فلما بويع أبو بكر أقبل الناس على جهاز رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودفن يوم الثلاثاء وقيل: بقي ثلاثة أيام لم يدفن والأول أصح.
وكان الذي يلي غسله علي والعباس والفضل وقثم ابنا العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحضرهم أوس بن خولي الأنصاري وكان بدريًا وكان العباس وابناه يقلبونه وأسامة وشقران يصبان الماء وعلي يغسله وعليه قميصه وهو يقول: بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيًا وميتًا! ولم ير من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يرى من ميت.
واختلفوا في غسله في ثيابه أو مجردًا فألقى الله عليهم النوم ثم كلمهم مكلمٌ لا يدرى من هو أن غسلوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعليه ثيابه ففعلوا ذلك.
وكفن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ثلاثة أثواب: ثوبين صحاريين وبرد حبرة أدرج فيها إدراجًا.
واختلفوا في موضع دفنه فقال أبو بكر: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض فرفع فراشه ودفن موضعه وحفر له أبو طلحة الأنصاري لحدًا ودخل الناس يصلون عليه أرسالًا: الرجال ثم النساء ثم الصبيان ثم العبيد ودفن ليلة الأربعاء.
وكان الذي نزل قبره علي بن أبي طالب والفضل وقثم ابنا العباس وشقران.
وقال أوس بن خولي الأنصاري لعلي: أنشدك الله وحظنا من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمره بالنزول فنزل.
وكان المغيرة بن شعبة يدعي أنه أحدث الناس عهدًا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويقول: ألقيت خاتمي في قبره عمدًا فنزلت لآخذه وسأل ناس من أهل العراق عليًا عن ذلك فقال: كذب المغيرة أحدثنا عهدًا به قثم به العباس.
واختلفوا في عمره يوم مات فقال ابن عباس وعائشة ومعاوية وابن المسيب: كان عمره ثلاثًا وستين سنة.
وقال ابن عباس أيضًا ودغفل بن حنظلة: كان عمره خمسًا وستين سنة.
وقال عروة بن الزبير: كان عمره ستين سنة.
الكامل في التاريخ_عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري .