصحيح ذرية هاشم حتى تدخل فاطمة بنت أسد لأنها منْ بني هاشم ، فالشَّاهدُ منْ هذا أنه لما جاءَ الفضلُ بن العباس بن عبد المطلب والمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، لما أتيا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وطلبا منه أنْ يجعلَهما على الصَّدقةِ ، الله تبارك وتعالى يقولُ ماذا ؟يقول : " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ ... "أي الزكاة
" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عليها "التوبة:60.
إذًا العاملون على الزكاة و هم الذين يجبون الزكاةَ ويقسِّمونها ويُوصلونها إلى مَنْ يستحقُّها يجوزُ أنْ يُعْطَوا منَ الزَّكاةِ ، فجاءَ الفضلُ بنُ العباس والمطلب بنُ ربيعة بنِ الحارث أتيا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالا : يا رسولَ الله اجعلْنا على الصَّدقةِ ، منَ العاملين عليها حتى يأخذا منَ الزَّكاةِ .
فماذا قالَ لهما النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟
قالَ : "إنها لا تحلُّ لمحمَّد ولا لآل ِمحمَّد "
فدلَّ هذا على أنهما منْ آل محمَّد .
فحرَّم عليهما الزَّكاةَ ، لأنَّ الزَّكاةَ لا تحلُّ لمحمَّد ولا لآلِ محمَّد ، فلما حرَّم عليهما الزَّكاةَ واستدلَّ بقولهِ : " لا تحلُّل محمَّد ولا لآلِ محمَّد " دلَّ على أنَّ هذين منْآلِ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم .
*- وكذلك لما قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حديثِ زيدِ بنِ أرقم المشهور قالَ : " أذكِّرُكم الله أهلَ بيتي ، أذكِّرُكم الله أهل بيتي ، أذكِّرُكمالله أهل بيتي
فَسُئِلَ زيدُ بنُ أرقم مَنْ أهلُ بيتهِ ؟
طيب هو يذكِّرنا أهلَ بيتهِ ، مَنْ هؤلاء ؟
قالَ : مَنْ أهلُ بيتهِ ؟
قالَ : مَنْ حُرِمَ الصَّدقةَ .
أي كلّ مَنْ تحرمُ عليه الصَّدقةُ فهو منْ أهلِ بيتهِ
ثم قالَ زيدٌوهم : آلُ عليّ وآلُ عباس وآلُ عقيل وآلُ جعفر .
آل عليّ ، آل العباس ، آل عقيل وآل جعفر .
طيب ما الذي يجمعُ هؤلاء الأربعة
عليّ وعقيل وجعفر ؟ أبناء أبي طالب ، والعباس أخو أبي طالب .
طيب والمطلب بن الربيعة بن الحارث ، الحارث أخو أبي طالب وأخو العباس ، والفضل بن العباس ، ماالذي يجمعُ هؤلاء كلّهم ؟
كلّهم هؤلاء أبناء عبد المطلب ،كلّ هؤلاء أبناء عبد المطلب .
*- وكذا الحسن بن عليّ لما أرادَ أنْ يأكلَ منَ الصَّدقةِ قالَ له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " إنها لا تحلُّ لمحمَّد ولا آل محمَّد " فمنعَه منها .
فما الذي يجمعُ هؤلاء كلّهم ؟
قالوا : الذي يجمعُ هؤلاء كلّهم هو أنهم أبناءُ عبد المطلب وبالتالي أبناء هاشم .
فقالوا : كلّ هؤلاء حُرِّمَتْ عليهمُ الزَّكاةُ وأدخلَهم النبيُّ بلفظِ آلِ محمَّد .
فقالوا : إذاً آلُ النبيُّ هم أولادُ هاشم ، أقارب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم منْ هاشم ، هذا القولُ الثاني .
إذاً
*- القول الأول أنَّ آلَ النبي هم أزواجُه وذريته
*- القول الثاني آل النبيّ هم أقاربُه فقط منْ بني هاشم .
*- القول الثالث : أنَّ آلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم جميعُ المؤمنين .
جميعُ المؤمنين آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لأنهم تابعوه وناصروه ووقفوا معه ،فهؤلاء هم آلُه ، كما قالَ الله تبارك وتعالى"النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ"غافر:46، و ليس المقصود بآلِ فرعون أقارب فرعون وإنما المقصود أتباع فرعون على دينه .
فقالوا : إذا سمَّى أتباعه آلاً ، سمَّى أتباعه آلاً له
إذاً آلُا لرَّجُلِ هم مَنْ يتبعُه على دينهِ .
ولذلك قالَ عبد المطلب الذي هو جدُّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لما جاءَ أبرهةُ ليهدمَ الكعبةَ ، عندما قصدَ أبرهةُ لهدمِ الكعبةِ قامَ عبد المطلب وقالَ أبياتاً منَ الشِّعر ،
قالَ في هذه الأبياتِ :
لاهم..
لاهم يعني اللهمَّ
قال :
لاهمَّ إنَّ العبد يمنعُ رحلَه فامنعْ رِحَالَكْ
لا يغلبنَّ صليبُهم ومِحَالُهم غِدْواً مِحَالَكْ
يعني يقولُ اهزمْ هؤلاء الذين أرادوا هَدْمَ الكعبةِ .
لاهم إنَّ العبدَ يمنعُ رحلَه فامنعْ رحالَكْ .
عبد المطلب لما دخلَ على أبرهة قالَ :
أنا ربُّ الإبلِ وللبيتِ ربٌّ يحميهِ فالآن يسأل الله أنْ يحميَ هذا البيت .
يقول :
لاهم إنَّ العبدَ - يعني نفسَه - يمنعُ رحلَه فامنعْ رحالَكْ
هذا بيتُك ياربّ ، هذا بيتك
لاهمَّ إنَّ العبدَ يمنعُ رحلَه فامنعْ رِحَالَكْ
لا يغلبنَّ صليبُهم ومِحَالُهم غِدْواً مِحَالَكْ
وانصرْ على آلِ الصَّليبِ .. على آل الصليب
وانصرْ على آل الصَّليبِ وعابديهِ اليومَ آلَكْ
وانصرْ على آل الصَّليبِ وعابديهِ اليومَ آلَكْ
فسمَّاهم آل الله
وقالَ عن أتباع الصَّليب آل الصَّليب
فقالوا : كلّ مَنْ تبعَ شيئاً صارَ منْ آلهِ
إذاً هذه ثلاثةُ أقوالٍ .
كما ترون أنَّ جميعَ الأقوالِ هذه لها وجهٌ منْ حيثُ اللُّغةِ ولها وجهٌ منْ حيثُ النُّصوص ،والأقربُ - والعلمُ عند الله تبارك وتعالى - أنَّ آلَ الرَّجُلِ زوجتُه وذُرَّيته لا شكَّ في هذا ، لكنْ آل الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم بذاتهِ هم بنو هاشم بالأصالة لأنهم أقاربُه الأقربون صلَّى الله عليه وسلَّم ، ويدخلُ أزواجُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالتبعيَّة لما تزوجهنَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.
هناك قولٌ رابعٌ ضعيفٌ جِدّاً وهو ما يتبنَّاه الشيعةُ في هذا الأمر ، وهو أنهم قالوا : إنَّ آلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم أصحابُ الكساءِ ، يعنون عليّاً وفاطمةَ والحسنَ والحسين فقط ، يقولون إنَّ هؤلاء آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
قالوا : لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جلَّلهم بالكساءِ ، وذلك أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم دعى عليّاً وفاطمة والحسن والحسين وغطَّاهم بالكساء - اللي هو البشت ، العباءة - غطَّاهم ثم قالَ : " اللهمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي ، اللهمَّ أذهب عنهم الرِّجسَ وطهِّرهم تطهيراً " .
نقولُ : نعم هذا دليلٌ على أنَّ هؤلاء منْ آلهِ لأنَّ فاطمةَ ابنتُه وعلي منْ أولاد عبد المطلب والحسن والحسين أبناء عليّ وأبناء فاطمة ، فطبيعي جِدّاً أنهم منْ آلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لكنْ ليس في الحديثِ أنَّ هؤلاء فقط هم آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
فالحديثُ يدلُّ على أنَّ هؤلاء منْ آلِ النبيِّ ، ولا يعني أبداً أنَّ هؤلاء فقط هم آل ُالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فالرَّاجحُ - والعلمُ عند الله تبارك وتعالى - أنَّ آلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم أبناءُ هاشم وأزواجُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، أمَّا أبناءُ هاشم فهم الذين حُرِّمَتْ عليهمُ الزَّكاةُ ، وأمَّا أزواجُه فباقترانهِ بهنَّ ، وإلا قبلَ زواجهِ بهنَّ لم يكنَّ منْ آلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
يعني منْ آخر مَنْ تزوَّج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ميمونة قبل أنْ يتزوَّجها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما كانتْ منْ آلِ البيتِ ، وعائشة قبل أنْ يتزوَّجها النبيُّ ما كانتْ منْ آلِ البيتِ ، كانتْ منْ آلِ أبي بكر ، وكذا حفصة ، وكذلك أم حبيبة ، وكذلك جويرية ، وصفية ، لم يكنَّ أبداً في يومٍ منَ الأيام منْ آلِ البيتِ قبلَ زواجِ النبيِّ بهنَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فلمَّا تزوَّجهنَّ صِرْنَ أهلَه وصِرْنَ بعد ذلك منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلواتُ ربي وسلامُه عليه .
بعد هذه المقدِّمة .
نحن الآن في المقدِّمة ..طيب..
بعد هذه هذه المقدمة ندخلُ في بيانِ فضلِ ومكانةِ أصحابِ النبيِّ وآلِ بيتهِ .
أما أصحابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فوردتْ فيهم نصوصٌ ، ويدخلُ في أصحاب النبيِّ آل البيت الذين صحبوه كعليّ وفاطمة وعائشة وأمّ حبيبة والعباس وعبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر وجعفر .. لأنَّ هؤلاء جمعوا الحسنين .
جمعوا القرابةَ وجمعوا الصُّحبةَ ، يعني عليّ بن أبي طالب كمثال صحابيّ ومنْ آلِ البيت ،عائشة صحابيَّة ومنْ آلِ البيت ، فاطمة صحابيَّة ومنْ آل البيت ، عبد الله بن عباس صحابيّ ومنْ آلِ البيت ، حمزة صحابيّ ومنْ آل البيت ، العباس صحابيّ ومنْ آلِ البيت، عبد الله بن جعفر صحابيّ ومنْ آلِ البيت ، جعفر بن أبي طالب صحابيّ ومنْ آل ِالبيت وهكذا .
فإذًا آل ُالبيتِ الذين سنتكلَّم عنهم الذين جمعوا الشَّرفين ، جمعوا شرفَ الصُّحبةِ وجمعوا شرفَ القَرابةِ .
والصَّحابةُ الذين سنتكلَّم عنهم هم الذين جمعوا شرفَ الصُّحبةِ فقط وما أجملَ ما قالَ شريك بنُ عبد الله ،يقولً : لو جاءني أبو بكر وعليّ وكلاهما طلبَ مني حاجةً - يعني أبو بكر طلبَ مني شيئاً وعليّ طلبَ مني شيئاً - لقدَّمتُ عليّاً على أبي بكر ، وأبو بكر أفضل .
طيب .. لماذا قدَّمتَ عليّاً ؟
قالَ : لقرابتهِ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
إكراماً لقرابتهِ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
فعندما نتكلَّم عن فضلِ أصحابِ النبيِّ يدخلُ القرابةُ وعندما نتكلَّم عن فضلِ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يدخلُ الصَّحابةُ .
فمنْ ذلك قولُ الله تبارك وتعالى: " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً" الفتح:29
شوفوا هذا الوصفَ العظيمَ منَ الله تبارك وتعالى ، يصفُ محمَّداً وأصحابَه .
هذا متى هذا؟؟؟
هذا في الحديبيةِ في السَّنةِ السَّابعةِ منَ الهجرة ، في آخرِ السادسةِ منَ الهجرة أوَّل السابعةِ منَ الهجرة ، يصفُ الله هؤلاء يقولُ: " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً" الفتح:29" هذه عادتُهم" يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً " لا رياء لا سمعة وإنما يريدون ما عند الله" يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ الفتح:29 " ، و السِّيما هي النورُ الذي يكونُ فيالوجهِ
" سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ "
ثم قالَ : " ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ "
أي أنهم مذكورون في التوراةِ ثم قالَ :"وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ "فلا يغتاظُ منهم إلا الكفار ، وسنأتي إنْ شاءَ الله تعالى عن حُكْمِمُبغضهم ومحبِّهم إن شاءَ الله تعالى في الدَّرسِ القادمِ .
" وَعَدَ اللَّهُ " الآن النَّتيجة ، بعد أنْ وصفَهم الله بما وصفَهم بهِ منَ الخيرِ والصَّلاحِ جاءتِ النَّتيجةُ " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً " ، هكذا يخبرُ الله تعالى عن هؤلاءِ القومِ
ويقولُ جلَّ وعلا في الحديبية أيضاً لما بايعوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيعةَ الرِّضوان قالَ الله تباركَ وتعالى : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الفتح:18، وهذه البيعةُ تُسَمَّى بيعةَ الرِّضوان ،لما بايعوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أنْ لا يفرُّوا و على أنهم ينصرونه .
و قالَ بعضُ الصَّحابةِ : بايعناه على الموتِ.
" لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِيقُلُوبِهِمْ... "فكانتِ النَّتيجةُ " ... فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً"... الفتح:18هل يمكنُ أنْ يكونَ علمَ ما في قلوبهم منَ النِّفاقِ فيُنزلُ عليهمُ السَّكينةَ ويرزقُهم فتحاً قريباً؟!
لا يمكنُ أبداً
وإنما علمَ ما في قلوبهم منَ التَّقوى والدِّين والمحبَّة لله ورسولهِ والنُّصرة وغير ذلك منَ الأمورِ الطَّيِّبةِ التي يحبُّها الله تباركَ وتعالى .
ولذلك أعلنَ الله على الملأ رِضَاهُ عنهم سبحانه وتعالى
" لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ ..." والله لا يرضى إلا عمَّن يعلمُ أنه يموتُ واللهُ راضٍ عنه ، وإلا الله يعلمُ ما في قلوبِ المنافقين منْ نفاقٍ ، و لذلك لا يُثني عليهم الله أبداً ثم يذمُّهم .
فالقصدُ أنَّ الله تباركَ وتعالى أعلنَ رِضَاهُ عن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
وقالَ جلَّ وعلا عن أصحابِ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وكما قلنا يدخلُ فيهم آلُ بيتِ النبيِّ الذين عاشوا معه منْ أصحابهِ يقولُ الله لهم : "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"
"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"
فُضِّلَت ْعلى سائرِ الأممِ السَّابقةِ منْ أتباع إبراهيم وموسى وعيسى وزكريا ويحيى ويونس وهود وغيرهم منَ الأنبياء .
هذه الأمَّةُ هي خيرُ الأُمَمِ ، وبيَّن الله السَّبَبَ في ذلك: " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْلِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ.... "آل عمران:110
فوصفَهم الله بما هم عليه منَ الخيرِ ، وقالَ الله جلَّ وعلا في وصفِهم : "لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ "الحشر:8
هكذا يقولُ عنهم الله جلَّ وعلا ، هؤلاء المهاجرون ، ثم يُثنِّي جلَّ وعلا بذكرِ الأنصارِ فيقولُ سبحانه وتعالى: " وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ - هؤلاء الأنصار -يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَايَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " الحشر:9
فنجد أنَّ الله تبارك وتعالى يُثني على المهاجرين ويُثني على الأنصار سبحانه وتعالى .
بلْ قال َالله جلَّ وعلا "لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ..."الحديد:10
لأنَّ الصَّحابةَ يتفاضلون كما أنَّ الأنبياءَ يتفاضلون
" تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ .." البقرة:253
حتى الصَّحابةُ يتفاضلون ، الملائكة يتفاضلون ، فالصَّحابةُ إذاً هناك مَنْ هو أفضلُ منْ غيره ، لا يمكنُ أبداً أنْ نسوِّي صحابي أسلمَ وتابعَ النبيَّ في بدايةِ الدَّعوةِ وتحمَّل ما تحمَّل وآخر تأخَّر إسلامُه ولعلَّه قاتلَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وتأخَّر إسلامُه ، فهناك فرقٌ بين هذا وذاك .
ولذلك الله تبارك وتعالى لم يسوِّ بينهم .
فقالَ سبحانه وتعالى : مع أنهم جميعاً منْ أهلِ الجنة ، جميعهم أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لكنْ ولو ، الأمرُ يختلف يقولُ الله تباركَ وتعالى :" لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا..." البقرة:253
لماذا؟
لأنَّ الذين أنفقوا منْ قبل الفتح وقاتلوا منْ قبل الفتح ، والفتح على المشهور هو صلح الحديبية، وليكنْ فتح مكة ، لكنَّ الذين أنفقوا وقاتلوا منْ قبل الفتح وهو صلح الحديبية على الصحيح أولئك أنفقوا وقاتلوا يومَ كانَ الإسلامُ بحاجةٍ ، ولذلك يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لو أنفقَ أحدُكم مثلَ أُحُدٍ ذَهَباً ما بلغَ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه "
لأنَّ الذي يُنفقُ وقتَ الحاجةِ ليس كالذي يُنفقُ والناسُ في رخاءٍ وعدم الحاجة .. الذين قاتلوا والإسلامُ يُعادى منْ كلِّ مكانٍ ليس كالذي يقاتلُ والإسلامُ استتبَّ أمرُه وانتشرَ صيتُه ، يختلفُ الوضعُ .
ولذلك الله تباركَ وتعالى لم يسوِّ بين الطرفين و إنْ في النهايةِ قالَ سبحانه وتعالى : " وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ...."البقرة :253
يعني كلّهممنْ أهلِ الجنَّة" وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى "، لكنْ لا يستوون عند الله تباركَوتعالى ، ويقولُ جلَّ وعلا عن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم" إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ "الأنبياء:101.
أي عن النَّار ، والذين سبقتْ لهمُ الحسنى منَ الله هم أصحابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولذلك قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : "لنْ يدخلَ النارَ أحدٌ بايعَ تحتَ الشَّجرةِ " التي هي بيعة الرِّضوان .
ولما سُئِلَ جابر رضيَ الله عنه عن عددِهم يومَ بايعوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيعةَ الرِّضوان قالَ : كانوا أربعَ عشرةَ مئة أو خمس عشرة مئة ، يعني ألف وأربع مئة أوألف وخمس مئة .
هؤلاء هم أصحابُ النبيِّ الذين رضيَ الله تباركَ وتعالى عنهم
وقدَّر الله أنه في هذه البيعةِ كانَ قد خرجَ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ منَ المنافقين يُقالُ له الجِدّ بن قيس ، فلمَّا جاءَ الصَّحابةُ يبايعون النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم تحتَ الشَّجرةِ بيعةَ الرِّضوان .. البيع على الموت .. البيع على النصرة .. اختبأ خلفَ جملٍ له أحمر ولم يبايعْ ، فقالَ النبيُّ صلَّى الله عليهوسلَّم : " لنْ يدخلَ النَّارَ أحدٌ بايعَ تحت الشَّجرةِ إلا صاحب الجمل الأحمر" يعني الجِدّ بنقيس الذي اختبأ خلفَ جملهِ ، وإلاهنا بمعنى لكنْ ، لكنْ صاحب الجمل الأحمر هذا لنْ يدخلَ الجنةَ لأنه كانَ منافقاً ولم يكنْ منْ أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،
والله تباركَ وتعالى يقولُ عن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ"التوبة:100
لما ذكر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار عمَّهم جميعا ً قالَ : والسَّابقون الأولون منَ المهاجرين والأنصار جميعهم بلا استثناء .
والتابعون؟
قالَ : لا ،ليسوا كلّ التابعين
إذاً مَنْ؟
قالَ : " وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ " لأنَّ التَّابعين فيهم المحسن وفيهم غير المحسن ، فاختارَ المحسنين منهم .
أمَّا الصحابة فكلُّهم محسنٌ ، ولذلك جاءَ الخِطابُ عامّاً شاملاً لهم جميعاً .
والله تباركَ وتعالى لما ذكرَ أصحابَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أحداثِ السِّيرةِ قال َالله جلَّ وعلا عنهم في بدر: " إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ َلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ "الانفال:11.
فنجدُ أنَّ الله تباركَ وتعالى هنا جلَّ وعلا أنزلَ عليهم منَ السَّماءِ ماءً ، ثم أخبرَ أنه طهَّرهم ، وأخبر أنه أذهبَ عنهم رِجْسَ الشَّيطان كما قالَ في آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً"الاحزاب:33، قالها كذلك في أصحابِ النبيِّ صلَّىالله عليه وسلَّم .
كذلك يقول ُالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن أهلِ بدر: " لعلَّ الله اطَّلعَ على أهلِ بدر فقالَ : إني قد غفرتُ لكم ، افعلوا ما شئتم " .
وهذا خبرٌ منَ النبيِّ الصَّادقِ صلواتُ ربي وسلامُه عليه .
في الخندق ..في الأحزاب ، ماذا قالَ عنهم ؟
قالَ: " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا" الأحزاب:22 .
وكذلك في الحديبية قال : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ... "الفتح:18 .
وأما آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع أنهم اشتركوا مع الصَّحابةِ فيما ذُكِرَ ،فعليّ شارك في بدر ، وشارك في الأحزاب ، وشارك في بيعةِ الرِّضوان ، وكذلك عبد الله بن العباس ، وكذلك العباس ، وكذلك غيرهم منْ أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شاركوا في هذه الأحداثِ فنالوا فضلَ الصُّحبةِ وفضلَ القرابةِ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلا أنَّ الله خصَّهم بفضلٍ كذلك وذلك في قولِ الله تباركَ وتعالى : " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً " الأحزاب:56.
إلىهنا
فقالَ أصحابُ النبيِّ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : عرفنا كيف نسلِّم عليك فكيف نصلِّي عليك؟؟؟
قالَ : " قولوا اللهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد " .
فبيَّن صلواتُ ربي وسلامُه عليه فضلَهم وأنه قرنهم باسمهِ صلواتُ ربي وسلامُه عليه ، وكذلك لما قالَ الله تباركَ وتعالى في ذِكْرِ نساءِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالَ": "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُالرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً"الاحزاب:33، وقالَ الله تباركَ وتعالى : " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ " ، فذكرَ آلَ بيتهِ وهنَّ أزواجه أنهنَّ أمَّهات المؤمنين جميعاً .
ولذلك مَنْ لم يرضَ بزوجةٍ منْ زوجاتِ النبيِّ أنها أمٌّ له فهو ليس منَ المؤمنين لأنَّ الله تباركَ وتعالى يقولُ : "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ ... " عمَّ الأزواجَ كلهنَّ قالَ : "وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ " فهنَّ أمَّهاتٌ المؤمنين .
وأما ما جاءَ في السُّنة في فضلِ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآلِ بيتهِ فمِنْ ذلك قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم :"النجومُ أَمَنَةٌ للسَّماءِ فإذا ذهبتِ النجومُ أتى السَّماءَ ما تُوعد ، وأنا أَمَنَةٌ لأصحابي فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يُوعدون ، و أصحابي أَمَنَةٌ لأمتي فإذا ذهبَ أصحابي أتى أمتي ما تُوعد ".
ويقولُ صلواتُ ربي عليه : " خيرُ الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "
وقالَ صلواتُ ربي وسلامُه عليه : " لا تسبُّوا أصحابي فلو أنَّ أحدَكم أنفقَ مثلَ أُحُدٍ ذهباً ما بلغَ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه " .
وأمَّا آلُبيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالَ فيهم : " أذكِّركم الله أهل بيتي ، أذكِّركم الله أهل بيتي ، أذكِّركم الله أهل بيتي " .
فلا بد إذاً أنْ نعرفَ لأصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَدْرَهم ولآلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَدْرَهم ، وأنْ نتقرَّب إلى الله بحبِّهم فإنهم أناسٌ اصطفاهم الله تباركَ وتعالى اختارَهم .
والفرقُ بين الصَّحابةِ وآلِ البيتِ في مسألةٍ مهمَّة جداً وهو أنَّ أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يمكننا أنْ نكرمَهم لأنهم قد تُوُفُّوا الآن إلا بالسَّلام عليهم وذِكْرِهم بكلِّ خيرٍ ، لأنه لا يوجدُ الآنَ صحابيٌّ منْ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، أما آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فما يزالون يعيشون بين ظهرانينا ، فكلُّ مَنْ يلتقي بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم اليوم عن طريق هاشم بن عبد مناف فهو منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فالصَّالحُ منهم نحبُّه ونتقرَّب إلى الله بحبِّهونكرمُه .
وسيأتينا إنْ شاءَ الله حقوق آل البيت وحقوق الصَّحابة رضيَ الله عنهم لكنْ أحببتُ أنْ أفرِّقَ بين الصَّحابةِ وآلِ البيتِ ، أنَّ الصَّحابةَ ليسَ لهم منا الآن إلا الثناء والذِّكْر الحَسَن أما آلُ البيتِ فيمكنُ أنْ يستمرَّ إكرامُهم لأنهم مستمرون معنا، لا أعني أنَّ عليّاً وفاطمةّ موجودون لكنْ أعني ذرية آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سواء ذرية العباس أو ذرية أبي طالب أو ذرية الحارث أو ذرية أبي لهب ،لأنَّ هؤلاء هم الذين لهم ذرية اليوم ، ذرية هؤلاء المسلم منهم التقي فهذا له منَ التقدير والمحبة ما يستحقُّه لقرابتهِ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
و أختمُ بقولِ الشاعرِ:
إني أحبُّأبا حفصٍ وشيعته *** كما أحبُّ عتيقاً صاحبَ الغارِ
وقد رضيتُ عليّاً قُدوةً عَلَماً *** وما رَضِيْتُ بقتلِ الشَّيخِ في الدارِ
والله أعلى وأعلم وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمَّد .
قلْ خيرَ قولٍ في صحابةِ أحمدٍ *** وامدحْ جميعَ الآلِ والنّسوانِ
دعْ ما جرىبين الصَّحابةِ في الوغى*** بسيوفِهم يومَ التقى الجمعانِ
فقتيلُهم منهم وقاتلُهم لهم ***وكلاهما في الحشرِ مرحومانِ
واللهُ يومَ الحشرِ ينزعُ كلَّ ما *** تحوي صدورُهمُ منَ الأضغانِ
حُبُّ الصَّحابةِ والقَرابةِ سُنَّةٌ *** ألقى بها ربي إذا أحياني
فكأنما آل ُالنبيِّ وصحبُه *** رُوحٌ يضمُّ جميعَها جسدانِ
فئتانِ عَقدُهما شريعةُ أحمد ***بأبي وأمي ذانك الفئتانِ
فئتان سالكتان في سُبُلَ الهدى *** وهما بدينِ الله قائمتانِ
هاتان الفئتان أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآل بيته هما محور هذه الأحاديثِ التي ستكونُ بيننا إنْ شاءَ الله تبارك وتعالى خلالَ هذه الأسابيع .
نبدأ أوَّل ما نبدأ بالتَّعريف .
مَنْ همُ الصَّحابةُ ؟
مَنْ هم آلُبيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟
عندما نرجعُ إلى اللُّغةِ
فالصَّاحبُ مَنْ صحبَك وتابعَك ولازمَك ولقيَك فيقالُ له صاحب.
والصَّحابي ُّفي الاصطلاح
هو مَنْ لقيَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فخصَّصنا اللِّقاءَ بالنبيِّ لأننا نتكلَّم عن صحابةِ النبيِّ ، و إلا كلّ واحدٍ منَّا له أصحابٌ ، مافي إنسان إلا وله أصحابٌ ، لكنْ نحن نتكلَّم عن أصحابٍ خاصِّين ..
عن أصحابِ رجلٍ بعينهِ هو محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولذلك لما نأتي لتعريف هؤلاءِ الصَّحابةِ لا بدَّ أنْ ننبِّه إلى هذا الرَّجل ، فيقولون الصَّحابيُّ هو كلُّ مَنْ لقيَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم
سواءً لقيَه مدةً طويلةً أو وسطاً أو أقلّ أو مرَّة واحدةً ، وهذه تُطلقُ في اللُّغةِ على الصُّحبةِ ، وإنْ كانَ بعضُ أهلِ اللُّغةِ يطلقون كلمةَ الصَّاحبِ على مَنْ لازمَ وصحبَ مدَّة طويلةً ، ولكنْ أيضاً يطلقون في اللُّغةِ على مَنْ لقيَ مرَّة ،
ولذلك اختارَ أهل العلم التَّعريفَ للصَّحابيِّ : هو كلُّ مَنْ لقيَ النبيَّ ولو مرَّة واحدةً ، ولقيَه ولو لم يره كالأعمى مثلاً .
هناك بعضُ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غير مبصرين كابن أمِّ مكتوم مثلاً ، وهو صحابيٌّ لأنه لقيَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مؤمناً به ، إذاً لا بدَّ منَ اللُّقيا ولا بدَّ منَ الإيمانِ ، لقيَ النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأنَّ هناك مِنَ الناسِ مَنْ كانَ في الشَّامِ أو في مِصْرَ أو اليمنِ أو غيرها منْ جزيرةِالعربِ ، آمنَ ولم يلقَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم
.. آمنَ في بلادهِ ، جاءَ ليُبايعَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما تيسَّر له السَّفر ، ثم النبيُّ قد تُوُفِّيَ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فلا يُقالُ له صحابيّ يقال له مخضرم، لأنه عاشَ فترةَ البعثةِ وعاشَ بعدَها فيقال له مخضرم لكنْ لا يقالُ له صحابيّ ،لأنَّ شرفَ الصُّحبةِ هي لُقيا النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فهذا لم ينلْ هذا الشَّرفَ وهو لُقيا النبيِّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم مؤمناً به ، وقالوا مؤمناً به حتى يخرج الكفار لأنَّ الكفارَ لقوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وجلسوا معه ، لعلَّ منهم منْ أقاربهِ كأبي لهب مثلاً ، ومنهم مَنْ قاتلَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، ومنهم مَنْ نافقَ وأظهرَ الإسلامَ وهو غير ذلك ، هؤلاء لقوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لكنْ غير مؤمنين فلا يدخلون في الصَّحابة .. لا يدخلون في الصَّحابةِ ، إذًا لا بدَّ أنْ يكونَ لقيَ النبيَّ ولا بدَّ أنْ يكونَ مؤمناً به يومَ لقيَه وماتَ على ذلك ، ليخرجَ المرتدُّون ، لأنَّ المرتدِّين لقوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآمنوا به ولكنهم بعد وفاتهِ ارتدُّوا عن دين الله تبارك وتعالى ، فهؤلاء لا يُقالُ لهم صحابة .
لماذا؟
لأنهم لم يموتوا على الإسلام ، ارتدُّوا عن دينِ الله تبارك وتعالى .
إذًا هذا تعريفُ الصَّحابيِّ ، وليسَ هناك خلافٌ كبيرٌ في تعريفِ الصَّحابيِّ وإنما الخلافُ في تعريفِ آلِ البيتِ .
عندما ننتهي منْ تعريفِ الصَّحابيِّ نأتي إلى تعريفِ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،فمَنْ هم
آلُ بيتِ النبيِّ صلواتُ ربي وسلامُه عليه؟
هناك أربعةُ أقوالٍ في آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم :
*القول الأول : أنَّ آلَ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم أزواجُه وذريَّته، هؤلاء هم آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وأخذوا ذلك منَ اللُّغةِ ، قالوا : آلُ الرَّجُلِ أهلُه ، وأصلُ آل أهل ،ولذلك نحن نقولُ فلان تأهَّل يعني تزوَّج .
و قالَ الله عن موس"وَسَارَ بِأَهْلِهِ"القصص:29، أي بزوجتهِ ، وقالَ" : " .... رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ..."هود:73،إبراهيم وزوجته ، فأهلُ الرَّجُلِ زوجتُه وذريَّته ، وأخذوا ذلك منْ قولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في التَّشَهُّد ،نحن الآن في تشهُّدنا ماذا نقولُ ؟
" اللهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد كما صلَّيتَ على آلِ إبراهيم "هناك بعض ألفاظا لتَّشَهُّد في البخاري بدلَ اللهمَّ صَلِّ على محمَّد تقول: " اللهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى أزواجه وذريته كما صلَّيتَ على آلِ إبراهيم "
فقالوا : قوله : " اللهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى أزواجهِ وذريته" هي تفسير لقولهِ : " اللهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد "
فقالوا : إذًا آلُ الرَّجُلِ هم زوجتُه وذريته ، هؤلاء هم آلُ الرَّجل ، إذاً هؤلاء هم آلبيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
ولذلك عائشة رضيَ الله عنها لما سُئِلَتْ عن طعام النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في البيت فقالتْ : " كانَ طعامُ آلِ محمَّد قوتاً " .
( يعني الشيء اليسير ، وسمَّت بيتَها بيتَ آلِ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ) .
وكانَ النبيُّ إذا دخلَ بيتَه أحياناً يقولُ : السَّلام عليكم أهلَ البيتِ ، لزوجتهِ عائشة أو حفصة أو... يسلِّم عليهنَّ بلفظِ أهلِ البيتِ .
فهذا إذًا القول الأول أنَّ الأهلَ هم الزَّوجة والذُّرية، وكلُّنا يعلمُ قولَ الله تبارك وتعالى عن امرأةِ العزيز لما جاءَ زوجُها قالتْ : " .... مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا ...." يوسف:25
، تعني نفسَها أنها زوجة العزيز .
*القول الثاني : أنَّ آلَ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم بنو هاشم ، أقارب النبيِّ منْ هاشم، نحن نعرفُ الآنَ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم محمَّد بنُ عبد الله بنِ عبد المطلب بنِ هاشم ، فقالوا : كلّ مَنْ يرجعُ نسبُه إلى هاشم فهو منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،كلّ مَنْ يرجعُ نسبُه إلى هاشم فهو منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
*- ومنْ ذلك أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جاءَه اثنان وهما الفضل ابن العباس بن عبد المطلب ، والمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، إذاً الفضل بن العباس ،
العباس عمّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذاً هذا ابن عمِّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، والمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أيضاً أبوه الذي هو ربيعة ابن عمِّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فهذا ابنُ ابنِ عمِّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،
إذاً كلاهما جدُّهما عبد المطلب ، ومعروف أنَّ هاشماً ليس له منَ الأولاد إلا عبد المطلب وأسد ،هذان ابنا هاشم ، عبد المطلب وأسد ، أما أسد فانقطعتْ ذُرِّيتُه ،
عنده بنت التي هي فاطمة بنت أسد أمّ عليّ بن أبي طالب رضيَ الله عنه وعنها لأنها أسلمتْ ولم تبقَ له ذرية ، إذاً كلّ ذرية هاشم في عبد المطلب الآن ،
ذرية هاشم هم ذرية عبد المطلب ،إذاً نستطيعُ أنْ نقولَ : آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم ذرية عبد المطلب ، هم ذرية عبد المطلب ، لكن الصحيح ذرية هاشم حتى تدخل فاطمة بنت أسد لأنها منْ بني هاشم ، فالشَّاهدُ منْ هذا أنه لما جاءَ الفضلُ بن العباس بن عبد المطلب والمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، لما أتيا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وطلبا منه أنْ يجعلَهما على الصَّدقةِ ، الله تبارك وتعالى يقولُ ماذا ؟يقول : " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ ... "أي الزكاة
" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عليها "التوبة:60.
إذًا العاملون على الزكاة و هم الذين يجبون الزكاةَ ويقسِّمونها ويُوصلونها إلى مَنْ يستحقُّها يجوزُ أنْ يُعْطَوا منَ الزَّكاةِ ، فجاءَ الفضلُ بنُ العباس والمطلب بنُ ربيعة بنِ الحارث أتيا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالا : يا رسولَ الله اجعلْنا على الصَّدقةِ ، منَ العاملين عليها حتى يأخذا منَ الزَّكاةِ .
فماذا قالَ لهما النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟
قالَ : "إنها لا تحلُّ لمحمَّد ولا لآل ِمحمَّد "
فدلَّ هذا على أنهما منْ آل محمَّد .
فحرَّم عليهما الزَّكاةَ ، لأنَّ الزَّكاةَ لا تحلُّ لمحمَّد ولا لآلِ محمَّد ، فلما حرَّم عليهما الزَّكاةَ واستدلَّ بقولهِ : " لا تحلُّل محمَّد ولا لآلِ محمَّد " دلَّ على أنَّ هذين منْآلِ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم .
*- وكذلك لما قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حديثِ زيدِ بنِ أرقم المشهور قالَ : " أذكِّرُكم الله أهلَ بيتي ، أذكِّرُكم الله أهل بيتي ، أذكِّرُكمالله أهل بيتي
فَسُئِلَ زيدُ بنُ أرقم مَنْ أهلُ بيتهِ ؟
طيب هو يذكِّرنا أهلَ بيتهِ ، مَنْ هؤلاء ؟
قالَ : مَنْ أهلُ بيتهِ ؟
قالَ : مَنْ حُرِمَ الصَّدقةَ .
أي كلّ مَنْ تحرمُ عليه الصَّدقةُ فهو منْ أهلِ بيتهِ
ثم قالَ زيدٌوهم : آلُ عليّ وآلُ عباس وآلُ عقيل وآلُ جعفر .
آل عليّ ، آل العباس ، آل عقيل وآل جعفر .
طيب ما الذي يجمعُ هؤلاء الأربعة
عليّ وعقيل وجعفر ؟ أبناء أبي طالب ، والعباس أخو أبي طالب .
طيب والمطلب بن الربيعة بن الحارث ، الحارث أخو أبي طالب وأخو العباس ، والفضل بن العباس ، ماالذي يجمعُ هؤلاء كلّهم ؟
كلّهم هؤلاء أبناء عبد المطلب ،كلّ هؤلاء أبناء عبد المطلب .
*- وكذا الحسن بن عليّ لما أرادَ أنْ يأكلَ منَ الصَّدقةِ قالَ له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " إنها لا تحلُّ لمحمَّد ولا آل محمَّد " فمنعَه منها .
فما الذي يجمعُ هؤلاء كلّهم ؟
قالوا : الذي يجمعُ هؤلاء كلّهم هو أنهم أبناءُ عبد المطلب وبالتالي أبناء هاشم .
فقالوا : كلّ هؤلاء حُرِّمَتْ عليهمُ الزَّكاةُ وأدخلَهم النبيُّ بلفظِ آلِ محمَّد .
فقالوا : إذاً آلُ النبيُّ هم أولادُ هاشم ، أقارب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم منْ هاشم ، هذا القولُ الثاني .
إذاً
*- القول الأول أنَّ آلَ النبي هم أزواجُه وذريته
*- القول الثاني آل النبيّ هم أقاربُه فقط منْ بني هاشم .
*- القول الثالث : أنَّ آلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم جميعُ المؤمنين .
جميعُ المؤمنين آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لأنهم تابعوه وناصروه ووقفوا معه ،فهؤلاء هم آلُه ، كما قالَ الله تبارك وتعالى"النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ"غافر:46، و ليس المقصود بآلِ فرعون أقارب فرعون وإنما المقصود أتباع فرعون على دينه .
فقالوا : إذا سمَّى أتباعه آلاً ، سمَّى أتباعه آلاً له
إذاً آلُا لرَّجُلِ هم مَنْ يتبعُه على دينهِ .
ولذلك قالَ عبد المطلب الذي هو جدُّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لما جاءَ أبرهةُ ليهدمَ الكعبةَ ، عندما قصدَ أبرهةُ لهدمِ الكعبةِ قامَ عبد المطلب وقالَ أبياتاً منَ الشِّعر ،
قالَ في هذه الأبياتِ :
لاهم..
لاهم يعني اللهمَّ
قال :
لاهمَّ إنَّ العبد يمنعُ رحلَه فامنعْ رِحَالَكْ
لا يغلبنَّ صليبُهم ومِحَالُهم غِدْواً مِحَالَكْ
يعني يقولُ اهزمْ هؤلاء الذين أرادوا هَدْمَ الكعبةِ .
لاهم إنَّ العبدَ يمنعُ رحلَه فامنعْ رحالَكْ .
عبد المطلب لما دخلَ على أبرهة قالَ :
أنا ربُّ الإبلِ وللبيتِ ربٌّ يحميهِ فالآن يسأل الله أنْ يحميَ هذا البيت .
يقول :
لاهم إنَّ العبدَ - يعني نفسَه - يمنعُ رحلَه فامنعْ رحالَكْ
هذا بيتُك ياربّ ، هذا بيتك
لاهمَّ إنَّ العبدَ يمنعُ رحلَه فامنعْ رِحَالَكْ
لا يغلبنَّ صليبُهم ومِحَالُهم غِدْواً مِحَالَكْ
وانصرْ على آلِ الصَّليبِ .. على آل الصليب
وانصرْ على آل الصَّليبِ وعابديهِ اليومَ آلَكْ
وانصرْ على آل الصَّليبِ وعابديهِ اليومَ آلَكْ
فسمَّاهم آل الله
وقالَ عن أتباع الصَّليب آل الصَّليب
فقالوا : كلّ مَنْ تبعَ شيئاً صارَ منْ آلهِ
إذاً هذه ثلاثةُ أقوالٍ .
كما ترون أنَّ جميعَ الأقوالِ هذه لها وجهٌ منْ حيثُ اللُّغةِ ولها وجهٌ منْ حيثُ النُّصوص ،والأقربُ - والعلمُ عند الله تبارك وتعالى - أنَّ آلَ الرَّجُلِ زوجتُه وذُرَّيته لا شكَّ في هذا ، لكنْ آل الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم بذاتهِ هم بنو هاشم بالأصالة لأنهم أقاربُه الأقربون صلَّى الله عليه وسلَّم ، ويدخلُ أزواجُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالتبعيَّة لما تزوجهنَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.
هناك قولٌ رابعٌ ضعيفٌ جِدّاً وهو ما يتبنَّاه الشيعةُ في هذا الأمر ، وهو أنهم قالوا : إنَّ آلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم أصحابُ الكساءِ ، يعنون عليّاً وفاطمةَ والحسنَ والحسين فقط ، يقولون إنَّ هؤلاء آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
قالوا : لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جلَّلهم بالكساءِ ، وذلك أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم دعى عليّاً وفاطمة والحسن والحسين وغطَّاهم بالكساء - اللي هو البشت ، العباءة - غطَّاهم ثم قالَ : " اللهمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي ، اللهمَّ أذهب عنهم الرِّجسَ وطهِّرهم تطهيراً " .
نقولُ : نعم هذا دليلٌ على أنَّ هؤلاء منْ آلهِ لأنَّ فاطمةَ ابنتُه وعلي منْ أولاد عبد المطلب والحسن والحسين أبناء عليّ وأبناء فاطمة ، فطبيعي جِدّاً أنهم منْ آلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لكنْ ليس في الحديثِ أنَّ هؤلاء فقط هم آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
فالحديثُ يدلُّ على أنَّ هؤلاء منْ آلِ النبيِّ ، ولا يعني أبداً أنَّ هؤلاء فقط هم آل ُالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فالرَّاجحُ - والعلمُ عند الله تبارك وتعالى - أنَّ آلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم أبناءُ هاشم وأزواجُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، أمَّا أبناءُ هاشم فهم الذين حُرِّمَتْ عليهمُ الزَّكاةُ ، وأمَّا أزواجُه فباقترانهِ بهنَّ ، وإلا قبلَ زواجهِ بهنَّ لم يكنَّ منْ آلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
يعني منْ آخر مَنْ تزوَّج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ميمونة قبل أنْ يتزوَّجها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما كانتْ منْ آلِ البيتِ ، وعائشة قبل أنْ يتزوَّجها النبيُّ ما كانتْ منْ آلِ البيتِ ، كانتْ منْ آلِ أبي بكر ، وكذا حفصة ، وكذلك أم حبيبة ، وكذلك جويرية ، وصفية ، لم يكنَّ أبداً في يومٍ منَ الأيام منْ آلِ البيتِ قبلَ زواجِ النبيِّ بهنَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فلمَّا تزوَّجهنَّ صِرْنَ أهلَه وصِرْنَ بعد ذلك منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلواتُ ربي وسلامُه عليه .
بعد هذه المقدِّمة .
نحن الآن في المقدِّمة ..طيب..
بعد هذه هذه المقدمة ندخلُ في بيانِ فضلِ ومكانةِ أصحابِ النبيِّ وآلِ بيتهِ .
أما أصحابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فوردتْ فيهم نصوصٌ ، ويدخلُ في أصحاب النبيِّ آل البيت الذين صحبوه كعليّ وفاطمة وعائشة وأمّ حبيبة والعباس وعبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر وجعفر .. لأنَّ هؤلاء جمعوا الحسنين .
جمعوا القرابةَ وجمعوا الصُّحبةَ ، يعني عليّ بن أبي طالب كمثال صحابيّ ومنْ آلِ البيت ،عائشة صحابيَّة ومنْ آلِ البيت ، فاطمة صحابيَّة ومنْ آل البيت ، عبد الله بن عباس صحابيّ ومنْ آلِ البيت ، حمزة صحابيّ ومنْ آل البيت ، العباس صحابيّ ومنْ آلِ البيت، عبد الله بن جعفر صحابيّ ومنْ آلِ البيت ، جعفر بن أبي طالب صحابيّ ومنْ آل ِالبيت وهكذا .
فإذًا آل ُالبيتِ الذين سنتكلَّم عنهم الذين جمعوا الشَّرفين ، جمعوا شرفَ الصُّحبةِ وجمعوا شرفَ القَرابةِ .
والصَّحابةُ الذين سنتكلَّم عنهم هم الذين جمعوا شرفَ الصُّحبةِ فقط وما أجملَ ما قالَ شريك بنُ عبد الله ،يقولً : لو جاءني أبو بكر وعليّ وكلاهما طلبَ مني حاجةً - يعني أبو بكر طلبَ مني شيئاً وعليّ طلبَ مني شيئاً - لقدَّمتُ عليّاً على أبي بكر ، وأبو بكر أفضل .
طيب .. لماذا قدَّمتَ عليّاً ؟
قالَ : لقرابتهِ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
إكراماً لقرابتهِ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
فعندما نتكلَّم عن فضلِ أصحابِ النبيِّ يدخلُ القرابةُ وعندما نتكلَّم عن فضلِ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يدخلُ الصَّحابةُ .
فمنْ ذلك قولُ الله تبارك وتعالى: " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً" الفتح:29
شوفوا هذا الوصفَ العظيمَ منَ الله تبارك وتعالى ، يصفُ محمَّداً وأصحابَه .
هذا متى هذا؟؟؟
هذا في الحديبيةِ في السَّنةِ السَّابعةِ منَ الهجرة ، في آخرِ السادسةِ منَ الهجرة أوَّل السابعةِ منَ الهجرة ، يصفُ الله هؤلاء يقولُ: " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً" الفتح:29" هذه عادتُهم" يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً " لا رياء لا سمعة وإنما يريدون ما عند الله" يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ الفتح:29 " ، و السِّيما هي النورُ الذي يكونُ فيالوجهِ
" سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ "
ثم قالَ : " ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ "
أي أنهم مذكورون في التوراةِ ثم قالَ :"وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ "فلا يغتاظُ منهم إلا الكفار ، وسنأتي إنْ شاءَ الله تعالى عن حُكْمِمُبغضهم ومحبِّهم إن شاءَ الله تعالى في الدَّرسِ القادمِ .
" وَعَدَ اللَّهُ " الآن النَّتيجة ، بعد أنْ وصفَهم الله بما وصفَهم بهِ منَ الخيرِ والصَّلاحِ جاءتِ النَّتيجةُ " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً " ، هكذا يخبرُ الله تعالى عن هؤلاءِ القومِ
ويقولُ جلَّ وعلا في الحديبية أيضاً لما بايعوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيعةَ الرِّضوان قالَ الله تباركَ وتعالى : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الفتح:18، وهذه البيعةُ تُسَمَّى بيعةَ الرِّضوان ،لما بايعوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أنْ لا يفرُّوا و على أنهم ينصرونه .
و قالَ بعضُ الصَّحابةِ : بايعناه على الموتِ.
" لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِيقُلُوبِهِمْ... "فكانتِ النَّتيجةُ " ... فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً"... الفتح:18هل يمكنُ أنْ يكونَ علمَ ما في قلوبهم منَ النِّفاقِ فيُنزلُ عليهمُ السَّكينةَ ويرزقُهم فتحاً قريباً؟!
لا يمكنُ أبداً
وإنما علمَ ما في قلوبهم منَ التَّقوى والدِّين والمحبَّة لله ورسولهِ والنُّصرة وغير ذلك منَ الأمورِ الطَّيِّبةِ التي يحبُّها الله تباركَ وتعالى .
ولذلك أعلنَ الله على الملأ رِضَاهُ عنهم سبحانه وتعالى
" لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ ..." والله لا يرضى إلا عمَّن يعلمُ أنه يموتُ واللهُ راضٍ عنه ، وإلا الله يعلمُ ما في قلوبِ المنافقين منْ نفاقٍ ، و لذلك لا يُثني عليهم الله أبداً ثم يذمُّهم .
فالقصدُ أنَّ الله تباركَ وتعالى أعلنَ رِضَاهُ عن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
وقالَ جلَّ وعلا عن أصحابِ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وكما قلنا يدخلُ فيهم آلُ بيتِ النبيِّ الذين عاشوا معه منْ أصحابهِ يقولُ الله لهم : "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"
"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"
فُضِّلَت ْعلى سائرِ الأممِ السَّابقةِ منْ أتباع إبراهيم وموسى وعيسى وزكريا ويحيى ويونس وهود وغيرهم منَ الأنبياء .
هذه الأمَّةُ هي خيرُ الأُمَمِ ، وبيَّن الله السَّبَبَ في ذلك: " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْلِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ.... "آل عمران:110
فوصفَهم الله بما هم عليه منَ الخيرِ ، وقالَ الله جلَّ وعلا في وصفِهم : "لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ "الحشر:8
هكذا يقولُ عنهم الله جلَّ وعلا ، هؤلاء المهاجرون ، ثم يُثنِّي جلَّ وعلا بذكرِ الأنصارِ فيقولُ سبحانه وتعالى: " وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ - هؤلاء الأنصار -يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَايَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " الحشر:9
فنجد أنَّ الله تبارك وتعالى يُثني على المهاجرين ويُثني على الأنصار سبحانه وتعالى .
بلْ قال َالله جلَّ وعلا "لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ..."الحديد:10
لأنَّ الصَّحابةَ يتفاضلون كما أنَّ الأنبياءَ يتفاضلون
" تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ .." البقرة:253
حتى الصَّحابةُ يتفاضلون ، الملائكة يتفاضلون ، فالصَّحابةُ إذاً هناك مَنْ هو أفضلُ منْ غيره ، لا يمكنُ أبداً أنْ نسوِّي صحابي أسلمَ وتابعَ النبيَّ في بدايةِ الدَّعوةِ وتحمَّل ما تحمَّل وآخر تأخَّر إسلامُه ولعلَّه قاتلَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وتأخَّر إسلامُه ، فهناك فرقٌ بين هذا وذاك .
ولذلك الله تبارك وتعالى لم يسوِّ بينهم .
فقالَ سبحانه وتعالى : مع أنهم جميعاً منْ أهلِ الجنة ، جميعهم أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لكنْ ولو ، الأمرُ يختلف يقولُ الله تباركَ وتعالى :" لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا..." البقرة:253
لماذا؟
لأنَّ الذين أنفقوا منْ قبل الفتح وقاتلوا منْ قبل الفتح ، والفتح على المشهور هو صلح الحديبية، وليكنْ فتح مكة ، لكنَّ الذين أنفقوا وقاتلوا منْ قبل الفتح وهو صلح الحديبية على الصحيح أولئك أنفقوا وقاتلوا يومَ كانَ الإسلامُ بحاجةٍ ، ولذلك يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لو أنفقَ أحدُكم مثلَ أُحُدٍ ذَهَباً ما بلغَ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه "
لأنَّ الذي يُنفقُ وقتَ الحاجةِ ليس كالذي يُنفقُ والناسُ في رخاءٍ وعدم الحاجة .. الذين قاتلوا والإسلامُ يُعادى منْ كلِّ مكانٍ ليس كالذي يقاتلُ والإسلامُ استتبَّ أمرُه وانتشرَ صيتُه ، يختلفُ الوضعُ .
ولذلك الله تباركَ وتعالى لم يسوِّ بين الطرفين و إنْ في النهايةِ قالَ سبحانه وتعالى : " وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ...."البقرة :253
يعني كلّهممنْ أهلِ الجنَّة" وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى "، لكنْ لا يستوون عند الله تباركَوتعالى ، ويقولُ جلَّ وعلا عن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم" إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ "الأنبياء:101.
أي عن النَّار ، والذين سبقتْ لهمُ الحسنى منَ الله هم أصحابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولذلك قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : "لنْ يدخلَ النارَ أحدٌ بايعَ تحتَ الشَّجرةِ " التي هي بيعة الرِّضوان .
ولما سُئِلَ جابر رضيَ الله عنه عن عددِهم يومَ بايعوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيعةَ الرِّضوان قالَ : كانوا أربعَ عشرةَ مئة أو خمس عشرة مئة ، يعني ألف وأربع مئة أوألف وخمس مئة .
هؤلاء هم أصحابُ النبيِّ الذين رضيَ الله تباركَ وتعالى عنهم
وقدَّر الله أنه في هذه البيعةِ كانَ قد خرجَ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ منَ المنافقين يُقالُ له الجِدّ بن قيس ، فلمَّا جاءَ الصَّحابةُ يبايعون النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم تحتَ الشَّجرةِ بيعةَ الرِّضوان .. البيع على الموت .. البيع على النصرة .. اختبأ خلفَ جملٍ له أحمر ولم يبايعْ ، فقالَ النبيُّ صلَّى الله عليهوسلَّم : " لنْ يدخلَ النَّارَ أحدٌ بايعَ تحت الشَّجرةِ إلا صاحب الجمل الأحمر" يعني الجِدّ بنقيس الذي اختبأ خلفَ جملهِ ، وإلاهنا بمعنى لكنْ ، لكنْ صاحب الجمل الأحمر هذا لنْ يدخلَ الجنةَ لأنه كانَ منافقاً ولم يكنْ منْ أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،
والله تباركَ وتعالى يقولُ عن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ"التوبة:100
لما ذكر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار عمَّهم جميعا ً قالَ : والسَّابقون الأولون منَ المهاجرين والأنصار جميعهم بلا استثناء .
والتابعون؟
قالَ : لا ،ليسوا كلّ التابعين
إذاً مَنْ؟
قالَ : " وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ " لأنَّ التَّابعين فيهم المحسن وفيهم غير المحسن ، فاختارَ المحسنين منهم .
أمَّا الصحابة فكلُّهم محسنٌ ، ولذلك جاءَ الخِطابُ عامّاً شاملاً لهم جميعاً .
والله تباركَ وتعالى لما ذكرَ أصحابَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أحداثِ السِّيرةِ قال َالله جلَّ وعلا عنهم في بدر: " إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ َلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ "الانفال:11.
فنجدُ أنَّ الله تباركَ وتعالى هنا جلَّ وعلا أنزلَ عليهم منَ السَّماءِ ماءً ، ثم أخبرَ أنه طهَّرهم ، وأخبر أنه أذهبَ عنهم رِجْسَ الشَّيطان كما قالَ في آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً"الاحزاب:33، قالها كذلك في أصحابِ النبيِّ صلَّىالله عليه وسلَّم .
كذلك يقول ُالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن أهلِ بدر: " لعلَّ الله اطَّلعَ على أهلِ بدر فقالَ : إني قد غفرتُ لكم ، افعلوا ما شئتم " .
وهذا خبرٌ منَ النبيِّ الصَّادقِ صلواتُ ربي وسلامُه عليه .
في الخندق ..في الأحزاب ، ماذا قالَ عنهم ؟
قالَ: " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا" الأحزاب:22 .
وكذلك في الحديبية قال : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ... "الفتح:18 .
وأما آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع أنهم اشتركوا مع الصَّحابةِ فيما ذُكِرَ ،فعليّ شارك في بدر ، وشارك في الأحزاب ، وشارك في بيعةِ الرِّضوان ، وكذلك عبد الله بن العباس ، وكذلك العباس ، وكذلك غيرهم منْ أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شاركوا في هذه الأحداثِ فنالوا فضلَ الصُّحبةِ وفضلَ القرابةِ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلا أنَّ الله خصَّهم بفضلٍ كذلك وذلك في قولِ الله تباركَ وتعالى : " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً " الأحزاب:56.
إلىهنا
فقالَ أصحابُ النبيِّ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : عرفنا كيف نسلِّم عليك فكيف نصلِّي عليك؟؟؟
قالَ : " قولوا اللهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد " .
فبيَّن صلواتُ ربي وسلامُه عليه فضلَهم وأنه قرنهم باسمهِ صلواتُ ربي وسلامُه عليه ، وكذلك لما قالَ الله تباركَ وتعالى في ذِكْرِ نساءِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالَ": "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُالرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً"الاحزاب:33، وقالَ الله تباركَ وتعالى : " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ " ، فذكرَ آلَ بيتهِ وهنَّ أزواجه أنهنَّ أمَّهات المؤمنين جميعاً .
ولذلك مَنْ لم يرضَ بزوجةٍ منْ زوجاتِ النبيِّ أنها أمٌّ له فهو ليس منَ المؤمنين لأنَّ الله تباركَ وتعالى يقولُ : "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ ... " عمَّ الأزواجَ كلهنَّ قالَ : "وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ " فهنَّ أمَّهاتٌ المؤمنين .
وأما ما جاءَ في السُّنة في فضلِ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآلِ بيتهِ فمِنْ ذلك قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم :"النجومُ أَمَنَةٌ للسَّماءِ فإذا ذهبتِ النجومُ أتى السَّماءَ ما تُوعد ، وأنا أَمَنَةٌ لأصحابي فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يُوعدون ، و أصحابي أَمَنَةٌ لأمتي فإذا ذهبَ أصحابي أتى أمتي ما تُوعد ".
ويقولُ صلواتُ ربي عليه : " خيرُ الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "
وقالَ صلواتُ ربي وسلامُه عليه : " لا تسبُّوا أصحابي فلو أنَّ أحدَكم أنفقَ مثلَ أُحُدٍ ذهباً ما بلغَ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه " .
وأمَّا آلُبيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالَ فيهم : " أذكِّركم الله أهل بيتي ، أذكِّركم الله أهل بيتي ، أذكِّركم الله أهل بيتي " .
فلا بد إذاً أنْ نعرفَ لأصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَدْرَهم ولآلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَدْرَهم ، وأنْ نتقرَّب إلى الله بحبِّهم فإنهم أناسٌ اصطفاهم الله تباركَ وتعالى اختارَهم .
والفرقُ بين الصَّحابةِ وآلِ البيتِ في مسألةٍ مهمَّة جداً وهو أنَّ أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يمكننا أنْ نكرمَهم لأنهم قد تُوُفُّوا الآن إلا بالسَّلام عليهم وذِكْرِهم بكلِّ خيرٍ ، لأنه لا يوجدُ الآنَ صحابيٌّ منْ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، أما آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فما يزالون يعيشون بين ظهرانينا ، فكلُّ مَنْ يلتقي بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم اليوم عن طريق هاشم بن عبد مناف فهو منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فالصَّالحُ منهم نحبُّه ونتقرَّب إلى الله بحبِّهونكرمُه .
وسيأتينا إنْ شاءَ الله حقوق آل البيت وحقوق الصَّحابة رضيَ الله عنهم لكنْ أحببتُ أنْ أفرِّقَ بين الصَّحابةِ وآلِ البيتِ ، أنَّ الصَّحابةَ ليسَ لهم منا الآن إلا الثناء والذِّكْر الحَسَن أما آلُ البيتِ فيمكنُ أنْ يستمرَّ إكرامُهم لأنهم مستمرون معنا، لا أعني أنَّ عليّاً وفاطمةّ موجودون لكنْ أعني ذرية آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سواء ذرية العباس أو ذرية أبي طالب أو ذرية الحارث أو ذرية أبي لهب ،لأنَّ هؤلاء هم الذين لهم ذرية اليوم ، ذرية هؤلاء المسلم منهم التقي فهذا له منَ التقدير والمحبة ما يستحقُّه لقرابتهِ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
و أختمُ بقولِ الشاعرِ:
إني أحبُّأبا حفصٍ وشيعته *** كما أحبُّ عتيقاً صاحبَ الغارِ
وقد رضيتُ عليّاً قُدوةً عَلَماً *** وما رَضِيْتُ بقتلِ الشَّيخِ في الدارِ
والله أعلى وأعلم وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمَّد .
تعليق