السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
شفاها أخبرنا إبراهيم بن علي بن سنان أخبرنا أبو الفرج الحراني عن أبي المكارم التيمي أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم في الحلية حدثنا عبد الله بن محمد ـ هو أبو الشيخ حدثنا محمد بن يحيى ـ هو ابن منده ـ الخضر صاحب موسى عليه السلام اختلف في نسبه وفي كونه نبيا وفي طول عمره وبقاء حياته وعلى تقدير بقائه إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم وحياته بعده فهو داخل في تعريف الصحابي على أحد الأقوال؛ ولم أر من ذكره فيهم من القدماء مع ذهاب الأكثر إلى الأخذ بما ورد من أخباره في تعميره وبقائه وقد جمعت من أخباره ما انتهى إلى علمه مع بيان ما يصح من ذلك وما لا يصح
باب نسبه
قيل هو ابن آدم لصلبه وهذا قول رواه الدارقطني في الأفراد من طريق رواد بن الجراح عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس ورواد ضعيف ومقاتل متروك والضحاك لم يسمع من ابن عباس
القول الثاني أنه ابن قابيل بن آدم وذكره أبو حاتم السجستاني في كتاب "المعمرين" قال حدثنا مشيختنا منهم أبو عبيدة فذكروه وقالوا هو أطول الناس عمرا وهذا معضل
وحكى صاحب هذه المقالة أن اسمه خَضرون وهو الخضر وقيل اسمه عامر وذكره أبو الخطاب بن دحية عن ابن حبيب البغدادي
القول الثالث جاء عن وهب بن منبة أنه بليا بن ملكان بن فالغ بن شالخ بن عامر بن أرفخشد بن نوح وبهذا قال ابن قتيبة
وحكاه النووي وزاد وقيل كلمان بدل ملكان
القول الرابع جاء عن إسماعيل بن أبي أويس أنه المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد
القول الخامس هو ابن عمائيل بن النوار بن العيص بن إسحاق حكاه ابن قتيبة أيضا وكذا سمي أباه عمائيل مقاتل
القول السادس أنه من سبط هارون أخي موسى روى عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن ابن عباس؛ وهو بعيد
وأعجب منه قول ابن إسحاق أنه أرميا بن خلفيا؛ وقد رد ذلك أبو جعفر بن جرير
القول السابع أنه ابن بنت فرعون حكاه محمد بن أيوب عن ابن لهيعة وقيل ابن فرعون لصلبه حكاه النقاش
القول الثامن أنه اليسع حكى عن مقاتل أيضا وهو بعيد أيضا
القول التاسع أنه من ولد فارس؛ جاء ذلك عن ابن شوذب أخرجه الطبري بسند جيد من رواية ضمرة بن ربيعة عن ابن شوذب
القول العاشر أنه من ولد بعض من كان آمن بإبراهيم وهاجر معه من أرض بابل حكاه ابن جرير الطبري في تاريخه
وقيل كان أبوه فارسيا وأمه رومية
وقيل كان أبوه روميا وأمه فارسية
وثبت في الصحيحين أن سبب تسميته الخضر أنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء هذا لفظ أحمد من رواية ابن المبارك عن معمر عن همام عن أبي هريرة والفروة الأرض اليابسة
وقال أحمد حدثنا عبدالرزاق أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة ـ رفعه ـ "إنما سمي الخضر خضرا لأنه جلس على فروة فاهتزت تحته خضراء" والفروة الحشيش الأبيض
قال عبد الله بن أحمد أظنه تفسير عبد الرزاق وفي الباب عن ابن عباس من طريق قتادة عن عبد الله بن الحارث؛ ومن طريق منصور عن مجاهد قال النووي كنيته أبو العباس وهذا متفق عليه
باب ما ورد في كونه نبيا
قال الله تعالى في خبره مع موسى حكاية عنه {وما فعلته عن أمري}الكهف 82؛ وهذا ظاهره أنه فعله بأمر الله والأصل عدم الواسطة
ويحتمل أن يكون بواسطة نبي آخر لم يذكر؛ وهو بعيد ولا سبيل إلى القول بأنه إلهام؛ لأن ذلك لا يكون من غير النبي وحيا حتى يعمل به من قتل النفس وتعريض الأنفس للغرق
فإن قلنا إنه نبي فلا إنكار في ذلك وأيضا فكيف يكون غير النبي أعلم من النبي؟ وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن الله قال لموسى "بلى عبدنا خضر" وأيضا فكيف يكون النبي تابعا لغير نبي؟
وقد قال الثعلبي هو نبي في سائر الأقوال وكان بعض أكابر العلماء يقول أول عقد يحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبيا؛ لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي كما قال قائلهم
مقام النبوة في برزخ *** فويق الرسول ودون الولي
المتقارب
ثم اختلف من قال إنه كان نبيا هل كان مرسلا؟ فجاء عن ابن عباس ووهب بن منبه أنه كان نبيا غير مرسل
وجاء عن إسماعيل بن أبي زياد ومحمد بن إسحاق وبعض أهل الكتاب أنه أرسل إلى قومه فاستجابوا له
ونصر هذا القول أبو الحسن الرماني ثم ابن الجوزي
وقال الثعلبي هو نبي على جميع الأقوال معمر محجوب عن الأبصار
وقال أبو حيان في تفسيره والجمهور على أنه نبي وكان علمه معرفة بواطن أوحيت إليه وعلم موسى الحكم بالظاهر وذهب إلى أنه كان وليا جماعة من الصوفية وقال به أبو علي بن أبي موسى من الحنابلة وأبو بكر بن الأنباري في كتابه الزاهر بعد أن حكى عن العلماء قولين هل كان نبيا أو وليا
وقال أبو القاسم القشيري في رسالته لم يكن الخضر نبيا وإنما كان وليا
وحكى الماوردي قولا ثالثا إنه ملك من الملائكة يتصور في صورة الآدميين
وقال أبو الخطاب بن دحية لا ندري هل هو ملك أو نبي أو عبد صالح
وجاء من طريق أبي صالح كاتب الليث عن يحيى بن أيوب عن خالد بن يزيد أن كعب الأحبار قال إن الخضر بن عاميل ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ بحر الهند وهو بحر الصين فقال يا أصحابي دلوني فدلوه في البحر أياما وليالي ثم صعد فقالوا له يا خضر ما رأيت؛ فلقد أكرمك الله وحفظ لك نفسك في لجة هذا البحر؟ فقال استقبلني ملك من الملائكة فقال لي أيها الآدمي الخطاء إلى أين؟ ومن أين؟ فقلت أردت أن أنظر عَمْق هذا البحر فقال لي كيف وقد هوى رجل من زمان داود النبي عليه السلام ولم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة؛ وذلك منذ ثلاثمائة سنة؟
أخرجه أبو نعيم في ترجمة كعب من الحلية
وقال أبو جعفر بن جرير في تاريخه كان الخضر ممن كان في أيام أفريدون الملك في قول عامة أهل الكتاب الأول وقيل أنه كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان أيام إبراهيم الخليل وإنه بلغ مع ذي القرنين الذي ذكر أن الخضر كان في مقدمته نهر الحياة فشرب من مائه وهو لا يعلم ولا يعلم ذو القرنين ومن معه فخلد وهو عندهم حي إلى الآن قال ابن جرير وذكر ابن إسحاق أن الله استخلف على بني إسرائيل رجلا منهم وبعث الخضر معه نبيا قال ابن جرير بين هذا الوقت وبين أفريدون أزيد من ألف عام
قال وقول من قال إنه كان في أيام أفريدون أشبه إلا أن يحمل على أنه لم يبعث نبيا إلا في زمان ذلك الملك
قلت بل يحتمل أن يكون قوله "وبعث معه الخضر نبيا" أي أيده به إلا أن يكون ذلك الوقت وقت إنشاء نبوته فلا يمتنع أن يكون نبيا قبل ذلك ثم أرسل مع ذلك الملك
وإنما قلت ذلك لأن غالب أخباره مع موسى هي الدالة على تصحيح قول من قال إنه كان نبيا
وقصته مع ذي القرنين ذكرها جماعة منهم خيثمة بن سليمان من طريق جعفر الصادق عن أبيه أن ذا القرنين كان له صديق من الملائكة فطلب منه أن يدله على شيء يطول به عمره فدله على عين الحياة وهي داخل الظلمات فسار إليها والخضر على مقدمته فظفر بها الخضر دونه
ومما يستدل به على نبوته ما أخرجه عبد بن حميد من طريق الربيع بن أنس قال قال موسى لما لقي الخضر "السلام عليك يا خضر" فقال "وعليك السلام يا موسى"؛ قال "وما يدريك أني موسى"؟ قال "أدراني بك الذي أدراك بي"
وقال وهب بن منبه في المبتدأ قال الله تعالى للخضر لقد أحببتك قبل أن أخلقك ولقد قدستك حين خلقتك ولقد أحببتك بعدما خلقتك
وكان نبيا مبعوثا إلى بني إسرائيل بتجديد عهد موسى فلما عظمت الأحداث في بني إسرائيل وسلط عليهم بختنصر ساح الخضر في الأرض مع الوحش وأخر الله عمره إلى ما شاء فهو الذي يراه الناس
باب ما ورد في تعميره والسبب في ذلك
روى الدارقطني بالإسناد الماضي عن ابن عباس قال "نسئ للخضر في أجله حتى يكذب الدجال"
وذكر ابن إسحاق في المبتدإ قال حدثنا أصحابنا أن آدم لما حضره الموت جمع بنيه وقال إن الله تعالى منزل على أهل الأرض عذابا فليكن جسدي معكم في المغارة حتى تدفنوني بأرض الشام فلما وقع الطوفان قال نوح لبنيه إن آدم دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة فلم يزل جسد آدم حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه وأنجز الله له ما وعده فهو يحيا إلى ما شاء الله أن يحيا
وقال أبو مخنف لوط بن يحيى في أول كتاب المعمرين له أجمع أهل العلم بالأحاديث والجمع لها أن الخضر أطول آدمى عمرا وأنه خضرون بن قابيل بن آدم
وروى ابن عساكر في ترجمة ذي القرنين من طريق خيثمة بن سليمان حدثنا أبو عبيدة بن أخي هنّاد حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا أبي حدثنا معتمر بن سليمان عن أبي جعفر عن أبيه أنه سئل عن ذي القرنين فقال كان عبدا من عباد الله صالحا وكان من الله بمنزل ضخم وكان قد ملك ما بين المشرق والمغرب وكان له خليل من الملائكة يقال له رفائيل وكان يزوره؛ فبينما هما يتحدثان إذ قال له حدثني كيف عبادتكم في السماء؟ فبكى وقال وما عبادتكم عند عبادتنا؟ "إن في السماء لملائكة قياما لا يجلسون أبدا وسجودا لا يرفعون أبدا وركعا لا يقومون أبدا يقولون ربنا ما عبدناك حق عبادتك" فبكى ذو القرنين ثم قال يا رفائيل؛ إني أحب أن أعمر حتى أبلغ عبادة ربي حق طاعته قال وتحب ذلك؟ قال نعم قال فإن لله عينا تسمى عين الحياة من شرب منها شربة لم يمت أبدا حتى يكون هو الذي يسأل ربه الموت
قال ذو القرنين فهل تعلم موضعها؟ قال لا غير أنّا نتحدث في السماء أن لله ظلمة في الأرض لم يطأها إنس ولا جان فنحن نظن أن تلك العين في تلك الظلمة
فجمع ذو القرنين علماء الأرض فسألهم عن عين الحياة فقالوا لا نعرفها قال فهل وجدتم في علمكم أن لله ظلمة؟ فقال عالم منهم لم تسأل عن هذا؟ فأخبره فقال إني قرأت في وصية آدم ذكر هذه الظلمة وأنها عند قرن الشمس
فتجهز ذو القرنين وسار اثنتي عشرة سنة إلى أن بلغ طرف الظلمة فإذا هي ليست بليل وهي تفور مثل الدخان فجمع العساكر وقال إني أريد أن أسلكها فمنعوه فسأله العلماء الذين معه أن يكف عن ذلك لئلا يسخط الله عليهم فأبى فانتخب من عسكره ستة آلاف رجل على ستة آلاف فرس أنثى بكر وعقد للخضر على مقدمته في ألفي رجل فسار الخضر بين يديه وقد عرف ما يطلب؛ وكان ذو القرنين يكتمه ذلك فبينما هو يسير إذ عارضه واد فظن أن العين في ذلك الوادي فلما أتى شفير الوادي استوقف أصحابه وتوجه فإذا هو على حافة عين من ماء فنزع ثيابه فإذا ماء أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد فشرب منه وتوضأ واغتسل ثم خرج فلبس ثيابه وتوجه؛ ومر ذو القرنين فأخطأ الظلمة وذكر بقية الحديث
ويروى عن سليمان الأشج صاحب كعب الأحبار عن كعب الأحبار أن الخضر كان وزير ذي القرنين وأنه وقف معه على جبل الهند فرأى ورقة فيها "بسم الله الرحمن الرحيم من آدم أبي البشر إلى ذريته أوصيكم بتقوى الله وأحذركم كيد عدوي وعدوكم إبليس؛ فإنه أنزلني هنا"؛ قال فنزل ذو القرنين فمسح جلوس آدم فكان مائة وثلاثين ميلا
ويروى عن الحسن البصري قال وكل إلياس بالفيافي ووكل الخضر بالبحور وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى وأنهما يجتمعان في موسم كل عام
قال الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" حدثنا عبد الرحيم بن واقد حدثني محمد بن بهرام حدثنا أبان عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الخضر في البحر واليسع في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ويحجان ويعتمران كل عام ويشربان من زمزمكم شربة تكفيهما إلى قابل"($أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 34051 , السيوطي في الدر المنثور 4 / 240$)
قلت وعبد الرحيم وأبان متروكان
وقال عبد الله بن المغيرة عن ثور عن خالد بن معدان عن كعب قال الخضر على منبر من نور بين البحر الأعلى والبحر الأسفل وقد أمرت دواب البحر أن تسمع له وتطيع وتعرض عليه الأرواح غدوة وعشية؛ ذكره العقيلي
وقال عبد الله بن المغيرة يحدث بما لا أصل له
وقال ابن يونس إنه منكر الحديث
وروى ابن شاهين بسند ضعيف إلى خصيف قال أربعة من الأنبياء أحياء اثنان في السماء عيسى وإدريس واثنان في الأرض الخضر وإلياس فأما الخضر فإنه في البحر وأما صاحبه فإنه في البر؛ وسيأتي في الباب الأخير أشياء من هذا الجنس كثيرة
وقال الثعلبي يقال إن الخضر لا يموت إلا في آخر الزمان عند رفع القرآن
وقال النووي في "تهذيبه" قال الأكثرون من العلماء هو حي موجود بين أظهرنا؛ وذلك متفق عليه عند الصوفية وأهل الصلاح والمعرفة؛ وحكايتهم في رؤيته والاجتماع به والأخذ عنه وسؤاله وجوابه ووجوده في المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن تحصى وأشهر من أن تذكر
وقال أبو عمرو بن الصلاح في فتاويه هو حي عند جماهير العلماء الصالحين والعامة منهم قال وإنما شذ بإنكاره بعض المحدثين
قلت اعتنى بعض المتأخرين بجمع الحكايات المأثورة عن الصالحين وغيرهم ممن بعد الثلثمائة وبعد العشرين مع ما في أسانيد بعضها ممن يضعف لكثرة أغلاطه أو اتهامه بالكذب كأبي عبد الرحمن السلمي وأبي الحسن بن جهضم؛ ولا يقال يستفاد من هذه الأخبار التواتر المعنوي؛ لأن التواتر لا يشترط ثقة رجاله ولا عدالتهم وإنما العمدة على ورود الخبر بعدد يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب؛ فإن اتفقت ألفاظه فذاك وإن اختلفت فمهما اجتمعت فيه فهو التواتر المعنوي
وهذه الحكاية تجتمع في أن الخضر حي لكن بطرق حكاية القطع بحياته قول بعضهم إن لكل زمان خضرا وإنه نقيب الأولياء وكلما مات نقيب أقيم نقيب بعده مكانه ويسمى الخضر
وهذا قول تداولته جماعة من الصوفية من غير نكير بينهم ولا يقطع مع هذا بأن الذي ينقل عنه أنه الخضر هو صاحب موسى؛ بل هو خضر ذلك الزمان ويؤيده اختلافهم في صفته فمنهم من يراه شيخا أو كهلا أو شابا؛ وهو محمول على تغاير المرئي وزمانه والله أعلم
وقال السهيلي في كتاب "التعريف والأعلام" اسم الخضر مختلف فيه؛ فذكر بعض ما تقدم وذكر في قول من قال إنه ابن عاميل بن سماطين بن أرما بن حلفا بن عيصو بن إسحاق وأن أباه كان ملكا وأمه كانت فارسية اسمها إلها وأنها ولدته في مغارة وأنه وجد هناك شاة ترضعه في كل يوم من غنم رجل من القرية فأخذه الرجل ورباه فلما شب طلب الملك كاتبا يكتب له الصحف التي أنزلت على إبراهيم فجمع أهل المعرفة والنبالة فكان فيمن أقدم عليه ابنه الخضر وهو لا يعرفه؛ فلما استحسن خطه ومعرفته بحث عن جلية أمره حتى عرف أنه ابنه فضمه إلى نفسه وولاه أمر الناس
ثم إن الخضر فر من الملك لأسباب يطول ذكرها إلى أن وجد عين الحياة فشرب منها فهو حي إلى أن يخرج الدجال؛ فإنه الرجل الذي يقتله الدجال ثم يحييه قال وقيل إنه لم يدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهذا لا يصح قال وقال البخاري وطائفة من أهل الحديث مات الخضر قبل انقضاء مائة سنة من الهجرة وقال ونصر شيخنا أبو بكر بن العربي هذا لقوله صلى الله عليه وسلم "على رأس مائة سنة لا يبقى على الأرض ممن هو عليها أحد" يريد ممن كان حيا حين هذه المقالة قال وأما اجتماعه مع النبي صلى الله عليه وسلم وتعزيته لأهل البيت وهم مجتمعون لغسله صلى الله عليه وسلم فروي من طرق صحاح منها ما ذكره ابن عبد البر في التمهيد وكان إمام أهل الحديث في وقته فذكر الحديث في تعزية الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم يسمعون القول ولا يرون القائل فقال لهم علي هو الخضر قال وقد ذكر ابن أبي الدنيا من طريق مكحول عن أنس اجتماع إلياس النبي بالنبي صلى الله عليه وسلم وإذا جاز بقاء إلياس إلى العهد النبوي جاز بقاء الخضر انتهى ملخصا
وتعقبه أبو الخطاب بن دحية بأن الطرق التي أشار إليها لم يصح منها شيء ولا يثبت اجتماع الخضر مع أحد من الأنبياء إلا مع موسى كما قصه الله من خبره
قال وجميع ما ورد في حياته لا يصح منه شيء باتفاق أهل النقل وإنما يذكر ذلك من يروي الخبر ولا يذكر علته إما لكونه لا يعرفها وإما لوضوحها عند أهل الحديث؛ قال وأما ما جاء عن المشايخ فهو مما ينقم منه كيف يجوز لعاقل أن يلقى شخصا لا يعرفه فيقول له أنا فلان فيصدقه؟
قال وأما حديث التعزية الذي ذكره أبو عمر فهو موضوع
رواه عبد الله بن المحرر عن يزيد بن الأصم عن علي وابن محرر متروك وهو الذي قال ابن المبارك في حقه كما أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه فلما رأيته كانت بعرة أحب إلي منه؛ ففضل رؤية النجاسة على رؤيته
قلت قد جاء ذكر التعزية المذكورة من غير رواية عبد الله بن محرر كما سأذكره بعد؛ وأما حديث مكحول عن أنس فموضوع ثم نقل تكذيبه عن أحمد ويحيى وإسحاق وأبي زرعة؛ قال وسياق المتن ظاهر النكارة وأنه من الخرافات انتهى كلامه ملخصا
وسأذكر حديث أنس بطوله وأن له طريقا غير التي أشار إليها السهيلي وتمسك من قال بتعميره بقصة عين الحياة واستندوا إلى ما وقع من ذكرها في صحيح البخاري وجامع الترمذي؛ لكن لم يثبت ذلك مرفوعا فليحرر ذكر شيء من أخبار الخضر قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم
قد قص الله تعالى في كتابه ما جرى لموسى عليه السلام وأخرجه الشيخان من طرق عن أبي بن كعب؛ وفي سياق القصة زيادات في غير الصحيح قد أتيت عليها في فتح الباري
وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "وددت أن موسى صبر حتى يقص علينا من أمرهما" وهذا مما استدل به من زعم أنه لم يكن حالة هذه المقالة موجودا؛ إذ لو كان موجودا لأمكن أن يصحبه بعض أكابر الصحابة فيرى منه نحوا مما رأى موسى
وقد أجاب عن هذا من ادعى بقاءه بأن التمني إنما كان لما يقع بينه وبين موسى عليه السلام وغير موسى لا يقوم مقامه
ومن أخباره مع غير موسى ما أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" من وجهين عن بقية بن الوليد عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة الباهلي ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه "ألا أحدثكم عن الخضر؟" قالوا بلى يا رسول الله قال "بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال تصدق على بارك الله فيك قال الخضر آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكن ما عندي من شيء أعطيكه فقال المسكين أسألك بوجه الله لما تصدقت علي فإني نظرت السماحة في وجهك ورجوت البركة عندك فقال الخضر آمنت بالله ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني فقال المسكين وهل يستقيم هذا؟ فقال نعم الحق أقول لقد سألتني بأمر عظيم أما إني لا أُخَيَّبُكَ بوجه ربي يعني قال فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شيء فقال له إنك إنما اشتريتني التماس خير عندي فأوصني بعمل قال أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ضعيف قال ليس يشق علي قال فقم فانقل هذه الحجارة وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم فخرج الرجل لبعض حاجته ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة فقال أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه قال ثم عرض للرجل سفر فقال إني أحسبك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة قال نعم وأوصني بعمل قال إني أكره أن أشق عليك قال ليس يشق علي قال فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك قال ومر الرجل لسفره تم رجع وقد شيد بناءه فقال أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك؟ قال سألتني بوجه الله ووجه الله أوقعني في العبوديه فقال الخضر سأخبرك من أنا؟ أنا الخضر الذي سمعت به سألني مسكين صدقه فلم يكن عندي شيء أعطيه فسألني بوجه الله فمكنته من رقبتي فباعني وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة وليس على وجهه جلد ولا لحم ولا عظم يتقعقع"
فقال الرجل آمنت بالله شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم قال لا بأس أحسنت وأبقيت فقال الرجل بأبي وأمي يا نبي الله احكم في أهلي ومالي بما شئت أو اختر فأخلي سبيلك قال أحب أن تخلي سبيلي فأعبد ربي قال فخلى سبيله فقال الخضر الحمد لله الذي أوثقني في العبودية ثم نجاني منها"
قلت وسند هذا الحديث حسن لولا عنعنة بقية ولو ثبت لكان نصا أن الخضر نبي لحكاية النبي صلى الله عليه وسلم قول الرجل يا نبي الله وتقريره على ذلك
ذكر من ذهب إلى أن الخضر مات
نقل أبو بكر النقاش في تفسيره عن علي بن موسى الرضا وعن محمد بن إسماعيل البخاري أن الخضر مات وأن البخاري سئل عن حياة الخضر فأنكر ذلك واستدل بالحديث أن على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها أحد وهذا أخرجه هو في الصحيح عن ابن عمر وهو عمدة من تمسك بأنه مات وأنكر أن يكون باقيا
وقال أبو حيان في تفسيره الجمهور على أنه مات ونقل عن ابن أبي الفضل المرسي أن الخضر صاحب موسى مات لأنه لو كان حيا لزمه المجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان به واتباعه
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي" وأشار إلى أن الخضر هو غير صاحب موسى
وقال غيره لكل زمان خضر وهي دعوى لا دليل عليها ونقل أبو الحسين بن المنادي في كتابه الذي جمعه في ترجمة الخضر عن إبراهيم الحربي أن الخضر مات وبذلك جزم ابن المنادى المذكور
ونقل أيضا عن علي بن موسى الرضا عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قال "أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض أحد"
وأخرجه مسلم من حديث جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر "تسألوني الساعة وإنما علمها عند الله أقسم ما على الأرض نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة" ($أخرجه مسلم في الصحيح 4/1966 كتاب فضائل الصحابة حديث رقم 218/2538 , أحمد في المسند 1/293 , 3/326 , البيهقي في دلائل النبوة 6/501$) هذه رواية أبي الزبير عنه
وفي رواية أبي نضرة عنه قال قبل موته بقليل أو بشهر "ما من نفس وزاد في آخره " وهي يومئذ حية"
وأخرجه الترمذي من طريق أبي سفيان عن جابر نحو رواية أبي الزبير
وذكر ابن الجوزي في جزئه الذي جمعه في ذلك عن أبي يعلى بن الفراء الحنبلي قال سئل بعض أصحابنا عن الخضر هل مات؟ فقال نعم قال وبلغني مثل هذا عن أبي طاهر بن العبادي وكان يحتج بأنه لو كان حيا لجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
قلت ومنهم أبو الفضل بن ناصر والقاضي أبو بكر بن العربي وأبو بكر بن محمد بن الحسين النقاش؛ واستدل ابن الجوزي بأنه لو كان حيا مع ما ثبت أنه كان في زمن موسى وقبل ذلك لكان قدر جسده مناسبا لأجساد أولئك ثم ساق بسند له إلى أبي عمران الجوني قال كان أنف دانيال ذراعا ولما كشف عنه في زمن أبي موسى قام رجل إلى جنبه فكانت ركبة دانيال محاذية لرأسه؛ قال والذين يدعون رؤية الخضر ليس في سائر أخبارهم ما يدل على أن جسده نظير أجسادهم؛ ثم استدل بما أخرجه أحمد من طريق مجاهد عن الشعبي عن جابرـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني"($أخرجه مسلم في المسند 3/387 , الهيثمي في الزوائد 1/178 ـ 179 $)
قال فإذا كان هذا في حق موسى فكيف لم يتبعه الخضر إذ لو كان حيا فيصلي معه الجمعة والجماعة ويجاهد تحت رايته كما ثبت أن عيسى يصلي خلف إمام هذه الأمة واستدل أيضا بقوله تعالى {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين }آل عمران 11 الآية
وقال ابن عباس ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق إن بُعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه؛ فلو كان الخضر موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لجاء إليه ونصره بيده ولسانه وقاتل تحت رايته وكان من أعظم الأسباب في إيمان معظم أهل الكتاب الذي يعرفون قصته مع موسى
وقال أبو الحسين بن المنادي بحثت عن تعمير الخضر وهل هو باق أم لا؟ فإذا أكثر المغفلين مغترون بأنه باق من أجل ما روي في ذلك؛ قال والأحاديث المرفوعة في ذلك واهية والسند إلى أهل الكتاب ساقط لعدم ثقتهم وخبر مسلمة بن مصقله كالخرافة وخبر رياح كالريح قول وما عدا ذلك كله من الأخبار كلها واهية الصدور والأعجاز حالها من أحد أمرين؛ إما أن تكون أدخلت على الثقات استغفالا أو يكون بعضهم تعمد ذلك وقد قال الله تعالى {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد }الأنبياء 34 قال وأهل الحديث يقولون إن حديث أنس منكر السند سقيم المتن وإن الخضر لم يراسل نبيا ولم يلقه؛ قال ولو كان الخضر حيا لما وسعه التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والهجرة إليه قال وقد أخبرني بعض أصحابنا أن إبراهيم الحربي سئل عن تعمير الخضر فأنكر ذلك وقال هو متقادم الموت قال وروجع غيره في تعميره فقال من أحال على غائب حي أو مفقود ميت لم ينتصف منه وما ألقى هذا بين الناس إلا الشيطان انتهى
وقد ذكرت الأخبار التي أشار إليها وأضفت إليها أشياء كثيرة من جنسها وغالبها لا يخلو طريقه من علة والله المستعان
وفي تفسير الأصبهاني روى عن الحسن أنه كان يذهب إلى أن الخضر مات
وروى عن البخاري أنه سئل عن الخضر وإلياس هل هما في الأحياء؟ فقال كيف يكون ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخر عمره "أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد"($أخرجه البخاري في صحيح 1/148 , 156 , مسلم 4/1965 كتاب فضائل الصحابة باب (53)حديث رقم 217 , 2537 , الترمذي 4/451 كتاب الفتن باب (64) حديث رقم 2251 , الحاكم في المستدرك 2/37 , البيهقي في السنن الكبرى 1/453 , 9/7 , أحمد في المسند 2/221$)
واحتج ابن الجوزي أيضا بما ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض"($أخرجه مسلم في كتاب الجهاد (58) , أحمد في المسند 1/30$) ولم يكن الخضر فيهم؛ ولو كان يومئذ حيا لورد على هذا العموم فإنه كان ممن يعبد الله قطعا
واستدل غيره بقوله صلى الله عليه وسلم "لا نبي بعدي" ونسب إلى ابن دحية القول في ذلك وهو معترض بعيسى ابن مريم فإنه نبي قطعا وثبت أنه ينزل إلى الأرض في آخر الزمان ويحكم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فوجب حمل النفي على إنشاء النبوة لأحد من الناس لا على نفي وجود نبي كان قد نبئ قبل ذلك
ذكر الأخبار التي وردت أن الخضر كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
ثم بعده إلى الآن
روى ابن عدي في "الكامل" من طريق عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله بن عمر ابن عوف عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المسجد فسمع كلاما من ورائه فإذا هو بقائل يقول اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك "ألا تضم إليها أختها؟" فقال الرجل اللهم ارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك "اذهب يا أنس إليه فقل له يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم تستغفر لي" فجاءه أنس فبلغه فقال الرجل يا أنس أنت رسول رسول الله إلي فارجع فاستثبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم "قل له نعم" فقال له اذهب فقل له إن الله فضلك على الأنبياء مثل ما فضل به رمضان على الشهور وفضل أمتك على الأمم مثل ما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام فذهب ينظر إليه فإذا هو الخضر
كثير بن عبد الله ضعفه الأئمة لكن جاء من غير روايته؛ قال أبو الحسين بن المنادي أخبرني أبو جعفر أحمد بن النضر العسكري أن محمد بن سلام المنبجي حدثهم؛ وأخرج ابن عساكر من طريق محمد بن الفضل بن جابر عن محمد بن سلام المنبجي حدثنا وضاح ابن عباد الكوفي حدثنا عاصم بن سليمان الأحول حدثني أنس بن مالك قال خرجت ليلة أحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم الطهور فسمع مناديا ينادي فقال لي "يا أنس صه" قال فسكت فاستمع فإذا هو يقول اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني منه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو قال أختها معها" فكأن الرجل لقن ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم فقال وارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "يا أنس ضع الطهور وائت هذا المنادي فقل له ادع لرسول الله أن يعينه الله على ما ابتعثه به؛ وادع لأمته أن يأخذوا ما أتاهم به نبيهم بالحق" قال فأتيته فقلت رحمك الله ادع الله لرسول الله أن يعينه على ما ابتعثه به وادع لأمته أن يأخذوا ما أتاهم به نبيهم بالحق فقال لي ومن أرسلك؟ فكرهت أن أخبره ولم أستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له رحمك الله ما يضرك من أرسلني ادع بما نقلت لك فقال لا أو تخبرني بمن أرسلك قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله أبى أن يدعو لك بما قلت له حتى أخبره بمن أرسلنى فقال "ارجع إليه فقل له أنا رسول رسول الله"
فرجعت إليه فقلت له فقال لي مرحبا برسول رسول الله أنا كنت أحق ان آتيه اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام وقل له يا رسول الله الخضر يقرأ عليك السلام ورحمة الله ويقول لك يا رسول الله إن الله فضلك على النبيين كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور وفضل أمتك على الأمم كما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام
قال فلما وليت سمعته يقول اللهم اجعلني من هذه الأمة المرشدة المرحومة المتوب عليها
وأخرجه الطبراني في "الأوسط" عن بشر بن علي بن بشر العمي عن محمد بن سلام وقال لم يروه عن أنس إلا عاصم ولا عنه إلا وضاح تفرد به محمد بن سلام
قلت وقد جاء من وجهين آخرين عن أنس
وقال أبو الحسين بن المنادي هذا حديث واه بالوضاح وغيره وهو منكر الإسناد سقيم المتن ولم يراسل الخضر نبينا صلى الله عليه وسلم ولم يلقه
واستبعد ابن الجوزي إمكان لقيه النبي صلى الله عليه وسلم واجتماعه معه ثم لا يجيء إليه
وأخرج ابن عساكر من طريق خالد مؤذن مسجد مسيلمة حدثنا أبو داود عن أنس فذكر نحوه
وقال ابن شاهين حدثنا موسى بن أنس بن خالد بن عبد الله بن أبي طلحة بن موسى بن أنس بن مالك حدثنا أبي حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا حاتم بن أبي رواد عن معاذ بن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن أنس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة لحاجة فخرجت خلفه فسمعنا قائلا يقول اللهم إني أسألك شوق الصادقين إلى ما شوقتهم إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا لها دعوة لو أضاف إليها أختها" فسمعنا القائل وهو يقول اللهم إني أسألك أن تعينني بما ينجيني مما خوفتني منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وجبت ورب الكعبة؛ يا أنس ائت الرجل فاسأله أن يدعو لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرزقه الله القبول من أمته والمعونة على ما جاء به من الحق والتصديق"
قال أنس فأتيت الرجل فقلت يا عبد الله ادع لرسول الله فقال لي ومن أنت؟ فكرهت أن أخبره ولم أستأذن وأبى أن يدعو حتى أخبره فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال لي "أخبره" فرجعت فقلت له أنا رسول رسول الله إليك فقال مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله فدعا له وقال أقرأه مني السلام وقل له أنا أخوك الخضر وأنا كنت أحق أن آتيك قال فلما وليت سمعته يقول اللهم اجعلني من هذه الأمة المرحومة المتاب عليها
وقال الدارقطني في "الأفراد" حدثنا أحمد بن العباس البغوي حدثنا أنس بن خالد حدثني محمد بن عبد الله به نحوه ومحمد بن عبد الله هذا هو أبو سلمة الأنصاري وهو واهي الحديث جدا ـ وليس هو شيخ البخاري قاضي البصرة، ذاك ثقة وهو أقدم من أبي سلمة
وروينا في فوائد أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي تخريج الدارقطني قال حدثنا محمد ابن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن أحمد بن زيد حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا الحسن ابن رزين عن بن جريج عن عطاء عن ابن عباس ـ لا أعلمه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ـ قال "يلتقي الخضر وإلياس في كل عام في الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان عن الكلمات بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله بسم الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله بسم الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله بسم الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله"
قال الدارقطني في "الأفراد" لم يحدث به عن ابن جريج غير الحسن بن رزين
وقال أبو جعفر العقيلي لم يتابع عليه وهو مجهول وحديثه غير محفوظ
وقال أبو الحسين بن المنادي هو حديث واه بالحسن المذكور انتهى
وقد جاء من غير طريقه لكن من وجه واه جدا أخرجه ابن الجوزي من طريق أحمد بن عمار حدثنا محمد بن مهدي حدثنا مهدي بن هلال حدثني ابن جريج فذكره بلفظ يجتمع البري والبحري إلياس والخضر كل عام بمكة
قال ابن عباس بلغنا أنه يحلق أحدهما رأس صاحبه ويقول أحدهما للآخر قل بسم الله إلخ
وزاد قال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من عبد قالها في كل يوم إلا أمن من الحرق والغرق والسرق وكل شيء يكرهه حتى يمسي؛ وكذلك قال حين يصبح"
قال ابن الجوزي أحمد بن عمار متروك عند الدارقطني ومهدي بن هلال مثله
وقال ابن حبان مهدي بن هلال يروي الموضوعات
ومن طريق عبيد بن إسحاق العطار حدثنا محمد بن ميسر عن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده عن علي قال يجتمع في كل يوم عرفة جبرائيل وميكائيل وإسرافيل والخضر فيقول جبرائيل ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرد عليه ميكائيل ما شاء الله كل نعمة فمن الله فيرد عليها إسرافيل ما شاء الله الخير كله بيد الله فيرد عليهم الخضر ما شاء الله لا يدفع السوء إلا الله ثم يتفرقون ولا يجتمعون إلى قابل في مثل ذلك اليوم
وعبيد بن إسحاق متروك الحديث
وأخرج عبد الله بن أحمد في "زوائد كتاب الزهد" لأبيه عن الحسن بن عبد العزيز عن السري بن يحيى عن عبد العزيز بن أبي رواد قال يجتمع الخضر وإلياس ببيت المقدس في شهر رمضان من أوله إلى آخره ويفطران على الكرفس وإقبال الموسم كل عام وهذا معضل
وروينا في فوائد أبي علي أحمد بن محمد بن علي الباشاني حدثنا عبد الرحيم بن حبيب الفريابي حدثنا صالح عن أسد بن سعيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر عنده الأدهان فقال "وفضل دهن البنفسج على سائر الأدهان كفضلنا أهل البيت على سائر الخلق"($أورده السيوطي في اللآلئ المصنوعة 2/121 , العجلوني في كشف الخفاء 2/237 , 576 $)
قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدهن به ويستعط فذكر حديثا طويلا فيه الكراث والباذروج "الجرجير" والهندباء والكمأة والكرفس واللحم والحيتان
وفيه "الكمأة من الجنة ماؤها شفاء للعين وفيها شفاء من السم وهما طعام إلياس واليسع يجتمعان كل عام بالموسم يشربان شُربة من ماء زمزم فيكتفيان بها إلى قابل فيرد الله شبابهما في كل مائة عام مرة وطعامهما الكمأة والكرفس"($أخرجه أحمد 1/87 , 188 , 2/301 , 3/48 , البخاري 6/22 , مسلم في الأشربة (157) , الطبراني في الكبير 12/63 وفي الصغير 1/125 , الحميدي (82) , البيهقي 9/345$)
قال ابن الجوزي لا شك في أن هذا الحديث موضوع والمتهم به عبد الرحيم بن حبيب فقال ابن حبان إنه كان يضع الحديث وقد تقدم عن مقاتل أن اليسع هو الخضر
وقال ابن شاهين حدثنا محمد بن عبد العزيز الحراني حدثنا أبو طاهر خير بن عرفة حدثنا هانئ بن المتوكل حدثنا بقية عن الأوزاعي عن مكحول سمعت واثلة بن الأسقع قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك حتى إذا كنا ببلاد جذام وقد كان أصابنا عطش فإذا بين أيدينا آثار غيت فسرنا ميلا فإذا بغدير حتى إذا ذهب ثلث الليل إذا نحن بمناد ينادي بصوت حزين اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفور لها المستجاب لها والمبارك عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا حذيفة ويا أنس؛ ادخلا إلى هذا الشعب فانظرا ما هذا الصوت"($ذكره المتقي الهندي في الكنز (37834) $) قال فدخلنا فإذا نحن برجل عليه ثياب بيض أشد بياضا من الثلج وإذا وجهه ولحيته كذلك وإذا هو أعلى جسما منا بذراعين أو ثلاثة فسلمنا عليه فرد علينا السلام ثم قال مرحبا أأنتما رسولا رسول الله؟ فقلنا نعم من أنت يرحمك الله؟ قال أنا إلياس النبي خرجت أريد مكة فرأيت عسكركم فقال لي جند من الملائكة على مقدمتهم جبرائيل وعلى ساقتهم ميكائيل هذا أخوك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه والقه؛ ارجعا إليه فاقرآه مني السلام وقولا له لم يمنعني من الدخول إلى عسكركم إلا أني تخوفت أن تذعر الإبل ويفزع المسلمون من طولي؛ فإن خلقي ليس كخلقكم قولا له صلى الله عليه وسلم يأتيني
قال حذيفة وأنس فصافحناه فقال لأنس يا خادم رسول الله من هذا؟ قال هذا حذيفة صاحب سر رسول الله فرحب به ثم قال والله إنه لفي السماء أشهر منه في الأرض يسميه أهل السماء صاحب سر رسول الله قال حذيفة هل تلقى الملائكة؟ قال ما من يوم إلا وأنا ألقاهم يسلمون علي وأسلم عليهم
فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فخرج معنا حتى أتينا الشعب فإذا ضوء وجه إلياس وثيابه كالشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم "على رسلكم" فتقدمنا قدر خمسين ذراعا فعانقه مليا ثم قعدا فرأينا شيئا يشبه الطير العظام قد أحدقت بهما وهي بيض وقد نشرت أجنحتها فحالت بيننا وبينهما؛ ثم صرخ بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "يا حذيفة ويا أنس تقدما" فإذا بين أيديهما مائدة خضراء لم أر شيئا قط أحسن منها قد غلبت خضرتها بياضنا فصارت وجوهنا خضراء وثيابنا خضراء
وإذا عليها جبن وتمر ورمان وموز وعنب ورطب وبقل ما خلا الكراث فقال النبي صلى الله عليه وسلم "كلوا بسم الله" فقلنا يا رسول الله أمن طعام الدنيا هذا؟ قال "لا" قال لنا هذا رزقي ولي في كل أربعين يوما وليلة أكلة تأتيني بها الملائكة فكان هذا تمام الأربعين وهو شيء يقول الله له كن فيكون فقلنا من أين وجهك؟ قال من خلف رومية كنت في جيش من الملائكة مع جيش من مسلمي الجن غزونا أمة من الكفار قلنا فكم مسافة ذلك الموضع الذي كنت فيه؟ قال أربعة أشهر وفارقتهم أنا منذ عشرة أيام وأنا أريد مكة أشرب منها في كل سنة شربة وهي ريي وعصمتي إلى تمام الموسم من قابل قلنا وأي المواطن أكثر مثواك؟ قال الشام وبيت المقدس والمغرب واليمن وليس من مسجد من مساجد محمد إلا وأنا أدخله صغيرا أو كبيرا فقلنا متى عهدك بالخضر؟ قال منذ سنة كنت قد التقيت أنا وهو بالموسم وأنا ألقاه بالموسم وقد كان قال لي إنك ستلقى محمدا قبلي فأقرأه مني السلام وعانقه وبكى وعانقنا وبكى وبكينا فنظرنا إليه حين هوى في السماء كأنه حمل حملا فقلنا يا رسول الله لقد رأينا عجبا إذ هوى إلى السماء قال يكون بين جناحي ملك حتى ينتهي به حيث أراد
قال ابن الجوزي لعل بقية سمع هذا من كذاب فدلسه عن الأوزاعي؛ قال وخير بن عرفة لا يدرى من هو
قلت هو محدث مصري مشهور واسم جده عبد الله بن كامل يكنى أبا الطاهر روى عنه أبو طالب الحافظ به شيخ الدارقطني وغيره ومات سنة 283 وقد رواه غير بقية عن الأوزاعي على صفة أخرى؛ قال ابن أبي الدنيا حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا يزيد بن يزيد الموصلي التيمي مولى لهم حدثنا أبو إسحاق الجرشي عن الأوزاعي عن مكحول عن أنس قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بفج الناقة بهذا الحجر إذا نحن بصوت يقول اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفور لها المتاب عليها المستجاب منها فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أنس انظر ما هذا الصوت"؟ قال فدخلت الجبل فإذا رجل أبيض الرأس واللحية عليه ثياب بيض طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع فلما نظر إلي قال أنت رسول رسول الله؟ قلت نعم قال ارجع إليه فاقرأ عليه مني السلام وقل له هذا أخوك إلياس يريد يلقاك؛ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى إذا كنت قريبا منه تقدم وتأخرت فتحدثا طويلا فنزل عليهما شيء من السماء شبيه السفرة فدعواني فأكلت معهما فإذا فيها كمأة ورمان وكرفس فلما أكلت قمت فتنحيت وجاءت سحابة فاحتملته أنظر إلي بياض ثيابه فيها تهوى به قبل الشام فقلت للنبي صلى الله عليه وسلم بأبي أنت وأمي هذا الطعام الذي أكلنا من السماء نزل عليك! قال سألته عنه فقال لي أتاني به جبريل لي كل أربعين يوما أكلة وفي كل حول شربة من ماء زمزم وربما رأيته على الجب يمسك بالدلو فيشرب وربما سقاني
قال ابن الجوزي يزيد وإسحاق لا يعرفان وقد خالف هذا الذي قبله في طول إلياس
وأخرج ابن عساكر من طريق علي بن الحسين بن ثابت الدَّوري عن هشام بن خالد عن الحسن بن يحيى الخشني عن ابن أبي رواد قال الخضر وإلياس يصومان ببيت المقدس ويحجان في كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل
ثم وجدت في زيادات الزهد لعبد الله بن أحمد بن حنبل قال وجدت في كتاب أبي بخطه؛ حدثنا مهدي بن جعفر حدثني ضمرة عن السري بن يحيى عن ابن أبي رواد قال إلياس والخضر يصومان شهر رمضان ببيت المقدس ويوافيان الموسم في كل عام قال عبد الله وحدثني الحسن ـ هو ابن رافع عن ضمرة عن السري عن عبد العزيز بن أبي رواد مثله
وقال ابن جرير في تاريخه حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري حدثنا محمد بن المتوكل حدثنا ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب قال الخضر من ولد فارس وإلياس من بني إسرائيل يلتقيان في كل عام بالموسم
باب ما جاء في بقاء الخضر بعد النبي صلى الله عليه وسلم
ومن نقل عنه أنه رآه وكلمه
قال الفاكهي في "كتاب مكة" حدثنا الزبير بن بكار حدثني جمرة بن عتبة حدثني محمد بن عمران عن جعفر بن محمد بن علي هو الصادق بن الباقر قال كنت مع أبي بمكة في ليالي العشر وأبي قائم يصلي في الحجر فدخل عليه رجل أبيض الرأس واللحية شثن الآراب فجلس إلى جنب أبي فخفف فقال إني جئتك يرحمك الله تخبرني عن أول خلق هذا البيت قال ومن أنت؟ قال أنا رجل من أهل هذا المغرب قال إن أول خلق هذا البيت أن الله لما رد عليه الملائكة حيث قالوا {أتجعل فيها من يفسد فيها}البقرة 30 غضب فطافوا بعرشه فاعتذروا فرضي عنهم وقال اجعلوا لي في الأرض بيتا يطوف به من عبادي من غضبت عليه فأرضى عنه كما رضيت عنكم
فقال له الرجل إي يرحمك الله ما بقي من أهل زمانك أعلم منك ثم ولى فقال لي أبي أدرك الرجل فرده علي قال فخرجت وأنا أنظر إليه فلما بلغ باب الصفا مثَل فكأنه لم يك شيئا فأخبرت أبي فقال تدري من هذا؟ قلت لا قال هذا الخضر
وهكذا ذكره الزبير في "كتاب النسب" بهذا السند؛ وفي روايته أبيض الرأس واللحية جليل العظام بعيد ما بين المنكبين عريض الصدر عليه ثوبان غليظان في هيئة المحرم فجلس إلى جنبه فعلم أنه يريد أن يخفف فخفف الصلاة فسلم ثم أقبل عليه فقال له الرجل يا أبا جعفر
وأخرج ابن عساكر من طريق إبراهيم بن عبد الله بن المغيرة عن أبيه حدثني أبي أن قوّام المسجد قالوا للوليد بن عبد الملك إن الخضر كل ليلة يصلي في المسجد
وقال إسحاق بن إبراهيم الجبلي في كتاب "الديباج" له حدثنا عثمان بن سعيد الأنطاكي حدثنا علي بن الهيثم المصيصي عن عبد الحميد بن بحر عن سلام الطويل عن داود بن عون الطُّفَاوي عن رجل كان مرابطا في بيت المقدس وبعسقلان قال بينا أنا أسير في وادي الأردن إذا أنا برجل في ناحية الوادي قائم يصلي فإذا سحابة تظله من الشمس فوقع في قلبي أنه إلياس النبي فأتيته فسلمت عليه؛ فانفتل من صلاته فرد علي السلام فقلت له من أنت يرحمك الله؟ فلم يرد على شيئا فأعدتُ عليه القول مرتين
فقال أنا إلياس النبي فأخذتني رِعْدَةً شديدة خشيت على عقلي أن يذهب فقلت له إن رأيت يرحمك الله أن تدعو لي أن يُذهِب الله عني ما أجد حتى أفهم حديثك قال فدعا لي بثمان دعوات فقال يا بَر يا رحيم يا حي يا قيوم يا حنان يا منان "يا هياشر" اهيا فذهب عني ما كنت أجد فقلت له إلى من بُعثت؟ قال إلى أهل بعلبك قلت فهل يوحى إليك اليوم؟ فقال أما بعد بَعْثِ محمد خاتم النبيين فلا قلت فكم من الأنبياء في الحياة؟ قال أربعة أنا والخضر في الأرض وإدريس وعيسى في السماء قلت فهل تلتقي أنت والخضر؟ قال نعم في كل عام بعرفات قلت فما حديثكما؟ قال يأخذ من شِعْرِي وآخذ من شِعْرِه قلت فكم الأبدال؟ قال هم ستون رجلا خمسون ما بين عريش مصر إلى شاطئ الفرات ورجلان بالمصيصَة ورجل بأنطاكية وسبعة في سائر الأمصار بهم تُسْقَون الغيث وبهم تنصرون على العدو وبهم يقيم الله أمر الدنيا حتى إذا أراد أن يهلك الدنيا أماتهم جميعا
وفي إسناده جهالة ومتروكون
وقال ابن أبي حاتم في التفسير حدثنا أبي أخبرنا عبد العزيز الأوسي حدثنا علي بن أبي علي الهاشمي عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه أن علي بن أبي طالب قال لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية فجاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة إن في الله عزاء من كل مصيبة وخَلَفا من كل هالك ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فأرجوا؛ فإن المصاب من حُرِم الثواب
قال جعفر أخبرني أبي أن علي بن أبي طالب قال تدرون من هذا؟ هذا الخضر
ورواه محمد بن منصور الجزار عن محمد بن جعفر بن محمد وعبد الله بن ميمون القداح جميعا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين سمعت أبي يقول لما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت التعزية يسمعون حسه ولا يرون شخصه السلام عليكم ورحمة الله أهل البيت إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما فات؛ فبالله فثقوا وإياه فأرجوا؛ فإن المحروم من حرم الثواب فقال علي تدرون من هذا؟ هو الخضر
قال ابن الجوزي تابعه محمد بن صالح عن محمد بن جعفر؛ ومحمد بن صالح ضعيف
قلت ورواه الواقدي وهو كذاب قال ورواه محمد بن أبي عمر عن محمد بن جعفر وابن أبي عمر مجهول
قلت وهذا الإطلاق ضعيف فإن ابن أبي عمر أشهر من أن يقال فيه هذا هو شيخ مسلم وغيره من الأئمة وهو ثقة حافظ صاحب مسند مشهور مروي؛ وهذا الحديث فيه أخبرني به شيخنا حافظ العصر أبو الفضل بن الحسين رحمه الله قال أخبرني أبو محمد بن القيم أخبرنا أبو الحسن بن البخاري عن محمد بن معمر أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا أحمد ابن محمد بن النعمان أخبرنا أبو بكر بن المقري أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني حدثنا محمد بن جعفر بن محمد قال كان أبي ـ هو جعفر بن محمد الصادق ـ يذكر عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أنه دخل عليهم نفر من قريش فقال ألا أحدثكم عن أبي قاسم؟ قالوا بلى فذكر الحديث بطوله في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وفي آخره فقال جبرائيل "يا أحمد عليك السلام هذا آخر وطئي الأرض إنما كنت أنت حاجتي من الدنيا"
فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية جاء آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا؛ فإن المحروم من حرم الثواب وإن المصاب من حرم الثواب والسلام عليكم ($أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 7/268 $)
فقال علي هل تدرون من هذا؟ هذا الخضر انتهى
ومحمد بن جعفر هذا هو أخو موسى الكاظم حدث عن أبيه وغيره
وروى عنه إبراهيم بن المنذر وغيره وكان قد دعا لنفسه بالمدينة ومكة وحج بالناس سنة مائتين وبايعوه بالخلافة فحج المعتصم فظفر به فحمله إلى أخيه المأمون بخُرَاسان فمات بجرجان سنة ثلاث ومائتين
وذكر الخطيب في ترجمته أنه لما ظفر به صعد المنبر فقال أيها الناس إني قد كنت حدثتكم بأحاديث زورتها فشق الناس الكتب التي سمعوها منه وعاش سبعين سنة
قال البخاري أخوه إسحاق أوثق منه وأخرج له الحاكم حديثا قال الذهبي إنه ظاهر النكارة في ذكر سليمان بن داود عليهما السلام
وأخرج البيهقي في "الدلائل" قال حدثنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو جعفر البغدادي حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الصنعاني حدثنا أبو الوليد المخزومي حدثنا أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عزتهم الملائكة يسمعون الحس ولا يرون الشخص فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فأرجوا فإنما المحروم من حرم الثواب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مكملين معكم بإذن الله
فتابعونا
تعليق