هذا الموضوع سيكون ان شاء الله على ثلاث اجزاء
(العرب قبل الاسلام )
فى القرن السادس الميلادى كانت الدنيا غارقه فى ظلمات من الجهل والضلال
والبوار ، وكان للعرب من ذلك الحظ الاوفر والنصيب الاوفى ، فمن الناحيه الدينيه
كان عامتهم مشركين ، ( ويعبدون من دون الله ما لايضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء
شفعؤنا عند الله ) {يونس : 18}(واتخذوا من دونه ءالهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون
ولا يملكون لآنفسهم ضرا ولانفعا ولايملكون موتا ولا حيوة ولا نشورا) {الفرقان :3} بل
تمادوا فى هذا المعنى الى انهم كانو يعبدون الحجر ، فاذا وجدوا
حجرا هو خير منه ألقو ذلك الحجر ،وأخذوا الاخر ، فاذا لم يجدوا حجرا
جمعوا جثوة من تراب، ثم جاءوا بالشاه فحلبوها عليه ، ثم طافوا به
وكانو بجانب ذلك يحملون أنواعا من الاوهام والخرافات ، من ذلك أنهم كانوا
يستقسمون بالازلام ، والزلم : القدح الذى لا ريش له ، فكانو يختارون من هذا النوع
ثلاثة اسهم ، يكتبون على واحد منهم (نعم ) وعلى الثانى (لا ) ويتركون الثالث غفلا ،
فاذا ارادو عملا من نحو سفر والنكاح وامثالهما استقسموا بها، فان خرج (نعم ) عملوا
به وان خرج (لا) اخروه عامه ذلك حتى يأتوه مرة اخرى ، وان طلع غفل أعادوا
الضرب حتى يخرج واحد من الاولين . وكانت لهم ازلام فيها المياه والعقول والديات
والانساب وغير ذلك .
وكانت للكهنه والعرافين والمنجمين فيهم جولة وصولة ، فقد كانوا يتحاكمون
اليهم فى امور دينهم ، وفى كثيرا من امور دنياهم ، ويستسلمون لهم ايما استسلام ، وقد
كان هؤلاء الكهنة والعرافون والمنجمون يتعاطون الاخبار عن الكوائن فى المستقبل ،
ويدعون معرفة الاسرار ومنهم من يزعم ان له تابعا من الجن يلقى اليه الاخبار ،
والمنجم كان يدعى معرفة حوادث المستقبل بحساب سير النجوم .
وكانت فيهم الطير _بكسر ففتح _ وهى التشاؤم بالشئ ، واصله أنهم كانوا يأتون
الطير أو الظبى فينفرونه ، فان اخذا ذات اليمين مضوا الى ما قصدوا ، وعدوه حسنا ،وان
أخذا ذات الشمال انتهوا عن ذلك ، وتشاءموا ، وكانوا يتشاءمون كذلك ان عرض
الطير او الحيوان فى طريقهم .
ويقرب من هذا تعليقهم كعب الارنب ، والتشاؤم ببعض الايام والشهور ،
والحيوانات ، والدور والنساء ، والاعتقاد بالعدوى والهامه ، وهى انهم كانو يعتقدون
أن المقتول لايسكن جائشه ما لم يؤخذ بثأئره ، وتصير روحه هامه أى بومه تطير فى
الفلوات ، وتقول : صدى صدى ، اسقونى اسقونى ، فاذا اخذا بثأره سكن واستراح .
كانت العرب بجانب هذه الاوهام والخرفات قائمين ببعض ما ورثوه من دين ابيهم
ابراهيم عليه السلام ، مثل تعظيم البيت ، والطواف به ، والحج والعمره ،والوقوف
بعرفة والمزدلفه واهدء البدن ،ولكنهم كانوا فى ذلك بدعات ،وخلطوه
بأنواع من الخرافات.
وكان لليهوديه والنصرانيه ايضا دور فى سكان جزيرة العرب ، فقد وجدت من
اليهود عدة قبائل فى المدينه المنوره ، وخيبر ،وتيماء ، ووادى القرى ، وفدك وغيرها ،
وقد دانت طائفة من اهل اليمن باليهوديه . وهم الذين حرقوا نصارى نجران فى
الاخدوداذ لمز يعتنقوا ديانتهم .
اما النصرنيه فكان لها اهل واتباع فى نجران ،وكانوا يتألفون من مائة الف مقاتل
كلهم على هذا الدين . وقد انتشرت النصرانيه فى عامه مناطق اليمن أيضا بواسطة
الاحباش ، وكانت العرب الغساسنه وقبائل تغلب وطئ وغيرهما من العرب
المجاورين للرومان أيضا اعتنقوا النصرانيه واختاروها دينا لهم.
ونلتقى ان شاء الله فى الجزء الثانى عن قريب بأذن الله
تعليق